الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقال لهم القرّاء وكانوا سبعين رجلا. قال القرطبي: قد قتل يوم اليمامة سبعون من القرّاء، وقتل في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم ببئر معونة مثل هذا العدد «1» .
وذكر أبو عبيد في كتاب (القراءات) القرّاء من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فعدّ من المهاجرين: الخلفاء الأربعة، وطلحة، وسعدا، وابن مسعود، وحذيفة، وسالما، وأبا هريرة، وعبد الله بن السائب، والعبادلة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة. ومن الأنصار: عبادة بن الصامت، ومعاذا- الذي يكنى أبا حليمة- ومجمع بن جارية، وفضالة بن عبيد، ومسلمة بن مخلد، وصرّح بأن بعضهم إنما كمّله بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم «2» .
وذكر الحافظ الذهبي في (طبقات القرّاء) أن هذا العدد من القرّاء هم الذين عرضوه على النبيّ صلى الله عليه وسلم، واتّصلت بنا أسانيدهم، وأما من جمعه منهم ولم يتصل بنا سندهم فكثير «3» .
والاعتماد على الحفظ في النقل من خصائص هذه الأمة، يقول ابن الجوزي شيخ القرّاء في عصره: إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط المصاحف- الكتب- أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة. وقد ورد في صفة هذه الأمة: أناجيلهم صدورهم، بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتاب، ولا يقرءونه كلّه إلا نظرا لا عن ظهر قلب.
2 - كتابة القرآن في السطور:
لم يكتف النبيّ صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن في صدره الشريف وفي صدور أصحابه، وإنما كان يأمر بكتابة ما ينزل من الآيات في السطور، واتّخذ كتّابا للوحي من
(1) الإتقان في علوم القرآن؛ للسيوطي (1/ 224).
(2)
البرهان؛ للزركشي (1/ 242).
(3)
معرفة القراء الكبار؛ للذهبي (1/ 42) ط. مؤسسة الرسالة- 1404 هـ-.
أجلّاء الصحابة «1» ، تنزل الآية أو الآيات، فيأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بكتابتها ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، وكان بعض الصحابة يكتبون ابتداء من أنفسهم، وكانت الوسائل المتوفرة بدائية وتحتاج إلى مشقة، ومع ذلك كتبوا على العسب واللّخاف والرّقاع وعظام الأضلاع والأكتاف.
فقد روي أنه لما نزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
…
وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ [النساء: 95] قال ابن أم مكتوم وعبد الله بن جحش: يا رسول الله! إنا أعميان، فهل لنا رخصة؟ فأنزل الله غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النساء: 95]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ائتوني بالكتف والدّواة» وأمر زيدا أن يكتبها فكتبها. فقال زيد: كأني أنظر إلى موضعها عند صدع الكتف. رواه البخاري «2» ، واقتصر على عبد الله بن أمّ مكتوم، ولم يذكر عبد الله بن جحش.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب، فقال:«ضعوا هذا في السّورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا» «3» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه» «4» .
وعن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلّف القرآن من الرّقاع.
وكان المكتوب يوضع في بيت رسول الله، ولم تكن هذه الكتابة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام مجتمعة في مصحف عام.
(1) بلغ عددهم عند بعض العلماء ستة وعشرين كاتبا، وعند بعضهم أربعين.
(2)
فضائل القرآن، باب: كاتب النبي صلى الله عليه وسلم رقم (4704).
(3)
رواه الحاكم في المستدرك (2/ 221) وصححه ووافقه الذهبي.
(4)
رواه مسلم في الزهد (3004) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.