الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَجَابَ بِهِ السَّائِلَ وَلِكَوْنِ أَحَادِيثِ الْفَصْلِ أَثْبَتُ وَأَكْثَرَ طُرُقًا انْتَهَى
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ الْمَذْكُورِ وَلِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبٍ الْمَذْكُورِ وَفِيهِمَا كَلَامٌ كَمَا عَرَفْتَ
هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
9 -
(بَاب كَيْفَ كَانَ تَطَوُّعُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهَارِ)
[598]
قَوْلُهُ (عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ) السَّلُولِيِّ الْكُوفِيِّ صَدُوقٌ قَالَهُ الْحَافِظُ
قَوْلُهُ (فَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَ ذَلِكَ) أي الدوام والمواظبة على ذلك وعند بن مَاجَهْ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَلَّ مَنْ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا (فَقُلْنَا مَنْ أَطَاقَ ذَلِكَ مِنَّا) خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخْذَهُ وَفَعَلَهُ وَفِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ فَقُلْنَا أَخْبَرَنَا بِهِ نَأْخُذْ مِنْهُ مَا استطعنا (إذا كانت الشمس من ها هنا) زاد في رواية بن مَاجَهْ يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ (كَهَيْئَتِهَا مِنْ ها هنا) يَعْنِي مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ كَمَا فِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ (عِنْدَ الْعَصْرِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ مِقْدَارَ ارْتِفَاعِهَا مِنْ جَانِبِ الْمَغْرِبِ وَقْتَ الْعَصْرِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ صَلَاةُ الضُّحَى وَقِيلَ هِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ بَعْدَ الْمِثْلَيْنِ
قُلْتُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ صَلَاةِ الْإِشْرَاقِ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يصليها النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَظَاهِرٌ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرُ صَلَاةِ الْإِشْرَاقِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ صَلَاةِ الْإِشْرَاقِ غَيْرَهَا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ فَتَفَكَّرْ
وَقَدْ سَمَّى صَاحِبُ إِنْجَاحِ الْحَاجَةِ هَذِهِ الصَّلَاةَ الضَّحْوَةَ الصُّغْرَى وَالصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ الْآتِيَةَ فِي الْحَدِيثِ الضَّحْوَةَ الْكُبْرَى حَيْثُ قَالَ هَذِهِ الصَّلَاةُ هِيَ الضَّحْوَةُ الصُّغْرَى وَهُوَ وَقْتُ الْإِشْرَاقِ وَهَذَا الْوَقْتُ هُوَ أَوْسَطُ وَقْتِ الْإِشْرَاقِ وَأَعْلَاهَا وَأَمَّا دُخُولُ وَقْتِهِ فَبَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا مِقْدَارَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ حِينَ تَصِيرُ الشَّمْسُ بَازِغَةً وَيَزُولُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ الضَّحْوَةُ الْكُبْرَى انتهى (وإذا كانت الشمس من ها هنا) أي من جانب المشرق
(كهيئتها من ها هنا) أَيْ مِنْ جَانِبِ الْمَغْرِبِ (عِنْدَ الظُّهْرِ صَلَّى أَرْبَعًا) وَهِيَ الضَّحْوَةُ الْكُبْرَى وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَصْلِ بالتسليم والتشهد لِأَنَّ فِيهِ السَّلَامَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ قَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ كَانَ يَرَى صَلَاةَ النَّهَارِ أَرْبَعًا قَالَ وَفِيمَا أَوَّلَهُ عَلَيْهِ بُعْدٌ
انْتَهَى كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ
قُلْتُ قَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا فِي بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَذَكَرَ هُنَاكَ قَوْلَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا بُعْدَ عِنْدِي فِيمَا أَوَّلَهُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ الْقَرِيبُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ إِذِ النَّبِيُّونَ وَالْمُرْسَلُونَ لَا يَحْضُرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَنْوِيَهُمُ الْمُصَلِّي بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَكَيْفَ يُرَادُ بِالتَّسْلِيمِ تَسْلِيمُ التَّحَلُّلِ مِنَ الصَّلَاةِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الْبَغَوِيُّ الْمُرَادُ بِالتَّسْلِيمِ التَّشَهُّدُ دُونَ السَّلَامِ أَيْ وَسُمِّيَ تَسْلِيمًا عَلَى مَنْ ذَكَرَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ وكذا قاله بن الْمَلَكِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرَائِيلَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ انْتَهَى مَا فِي المرقاة
وأما قول بن حَجَرٍ الْمَكِّيِّ لَفْظُ الْحَدِيثِ يَأْبَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالتَّسْلِيمِ فِيهِ لِلتَّحَلُّلِ مِنَ الصَّلَاةِ فَيُسَنُّ لِلْمُسْلِمِ مِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَعَلَى يَسَارِهِ وَخَلْفَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ انْتَهَى
فَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَسْنُونًا لِلْمُصَلِّي أَنْ يَنْوِيَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَالْحَالُ أَنَّ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لَا يَحْضُرُونَ الصَّلَاةَ وَلَا يَكُونُونَ عَلَى يَمِينِ الْمُصَلِّي وَلَا عَلَى يَسَارِهِ وَخَلْفَهُ فَتَأَمَّلْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وأخرجه بن ماجه والنسائي
[599]
قَوْلُهُ (قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بْنِ مَخْلَدٍ الْحَنْظَلِيُّ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ رَاهَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مُجْتَهِدٌ قَرِينُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي تَطَوُّعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهَارِ هَذَا) أَيْ هَذَا الْحَدِيثُ لعله أراد بكونه أحسن بشيء فِي تَطَوُّعِهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهَارِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى سِتِّ عَشْرَةَ رَكْعَةً دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ زاد بن مَاجَهْ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَكِيعٌ زَادَ فِيهِ أَبِي فَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِحَدِيثِكَ هَذَا مِلْءَ مَسْجِدِكَ هَذَا ذَهَبًا انتهى
(وروي عن بن الْمُبَارَكِ أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ) الظَّاهِرُ أَنَّ تَضْعِيفَهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه كَمَا سَتَعْرِفُ (وَإِنَّمَا ضَعَّفُهُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ لَا يُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ هُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَخْ) قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ عَاصِمُ بْنُ ضمرة صاحب علي وثقه بن معين وبن الْمَدِينِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ هُوَ أَعْلَى مِنَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ وَهُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ به بأس وأما بن عَدِيٍّ فَقَالَ يَنْفَرِدُ عَلَى عَلِيٍّ بِأَحَادِيثَ وَالْبَلِيَّةُ مِنْهُ
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ سَمِعْتُ مُغِيرَةَ يَقُولُ لَمْ يَصْدُقْ فِي الْحَدِيثِ عَلَى علي إلا أصحاب بن مسعود
وقال بن حِبَّانَ رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْحَكَمُ رَدِيءَ الْحِفْظِ فَاحِشَ الْخَطَأِ يَرْفَعُ عَنْ عَلِيٍّ قَوْلَهُ كَثِيرًا فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ عَلَى أَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا من الحارس
وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ تَطَوَّعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الثَّالِثَةِ مِنَ النَّهَارِ ثُمَّ أَرْبَعًا قَبْلَ الزَّوَالِ ثُمَّ أَرْبَعًا بَعْدَهُ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ أَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ أَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْكُونَ هَذَا إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي دهرهم يعني أن عائشة وبن عُمَرَ وَغَيْرَهُمَا حَكَوْا عَنْهُ خِلَافَ هَذَا وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ يَنْقُلُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى ذَلِكَ
قَالَ ثُمَّ خَالَفَ الْأُمَّةَ وَرَوَى كَانَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسُ شِيَاهٍ انْتَهَى كَلَامُ