المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام الهبة] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٥

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام الهبة]

‌باب [في أحكام الهبة]

(المتن)

بَابٌ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَلِثَوَابِ الآخِرَةِ صَدَقَةٌ. وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ، مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا، وَإنْ مَجْهُولًا، وَكَلْبًا، وَدَيْنًا وَهُوَ إِبْرَاءٌ، إِنْ وُهِبَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ، وَرَهْنًا لَمْ يُقْبَضْ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ، أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا قُضِيَ بِفَكِّهِ، إِنْ كَانَ الدَيْن مِمَّا يُعَجَّلُ، وَإِلَّا بُقِيَ لِبَعْدِ الأَجَلِ، بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهِمِهَا. وَإِنْ بِفِعْلٍ، كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ لَا بِابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارَهُ وَحِيزَ، وَإنْ بِلَا إِذْنٍ، وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ.

(الشرح)

قوله: (الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ) هذا قريب من قول اللخمي: هي نقل الملك بغير عوض (1).

قوله: (وَلثَوَابِ الآخِرَةِ صَدَقَةٌ) أي: فإن قصد بها ثواب الله في الدار الآخرة فهي صدقة. قال بعض الأشياخ: وأحكام الهبة والصدقة سواء. وفي المقدمات: لا تفترق الهبة من الصدقة؛ إلا أن الهبة تعتصر، ويصح الرجوع فيها بالبيع، والصدقة بخلاف ذلك (2).

قوله: (وَصَحَّتْ في كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ) احترز بالمملوك مما لا يملك كالحر، ومثله ملك الغير. وقال:(يُنْقَلُ) احترازًا من أم الولد (3)، ومن الاستمتاع بالزوجة. قال ابن شعبان: ومن وهب ما لا يحل بيعه بطلت هبته؛ كانت لثواب أو غيره (4)، وظاهره بطلان هبة جلد الأضحية، وكلب الصيد، والمذهب الصحة.

قوله: (مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا) احترز بذلك من المحجور عليه؛ فإنه لا تصح منه الهبة؛ وإنما قال: (بِهَا) لينبه على صحة هبة المريض من ثلثه؛ لأنها إذا كانت خارجة من الثلث فهي صحيحة؛ لأنه أهل للتبرع بها، ومثله الزوجة تهب من ثلثها.

قوله: (وَإِنْ مَجْهُوَلًا وَكَلْبًا وَدَيْنًا) المعروف من المذهب: جواز هبة المجهول كما قال،

(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص:3483.

(2)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 95.

(3)

قوله: ("يُنْقَلُ" احترازًا من أم الولد) يقابله في (ن): (أي شرعا من هبه الاستمتاع من أو الولد).

(4)

انظر: التوضيح: 7/ 326.

ص: 3

وهو ظاهر المدونة وغيرها (1). ونقل المتيطي عن جماعة من الموثقين: أنه لا بد من معرفة المتصدَّق به وقدره (2)، ونحوه للخمي (3). وأما هبة الكلب؛ فإن كان مما يجوز اتخاذه ككلب الصيد والماشية، فقال ابن عبد السلام: لا خلاف في جوازها (4).

قلت: وعلى ما تقدم لابن شعبان لا يجوز، وأما غير المأذون في اتخاذه فالظاهر عدم جوازه.

وأما هبة الدين فهي على ضربين: إن وهب لمن هو عليه فهو إبراء له، وإليه أشار بقوله:(وَهُوَ إِبْراءٌ إنْ وُهِبَ كنْ هُوَ عَليْهِ) وإن وهب لغيره فتصح إذا شهد له بذلك، وجمع بينه وبين غريمه، وقاله في المدونة (5)، وإليه أشار بقوله:(وَإلا فَكالرَّهْن) أي: في قبضه، ويدفع له ذكر الحق إن كان معه أو عنده (6).

قوله: (وَرَهْنًا لَمْ يُقْبَضْ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ) هو معطوف على قوله: (وَإِنْ مَجْهُولًا) والمعنى: أن هبة ما يقبل (7) الملك يصح، ولو كان مرهونًا؛ إلا أن الهبة إن صدرت منه قبل قبض المرتهن، فقال ابن المواز: هو أحق به من المرتهن إن كان الواهب (8) موسرًا كما ذكر هنا، قال محمد: ولا يعجل للمرتهن (9) حقه؛ لأنه فرط (10) في حيازته، وإن كان معسرًا فالمرتهن أولى؛ إلا أن يكون وهبه للثواب (11).

قوله: (أَوْ رَضِيَ مُرْتَهنُهُ) أي: رضي بدفع الرهن للموهوب له، يريد: بعد قبض المرتهن له، أو قبل قبضه، والواهب معسر.

(1) انظر: المدونة: 4/ 265 و 403.

(2)

انظر: التوضيح: 7/ 326.

(3)

في (ن 3): (اللخمي).

(4)

انظر هذه الأقوال في التوضيح: 7/ 326.

(5)

في (ن): (المقدمات). وانظر: المدونة: 4/ 403.

(6)

في (ن 4): (غيره).

(7)

في (ن): (لا يقبل).

(8)

في (ن 4): (الراهن).

(9)

في (ن 5): (المرتهن).

(10)

في (ن 4): (فرض).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 10/ 203.

ص: 4

قوله: (وإلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إنْ كَانَ الدَيْن يُعَجَّلْ) أي: وإن كان المرتهن قد قبض الرهن؛ فإن الراهن يقضى عليه بفكه إن كان دينه مما يعجل؛ كالدنانير والدراهم أو العروض التي قد حلت، وأما العروض المؤجلة فلا يقضى عليه (1) بفكها، وتبقى رهنًا إلى انقضاء الأجل، وإليه أشار بقوله:(وَإلَّا بَقِيَ لِبَعْدِ الأَجَلِ) والمسألة وقعت هكذا مقيدة (2) عند بعض القرويين كما قال الشيخ هنا، ووقعت في المدونة غير مقيدة.

قوله: (بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهِمِهَا) يريد: أن الهبة تصح بصيغة، أي: كوهبتك، أو هي هبة مني لك، أو أنا واهب لك هذا ونحوه، ومفهمها (3)، أي: كنحلتك، أو بذلت لك، وأعطيتك.

قوله: (وَإِنْ بِفِعْلٍ) يريد: كدفعه ذلك له مع قرينه تدل على هذا، ونحوه.

قوله: (كَتَحْليَةِ (4) وَلَدِهِ هو إشارة لقوله: (أو مفهمها). وإنما قال لولده (5)؛ ليرتب عليه قوله: (لَا بِابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارهُ) أي: لا بقول الأب لولده: ابن هذه العرصة دارًا. يريد: ولو فعل مع قوله داره؛ فإن لألك لا يفيد الولد؛ ولو صحب فعله قول الأب: هذه دار ولدي.

قال ابن مُزَيْن (6): وإذ قال الأب لولده: ابن هذا الموضع دارًا. ففعل في حياة الأب، والأب يقول مع ذلك: هي دار ابني. فإن الابن لا يستحق من ذلك إلا قيمة عمله منقوضًا، قال: وقوله في شيء يعرف له: هذا كرم ولدي، أو دابة ولدي. ليست بشيء، ولا يستحق الابن منه شيئًا إلا بالإشهاد بهبة، أو صدقة، أو بيع، صغيرًا كان الابن أو كبيرًا (7).

قوله: (وَحيزَ وَإنْ بلَا إذْنٍ، وَأُجْبِرَ عَلَيْه) يريد: أن الشيء الموهوب يحاز؛ وإن لم يأذن

(1) قوله: (عليه) ساقط من (ن).

(2)

في (ن 4): (غير مقيدة).

(3)

قوله: (يريد أن الهبة

هذا ونحوه ومفهمها) ساقط من (ن 3) و (ن 4).

(4)

في (ن 4): (كتخلية).

(5)

زاد بعده في (ن 4): (دَاره).

(6)

في (ن 3): (ابن يونس).

(7)

انظر: التوضيح: 7/ 323.

ص: 5

واهبه في حوزه، ويجبر على ذلك إن امتنع، وهذا جار على أن الهبة تلزم بالقول، وهذا هو المشهور (1). وعن مالك: أنها (2) لا تلزم بالقول (3). وعليه فلا يجبر على التحويز؛ إذ له الرجوع فيها.

(المتن)

وَبَطَلَتْ إِنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ، أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ وَحَازَ، أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوِ اسْتَوْلَدَ، وَلَا قِيمَةَ أَوِ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً، أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، أَوِ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ، إِنْ لَمْ يُشْهِدْ: كَأَنْ دَفَعْتَ لِمَنْ يتَصَدَّقُ عَنْكَ بِمَالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ، أَوْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْم الْمَوْهُوبِ، وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطِي "رُوِيتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا" أَوْ جُنَّ، أَوْ مَرِضَ، وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ، أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ، وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ، وَصَحَّ، إِنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى، أَوْ جَدَّ فِيهِ أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ إِذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ، أَوْ لَمْ يعْلَمْ بِهَا إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَحَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلَقًا،

(الشرح)

قوله: (وَبَطَلَتْ إِنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) يريد: أن الهبة تبطل إذا تأخر الحوز إلى الدين المحيط بمال الواهب؛ لأن ذلك مانع من الحيازة؛ بل ليس للواهب حينئذ دفعها للموهوب له؛ لأنه (4) مال الغير. واحترز بالحيط (5) من غيره، فإن الهبة إن فضلت عن الدين أخذها الموهوب له؛ وإلا أخذ ما فضل منها.

قوله: (أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ وَحَازَ) أي: وكذلك تبطل الهبة إذا لم يحزها الموهوب له حتى وهبها الواهب لغيره وحازها الثاني، وهو قول أشهب ومحمد (6)، وعن ابن القاسم مثله، وهو قول المغيرة (7) في المدونة، وعن ابن القاسم أنها للأول. قال محمد: وليس

(1) هذا هو المذهب الذي عليه مالك وأصحابه. انظر: التمهيد: 7/ 238، والمنتقى: 3/ 8 و 8/ 12، والمقدمات: 2/ 92 و 95، وشرح التلقين: 8/ 366، والقوانين الفقهية، ص: 242، والتوضيح: 7/ 334.

(2)

في (ن): (أنه).

(3)

هذه رواية شاذة عن مالك، حكاها الطحاوي وابن خويز منداد، وهي لا تصح، وقد قال بها أهل العراق. انظر: شرح التلقين: 8/ 366، والفروق: 4/ 158، والتوضيح: 7/ 334.

(4)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (فإنه).

(5)

قوله: (بمال الواهب

واحترز بالمحيط) ساقط من (ن 4).

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 165.

(7)

في (ن) و (ن 4): (الغير).

ص: 6

بشيء، والحائز أولى (1). وفي البيان قول ثالث بالفرق بين أن يعلم فيفرط فتبطل الهبة، أو لا يعلم فلا تبطل. وقيل: الفرق بين أن يمضي من المدة ما يمكنه فيه القبض أم لا، وهو قول رابع (2).

قوله: (أَوْ أَعْتَقَ الوَاهِبُ) أي: وكذلك تبطل الهبة إذا كانت رقيقًا فأعتقه الواهب قبل حوز الموهوب له، وهو قوله في الموازية والمدونة (3) والعتبية (4)، وسواء علم المعطى بالهبة أم لا. قال ابن وهب: يرد (5) العتق، وهو أقيس؛ لأن الهبة تلزم بالقول، فقد أعتق ملك الغير فلا يمضي (6).

قوله: (أَوْ اسْتَوْلَدَ) هو - أيضًا - قول ابن القاسم في الكتب الثلاثة.

قوله: (وَلَا قِيمَةَ) أي: على الواهب في الاستيلاد والعتق، وقال ابن وهب: يلزمه القيمة (7).

قوله: (أَو اسْتَصْحَب هَدِيَّةً أَوْ أرْسَلَهَا ثمَّ مَاتَ أَو العينة له إن لَمْ يشهد) يحتمل ثم مات الواهب أو المرسل إليه، والمسألة وقعت، هكذا في الجواهر، قال (8): وإذا أرسل مع رسول هدية أو صلة لغائب، فمات المرسل أو (9) المرسل إليه قبل وصول ما أرسل به؛ فإن أشهد على ما أرسل فهو للمعطَى أو لورثته، وإن لَمْ يشهد بذلك ففي الكتاب: إن مات أحدهما رجع المرسل به إلى الذي أعطى أو لورثته (10)؛ لفوات الحوز إن مات الواهب، وعدم القبول إن مات الموهوب (11) له.

(1) انظر هذه الأقوال في: المنتقى: 7/ 520، والنوادر والزيادات: 12/ 165.

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 14/ 130 - 132.

(3)

انظر: المدونة: 2/ 435.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 410.

(5)

في (ن 5): (يريد).

(6)

انظر: لباب اللباب: 1/ 297.

(7)

في (ن 4): (العتق). وانظر: لباب اللباب: 1/ 297 و 301، والنوادر والزيادات: 12/ 168، والمنتقى: 7/ 521، والبيان والتحصيل: 14/ 69، والذخيرة: 6/ 236.

(8)

قوله: (في الجواهر قال) يقابله في (ن 4): (قال في الجواهر).

(9)

قوله: (المرسل أو) ساقط من (ن 4).

(10)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 983.

(11)

قوله: (وعدم القبول إن مات الموهوب) ساقط من (ن 5).

ص: 7

وفي الواضحة: من مات منهما رجع إلى ورثته، واستشكل بعضهم مذهب المدونة بأنه أبطل الهبة بموت الموهوب له (1)، والمؤثر في بطلانها خلافه، وهو موت الواهب (2).

وقد قال مالك في المدونة في باب آخر: من وهب هبة لرجلٍ فمات الموهوب له قبل قبض الهبة فورثته مكانه يقبضون هبته، وليس للواهب المنع من ذلك (3).

ولهذا قال عياض: لعل معنى ما في المدونة أن يقول الباعث: أنا إنما تصدقت (4) بها صلة للموهوب إليه بعينه إن وجد حيًا، فيكون مُصدقًا؛ إذ لا يلزمه إلَّا ما أقر به من معروف إذا لَمْ يشهد على أصله، فيلزمه بظاهر فعله وقوله (5)، وإلى هذا أشار بقوله:(أَوَ المْعَيَّنَةُ لهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ)(6) وقال بعضهم: إمضاؤه الهبة مع الإشهاد يبطل تعليل الإبطال؛ لعدم الحوز (7)، والصواب عندهم في تعليل المسألة: أنه مع الإشهاد قد (8) فعل غاية المقدور.

قوله: (كَأَنْ دَفَعْتَ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْكَ بِمالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ) يريد: إذا دفع له (9) المال وقال: تصدق به على الفقراء ونحوهم. ولم يشهد على ذلك، ثم مات الدافع قبل قبض ذلك فإن الصدقة تبطل؛ لعدم الحوز. قال في المدونة: وإن دفعت مالًا لمن يفرقه على الفقراء، أو في السبيل، ثم مت قبل إنفاذه، فإن أشهدت فإنه ينفذ ما فات وما بقي؛ وهو من رأس المال، وإن لَمْ تشهد فالباقي لورثتك، وإن فرق الباقي بعد موتك ضمن البقية لورثتك (10).

قوله: (أَوْ بَاع وَاهِبٌ قَبْلَ عِلمِ الْموْهُوبِ) يريد: أن الهبة - أيضًا - تبطل إذا باعها

(1) قوله: (له) زيادة من (ن).

(2)

قوله: (بأنه أبطل الهبة

وهو موت الواهب) ساقط من (ن 3). وانظر: المنتقى: 7/ 512 و 513.

(3)

انظر: المدونة: 4/ 398 و 10/ 314.

(4)

في (ن 4): (قصدت).

(5)

في (ن 3) و (ن 5): (وقبوله). وانظر: التوضيح: 7/ 348.

(6)

قوله: (إنْ لَمْ يُشْهِدْ) ساقط من (ن 5).

(7)

في (ن 5): (الجواز).

(8)

قوله: (قد) زيادة من (ن).

(9)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(10)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 339 و 6/ 338.

ص: 8

الواهب قبل علم الموهوب بها، وهذا ليس بظاهر؛ وإنما يبطل البيع خاصة إن رده الموهوب له، ويأخذ الهبة. قال في المدونة: وإن لَمْ يعلم فله نقض البيع (1) في حياة الواهب وأخذها.

ابن يونس وغيره: وكذلك إن علم ولم يفرط حتى غافصه (2) المتصدق بالبيع (3). ونحوه لأصبغ (4). نعم (5)، قال أشهب (6): إذا خرجت من ملك الواهب بوجه ما، وحيزت عنه، فليس للموهوب شيء من الثمن (7). وقال محمد: البيع أولى وإن لَمْ يقبض، وتبطل الصدقة (8).

قوله: (وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطي) أي: وإن علم الموهوب له بالهبة قبل البيع نفذ ذلك، وكان الثمن للمعطي، وقاله في المدونة (9)؛ إلَّا أنَّها رويت بفتح الطاء من المعطى تارة، وبكسرها أخرى، فيكون الثمن للواهب على هذه الرواية. وإلى هاتين الروايتين أشار بقوله:(رويت بفتح الطاء وكسرها). وروى أبو زيد عن ابن القاسم: أن البيع يرد، ويأخذ المعطي عطيته (10).

وفي العتبية: أنه أولى ما لَمْ (11) يفرط في الحيازة، وإلا فلا شيء له (12). وقيل: إن مضى من المدة ما يمكنه فيه الحيازة فله الثمن فقط؛ وإلا فهو أحق بالمبيع (13). وقيل: إن مضى

(1) قوله: (خاصة إن رده

فله نقض البيع) ساقط من (ن 5).

(2)

في (ن): (عافصه).

(3)

قوله: (حتى غافصه المتصدق بالبيع) ساقط من (ن 3).

(4)

انظر: البيان والتحصيل: 14/ 129.

(5)

قوله: (نعم) ساقط من (ن).

(6)

في (ن 3): (أصبغ).

(7)

انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 111، والنوادر والزيادات: 12/ 165.

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 165.

(9)

انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 111، وتهذيب المدونة: 4/ 337.

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 165.

(11)

في (ن): (أن لَمْ).

(12)

انظر: البيان والتحصيل: 14/ 130 - 132.

(13)

في (ن 4) و (ن 5): (بالبيع).

ص: 9

ما يمكنه فيه الحوز فلا شيء له.

قوله (أَوْ جُنَّ، أَوْ مَرِضَ وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ) احترز بقوله: (واتصلا بموته) مما إذا أفاق من الجنون، أو صح المريض قبل موته، فإن الموهوب له يأخذ هبته ولا تبطل. وعلى هذا إذا تصدق ثم جُنَّ أو مرض قبل حوز المتصدق عليه؛ فإن ذلك يوقف حتى ينظر، أيبرأ فيكون على صدقته، أو يموت فتبطل. وقاله الباجي جريًا على قول (1) ابن القاسم (2).

قوله: (أَو وَهَبَ لِمُودَعٍ وَلَمْ يَقْبَل لِمَوْتِهِ (3) يريد: أن من تحت يده وديعة لرجل، فوهبها صاحبها له، فإن من قال: قبلت. تمت الهبة؛ لصحة الحوز بعد القبول، وإن لم يقل قبلت حتى مات ربها بطلت. وهذا قول ابن القاسم في المدونة (4) والموازية. يريد: لأنَّها لَمْ تنتقل إلى ملك الموهوب له قيل موت الواهب (5)؛ إذ القبول شرط في النقل (6). وذهب أشهب إلى أنَّها للموهوب له؛ لأن كونها بيده أحوز للحيازة (7). وقال في المدونة: إلَّا أن يقول: لا أقبل. محمد: وهو أحب إليَّ (8).

قوله: (وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَروَّىَ) أي: وصح الحوز، أو التصدق، ونحوه إن قبض المتصدق عليه (9) ذلك؛ ليتروى في قبوله. يريد: ومات المتصدق عليه، ولا كلام للورثة في رد ذلك. والتروي: هو أن يقبض (10) لينظر رأيه، لم يقبل الهبة أو يردها.

قوله: (أَوْ جَدَّ فيه أَوْ في تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ) أي: أو جد في القبض، أو في تزكيه من يشهد

(1) في (ن 4): (مذهب).

(2)

انظر: المنتقى: 7/ 518.

(3)

في (ن 4): (بموته).

(4)

انظر: المدونة: 4/ 404.

(5)

قوله: (لصحه الحوز بعد القبول

قبل موت الواهب) ساقط من (ن 3).

(6)

انظر: التوضيح: 7/ 344.

(7)

انظر: المدونة، دار صادر: 15/ 128.

(8)

انظر هذه الأقوال في: النوادر والزيادات: 12/ 149.

(9)

قوله: (عليه) ساقط من (ن 3).

(10)

زاد بعده في (ن 4): (الهبة).

ص: 10

له بالهبة، فالضمير المخفوض بالحرف (1) راجع إلى القبض السابق في كلامه، وفي شاهده راجع إلى الإهاب (2) أو التَّصدقْ (3)، أو إلى المُتصدَّق عليه. وفاعل جَدّ ضمير يعود على الموهوب له (4)، وحذف من كلامه ما لا يصح الكلام (5) بدونه، وهو موت الواهب قبل قبض الهبة. والمعنى: أن الموهوب له (6) إذا طلب (7) الهبة من الواهب فامتتع، فجد في طلبها منه، فلم يتمكن حتى مات الواهب؛ فإن الهبة لا تيطل، وكذلك إذا جحد الواهب الهبة، وأقام الموهوب له البينة، وسعى في تزكية شهود الهبة، فمات الواهب قبل التزكية. وقال عبد الملك: تبطل الهبة (8).

قوله: (أَوْ أعْتَقَ، أَوْ بَاعَ إِذَا أَشْهَدَ، وَأَعْلَنَ) فاعل أعتق، وما بعده ضمير يعود على الموهوب له. والمعنى: أن الموهوب له إذا أعتق العبد الموهوب له، أو باعه، أو وهبه لغيره، يريد: قبل قبض الهبة؛ فإنها تصح، ويصير فعله ذلك كالحوز، ولا خلاف في العتق. واختلف في البيع والهبة، فقال أصبغ: ليس بحوز. وقال مطوف: هو حوز. ورواه ابن وهب عن مالك؛ إلَّا أنه قيده بما إذا أشهد الموهوب له على فعله وأعلن - كما نبه عليه الشيخ -. روى (9) ابن الماجشون: أن البيع حوز بخلاف الهبة؛ لأنها محتاجة إلى الحوز (10).

قوله: (أَوْ لَمَ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتهِ) أي: وكذلك تصح الهبة إن لَمْ يعلم بها الموهوب له إلَّا بعد موت الواهب.

قوله: (وَحَوْزُ مُخْدَم وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلقًا) ولو قال: أو أحاز. لكان أحسن؛ ليكون

(1)) في (ن): (بالحروف).

(2)

قولِه: (راجع إلى الإهاب) ساقط من (ن).

(3)

قوله: (الإهاب أو التَّصدقْ) يقابله في (ن 3): (المتصدق).

(4)

قوله: (له) ساقط من (ن 3).

(5)

قوله: (الكلام) ساقط من (ن 5).

(6)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(7)

في (ن): (بطلت).

(8)

انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 670.

(9)

قوله: (روى) ساقط من (ن 5).

(10)

انظر هذه الأقوال في: النوادر والزيادات: 12/ 143 و 144.

ص: 11

معطوفًا على قوله: (أو أعتق) وما بعده، ويحتمل أن يكون معطوفًا على (وصح إن قبض) أي: وكذلك يصح حوز المخدم، والمستعير للموهوب له وهو الظاهر؛ ولهذا عطفه بالوا ولا بأو. ابن شاس: وذلك حيازة له إذا أشهد. التونسي: ورأى (1) ابن القاسم أنهما حائزان (2) للموهوب له، ولم يشترط علمهما (3) بذلك، كما في المودع (4)، وإليه أشار بالإطلاق، وسواء تقدمت الخدمة على الهبة أم لا، وقال عبد الملك: إن تقدم الإخدام لَمْ يكن المخدم حائزًا للموهوب، وإن أخدم ووهب معًا كان ذلك حيازة (5). واعتبر بعض شيوخ عبد الحق، علم المخدم ورضاه، كما في فضلة الرهن.

(المتن)

وَمُودَعٍ، إِنْ عَلِمَ، لَا غَاصِبٍ وَمُرْتَهِنٍ، وَمُسْتَأجِرٍ، إِلَّا أَنْ يَهَبَ الإِجَارَةَ، وَلَا إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ بِأنَ آجَرَهَا، أَوْ أَرْفَقَه بِهَا، بِخِلَافِ سَنَةٍ، أَوْ رَجَعَ، مُخْتَفِيًا أَوْ ضَيْفًا فَمَاتَ، وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ، مَتَاعًا، وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا؛ لَا الْعَكْسُ، وَلَا إِنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ، إِلَّا لِمَحْجُورِهِ: إِلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَينِهِ، وَلَوْ خَتَمَ. وَدَارَ سُكْنَاهُ، إِلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا، وَيُكْرِيَ لَهُ الأَكْثَرَ، وَإِنْ سَكَنَ النِّصْف بَطَلَ فَقَطْ، وَالأَكَثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ، وَجَازَتِ الْعُمْرَى كَأَعْمَرْتُكَ، أَوْ وَارِثَكَ، وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ، كَحُبُسٍ عَلَيْكُمَا، وَهُوَ لِآخِرِ كُمَا مِلْكٌ؛ لَا الرُّقْبَى كَذَوَيْ دَارَيْنِ قَالَا: إِنْ مُتَّ قَبلِي فَهُمَا لِي، وَإِلَّا فَلَكَ،

(الشرح)

قوله: (وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ) أي: إن علم صاحبها قد وهبها (6)؛ ليكون حائزًا للموهوب، وقد نص عليه غير واحد من أصحابنا.

قوله: (لَا غَاصِبٍ) أي: فإنه لا يكون حائزًا للموهوب له، وهذا مذهب ابن القاسم في المدونة، قال فيها (7): وليس حوز الغاصب حوزًا

(1) في (ن 4): (وروى).

(2)

في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (جائزان).

(3)

في (ن 3): (علمها).

(4)

قوله: (بذلك، كما في المودع) ساقط من (ن 3).

(5)

انظر هذه الأقوال في: عقد الجواهر: 3/ 983.

(6)

قوله: (قد وهبها) يقابله في (ن 3): (قدومها).

(7)

قوله: (فيها) ساقط من (ن).

ص: 12

للموهوب له (1).

ولو (2) قلت: وَلِمَ (3) والهبة ليست في يد الواهب (4)؟ قالوا: لأن الغاصب لَمْ يقبض الموهوب له (5)، ولا أمره الواهب بذلك (6)، وبذلك (7) قال أصبغ، وقال أشهب ومحمد: هو حوز (8).

قوله: (وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ، إلَّا أَنْ يَهِبَ الإجَارَةَ) أي: وهكذا لا يكون حوز المرتهن والمستأجر (9) حوزًا للموهوب له؛ لا أن يوهب (10) أيضًا الإجارة مع الرقبة، وحكاه محمد عن ابن القاسم، وحكى عن أشهب أن ذلك حوز له إذا أشهد (11).

قوله: (وَلَا إِنْ رَجَعَتْ إِليهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ، بِأْنَ (12) آجَرَهَا، أَوْ أرْفَقَه (13) بِهَا) يريد: أن الرقبة الموهوبة إذا حازها الموهوب له (14) مدة قريبة ثم رجعت إليه (15) بعد حوز الموهوب له، (16) بأن آجرها له، أو أرفقه بها، فإن تلك (17) الحيازة كلا حيازة (18)،

(1) قوله: (للموهوب له) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 4):(لواهب).

(2)

قوله: (ولو) زيادة من (ن 4).

(3)

قوله: (لِمَ) ساقط من (ن 5).

(4)

قوله: (ليست في يد الواهب) يقابله في (ن 3): (في يد الغاصب).

(5)

قوله: (الموهوب له) يقابله في (ن 3): (بأمر الموهوب له).

(6)

انظر: المدونة: 4/ 399.

(7)

قوله: (وبذلك) ساقط من (ن 3).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 150.

(9)

قوله: (والمستأجر) ساقط من (ن 3).

(10)

في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (يهب).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 149.

(12)

في (ن 4): (كان).

(13)

في (ن 3): (أرفق).

(14)

في (ن 3): (الواهب له).

(15)

في (ن): (الواهب).

(16)

في (ن): (الموهب لها).

(17)

في (ن 5): (تمليك).

(18)

قوله: (كلا حيازة) يقابله في (ن 3): (كالإجارة).

ص: 13

ويبطل حقه منها. الباجي: ولا خلاف فيه (1).

قوله: (بِخِلَافِ سَنَةٍ) أي: فإن رجوعها إليه بعدها لا يضر في إبطال الحيازة، وحكاه محمد عن مالك وأصحابه، وقال مطرف وابن الماجشون: يبطل، ورجح قياسًا على الرهن (2).

قوله: (أوْ رَجَعَ مُخْتَفِيًا، أَوْ ضَيْفًا فماتَ) أي: وكذلك لا يضر في إبطال الحيازة (3) رجوع الواهب إلى ما (4) وهبه (5) خُفية (6) من الموهوب له أو ضيفًا فمات فيه، ولا خلاف فيه سواء رجع إليه عن قرب أو بعد؛ بل قال (7) عبد الملك: ولو رجع بعد يوم واحد (8).

قوله: (وَهِبَةُ أحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلَآخِرَ (9) مَتَاعًا) هذا معطوف على مرفوع (صح)، أي: وكذلك تصح هبة أحد الزوجين للآخر متاعًا (10)، والذي رواه ابن القاسم في العتبية والموازية: أن هبة أحدهما للآخر خادمًا عندهما حيازة (11) لازمة. وروى أشهب أن ذلك ضعيف. وروى محمد عن ابن القاسم وابن وهب (12) وابن عبد الحكم: أن متاع البيت كالخادم قال: وبه أقول (13). انظر الكبير.

(1) انظر: المنتقى: 7/ 509، والتوضيح: 7/ 337، ونصه:"أي: (لَوْ حَازَهَا) الموهوب الهبة (ثُمَّ أَجَّرَهَا) للواهب (أَوْ أَرْفَقَ بِهَا الْوَاهِبُ) فرجع إلى الهبة عن قرب (بَطَلَتْ) الهبة باتفاق لما دلت عليه القرينة أن ذلك تحيُّل لإسقاط الحيازة، وهكذا صرح الباجي وغيره بالاتفاق".

(2)

انظر هذه الأقوال في المنتقى: 7/ 509.

(3)

قوله: (في إبطال الحيازة) زيادة من (ن 3).

(4)

قوله: (إلى ما) يقابله في (ن 3): (فيما).

(5)

زاد بعده في (ن 4): (مختفيا) زيادة من (ن 4).

(6)

في (ن): (خيفه).

(7)

قوله: (ولا خلاف

بل قال) ساقط من (ن 4).

(8)

انظر هذه الأقوال في المنتقى: 7/ 509.

(9)

في (ن 5): (لآخِرَ).

(10)

قوله: (هَذا معطوف على

الزوجين للآخر متاعًا) ساقط من (ن 3).

(11)

في (ن): (جائزه).

(12)

قوله: (وابن وهب) زيادة من (ن).

(13)

انظر هذه الأقوال في: المنتقى: 7/ 509، والنوادر والزيادات: 12/ 180 و 181.

ص: 14

قوله: (وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجهَا، لَا العَكْسُ) أي: وكذلك تصح هبة الزوجة لزوجها دارًا هما ساكنان فيها وتتم الهبة (1)، بخلاف ما إذا وهبها الزوج ذلك، وهو مراده بالعكس، والفرق بينه: أن السكنى على (2) للزوج، واليد له (3) في ذلك، فسكناها تابعة لسكناه، وهذا الذي ذكره رواية ابن القاسم عن مالك (4)، وروى عنه أشهب: أنَّها لا تصح هبة واحد منهما للآخر (5)؛ لضعف الحوز (6). ولم يحفظ هذا (7) ابن القاسم (8).

قوله: (وَلَا إِنْ بَقِيت عِنْدهُ إلَّا لمِحْجُورَهِ) هذا معطوف على قوله: (لَا العَكْسُ) أي: بخلاف هبة الزوج لزوجته دار سكناهما؛ فإنها لا تصح؛ لبطلان الحوز. وكذلك إذا بقيت الهبة عند الواهب حتى مات؛ إلَّا أن تكون لمحجوره؛ فإنها تتم ولو بقيت تحت يده؛ لأنه يحوز له، وهذا إذا كانت الهبة مما تعرف بعينها؛ وإلا فإن الحوز لا يتم ولو ختم عليها بحضرة الشهود؛ إلا ان يجعل على يد غيره، وإليه أشار بقوله:(إِلَّا مَا لَا يُعْرَفَ بِعينِه (9) وَلَوْ خُتِمْ) وهو رواية ابن القاسم عن مالك، وبه أخذ المصريون، وغيرهم. وذهب المدنيون: إلى أن الحوز يتم فيها بوضعها على يديه إذا حضرها (10) الشهود وختم عليها بخاتمه، قالوا: وتصح أيضًا وإن لَمْ يختمها الشهود، ولو ختموا عليها كان خيرًا وأحسن (11). وروي - أيضًا - (12) عن مالك: أنه يجوز إذا أبرزه، وإن لَمْ

(1) قوله: (وتتم الهبة) ساقط من (ن 4).

(2)

قوله: (على) زيادة من (ن).

(3)

قوله: (للزوج، واليد له) يقابله في (ن 4): (على الزوج وهو له والزوجة بالذلة).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 181، وجامع الأمهات، ص:670.

(5)

في (ن 3): (لآخر).

(6)

انظر: الجامع بين الأمهات، ص:670.

(7)

زاد بعده في (ن 4): (عن).

(8)

انظر هذه الأقوال في: المنتقى: 7/ 509.

(9)

قوله: (بِعينِه) ساقط من (ن) و (ن 3).

(10)

في (ن): (أحضرها).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 163.

(12)

قوله: (وَإنَّ لَمْ يختمها

وروى - أيضًا -) ساقط من (ن 3).

ص: 15

يخرجه من يده، قيل: وبالأول جرى العمل (1). وهو مذهب الرسالة؛ لقوله فيها: وإنما يجوز له ما يعرف بعينه (2).

قوله: (وَدَارُ سُكْنَاهُ، إِلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِىَ لَهُ الأَكْثَرَ، وَإنْ سَكَنَ النِّصْفُ بَطُلَ فَقَطْ، وَالأَكَثَرَ بَطَلَ الجَمِيعُ) يريد: أن الولي إذا وهب لمحجوره دار سكناه، فإن حكمها في اشتراط إخراجها عن يده حكم ما إذا وهبه ما لا يعرف بعينه، فلا بد من معاينة الشهود لها خالية من شواغل الولي، فإن لَمْ يخرج حتى مات فيها بطلت؛ لعدم الحوز، وإن أخرجها لمن حازها للمحجور ثم رجع إليها فسكنها أو بعضها حتى مات (3)، فإن سكن الأقل وأكرى له الأكثر لَمْ يضر ذلك المحجور؛ لأن الأقل تبع للأكثر، وإن سكن النصف وأكرى له النصف الآخر، أُعْطِي كلّ نصف منها (4) حكم نفسه، فيبطل ما سكن دون ما أكري، وإن سكن الأكثر بطل الجميع.

مالك: وإذا كانت الدار ذات منازل فسكن بعضها حاز كلها. يريد: إذا كان ما سكن قليلًا (5).

ابن القاسم: ولو كانت دورًا فسكن واحدة ليست جلها؛ بل هي تبع، حاز ما سكن وما لَمْ يسكن؛ سواء كان الولد صغيرًا، أو كبيرًا حائزًا لنفسه، وعن مطرف وعبد الملك: إذا تصدق على صغار ولده أو كبارهم بدار، أو دور، فسكن البعض، وحاز للصغار ما بقي، أو حاز الكبار ما بقي؛ فإنه يبطل ما سكن، ويصح ما لَمْ يسكن، كان ما سكن قليلًا أو كثيرًا، من دار أو دور.

قال ابن القاسم: إن سكن يسيرًا حاز (6) ما سكن (7) وما لَمْ يسكن، وإن سكن كثيرًا بطل الجميع، وأما على الكبار فإن سكن كثيرًا بطل ما سكن فقط، وحاز (8) ما حيز قل

(1) انظر: المنتقى: 7/ 523.

(2)

انظر: الرسالة: 1/ 117.

(3)

زاد بعده في (ن 4): (فيها).

(4)

في (ن): (منهما).

(5)

في (ن 3): (قريبا).

(6)

في (ن) و (ن 3): (جاز).

(7)

قوله: (ما سكن) ساقط من (ن).

(8)

في (ن) و (ن 3): (جاز).

ص: 16

أو كثر، وإن سكن يسيرًا حاز (1) الجميع.

قال أصبغ: وأنا أقول إن كانت دورًا في سكن منها من دار صغُرَتْ أو كبرت فأشغلها أو جلها فهي باطلة، ويصح غيرها قل أو كثر مما حازه للصغار، أو حازه الكبار (2)، وأما دار واحدة فإن سكن منها يسيرًا حازت (3) كلها، وإن سكن أكثرها بطل ما سكن وأشغل، وحاز (4) باقيها إذا حازه أو حيز عنه (5).

قوله: (وَجَازَتِ الْعُمْرى) أي: (في الدور وغيرها، وقد روى ابن القاسم عن مالك جوازها في الرقيق والحيوان، قال (6): ولم أسمع من مالك (7) في الثياب شيئًا، وهي عندي (8) على ما شرط، ونص على أن الحلي عنده كذلك (9).

قوله: (كَأَعْمَرْتُكَ، أَوْ وَارِثَكَ) قال ابن عبد البر: وسواء عند مالك وأصحابه (10) ذكر ذلك بلفظ العمرى، أي كقوله: أعمرتك داري، أو الإعمار، أو السكني، أو الاغتلال (11)، أو الإقفار، أو الإحفال (12)، ونحو ذلك من ألفاظ العطايا، وأكثر أهل العلم على أن الإعمار والعمرى مخالف للإسكان والسكنى (13). الباجي وهي: هبة

(1) قوله: (وإن سكن يسيرًا حاز) يقابله في (ن 3): (وأسكن اليسير جاز)، وفي (ن):(وإن كان يسيرًا جاز).

(2)

في (ن 3): (للكبار).

(3)

في (ن) و (ن 3): (جازت).

(4)

في (ن) و (ن 3): (وجاز).

(5)

زاد بعده في (ن 4): (وقيل بالفرق بين الهبة فلا تصح والحبس فتصح). انظر تفصيل هذه الأقوال في: المدونة: 4/ 166، والنوادر والزيادات: 12/ 115 و 117.

(6)

قوله: (قال) ساقط من (ن 3).

(7)

في (ن): (ذلك).

(8)

قوله: (وهي عندي) يقابله في (ن 3): (وهو عنده).

(9)

انظر: المدونة: 4/ 451.

(10)

قوله: (وأصحابه) ساقط من (ن 4).

(11)

قوله: (أو الاغتلال) يقابله في (ن): (والاغتلال).

(12)

قوله: (الإحفال) ساقط من (ن 5)، وفي (ن 4):(الإنحال)، وفي (ن):(الإخبال).

(13)

انظر: التمهيد: 7/ 116.

ص: 17

منافع الملك، مدة حياة الموهوب له، أو مدة عمره، أو عمر عقبه، لا هبة الرقبة (1).

قوله: (وَرَجَعَتْ لِلْمُعَمِّر، أَوْ وَارِثِهِ) يعني: أن المدة إذا انقضت رجعت (2) الرقبة للمعمر وهو الواهب إن كان حيًا، أو لوارثه إن مات (3)، وقاله في المدونة (4).

قوله: (كَحُبُسٍ عَلَيْكُمَا، وَهُوَ لآِخِرِكُمَا مِلْكٌ) التشبيه بين هذه والتي قبلها في الجواز. قال ابن القاسم: وإذا قال لرجلين: عبدي حبس عليكما، وهو لآخِركما ملك. قال مالك: فذلك جائز، وهو للآخِر ملك. وقاله أشهب (5).

قوله: (لَا الرُّقْبَى) أي: فإنها غير جائزة، نص عليه في المدونة (6) وغيرها، والرُقْبى - بضم الراء، وسكون القاف -: مقصور من المراقبة (7)، وقد نبَّه على حقيقتها بقوله:(كَذَوَيْ دَارين قَالَا: إِنْ مُتَّ قَبْلِي فُهَما لِي، وَإِلَّا فَلَكَ) أي: كصاحبي دارين قال كلّ واحد منها للآخر: إن مت قبلي فالداران معًا لي، وإن مت قبلك فهما معًا لك. وإنما منع مالك وأصحابه هذا؛ لأنه غرر ومخاطرة.

(المتن)

كَهِبَةِ نَخْلٍ واسْتثْنَى ثَمَرَتِهَا سِنِينَ، وَالسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عليها سِنِينَ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ، وَلَا يَبِيعُهُ لِبَعْدِ الأَجَلِ. وَلِلأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ، وَإِنِ مَجْنُونًا، وَلَوْ يَتِيمًا عَلَى الْمُخْتَارِ؛ إِلَّا فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الآخِرَةُ، كَصَدَقَةٍ بلَا شَرْطٍ إِنْ لَمْ تَفُتْ، بِحَوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ زَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَلَمْ يُنْكَحْ، أَوْ يُدَايَنْ لَهَا، أَوْ يَطَأْ ثَيِّبًا، أَوْ يَمْرَضْ، كَوَاهِب إِلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الأحْوَالِ، أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ

(1) في (ن 3): (لوارثه)، وزاد بعده في (ن 4):(كما قاله الشافعي وأبو حنيفة مطلقًا، وأنها لا تعود للمعمر، وابن شهاب: إن عقبها فقط، وقاله في المدونة). وانظر: المنتقى: 8/ 25.

(2)

قوله: (قوله: "وَرَجَعَتْ لِلْمُعَمِّر،

رجعت) يقابله في (ن): (فإن).

(3)

قوله: (قوله "وَرَجَعَتْ لِلْمُعَمِّر"

لوارثه إن مات) ساقط من (ن 4).

(4)

انظر: المدونة: 4/ 451.

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 24.

(6)

انظر: المدونة: 4/ 451.

(7)

قوله (مقصور من المراقبة) يقابله في (ن 4): (كالعين والميم من العمرى وهما مقصوران من المراقبة لأن كلّ واحد منهما يترقب موت الآخر).

ص: 18

بِغَيْرِ مِيرَاثٍ، وَلَا يَرْكَبُهَا، أَوْ يَأْكُلُ غَلَّتِهَا، وَهَلْ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الاِبْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ؟ تَأوِيلَانِ.

(الشرح)

قوله: (كَهِبَةِ نَخْلِ، واسْتِثْنَى (1) ثَمَرَتِهَا سِنيِنَ، والسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوِبِ لَهُ) أي: وكذلك لا يجوز أن يهب نخلًا لرجل ويستثني ثمرتها سنين بشرط أن يكون السقي على الموهوب له، وقاله في المدونة، يريد: لأنه يصير كمن باع (2) نخلًا بسقيها سنين، والبائع يستغل الثمرة، ولا يدري المشتري ما يصير النخل (3) إليه بعد المدة، فهو غرر، ونحوه في المدونة.

والواو من قوله: (والسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوِبِ له) واو الحال، فلو كان السقي على الواهب لجاز، وقاله فِي الموازية والمدونة (4).

قوله: (أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عليها (5) سِنِينَ وَيُنْفِقُ عَلَيهِ الْمَدْفُوعُ وَلَا يَبِيعُهُ، لِبَعْدِ (6) الأَجَلِ) هكذا ساق هذه المسألة في المدونة بعد الأولى، قال ابن القاسم فيها بعد أن ذكر الأولى (7): ولقد قال لي (8) مالك فيمن دفع إلى رجل فرسه يغزو عليه سنتين، أو ثلاثًا وينفق عليه المدفوع إليه الفرس من عنده، ثم هو للمدفوع إليه بعد الأجل، واشترط عليه (9) أن لا يبيعه قبل الأجل، أنه لا خير فيه. قال: وبلغني عنه (10) أنه قال: أرأيت إن

(1) في (ن): (واستثناء).

(2)

قوله: (باع) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 4):(ابتاع).

(3)

قوله: (ما يصير النخل) يقابله في (ن 3): (متى يصير النخل)، وفي (ن 4):(متى تصير الثمرة).

(4)

قوله: (والمدونة) زيادة من (ن 4)، وقوله:(الموازية والمدونة) يقابله في (ن): (المدونة). انظر تفصيل هذه الأقوال في: المدونة: 4/ 431.

(5)

قوله: (عليها) ساقط من (ن) و (ن 3).

(6)

في (ن 4): (قبل).

(7)

قوله: (ساق هذه المسألة

بعد أن ذكر الأولى) يقابله في (ن 4): (ذكر بإصر الأولى وأنها دليل عليها ونصها على ما اختصرها البراذعي: ومن وهب لرجل نخلا واستثنى ثمرتها لنفسه عشر سنين فإن كان الموهوب له يسقيها بمائه لَمْ يجز وهو غرر).

(8)

قوله: (لي) زيادة من (ن).

(9)

قوله: (عليه) ساقط من (ن).

(10)

قوله: (عنه) زيادة من (ن).

ص: 19

مات الفرس قبل الأجل أتذهب نفقته باطلًا (1)، فهذا يدلك (2) على مسألتك في النخل (3).

قوله: (وَلِلأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ الصغير (4) الضمير في (اعتصارها) راجع إلى الهبة، ولا إشكال في اعتصار ما وهبه لولده؛ لقوله عليه السلام:"لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلَّا الوالد"، وعنه عليه السلام أنه قال:"لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة، ثم يرجع فيها؛ إلَّا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم يعود في قيئه".

قوله: (كَأُمِّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ) يعني: وكذلك الأم تعتصر ما وهبت لولدها إذا كان له أب حي (5)، وهذا كقوله في المدونة: وللأم أن تعتصر ما وهبت لولدها الصغير في حياة أبيه. وزاد فيها: ما لَمْ يحدثوا دينًا، أو ينكحوا، أو يحدثوا فيها حدثًا (6).، فإن لَمْ يكن لهم أب فليس لها أن تعتصر؛ لأنه يتيم، ولا يعتصر من يتيم (7)، ويعد ذلك كالصدقة عليه (8).

ولا فرق في اعتصارها من ولدها بين أن يكون الولد والأب (9) غنيين، أو معدمين، أو أحدهما غنيًّا دون الآخر. قال اللخمي: ويختلف إذا كانا فقيرين قياسًا على اعتصار الأب من ولده الفقير (10). ونبَّه بقوله: (فقط) على أن غير الأم من جد أو جدة، ونحوه، ونحوهما (11) ليس لهما اعتصار، وهو المشهور، وبه قال ابن القاسم وابن وهب. وروى

(1) زاد بعده في (ن 4): (فهذا غرر ابن القاسم في الأمهات).

(2)

قوله: (يدلك) ساقط من (ن).

(3)

انظر تفصيل هذه الأقوال في: المدونة: 4/ 431.

(4)

قوله: (الصغير) ساقط من (ن) و (ن 5).

(5)

قوله: (حي) ساقط من (ن).

(6)

زاد بعده في (ن 4): (وإليه أشار بالرسالة بقوله: ما لَمْ ينكح لذلك، أو يداين، أو يحدث في الهبة حدثا). وانظر: المدونة: 4/ 409.

(7)

زاد بعده في (ن 4): (واليتم من قبل الأب في الآدميين عكس البهائم).

(8)

انظر: الرسالة: 1/ 117.

(9)

قوله: (أن يكون الولد والأب) يقابله في (ن): (الأب والولد).

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3532.

(11)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (ونحوه، ونحوهما).

ص: 20

أشهب عن مالك (1) ومثله (2) في الموازية: أن الجد والجدة يعتصران كالأبوين، وقاله ابن عبد الحكم (3).

قوله: (وَإِنَ مَجْنُونًا) يعني: أن الأم تعتصر ما وهبته لولدها في حياة أبيه، ولو كان الأب مجنونًا، قال في المدونة: وإن وهبتهم، والأب مجنون جنونًا مطبقًا، فهو كالصحيح في وجوب (4) الاعتصار لها (5).

قوله: (وَلَوْ يَتِيمًا عَلَى الْمُخْتَارِ) هكذا استحسن اللخمي (6)، وقال ابن المواز: إذا وهبته في حياة أبيه ثم مات الأب قبل بلوغ الولد، لَمْ يكن لها أن تعتصر؛ لأن بموت الأب قبل البلوغ انقطع الاعتصار، فلا يعود بعد ذلك (7).

قوله: (إِلَّا فِيما أُرِيدَ بِهِ الآَخِرَةُ) لأنه إذا أراد بذلك وجه الله صارت صدقة على ما تقدم، والصدقة لا تعتصر، وسواء كان الواهب أبًا أو أمًّا. وقاله ابن الماجشون (8)، وقال مطرف وابن وهب: ومن وهب (9) هبة لوجه (10) الله له الاعتصار فيها. ابن رشد: وبالأول جرى العمل (11).

قوله: (كصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ) يريد: إذا تصدق بصدقة ولم يشترط (12) فيها الرجوع فليس له الاعتصار. واختلف إذا شرط الرجوع فيها، هل له ذلك؟ أم لا؟

(1) انظر: المدونة: 4/ 411.

(2)

قوله: (عن مالك، ومثله) يقابله في (ن 4): (ونحوه عن مالك)، وقوله:(ومثله) ساقط من (ن).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 192.

(4)

في (ن): (جواز).

(5)

زاد بعده في (ن 4): (مالك وابن القاسم: ويفوت الاعتصار بمرض الأب أو الابن أو الأم معه أيضًا. ابن رشد في البيان: وهو المشهور؛ لتعلق حق الورثة بذلك. وروى أشهب أن مرض الأب لا يفيت، بخلاف العكس، عملا بالاستصحاب) انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 134 و 14/ 495.

(6)

انظر: التبصرة، للخمي ص 3532 و 3533.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 191.

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 190.

(9)

قوله: (ومن وهب) زيادة من (ن).

(10)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (وجه).

(11)

انظر: البيان والتحصيل: 14/ 60.

(12)

قوله: (ولم يشترط) ساقط من (ن 3).

ص: 21

والذي حكاه الباجي وابن الهندي: أن له ذلك (1).

قوله: (إِنْ لَمْ تَفُتْ بحَوَالَةِ سُوقٍ) ظاهره أن الهبة يفوت اعتصارها بحوالة الأسواق (2)، والذي حكاه الباجي عن مطرف، وعيد الملك، وأصبغ: أن ذلك غير مفيت (3). ابن راشد (4): ولا يختلف فيه (5).

قوله: (بل زيدٍ، أَوْ نَقْصٍ) أي: (6) وكذا يفوت اعتصارها (7) إذا دخل الشيء الموهوب زيادة ككبر الصغير، وسمن الهزيل، ونحو ذلك، أو نقصان كالهرم ونحوه من العيوب، وقاله أصبغ. الباجي: وهو الظاهر من قول مالك وابن القاسم، وقال مطرف وابن الماجشون: لا تفوت (8). واختار اللخمي: عدم الفوات في النقص بخلاف الزيادة.

قوله: (وَلَمْ يُنكَحْ) يعني: أن من شرط صحة الاعتصار - أيضًا - أن لا يكون الولد قد تزوج؛ سواء كان الولد ذكرًا أو أنثى.

قوله: (أَوْ يُدَايِنْ لَهَا) أي: وكذلك يمنع الاعتصالمر إذا تداين (9) الولد لأجل الهبة.

واحترز بقوله: (لها) مما إذا تداين لا (10) لأجل الهبة؛ فإن ذلك لا يمنع.

وفي البيان قول نسبه لعبد الملك: أن التداين مطلقًا يمنع الاعتصار، وإن لَمْ يكن لأجل الهبة (11).

(1) انظر: المنتقى: 8/ 19، والتوضيح: 7/ 354.

(2)

في (ن): (السوق).

(3)

انظر: المنتقى: 8/ 23.

(4)

في (ن): (راشد).

(5)

انظر: التوضيح: 7/ 353، ولب اللباب، ص:303.

(6)

قوله: (وعبد الملك، وأصبغ

قوله: "بل زَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ" أي) ساقط من (ن 4).

(7)

قوله: (بحوالة الأسواق

وكذا يفوت اعتصارها) ساقط من (ن 3)

(8)

في (ن 5): (ألا تفوت)، وفي (ن) و (ن 4):(لا يفيت) - وانظر - المنتقي: 8/ 24.

(9)

في (ن): (ادَّان).

(10)

قوله: (تداين لا) يقابله في (ن): (لم يتداين).

(11)

قوله: (وإن لَمْ يكن لأجل الهبة) ساقط من (ن). وانظر. البيان والتحصيل: 13/ 473.

ص: 22

قوله: (أَوْ يَطَأ ثَيِّبًا) يريد: أو بكرًا؛ وإنما خص الثيب بالذكر (1)؛ لأن الحكم في البكر يؤخذ منها من باب أولى وأحرى (2)؛ لأن افتضاض البكر نقص، وقد سبق حكمه؛ ولهذا أطلق في المدونة (3)، وجعل وطء الأمة مفيتًا لاعتصارها. وفي ابن يونس: إذا وطئ، - أي الولد - الأمة فات الاعتصار، وإن لَمْ تكن بكرًا، ولم (4) تحمل، وقاله مالك، وابن القاسم، وأشهب، وابن وهب. وقال المخزومي: إن الوطء لا يفيت الاعتصار. وقاله ابن الماجشون (5). ابن القاسم (6): ويصدق الابن (7) في دعواه الوطء. قال (8) يحيى بن عمر: إذا غاب عليها الولد (9).

قوله: (أَوْ يَمْرَضَ كَوَاهِبٍ) أي: وكذا يمتنع الاعتصار إذا مرض الولد؛ لتعلق حق ورثته بالهبة، وكذا إذا مرض الواهب، وهو الأب أو الأم؛ لأن اعتصارهما حينئذٍ إنما هو للورثة لا لأنفسهما، وهذا هو المشهور في الفرعين. وروى أشهب أن مرض الأب لا يمنع، بخلاف مرض الولد (10).

قوله: (إِلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِه الأَحْوَالِ) هذا نحو قول اصبغ في العتبية: وإذا وهبه والابن متزوج، أو مديان، أو مريض، فله أن يعتصر في تلك الحال، وكذلك عنه في الواضحة. وقال ابن الماجشون: ليس له أن يعتصر، كما لو تقدمت العطية على (11) هذه الحوادث (12). ابن عبد السلام: والأقرب صحة الاعتصار؛ لأن الموهوب له (13) لَمْ

(1) قوله: (بالذكر) ساقط من (ن).

(2)

قوله: (من باب أولى وأحرى) زيادة من (ن) و (ن 4).

(3)

انظر: المدونة: 3/ 251.

(4)

في (ن): (أو لم).

(5)

انظر تفصيل هذه الأقوال في: النوادر والزيادات: 12/ 191.

(6)

قوله: (ابن القاسم) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 5):(وابن القاسم)، بزيادة واو.

(7)

في (ن): (الولد).

(8)

في (ن 4): (قاله).

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 194.

(10)

انظر: الجامع بين الأمهات، ص: 673، ولباب اللباب، ص:303.

(11)

قوله: (على) زيادة من (ن).

(12)

انظر هذه الأقوال في النوادر والزيادات: 12/ 189.

(13)

قوله: (الموهوب له) يقابله في (ن 3): (الواهب).

ص: 23

يدخل أحدًا في عهدته (1) بسبب الهبة (2).

قوله: (أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى المُخْتَار) اختلف إذا مرض الابن ثم زال مرضه، هل يعود الاعتصار لزوال مانعه؟ وهو قول ابن القاسم، وأشهب، والمغيرة، وابن دينار، وابن الماجشون. وعن مالك في الواضحة: أن الاعتصار لا يعود (3). وذهب سحنون إلى أن الاعتصار يعود (4) بزوال مرض الأب دون الابن (5). واختار اللخمي الأول (6).

قوله: (وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ) هذا لقوله عليه السلام لعُمر في الفرس الذي تصدق به (7): "لا تبتعه ولو بدرهم".

قال (8) اللخمي: ومشهور المذهب أن النهي محمول على الندب (9) وحمله الداودي على التحريم (10)، وظاهر المدونة الكرا هة (11).

قوله: (وَلَا يَرْكَبُهَا، وَلَا يَأكُلُ غَلتِها) أي: ولا يركب المتصدق الدابة التي تصدق بها، ولا يأكل شيئًا من غلتها. وقاله في المدونة (12). واختلف هل ذلك مطلقًا، وأن (13) الأب لا ينتفع بشيء مما تصدق به على ولده؟ أو هو مقيد بالولد الصغير؟ وأما إذا كان الولد كبيرًا، ورضي بذلك فلا يمتنع، وقاله محمد (14) وإلى هذا أشار بقوله: (وَهَلْ إِلَّا أَنْ

(1) في (ن): (هبته).

(2)

انظر: التوضيح: 7/ 353.

(3)

قوله: (أن الاعتصار لا يعود) يقابله في (ن 4): (سقوط الاعتصار).

(4)

قوله: (وبه قال ابن القاسم، ولسحنون ثالث بأنه لا يعود) يقابله في (ن 4): (وذهب سحنون إلى أن الاعتصار يعود).

(5)

انظر هذه الأقوال في النوادر والزيادات: 12/ 189، والبيان والتحصيل: 13/ 473.

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3530.

(7)

قوله: (به) زيادة من (ن).

(8)

قوله: (قال) ساقط من (ن).

(9)

في (ن 3): (الكراهة).

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3474.

(11)

انظر: المدونة: 4/ 429.

(12)

انظر: المدونة: 4/ 429.

(13)

في (ن): (بأن).

(14)

انظر: التوضيح: 4/ 355.

ص: 24

يَرْضَى الاِبْنُ الكَبِيرُ بِشُرْب اللَّبَنِ؟ تَأْوِيلَانِ).

وفي الرسالة: ولا بأس أن يشرب من لبن ما تصدق به (1). وظاهره خلاف المدونة (2). وفي المعونة (3): إلَّا أن يشرب يسيرًا، أو يركب فرسًا مما يقل خطره (4). وحمل بعضهم الرسالة على ما إذا كان اللبن لا ثمن له، وحملها غيره (5) على ما قال محمد: إذا رضي الولد الكبير.

(المتن)

وَيُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا، وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِلضَّرُورَةِ، وَيَسْتَقْضِي مِنْ نَفْسِهِ لولده، وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ، وَلَزِمَ بتَعْيِينِهِ، وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ وَإِنِ لِعُرْسٍ، وَهَلْ يَحْلِفُ، أَو إِنْ أَشْكَلَ؟ تَأْوِيلَانِ. فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ، إِلَّا بشَرْطٍ، وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ، وَلِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ وَإِنِ فَقِيرًا لِغَنِيٍّ، وَلَا يَأْخُذُ هِبَتَهُ، وَإِنْ قَائِمَةً، وَلَزِمَ وَاهِبَهَا، لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ، إِلَّا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَلَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيعٍ، وَإِنِ مَعِينًا، إِلَّا كَحَطَبٍ، فَلَا يَلزَمُ أَخْذُه،

(الشرح)

قوله: (وَيُنْفِقْ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا) يريد: وكذلك الأم. قال في المدونة: وأما الأب والأم إذا احتاجا فينفق علَيهما مما تصدق به على الولد (6).

قوله: (وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ، أَوْ عَبْدٍ للضَّرُورَةِ، ويستقضي من نفسه لولده) قال في المدونة: ومن تصدق على ابنه الصغير بجارية فتبعتها نفسه فلا بأس أن يقومها على نفسه ويشهد، ويستقضي (7) للابن (8). وفرض المسألة في العتبية في العبد، قال (9) ابن رشد:

(1) انظر: الرسالة: 1/ 118.

(2)

انظر: المدونة: 4/ 158.

(3)

في (ن 3): (المدونة).

(4)

انظر: المعونة: 2/ 503.

(5)

في (ن 3): (البعض).

(6)

زاد بعده في (ن 4): (فذلك جائز). وانظر: المدونة: 4/ 429.

(7)

في (ن 3): (ويسقصى).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 429.

(9)

قوله: (قال) ساقط من (ن).

ص: 25

وهو في الجارية أعذر (1).

قوله: (وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ) يريد: لأن هبة الثواب تشبه البيع، فجاز شرط الثواب كالثمن.

قوله: (وَلَزِمَ بِتَعْييِنهِ) أي: فإذا صرح (2) بتعيين الثواب لزم، وليس لأحدهما الرجوع بعد ذلك، وإن لَمْ يقبض الثواب؛ كالبيع بعد انعقاده (3)، فإن دخلا على الثواب من غير تعيين جاز ذلك عند ابن القاسم، وأصبغ (4). الباجي: وهو أولًا؛ لأن العرف كالشرط. ومنعه ابن الماجشون؛ لأنه يصير كبائع سلعة بقيمتها (5)، وهو جَهْلٌ بالثمن (6).

قوله: (وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ، وَإِنْ لِعُرْسٍ) يريد: أن الواهب إذا قال: إنما وهبت للثواب، وخالفه الموهوب له في ذلك، فإن القول قول الواهب في الثواب؛ إلَّا أن يشهد العرف بضده، أي: يشهد للموهوب له. وقاله ابن الجلاب، وزاد: فإن أشكل ذلك فالقول قول الواهب مع يمينه (7).

واختلف هل يلزم من شهد له العرف باليمين (8)؟ أم لا؟ على قولين، أو إنما ذلك إذا أشكل الأمر (9)؛ وإلَّا هذا أشار بقوله:(وَهَلْ يَحلْفُ؟ أَوْ إِنْ أُشْكلَ؟ تَأْوِيلَانِ).

قوله: (فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ، إِلَّا بِشَرْطٍ) يريد: أن تصديق الواهب في الثواب إنما هو في غير المسكوك كالدنانير والدراهم؛ لأن العرف قاضٍ في ذلك بنفي الثواب. قاله في المدونة. قال: وإن رأى أنه وهبها للثواب فلا شيء له؛ إلَّا أن يشترطه، ويثاب عرضًا أو طعامًا (10).

(1) انظر: البيان والتحصيل: 13/ 362.

(2)

في (ن 5): (صرحا).

(3)

في (ن 3): (انقضائه).

(4)

في (ن 4): (أشهب).

(5)

في (ن 4): (بثمنها).

(6)

انظر تفصيل هذه الأقوال في: المنتقى: 7/ 8.

(7)

انظر: التفريع: 1/ 270.

(8)

في (ن): (اليمين).

(9)

قوله: (الأمر) ساقط من (ن).

(10)

قوله: (يشترطه ويثاب عرضًا أو طعامًا) يقابله في (ن 3): (يشترط ثوابا بالعرض والطعام). =

ص: 26

وفي الموازية عن مالك مثله (1)، وبه قال أشهب: إذا اشترط الثواب فيهما (2) فالهبة مردودة (3). وفي المختصر: لا ثواب إلَّا أن يكون لذلك وجه.

قوله: (وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ) يريد: إلا بشرط، أو قيام قرينة على إثبات الثواب. قال في المدونة: مثل أن يكون للمرأة جارية فارهة يطلبها منها زوجها، وهو موسر، فأعطته إياها، تريد بذلك استغزار صلته (4) وعطيته (5)، والرجل يهب لامرأته ما يرى أنه أراد استغزار (6) ما عندها، فإن أثابته وإلا رجع في هبته. مالك (7): وإذا اشترط أحدهما الثواب على الآخر لزمه ذلك (8).

قوله: (وَلقَادِمٍ عْندَ قُدُومِهِ وَإِنْ فَقِيرًا لِغَنِي وَلَا يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَإِنْ قَائِمَةً (9))، هذا كقول (10) مالك في المدونة: وإن قدم غني من سفره فأهدى له جاره المسكين الفواكه والرطب وشبهه ثم قام يطلب الثواب، وقال: إنما أهديت له رجاء أن يكسوني، أو ليصنع بي خيرًا، فلا شيء فيه لغني أو فقير. ابن القاسم: ولا له (11) أخذ هديته؟ وإن كانت قائمة بعينها. وقاله أشهب (12). وعن بعضهم: له أخذها ما لَمْ تفت. وقال ابن عبد الحكم: يجب الثواب في المهدى للمسافر (13)

= وانظر: المدونة: 4/ 412.

(1)

زاد بعده في (ن 4): (مثله).

(2)

في (ن 3) و (ن 4): (فيها).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 244.

(4)

في (ن): (صلة).

(5)

قوله: (استغزار صلته وعطيته) يقابله في (ن 3): (صلته).

(6)

في (ن 3) و (ن 4): (استقرار).

(7)

في (ن 4): (تلك).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 413.

(9)

قوله: (وَلَا يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَإِنِ قَائِمَةً) ساقط من (ن 4).

(10)

قوله: (هذا كقول) يقابله في (ن): (هكذا قال).

(11)

قوله: (ولا له) يقابله في (ن 3): (وله).

(12)

قوله: (فيه لغني أو فقير. ابن القاسم

وقاله أشهب) يقابله في (ن 4): (له وليس له أخذ هبته إن كانت قائمة بعينها وقاله مالك وابن القاسم وأشهب). وانظر: المدونة: 4/ 412.

(13)

انظر: التوضيح: 7/ 358.

ص: 27

اللخمي (1): وهو أبين (2).

قوله: (وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا المَوْهُوبِ القِيمَةُ، إِلَّا لِفوتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ) أي: ولزم الواهب قبول القيمة إذا دفعها له الموهوب له (3)، يريد: سواء (4) كانت قائمة أو فائتة، وهو المشهور. وقال مطرف: له أن يمتنع من قبول القيمة مع قيام (5) الهبة؛ لأنه لو أراد (6) قيمتها أو أكثر لباعها في السوق (7). فعلى الأول: تفوت بالقبض بالنسبة إلى الواهب، ويلزمه أخذ القيمة. وفي كتاب الشفعة من المدونة في الهبة (8): تفوت بالزيادة والنقصان (9). وعن أشهب: بالنقصان فقط (10). وعن مطرف: لا تفوت إلَّا بذهاب عينها أو العتق، ونحوه. وعلى قول محمد: تفوت (11) بمجرد الهبة (12).

قوله: (لَا الْمَوهُوبَ لَهُ) أي: فإنه لا يلزمه دفع القيمة، وله ردُّ الهبة، إلَّا أن تفوت بزيادة أو نقص. وهو قول ابن القاسم (13) في المدونة (14). الباجي: وهو المشهور (15). ولابن القاسم: بحوالة سوق (16). وعن مالك: بالقبض. وعن ابن القاسم: بالنقصان فقط. واختلف متى تكون القيمة؟

(1) قوله: (اللخمي) ساقط من (ن 3).

(2)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:3421.

(3)

قوله: (له) ساقط من (ن).

(4)

قوله: (سواء) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (له أن يمتنع من قبول القيمة مع قيام) يقابله في (ن 4): (لا يلزمه قبولها مع قيمة).

(6)

في (ن 4): (زاد).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 241.

(8)

قوله: (في الهبة) زيادة من (ن 3).

(9)

انظر: المدونة: 4/ 382.

(10)

انظر: التوضيح: 7/ 359.

(11)

قوله: (وعلى قول محمد: تفوت) يقابله في (ن 13): (وهو قول مالك).

(12)

انظر: التوضيح: 7/ 359.

(13)

قوله: (ابن القاسم) يقابله في (ن 3): (مالك).

(14)

انظر: المدونة: 4/ 382.

(15)

انظر: المنتقى: 8/ 15.

(16)

انظر: المنتقى: 8/ 16.

ص: 28

فعن مالك: يوم القبض. وقاله في المدونة (1)، وعنه (2): يوم الهبة (3).

قوله: (وَلَهُ مَنعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ) أي: للواهب منع الهبة حتى يقبض الثواب. وهذا مذهب المدونة (4). وقال محمد: ليس له منعها؛ لأنَّها مبنية على المكارمة (5).

قوله: (وَأُثِيبَ بما يُقضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ، وَإِنْ معينًا، إِلَّا كَحَطَبٍ، فَلَا يَلزَمُ أَخْذُه) يعني: أنه يثاب في هذا الفصل بكل ما يقضى عنه في البيع، وَإِنْ معينًا من الدنانير، والدراهم، والدور، والأرضين، والثياب، والعروض، والحيوان وغير ذلك، إلا الحطب، والتبن (6)، ونحوه، فإن الواهب لا يلزمه أخذه (7) عند ابن القاسم. ولأشهب: أن الدنانير والدراهم تتعين. ولسحنون: أن الواهب يلزمه قبول ما فيه وفاء بالقيمة (8).

(المتن)

وَلِلْمَأْذُونِ، وَلِلأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ: الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ. وَإِنْ قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ. بِيَمِينٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيَّنْ وَلَمْ يُقْضَ عَلَيهِ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلَانِ، وَقُضِيَ بَينَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا.

(الشرح)

قوله: (وَللْمَأْذُونِ، ولِلأَبِ في مَالِ وَلَدِهِ الهِبَةُ لِلثَوَابِ) أي: وللعبد المأذون (9) الهبة للثواب (10)، وكذلك الأب في مال ولده. وقاله في المدونة (11).

(1) انظر: المدونة: 4/ 208.

(2)

في (ن 3): (وغيره).

(3)

زاد بعده في (ن 4): (وحوالة سوق فوت في اختلاف المتباعيين، والمرابحة، والقراض، والبيع الفاسد، لا في هبة الثواب، والاستحقاق، والرد بالعيب، ورأس مال السلم إن كان عرضا).

(4)

انظر: المدونة: 4/ 412.

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 12/ 245.

(6)

في (ن 4): (والتين).

(7)

قوله: (من الدنانير، والدراهم

فإن الواهب لا يلزمه أخذه) يقابله في (ن 3): (إلَّا كحطب فلا يلزم أخذه وإليه أشار بقوله إلَّا كحطب فلا يلزمه أخذه).

(8)

انظر تفصيل هذه الأقوال في المقدمات الممهدات: 1/ 114.

(9)

قوله: (وللعبد المأذون) يقابله في (ن): (وللمأذون).

(10)

زاد بعده في (ن 4): (لأنها بيع).

(11)

انظر: المدونة: 4/ 247.

ص: 29

قوله: (وَإِنْ قَالَ: دَارِي صَدَقةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِغَيِرهَا وَلم يُعَينْ، ولَمْ يُقْض عَلَيْهِ (1) بخِلَافِ الْمُعَيَّن) أشار بهذا إلى ثلاثة فروع: الأول: أن يقول: داري صدقة على المساكين، أَو على رجل بعينه في يمين (2). فيحنث، وإليه أشار بقوله:(صَدَقَةٌ مُطْلَقًا) أي: كانت على المساكين، أو على رجل معين في يمين (3). الثاني: أن يقول ذلك في غير يمين؛ لكن على غير معين، وإليه أشار بقوله:(أَوْ بِغَيرِهَا) أي: بغير يمين، ولم يعين. وذكر أن الحكم في ذلك كله (4) عدم القضاء عليه بإخراج ذلك، وهو كذلك في المدونة، وإليه أشار بقوله (5):(بِخِلَافِ الْمُعَيَّن) أي: في غير يمين؛ فإنه يقضى عليه. وقاله - أيضًا - في المدونة (6). وهو الثالث في التقسيم والله أعلم (7).

قوله: (وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ، قَوْلَانِ) أي: فإن قال: داري صدقة على المسجد الفلاني. فقيل: يجبر على إخراجها. وهو قول ابن زرب (8). قال: إذ لا فرق بين رجل بعينه ومسجد بعينه. وقيل: يؤمر من غير جبر. وهو قول أحمد بن عبد الله (9).

قوله: (وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍ فِيهَا بِحُكْمِنَا) قال في المدونة: ويقضى بين المسلم والذمي في هبة أحدهما للآخر بحكم المسلمين، وإن كانا ذميين، فامتنع الواهب من دفع الهبة، لَمْ أعرض لهما، وليس هذا من التظالم الذي أمنعهم منه (10). وظاهره: ولو ترافعوا إلينا. وقيل: معناه: إذا لَمْ يترافعوا إلينا، وأما إن ترافعوا حكمنا بينهم؛ لأن هباتهم ليست من التظالم (11).

(1) قوله: (يُقْض عَلَيْهِ) يقابله في (ن 4): (يقبض).

(2)

قوله: (في يمين) زيادة من (ن).

(3)

قوله: (فيحنث، وإليه أشار بقوله:"صَدَقَةٌ مُطلقًا"

معين في يمين) ساقط من (ن 3).

(4)

قوله: (في ذلك كله) يقابله في (ن 4): (فيهما)، وقوله:(كلها) ساقط من (ن).

(5)

قوله: (إليه أشار بقوله) ساقط من (ن 5)، وفي (ن) و (ن 3):(قوله).

(6)

قوله: (فإنه يقضى

في المدونة) ساقط من (ن 4). وانظر: المدونة: 4/ 391.

(7)

قوله: (وهو الثالث في التقسيم والله أعلم) زيادة من (ن).

(8)

في (ن 3): (ابن زرقون).

(9)

في (ن): (أحمد بن عبد الحكم).

(10)

انظر: المدونة، دار صادر: 15/ 122.

(11)

زاد بعده في (ن 4): (ويجب رفع حكم الإسلام إلى غيره).

ص: 30