الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعدم عمل بن عَبَّاسٍ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ مَعَ عَدَمِ الْبُعْدِ الَّذِي يُمْكِنُ مَعَهُ الِاخْتِلَافُ عَمَلٌ بِالِاجْتِهَادِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ لُزُومِ التَّقْيِيدِ بِالْعَقْلِ فَلَا يُشَكُّ أَنَّ الْأَدِلَّةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ أَهْلَ الْأَقْطَارِ يَعْمَلُ بَعْضُهُمْ بِخَبَرِ بَعْضٍ وَشَهَادَتُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالرُّؤْيَةُ مِنْ جُمْلَتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ الْقُطْرَيْنِ مِنَ الْبُعْدِ مَا يَجُوزُ مَعَهُ اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ أَمْ لَا فَلَا يُقْبَلُ التَّخْصِيصُ إِلَّا بِدَلِيلٍ
وَلَوْ سُلِّمَ صَلَاحِيَةُ حَدِيثِ كُرَيْبٍ هَذَا لِلتَّخْصِيصِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ إِنْ كَانَ النَّصُّ مَعْلُومًا أَوْ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ معلوما لو رووه على خلاف القياس ولم يأت بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا بِمَعْنَى لَفْظِهِ حَتَّى نَنْظُرَ فِي عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ إِنَّمَا جَاءَ بِصِيغَةٍ مُجْمَلَةٍ أَشَارَ بِهَا إِلَى قِصَّةٍ هِيَ عَدَمُ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ ذَلِكَ الْمُرَادَ وَلَمْ نَفْهَمْ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ حَتَّى نَجْعَلَهُ مُخَصِّصًا لِذَلِكَ الْعُمُومِ فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ ذَلِكَ الْوَارِدِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَعَدَمُ الْإِلْحَاقِ بِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْعَمَلُ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ حِكْمَةٌ لا تعقلها
وَلَوْ تَسَلَّمَ صِحَّةُ الْإِلْحَاقِ وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِهِ فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَحِلَّاتِ الَّتِي بَيْنَهَا مِنَ الْبُعْدِ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ أَوْ أَكْثَرُ وَأَمَّا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ مَا دَلِيلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى اعْتِبَارِ الْبَرِيدِ أَوِ النَّاحِيَةِ أَوِ الْبَلَدِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْعَمَلِ بِالرُّؤْيَةِ
وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ أَنَّهُ إِذَا رَآهُ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ أَهْلَ الْبِلَادِ كُلِّهَا ولا يلتفت إلى ما قاله بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قَالَ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُرَاعَى الرُّؤْيَةُ فِيمَا بَعُدَ مِنَ الْبُلْدَانِ كَخُرَاسَانَ وَالْأَنْدَلُسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَتِمُّ وَالْمُخَالِفُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ
انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ فَتَفَكَّرْ وَتَأَمَّلْ
0 -
(بَاب مَا جَاءَ مَا يُسْتَحَبُّ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ)
[695]
قَوْلُهُ (مَنْ وَجَدَ تَمْرًا فَلِيُفْطِرْ عَلَيْهِ) الْأَمْرُ لِلنَّدْبِ
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابٌ يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْفَى قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا إلخ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ
الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ مَنْ وَجَدَ تَمْرًا فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلْيُفْطِرْ عَلَى الْمَاءِ لَيْسَ على الوجوب وقد شذ بن حَزْمٍ فَأَوْجَبَ الْفِطْرَ عَلَى التَّمْرِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَاءِ انْتَهَى (فَإِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ) أَيْ بَالِغٌ فِي الطَّهَارَةِ فَيُبْتَدَأُ بِهِ تَفَاؤُلًا بِطَهَارَةِ الظَّاهِرِ والباطن
قال الطيبي لأنه مزيل المانع من أداء العباد وَلِذَا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ (وَأَنْزَلْنَا من السماء ماء طهورا) كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو داود وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ
قَوْلُهُ (وَهُوَ حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ) فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ بِرِوَايَتِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ شُعْبَةَ فَرَوَوْهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أصحاب عاصم الأحول كسفيان الثوري وبن عيينة وغيرهما
قوله (وبن عَوْنٍ يَقُولُ عَنْ أُمِّ الرَّائِحِ بِنْتِ صُلَيْعٍ الخ) يعني أن بن عَوْنٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَرْطَبَانَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أُمِّ الرَّائِحِ بِنْتِ صُلَيْعٍ مَكَانَ عَنِ الرَّبَابِ وَالرَّبَابُ لَيْسَتْ غَيْرَ أُمِّ الرَّائِحِ بَلْ هُمَا وَاحِدَةٌ
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ الرَّبَابُ بِفَتْحِ أَوَّلِهَا وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهَا مُوَحَّدَةٌ بِنْتُ صُلَيْعٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرَةً الضَّبِّيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الرَّبَابُ بِنْتُ صُلَيْعٍ أُمُّ الرَّائِحِ عَنْ عمها سليمان بْنِ عَامِرٍ وَعَنْهَا حَفْصَةُ بِنْتُ
سِيرِينَ
قَوْلُهُ (إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِفْطَارِ بِالتَّمْرِ فَإِنْ عُدِمَ فَبِالْمَاءِ وَلَكِنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ الْآتِيَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ أَوْلَى مِنَ الْيَابِسِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ إِنْ وُجِدَ
وَإِنَّمَا شُرِعَ الْإِفْطَارُ بِالتَّمْرِ لِأَنَّهُ حُلْوٌ وَكُلُّ حُلْوٍ يُقَوِّي الْبَصَرَ الَّذِي يَضْعُفُ بِالصَّوْمِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْمُنَاسَبَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْحُلْوَ يُوَافِقُ الْإِيمَانَ وَيُرِقُّ الْقَلْبَ وَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ كَوْنَهُ حُلْوًا وَالْحُلْوُ لَهُ ذَلِكَ التَّأْثِيرُ فَيَلْحَقُ بِهِ الْحُلْوِيَّاتُ كلها قاله الشوكاني وغيره وقال بن الْمَلَكِ الْأَوَّلُ أَنْ تُحَالَ عِلَّتُهُ إِلَى الشَّارِعِ انْتَهَى
قُلْتُ لَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ أَوْلَى
[696]
قَوْلُهُ (يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ) أَيِ الْمَغْرِبَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْمُبَالَغَةِ فِي اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَأَمَّا مَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما كَانَا بِرَمَضَانَ يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حِينَ يَنْظُرَانِ إِلَى اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهُوَ لِبَيَانِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُ التَّعْجِيلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُفْطِرُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَأَنَّهُمَا كَانَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا تَمْرٌ وَلَا مَاءٌ أَوْ كَانَا غَيْرَ مُعْتَكِفَيْنِ وَرَأَيَا الْأَكْلَ وَالشَّرَابَ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ مَكْرُوهَيْنِ لَكِنَّ إِطْلَاقَ الْأَحَادِيثِ ظَاهِرٌ فِي اسْتِثْنَاءِ حَالِ الْإِفْطَارِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ) بِالرَّفْعِ (فَتُمَيْرَاتٌ) بِالتَّصْغِيرِ مَجْرُورٌ وَمَرْفُوعٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثُ رُطَبَاتٍ وَثَلَاثُ تُمَيْرَاتٍ قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي اللُّمَعَاتِ (حَسَا حَسَوَاتٍ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ شَرِبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْحُسْوَةُ بِالضَّمِّ الْجَرْعَةُ مِنَ الشَّرَابِ بِقَدْرِ مَا يُحْسَى مَرَّةً وَاحِدَةً وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِفْطَارِ بِالرُّطَبِ فَإِنْ عدم فبالتمر