الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ [في أحكام السرقة]
(المتن)
بَابٌ تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ، إِلَّا لِشَلَلٍ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الأَصَابع، فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَمَحَيَ لِيَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَدُهُ، ثُمَّ رِجْلُهُ، ثُمَّ عُزِّرَ وَحُبِسَ، وإِنْ تَعَمَّدَ إِمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلا فَالْقَوَدُ، وَالْحَدُّ بَاقٍ، وَخَطَأً أَجْزَأَ، فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، بِسَرِقَةِ طِفْلٍ مِنْ حِرزِ مِثْلِهِ، أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ، أَوْ مَا يُسَاوِيهَا بِالْبَلَدِ شَرْعًا، وإِنْ كَمَاءٍ أَوْ جَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ، أَوْ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، إِنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابًا، أَوْ ظُنَّا فُلُوسًا، أَوِ الثَّوْبَ فَارِغًا، أَوْ شَرِكَةِ صَبِي، لا أَبٍ، وَلا طَيْرٍ لإِجَابَتِهِ، وَلا إِنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ، أَوِ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ إِن اسْتَقَلَّ كُلٌّ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابٌ، مِلْكِ غَيْره، وَلَوْ كَذبَهُ رَبُّهُ، أَوْ أُخِذَ لَيْلًا وَادَّعَى الإِرْسَال، وَصُدِّقَ إِنْ أَشْبَهَ، لا مِلْكِهِ مِنْ مُرهونٍ وَمُسْتَأجِرٍ، كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، مُحْتَرَمٍ، لا خَمْرٍ، وَطُنْبُور، إِلا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِه نِصَابًا، وَلا كَلْبٍ مُطْلَقًا،
(الشرح)
(تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وتُحْسَمُ بِالنَارِ) هذا باب السرقة، والأصل فيه قوله تعالى:(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)، وفي الحديث:"لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده" وفي كلامه حذف، أي: تقطع يد السارق اليمنى، ويحسم موضع القطع منها (1) بالنار.
ابن يونس: وقاله مالك (2)، وجاء في الحديث:"اقطعوه واحسموه".
قوله: (إِلا لِشَلَلٍ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الأَصَابع، فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) اختلف قول (3) مالك وأصحابه في يمين السارق إذا كانت شلاء، فعنه: أن الرجل اليسرى تقطع، وهو المشهور، وتوقف مرة فقال (4): اليد اليسرى تقطع (5)، وقال أبو مصعب (6): تقطع اليد
(1) قوله: (موضع القطع منها) ساقط من (ن).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 442.
(3)
قوله: (قول) زيادة من (ن).
(4)
قوله: (فقال) في (ن): (وقيل: تقطع).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 445، والمنتقى: 9/ 199 و 210.
(6)
قوله: (أبو مصعب) في (ن): (أصبغ).
الشلاء، ونحوه عن ابن وهب (1).
وحكى عنه (2) ابن شعبان أنها تقطع، وإن كانت لا ينتفع بها، وأما قطع أصابعها فإن ذهب منها أصبع واحد قطعت، وثلاثة أصابع لا تقطع، واختلف في ذهاب أصبعين، فقيل: تقطع، وهو ظاهر كلامه، إذ اشترطه في الانتقال ذهاب أكثر أصابعها، وفي كتاب المدنيين: إن ذهب منها الأكثر لم تقطع، وإن ذهب منها الأقل قطعت.
قوله: (ومُحِيَ ليَده الْيُسْرَى) ظاهره: أن مالكا كان يقول أولا: إذا كانت اليمنى شلاء قطعت يده اليسرى، ثم رجع، وقال: تقطع رجله اليسرى، وليس كذلك، ويحتمل أن تكون اللام في (ليده) للتعليل، ويكون المعنى: ومحي لمالك القول بالقطع في الرجل اليسرى لأجل اليد اليسرى، أي: لاختياره القطع فيها، وهذا يوافق كلامه في المدونة (3)، وقال في التهذيب: وإن سرق ولا يمين له، أو له يمين شلاء قطعت رجله اليسرى، قاله مالك، ثم عرضها عليه فمحاها، وقال: تقطع يده اليسرى. ابن القاسم: وقوله في الرجل أحب إليّ وبه آخذ (4). فالذي نقله الشيخ في الرجل اليسرى هو الذي رجع عنه مالك؛ إلا أنه مختار ابن القاسم (5)، وقد تقدم أن مسائل المحو الواقعة في المدونة أربع: هذه، ومسألة الأضحية، ومسألة النذر، وهو ما إذا حلف ألا يكسو زوجته، فافتك (6) لها ثيابا (7) من الرهن، ونكاح المريض. والمحو: هو الرجوع عن الشيء وإبطال حكمه.
قوله: (ثم يَدُهُ، ثُم رِجْلهُ) أي: فإن سرق بعد ان قطعت رجله اليسرى انتقل الحكم في القطع إلى يده اليسرى، وإن سرق أيضًا فرجله اليمنى، وبالجملة فالسارق وإن كانت أعضاؤه الأربعة سليمة بدئ باليمنى، ثم الرجل اليسرى ثم اليد اليسرى ثم الرجل
(1) انظر: المنتقى: 9/ 199 و 200، وعقد الجواهر: 3/ 1171.
(2)
في (ن 4): (عن).
(3)
انظر: المدونة: 4/ 543.
(4)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 441 و 442.
(5)
انظر: المدونة: 4/ 543 و 544.
(6)
في (ن 3): (فاهتدى).
(7)
قوله: (ثيابا) في (ن): (ثيابها).
اليمنى، وقيل: يبدأ باليسرى، واختلف هل تليها الرجل اليسرى، وهو الظاهر، أو اليمنى كما سيأتي.
قوله: (ثُمَّ عُزِّرَ وحُبِسَ) أي: فإن سرق بعد أن انقطعت أطرافه الأربعة عزر وحبس؛ لينكف أذاه عن الناس، والمشهور أنه لا يقتل خلافًا لأبي مصعب (1).
قوله: (وإنْ تَعَمَّدَ إِمَامٌ، أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلا، فَالْقَوْدُ، والْحدُّ بَاقٍ) يريد: أن الإمام إذا أمر الجلاد أن يقطع أولًا يد السارق اليسرى (2) مع علمه بأن القطع لليمنى أو أمر باليمنى (3) فتعمد الجلاد اليسرى مع علمه بمخالفة ذلك، فالواجب للسارق على الإمام أو الجلاد القود، أي: القصاص، ويبقى السارق (4) مطلوبًا بالحد للسرقة، فتقطع يده اليمنى.
قوله: (وخَطَأً أَجْزَأَ) أي: وإن وقع القطع في اليد اليسرى خطأً (5) من الجلاد أو غيره أجزأ، ولا تقطع اليمنى، وقاله في المدونة (6)، وهو المشهور، وقال فيها: ولا شيء على القاطع (7)، وقال: ابن الماجشون: ليس خطأ الإمام أو القاطع بما يزيل القطع من اليد اليمنى التي أمر الله بقطعها، وليقطع اليمنى ويكون عقل اليسرى في مال الإمام خاصة إذا كان هو المخطئ، أو في مال القاطع دون عاقلته إذا كان هو المخطئ، أو في مال المسروق منه إذا قطع يسراه دون إذن الإمام، وهو مروي عن مالك وإليه رجع (8).
قوله: (فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى) أي: وإذا قلنا بالإجزاء على المشهور فسرق مرة أخرى فإن رجله اليمنى تقطع بعد ذلك، وهو مذهب ابن القاسم، وقال ابن نافع: تقطع الرجل اليسرى (9).
(1) انظر: النوادر والزيادات: 14/ 442.
(2)
قوله: (اليسرى) ساقط من (ن 5).
(3)
قوله: (أو أمر باليمنى) ساقط من (ن 3).
(4)
قوله: (السارق) ساقط من (ن).
(5)
في (ن 4): (غلطًا).
(6)
انظر: المدونة: 4/ 544.
(7)
انظر: المدونة: 4/ 544.
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 444.
(9)
انظر: المنتقى: 9/ 199.
قوله: (بِسَرِقَةِ طِفْلٍ) هكذا متعلق بقوله: (تُقْطَعُ الْيُمْنَى) أي: تقطع اليمنى إلى آخره، أي: بسرقة طفل، يريد: أو ربع دينار أو ثلاثة دراهم كما سيذكره، ونبه بقوله:(طِفْلٍ) على أن السرقة لا تختص بالمال، قال في المدونة: ومن سرق صبيًا حرًّا (1) أو عبدًا من حرزه قطع، وإن كان عبدًا كبيرًا فصيحًا لم يقطع، وإن كان أعجميًا قطع (2)، وقال ابن الماجشون: لا يقطع سارق الطفل (3)، وقال أشهب: إن كان الصبي لا يعقل نفسه (4) والأعجمي الكبير لا يفهم (5) ما يراد به قطع، وإن كان الصبي يعقل فلا قطع فيه، وكذلك الأعجمي الكبير (6). الباجي (7): وحرز الصبي أن يكون بدار أهله، رواه ابن وهب عن مالك. محمد (8): وكذلك إذا كان معه من يخدمه ويحفظه (9)، وإليه أشار بقوله:(مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ).
قوله: (أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلاثَةِ دَرَاهِمَ خالصة أو ما يساويها بالبلد) هذا معطوف على قوله: (بسرقة طفل) أي: ومما تقطع فيه السارق أيضًا بسرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم (10) إلى آخره، فلابد من قطعه بسرقة المقدار المذكور، ثم نبه على أن المسروق إن كان عينًا فحده من الذهب ربع دينار فصاعدًا، وإن كان فضة فثلاثة دراهم فأكثر، وإن نقصًا عن ذلك فلا قطع، وإن كان غير عينٍ فإن ساوى ثلاثة (11) دراهم فصاعدًا (12)
(1) قوله: (حرا) ساقط من (ن 4).
(2)
انظر: المدونة: 4/ 538.
(3)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 236.
(4)
قوله: (نفسه) في (ن): (نسبه).
(5)
في (ن 3): (يعلم).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 397.
(7)
قوله: (الباجي) ساقط من (ن 3).
(8)
قوله: (محمد) ساقط من (ن 3).
(9)
انظر: المنتقى: 9/ 217.
(10)
قوله: (خالصة أو ما يساويها
…
أو ثلاثة دراهم) ساقط من (ن 4).
(11)
قوله: (عين فإن ساوى ثلاثة) ساقط من (ن 4).
(12)
قوله: (فصاعدًا) زيادة من (ن 5).
قطع (1)، وإن لم يساوِ من الذهب ربع دينار، وإن سرق ربع دينار ولم يساو ثلاث دراهم لم يقطع، وإنما تقوَّم الأشياء كلها بالدراهم، فاعتبر في التقويم (2) الدراهم دون الذهب مطلقًا (3)، وهو قول أكثر الأشياخ، قاله عياض، وقال ابن عبد الحكم: إنما التقويم بالذهب. وقال الأبهري وعبد الوهاب وجماعة من البغداديين والمغاربة: يقوم بالغالب منهما، وحملوا ما في المدونة على أن التعامل كان عندهم بالدراهم، وإن كان بهما جميعًا فبأكثرهما كسائر التقويمات (4)، انظر الكبير. وإنما اشترط كون الدراهم خالصة إحترازًا من المغشوش بالنحاس؛ فإنه لا يقطع في ثلاثة دراهم من ذلك. ابن رشد: إلا أن يكون نحاسًا تافها (5) لا قدر له (6).
قوله": (شَرْعًا) إشارة إلى أنه لا يعتبر في التقويم إلا المنفعة الشرعية من المسروق، فإن سرق حماما عرف بالسبق (7) أو طائرًا عرف بالإجابة إذا ادعى (8) قوم ذلك على أنه ليس فيه ذلك ولا سبق له مما (9) هو للعب والباطل، وقاله في الجواهر (10).
قوله: (وإنْ كَمَاءٍ) أي: أو حطب ونحوه، وقال في الموازية: يقطع في كل شيء حتى الماء إذا أحرز للوضوء أو شرب أو غيره، وكذا الحطب والكلأ وشبهه إذا بلغ نصابًا وسرق من حرزه (11)، وإنما نبه على ذلك على مذهب الغير أنه لا قطع (12) في الماء
(1) زاد بعده في (ن 4): (وإلا لم يقطع، وهو المشهور، وقاله في المدونة، قال فيها: وإن سرق عرض قيمته ثلاثة دراهم قطع).
(2)
قوله: (الذهب ربع دينار
…
فاعتبر في التقويم) ساقط من (ن 3).
(3)
قوله: (مطلقا) ساقط من (ن 3). وانظر: المدونة: 4/ 526 و 527.
(4)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 329، والذخيرة: 12/ 145.
(5)
قوله: (أن يكون نحاسا تافها) في (ن 3): (نحاسات فيها)، وفي (ن 4):(نحاسًا مما).
(6)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 329.
(7)
في (ن 4): (السوق).
(8)
قوله: (ادعى) في (ن): (دعي).
(9)
قوله: (إذا ادعى قوم
…
ولا سبق له مما) في (ن 3): (فادعى المسروق منه تقويم ذلك على أن فيه ذلك فلا كلام له إذ لا شيء له فيما).
(10)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1160.
(11)
انظر: المنتقى: 9/ 180.
(12)
قوله: (قطع) في (ن): (يقطع).
والحطب ونحوهما.
قوله: (أَوْ جَارح لِتَعْلِيمِهِ) أي: وكذا يقطع من سرق ما يساوي ثلاثة دراهم، ولو كان جارحًا ليعلمه (1)، يعني: ولو كان لا يساوي ذلك إلا لما فيه من التعليم. ابن شاس: وينظر إلى قيمته على ما فيه من ذلك (2)، وقال أشهب: يقوم ذلك كله بغير تعليم كان بازيًا معلمًا أو غيره، وهو نحو قول مالك في قتل (3) المحرم إياه (4)، ونحوه في كتاب ابن يونس.
قوله: (أَوْ جِلْده بَعْدَ ذَبْحِهِ) أي: وكذا يقطع سارق ما لا يؤكل لحمه من السباع إذا كان جلده بعد ذبحه يساو ثلاثة دراهم (5)، قال في المدونة: لأن لصاحبه بيع جلد (6) ما زكي منها، والصلاة عليها وإن لم تدبغ (7).
قوله: (أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، إِنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابا) أي: وكذلك يقطع من سرق جلد ميتة مدبوغ بشرط أن يكون الدبغ زاده نصابًا. أبو عمران: يقول (8) ما قيمته أن لو كان يباع للانتفاع به، وما قيمته (9) مدبوغًا؟ فما زاد إن كان مقدار ثلاثة دراهم قطع (10). وظاهر المدونة (11)، ونقله (12) الباجي: إنما ينظر في ذلك إلى قيمة الصنعة، فإن كان نصابًا قطع وإلا فلا (13)، وكلام أبي عمران موافق لما هنا، وقيل: لا يقطع (14) سارقه
(1) قوله: (ليعلمه) في (ن): (لتعليمه).
(2)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1161.
(3)
قوله: (قتل) في (ن): (مثل).
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 395.
(5)
قوله: (ولو كان جارحًا ليعلمه
…
يساو ثلاثة دراهم) ساقط من (ن 3).
(6)
قوله: (جلد) ساقط من (ن 4).
(7)
انظر: المدونة: 4/ 536، وتهذيب المدونة: 4/ 438.
(8)
قوله: (يقول) في (ن): (يقال).
(9)
قوله: (إن لو كان يباع للانتفاع به وما قيمته) ساقط من (ن 4).
(10)
انظر: التوضيح: 8/ 287.
(11)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 438.
(12)
قوله: (المدونة، ونقله) ساقط من (ن 5).
(13)
انظر: المنتقى: 9/ 179.
(14)
قوله: (لا يقطع) في (ن 4): (يقطع).
بناء على أن بيعه لا يجوز ولو دبغ، وما لا يباع لا يقطع سارقه، والأول المشهور.
قوله: (أوْ ظنا فُلُوسًا، أَوِ الثوْبَ فَارِغًا)، (ظنا) أي: الثلاثة دراهم أو الربع دينار أو الذهب والفضة، يريد: أن من سرق نصابًا من الذهب أو الفضة وظن ذلك فلوسًا أو سرق ثوبًا يظنه فارغًا فإذا فيه نصاب فإنه يقطع، ولا عبرة بظنه، وقيد في المدونة الثوب بأن لا يكون قيمته نصابًا (1)، وقيده اللخمي بأن لا يكون خلقًا، فإن كان خلقًا أو ادعى أنه لا يعلم بما فيه فذلك شبهة، يحلف ويدرأ عنه القطع، أخذه ليلًا أو نهارًا (2)، انظر الكبير.
قوله: (أَوْ شَرِكَةِ صَبِي) يريد: أن المكلف إذا اشترك مع صبي أو مجنون في سرقة فإنه يقطع دونهما ولا عبرة بشركتهما.
قوله: (لا أَبٍ، ولا طَيرٍ لإِجَابتِهِ) يعني: أنه من اشترك مع أب فإنه لا يقطع (3)، يريد: أن (4) رب المال لأجل الشبهة، والحد يدرأ بالشبهة، وكذا لا يقطع من سرق طيرًا من طيور الإجابة كالبلابل والعصافير التي تدعى فتجيب إذا كانت لا تساوي ربع دينار إلا بما فيها من المنفعة الفاسدة، فإن كان لحمها يساوي ثلاثة دراهم قطع.
قوله: (ولا أن تكمل بمرار في ليلة) يريد: أن السارق إذا دخل الحرز مرارًا، وفي كل مرة يخرج منه (5) دون النصاب إلا أنه يكمل له النصاب خارجه؛ فإنه لا يقطع؛ ولو كان في ليلة، يريد: أو يوم، وهو قول ابن القاسم، وقال سحنون: يقطع (6) إذا سرق النصاب وإن لم يكمله (7) في فور واحد، وهذا من وجه الحيلة والتسبب إلى أخذ أموال الناس (8)، ونقل اللخمي عن مالك من رواية أشهب مثله، ونصه: ومن قول مالك في السارق يأتي
(1) انظر: المدونة: 4/ 538.
(2)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6058.
(3)
قوله: (لا يقطع) في (ن 3): (يقطع).
(4)
قوله: (أن) في (ن): (أب).
(5)
قوله: (يخرج منه) في (ن 4): (منها).
(6)
قوله: (يقطع) ساقط من (ن 4).
(7)
قوله: (وإن لم يكمله) ساقط من (ن) و (ن 5).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 389.
البيت فيه القمح، فيسرق منه، وينقله بنفسه قليلًا قليلًا ما لا يقطع فيه مرة واحدة، قال: أرى عليه القطع (1).
قوله: (أَوِ اشْتَرَكا فِي حَمْلٍ، إِنِ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، ولم يَنُبهُ نِصَابٌ) أي: وكذا إذا اشترك اثنان في حمل نصاب أخرجاه من الحرز فلا قطع عليهما إذا كان كل منهما قادرًا على الاستقلال (2) بإخراجه وحده احترازًا مما إذا لم يقدر على ذلك فإنهما يقطعان، وهذا إذا لم ينب كل منهما نصابًا كاملًا فلو ناب كل واحد منهما نصاب كامل (3) قطعا، فلا إشكال، وقد حكاه بعضهم فيما إذا اشتركا في نصاب ثلاثة أقوال: القطع، وعدمه، والقول الثالث الذي ذكره هنا، وهو مذهب المدونة.
قوله: (مِلْكِ غَيْره) أي: يشترط في المسروق الذي يقطع فيه أن يكون مملوكًا لغير السارق. واحترز بذلك مما إذا سرق مالَه المودع له أو المرهون له عند غيره والمستأجِر كذلك.
قوله: (ولَوْ كَذبَهُ رَبُّهُ) يريد: أن السارق إذا أقر بالسرقة وكذبه المسروق منه فإنه يقطع ولا يفيده تكذيب ربه لإقراره على نفسه بالسرقة.
قوله: (أَوْ أُخِذَ لَيْلًا وادعَى الإِرْسَالَ، وصُدِّقَ إِنْ أَشْبَهَ) يشير إلى قوله في المدونة: قال مالك: ومن سرق متاعًا لرجل وقال رب المتاع أرسلني فليقطع، وإن صدقه ربه أنه بعثه كان معه في البلد أو لم يكن، وإن أخذ في جوف الليل ومعه متاع، فقال: فلان أرسلني إلى منزله فأخذت منه هذا المتاع، فإن عرف منه إليه انقطاع وأشبه ما قال، لم يقطع، وإلا قطع، ولم يصدق (4)، ومراده بقوله (أشبه ما قال) (5): أي دخل من مدخل الناس، وخرج من مخرجهم في وقت يشبه، وإن لم يدخل من مدخل الناس ولا خرج من مخرجهم ولا أشبه ما قال، فإنه يقطع. عياض: وقيل: معناه أنه سرق وأخذه (6) خفية
(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص: 6058 و 6059.
(2)
في (ن 4): (استقلال).
(3)
قوله: (كامل) زيادة من (ن 3).
(4)
انظر: المدونة: 4/ 527.
(5)
قوله: (أشبه ما قال) يقابله في (ن 3): (إن أشبه).
(6)
في (ن 4): (واحدة).
ونحوه في الموازية (1)، وقيل: لا يقطع إن صدقه أنه أرسله للشبهة.
قوله: (لا مِلْكِهِ مِنْ مَرْهونِ ومُسْتَأْجِرِ كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ) لما كان شرط المسروق أن يكون مملوكا لغير السارق أخرج منه هذه المسائل الثلاثة، وهي: ما إذا رهن له متاعًا عند شخص أو آجره له، ثم سرقه فإنه لا يقطع، وكذلك إذا أخذ المال فمات المسروق منه (2) قبل خروجه من الحرز (3) فورثه، وهو مراده بقوله له كملكه قبل خروجه، واحترز به مما إذا خرج به ثم ورثه (4) فإنه يقطع؛ لأن الحد (5) قد ترتب عليه فلا مدفع (6) عنه بملكه للمسروق.
قوله: (مُحْتَرَمٍ، لا خَمْرٍ، وَطُنْبُورٍ) أي: ومما يشترط في المسروق أن يكون ملكه (7) محترمًا، فلذلك لا قطع على من سرق خمرا، ولا خنزيرًا، ولا طنبورا لعدم حرمة (8) هذه الأشياء؛ إذ لا يجوز بيعها ولا ملكها، وفي المدونة (9): لا قطع فيها، ولو سرقها لذمي غير أن عليه (10) قيمتها (11)، ومثل الطنبور المزمار والعود والصلبان والصور المحرمة.
قوله: (إِلا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِه نِصَابا) أي: فيقطع وهو راجع إلى الطنبور فقط، ويقاس عليه نظائره.
قوله: (وَلا كَلْب مُطْلَقا) أي: مأذونًا في اتخاذه أم لا، وهو مذهب المدونة (12).
وقال أشهب: يقطع في المأذون (13).
(1) في (ن 4): (المدونة).
(2)
قوله: (فمات المسروق منه) ساقط في (ن)، في (ن 4):(وقتل).
(3)
قوله: (من الحرز) يقابله في (ن 5): (به).
(4)
قوله: (ورثه) يقابله في (ن): (ملكه بالإرث).
(5)
في (ن): (الحق).
(6)
في (ن): (يرتفع).
(7)
في (ن): (تملكه).
(8)
في (ن): (احترام).
(9)
قوله: (وفي المدونة) يقابله في (ن): (وقال في المدونة).
(10)
قوله: (غير أن عليه) يقابله في (ن 5): (غرم).
(11)
انظر: المدونة: 4/ 536.
(12)
انظر: المدونة: 4/ 536 و 537.
(13)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 395.
(المتن)
وَأُضْحِيةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا، بِخِلافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ، تَامِّ الْمِلْكِ، لا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مَالِ شَرِكَةٍ، إِنْ حُجِبَ عَنْهُ، وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا، لا الْجَد وَلَوْ لِأُم، وَلا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ لِحَقهِ، مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ، بِأنْ لا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ هُوَ، أَوِ ابْتَلَعَ دراهمِ، أَوِ ادَّهَنَ بِمَا يُحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ، أوْ أَشارَ إِلَى شَاةٍ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ، أَوِ اللَّحْدَ أوِ الْخِبَاءَ، أَوْ مَا فِيهِ، أَوْ فِي حَانُوتٍ، أَوْ فِنَائِهِمَا، أَوْ مَحْمَلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَإِنْ غِيبَ عَنْهُن، أَوْ بِجَرِينٍ، أَوْ سَاحَةِ دَارٍ لِأَجْنَبِي إنْ حُجِرَ عَلَيهِ، كَالسَّفِينَةِ، أَوْ خَانِ لِلأَثْقَالِ، أَوْ زَوْج فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ، أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْرٍ، أَوْ بَحْرٍ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَن، أَوْ سَفِينَةٍ بِمَرْسَاةٍ، أَوْ كُلِّ شَيءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ مَطْمَرٍ قَرُبَ، أَوْ قِطَارٍ وَنَحْوِهِ،
(الشرح)
قوله: (وأُضْحِيةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا) احترز بالبعدية (1) مما إذا سرقت (2) قبل الذبح، فإن سارقها يقطع باتفاق، وما ذكر (3) من عدم القطع هو قول ابن حبيب (4)؛ لأنها بعد الذبح لا تباع. قيل: وهو الجاري على قول ابن القاسم في الكلب (5)، وقال أشهب في الموازية: يقطع (6).
قوله: (بخِلافِ لحمِهَا مِنْ فَقِيرٍ) أي: يقطع إذا سرقه من الفقير، ولا خلاف فيه، قاله في الجواهر (7).
قوله: (تَامِّ المِلْكِ، لا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) من شروط المسروق أيضًا أن يكون تام الملك لغير السارق، ولا شبهة له فيه، فلا يقطع الشريك في (8) مال الشركة إذا لم يحجب عنه المال، وكذلك لا يقطع الأب والأم (9) في سرقة مال ولدهما للشبهة.
(1) قوله: (بالبعدية) ساقط من (ن 3).
(2)
في (ن): (سرقها).
(3)
في (ن) و (ن 4): (ذكره).
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 395.
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 395.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 395.
(7)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1162.
(8)
قوله: (في) يقابله في (ن): (إذا سرق من).
(9)
في (ن 3): (أو الأم).
قوله: (وإِنْ مِنْ بَيْتِ المالِ أو الْغَنيمَةِ) لم يراع أهل المذهب الشبهة التي في بيت المال للسارق، وكذلك على (1) المشهور في الغنيمة لضعفها، لاسيما مع كثرة الجيش وقلة المغنم، فأوجبوا القطع على من سرق من ذلك نصابًا. وقال ابن الماجشون: إذا سرق فوق حقه (2) نصابًا من المغنم قطع وإلا فلا (3)، وحكى عنه الحفيد الخلاف في بيت المال أيضًا (4)، وكذلك حكى ابن الحاجب الخلاف في المسألتين (5).
قوله: (أوْ مَالِ شَرِكَةٍ، إِنْ حُجِبَ عَنْهُ وسَرَقَ فَوْقَ حَقهِ نِصَابا) فسر الحجب في المدونة بأن يودعا المال عند رجل أجنبي، وفي الموازية أن يكون على يد أحدهما (6)، أي: على وجه الحفظ والإحراز عن الآخر، وإلا فهو كغير المحجوب (7)، وقاله اللخمي، ومن الحجب أن يغلقا عليه ويجعلا المفاتيح عند غيرهما، ومعنى (فَوْقَ حَقه نِصَابًا) أن يكون الزائد فوق نصيبه في المال جميعه نصابًا، كما لو كان مجموعه اثني عشر درهما، فسرق منها تسعة فقد علمت أن نصيبه من المال ستة إذا كان بينهما نصفين، فقد أخذ فوق حقه من مجموع المال ثلاثة دراهم، وهو نصاب، وهذا هو المنصوص لمالك، وهو ظاهر المدونة (8). وقال أشهب وابن الماجشون وأصبغ: إذا سرق من جملة المال ستة دراهم قطع (9).
اللخمي: وهو أبين؛ لأنه إنما يأخذ على أن نصيبه في الستة الأخرى باقٍ، لا على أنه أخذها على وجه المقاسمة (10)، فلو كان المال بأيديهما يتصرفان فيه، ثم حجب عن واحد منهما فلا قطع باتفاق، فلو سرق شيئًا لم يزد على حقه نصابًا لم يقطع.
(1) في (ن 4): (هو).
(2)
في (ن 4): (حظه).
(3)
انظر: التفريع، ص: 209، والنوادر والزيادات: 3/ 286 و 14/ 393.
(4)
انظر: بداية المجتهد: 2/ 451.
(5)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:774.
(6)
قوله: (فسر الحجب في المدونة
…
أن يكون على يد أحدهما) ساقط من (ن 3).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 393.
(8)
انظر: المدونة: 2/ 441.
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 393.
(10)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6089.
قوله: (لا الجَدّ ولَوْ لأُمٍّ) أي: فإنه لا يقطع إذا سرق من مال ابن ابنه أو ابن ابنته، قال في المدونة: وكذلك الأجداد من قبل الأم والأب، وأحب إلي أن لا يقطعوا لأنهم آباء (1)، وقال أشهب: يقطع الجد (2)، وظاهره ولو كان من قبل الأب إذ لا شبهة له عنده.
قوله: (ولا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مماطِلٍ لحقهِ) يريد: أن من كان له دين على غيره فجحده (3) إياه أو أنكر أو كان يماطله، أي: يُمَنيه (4) من ساعة إلى ساعة فإنه إذا سرق منه شيئًا من ذلك (5) فإنه لا يقطع، والأصل فيه حديث هند، وقيد بعضهم عدم القطع بكون المسروق من جنس الدين، قال: ولو سرق من غير جنسه لقطع، يريد: لا خلاف.
قوله: (مخُرْجٍ مِنْ حِرْزٍ) أي: من شرط المال المسروق أن يكون مخرجًا من حرزه، فلو نقله من جهة إلى جهة ولم يخرجه من الحرز لم يقطع بلا خلاف، ثم أشار إلى تفسير الحرز بقوله:(بِأَنْ لا يَعُدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا) إلا أنه لو زاد في ذلك التقييد بالعرف لكان أولى؛ لأن التضييع والحفظ أمران نسبيان (6) لا يعرفان ولا يضبطان إلا مع ذلك، فرب مكان (7) حرز بالنسبة إلى شخص دون غيره وبالنسبة إلى متاع دون متاع.
قوله: (وإن لم يخرج هو) يريد: أن السارق إذا أخرج النصاب من الحرز فإنه يقطع وإِن لم يُخْرِجْ هُو من الحرز، قال في المدونة: ولو أخذ في الحرز بعد أن ألقى المتاع خارجه فقد شك فيه مالك بعد أن قال يقطع، قال ابن القاسم: وأنا أرى أن يقطع (8)، وروى عنه (9) أشهب وابن عبد الحكم القطع (10)،
(1) انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 276.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 425.
(3)
في (ن 3): (فجحد).
(4)
قوله: (يمنيه) ساقط من (ن 3).
(5)
قوله: (من ذلك) ساقط من (ن).
(6)
قوله: (والحفظ أمران نسبيان) يقابله في (ن 3): (والحرز)، وفي (ن 5):(قوله)، وفي (ن):(سببيان).
(7)
في (ن 3): (ما كان).
(8)
انظر: المدونة: 4/ 531.
(9)
في (ن 4): (وروي عن).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 392.
وشهره ابن الحاجب (1)، واستظهره غيره؛ لكونه أخرج المال من حرزه.
قوله: (أَوِ ابْتَلَعَ دراهم (2)) يريد: وكذلك كل ما لا يفسد بالابتلاع، كما لو بلع ربع دينار أو ثلاثة دراهم، ثم خرج فإنه يقطع لأنه أخرج النصاب من حرزه، فلو كان طعاما فأكله في الحرز لم يقطع ولو زادت قيمته على النصاب. قال في المدونة: ويضمن قيمة الطعام (3)، وزاد ابن يونس: ويعاقب.
قوله: (أَوِ ادَّهنَ بِما يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَاب) أي: وكذا يقطع إذا دهن رأسه أو لحيته بما يحصل منه بعد خروجه من الحرز إذا ساوى (4) ما فيه نصاب فإن لم يساوٍ نصابًا لم يقطع، وقاله في المدونة (5).
قوله: (أَوْ أَشَارَ إِلى شَاةٍ، بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ) يريد: أنه (6) لا يشترط في السرقة كون السارق يدخل إلى الحرز بل إخراج المسروق من حرزه على أي وجه كان، ولهذا لو أشار وهو خارج الحرز إلى شاة داخلة بالعلف (7) فخرجت فإنه يقطع، وكأنه دخل فأخرجها، وقاله مالك، وبه قال ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون (8)، واختاره اللخمي (9) وابن رشد (10)، ولمالك في العتبية أنه لا يقطع، واختاره محمد (11).
قوله: (أَوِ اللحْدَ) انظر هذا على ما عطف عليه، هل على قوله:(مُخرْجٍ مِنْ حِرْزٍ) ويكون مراده: وكذلك يقطع من أخرج نصابًا من اللحد، وهو قول الجمهور، لقول
(1) انظر: الجامع بين الأمهات، ص:775.
(2)
في (ن) و (ن 5) والمطبوع من مختصر خليل: (درًا).
(3)
انظر: المدونة: 4/ 441.
(4)
في (ن) و (ن 3) و (ن 5): (سلت).
(5)
انظر: المدونة: 4/ 441.
(6)
قوله: (أنه) زيادة من (ن).
(7)
في (ن 5): (بالكف).
(8)
انظر: المنتقى: 9/ 225.
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6070.
(10)
قوله: (اللخمي وابن رشد) يقابله في (ن 5): (اللخمي. ابن رشد). وانظر: البيان والتحصيل: 16/ 227.
(11)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 227.
عائشة رضي الله عنها: سارق أمواتنا كسارق أحيائنا، وسواء كان في الصحراء أو قريبًا من العمران (1)، وخرج بعضهم قولًا من مسألة المطامير (2) الآتية أنه لا يقطع إلا فيما قرب من العمران.
قوله: (أَوِ الخبَاء، أَوْ مَا فِيهِ) لا خلاف أن الخباء حرز لنفسه، ولما فيه فإذا سرق أو سرق ما فيه وقيمة ذلك ثلاثة (3) دراهم قطع وإلا فلا، قال في البيان: وسواء كان فيه أهله أو غابوا عنه، لأن موضعه قد صار منزلا وحرزا لمتاعه، وقال في المسافرين إذا ضربوا أخبيتهم فسرق بعضهم من بعض، فإن السارق يقطع. ابن المواز: إلا أن يكونوا من أهل خباء واحد (4). وفي التبصرة عن ابن عبد الحكم عدم القطع، وإن لم يكونوا من أهل خباء واحد (5).
قوله: (أَوْ في حَانُوتٍ) أي: وكذا يقطع إذا سرق ما في الحانوت مما قيمته ثلاثة دراهم (6)؛ لأن الحانوت حرز لما فيه، ولا إشكال في ذلك إذا كان أهله فيه، انظر الكبير.
قوله: (أَوْ فِنَائِهِما) أي: فناء الخباء وفناء الحانوت، ومن سرق منهما (7) نصابا قطع ويؤخذ من كلام اللخمي في فناء الحانوت قولان.
والقول فيه بعدم القطع لسحنون، وقال في المدونة: يقطع من سرق ما وضع في أفنية الحوانيت للبيع أو في الموقف (8) للبيع، وإن لم يكن هناك حانوت كان معه ربه أم لا، سرقه في ليل أو نهار (9)، وفي الموازية في مثل القطاني يبيعونها في القفاف، ولهم حصر ويغطونها بها بليل وذلك بأفنية حوانيتهم فقام صاحبها لحاجة وتركها على حالها فإنه (10) لا قطع على
(1) قوله: (لقول عائشة رضي الله عنها
…
في الصحراء أو قوابيا من العمران) ساقط من (ن 3).
(2)
قوله: (المطامير) في (ن 3): (المضامين).
(3)
قوله: (ثلاثة) ساقط من (ن 5).
(4)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 221.
(5)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6093.
(6)
قوله: (مما قيمته ثلاثة دراهم) في (ن 3): (ما فيه نصاب).
(7)
قوله: (منهما) في (ن 4): (منها).
(8)
قوله: (الموقف) في (ن): (الموقوف).
(9)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 274.
(10)
في (ن) و (ن 5): (فقال).
من سرق منها (1).
قوله: (أَوْ مَحْمَلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ) أي: وكذا يقطع من سرق من المحمل أو من على ظهر (2) دابة ما يقطع في مثله، وقاله في المدونة (3). اللخمي: وسواء كان المحمل فيه صاحبه أم لا، إلا على قول ابن عبد الحكم، فإنه لا يقطع إلا إن كان معه صاحبه وإلا فلا (4).
قوله: (وإِنْ غِيبَ عَنْهُنَّ) يريد: أنه لا فرق في هذه المسائل بين أن يكون رب المتاع حاضرًا أو غائبا عنه، وقد تقدم ذلك.
قوله: (أَوْ بِجَرِينٍ) هذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الموطأ: "لا قطع في ثمر معلق"، فإذا آواه الجرين فالقطع فيما بلغ فيه القطع، والباء في (بجرين) للظرفية، أي: فإنه لا قطع فيه حتى يصير في الجرين، وهلا يقطع في الجرين (5) إلا إذا كان قريبًا من العمارة أو الجرين للثمر بمنزلة الأندر للقمح ونحوه أو يقطع مطلقا، قولان (6).
قوله: (أَوْ سَاحَةِ دَارٍ لأجْنَبِي، إِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ (7) كَالسفِينَةِ) المراد بساحة الدار البقعة التي بين الجدران (8) واسعة ليس فيها بناء، وهي البقعة (9) التي في وسط الدار وتسمى أيضًا العرصة، ومراده: أن من سرق من ساحة دار حجر (10) عليه في دخولها من الأجانب فإنه يقطع كما يقطع الأجنبي إذا سرق من السفينة؛ لأن ساحة الدار حرزٌ (11)
(1) قوله: (حصر ويغطونها بها بليل
…
على من سرق منها) في (ن 4): (حصل منهم). وانظر: النوادر والزيادات: 14/ 408.
(2)
قوله: (أو من على ظهر) في (ن 5): (وعلى ظهر).
(3)
انظر: المدونة: 4/ 537.
(4)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6095.
(5)
قوله: (وهلا يقطع في الجرين) زيادة من (ن 5).
(6)
قوله: (أو الجرين للثمر
…
أو يقطع مطلقًا، قولان) يقابله في (ن 3) و (ن 4):(أو يقطع مطلقًا)، وفي (ن):(يقطع مطلقا قولان).
(7)
ههنا انتهت النسخة المرموز لها بالرمز (ن 4).
(8)
قوله: (البقعة التي بين الجدران) في (ن 3): (المنفعة التي كانت بين الجران).
(9)
قوله: (البقعة) في (ن): (القاعة).
(10)
في (ن 4): (أو يحجر).
(11)
قوله: (بالتسند) في (ن): (بالنسبة).
بالنسبة إلى من منع من دخولها، وكذلك من منع من السفينة فإنه حرز بالنسبة إليه (1)، وقسم في المقدمات الدور المشتركة على ستة أقسام (2)، انظر الكبير.
قوله: (أَوْ خَانٍ لِلأَثْقَالِ) ابن رشد: وأما الدار المشتركة بين سكانها المباحة لجميع الناس كالفنادق التي سكن كل رجل (3) منهم على حدة وقاعتها مباحة (4) للبيع والشراء فيها، فحكم قاعتها حكم المحجبة، فمن سرق من بيوتها من الساكنين أو غيرهم، وأخذ في قاعتها قطع بلا خلاف (5). يريد: ولا قطع على من سرق من قاعتها إلا أن يكون الذي سرقه من (6) الأشياء التي توضع هناك كالدابة في مربطها المعروف لها وشبهها من الأحمال الثقال، ومعنى الأثقال، أي: أن الخان يكون حرزًا للأثقال دون غيرها، فلا يقطع من سرق منه الأشياء الخفيفة بخلاف الثقيلة.
قوله: (أَوْ زَوْجٍ فِيما حجر عنه) يريد: أن الزوجة إذا سرقت من مال زوجها الذي حجر عنها أو سرق الزوج من مال زوجته كذلك فإنهما يقطعان، وحكم أمة الزوجة حكمها، وكذلك حكم عبد الزوج حكم الزوج (7) في السرقة من مالها. قال في المدونة: وتقطع المرأة إذا سرقت من مال زوجها من غير بيتها الذي تسكنه، وكذلك إن سرقت خادمها من مال الزوج من بيت قد حجره عليهم أو سرقت خادم الزوج من مال المرأة من بيت قد حجرته (8)، وذكر ابن رشد في كل مسألة من هذه قولين: القطع وعدمه (9).
قوله: (أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ أوْ غَيره) قال في المدونة: ومن سرق شاة أوقفها ربها في
(1) قوله: (كما يقطع الأجنبي
…
السفينة فإنه حرز بالنسبة إليه) في (ن 3): (ويقطع أيضًا السارق من سفينة إذا كان أجنبيا لأنها بالنسبة إلى ما كان فيها حرز له).
(2)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 327.
(3)
في (ن 3): (واحد).
(4)
في (ن 3): (ساحة).
(5)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 327.
(6)
قوله: (سرقه من) في (ن 3): (سرق بين).
(7)
قوله: (حكم الزوج) ساقط من (ن) و (ن 4).
(8)
قوله: (حجرته) يقابله في (ن 3): (حجر عنه). وانظر: تهذيب المدونة: 4/ 436.
(9)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 261.
سوق الغنم لبيع وهي مربوطة أو غير مربوطة فعليه القطع (1)، وقال فيها أيضًا: وكذلك لو كان لها (2) مرابط معروفة في السكة فسرقها رجل من ذلك الموضع، قطع؛ لأن ذلك حرزها، ومن احتلها (3) من مرابطها المعروفة فأخذها قطع (4).
قوله: (أَوْ قَبْرٍ، أَوْ بَحْرٍ لمنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ) يريد: أن القبر حرز لكفن الميت، وكذلك البحر لمن مات على ظهره في مركب فكفن ورمي فيه، فقوله (لِكَفَنٍ) راجع إلى المسألتين معًا، وانظر إعادته مسألة القبر مع ما قدمه من قوله:(أو اللَّحْدَ).
قوله: (أوْ سَفِينَةٍ بِمَرْسَاةٍ) هذا الكلام بالنسبة إلى سرقة السفينة نفسها، وظاهره سواء كان معها (5) أحد أم لا، ولا فرق بين أن تكون بالمرساة أو على قربة (6) تصلح (7) للمرساة.
قوله: (أَوْ كُل شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) وكذلك يقطع من سرق شيئا بحضرة صاحبه (8) وإنما ذكر هذه الكلية تنبيها على أن صاحب المتاع لا فرق بين أن يكون نائما أو يقظانا، كان المسروق فوقه أو تحته أو في كمه أو جيبه ونحوه، أو هو بإزائه وهو يحرسه.
قوله: (أَوْ مطمر قَرُبَ) يريد: أن المطمر وهو الشيء الذي يكون فيه (9) القمح ونحوه من الطعام، تارة يكون قريبًا من العمارة، وتارة يكون بعيدًا، فإن القطع على من سرق من القريب فقط، وظاهره على أي حال كان البعيد. ابن القاسم: أما ما كان في الفلات وقد أسلمه صاحبه وأخفاه فلا أرى فيه قطعًا (10)، فانظر مفهومه إذا لم يسلمه ولم يخفه لم يسقط القطع، وفيه نظر، ثم قال: وأما ما كان بحضرة أهله معروفًا فعلى من
(1) انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 274.
(2)
قوله: (لو كان لها) ساقط من (ن 3).
(3)
في (ن 3): (حلها)، وفي (ن):(أحلها).
(4)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 276.
(5)
في (ن 3): (معه).
(6)
في (ن): (قرية).
(7)
قوله: (تصلح) في (ن 3): (مما يصلح).
(8)
قوله: (وكذلك يقطع من سرق شيئًا بحضرة صاحبه) ساقط من (ن 3) و (ن 4).
(9)
قوله: (يكون فيه) في (ن 3): (يتخذ لتخزين).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 405.
سرق ما قيمته ثلاثة دراهم القطع (1).
قوله: (أَوْ قِطَارٍ وَنَحْوِهِ) المراد بالقطار الإبل المربوطة بعضها مع بعض فمن سرق منها قطع، وظاهره سواء كان معها ربها أم لا، كانت سائرة أو نازلة (2)، وليس من شرط القطع (3) أن تكون مربوطة. قال مالك في الموازية: وإذا سيقت الإبل غير مقطورة فمن سرق منها قطع، والمقطورة أبين، وكذلك الزوامل، وكذلك الإبل (4) والدواب إذا سيقت إلى المرعى وهو مراده بنحوه.
(المتن)
أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ، أَوْ حُصْرَه، أَوْ بُسُطَهُ إِنْ تُرِكَتْ بِهِ، أَوْ حَمَّامٍ إِنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ نَقَبَ أَوْ تَسَوَّرَ، أَوْ بِحَارِسٍ لَم يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبٍ. وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَإِ، أَوْ حَمَلَ عَبدًا لَم يُمَيِّزْ، أَوْ خَدَعَه، أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الإِذْنِ الْعَامِّ لِمَحَلِّهِ، لا إِذْنٍ خَاصٍّ كَضَيفٍ مِمَّا حُجِرَ عَنه وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ، وَلا إِنْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِي أَوْ مَعَهُ، وَلَا عَلَى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ، وَلَا إِنِ اخْتَلَسَ، أَوْ كَابَرَ، أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرزِ، أَوْ لِيَأتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ، أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ، أَوْ ثَمَرَ مُعَلقٍ إِلا بِغَلْقٍ فَقَوْلَانِ.
(الشرح)
قوله: (أو أَزَالَ بَابَ المسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قنادِيلَهُ، أَوْ حُصْرَهُ أَوْ بُسْطَهُ، إِنْ تُرِكَتْ بِهِ) لا خلاف في قطع من أزال باب المسجد أو سقفه عن موضعهما (5)، وسواء خرج بهما من المسجد أم لا، ونص عليه مالك في الواضحة (6)، وحكاه في البيان (7) والجواهر (8) وغيرهما، ولهذا رتب الحكم هنا على الإزالة، أي: من موضعهما، واختلف
(1) انظر: النوادر والزيادات: 14/ 405.
(2)
قوله: (أو نازلة) في (ن 5): (أم لا نازلة).
(3)
قوله: (شرط القطع) في (ن 3): (شرطها).
(4)
قوله: (وكذلك الإبل) زيادة من (ن 5). وانظر: النوادر والزيادات: 14/ 420.
(5)
قوله: (عن موضعهما) زيادة من (ن 5).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 413.
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 206.
(8)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1164 و 1165.
في القناديل هل يقطع سارقها وهو قول مالك سواء سرقها ليلا أو نهارًا، كان عليه غلق أم لا، وبه أخذ ابن الماجشون (1)، أو لا يقطع وهو قول أشهب نظرا إلى الإذن (2)، ورأى مالك أن الإذن ليس من قبل (3) المالك حتى يكون كالضيف، وإنما هو شيء أوجبه الشرع فلا يرفع القطع (4)، وخرج اللخمي في ذلك قولين: من سرقهما ليلا فإنه يقطع (5) أو نهارا فلا يقطع من مسألة الحصر على قول ابن القاسم (6)، وقد اختلف فيمن سرق حصر المسجد على أقوال ثلاثة:
الأول: لمالك بالقطع (7).
والثاني لأشهب بعدمه (8).
والثالث (9): لابن القاسم بالفرق بين من سرقها ليلا وبين من سرقها نهارًا (10)، كما تقدم، ولسحنون قول رابع فرق فيه بين (11) أن تربط بعضها ببعض، فالقطع وإلا فلا (12)، حكاه ابن شاس (13)، وإنما قيد البُسْط بكونها تركت (14) في المسجد؛ لأن الرواية جاءت هكذا مقيدة به عن مالك، وظاهر كلام ابن القاسم في العتبية عدم
(1) انظر: النوادر والزيادات: 14/ 414.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 413، والمنتقى: 9/ 193.
(3)
في (ن 5): (قبيل).
(4)
انظر: التوضيح: 8/ 301.
(5)
قوله: (قولين: من سرقهما ليلًا فإنه يقطع) في (ن 3): (قولا في من سرقها ليلا أو نهارا فيقطع)، وفي (ن 5):(قولًا في من سرقها ليلًا).
(6)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6076.
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 413.
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 413.
(9)
قوله: (لأشهب بعدم القطع، والثالث) ساقط من (ن 3).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 413.
(11)
قوله: (ولسحنون قول رابع فرق فيه بين) في (ن 3): (الثالث لسحنون الفرق بين).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 413.
(13)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1165.
(14)
في (ن 4): (تركب).
اشتراط ذلك (1) إلا أنه قيد القطع بأن يكون معها صاحبها، قال: وهكذا في البسط التي تجعل فيه في رمضان (2)، وخرج بعضهم الأقوال التي في الحصر هنا.
قوله: (أَوْ حمامٍ إِنْ دَخَلَ لِلسرِقَةِ) إنما يقطع من دخل الحمام وسرق منه لأن دخوله لم يؤذن له فيه على هذا الوجه، وأما إن دخل لحاجة له وسرق منه (3) فلا قطع لأنه مأذون له في الدخول حينئذ.
قوله: (أَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ) أي: وكذا يقطع من سرق من الحمام إلا أنه لم يدخل من بابه بل نقبه أو تسور عليه أو نحو ذلك، وقاله في المدونة (4)، وزاد: وإن لم يكن مع المتاع حارس (5)، ولهذا قال بعض الأشياخ: الحمام بحارس حرز، وبغيره حرز من النقب والتسور، وهو قريب من كلام الشيخ أبي عمران: وسواء كان الحارس أقامه صاحب الحمام أو صاحب الثياب، لأنه أقيم للحفظ فيهما (6)، وقيده اللخمي (7) بما إذا لم يأذن له الحارس في تقليب الثياب، فقال: إن من سرق من الحارس ممن ليس له عنده ثياب قطع، إلا أن يوهمه أن له عنده ثيابًا فأذن له في تقليب (8) الثياب فلا يقطع، وإن كان له عنده ثياب فناولها إياه الحارس فمد يده إلى غيرها قطع (9)، وإليه أشار بقوله:(أَوْ بِحَارِسٍ لم يَأذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيب) وأشار بقوله: (وصُدِّقَ مُدَّعِي الخطَأ) إلى قول ابن رشد: وحيث قلنا بالقطع فذلك مَا لم يدَّعِ أنه أخطأ، فإن ادعاه صدق إن أشبه (10).
قوله: (أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لم يُمَيِّزْ) قال في المدونة (11): ومن سرق صبيًا (12) أو عبدًا من
(1) انظر: البيان والتحصيل: 16/ 206.
(2)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 241.
(3)
قوله: (وسرق منه) يقابله في (ن) و (ن 3): (فيه).
(4)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 275.
(5)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 275.
(6)
انظر: التوضيح: 8/ 300.
(7)
قوله: (اللخمي) ساقط من (ن 4).
(8)
قوله: (تقليب) زيادة من (ن).
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6075.
(10)
انظر: البيان والتحصيل: 16/ 212.
(11)
في (ن 3): (الموازية).
(12)
قوله: (حرا) زيادة من (ن).
حرز قطع، وإن كان عبدًا كبيرًا لم يقطع، وإن كان أعجميًا قطع (1).
وبالقطع في سرقة الصبي. قال الفقهاء السبعة، وهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبو بكر بن عبد الرحمن الحارث، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار (2)، وقال ابن الماجشون: لا يقطع سارقه (3)، وفرق أشهب بين من يعقل وغيره (4).
أبو عمران: وإذا راطنه بلسانه (5) فقال: إني اشتريتك، فسرقه (6) قطع (7)، وإليه أشار بقوله:(أَوْ خَدَعَهُ). أبو عمران: وأما إن قال له: لم أشترك، فطاوعه لم يقطع. وقال ابن نافع: إذا راطنه بلسانه حتى خرج إليه طوعًا لم يقطع (8).
اللخمي (9): يريد: إذا دعاه فأطاع، وأما إن غره فقال: سيدي بعثني إليك، أو (10) الدار ذات الأذن العام إلى محله (11).
قوله: (أَوْ أَخْرَجَهُ في ذِي الإِذْنِ الْعَامِّ لمحله)(12) يعني: إذا أخرج السارق السرقة من (13) الدار ذات الإذن العام إلى محله، فإنه يقطع. ابن رشد: والدار ذات الأذن العام كالطبيب والعالم يأذن للناس في دخولهم إليه فيقطع من سرق من بيوتها
(1) انظر: تهذيب المدونة: 4/ 440.
(2)
قوله: (وهم: سعيد بن المسيب
…
وسليمان بن يسار) زيادة من (ن 3).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 397.
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 397.
(5)
قوله: (راطنه بلسانه) في (ن 3): (أخدعه).
(6)
قوله: (فقال: إني اشتريتك فسرقه) في (ن 3): (أو قال له: إني اشتريتك).
(7)
انظر: التوضيح: 8/ 307.
(8)
انظر: التوضيح: 8/ 307.
(9)
قوله: (لم يقطع. اللخمي) ساقط من (ن 3) و (ن 4).
(10)
قوله: (أو) يقابله في (ن): (وإذا خرج السارق السرقة من).
(11)
قوله: (وقال ابن نافع: إذا راطنه. ذات الأذن العام إلى محله) ساقط من (ن 5)، وزاد بعده في (ن 4):(ولآتيانك فإنه لقطع)، انظر: التبصرة، للخمي، ص:6070.
(12)
قوله: (قوله: (أَوْ أَخْرَجَهُ في ذِي الإِذْنِ الْعَام لمحله) ساقط من (ن 5).
(13)
قوله: (يعني: إذا أخرج السارق السرقة من) زيادة من (ن 5).
المحجورة إذا خرج بالسرقة عن جميع الدار، لأن بقية الدار من تمام الحرز إذ لا يدخل إلا بإذن (1). والضمير في محله عائد على الموضع المأذون فيه على العموم، أي: يقطع إذا خرج المسروق من حرزه إلى محل الإذن العام، لأنه أخرجه من حرزه إلى غير حرز وفيه نظر.
قوله: (لا إِذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ مما حُجِرَ عَنه ولَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ) ابن رشد: وأما الدار التي أذن فيها صاحبها الخاص من الناس كالرجل يدخل الضيف داره، أو بعث الرجل إلى داره ليأتيه من بعض بيوتها بمتاعه أو ما أشبه ذلك، فاختلف إذا سرق الضيف أو الرجل المبعوث من البيت المغلق وقد حجر عليه في دخوله على قولين: أحدهما قوله في المدونة والموازية أنه لا يقطع وإن خرج بالمسروق من جميع الدار لأنه خائن وليس بسارق (2)، والثاني لسحنون: أنه يقطع وإن لم يخرج به إلى الموضع الذي أذن له في دخوله، وحكى عبد الحق ثالثا أنه لا يقطع حتى يخرج به من جميع الدار (3).
قوله: (لا إِنْ نَقَلَهُ ولم يُخْرِجْهُ) هذا راجع إلى قوله: (مُخرْجِ مِنْ حِرْزٍ) فلو لم يخرجه من الحرز لم يقطع، ولو نقله من موضع إلى موضع آخر، ولا خلاف فيه، وقاله في المدونة (4) وغيرها.
قوله: (ولا فِيما عَلَى صَبِيٍّ أوْ مَعَهُ) أي: وكذا لا يقطع فيما على الصبي من حلي أو ثياب، ولا فيما معه من ذلك ولا غيره، وهذا ظاهر إن كان الصبي لا يضبط (5) ما معه ولم يكن في دار أبويه ونحوهما، وقال في الموازية (6): وإن كان مثله يحرز (7) ما عليه قطع سارقه مستترا، وكذلك يقطع السارق وإن كان في دار أبويه، إلا أن يكون قد أذن له في
(1) انظر: البيان والتحصيل: 16/ 207، والمقدمات الممهدات: 2/ 326.
(2)
قوله: (من جميع الدار لأنه خائن وليس بسارق) ساقط من (ن 4).
(3)
انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 326.
(4)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 272.
(5)
قوله: (وهذا ظاهر إن كان الصبي لا يضبط) في (ن 3): (وظاهره سواء كان الصبي يضبط)، وفي (ن):(وظاهره ولو كان الصبى لا يضبط).
(6)
في (ن 3): (المدونة).
(7)
قوله: (يحرز) في (ن): (يحوز).
الدخول، ولا خلاف أنه إن كان معه حافظ فإنه يقطع من سرقه (1).
قوله: (ولا عَلى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخارج) أي: وكذا لا قطع على من دخل الحرز فأخذ منه شيئًا وناوله للآخر خارجه، يريد: إذا كان الخارج قد أدخل يده إليه فناوله له في الحرز، وهو قول ابن القاسم في المدونة (2) وغيرها؛ لأن معونته في الحرز، وقال أشهب: يقطع (3)، ولا خلاف في قطع الخارج إذا مد يده إلى الحرز فأخرج المسروق، وأما لو ناوله خارجه فإن الداخل يقطع لأنه الذي أخرج المتاع من حرزه سواء أخذ في الحرز أو بعد خروجه.
قوله: (ولا إِنِ اخْتَلَسَ، أَوْ كَابرَ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذ فِي الحِرْز) أي: وكذلك لا يقطع المختلس وهو الذي يأخذ المال على غير وجه الاستسرار (4)، ولا خلاف في ذلك، وكذلك لا يقطع إذا أخذه على وجه المكابرة، أي: من غير حرابة؛ لأنه غاصب، والغاصب لا يقطع، وكذا لا يقطع إذا أخذ في الحرز فهرب بما معه؛ لأنه لم يخرج به على وجه السرقة فإنه من نوع (5) الاختلاس. مراده بقوله:(أو ليَأتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) أن صاحب الدار أو غيره إذا وجد السارق في الحرز، وقد أخذ المتاع ولم يخرج به، فتركه وذهب ليأتي بمن يشهد عليه، أي: ولو شاء لمنعه من أخذ المتاع فلم يأت حتى ذهب السارق بما معه فإنه لا يقطع لأنه اختلاس، وليس بسرقة، وهو قول مالك وابن القاسم، وقال أصبغ: يقطع (6).
قوله: (أَوْ أَخَذَ دَابةً بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ) أي: وكذا لا يقطع من أخذ دابة واقفة على باب المسجد أو واقفة في السوق، وقال في الجواهر: إلا أن يكون معها حافظ (7).
قوله: (أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطرِيقِ) أي: لأنه بعضه في غير حرز وهو الموضع الذي
(1) انظر: النوادر والزيادات: 14/ 410.
(2)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 273.
(3)
انظر: المنتقى: 9/ 236.
(4)
في (ن 4): (الاستيتار).
(5)
في (ن 4): (وقوع).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 402.
(7)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1164.
يتناوله منه، وبعضه الآخر وإن كان في الحرز فيغلب عليه جانب الحد (1)، ؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وقال ابن يونس: قال في المدونة (2): ومن وجد (3) ثوبًا منشورًا على حائط بعضه في الدار وبعضه خارج منها إلى الطريق لم يقطع. ابن يونس: وروى ابن (4) القاسم وغيره أنه يقطع قياسًا على ما فوق ظهر البعير.
قوله: (أوْ ثمَر مُعَلَّقٍ) هذا لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا قَطْعَ في ثَمَرٍ مُعَلقٍ".
قوله: (ولا كثر) الجوهري: الكثر الجمار (5)، وفي الرسالة: ولا قطع في ثمر معلق ولا في الجمار في النخل (6)، وقال عبد الوهاب: إنما لم يقطع إذا كان ذلك في رؤوس الشجر؛ لأنه لم يوضع أن يقصد احترازا فيه، وإنما وضع بأمر الله تعالى لا بفعل آدمي، فإذا آواه الجرين ففيه (7) القطع، رطبًا كان أو يابسًا (8)، وقيد ابن يونس عدم القطع (9) في الثمر بما إذا كان في الحائط، وأما النخلة تكون في الدار فإن سارقها يقطع إذا سرق ما قيمته ثلاثة دراهم على الرجاء والخوف، وقال اللخمي: إذا كان النخل والكرم وغيرهما (10) عليه غلق وعلم أنه احتفظ عليه من السارق فإنه يقطع (11).
وقال ابن الماجشون: لا يقطع كان عليه غلق أم لا (12)، وإلى هذا وما قبله أشار بقوله:(إلا بغلق فَقَولانِ).
(1) في (ن 5)، وفي (ن):(الإباحة).
(2)
في (ن 4): (الموازية).
(3)
قوله: (وجد) في (ن): (أخذ).
(4)
قوله: (وروى ابن) في (ن): (وابن).
(5)
انظر: الصحاح: 2/ 308.
(6)
قوله: (ولا في الجمار في النخل) ساقط من (ن). وانظر: الرسالة، ص:131.
(7)
في (ن 4): (فيعين).
(8)
انظر: المعونة: 2/ 345.
(9)
قوله: (عدم القطع) ساقط من (ن 3).
(10)
قوله: (وغيرهما) في (ن 3): (وعليهما).
(11)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6102.
(12)
انظر: التوضيح: 8/ 303.
(المتن)
وَإِلَّا بَعْدَ حَصْدِهِ، فَثَالِثُهَا إِنْ كُدِّسَ، ولَا إِنْ نَقَبَ فَقَطْ، وَإِنِ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ، أَوْ رَبَطَهُ، فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا. وَشَرطُهُ، التَّكلِيفُ، فَيُقْطَعُ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْمُعَاهَدُ، وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ إِلا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ، وَثَبَتَتْ بِإقْرَارٍ، إِنْ طَاعَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ، أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ. وَقُبلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ، وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ فَحَلَفَ الطَّالِبُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ، وَحَلَفَ أَوْ أَقَرَّ الْسَّيِّدُ، فَالْغُرمُ بِلَا قَطْعٍ. وَإِنْ أَقَر الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ، وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إِنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا، إِنْ أَيْسَرَ إِلَيهِ مِنَ الأَخْذِ. وَسَقَطَ الْحَدُّ إِنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ، لَا بِتَوْبَةٍ، وَعَدَالَةٍ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا. وَتَدَاخَلَتْ إِنِ اتَّحَدَ الْمُوجَبُ، كَقَذْفٍ، وَشُربٍ، أَوْ تَكَرَّرَتْ.
(الشرح)
قوله: (وإِلا بَعْدَ حَصْدِهِ فَثَالِثُهَا إِنْ كُدِّسَ) هذا معطوف على قوله: (إلا بغلق) ونبه لهذا كله على أن للثمر ثلاثة أحوال: الأول أن يكون على أغصانه من غير غلق، والثاني: أن يكون بغلق، وقد تقدم حكمهما، والثالث: أن يحصد ويوضع في مكان لينقل منه إلى الجرين. واختلف هل يقطع من سرقه أو سرق منه ما قيمة ثلاثة دراهم، أو لا يقطع، أو يفرق بين أن ينضم بعضه إلى بعض، وهو مراده بقوله:(إِنْ كُدِّسَ) فيقطع أو لا يضم فلا يقطع.
قوله: (وَلا إِنْ نَقَبَ فَقَطْ) أي: نقب الحرز ولم يخرج منه شيء، وسواء دخل إليه أو لم يدخل، إذ لا يسمى بمجرد النقب سارقًا وغايته أنه هتك الحرز بمنزلة فتح الباب، ولهذا قال ابن شاس: إذا نقب وأخرج غيره المتاع من الحرز وانفرد كل واحد منهم بفعله دون تعاون واتفاق منهما فلا قطع على واحد منهما (1). قوله: (وإِنِ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ، أَوْ رَبَطَهُ فَجَذَبَهُ الخارج قُطِعَا) أي: فإن دخل أحدهما الحرز ونقل منه المتاع ووضعه في وسط النقب فأخذه الخارج من ذلك الموضع والتقت أيديهما في المناولة في وسط النقب فإنهما يقطعان جميعًا، وقاله في المدونة (2)، وكذا يقطعان معًا (3) إذا دخل
(1) انظر: عقد الجواهر: 3/ 1167.
(2)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 273.
(3)
قوله: (يقطعان معًا) ساقط من (ن 4).
أحدهما الحرز فربط المتاع (1) فجذبه الخارج يقطعان جميعا (2)، وقاله في المدونة (3)، وحكى اللخمي عن مالك (4) قولا (5) بقطع الخارج لا غير، قال: وهو الصواب (6).
قوله: (وشَرْطُهُ التكْلِيفُ) أي: وشرط مؤاخذة السارق التكليف (7) وهو البلوغ والعقل، فلا يقطع الصبي ولا المجنون لقوله صلى الله عليه وسلم:"رفع القلم عن ثلاثة: الصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ" فإن سرق ثم جن لم يقطع حتى يفيق، قال مالك: ويحكم على الصبي بالإنبات، وقال ابن القاسم: أحب إليَّ ألا يحكم به (8).
قوله: (فَيقطَعُ الْحُرُّ، والْعَبْدُ، والمعَاهَدُ، وإِنْ لمثْلِهِمْ) نبه على أن المراد بالتكليف ما ذكر بقطع الحر والعبد والذمي والمعاهد؛ لأنهم مكلفون، وقال أشهب: لا يقطع المعاهد إن سرق، ولا يقطع من سرق منه (9)، ولا فرق بين أن يكون المسروق منه حرًّا أو عبدا أو معاهدًا، ولهذا قال (وإِنْ لمِثْلِهِمْ) قوله:(إِلا الرقِيقَ لِسَيده) فإنه لا يقطع إذا سرق من مال سيده ما يقطع فيه غيره وهو واضح.
قوله: (وثبتَتْ بِإقْرَارٍ، إِنْ طَاعَ) لا خلاف أن حكم السرقة من قطع وغيره يثبت بإقرار السارق وإن طاع بذلك (10)، وأما إن كان مكروهًا فلا، وإليه أشار بقوله:(وإلا فلا) قاله في المدونة (11)، قال فيها: وإن تمادى على إقراره بعد زوال الإكراه حبس حتى
(1) قوله: (المتاع) زيادة من (ن) و (ن 4).
(2)
قوله: (وقاله في المدونة
…
فجذبه الخارج يقطعان جميعا) ساقط من (ن) و (ن 3)، وقوله:(يقطعان جميعا) ساقط من (ن 4).
(3)
انظر: المدونة، دار صادر: 16/ 273.
(4)
قوله: (عن مالك) ساقط من (ن 4).
(5)
قوله: (قولا) ساقط من (ن).
(6)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:6068.
(7)
قوله: (أي: وشرط مؤاخذة السارق التكليف) ساقط من (ن 4).
(8)
انظر: المدونة: 4/ 547.
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 3/ 146.
(10)
قوله: (لا خلاف أن حكم
…
السارق وإن طاع بذلك) في (ن) و (ن 3) و (ن 4): (أي: إن طاع بذلك).
(11)
في (ن 3): (الموازية).
يستبرئ أمره، فإن تمادى على إقراره بعد أن أمن، وأتى بما يعرف به، صدقه مثل أن يعين المسروق ونحوه، فإنه يحد (1)، وإلا فلا (2)، ثم قال: وإن أقر (3) بالسرقة والقتيل في حال التهديم (4) لم أقتله ولم أقطعه حتى يقر بعد ذلك آمنا (5)، وإليه أشار بقوله (6):(ولَوْ عَيَّنَ السرِقَةَ أَوْ أخرج الْقَتِيلَ) أي: فلا شيء عليه، وزاد اللخمي عن ابن القاسم: إلا أن ينضاف إلى ذلك من أخباره ما يدل على صحة ذلك مما يعلم به أنه خارج عن إقرار المكروه (7)، واختلف هل وفاق أو خلاف، وفي الموازية (8) إن عين السرقة قطع (9) إلا أن يقول دفعتها إلى فلان، وإنما أقررت لما أصابني من الألم، ولو أخرج دنانير لم يقطع لأنها لا تعرف بعينها (10)، ولأشهب قول رابع: إن أخرج السرقة قطع ولو كان بعد سجن وقيد (11) ووعيد، وإن نزع لا يقبل نزوعه، وإن لم يعين لم يحد (12)، ولسحنون خامس: إن أقر في السجن أو سجنه السلطان في حق وكان من أهل العدل لزمه إقراره، وليس من حبس في حق وباطل سواء (13).
قوله: (وَقُبِلَ رُجُوعُهُ) أي سواء رجع إلى شبهة أو كذب نفسه (14)، وقال أشهب وابن الماجشون وهو مروي عن مالك أنه لا يقبل إلا إذا رجع إلى شبهة، ومراده بقوله:
(1) في (ن 3): (يقطع).
(2)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 452.
(3)
في (ن) و (ن 5): (أخرج).
(4)
قوله: (التهديم) في (ن): (التهديد).
(5)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 453.
(6)
زاد بعده في (ن 4): (وإلا فلا). وأشار بقوله).
(7)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 6121، 6122.
(8)
في (ن 5): (المدونة).
(9)
قوله: (قطع) ساقط من (ن 4).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 447.
(11)
قوله: (وقيد) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 4):(فيه).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 449.
(13)
انظر: التوضيح: 8/ 310.
(14)
قوله: (نفسه) زيادة من (ن).
(ولَوْ بِلا شُبْهَةٍ) أن رجوعه مقبول مطلقًا كان مؤاخذ (1) بإقراره أو ببينة ويحتمل كان رجوعه بحضرة بينة أم لا، وفيه نظر (2).
قوله: (فإنْ رُدَّ الْيَمِينُ فحَلَفَ الطالِبُ، أَوْ شْهَدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِد وَحَلَفَ أَوْ أَقر السيد فَالْغُرْم بلا قَطْع وإن أقر العمد فالعكس) يريد: أن الغرم يثبت في هذه المسائل الأربع دون القطع، الأولى: إن ادعى على شخص بسرقة، فرد المدعي عليه اليمين على المدعى (3)، فحلف المدعي ولا يتوجه اليمين على من ادعى عليه السرقة إلا إذا كان متهمًا وإلا فلا، وقاله (4) في المدونة (5)، وإن كان المدعى عليه من أهل الفضل أدب المدعي. الثانية: أن يشهد على السارق بالسرقة رجل وامرأتان أو يشهد (6) بها رجل واحد، وحلف الطالب وهي الثالثة لأن هذين النوعين لا يعمل بهما في الحدود، ويعمل بهما في الأموال فثبت الغرم دون القطع.
الرابعة: إذا أقر العبد بالسرقة وهكذا وجدت (7) في النسخة التي بيدي فإن كان هو على هذا في غيرها من النسخ فلا شك أنه سهو وذلك لأن العبد على العكس مما تقدم في المسائل الثلاث لأن حكمه في هذا أن يثبت القطع دون المال، لأن القطع حق الله تعالى ولا يتهم فيه العبد بخلاف المال فإنه حق للسيد، ويتهم العبد في إخراجه عنه، والمكاتب والمدبر، وأم الولد كالعبد، وعلى هذا فيكون مراده بالعبد من فيه شائبة رق، ويقطعون إذا عينوا السرقة بعض القرويين، وكذا إن لم يعينوها وتمادوا على الإقرار.
قوله: (ووجب رد المال إن لم يقطع مطلقا) أي (8) إذا تعذر القطع لعدم كمال النصاب ونحوه غرم السارق، وما أخذه ولو تلف (9)؛ لأنه يضمنه عند ابن القاسم
(1) قوله: (كان مؤاخذ) في (ن): (سواء أخذ).
(2)
قوله: (كان مؤاخذ بإقراره
…
وفيه نظر) في (ن 5): (كان إلى شبهة أو غير شبهة).
(3)
قوله: (على المدعى) ساقط من (ن).
(4)
في (ن 4): (وقال).
(5)
انظر: تهذيب المدونة: 4/ 456.
(6)
قوله: (يشهد) في (ن): (شهد).
(7)
قوله: (وجدت) في (ن): (وجدته).
(8)
قوله: (أي) في (ن 3): (أو قطع).
(9)
قوله: (تلف) في (ن): (أتلفه).
ضمان الغاصب (1) وسواء (2) اتصل يساره أم لا وهو مراده بالإطلاق، ويؤخذ منه ذلك إن وجد بعينه، وقال أشهب: يضمنه ضمان السرقة، فإن قطع السارق في ذلك، فإن وجد المسروق بعينه أخذ منه بلا خلاف، وإن أتلفه والسارق متصل اليسار من حين السرقة إلى القطع أغرمه ذلك، وإليه أشار بقوله:(إِنْ أَيْسَرَ إِلَيْهِ مِنَ الأَخْذِ) أي: إن أيسر من حين أخذ المال إلى حين القطع، فإن كان عديمًا أو عدم في بعض هذه المدة سقط عنه الغرم، لكونه لا يجتمع عليه عقوبتان قطع يده واتباع ذمته، بخلاف اليسار المتصل، فإن المال (3) المسروق معه (4) كالقائم، فليس ثم عقوبة ثانية، وقال أشهب: إنما يشترط يساره إلى حين القيام، انظر الكبير.
قوله: (وسَقَطَ الْحدُّ إِنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَّمَاوِيِّ) أي: بأمر الله تعالى، زاد اللخمي أو تعدى من إنسان (5) .. ابن شاس: ولو سرق ولا يمين له (6) سقط الحد (7)، قال مالك وغيره: ولا يسقط (8) منه شيء لأن القطع قد كان وجب فيها، وحكم الشمال وغيرها من بقية الأعضاء إذا سقط بعد ثبوت القطع فيه حكم اليمين، ولهذا لم يقيد (9) كلامه بيمين ولا غيرها.
قوله: (لا بِتَوْبَةٍ، وعَدَالَةٍ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا) أي: فلا يسقط الحد بهما وإن طال زمانهما (10) أي زمان التوبة والعدالة.
قوله: (وتَدَاخَلَتْ (11)، إِنِ اتَّحَدَ الموجبُ كَقَذْفٍ، وشُرْبٍ) الموجب هنا بفتح الجيم،
(1) في (ن 3): (الغصب). وانظر: البيان والتحصيل: 16/ 234.
(2)
في (ن 4): (قوله).
(3)
قوله: (المال) زيادة من (ن).
(4)
في (ن 3): (منه).
(5)
قوله: (أي بأمر الله تعالى، زاد اللخمي أو تعدى من إنسان) ساقط من (ن) و (ن 4).
(6)
قوله: (ولا يمين له) في (ن): (فسقط يمناه بآفة).
(7)
انظر: عقد الجواهر: 3/ 1171.
(8)
في (ن): (يقطع).
(9)
في (ن): (يقدم).
(10)
قوله: (أي: فلا يسقط الحد بهما وإن طال زمانهما) ساقط من (ن 4).
(11)
قوله: (وتَدَاخَلَتْ) في (ن 3): (وقد اختُلف).
أي: الشيء الذي يوجب الفعل (1)، والمراد بالاتحاد هنا الاتفاق في القدر والمعنى فإن (2) الحدود إذا اتحد ما يوجبها (3) كحد القذف وحد الشرب فإنه في كل منهما ثمانين جلدة وإن تعدد السب، فإذا أقيم عليه أحدهما سقط عنه الآخر.
قوله: (أَوْ تكرَّرَتْ) أي: فإن لم يتحد الموجب كحد الشرب والزنى والقذف والزنى تكررت (4) وهو المعروف، وعن عبد الملك: أن الشرب والقذف يدخلان في حد الزنى فيحد مائة إذا شرب وزنى أو قذف وزنى (5).
(1) قوله: (يوجب الفعل) في (ن): (يوجبه).
(2)
قوله: (فإن) في (ن): (وتداخلت).
(3)
قوله: (يوجبها) في (ن): (توجبه).
(4)
قوله: (الشرب والزنى والقذف والزنى تكررت) في (ن 4): (الزنى والقذف، والزنى).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 14/ 312.