المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام الزنا] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٥

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام الزنا]

‌بابٌ [في أحكام الزنا]

(المتن)

بابٌ الزِّنَا وَطْءُ مُسلِمٍ مُكَلَّفٍ فَرْجَ آدَمِي لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ متَعَمِّدًا، وَإِنْ لِوَاطًا، أَوْ إِتْيَانَ أَجْنَبِيةٍ بدُبُرٍ، أَوْ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوجٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، أَوْ مُسْتَأجَرَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ غَيرِهِ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ تُعْتَقُ، أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيتَهَا، أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ، أَوْ خَامِسَةٍ، أَوْ مَرْهُونَةٍ، أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ، أَوْ حَرْبيَّةٍ، أَوْ مَبْتُوتَةٍ وَإِنْ بِعِدَّةٍ. وَهَلْ وَإِنْ أَبَتَ فِي مَرَّةٍ؟ تَأْوِيلَانِ. أَوْ مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ مُعْتَقَةٍ بِلَا عَقْدٍ كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا أَوْ مَجْنُونٌ؛ بِخِلَافِ الصَّغير، إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ أَوِ الْحُكْمَ، إِنْ جَهِلَ مِثْلُهُ، إِلَّا الْوَاضِحَ، لَا مُسَاحَقَةٌ، وأُدِّبَتا اجْتِهَادًا كَبَهِيمَةٍ وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ وَالأَكْلِ.

(الشرح)

(الزِّنَا: وَطْءُ، مُسلِمٍ، مُكَلَّفٍ، فَرْجَ آدَمِي، لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، بِاتِّفَاقٍ، متَعَمِّدًا) حَدَّ الزنى رحمه الله بما ذكر، الوطء: كالجنس، ومكلف: فصل، خرج به وطء المجنون والصبي، فإنه لا يسمى زنا، واحترز بالمسلم من الكافر؛ لأنا (1) لا نعرض لهم في ذلك، إلَّا أن يتحاكموا إلينا، واحترز بالفرج من الوطء بين الفخذين ونحوه، ومن الآدمي من وطء البهيمة؛ فإنه لا يسمى زنا.

قوله: (لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ) احترز ممن وطؤها مباح له من زوجة أو أمة؛ ولكن امتنع وطؤها من حيض، أو نفاس، أو صيام، أو إحرام، أو نحو ذلك؛ فإنه إذا وطئها (2) كذلك لا يحد، واحترز بقوله:(بِاتِّفَاقٍ) من النِّكَاح المختلف فيه؛ كنكاح بلا ولي، واحترز بقوله:(متَعَمِّدًا) من الغالط والناسي، وكذلك الجاهل بالعين أو بالحكم إذا كان يظن بها ذلك - كما سيأتي -. واعترض على حده من وجوه مذكورة في الكبير.

قوله: (وَإِنْ لِوَاطًا) لأنه وطء في فرج آدمي، إلَّا أن حكمه مخالف لحكم الزنا - كما سيأتي -.

(1) قوله: (لأنا) في (ن): (فإنه).

(2)

قوله: (مباح له من زوجة

أو نحو ذلك، فإنه إذا وطئها) ساقط من (ن 3).

ص: 332

قوله: (أَوْ إِتْيَانَ أجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ) يريد: أن مذهب المدونة (1) والموازية والواضحة (2) أن هذا يسمى زني، ويجلد فيه البكر، ويرجم المحصن، وقال ابن القصار: هو لواط، وأنهما يرجمان (3).

قوله: (أَوْ مَيِّتَةٍ) هذا هو المشهور، وقال ابن شعبان: ولا يحد واطئ (4) ميتة، يريد: بل يعاقب (5).

قوله: وأشار بقوله: (غَيْرِ زَوْجٍ) إلى أن الزوج إذا فعل ذلك من زوجته فلا يحد.

عياض: وإليه ذهب أكثر المحققين من أصحابنا.

قوله: (أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا) هذا مذهب المدونة (6)، واحترز به عن من لا يمكن وطؤها، فإن واطئها (7) لا يحد، ومثله عن أشهب، وقال ابن (8) القاسم (9): يحد، وإن كانت بنت خمس سنين (10).

قوله: (أَوْ مُسْتَأجَرَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ) يريد: أنه إذا (11) استأجر أمة (12) للوطء أو غيره ثم وطئها؛ فإنه يحد، ولا يكون عقد الإجارة شبهة.

قوله: (أَوْ مَمْلُوكَةٍ تَعْتِقُ) أي: وكذلك يحد إذا وطئ مملوكة تعتق عليه إذا ملكها كالأمهات وإن علون، وأمهات الآباء (13) والبنات وإن سفلن، والأخوات من كلّ

(1) انظر: المدونة: 4/ 485.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 14/ 268.

(3)

انظر: المنتقى: 9/ 150.

(4)

في (ن 3): (وطء).

(5)

انظر: التوضيح: 8/ 233.

(6)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 408.

(7)

في (ن 3): (وطئها).

(8)

في (ن 3) و (ن 5): (ابن القاسم).

(9)

في (ن 4): (ابن القصار).

(10)

انظر: الذخيرة: 12/ 48، ولباب اللباب، ص:361.

(11)

قوله: (أنه إذا) يقابله في (ن): (أن من).

(12)

في (ن 3): (امرأة).

(13)

في (ن 4): (الأبناء).

ص: 333

جهة، محمد:(1) إذا أتى ذلك عالمًا (2)، اللخمي: يريد: وهو من أهل الاجتهاد، ورأى (3) أنَّها حرة بنفس الشراء، وإن كان رأيه عدم العتق أو هو مقلد لمن لا يرى (4) العتق لَمْ يحد (5)، وكان الشيخ رحمه الله أشار إلى قول محمد وتقييد اللخمي بقوله:(أَوْ يَعْلَمُ (6) حُرِّيَّتَهَا).

قوله: (أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ) كالبنت ينكحها بعد الدخول بأمها فإنه يحد، وكذلك (7) إذا وطئ خامسة وهو مذهب المدونة (8)، وقيل: لا يحد. وإلى الأول أشار بقوله: (أَوْ خَامِسَةٍ)، وأما قوله:(أَوْ مَرْهُونَةٍ) فهي باعتبار الحد أوضح من غيرها.

قوله: (أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ) المشهور في ذات المغنم أن يحد واطئها كما قال، إلَّا أن مراده بها الجارية التي له فيها نصيب بأنها له حلال، وقال عبد الملك لا يحد في التي له فيها نصيب (9).

قوله: (أَوْ حَرْبيَّةٍ أَوْ مَبْتُوتَةٍ) يريد: إذا وطئها في أرض الإسلام وقد دخلت بنفسها، وكذلك في أرض الحرب عند ابن القاسم خلافًا لعبد الملك (10). بعض الأشياخ: ولا خلاف أنه إذا خرج بها إلى أرض الإسلام ثم وطئها أنه لا يحد؛ لأنَّها الآن ملكها، وظاهر قوله:(أَوْ مَبْتُوتَةٍ) سواء كان بلفظ البتة أو الثلاث، وسواء كان الثلاث طلقات

(1) قوله: (محمد) ساقط من (ن 4).

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 16/ 309، ولم يذكر فيه نسبته إلى محمد؛ وإن كان الظاهر أنه من قول ابن القاسم. والله أعلم.

(3)

في (ن 4): (وروى).

(4)

قوله: (لا يرى) في (ن 5): (يرى).

(5)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:6283.

(6)

في (ن 5): (ويعلم).

(7)

قوله: (يحد) زيادة من (ن).

(8)

انظر: المدونة: 4/ 477.

(9)

قوله: (إلَّا أن مراده بها الجارية التي له

التي له فيها نصيب) في (ن 4): (لأن مراده بها الجارية التي فيها نصيبا)، وقوله:(بأنها له حلال وقال عبد الملك لا يحد في التي له فيها نصيب) ساقط من (ن).

وانظر: الكافي: 1/ 473، وعقد الجواهر: 1/ 320.

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 14/ 267، والمنتقى: 9/ 157، والذخيرة: 12/ 49، وعقد الجواهر: 3/ 1147.

ص: 334

مفترقة أو مجتمعات، وهو ظاهر المدونة (1)، فإذا أبت (2) زوجته على هذه الأوجه ثم وطئ فإنه يحد، ولو في عدتها، كما قال هنا: وإن بعدة .. وقال أصبغ: لا يحد في البتة ولو كان عالمًا؛ لقوة الخلاف هل هي واحدة أم لا (3)، وتأول عبد الحق الثلاث على أنَّها مفترقات، قال: وأما إن كانت في لفظ واحد (4) فلا يحد عالمًا أو جاهلًا؛ للاختلاف فيها. وقال غيره: ظاهر المدونة خلافًا لهذا التأويل، وأنه لا فرق بين اجتماعهما وافتراقهما؛ لضعف القول بإلزام الواحدة، وإلى هذين التأويلين أشار بقوله:(أو أبت في مرّة) تأويلان، ثم قال:(أو مطلقة قبل البناء) أي: يطأها بعد الطلاق؛ فإنه يحد، قاله في المدونة (5)؛ إلَّا أن يعذر فيها (6) بجهل، وقيد (7) فيها الطلاق (8) بكونه واحدة، ومثله في الحد من أعتق أمة ثم وطئها، ولهذا قال: أو معتقة.

قوله: (بِلا عَقْدِ) هو قيد في مسألتي الطلاق والعتق.

قوله: (كأن يطأها مملوكها) هكذا قال محمد، أن المرأة إذا مكنت من نفسها مملوكها حتى وطئها فإنها تحد، وكذلك إذا مكنت مجنونًا فوطئها، وإليه أشار بقوله:(أَوْ مَجْنُونًا)، وقال:(بِخِلافِ الصَّغير) أي: لا تحد بوطئه؛ إذ لا يحصل لها معه من اللذة ما يحصل من غيره، وإليه أشار بقوله:(بخلاف الصغير).

قوله (9): (إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ) أي: عين الموطوءة، يريد: المسائل كلها، فإنه لا حد، مثل أن يظن أن الموطوءة زوجته أو أمته.

قوله: (أَوِ الْحُكْمَ، إِنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أي: وكذلك لا حد عليه إذا قام على ذلك جاهلًا

(1) انظر: المدونة: 4/ 477.

(2)

قوله: (أبت) في (ن): (بت).

(3)

انظر: التوضيح: 8/ 239.

(4)

قوله: (لفظ واحد) في (ن): (واحدة).

(5)

انظر: المدونة: 4/ 481.

(6)

قوله: (فيها) زيادة من (ن).

(7)

في (ن 5): (وقيل).

(8)

قوله: (وقيل: (فيها الطلاق) في (ن 5): (وقيد فيها الإطلاق).

(9)

قوله: (بخلاف الصغير). قوله) ساقط من (ن).

ص: 335

بالتحريم إذا كان مثله يجهل ذلك كالأعجمي (1) وشبهه، ثم استثنى من هذه ما إذا كان الزنى واضحًا جليًا؛ فإنه يحد ولا يعذر، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة (2)، وإليه أشار بقوله:(إِلَّا الْوَاضِحَ)، وقال أصبغ: يعذر، ولا يحد (3)، اللخمي: والأول أشهر، والثاني أقيس (4).

قوله: (لا مُسَاحَقَةٌ) فإنها لا تحد، المراد بذلك: ما يفعله شرار النساء بعضهن لبعض، ومذهب ابن القاسم في المدونة أن الأدب موكول إلَّا اجتهاد الحاكم (5)، ولهذا قال هنا (وأُدِّبَتا اجْتِهَادًا)، وقال أصبغ (6): تجلد كلّ واحدة منهن خمسين جلدة (7)، والأول أظهر؛ لأن الوطء إنما يصدق على الإيلاج، ولا إيلاج هنا.

قوله: (كَبَهِيمَةٍ) أي: فإنه لا حد على وطئها، إذ لَمْ يشمله التعريف الذي ذكره، وإنما يلزمه الأدب، وقد روى الترمذي أنه قال صلى الله عليه وسلم:"من أتى بهيمة فلا حد عليه"، وقال ابن شعبان: يحد، نظرًا إلَّا أنه قد أتى فرجًا مشتهًا (8).

قوله: (وهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ والأَكْلِ) هذا مما لا خلاف فيه عندنا.

(المتن)

وَمَنْ حَرُمَ لِعَارِضٍ كَحَائِضٍ، أَوْ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَا تَعْتِقُ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ بِنْاتٍ عَلَى أُمٍّ، لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ عَلَى أُخْتِهَا، وَهَلْ إِلَّا أُخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ تَأْوِيلَانِ. وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ، وَقُوِّمَتْ وَإِنْ أَبَيَا، أَوْ مُكْرَهَةٍ أَوْ مَبِيعَةٍ بِغَلَاءٍ عَلَى الأَظْهَرُ، كَأنِ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ، وَنكَلَ الْبَائِعُ، وَحَلَفَ الْوَاطِئُ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ، وَالأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ وَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً؛ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقًا، أَوْ يَهْرُبَ، وَإِنْ فِي الْحَدِّ وَبِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا، وَبِحَمْلٍ

(1) في (ن 3) و (ن 5): (كالأعمى).

(2)

انظر: المدونة: 4/ 508.

(3)

انظر: الذخيرة: 12/ 49.

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:6165.

(5)

انظر: إرشاد السالك، ص: 194، وتبصرة الحكام: 2/ 174.

(6)

قوله: (أصبغ) ساقط من (ن 4).

(7)

انظر: إرشاد السالك، ص: 194، وتبصرة الحكام: 2/ 174.

(8)

انظر: التوضيح: 8/ 234.

ص: 336

فِي غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ، وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ.

(الشرح)

قوله: (ومَنْ حَرُمَ لِعَارِضٍ كَحَائِضٍ) أي: وكذا لا يحد من وطئ امرأة هي حلال له في الأصل؛ كزوجته أو أمته، إلَّا أنه منع منها لعارض كحيض أو نفاس أو صيام أو إحرام أو نحو ذلك، ولكن يؤدب.

قوله: (أَوْ مُشْتَرِكَةٍ) أي: وكذلك لا حد على من وطئ أمة مشتركة بينه وبين غيره للشبهة، ويؤدب لأنه تعدى على شريكه.

قوله: (أَوْ مُعْتَدَّةٍ) يريد: أن من له أمة متزوجة للغير، ثم طلقها زوجها، وأخذت في العدة، ثم وطئها السيد في أثناء العدة؛ فإنه لا حد عليه؛ ولكن عليه الأدب (1).

قوله: (أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَا تَعْتِقُ) أي: وكذا لا يحد إذا وطئ مملوكته التي لا تعتق عليه، إلَّا أنَّها محرمة عليه نسبًا كعمته وخالته، ويؤدب.

قوله: (أَوْ بِنْاتٍ عَلَى أُمٍّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ عَلَى أُخْتِهَا، وهَلْ إِلَّا أُخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ تَأْوِيلانِ) أي: وكذا لا يحد إذا نكح الابنة على أمها ووطئها قبل الدخول على الأم؛ ولكن يؤدب، وهذا الخلاف ما إذا وطئ البنت بعد دخوله بالأم؛ فإنه يحد، وكذا إذا تزوج امرأة على أختها، يريد: أو عمتها أو خالتها ووطئها، واختلف هل الأخت مطلقًا من الرضاع والنسب، وإليه ذهب التونسي ومثله عن أصبغ (2)، والأخت من الرضاع، وأما الأخت من النسب فيحد إذا وطئها لتحريمها بالكتاب، وإليه ذهب بعض الشيوخ، وهما تأويلان على المدونة (3)، وإليه أشار بقوله:(وهَلْ إِلَّا أخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ تَأوِيلانِ (4)).

قوله: (وكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةِ، وقُوِّمَتْ عليه) أي: وكذا إلا يحد من وطئ أمة حللها له سيدها؛ لأن له فيها شبهة ملك بالتحليل، وسواء كان عالمًا بالتحريم (5) أو جاهلًا؛

(1) قوله: قوله: "أَوْ مُعْتَدَّةٍ" يريد: أن

لا حد عليه، ولكن عليه الأدب) ساقط من (ن 3) و (ن 5)، وفي (ن):(قوله أَوْ مُعْتَدَّةٍ) أي: اشتراها وهي في العدة أو تزوجها في عدة من غيره).

(2)

انظر: التوضيح: 8/ 236.

(3)

انظر: المدونة: 4/ 477.

(4)

قوله: (وإليه أشار بقوله

لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَاب؟ تَأْوِيلانِ.) ساقط من (ن) و (ن 4).

(5)

قوله: (بالتحريم) زيادة من (ن).

ص: 337

لقول من أجاز ذلك وهو عطاء، وقال الأبهري: يحد العالم (1)؛ لأنه زان، وإنما قومت عليه لتكمل له الشبهة، ويقدر أنه إنما وطئ ملكه، ويلزمه قيمتها وإن (2) لَمْ تحمل، وليس لربها التمسك بها بعد الوطء، وقاله في المدونة (3)؛ ولهذا قال:(وَإِنْ أَبَيَا).

قوله: (أَوْ مُكْرَهَةٍ) لا خلاف أن المكرهة لا تحد؛ لنفي التعمد عنها.

قوله: (أَوْ مَبِيعَةٍ بِغَلاءٍ) أي: وكذا لا تحد المرأة الحرة (4) إذا أقرت أنَّها ملك العزيز فباعها لأجل غلاء حصل لهما، ولو (5) وطئها مشتريها؛ لأنَّها معذورة لشدة الجوع والحرج (6)، ورواه ابن القاسم عن مالك، وأخذ به، وقال أصبغ: لا تعذر بها وتحد (7).

قوله: (عَلَى الأَظْهَرُ كَأنِ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ، وَنَكَلَ الْبَائِعُ، وَحَلَفَ الْوَاطِئُ) يعني: أن من وطئ أمة، وادعى أنه اشتراها، وأنكر سيدها البيع، وتوجهت اليمين (8) على الواطيّ، فحلف، أنه لا حد عليه؛ لأنه تبين أنه وطئها وهي على ملكه، وهو قول ابن القاسم في المدونة (9)، واختاره ابن رشد كما أشار إليه، وقال أشهب: إن كانت بيده فلا حد، ولحقه الولد وإلا حد، ولم يلحقه الولد، ويحلف سيدها ويأخذها في الوجهين (10)، وقيمة الولد في الأول والولد في الثاني تمامه فإن نكل عن اليمين حلف الواطيء وكانت له أم ولد بإقراره، وأما الولد فلا يلحق به؛ لأنه حد في وطء جاء منه هذا الولد وليس له أن يسترق الولد ولا يسترق أمه فيبيعهم لإقراره أنهم ولده وأنهم أحرار. قال وجدتهما بظاهر الحكم ولم يسقط عنه الحر لنكول السيد عن اليمين؛ لأنه له صدقه لَمْ يزل عنهما الحر لكن تصير له الأمة وولدها بالنكول انتهى (11).

(1) انظر: التوضيح: 8/ 236.

(2)

في (ن 3): (إن).

(3)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 473.

(4)

قوله: (الحرة) ساقط من (ن 3) و (ن 3).

(5)

قوله: (ولو) في (ن): (و).

(6)

قوله: (والحرج) زيادة من (ن).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 14/ 263.

(8)

في (ن 4): (البينة).

(9)

انظر: المدونة: 4/ 478.

(10)

انظر: الذخيرة: 12/ 51.

(11)

قوله: (تمامه فإن نكل عن اليمين

الأمة وولدها بالنكول انتهى) زيادة من (ن).

ص: 338

قوله: (وَالْمَخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ، وَالأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ) اختلف فيمن أكره على الزني، فالذي عليه المحققون سقوط الحد عنه، وهو اختيار اللخمي (1)، وابن رشد (2)، وابن العربي (3)، وذكر عياض أن امصر أهل المذهب على خلاف (4) هذا (5)، كما قال هنا.

وقال ابن القصار (6): إن انتشر حد؛ وإلا فلا (7).

قوله: (وثبُتَ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً) يريد: أن الزنى يثبت بالإقرار مرّة واحدة، ولا يحتاج عندنا إلى أربع مرات، خلافًا لأبي حنيفة وأحمد، لحديث ماعز بن مالك، والجواب عنه مذكور في الكبير.

قوله: (إِلَّا أَنْ يَرْجعَ مُطْلَقًا) أي: إلَّا أن يرجع عن إقرا ره، فإنه يقبل ولا يحد، وسواء رجع إلى ما يعذر به، أو لكذب نفسه من غير أن يبدي عذرًا، وهو قول ابن القاسم، وابن وهب، وابن عبد الحكم (8)، وإليه أشار بالإطلاق، وقال أشهب: لا يعذر بتكذيب نفسه؛ بل بأمر يعذر به، وروي هذا عن مالك، وبه أخذ عبد الملك (9).

قوله: (أَوْ يَهْربَ، وَإِنْ فِي الحْدِّ) أي: وكذا لا يقام عليه الحد، ويكف عنه إذا هرب في أثناء الحد، وقد هرب ماعز لما رجم فاتبعوه، فقال صلى الله عليه وسلم:"هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه"، وهذا قول جماعة العلماء، وهو قول ابن القاسم (10)، ولا فرق عليه بين أن يقوم عليه أكثر الحد أو أقله، وروي عن مالك أنه إن أقيم عليه أكثر الحد كمل عليه؛ لأن رجوعه يعد ندمًا) (11).

(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص:6163.

(2)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 353.

(3)

انظر: أحكام القرآن: 3/ 135.

(4)

قوله: (على خلاف) ساقط من (ن 4).

(5)

انظر: التوضيح: 8/ 238.

(6)

في (ن 5): (ابن القطان)، وفي (ن):(ابن العطار).

(7)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 1148.

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 14/ 248.

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 14/ 248.

(10)

انظر: التمهيد: 12/ 112 و 113، والاستذكار: 7/ 503.

(11)

انظر: التمهيد: 12/ 112 و 113، والاستذكار: 7/ 503.

ص: 339

قوله: (وبِالْبَيِّنةِ) أي: وكذا يثبت الزنى بالبينة، وقد تقدم أن شرطها أربعة عدول يشهدون أنهم رأوا فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة في وقت واحد وصفة واحدة.

قوله: (ولا يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أربع نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا) يريد: أن العدول إذا شهدوا على امرأة بالزنى فقالت: أنَّها (1) بكر. ينظر إليها أربع نسوة، وصدقنها على ذلك فلا يسقط الحد عنها، وهي مذهب المدونة، ورأى (2) اللخمي سقوطه للشبهة، والإمكان صدقها؛ بأن ينظر إليها من النساء ما يقع بقولهن العلم.

قوله: (أَوْ بِحَمْلٍ فِي غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ، وذَاتِ سيِّد مُقِرٍّ بِهِ) أي: وكذا يثبت الزنى بالحمل، وهو أظهر من الوجهين الذين قبله، ولا يكون موجبًا لإقامة الحد إلَّا بشرط: ألا يعرف للمشهود عليها زوج، وأما ذات زوج فلا، وكذا الأمة ذات السيد لا تحد لظهور الحمل إلَّا إذا أنكر سيدها الوطء، وليس لها زوج، وأما لو كان السيد (3) مقرًا بالوطء، أو كان لها زوج فلا تحد، ورأى اللخمي: لا تحد، ولو أنكر السيد الوطء إذا ادعته للشبهة.

قوله: (وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ) أي: فإن ادعت المرأة التي ظهر حملها أنَّها غصبت فإنها تحد، ولا يقبل دعواها إلَّا بقرينة تدل على صدقها، كما لو جاءت تدمي، أو مستغيثة عند النازلة، وهذا هو المشهور، ورأى (4) اللخمي قبول قولها؛ وإن لَمْ تقم قرينة على صدقها؛ لاحتمال أن تكون غصبت وكتمت ذلك رجاء ألا يكون حمل، وشرط في ذلك: كون المرأة معروفة بالخير، لَمْ يطعن (5) فيها بشيء (6).

(المتن)

يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، إِنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ صَحَّ بِحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ بداية الْبَيِّنَةِ، ثُمَّ الإِمَامُ، كَلَائِطٍ مُطْلَقًا وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ. وَجُلِدَ الْبِكْرُ الْحُرُّ مِائَةً، وَتَشَطَّرَ للرِّقٍّ وَإِنْ قَلَّ، وَتَحَصَّنَ كُلٌّ دُونَ صَاحِبِهِ بِالعِتْقِ

(1) قوله: (أنَّها) في (ن): (أنا).

(2)

في (ن 3) و (ن 4): (وروى).

(3)

قوله: (لا تحد لظهور الحمل

السيد) ساقط من (ن 3) وقوله: (السيد) في (ن 4): (الزوج).

(4)

في (ن 4): (روى).

(5)

في (ن 3): (يطمع).

(6)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:6207.

ص: 340

وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ. وَغُرِّبَ الْحُرُّ الذَّكَرُ فَقَطْ عَامًا، وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ. وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَفَدَكٍ، وَخَيْبَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَيُسْجَنُ سَنَةً. وَإِنْ عَادَ أُخْرِجَ ثَانِيَةً. وَتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ، وَبِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ، وَأَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَالسَّيِّدُ؛ إِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ.

(الشرح)

قوله: (يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، إِنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ صَحِّ) اعلم أن أنواع الحد ثلاثة: رجم، وجلد مع تغريب، وجلد منفرد. وقد بدأ بالكلام على الرجم، وشرط في مستحقه: التكليف، وليس خاصًا في هذا، بل هو شرط في الثلاثة الأنواع، فلا يحد المجنون والصبي، ولو كان مراهقًا على المشهور، وأما الحرية والإسلام فتعم (1)، فلا رجم على عبدٍ ولا كافرٍ. واختلف هل مجد الكافر حد البكر؟ وإليه ذهب المغيرة، أو لا يحد ويعاقب إذا زنى بمسلمة؟ وهو المشهور. والضمير في:(بعدهن) عائد على التكليف، والحرية، والإسلام. أي: لا يرجم إلَّا إذا حصل وطء (2) بعد حصولهن، واتصافه بهن، أما لو زنى قبلهن ثم أخذ بعدهن فلا عبرة بهن. والباء في (بنكاح) تحتمل السببية، والمعنى: أنه يرجم إذا أصاب بعدهن بسبب حصول النِّكَاح اللازم الصحيح، أو مع النِّكَاح الصحيح اللازم؛ . واحترز بالنِّكَاح من وطء الملك؛ إذ لا يحصل به إحصان، وباللازم من نكاح العبد المتعدي ونكاح ذي العيب، واحترز بكونه (3) صحيحًا من النِّكَاح الفاسد إذا كان يفسخ قبل البناء، وإن كان مما يفسخ بعده فهو كالإحلال.

قوله: (بحِجَارَةٍ، مُعْتَدِلَةٍ) أي: يرجم بحجارة معتدلة (4) فلا يرجم بحجارة عظام، خشية التعذيب وهو المشهور، وقال ابن شعبان: يرجم بأكبر حجر يقدر الرامي على حمله، ويتقى الفرج والوجه (5).

قوله: (ولم يعرف بداية البينة ثم الإمام) هكذا قال في المدونة، أن مالك لا يعرف أن

(1) في (ن): (فنعم).

(2)

قوله: (حصل وطء) يقابله في (ن): (وطئ).

(3)

في (ن 4): (بقوله).

(4)

قوله: (أي: يرجم بحجارة معتدلة) ساقط من (ن 4).

(5)

انظر: التوضيح: 8/ 253.

ص: 341

البينة تبدأ بالرجم، ثم الإمام، ثم الناس، وفي الإقرار والحمل يبدأ الإمام بل يأمر (1) كسائر الحدود.

قوله: (كلائط مطلقًا وإن عبدين أو كافرين) يريد: أن اللائط حكمه الرجم مطلقًا، أي: أحصنا أو لَمْ يحصنا، وكذلك العبد والكافر، وقال أشهب: يجلد العبد أربعين (2)، ويؤدب الكافر (3).

قوله: (وجلد البكر الحر مائةً) هكذا ورد في حديث العسيف، وعلى البكر جلد مائة أي لأنه بكر حر (4)، واحترز بالبكر من الثيب؛ فإنه يرجم كما سبق. وبالحر من العبد؛ فإنه يجلد خمسين.

قوله (5): (وتشطر للرق وإِن قل) وهو عام في الذكر والأنثى؛ لقوله تعالى: (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)، والعبد مقيس على الأمة.

وقوله: (وإِن قل) أي: وإن قل جزء رقه، كمن لَمْ يبق منه رقيقا إلَّا ربعه أو ثمنه ونحو ذلك، وكذا من فيه شائبة كأم الولد، والكاتب، والمدبر، والمعتق إلى أجل.

قوله: (وتحصن كلّ دون صاحبه بالعتق والوطء، بعده) يعني: أنه إذا أعتق أحد الزوجين ونكاحهما صحيح ثم وطئ بعد العتق فإنه مِحصل له الإحصان دون الآخر الذي لَمْ يعتق. (6).

قوله: (وَغُرِّبَ الذَّكَرُ الْحُرُّ فَقَطْ) قد تقدم أن الحد يتنوع إلى ثلاثة أنواع، وإن هذا النوع الثالث، واحترز بالذكر من الأنثي، وبالحر من العبد؛ فإنهما لا يغريان؛ ولهذا قال:(فَقَطْ).

قوله: (عَامًا) هكذا في الحديث.

قوله: (وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) يريد: أن أجر حمل الزاني في

(1) قوله: (بل يأمر) زيادة من (ن).

(2)

في (ن) و (ن 5): (خمسين).

(3)

انظر: المنتقى: 9/ 149.

(4)

قوله: (أي لأنه بكر حر) زيادة من (ن).

(5)

قوله: قوله) في (ن): (وقد أشار إليه بقوله).

(6)

قوله: قوله: (ولم يعرف بداية

دون الآخر الذي لَمْ يعتق) ساقط من (ن 4).

ص: 342

تغريبه عليه من ماله، فإن لَمْ يكن له مال (1) فأجر حمله من بيت المال، وقاله أصبغ وابن المواز.

قوله: (كَفَدَكٍ، وخَيْبرَ مِنَ الْمَدِينَةِ) فدك: - بالدال المهملة - اسم قرية بخيبر، وقال عياض: مدينة بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاث مراحل (2). وروي أنه صلى الله عليه وسلم نفى إلى خيبر، ونفى عليٌّ من الكوفة إلى البصرة، وعن مالك ينفي من مصر إلى الحجاز، وقال ابن القاسم ينفي (3) من مصر إلى أسوان (4) ودون (5) منها (6).

قوله: (فَيُسْجَنَ سَنَةً) أي: في البلد الذي نفي إليه.

قوله: (وَإِنْ عَادَ خَرَجَ ثَانِيةً) أي: فإن تمت (7) له سنة ورد إلى مكانه ثم عاد إلى الزنى ثانية فإنه يجلد (8)، ويخرج أيضًا فيغرب سنة، ويحتمل أن يريد: فلو عاد إلى بلده قبل تمام السنة فإنه يخرج ثانية حتى يكمل السنة.

قوله: (وتؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ) أي: تؤخر للاستبراء حيضة؛ خشية أن يكون بها حمل، واحترز بالمزوجة من غيرها؛ فإنها لا تؤخر، وهذا كله في الرجم.

قوله: (وبِالجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ) أي: ينظر في الجلد اعتدال الهواء (9)، فلا يجلد في الحر والبرد المفرطين خشية الهلاك، ونص مالك في البرد، وألحق به ابن القاسم في المدونة الحر إذا كان يعرف خوفه (10)، وفي الموازية: لا يؤخر للحر نظرًا إلى أنه غير متلف (11).

قوله: (وَأَقَامَهُ الحْاكِمُ والسَّيِّدُ إِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِغيْرِ مِلْكِهِ) يريد: أن الذي يقيم الحد على

(1) قوله: (فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) يريد

فإن لَمْ يكن له مال) ساقط من (ن 3).

(2)

انظر: مشارق الأنوار: 2/ 167.

(3)

قوله: (ينفي) زيادة من (ن).

(4)

في (ن 4): (أسواق).

(5)

في (ن): (وأدون).

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 14/ 236، والمنتقى: 9/ 142.

(7)

قوله: (تمت) في (ن): (مضت).

(8)

في (ن 4): (يجد).

(9)

قوله: (ينظر في الجلد اعتدال الهواء) ساقط من (ن).

(10)

انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 294.

(11)

انظر: التوضيح: 8/ 255.

ص: 343

الزاني هو الحاكم في الأحرار والعبيد (1)، وكذلك السيد في أمته وعبده، واحترز بقوله (2):(إِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ) مما إذا كان العبد أو الأمة كلّ واحد منهما متزوج بملك السيد، فإن السيد هو الذي يقيم عليهما الحد، وأشار بقوله:(بِغَيْرِ عِلْمِهِ) إلى أن السيد ليس له أن يقيم الحد على رقيقه بعلمه، وهو مذهب المدونة (3)، وقيل: له ذلك، وهما روايتان.

(المتن)

وَإِنْ أَنْكَرَتِ الْوَطْءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ فَالْحَدُّ، وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بهِ، أَوْ يُولَدْ لَهُ. وَأُوِّلًا عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ فِي الأُولَى فَقَطْ، أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ، أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ تَأْوِيلَاتٌ. فإِنْ قَالَتْ: زَنَيْتُ مَعَهُ، فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدًا فِي بَيْتٍ وَأَقَرَّا بِهِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ أَوِ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ أو وَلِيُّهَا وَقَالَا: لَمْ نُشْهِدْ حُدَّا.

(الشرح)

قوله: (وَإِنْ أَنْكَرَتِ الْوَطْءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَخَالَفَهَا (4) الزَّوْجُ فَالْحَدُّ، وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بهِ، أَوْ يُولَدْ لَهُ. وَأُوِّلًا عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ فِي الأُولَى فَقَطْ أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ، أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ تَأْوِيلَاتٌ) هاتان المسألتان في المدونة، قال في النِّكَاح: ومن أقامت مع زوجها عشرين (5) سنة، ثم وجدت تزني، ثم قالت: لَمْ يكن الزوج جامعني، والزوج مقر بالجماع؛ فهي محصنة، والحد واجب، لا يزيله إنكارها، وفي كتاب الرجم: ومن تزوج امرأة، وتقادم مكثه معها بعد الدخول بها، فشهدت عليه (6) بالزني، فقال: ما جامعتها منذ دخلت عليها، فإن لَمْ يعلم (7) وطأه بولد يظهر أو بإقرار لَمْ يرجم (8)، وقد تتازع الأشياخ فيهما، وذهب سحنون وغيره إلى أنهما متعارضتان

(1) قوله: (والعبيد) زيادة من (ن).

(2)

في (ن 5): (بكونه).

(3)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 421.

(4)

في (ن 4): (خالعها).

(5)

قوله: (عشرين) ساقط من (ن 3).

(6)

قوله: (فشهدت عليه) في (ن 5): (فشهد عليها).

(7)

في (ن) و (ن 5): (يتبين).

(8)

انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 236.

ص: 344

إذ قُبِل قول الزوج (1) دون المرأة (2)، واختلف هل تقييد مسألة النِّكَاح بما في الرجم ويطرح ما في النِّكَاح، وهو رأي يحيى بن عمر (3) أو بالعكس وهو رأي سحنون، وحملها اللخمي (4) وابن رشد على الخلاف، وإل جميع هذا أشار بقوله:(وأُوِّلًا عَلَى الْخِلَافِ) وذهب جماعة إلى التوفيق بينهما، ولهم في كيفية التوفيق أوجه، منها: أنه إنما قبل قول الزوج؛ لأن الزوجة لَمْ تدع عليهأنه وطئها، ولم يقبل قول الزوجة؛ لأن الزوج خالفها، وأقر بجماعها، وإليه أشار بقوله بخلاف الزوج في الأولى، يريد: مسألة الزوج فقط، أي: وأما مسألة الزوجة فلم يقع فيها خلاف له من الزوجة، ولو وقع ذلك لاتفقت المسألتان في عدم القبول، كاتفاقهما في القبول لو وافقها الزوج في الأولى، ومنها: أن الزوج في الغالب إذا عرض له ما يمنعه من الوطء فإنه يخفيه، ويسكت عنه بخلاف الزوجة، فإن العادة إظهار ذلك من جهتها وإليه أشار بقوله:(أو لأنه يسكت)(5)، ورد: بأنه لو لَمْ يكن وطئها لَمْ تسكت. ومنها: أن الطول الذي قُبِل فيه قول الزوج لَمْ يبلغ عشرين سنة ونحوها، ولو بلغ ذلك لَمْ يقبل قوله كالزوجة، وإليه أشار بقوله:(أَوْ لأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ سنة).

قوله: (فإِنْ قَالَتْ زَنَيْتُ مَعَهُ، فَادَّعَى الْوَطْءَ والزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدَا، في بَيْتٍ وأَقَرَّا بِهِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ أَوِ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ أو وَلِيُّهَا (6) وَقَالَا: لَمْ نُشْهِدْ حُدَّا) أي: (في المسائل الثلاث، وقد نص على ذلك كله في المدونة، ولفظه فيها: وإن قالت: زنيت مع هذا، وقال: هي زوجتي، أو وُجِدَا في بيت فأقر بالوطء، وادعيا النِّكَاح، ولم يأتيا ببينة، حُدَّا (7)؛ لأن الأصل عدم السبب المبيح. وفيها أيضًا: وإن ادعى نكاحها، فصدقته هي ووليها (8)،

(1) في (ن 3): (الرجل).

(2)

انظر: التوضيح: 8/ 249.

(3)

انظر: النكت والفروق: 2/ 286، والمنتقى: 5/ 138.

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:6171.

(5)

قوله: (وإليه أشار بقوله أو لأنه يسكت) زيادة من (ن).

(6)

قوله: (أو وَليّهَا) في (ن 5): (وليها).

(7)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 508.

(8)

في (ن) و (ن 3): (أو وليها).

ص: 345

وقالوا: عقدنا، ولم نشهد ونحن نشهد الآن؛ حُدَّا الرجل والمرأة؛ إلَّا ببينة غير الولي للتهمة، وإن جُلِدَا استأنف (1) النِّكَاح بعد الاستبراء (2)، وقيد بعض الشيوخ قوله:(إذا وُجِدَا في بيت) بالبَلَدِيَّيْن، وأما الطارئين فلا حد عليهما؛ إذ لَمْ يكذبهما العرف في ذلك.

قوله: (ولم يأتيَا ببينة تشهد لهما (3)) أي: على العقد (4)، يريد: ولم يحصل فشو (5) يقوم مقامها. ابن القاسم (6): ويأتنفان نكاحًا جديدًا بعد الاستبراء (7). قال: وسواء وُجِدَا في بيت أو في طريق، وأسقط عبدُ الملك الحدَّ عنهما وإن كانا بلديين (8).

* * *

(1) في (ن) و (ن 5): (انتفى).

(2)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 466 و 467.

(3)

قوله: (تشهد لهما) سالم من (ن) و (ن 3) و (ن 5).

(4)

قوله: (أي: على العقد) ساقط من (ن) و (ن 5).

(5)

في (ن 3): (شيء).

(6)

قوله: (ابن القاسم) ساقط من (ن 3).

(7)

انظر: تهذيب المدونة: 4/ 467.

(8)

انظر: التوضيح: 8/ 243، وعنده:(وإن كان غريبين)، ولم أجد نسبته إلى عبد الملك في غيره. كما أرى تعارضًا بين قول ابن بهرام وما جاء في التوضيح، فلتنظر المسألة. والله أعلم.

ص: 346