المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في أحكام الولاء] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٥

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌فصل [في أحكام الولاء]

‌فصلٌ [في أحكام الولاء]

(المتن)

فَصْلٌ الْوَلاءُ لِمُعْتِقٍ، وَإِنْ بِبَيعٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ بِلا إِذْنٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتي عَتَقَ؛ إِلَّاكَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا، وَرَقِيقًا إِنْ كَانَ يُنْتَزَعُ مَالُهُ، وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ الْوَلاءُ لَهُمْ كَسَائِبَةٍ، وَكُرِهَ. وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ الْوَلاءُ بِإِسْلامِ السَّيّدِ، وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ كَأَوْلادِ الْمُعْتَقَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ؛ إِلَّا لِرِقٍّ، أَوْ عِتْقٍ لآخَرَ، وَمُعْتَقَهُمَا، وَإِنْ أُعْتِقَ الأَبُ، أَوِ اسْتَلْحَقَ رَجَعَ الْوَلاءُ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالأُمِّ. وَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الأَبِ لا لِمُعْتِقِهَا، إِلَّا أَنْ تَضَعَ لِدُونِ السِّتَّةِ مِنْ عِتْقِهَا. وَإِنْ شَهِدَ بِالْوَلاءِ وَاحِدٌ، أَوِ اثْنَانِ بِأنَّهُمَا لَم يَزَالا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلاهُ أَوِ ابْنُ عَمِّهِ لَمْ تثْبُتْ، لَكِنَّهُ يَحْلِفُ ويأخُذُ الْمَالَ بَعْدَ الاسْتِينَاءِ.

(الشرح)

(الْوَلاءُ لِمُعْتِقِ) هذا لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ولا خلاف أن سببه زوال الملك بحرية، وأن ذلك السبب يتنوع ولهذا قال:(وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ بِلَا إِذْنٍ) شمل قوله: (بِبَيعٍ مِنْ نَفْسِهِ) الكتابة والقطاعة ونحوهما، وقد علمت أن الولاء فيهما (1) للسيد ولا خلاف فيما إذا أعتق عنه غيره بإذنه أن الولاء له، وكذلك بغير إذنه على المشهور كما نبه عليه المصنف.

وأشار بقوله: (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ) إلى أن العبد إذا كان له عبد فأعتقه ولم يعلم به سيده حتى عتق الأعلى فإن ولاء الأسفل يكون للعبد الأعلى (2) لا للسيد، لأنه لما أعتقه تبعه ماله فجاز عتقه وكان له الولاء. اللخمي: وقيل: يكون عتيقًا من يوم عتقه فيكون الولاء للسيد الأعلى (3). ولم ينص الشيخ هنا على بقية الأنواع كالتدبير والإيلاد وصريح العتق اكتفاء بما ذكر، ولأن قوله أَوَّلًا:(لِمُعْتِقٍ) يتناوله (4).

(1) في (ن 3): (فيه)، وقوله:(فيهما) ساقط من (ن 4).

(2)

قوله: (للعبد الأعلى) يقابله في (ن): (للأعلى).

(3)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:4110.

(4)

قوله: (ولهذا قال: (وإِنْ ببِيعٍ مِنْ نَفْسِهِ

ولأن قوله أولا "لِمُعْتِقٍ" يتناوله) يقابله في (ن 4): (إلى عتق بعوض من الأجنبي عنه أو من العبد فتدخل الكتابة والقطاعة والاستيلاد والتدبير والعتق المنجز وإلى أجل وبالسراية والقرابة وعتق الغير عنه أو تدبيره عنه ولو بغير أذنه وإلى ذلك كله أشار=

ص: 517

قوله: (إِلا كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا) يريد: أن عتق الكافر لعبده المسلم ليس بسبب أي: ولو أسلم السيد (1) بعد ذلك، وولاؤه للمسلمين، وعن ابن عبد الحكم: أن الولاء يرجع له إن أسلم وهو القياس، قاله اللخمي وابن عبد البر (2).

قوله: (وَرَقِيقًا إِنْ كَانَ يُنتزَعُ مَالُهُ) أي: وكذلك الرقيق لا يكون عتقه لعبده سببًا للولاء، يريد: ولو كان بإذن سيده، ومراده بالرقيق القن ومن فيه شائبة حرية، ولهذا قال: إن كان ينتزع ماله، واحترز بذلك من المدبر وأم الولد إذا مرض السيد، ومن المعتق إلى أجل إذا قرب الأجل، وفي الموا زية إذا أعتق العبد، وعلم به سيده، ولم يرد عتقه أن الولاء يكون للعبد، وقال ابن الماجشون: يكون (3) للسيد (4).

قوله: (وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ الْوَلاءُ لَهُمْ) قال في المقدمات: إذا قال الرجل (5) لعبده أنت حر عن المسلمين وولاؤك لي، لم يختلف المذهب أن ذلك جائز والولاء للمسلمين (6)، ومقتضى كلام اللخمي أن في ذلك قولين (7).

وقال القاضي عياض: لا خلاف في جواز العتق عن المسلمين، وإن اختلف لمن

= بالأغيار بقوله: "وإِنْ ببِيعٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ بِلا إِذْنٍ") وشمل قوله: (مِنْ نَفْسِهِ) الكتابة والقطاعة ونحوهما، وقد علمت أن الولاء للسيد ولا خلاف فيمن أعتق غيره عنه أن الولاء له وكذلك بغير إذنه على المشهور كما نبه عليه، ونقل أبو عمر عن أشهب أنه للمعتق وأشار بقوله:"أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيدُهُ، بعِتقِهِ حَتَّى عَتَقَ" أن العبد كان له عبد ولم يعلم به سيده فإن ولاء الأسفل يكون للسيد الأعلى لأَنه لما أعتقه تبعه ماله فجاز عتقه وكان له الولاء اللخمي وقيل يكون عتقًا من يوم عتقه فيكون الولاء للسيد الأعلى ولم ينص الشيخ هنا على بقية الأنواع كالتدبير والولاء وشرط العتق اكتفاء بما ذكر كره من الأغيار ولأن قوله أولا "لِمُعْتِقٍ" يتناوله).

(1)

قوله: (ولو أسلم السيد) يقابله في (ن 3): (ولم يكن للسيد).

(2)

قوله: (قاله اللخمي وابن عبد البر) زيادة من (ن).

(3)

في (ن): (بل).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 246.

(5)

قوله: (الرجل) ساقط من (ن).

(6)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 274.

(7)

قوله: (إذا قال الرجل لعبده

كلام اللخمي أن في ذلك قولين) يقابله في (ن 4): (ومن قال: أنت حر عن المسلمين فلا خلاف في المذهب أنه حر وولاؤه للمسلمين، وإن قال: أنت حر عن المسلمين وولاؤك لي. ومقتضى كلام اللخمي أن في هذه الصورة الأخيرة قولين).

ص: 518

الولاء (1)، صرح ابن شاس بالقولين ونسب القول بأن الولاء للمسلمين لابن القاسم ومطرف، والقول بأنه لمعتقه لابن نافع وابن الماجشون (2).

قوله: (كَسَائِبَةٍ وكُرِهَ) أي: وكره عتق السائبة وهو أن يقول الرجل لعبده: أنت سائبة، يريد: به العتق. عياض: وولاؤه للمسلمين عند مالك وعامة أصحابه، وروى عنه أنه لمعتقه وهو قول ابن نافع وابن الماجشون (3)، وحكي ابن شاس الأول عن ابن القاسم ومطرف، ونقل عن مالك في العتق على هذا الوجه الكراهة (4)، ونقله في المقدمات عن ابن القاسم، ونقل عن أصبغ الجواز، وعن ابن الماجشون المنع (5).

قوله: (وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ الْوَلاءُ بِإِسْلامِ السَّيِّدِ) يريد: أن الكافر إذا أعتق عبدًا كافرًا ثم أسلم العبد فإن الكافر ليس له ولاؤه، إلا إذا أسلم أيضًا فإن الولاء يعود له، وهكذا قال في الموطأ (6) والمدونة (7). سحنون: وعود الولاء هنا إنما هو للميراث (8)، وأما الولاء فهو قائم لاينتقل.

قوله: (وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ) أي: وجر الحر ولاء (9) ولد العبد المعتق، ومراده أن الولاء ينسحب على العبد المعتق وعلي أولاده وأولاد أولاده الذكور والإناث ما لم يكن (10) ولد الولد قد مسَّه الرق في بطن أمه؛ لأن الولاء (11) لا يجر (12) مع وجود رق أو عتق لغيره لأن المباشر أولى، ومذهب الكتاب (13) أن الجر مقيد بما إذا لم يكن العبد حرًّا في

(1) انظر: التوضيح: 8/ 391.

(2)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 1196.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 239.

(4)

انظر: عقد الجواهر: 3/ 1196.

(5)

انظر: المقدمات الممهدات: 2/ 274.

(6)

انظر: الموطأ: 2/ 785، برقم:(1485).

(7)

انظر: المدونة: 2/ 561.

(8)

في (ن): (في الميراث).

(9)

قوله: (الحر ولاء) يقابله في (ن): (الولاء).

(10)

زاد بعدها في (ن 4): (الولد أو).

(11)

قوله: (لأن الولاء) ساقط من (ن).

(12)

في (ن): (لا ينجر).

(13)

قوله: (ومذهب الكتاب) يقابله في (ن 4): (وهي قاعدة مذهب المدونة).

ص: 519

الأصل كإذا (1) أعتق النصراي عبدًا نصرانيًّا ثم هرب السيد إلى دار الكفر ناقضًا للعهد ثم سبي فبيع وأعتق فإنه لا ينجر (2) إلى معتِقِهِ ولاء ما كان أعتق قبل لحوقه بدار الحرب (3)، وفي الموازية ينجر (4).

قوله: (كَأَوْلادِ الْمُعْتَقَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرّ) أي: من أعتق أمة فولدت ما حملت به بعد العتق فإن ولاء ولدها لمعتقها إذا لم يكن لهم (5) نسب من حر، فإن كان لهم (6) نسب من حر فإن الولاء لا (7) يكون لموالي أمهم (8)، قال الجعدي (9): ولا يكون ولاء ولد المرأة لمواليها إلا في أربعة مواضع، أن يكون أبوهم عبدًا، أو يكونوا من زنى، أو من أب لاعن فيهم ونفاهم عن نفسه (10)، أو يكون الأب حربيًّا بدار الحرب (11).

قوله: (إِلا لِرِقٍّ، أَوْ عِتْقٍ لآخَرَ) هذا مخرج من قوله: (وَجَرَّ وَلَدَ المُعْتَقِ كَأَوْلادِ الْمُعْتَقَةِ) أي: إلا أن يكون أولادها (12) أرقاء أو معتقين لآخر (13)، كمن زوج عبده أمة (14) لرجل ثم أعتقه، والأمة حامل ثم أعتقها سيدها فولدت لأقل من ستة أشهر من عتقها، فإن الأب هنا لا يجر ولاء ولده، لأنه قد مسه عتق لآخر.

قوله: (وَمُعْتَقَهُما) هو معطوف على المنصوب في قوله: (وَجَرَّ وَلَدَ المُعْتَقِ) أي:

(1) في (ن 5): (فإذا)، وفي (ن 4):(ففيها إذا).

(2)

في (ن 3): (لا يجر).

(3)

انظر: المدونة: 2/ 571.

(4)

في (ن 3): (يجر).

(5)

في (ن 3): (له).

(6)

في (ن 3): (له).

(7)

قوله: (لا) ساقط من (ن) و (ن 4).

(8)

في (ن 5): (أبيهم).

(9)

قوله: (الجعدي) يقابله في (ن 4): (الحفيد ابن رشد).

(10)

في (ن): (نسبه).

(11)

انظر: التوضيح: 8/ 394.

(12)

في (ن): (كأن يكون أولادهم) في (ن 5): (إلا أن يكون أولادهما)، وفي (ن 4):(إلا أن يكون أولادهم).

(13)

في (ن 4): (لأقوام آخرين).

(14)

في (ن): (لأمة).

ص: 520

وكذلك إذا أعتق رجل عبدا أو أعتق آخر ولده فإن الأب لا يجر ولاء ولده (1)؛ لأنه قد مسه عتق لآخر (2).

قوله: (وَمُعْتَقَهُما) هو معطوف على المنصوب في قوله: (وَجَرَّ وَلَدَ المُعْتَقِ) أي: وكذلك يجر ولاء (3) من أعتقاه وأولاده، والمحذوف هناك مقدر هنا؛ أي: وجر ولاء معتقهما، فإذا أعتق عبدًا أو أمة ثم أعتق ذلك العبد أو الأمة عبدًا فإن ولاء العبد (4) الأسفل وأولاده يكون للسيد الأعلى.

قوله: (وَإِنْ أُعْتِقَ الأَبُ، أَوِ اسْتَلْحَقَ رَجَعَ الْوَلاءُ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتقِ الجْدِّ والأُمِّ) يعني: أن الأم إذا كانت معتقة وكان الأب والجد رقيقين فإن ولاء الأولاد لمعتق الأم (5)، فإن عتق الجد بعد ذلك رجع ولاء الأولاد لمعتقه، ثم إن عتق الأب (6) رجع ولاؤهم لمعتقه دون معتق الأم والجد، ونقله ابن شاس (7) وغيره (8)، وكذلك لو لاعن الأب فولاء الولد لمعتق الأم؛ لأن نسبه قد انقطع، فلو استلحقه رجع ولاء الولد لمعتق الأب؛ لأنه أولى من معتق الأم.

قوله: (والْقَوْلُ لِمُعْتِق الأَبِ، لا لِمُعْتِقِهَا، إِلا أَنْ تَضَعَ لِدُونِ السِّتَّةِ مِنْ عِتْقِهَا) يريد: إذا وقع التنازع بينهما في حمل الأمة، فقال: معتقها أنها كانت حاملًا يوم العتق ليكون ولاء الولد له لكونه قد مسه الرق له في بطن أمه، وقال معتق الأب: إنما حملت به بعد العتق (9) ليكون له الولاء، فإن القول في ذلك قول معتق الأب؛ لأن الأصل عدم الحمل يوم عتقها إلا أن تضع لدون ستة أشهر من يومئذٍ فيكون ولاؤه لمعتق الأم؛ لأنه علم

(1) قوله: (لأنه قد مسه الرق

فإن الأب لا يجر ولاء ولده) زيادة من (ن).

(2)

قوله: (في بطن أمه لا يجر لآخر

ولاء ولده؛ لأنه قد مسه عتق لآخر) يقابله في (ن 4): (بل عتق آخر).

(3)

قوله: (ولاء) زيادة من (ن).

(4)

قوله: (عبدًا فإن ولاء العبد) يقابله في (ن 4): (عبدًا أو أمة فإن ولاء ذلك العبد أو الأمة).

(5)

قوله: (رقيقين فإن ولاء الأولاد لمعتق الأم) يقابله في (ن 4): (رقيقين معًا أولاد أولادها لمعتقها).

(6)

زاد بعدها في (ن 4): (بعد ذلك).

(7)

انظر: عقد الجوهر: 3/ 1197.

(8)

قوله: (ونقله ابن شاس وغيره) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (بعد العتق) ساقط من (ن).

ص: 521

أنها كانت يوم عتقها حاملًا، وقد مس الجنين الرق لمعتقها في بطنها، فلو وضعت لستة أشهر فأكثر فإن ولاءه يكون (1) لمعتق الأب، وقيده أبو محمد بما إذا لم تكن ظاهرة الحمل يوم عتقها (2)، وإلا فكالوضع لأقل من ستة أشهر.

قوله: (وَإِنْ شَهِدَ بالْوَلاءِ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ أَنَّهُما لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوِ ابْنُ عَمَّهِ لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنَّهُ يَحْلِفُ وَيأَخُذُ الْمَالَ بَعْدَ الاسْتينَاء) أي: خشية (3) أن يأتي له طالب وهو قول ابن القاسم، وقال أشهب: لا يدفع له (4)، يريد لأن أخذ المال فرع ثبوت الولاء ولم يثبت حينئذٍ (5)، واختلف في ثبوت الولاء بشهادة السماع، ففي المدونة: لا يثبت (6)، أي: لاحتمال أن يكون هذا السماع أصله عن واحد وشهادة واحد لا تجوز في الولاء والنسب، ويكون حكمه في المال حكم الشاهد الواحد، ولهذا جمع الشيخ رحمه الله المسألتين وأجاب عنهما بجواب واحد، وهو قوله: (لَمْ يَثْبُتْ

إلى آخره).

وأخذ أصبغ بما في المدونة، وقال ابن المواز: لا يعجبني، وأكمر قول مالك وابن القاسم وأشهب أنه يقضي بالسماع في الولاء والنسب وفي الأحباس والصدقات، وقال ابن القاسم (7): إن مات في غير بلده وشهد بذلك على السماع فإن الولاء لا يثبت، وإن مات ببلده وشهد فيه على المسماع ثبت الولاء (8)؛ إذ لا يحصل في الغالب عن واحد (9).

(1) قوله: (يكون) زيادة في (ن).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 13/ 245.

(3)

قوله: (خشية) ساقط من (ن).

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 8/ 380.

(5)

قوله: (أي: خشية أن يأتي

ثبوت الولاء، ولم يثبت حينئذ) في (ن 4):(اختلف ابن القاسم وأشهب في كل ما ليس بمال، لكنه يئول إلى المال، هل كالمال، أم لا؟ فقال ابن القاسم بالأول يحلف هنا ويأخذ المال بعد الاستيناء خشية أن يأتي له طالب آخر .. وقال أشهب بالثاني؛ لأن أخذ المال فرع عن ثبوت الولاء، ولا يثبت الولاء بواحد ولا بشهادة السماع على المشهور عند قوم، وهو منهم، وهو مذهب المدونة، فلا فرع مع عدم الأصل).

(6)

انظر: المدونة: 4/ 32.

(7)

زاد بعدها في (ن 4): (في الموازية).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: ، 8/ 380.

(9)

زاد بعدها في (ن 4): (أبو عمران: وعلى المشهور لو مات لهذا المولى مولى آخر فأتى بشاهد واحد أنه مولى مولاه، حلف وأخذ المال ولا تلفق الشهادة. ابن يونس: معناه إذا لم يشهد الثاني بما شهد به =

ص: 522

(المتن)

وَقُدِّمَ عَاصِبُ النَّسَبِ، ثُمَّ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ كَالصَّلاةِ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ، وَلا تَرِثُ أُنْثَى إِنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ بعِتْقٍ، أَوْ جَرَّهُ وَلاءٌ بِوِلادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ. وَلَوِ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ أَبَاهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَى الأَبُ عَبْدًا فَأعْتَقَهُ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الأَبِ وَرِثَهُ الاِبْنُ، وَإِنْ مَاتَ الاِبْنُ أوَّلًا فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ الْمُعْتِقِ، وَالرُّبُعُ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ أَبِيهِا، فإِنْ مَاتَ الاِبْنُ، ثُمَّ الأَبُ فَلِلْبِنْتِ النّصْفُ بِالرَّحِمِ، وَالرُّبُعُ بِالْوَلاءِ، وَالثُّمُنُ بِجَرِّه.

(الشرح)

قوله: (وَقُدِّمَ عَاصِبُ النَّسَبِ، ثُمَّ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ) يريد: أن العاصب في هذا الباب مقدم على المعتِق، فإذا مات العتيق وخلف (1) مولاه الذي أعتقه وعاصبه قدم عاصبه على معتِقِهِ، فإن لم يكن له عاصب (2) فميراثه حينئذٍ لمعتقه؛ لأن المولى الأعلى أحد العصبة، إلا أنه أضعف من عاصب النسب، ولذلك قدم عليه (3)، فإن لم يكن له مولى أعلى انتقل الحكم لعصبة مولاه.

قوله: (كَالصَّلَاةِ) أي: على الجنائز (4)، فإن العاصب يقدم ثم المعتِق، ثم عصبته (5).

قوله: (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) أي: فإن لم يكن للمعتِق عصبة انتقل الحكم إلى معتِق (6) معتِقه.

= الأول ولو شهد به للفقت الشهادة بلا يمين أصلا ولو حلف وأخذ المال ثم طرأ المال الآخر ففي كتاب ابن مزين عن أصبغ لا بد من اليمين ثانيًا وأنكره ابن الكاتب وقال يأخذه بلا يمين ولا تكرر عليه إذ المال واحد).

(1)

في (ن 3): (المعتق وحلف).

(2)

قوله: (يريد أن العاصب في هذا

فإن لم يكن له عاصب، ) يقابله في (ن 3):(أي: فإن مات المولى الأسفل وله عاصب فالعاصب مقدم فإن لم يكن)، وفي (ن 4):(أي: يقدم في الميراث عصبة المعتق لأنها توالي بالنسب وهو أقوى من الولاء فإن لم يكن عاصب النسب).

(3)

قوله: (ولذلك قدم عليه) ساقط من (ن).

(4)

في (ن): (الجنازة).

(5)

قوله: (ثم عصبته) ساقط من (ن 3).

(6)

قوله: (معتق) ساقط من (ن 3)، وفي (ن 4):(عصبة).

ص: 523

قوله: (وَلَا تَرِثُ أُنْثى، إِنْ لَمْ تُباشِرْهُ بِعِتْقٍ، أَوْ جَرَّهُ وَلاءٌ بِوِلادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ) يريد: أن الولاء لا يرثه النساء، وحكي عليه سحنون الإجماع (1) إلا من باشرت عتقه أو أعتقه من أعتقته (2) أو يكون ولد لمن أعتقته (3)، وإن سفل من ولد الذكور خاصة.

قوله: (وَلَوْ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ أَبَاهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَى الأَبُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الأَبِ، وَرِثَهُ الابْنُ) أي: إذا اشترى الابن والبنت أباهما عتق عليهما بنفس الشراء، فإن أعتق الأب عبدًا له ثم مات الأب ورثاه، ثم إذا مات عتيق الأب وهو العبد (4) فلا يرثه إلا الابن؛ لأنه عاصب للأب والبنت معتِقة، وقد علمت أن عصبة (5) المعتِق أولى من معتِق المعتِق (6).

قوله: (فإنْ مَاتَ الابْنُ أَوَّلًا فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ الْمُعْتِق، وَالرُّبُعُ لأَنهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ أَبِيهِا) أي: ولو كانت المسألة بحالها، إلا أن الابن مات قبل موت العبد المعتق ثم مات العبد المعتَق (7) بعده، يريد: وقد كان الأب مات قبلهما، فإن البنت ترث نصف ما تركه العبد؛ لأنها معتقة نصف من أعتقه، وهو الأب، ونصف ما بقي وهو الربع؛ لأن النصف الباقي لموالي أبيها، ومواليه هي وأخوها فلها نصفه، وهو الربع مضمومًا إلى النصف الأول فالمجموع ثلاثة أرباع، والربع الباقي (8) لموالي أم أخيها إن كانت أُمُّهُ معتقة، وإن كانت عربية فلبيت المال، قاله ابن يونس (9).

قوله: (فَإِنْ مَاتَ الابْنُ ثُمَّ الأَب فَلِلْبنْتِ النصْفُ بِالرَّحِمِ، وَالرُّبُعُ بِالْوَلاء، والثَّمَن بِجَرِّهِ) أي: فإنها ترث من أبيها سبعة أَثمان التركة: النصفب بالرحم، أي: بالنسب،

(1) انظر نقله للإجماع في النوادر والزيادات: 13/ 52، وانظر أصل المسألة في المدونة: 2/ 589.

(2)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أعتقه).

(3)

في (ن 3) و (ن 4) و (ن 5): (أعتقه).

(4)

قوله: (وهو العبد) ساقط من (ن).

(5)

في (ن 4): (عاصب أو أن).

(6)

زاد بعدها في (ن 4): (ونقله في الجواهر).

(7)

قوله: (ثم مات العبد المعتق) زيادة من (ن).

(8)

قوله: (الأول فالمجموع ثلاثة أرباع والربع الباقي) يقابله في (ن) و (ن 5): (الذي بيدها).

(9)

قوله: (قاله ابن يونس) ساقط من (ن 4).

ص: 524

ونصف ما بقي وهو الربع بالولاء الذي لها في أبيها؛ لأنها أعتقت نصفه، ونصف ما بقي وهو الثمن؛ لأن الربع الباقي لأخيها، فيكون لموالي أبيه وموالي أبيه هي وأخوها (1) فلها نصفه، وهو الثمن، وما بقي لموالي أم (2) أخيها كما تقدم (3).

* * *

(1) في (ن 5): (هو وأخته).

(2)

قوله: (أم) ساقط من (ن) و (ن 5).

(3)

قوله: (كما تقدم) يقابله في (ن): (على ما تقدم). وفي (ن 4): (إن كانت أمة معتقة وإن كانت عربية فلبيت المال، كما تقدم، قاله ابن يونس).

ص: 525