الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا: معنى القرآن لغة وأسماؤه
«القرآن» هو أول أسماء الكتاب العزيز وأشهرها، وأصحّ الأقوال في شرح معناه اللغوي أنه مرادف للقراءة، ومنه قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة: 17 - 18] ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسما لكلام الله المنزل على نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وقد قيل: إن اسم القرآن مشتق من القرء بمعنى الجمع؛ لأنه جمع ثمرات الكتب السماوية السابقة، والرأي الأوّل أصح.
وذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه إلى أن لفظ القرآن ليس مشتقا ولا مهموزا، وأنه قد ارتجل وجعل علما للكتاب المنزل، كما أطلق اسم التوراة على كتاب موسى، والإنجيل على كتاب عيسى عليهما السلام.
ومن أسماء القرآن: الفرقان، ويعني أنه الكلام الذي يفرّق بين الحق والباطل.
قال تعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1] ومن أسمائه المشهورة: الكتاب، والذكر، والتنزيل. قال تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ [آل عمران: 3] وقال سبحانه: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ [الأنبياء: 50] وقال: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ [الشعراء: 192].
ويقف الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه القيم «النبأ العظيم» عند أشهر اسمين وهما «القرآن» و «الكتاب» ليستجلي الحكمة الربانية في ذلك، فيقول: روعي في
تسميته «قرآنا» كونه متلوّا بالألسنة، كما روعي في تسميته «كتابا» كونه مدوّنا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه.
وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا، أن تضلّ إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفّاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيّها بقي القرآن في حرز حريز، إنجازا لوعد الله الذي تكفّل بحفظه حيث يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9] ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند «1» .
(1) النبأ العظيم، للدكتور عبد الله دراز (ص 12).