الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شاس (1).
قوله: (والْمَرْأَةُ الْمَقَاتِلَةُ كَالرَّجُلِ) أي: فيفترق الحال (2) بين أن كانت متأولة أو معاندة كالرجل.
بابٌ [في أحكام الردة]
(المتن)
بَابٌ الرِّدَّةُ كُفْرُ الْمُسْلِمِ بِتَصَرِيحٍ، أَوْ بلَفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ، وَشَدِّ زُنَّارٍ، وَسِحْرٍ، وَقَوْلٍ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، أَوْ بَقَائِهِ، أَوْ شَكٍّ فِي ذَلِكَ، أَوْ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، أَوْ فِي كُلّ جِنْسٍ نَذِيرٌ، أَوِ ادَّعَى شِرْكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ عليه الصلاة والسلام، أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ، أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ، أَوْ يُعَانِقُ الْحُورَ العين، أَوِ اسْتَحَلَّ كَالشُّرْبِ، لَا بِأَمَاتَهُ اللَّهُ كَافِرًا عَلَى الأَصَحِّ، وَفُصِّلَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ. وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُعَاقَبَةٍ وَإِنْ لَمْ تتُبْ. فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ.
(الشرح)
(الرِّدَّةُ: كُفْرُ الْمَسْلِمِ) أي: هي الكفر الطارئ على الإسلام. وعدل عن قوله رحمه الله: كفر المؤمن، إلى قوله: كفر المسلم، وإن كانت المقابلة في الكفر إنما تكون بين الكفر والإيمان، لكن (3) النظر هنا مقصور على أحكام الدنيا التي (4) ينكر فيها الحاكم، ولا قدرة لهم على معرفة إيمان بعضهم بعضا، وإنما يعلمون إسلامهم، ولهذا احتاج إلى الكلام على الأمور التي يعرف بها كفر المرتد فقال:(بِتصَرِيحٍ، أَوْ بلفْظٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ) يعني بذلك: أن الطرق الموصلة إلى العلم بردة المرء أمور ثلاثة:
فيستدل على ردته بصريح لفظ، كقوله والعياذ بالله:(أشركت، أو كفرت بالله أو بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك)، ولوضوح (5) هذا لَمْ يتعرض لأمثلته.
(1) انظر: عقد الجواهر: 3/ 1139.
(2)
في (ن): (فيها).
(3)
في (ن) و (ن 5): (لكون).
(4)
قوله: (الدنيا التي) في (ن 3): (الدين الذي).
(5)
في (ن 3): (ولو صرح).
وأما قوله: (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ، وَشَدِّ زُنَّارٍ) فهو من الفعل الذي يضمن (1) الكفر، ومثله:(تلطيخ الحجر الأسود بالنجاسة). والباء في قوله: (بقذر) للظرفية، أي: في قذر.
قوله: (وَسِحْرٍ) هو مثال اللفظ الذي يقتضي (2) الكفر، ومثله: إذا جحد شيئًا مما علم من الدين بالضرورة؛ كالصلوات الخمس، والحج، وصوم شهر رمضان. وقد نص مالك وأصحابه على أن السحر كفر، وأن الساحر يقتل ولا يستتاب، وسواء سحر مسلمًا أو ذميًّا (3).
قوله: (وقَوْلٍ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ) هذا أيضًا من اللفظ الذي يقتضي (4) الكفر، وهو على القول بتكفير هؤلاء، ولمالك وغيره فيهم قولان.
قوله: (أَوْ شَكٍّ فِي ذَلِكَ) أي: في قدم (5) العالم أو بقائه، وهذا ليس من الأمور الثلاثة، وعليه فيكون الحد الذي ذكر غير جامع لخروج هذا النوع عنه وهو منه (6).
قوله: (أَوْ بتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ) أي: وهكذا القول بتناسخ الأرواح ردة.
قوله: (أَوْ بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ جِنْسِ نَذِيرٌ) أي: في كلّ جنس من الحيوانات نذير؛ لأن في اتصافه بوصف الكلية ونحوها محتجًّا بقوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ).
قوله: (أَوِ ادَّعى شِرْيكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم) كقوله بنبوة على، أو أنه كان شريكه صلى الله عليه وسلم في النبوة، أو كان يوحى إليهما معًا، وهو من اللفظ الذي يقتضي الكفر.
قوله: (أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ) لأن محاربته محاربة لله تعالى، ولا إشكال في كفر من حارب الله أو حارب نبيه، وكفى بما فيه من الآياتِ والأحاديث.
قوله: (أَوْ جَوَّزَ اكِتِسَابَ النُّبُوَّةِ) لأن ذلك يؤدي إلى الخلل (7)، وتوهين (8) ما جاءت
(1) في (ن 3): (يضمن).
(2)
قوله: (يقتضي) في (ن): (يتضمن).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 532، والمنتقى: 9/ 101 و 102، والبيان والتحصيل: 16/ 433.
(4)
قوله: (يقتضي) في (ن): (يتضمن).
(5)
في (ن 3): (حدوث).
(6)
قوله: (وهو منه) زيادة من (ن).
(7)
في (ن 4): (التحلل)، وفي (ن):(الخلف).
(8)
في (ن 3): (وتوهم).
به الأنبياء، ولا خلاف في تكفيره، وقاله في الذخيرة (1).
قوله: (أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ إلى السَّمَاءِ، أَوْ يُعَانِقُ الْحُورَ العين) هكذا قال في الذخيرة، قال: وكذلك إذا قال: يدخل الجَنَّة ويأكل من ثمارها. وكل هذه الأصول (2) التي ذكر نص عليها في الذخيرة (3)، وزاد عليها أمورًا أخرى، ذكرتها في الكبير (4).
قوله: (واسْتَحَلَّ كَالشُّرْبِ) أي: شرب الخمر ومثله، فإذا استحل الزنى والسرقة والقذف ونحو ذلك من الأمور المحرمة؟ ولهذا أدخل كاف التشبيه في كلامه ليعم (5) ذلك.
قوله: (لَا بِأَمَاتَهُ اللَّهُ كَافِرًا عَلَى الأَصَحِّ) أي: فلا يكفر بقوله لغيره أماتك الله كافرًا، واختاره القرافي. (6). ابن رشد: وهو الصواب (7)، وأفتى الكركي (8) بكفره، قال: لأنه إرادة (9) أن يكفر بالله. ورد بأن: إرادة الكفر غير مقصودة (10) له، وإنما أراد التغليظ في الشتم، والكفر شيء تؤول إليه الأمور (11).
قوله: (وفُصِّلَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ) أي: في الكفر، والمعنى: أن الشاهد إذا شهد بكفر شخص أو ردته فلا بد أن يبين في شهادته الوجه الذي كفر به، ولا يقبل (12) منه أن يقول: فلان كفر أو ارتد، لاختلاف الناس في أسباب التكفير.
(1) انظر: الذخيرة: 12/ 27.
(2)
قوله: (الأصول) في (ن): (الأمور).
(3)
انظر: الذخيرة: 12/ 28.
(4)
قوله: (الذخيرة، قال: وكذلك
…
أمورا أخرى ذكرتها في الكبير) ساقط من (ن 3).
(5)
قوله: (ليعم) في (ن): (ليعلم).
(6)
انظر: الذخيرة: 12/ 28 و 29.
(7)
انظر: لباب اللباب، ص:342. والصواب: ابن راشد وليس ابن رشد. كما في التوضيح: 5/ 218، وتبصرة الحكام: 2/ 192.
(8)
في (ن 3) و (ن 4): (الرجراجي).
(9)
في (ن 5): (أرى).
(10)
قوله: (إرادة الكفر غير مقصودة) يقابله في (ن 5): (إيراده غير مقصود).
(11)
انظر: التوضيح: 8/ 215، وتبصرة الحكام: 2/ 192. وعندهم: "وأفتى الكركي بكفره".
(12)
زاد في (ن): قوله).
قوله: (واسْتُتِيبَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) أي: وأجل للتوبة ثلاثة أيام، وظاهر المذهب وجوب ذلك، وهو مروي عن مالك، وعنه: أن ذلك مستحب، روى عنه ابن القصار أنه يستتاب في الحال، فإن تاب وإلا قتل (1)، ولابن القاسم في الموازية أنه يدعى إلى الإسلام ثلاث مرات، فإن تاب وإلا قتل، قال مالك في العتبية والموازية: وما علمت في استتابته تجويعًا ولا تعطيشًا (2). وإليه أشار بقوله: (بِلا جُوعٍ وعَطَشٍ)، قال مالك: وأرى أن يقات من الطعام بما لا يكره، ولا عقوبة عليه إذا تاب. حكاه ابن شاس، وحكى عن مالك أنه لا يعاقب في الثلاثة الأيام (3)، وإليه أشار بقوله:(ومُعَاقَبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ)، ونقل عن أصبغ (4) أنه يخوف أيام استتابته بالضرب (5).
قوله: (فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ) أي: فإن مضت عليه الثلاثة الأيام ولم يتب قتل، لقوله صلى الله عليه وسلم:"من بدل دينه فاقتلوه".
(المتن)
وَاسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ، وَمَالُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَفَيءٌ، وَبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا، كَأَنْ تُرِكَ، وَأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ، كَأَنْ هَرَبَ لبلاد الْحَرْبِ، إِلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ. وَالْخَطَأُ عَلَى بَيتِ الْمَالِ كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ، وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ، وَقُدِّرَ كَالْمُسْلِمِ فِيهِمَا، وَقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا، وَمَالُهُ لِوَارِثِهِ، وَقُبلَ عُذْرُ مَنْ أَسْلَمَ، وَقَالَ: أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ، إِنْ ظَهَرَ، كَأَنْ تَوَضَّأ وَصَلَّى، وَأَعَادَ مَأْمُومُهُ، وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَّدَ، وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ، كَسَاحِرٍ ذِمِّي إِنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ. وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً، وَصِيَامًا، وَزَكَاةً، وَحَجًّا تَقَدّمَ، وَنَذْرًا، وَكَفَّارَةً، وَيَمِينًا بِاللَّهِ، أَوْ بعِتقٍ، أَوْ بظِهَارٍ، وَإِحْصَانًا، وَوَصِيَّةً، لَا طَلَاقًا، وَرَدَّةُ مُحَلِّلٍ، بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ، وَأُقِرَّ كَافِرٌ انْتَقَلَ لِكُفْرٍ آخَرَ.
(الشرح)
قوله: (واسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضةَ) يريد: أن المرأة إذا ارتدت وكانت متزوجة لَمْ تقتل حتى
(1) انظر: المنتقى: 7/ 321، إكمال المعلم: 6/ 115.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 491.
(3)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1142.
(4)
في (ن) و (ن 5): (أشهب).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 493، والمنتقى: 7/ 321.
تستبرأ بحيضة لحق الزوج؛ خشية أن تكون حاملًا، ونص عليه في الموازية (1).
قوله: (ومَالُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ) يريد: لأنه لا يأخذه بالميراث؛ وإنما يأخذه بالملك، وهو بالردة لا يزول عنه ملكه (2).
قوله: (وَإِلَّا فَفَيْءٌ) أي: فإن لَمْ يكن المرتد عبدًا حالة (3) فيء المسلمين (4)، ولا خلاف فيه عندنا.
قوله: (وبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا كَانْ تُرِكَ) قال في الجواهر (5): وإذا قتل الرجل على الكفر بقي ولده الصغير مسلما، فإن أظهر غير (6) الإسلام أجبر على الإسلام، فإن غفل عنه حتى بلغ ففي إجباره على الإسلام خلاف إذا ولد قبل الردة، وإن ولد بعدها أجبر (7) وإن بلغ، وقيل: إذا بلغ ترك، ولا يكون كمن ارتد (8).
فقوله: (كَأَنْ تُرِكَ) أي: غفل عنه حتى بلغ على ذلك، أي: على اتباع أبيه (9) وفي البيان عن ابن القاسم: أنه لا يجبر بالقتل مطلقًا، ولو ولد (10) قبل الردة أو بعدها، وعن ابن كنانة أن الذي ولد بعدها إن لَمْ يرجع قتل (11).
قوله: (وأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) يريد: أن المرتد (12) إذا جنى عمدًا على عبدٍ أو ذميٍّ فإن ذلك يؤخذ من ماله، وقاله ابن القاسم وأصبغ (13)، وبه أخذ محمد
(1) في (ن 3): (المدونة). وانظر: النوادر والزيادات: 14/ 517.
(2)
قوله: (وهو بالردة لا يزول عنه ملكه) ساقط من (ن 3).
(3)
قوله: (حالة) في (ن): (ماله).
(4)
قوله: (المسلمين) في (ن): (للمسلمين).
(5)
في (ن 3)؛ (المدونة).
(6)
قوله: (غير) في (ن): (خلاف).
(7)
في (ن 3): (أجبروا).
(8)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1142.
(9)
قوله: (أي على اتباع أبيه) زيادة من (ن).
(10)
قوله: (ولد) زيادة من (ن).
(11)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 439 و 440.
(12)
قوله: (أن المرتد) ساقط من (ن 4).
(13)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 510 - 512.
ابن رشد، وعلى قياس قول سحنون: أن الذي يرى أنه بنفس الارتداد يكون محجورًا عليه في ماله، لا يكون ذلك في ماله، وقاله الفضل (1).
قوله: (لا حُرٍّ مُسْلِمٍ) أي: فإن كانت جنايته عمدًا على حرٍّ مسلمٍ فلا شيء عليه، إذ الواجب عليه القود، وهو يسقط بقتله، وقاله ابن القاسم، وقال أشهب: لهم إن عفوا أخذ الدية (2).
قوله: (كَأَنْ هَرَبَ لبلاد الْحَرْبِ) أي: فإن ذلك يسقط عنه لتعذر قتله.
قوله: (إِلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ) أي: إلا حد القذف، قاله في المدونة (3)، وإنما لَمْ يسقط عنه ذلك لقتله لما يلحق المقذوف من المعرة.
قوله: (والْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) أي: وإن كانت الجناية (4) خطأً فالدية عليه من بيت المال؛ لأنه يرثه، وكذلك يعقل عنه، وقيل: إن ذلك على عاقلة المرتد، قيل:(في ماله، وروى أشهب (5) أنَّها على أهل الدين الذي ارتد إليه (6).
قوله: (كَأَخْذ جِنَايَةً عَلَيْهِ) أي: فكما أن بيت المال تؤخذ منه دية المرتد، كذلك يؤخذ له عقل جناية عليه؛ لأنه يرث سائر ماله إذا قتل.
قوله: (وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ) هذا هو الصحيح (7)، وهو مذهب المدونة، وقيل: يكون فيئًا، ورواه أبو إسحاق، وبه أخذ ابن وهب.
قوله: (وقُدِّرَ كَالْمَسْلِمِ فِيهِمَا) أي: فإذا تاب قدر كالمسلم في العمد والخطأ، ويحتمل في الجناية له وعليه.
قوله: (وقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا) المستسر: هو الزنديق الذي يسر الكفر ويظهر الإسلام. قال في الجواهر: أي كفر كان، فإذا ظهر عليه في حال زندقته
(1) انظر: البيان والتحصيل: 16/ 422.
(2)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1143.
(3)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 212.
(4)
قوله: (الجناية) زيادة من (ن).
(5)
قوله: (أشهب) ساقط من (ن 3).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 512.
(7)
قوله: (الصحيح) في (ن): (الأصح).
يبدي لنا أنه مؤمن، فادعى التوبة عما كان عليه، والرجوع عنه، فلا يرجع إلى مجرد دعواه إذا لَمْ يظهر صدقه ورجوعه بما أبداه (1)؛ لأنه قد يفعل ذلك، نعم، لو ظهر لنا توبته لقبلناها؛ كما إذا جاء تائبًا قبل أن يطلع على ما كان عليه إذا ظهرت توبته بقوله لما (2) أظهر الكفر بقوله (3).
قوله: (ومَالُهُ لِوَارِثَهِ) يريد: أن حكم ماله مخالف لميراث المرتد إذ ميراث (4) المرتد لجماعة المسلمين، وهذا ماله لوارثه.
قوله: (وقُبِلَ عُذْرُ مَنْ أَسْلَمَ، وقَالَ أَسْلَمْتُ عَنْ ضِيقٍ إِنْ ظَهَرَ) يريد: أن من أسلم ثم ارتد، وقال: أنا (5) أسلمت لضيق علي (6)؛ فإنه يعذر بذلك إذا أظهر أنه ضيق عليه (7) بخوف أو حبس وشبهه، ورواه ابن القاسم عن مالك، وبه أخذ، وقال أشهب: لا يعذر بذلك، ويقتل وإن علم ذلك عن ضيق. أصبغ: وقول مالك أحب إليَّ، إلَّا أن يكون أقام على الإسلام بعد ذهاب الخوف، فهذا يقتل، وقاله ابن وهب إذا كان عن ضيق أو عذاب أو غرم (8). وفهم من قوله:(إذا ظهر): أنه لو لَمْ يظهر عذره لَمْ يسمع منه، وحكم فيه بحكم المرتد، وهو ظاهر.
قوله: (كَأَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى) أي: وكذا يقبل عذر الكافر إذا اظهر الإسلام وتوضأ وصلى، ثم قال: إنما فعلت ذلك خوفًا ونحوه، كأن يكون مع رفقة في السفر ونحوه، قاله في الموازية (9)، وروى ابن القاسم عن مالك مثله (10).
قوله: (وأَعَادَ مَأْمُومُهُ) هكذا قال مالك في الموازية، وقال سحنون: إذا كان في
(1) قوله: (بما أبداه بما أبداه من دعوى الرجوع عنه) زيادة من (ن).
(2)
قوله: (لما) في (ن): (كما).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1141.
(4)
قوله: (إذ ميراث) زيادة من (ن).
(5)
قوله: (أنا) في (ن): (إنما).
(6)
قوله: (لضيق عليه) في (ن 3): (لضير عليه).
(7)
في (ن 3): (ضير).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 493، والمنتقى: 7/ 322.
(9)
في (ن 3): (المدونة).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 493، والبيان والتحصيل: 16/ 433 و 434.
موضع يخاف فيه على نفسه، فدرأ عن نفسه وماله بذلك فلا شيء عليه، ويعيد القوم صلاتهم، وإن كان فيه (1) أمن فليعرض عليه الإسلام، فإن أسلم لَمْ تكن عليهم إعادة، وإن لَمْ يسلم قتل ويعيدون (2). وفي البيان عن مالك: لا يقتل بما أظهر من الصلوات، (3) وإن كان في موضع فيه أمن (4) ويجب عليه بذلك الأدب المؤلم، ولمطرف وعبد الملك (5): أن ذلك منه (6) إسلام؛ سواءً كان ذلك في موضع كان في أمن على نفسه أم لا (7).
قوله: (وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَدَ، وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ) المتيطي: من أجاب إلى الإسلام جملة وتشهد، وقف على شرائع الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج، فإن أجاب إلى ذلك تم إسلامه، وإن أبى لَمْ يقبل منه إسلام، ولم نكرهه على التزامها، ولا يجبر على الإسلام. ثم قال: وإن لَمْ يوقف عليها فالمشهور أنه يشدد (8) عليه ويؤدب، وقاله مالك وابن القاسم وابن عبد الحكم، وعليه العمل والقضاء، وإليه أشار بما ذكر. وقال أصبغ: سواء رجع عن إسلامه بالقرب أو بالبعد ولو طرفة عين إذا تلفظ بشهادة ثم رجع بالقرب (9) فإنه يقتل بعد استتابته (10)، ومعنى:(لَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ) أي: على شرائع الإسلام.
قوله: (كَسَاحِرٍ ذِمِّيٍّ، إِنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ) أي: فإنه يؤدب؛ إلا أن يدخل ضررًا على المسلمين بسحره؛ فإنه يقتل لنقض عهده، ولا تقبل منه توبة غير الإسلام، ونقله الباجي عن مالك، قال: وأما إن سحر أهل ذمته فليؤدب؛ إلَّا أن يقتل أحد فيقتل
(1) قوله: (على نفسه، فدرأ عن نفسه
…
القوم صلاتهم، وإن كان فيه) ساقط من (ن 5).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 492.
(3)
قوله: (وإن كان فيه أمن
…
لا يقتل بما ظهر من الصلوات) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 5):(فلا شيء عليه ويعيد القوم صلاتهم وإن كان بموضع فيه أمن).
(4)
قوله: (وإن كان في موضع فيه أمن) زيادة من (ن).
(5)
في (ن) و (ن 3): (عبد الحكم)، بدلًا من (عبد الملك).
(6)
قوله: (منه) زيادة من (ن).
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 427.
(8)
في (ن 3): (يشهد).
(9)
قوله: (بالقرب) زيادة من (ن).
(10)
انظر: التوضيح: 8/ 217.
به. وقال سحنون: أن الساحر من أهل الذِّمة يقتل إلَّا أن يسلم. (1). الباجي: وظاهره أنه يقتل على كلّ حال؛ إلَّا أن يسلم، بخلاف قول مالك أنه لا يقتل إلَّا أن يضر مسلما (2). ونقل ابن رشد قولًا أنه يقتل وإن أسلم (3).
قوله: (وَأَسْقَطَتْ صَلاةً، وصِيَامًا، وزَكَاةً (4)، وحَجًّا، تَقَدَّمَ) يريد: أن الردة تسقط عن المرتد ما فرط فيه من حقوق الله تعالى؛ كالصلاة، والصيام، والزكاة في حال الردة وقبلها؛ ولهذا لا يؤمر بالقضاء إذا تاب، وأما الحج فإنه يجب عليه، وإن كان قد حج؛ لأن الردة قد أسقطته، وهو المشهور. وقيل: لا يجب، وأما حقوق الآدميين فلا تسقط بالردة ويؤخذ بها.
قوله: (ونَذْرًا، وَيمِينًا بِالله، أَوْ بِعِتْقٍ، أَوْ بِظِهَارٍ، وإِحْصَانًا) أي: وقيد ابن الكاتب (5) العتق بغير المعين، قال: وأما المعين فقد انعقد عليه في ماله حق لمعين، فلا يسقط بالردة (6)، عياض: واختلف عن ابن القاسم في يمين الظهار عنه (7) عند محمد قال بعض شيوخنا: وكذا على لفظ الكتاب لو كان الظهار (8) قد حنث (9) فوجبت عليه الكفارة لأسقطها ارتداده، وتأول مسألة الكتاب على ذلك، بخلاف ما لو كان قد لزمه مجرد الظاهر (10) لَمْ يحنث فيه، فلا تسقط الردة، قال: ومثله في الوازية (11)، قال: وتسقط الظهار المنجز.
(1) انظر: المنتقى: 9/ 102.
(2)
انظر: المنتقى: 9/ 102.
(3)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 388.
(4)
قوله: (وزَكَاةً) ساقط من (ن 3).
(5)
قوله: (الكاتب) في (ن): (كنانة).
(6)
قوله: (أي: وقيد ابن الكاتب
…
حق لمعين، فلا يسقط بالردة) ساقط من (ن 3). وانظر: التوضيح: 8/ 227.
(7)
قوله: (عنه) ساقط من (ن).
(8)
في (ن 4): (الظاهر).
(9)
قوله: (فيه) ساقط من (ن).
(10)
في (ن) و (ن 4): (الظهار).
(11)
انظر: التوضيح: 8/ 226.
قوله: (وإحصانًا) يعني: وكذلك (1) تسقط الردة إحصان الزوجين؛ ولهذا قال (2) إذا زنيا بعد ارتدادهما يحدان حد البكر، وإن كان قد تقدم فيها (3) تزويج صحيح. وقيل: "لا تسقط فيرجمان. والأول هو المشهور.
قوله: (ووَصِيَّةً) أي: وكذا تسقط الردة وصية المرتد، يريد: سواء تقدم تقدمتها أو تأخرت عنها، وقاله في المدونة.
قوله: (لا طَلاقًا) أي: فإن الردة لا تسقطه؛ ولهذا إذا طلق زوجته ثلاثًا، ثم ارتد، ثم عاد إلى الإسلام؛ فإنه لا يجوز له تزويجها إلَّا بعد زوج، وحمل أكثرهم قول ابن القاسم على هذا (4)، وقال ابن زرب: مذهب ابن القاسم: أنَّها تسقط الطلاق (5) الثلاث، ويجوز للمطلق ثلاثًا قبل ارتداده تزويجها من غير زوج (6)، قاله بعض الأشياخ.
قوله: (رِدَّةُ مُحَلِّلٍ) يريد: أن ردة المحلل لا يبطل إحلال المرأة؛ لأن أثره (7) في المرأة.
قوله: (بِخِلافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ) أي: فإنها تبطل إحلالها، فإذا طلقها زوجها ثلاثًا، ثم تزوجت غيره، ثم ارتدت؛ فإن إحلالها يسقط، وتصير كأنها لَمْ تزوج بعد الطلاق الأول، فإذا تابت فليس له (8) أن ترد له إلَّا بعد زوج؛ لأنها أبطلت إحلالها، كما أبطلت نكاحها الذي أحصنها، وهذا هو المشهور. وقيل: إن إحلالها لا يسقط بردتها، فترد للأول من غير زوج.
قوله: (وأُقِرَّ كَافِرٌ انْتَقَلَ لِكُفْرٍ آخَرَ) يريد: أن الكافر إذا انتقل من كفر إلى كفر؛ كاليهودي يتنصر أو العكس؛ فإنه يقر على ذلك، ولا يعرض له؛ بناء على أن الكفر كله ملة واحدة، وهو المشهور، وقاله مالك (9)، وقيل: يقتل إلَّا أن يسلم. وحمل على القول
(1) قوله: (قال ومثله في الموازية
…
يعني وكذلك) ساقط من (ن).
(2)
قوله: (قال) زيادة من (ن).
(3)
قوله: (فيها) في (ن): (فيهما).
(4)
انظر: المدونة: 2/ 207.
(5)
قوله: (الطلاق) زيادة من (ن).
(6)
انظر: التوضيح: 8/ 228.
(7)
في (ن 3): (إرثه).
(8)
قوله: (له) في (ن): (لها).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 521.
الأول لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" على الدين المعتبر وهو الإسلام، وحمله في الثاني على عمومه.
(المتن)
وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ، كَأَنْ مَيَّزَ، إِلَّا الْمُرَاهِقَ، وَالْمَتْرُوكَ لَهَا، فَلَا يُجْبَرُ بقَتْلٍ، إِنِ امْتَنَعَ، وَيُوْقفُ إِرْثُهُ، وَبِإِسْلَامِ سَابِيهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ وَالْمُتَنَصِّرُ مِنْ كَأَسِيرٍ عَلَى الطَّوْعِ، إِنْ لَمْ يثْبُتْ إِكْرَاهُهُ
(الشرح)
قوله: (وَحُكِمَ بِإِسْلامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ بِإِسْلامِ أبِيهِ فَقَطْ كَأَنْ مَيَّزَ) يريد: أن الأب إذا أسلم، وله ولد لَمْ يميز، إما لصغر، أو لجنون؛ فإنه يحكم بإسلامه تبعًا لإسلام أبيه، ولا يحكم بإسلامه لإسلام غير الأب من أم ولا جد ولا أخ، ولا غيره وإليه أشار بقوله:(فقط)(1).
قوله: (كأن ميز) يعني: وكذلك يحكم بإسلام المميز أيضًا لإسلام أبيه، وهذا هو الأصح. ابن شاس (2): وهو ظاهر المذهب (3). ابن رشد: هو مشهور قول ابن القاسم (4). وقيل: يحكم بإسلامه وإن عقل، وأجاب إليه ما لَمْ يبلغ (5)، وهو قول ابن سحنون (6).
قوله: (إِلَّا الْمُرَاهِقَ، والْمَتْرُوكَ لها، فَلا يُجْبَرُ بِقَتْلٍ إِنِ امْتَنَعَ، ويُوْقَفُ إِرْثُهُ) قال في المدونة: ومن أسلم، وله ولد صغير (7) مراهق من أبناء ثلاثة عشر ونحو ذلك، ثم مات الأب، وقف ماله إلى بلوغ الولد، فإن أسلم، ورثه؛ وإلا لَمْ يرثه، وكان المال للمسلمين، ثم قال: ولو أسلم قبل احتلامه لَمْ يأخذ ماله حتى يحتلم؛ إذ لو رجع إلى النصرانية لما
(1) قوله: (وإليه أشار بقوله: فقط) زيادة من (ن).
(2)
قوله: (ابن شاس) في (ن): (ابن بشير).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 999.
(4)
قوله: (قوله: "كأن ميز" يعني: .. هو مشهور قول ابن القاسم) ساقط من (ن 3) و (ن 4)، وقوله:(وهو ظاهر المذهب. ابن رشد: هو مشهور قول ابن القاسم) ساقط من (ن).
(5)
قوله: (وَإن عقل، وأجاب إليه ما لَمْ يبلغ) ساقط من (ن 3).
(6)
قوله: (ابن سحنون) في (ن 5): (ابن القاسم وسحنون). وانظر: البيان والتحصيل: 2/ 164.
(7)
قوله: (صغير) زيادة من (ن).
أكره (1) على الإسلام، ولم يقتل (2).
قوله: (وَبِإِسْلامِ سَابِيهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ) يريد: أن المسلم إذا سبى صغيرًا أو مجنونًا من المشركين، وليس معه أبوه؛ فإنه يحكم بإسلامه تبعًا لإسلام سابيه.
قوله: (وَالْمَتنَصِّرُ مِنْ كَأَسِيرٍ عَلَى الطَّوْعِ، إِنْ لَمْ يَثْبُتْ إِكْرَاهُهُ) يريد: أن من تنصر من أسير ونحوه ممن دخل بلاد الحرب فإنه يحمل على أنه فعل ذلك اختيارًا منه؛ لأن أفعال المكلف محمولة على ذلك؛ إلَّا أن تقوم بينة على إكراهه، وهذا هو المشهور، وقيل: يحمل على إكراهه؛ لأنه الغالب من حال المسلم.
(المتن)
وَإِنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا، أَوْ عَرَّضَ، أَوْ لَعَنَهُ، أَوْ عَابَهُ، أَوْ قَذَفَهُ، أَوِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ، أَوْ غَيَّرَ صِفَتَهُ، أَوْ أَلْحَقَ بهِ نَقْصًا، وَإِنْ فِي بَدَنِهِ، أَوْ خَصْلَتِهِ، أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ، أَوْ وُفُورِ عِلْمِهِ، أَوْ زُهْدِهِ، أَوْ أَضَافَ إِلَيهِ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، أَوْ نَسَبَ إِلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ، أَوْ قِيلَ لَهُ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَعَنَ، وَقَالَ: أَرَدْتُ الْعَقْرَبَ؛ قُتِلَ، وَلَم يُسْتَتَبْ حَدًّا، إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ، وَإِنِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ لِجَهْلٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ تَهَوُّرٍ.
(الشرح)
قوله: (قُتِلَ) جوابًا عن قوله: (وإن سب نبيًّا، أو ملكًا. إلى آخره) ومراده: نبيًّا أو ملكًا متفق على نبوته أو كونه من الملائكة، ويدل عليه ما يقوله بعد هذا (3)، ولا فرق في الأمور التي توجب القتل بين التصريح والتعريض؛ ولهذا قال: وإن عرَّض، ولا امتراء في قتل من لعنه، أو عابه، أو قذفه، ونحو ذلك من الاستخفافات به، ومثل ذلك: ما إذا قال في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان أسود اللون، أو قصير القامة. قال أحمد بن سليمان: أو قال: إنه مات قبل أن يلتحي؛ فإنه يقتل (4). وعلل القتل فيه: بأن تغيير الصفة نفيٌ له (5) صلى الله
(1) قوله: (لما أكره) في (ن) و (ن 3): (لم يكره).
(2)
انظر: المدونة: 2/ 221.
(3)
قوله: (هذا) زيادة من (ن).
(4)
قوله: (فإنه يقتل) زيادة من (ن 3).
(5)
قوله: (نفيٌ له) يقابله في (ن 3) و (ن 4): (بقوله)، وهو تحريف، والصواب ما أثبتناه.
عليه وسلم وشرف وكرم وعظم (1).
وقوله: (أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا، وَإِنْ فِي بَدَنِهِ، أَوْ خَصْلَتِهِ) هو كقول ابن المرابط (2): أنه يقتل من نقصه بسهوٍ، أو نسيانٍ، أو سحرٍ، أو هزيمة بعض (3) جيوشه، أو شدة من زمانه (4)، أو الميل لبعض نسائه، ولا خفاء في قتل من (5) غض من مرتبته شيئًا، أو من وفور علمه أو زهده، وقد أفتى الأندلسيون، في علي بن حاتم بالقتل في نفيه الزهد عنه صلى الله عليه وسلم، وقاله سحنون، وابن أبي زيد، وأبو الحسن القابسي (6)، قال في الشفاء: عن ابن سليمان فيمن قيل له: بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: فعل الله برسول الله كذا وكذا، أو ذكر كلامًا قبيحًا، فقيل له: يا عدو الله ما تقول؟ ! ! ، فقال أشد من الأول، قال: أردت برسول الله العقرب، قال ابن سليمان: يقتل، ولا يقبل التأويل؛ لصراحة اللفظ (7). وإلى هذا أشار بما ذكر هنا؛ غير أنه أجحف في الاختصار، والمشهور: أن الساب لا يستتاب، ويقتل حدًا كما نبّه عليه. وقال ابن كنانة: يخير الإمام في قتل الساب المسلم أو صلبه حيًا (8).
قوله: (إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ) يريد: إذا سبَّ بغير ما به كفر، وقاله مالك، وابن القاسم، وسحنون، ولا يقال له: أسلم؛ ولكن إن أسلم فذلك توبته، وهذا هو المشهور (9)؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وقيل: لا بد من قتله وإن أسلم، قيل: لأن حق الآدمي لا يسقط بالتوبة والإسلام.
قوله: (وَإِنْ ظَهَرَ أنّه لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ؛ لِجهْلٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ تَهَورٍ) يشير بهذا إلى قول
(1) قوله: (بقوله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وعظم -) في (ن): (نفي له عليه السلام).
(2)
في (ن 3) و (ن 5): (ابن المبارك).
(3)
في (ن): (في).
(4)
قال في الشامل: (أو شدة من فاقة).
(5)
قوله: (ولا خفاء في قتل من) يقابله في (ن 3) و (ن 4): (ولا خلاف فيمن).
(6)
انظر: الشفا: 2/ 218، والذخيرة: 12/ 22 و 23.
(7)
انظر: الشفا: 2/ 217، والذخيرة: 12/ 22.
(8)
قوله: (وقال ابن كنانة: يخير الإمام في قتل الساب المسلم أو صلبه حيا) ساقط من (ن 3). وانظر: الذخيرة: 12/ 22.
(9)
انظر: الشفا: 2/ 264 و 302.
ابن المرابط؛ فإنه قال بإثر كلامه السابق: ومن لَمْ يقصد الازدراء، ولا.
يعتقده في تكلمه بالسب، أو باللعن، أو التكذيب، أو إضافة ما لا يجوز عليه، أو نفي ما يجب له مما هو نقص في حقه، وظهر عدم تعميده، وقصد السب إما لجهالة، أو ضجر، أو سكر، أو قلة ضبط لسان، وتهور في كلامه؛ فإنه يقتل، ولا يعذر أحد بجهالة في الكفر ولا في غيره وهو سليم العقل؛ إلَّا الإكراه (1). فقوله:(إِنْ ظَهَرَ أنَّه لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ) مبالغة في قتل الساب، أي: ولو ظهر من حاله ذلك لا يعذر به، وبقية كلامه واضح، وكله في الشفاء (2) وغيره.
(المتن)
وَفِيمَنْ قَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيهِ جَوَابًا لِصَلِّ، أَوْ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ، جَوَابًا لِتَتَّهِمُنِي، أَوْ جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَانِ. وَاسْتُتِيبَ فِي هُزِمَ، أَوْ أَعْلَنَ بتَكْذِيبِهِ، أَوْ تَنَبَّأَ، إِلَّا أَنْ يُسِرَّ عَلَى الَأَظْهَرِ، وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ، أَوْ لَوْ سَبَّنِي نبيك لَسَبَبْتُهُ، أَوْ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ عُيِّرَ بالْفَقْرِ فَقَالَ: تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ، أَوْ قَالَ لِغَضبَانَ: كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكَرٍ، أَوْ مَالِكٍ، أَوِ اسْتَشْهَدَ ببَعْضِ جَائِزٍ عَلَيهِ فِي الدُّنْيَا حُجَّةَ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ شَبَّهَ لِنَقْصٍ لَحِقَهُ لَا عَلَى التَّأَسِي، كَإِنْ كُذبْتُ فَقَدْ كُذِّبُوا، أَوْ لَعَنَ الْعَرَبَ، أَوْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ: أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ، وَشُدِّدَ عَلَيهِ فِي كُلِّ صَاحِب فُنْدُقٍ قَرْنَانُ، وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا.
(الشرح)
قوله: (وَفِيمَنْ قَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيهِ جَوَابًا لِصَلِّ، أَوْ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ، جَوَابًا لِتَتَّهِمُنِي، أَوْ جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَانِ) يريد: أن في كلّ فرع من هذه الفروع (3) الثلاثة قولين، وعن سحنون: إذا طلبه (4) دينه منه فأغضبه فقال له صلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقام الطالب فقال: لا صلى الله على من صلى عليه، أنه لا يكون كفرًا. وقال أصبغ: لا يقتل؛ لأنه إنما شتم الناس. وقال الحارث:
(1) انظر: الشفا: 2/ 231 و 232.
(2)
انظر: الشفا: 2/ 231 و 232.
(3)
قوله: (الفروع) زيادة من (ن).
(4)
قوله: (طلبه) في (ن): (طلب).
يقتل (1). وقال أبو الفرج (2): إذا قال له: أتتهمني، فقال: الأنبياء يتهمون، فكيف أنت؟ ! أنه يقتل؛ لشناعة ظاهر لفظه، وتوقف فيه ابن منصور؛ لاحتمال أن يكون خبرًا عن من اتهمهم من الكفار (3)، والقول بقتل من قال: جميع البشر يلحقهم النقص، حتى النبي صلى الله عليه وسلم. أظهر من عدمه.
قوله: (واسْتُتِيبَ فِي هُزِمَ) أي: فإن تاب وإلا قتل، وقاله ابن المرابط (4).
قوله: (أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ) أي: وكذا يستتاب من أعلن بتكذيبه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ردة، واحترز بالإعلان مما إذا أسر ذلك فإنه يكون زنديقًا لا تقبل توبته إلَّا أن يأتي تائبًا قبل الظهور.
قوله: (أَوْ تَنبَّأَ) أي: وكذا يستتاب من ادعى النبوة، وأنه يوحى إليه، فإن تاب وإلا قتل؛ لأنه مستلزم لتكذيبه صلى الله عليه وسلم إذ قال:"لا نبي بعدي"، وتكذيب القرآن لقوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].
قوله: (إِلَّا أَنْ يُسِرَّ عَلَى الأَظْهَرِ) أي: (فيكون زنديقًا، وهو اختيار ابن رشد (5)، ولهذا قال:(على الأظهر)، وفي النوادر: يقتل، سواء سر ذلك أو أعلنه (6).
قوله: (وأُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي: أَدِّ واشْكُ لِلنَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم، وقع هذا في عشار طلب من رجل (7) شيئًا يأخذه فقال له: أشكوك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال له العشار: أدِّ واشك للنبي صلى الله عليه وسلم. فأفتى بعضهم بالأدب كما قال هنا: وأفتى غيره بالقتل، ووافقه ابن عتاب على ذلك (8).
قوله: (ولَوْ سَبَّنِي نبيك لَسَبَبْتُهُ) أي: وكذا يؤدب في هذا، ويحتمل أن يقال
(1) انظر: المنتقى: 9/ 284.
(2)
في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (أبو جعفر).
(3)
انظر: الشفا: 2/ 237، والذخيرة: 12/ 24.
(4)
انظر: الشفا: 2/ 219، والذخيرة: 12/ 22.
(5)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 415.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 532.
(7)
قوله: (رجل) في (ن): (شخص).
(8)
انظر: مسائل ابن رشد: 1/ 274، والشفا: 2/ 217، والذخيرة: 12/ 22.
فيه بالقتل.
قوله: (أَوْ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ) أي: وكذا يؤدب في قوله لغيره، ابن أبي زيد: وكذلك قوله: يا ابن ألف خنزير. مع أنه يدخل في هذا العدد جماعة من آبائه أنبياء فيزجر عنه، قال: وإن علم أنه قصد الأنبياء قتل (1).
قوله: (أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ، فَقَالَ: تُعَيِّرُنِي بِهِ والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) هكذا قال في الشهادة (2) أنه يؤدب؛ لأنه عرض بذكره النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضعه، ولا ينبغي ذلك.
قوله: (أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ كَأَنَّه وَجْهُ مُنكَرٍ، أَوْ مَالِكٍ) قال القابسي (3): وإذا قال لقبيح الوجه: كأنه وجه منكر، أي: الملك الذي يسأل الميت في قبره، أو قال في عبوس الوجه كأنه وجه مالك، يريد: خازن النار أنه يؤدب لأنه قصد بالذم المخاطب، وإن أراد به كمالك يغضب لغضب الله فهو أخف أدبا (4).
قوله: (أَوِ اسْتَشْهَدَ ببَعْضِ جَائِزٍ عَلَيهِ فِي الدُّنْيَا حُجَّةً لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ تَشَبَّهَ لِنَقْصٍ لَحِقَهُ، لَا عَلَى الَتَّأَسِّي كَإِنْ كُذِّبْتُ فَقَدْ كُذِّبُوا، أَوْ لَعَنَ الْعَرَبَ، أَوْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ: أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ) أي: فإن لَمْ يذكر نقصًا ولا عيبًا، بل ذكر بعض أحواله صلى الله عليه وسلم حجة، ومثلا لنفسه أو لغيره لا على طريق التأسي؛ بل ليرفع له نفسه (5)؛ كقوله: إن قيل فيّ المكروه فقد قيل
(1) انظر: الشفا: 2/ 236، والذخيرة: 12/ 24.
(2)
في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (الشفاء).
(3)
في (ن) و (ن 5) و (ن 3): (ابن القابسي)، وفي (ن 4):(ابن القاسم).
(4)
انظر: الشفا: 2/ 242 و 243. وعبارته: (وسئل القابسي عن رجل قال لرجل قبيح كأنه وجه نكير، ولرجل عبوس كأنه وجه مالك الغضبان فقال أي شيء أراد بهذا ونكير أحد فتانى القبر وهما ملكان فما الذي أراد أروع دخل عليه حين رآه من وجهه أم عاف النظر إليه لدمامة خلقه فإن كان هذا فهو شديد لأنه جرى مجرى التحقير والتهوين فهو أشد عقوبة وليس فيه تصريح بالسب للملك وإنما السب واقع على المخاطب وفى الأدب بالسوط والسجن نكال للسفهاء، قال: (وأما ذاكر مالك خازن النار فقد جفا الذى ذكره عند ما أنكر حاله من عبوس الآخر إلَّا أن يكون المعبس له يد فيرهب بعبسته فيشبهه القائل على طريق الذم لهذا في فعليه ولزومه في ظلمه صفة مالك الملك المطيع لربه في فعله فيقول كأنه لله يغضب غضبه مالك فيكون أخف وما كان ينبغى له التعرض لمثل هذا ولو كان أثنى على العبوس بعبسته واحتج بصفة مالك كان أشد ويعاقب المعاقبة الشديدة وليس في هذا ذم للملك ولو قصد ذمه لقتل).
(5)
قوله: (أو قصد الهزل) زيادة من (ن).
في النبي صلى الله عليه وسلم، كيف أسلم من ألسنة الناس ولم يسلم الأنبياء، وإن كذبت فقد كذبوا، أو غير ذلك، فإنه يؤدب.
قوله: (أو لعن العرب أو بني هاشم، فقال: أردت الظالمين منهم) أي وكذلك يؤدب باجتهاد الحاكم من لعن أحد من العرب أو بني هاشم قاله ابن أبي زيد رحمه الله (1).
قوله: (وَشُدِّدَ عَلَيهِ فِي كُلِّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانُ، وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا) توقف القابسي في هذه المسألة وشدد القائل بها بالقيود، حتى يستفهم البينة عما يدلُّ على مقصوده، هل أراد أصحاب الفنادق الآن فليس فيهم نبي، فيكون أمره أخف؛ لأن ظاهر قوله (2) العموم، وفي متقدم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من اكتسب المال، فوقع التردد في ذلك (3).
(المتن)
وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَتِهِ عليه الصلاة والسلام فِي آبَائِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، كَأَنِ انْتَسَبَ لَهُ، أَوِ احْتَمَل قَوْلُهُ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ، أَوْ لَفِيفٌ أو عَاق عائق عَنِ الْقَتْلِ، أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أَوْ صَحَابِيًّا، وَسَبُّ اللَّهِ كَذَلِكَ، وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ، كَمَنْ قَالَ لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ.
(الشرح)
قوله: (وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي آبَائِهِ (4)؛ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) يريد: إذا نسب لأحد من ذريته صلى الله عليه وسلم قبيحًا من القول عالمًا؛ فإنه يؤدب باجتهاد الحاكم.
قوله: (كَأَنِ انْتَسَبَ لَهُ أوِ احْتَمَلَ قَوْلُهُ) أي: فإنه يؤدب؛ لأنه يشبه من نفا نسبه، ولا فرق بين أن يدعي ذلك صريحًا، أو احتمله قوله (5) كما ذكر.
قوله: (أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ، أَوْ لَفِيفٌ، أو عاق عائق عَنِ الْقتْلِ) أي: وكذا يؤدب الساب إذا لَمْ يكمل عليه نصاب البينة، إما بأن يشهد عليه عدل واحد، أو لفيف من الناس (6) ولم يزك منهم أحدًا، فحصل بسبب ذلك عائقًا عن القتل، وقد قال القاضي
(1) قوله: (أي وكذلك يؤدب باجتهاد الحاكم
…
قاله ابن أبي زيد رحمه الله) زيادة من (ن).
(2)
قوله: (قوله) في (ن): (لفظه).
(3)
انظر: الشفا: 2/ 235 و 236.
(4)
قوله: (في آبَائِهِ) ساقط من (ن).
(5)
قوله: (قوله) في (ن): (لفظه).
(6)
قوله: (إما بأن يشهد عليه عدل واحد أو لفيف من الناس) زيادة من (ن 5).
في هذا ونحوه فحقه إذا أدرأ عنه القتل الأدب الشديد (1).
قوله: (أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ) أي: وهكذا يؤدب إذا سب من وقع الخلاف في نبوته، يريد: بقدر حاله، والمقال فيه كالخضر، ولقمان، وذي القرنين، ومريم، وآسيا، وخالد بن سنان المقول فيه أنه نبي أهل الرس (2).
قوله: (أَوْ صَحَابيًّا) أي: وكذا يؤدب من سبّ صحابيًا، وهو واضح.
قوله: (وسَبَّ اللهِ كَذَلِكَ) أي: كما تقدم فيمن سبّه صلى الله عليه وسلم من القتل وغيره، وإليه أشار بقوله:(وفي اسْتِتَابَةِ الْمَسْلِمِ خِلافٌ (3) إلى ما وقع لأصحابنا في ذلك، فإن منهم من يقول: أن المشهور يستتاب؛ لأن ذلك منه كفر، وهو يسقط بالتوبة؛ بخلاف سب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه حق من حقوق الآدميين، وهو لا يسقط بالتوبة كالقذف والمال، ومنهم من يقول: الأكثر عدم استتابته.
قوله: (كمَنْ قَالَ لَقِيتُ في مَرَضِي. مَا لَو قتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ) يريد: أنه اختلف في قائل ذلك، فمن الأشياخ من قال: يقتل (4) ولا تقبل توبته؛ لأنه نسب الباري تعالى إلى الجور، وقيل: يبالغ في تنكيله؛ لأن مقصوده الشكوى لا السب.
* * *
(1) انظر: الشفا: 2/ 271.
(2)
في (ن 4): (الدين).
(3)
في (ن 3): (قولان).
(4)
قوله: (يقتل) زيادة من (ن 5).