الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
(أبواب السفر)
باب التَّقْصِيرِ فِي السَّفَرِ [544] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْوَرَّاقُ الْبَغْدَادِيُّ) صَاحِبُ أَحْمَدَ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْأُمَوِيِّ وَمُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
قَالَ أَحْمَدُ قَلَّ مَنْ يُرَى مِثْلُهُ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ 251 إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ) بِالتَّصْغِيرِ الطَّائِفِيُّ الْقُرَشِيُّ مولاهم المكي الخراز بمعجمة ثم مهملة وثقه بن معين وبن سَعْدٍ وَالنَّسَائِيُّ إِلَّا فِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ قَالَ الْخَزْرَجِيُّ احْتَجَّ بِهِ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ السَّاجِيُّ أَخْطَأَ فِي أَحَادِيثَ رَوَاهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
قَالَ الْحَافِظُ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ شَيْئًا انْتَهَى (عن عبيد الله) هو بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ
قَوْلُهُ (فَكَانُوا يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ صَحِبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ صَحِبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل وَصَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل
وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا
الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا التِّرْمِذِيُّ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ تَمَامًا وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّ وَفِي رِوَايَةٍ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ سِتَّ سِنِينَ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَتِهِ وَتَأَوَّلَ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِأَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مِنًى
وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِإِتْمَامِ عُثْمَانَ بَعْدَ صَدْرٍ مِنْ خِلَافَتِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِتْمَامِ بِمِنًى خَاصَّةً وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَةٍ بِأَنَّ إِتْمَامَ عُثْمَانَ كَانَ بِمِنًى
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقِيلَ فِي ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ
وَاعْلَمْ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَيْضًا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ سَبَبِ إِتْمَامِهَا (لَا يُصَلُّونَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) أَيْ لَا يُصَلُّونَ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْيَ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا
وَسَيَجِيءُ تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ (لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا) أَيْ رَوَاتِبَ (قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَأَتْمَمْتُهَا) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِتْمَامِ وَصَلَاةِ الرَّاتِبَةِ لَكَانَ الْإِتْمَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ لَكِنَّهُ فَهِمَ مِنَ الْقَصْرِ التَّخْفِيفَ فَلِذَلِكَ كَانَ لَا يُصَلِّي الرَّاتِبَةَ وَلَا يُتِمُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عن عمر وعلي وبن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَائِشَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَصَلَّيْتُ مَعَهُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا
قَالَ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ فِي سَنَدِهِ الْحَارِثُ وَهُوَ ضعيف
وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قوله (حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ مِثْلَ هَذَا) وَقَدْ عَرَفْتَ تَرْجَمَةَ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا عَرَفْتَهُ أَيْضًا
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنِ بن عُمَرَ إلخ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ) وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَانِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ فَمَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ قَالَ تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَدْ جَاءَ عَنْهَا سَبَبُ الْإِتْمَامِ صَرِيحًا وَهُوَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَقُلْتُ لَهَا لَوْ صليت ركعتين فقالت يا بن أُخْتِي إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ وَأَنَّ الْإِتْمَامَ لِمَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قَوْلُهُ (وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ التَّقْصِيرُ رُخْصَةٌ لَهُ فِي السَّفَرِ فَإِنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ أَجْزَأَ عَنْهُ)
قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلِ الْقَصْرُ وَاجِبٌ أَمْ رُخْصَةٌ وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْحَنَفِيَّةُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ إِلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ كَانَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ هُوَ
الْوَاجِبُ فِي السَّفَرِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُعِيدُ مَنْ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا وَقَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ انْتَهَى وَذَهَبَ إِلَى الثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ وبن عباس
قال بن الْمُنْذِرِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الصُّبْحِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْقَصْرِ بِحُجَجٍ مِنْهَا مُلَازَمَتُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْقَصْرِ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ أَتَمَّ الرُّبَاعِيَّةَ فِي السَّفَرِ ألْبَتَّةَ
كما قال بن الْقَيِّمِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ كَلَامٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَإِنْ صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِسْنَادَهُ وَكَذَا حَدِيثُهَا قَالَتْ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ وَصُمْتُ وَقَصَرَ وَأَتْمَمْتُ فَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي أَفْطَرْتَ وَصُمْتُ وَقَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ فَقَالَ أحسنت يا عائشة
رواه الدارقطني لا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَإِنْ حَسَّنَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِسْنَادَهُ
وَقَدْ بَيَّنَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ عَدَمَ صَلَاحِيَتِهِمَا لِلِاحْتِجَاجِ فِي النَّيْلِ بِالْبَسْطِ مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ
وَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْمُلَازَمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ وَغَيْرُهُمْ
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ قَالُوا هُوَ دَلِيلٌ نَاهِضٌ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ إِذَا كَانَتْ مَفْرُوضَةً رَكْعَتَيْنِ لَمْ تَجُزِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي الْحَضَرِ
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ غَيْرُ مَرْفُوعٍ وَأَنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ زَمَانَ فَرْضِ الصَّلَاةِ
وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ مما لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهَا لَمْ تُدْرِكِ الْقِصَّةَ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ حُجَّةٌ
وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمَا أَتَمَّتْ عَائِشَةُ حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَضَ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ عَلَى الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَلَى الْمُقِيمِ أَرْبَعًا وَالْخَوْفِ رَكْعَةً أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالُوا هَذَا الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ قَدْ حَكَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ فَرَضَ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ أَتْقَى لِلَّهِ وَأَخْشَى مِنْ أَنْ يَحْكِيَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ ذَلِكَ بِلَا بُرْهَانٍ
وَمِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ
وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ مِنْ غَيْرِ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
رواه أحمد والنسائي وبن مَاجَهْ قَالَ فِي النَّيْلِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا يَزِيدَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وقد وثقه أحمد وبن معين
قال بن الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ هُوَ ثَابِتٌ عَنْهُ
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ وَالتَّمَامَ أَفْضَلُ بِحُجَجٍ مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أن تقصروا من الصلاة) وَنَفْيُ الْجُنَاحِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزِيمَةِ بَلْ عَلَى الرُّخْصَةِ وَعَلَى أَنَّ الْأَصْلَ التَّمَامُ وَالْقَصْرُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ أَطْوَلَ مِنْهُ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ وَرَدَتْ فِي قَصْرِ الصِّفَةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لَا فِي قَصْرِ الْعَدَدِ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَقَدُّمِ شَرْعِيَّةِ قَصْرِ الْعَدَدِ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ
قَالُوا الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ صَدَقَةٌ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ فَقَطْ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَبُولِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا مَحِيصَ عَنْهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ
وَمِنْهَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُسَافِرُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمِنْهُمُ الْقَاصِرُ وَمِنْهُمُ الْمُتِمُّ وَمِنْهُمُ الصَّائِمُ وَمِنْهُمُ الْمُفْطِرُ لَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ لَمْ نَجِدْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَوْلَهُ فَمِنْهُمُ الْقَاصِرُ وَمِنْهُمُ الْمُتِمُّ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَحَادِيثُ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ انْتَهَى
قُلْتُ لَمْ نَجِدْ أَيْضًا هَذَا اللَّفْظَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ
قَالَ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ نَادَتْ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَدْ عَرَفْتَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ
هَذَا كُلُّهُ تَلْخِيصُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ مَعَ زِيَادَةٍ وَاخْتِصَارٍ
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَهَذَا النِّزَاعُ فِي وُجُوبِ الْقَصْرِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ لَاحَ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا رُجْحَانُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ
وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ التَّمَامَ أَفْضَلُ فَمَدْفُوعَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَعَدَمِ صُدُورِ التَّمَامِ عَنْهُ وَيَبْعُدُ أَنْ يُلَازِمَ صلى الله عليه وسلم طُولَ عُمَرِهِ الْمَفْضُولَ وَيَدَعَ الْأَفْضَلَ انْتَهَى
قُلْتُ مِنْ شَأْنِ مُتَّبِعِي السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ وَمُقْتَفِي الْآثَارِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ أَنْ يُلَازِمُوا الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ كَمَا لَازَمَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ غَيْرَ وَاجِبٍ فَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ فِي الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ
وَلَا حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يُتِمُّوا فِي السَّفَرِ وَيَتَأَوَّلُوا كَمَا تَأَوَّلَتْ عَائِشَةُ وَتَأَوَّلَ عُثْمَانُ رضي الله عنهما
هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[545]
قَوْلُهُ (وَمَعَ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَتِهِ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) وَفِي حَدِيثِ بن عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعًا وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ أَتَمَّهَا
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ سَبَبَ إِتْمَامِ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقَصْرَ مُخْتَصًّا بِمَنْ كَانَ شَاخِصًا سَائِرًا
وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ فِي مَكَانٍ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ فَلَهُ حُكْمُ الْمُقِيمِ فَيُتِمُّ وَالْحُجَّةُ فِيهِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ حَاجًّا صَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ بِمَكَّةَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ وَعَمْرُو بن عثمان فقالا لقد عبت أمر بن عَمِّك لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ
قَالَ وَكَانَ عُثْمَانُ حَيْثُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا ثُمَّ إِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَةَ قَصَرَ الصَّلَاةَ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ وَأَقَامَ بمنى أتم الصلاة
وقال بن بَطَّالٍ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ كَانَا يَرَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَصَرَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالْأَيْسَرِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِهِ فَأَخَذَا لِأَنْفُسِهِمَا بِالشِّدَّةِ انْتَهَى
وَهَذَا رَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ آخِرِهُمُ الْقُرْطُبِيُّ لَكِنَّ الْوَجْهَ الَّذِي قَبْلَهُ أَوْلَى لِتَصْرِيحِ الرَّاوِي بِالسَّبَبِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَذَكَرَ سَبَبًا آخَرَ فَقَالَ رَوَى الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِنَّمَا صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا لِأَنَّ الْأَعْرَابَ كَانُوا أَكْثَرُوا فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَأَحَبَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَتَمَّ بِمِنًى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ إِنَّ الْقَصْرَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ وَلَكِنَّهُ حَدَثَ طَغَامٌ يَعْنِي بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ فَخِفْتُ أن يستنوا وعن بن جُرَيْجٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا نَادَاهُ فِي مِنًى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِلْتُ أُصَلِّيهَا مُنْذُ رَأَيْتُكَ عَامَ أَوَّلَ رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَصْلَ سَبَبِ الْإِتْمَامِ وَلَيْسَ بِمُعَارِضٍ لِلْوَجْهِ الَّذِي اخْتَرْتُهُ بَلْ يُقَوِّيهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ حَالَةَ الْإِقَامَةِ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ أَقْرَبُ إِلَى قِيَاسِ الْإِقَامَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ السَّائِرِ وَهَذَا مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُ عُثْمَانَ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لِإِتْمَامِ عُثْمَانَ الصَّلَاةَ فِي مِنًى أَسْبَابٌ أُخْرَى وَلَمْ أَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهَا فَإِنَّهَا لَا
دَلِيلَ عَلَيْهَا بَلْ هِيَ ظُنُونٌ مِمَّنْ قَالَهَا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ ضَعِيفٌ وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ انْتَهَى
قُلْتُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ صَدُوقٌ كَمَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ عَلَى أَنَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ شَوَاهِدَ وَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ ضَعِيفٍ قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ لِشَوَاهِدِهِ
قَوْلُهُ (وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ) الطَّائِفِيِّ نَزِيلِ مَكَّةَ ثَبْتٌ حَافِظٌ
[546]
قَوْلُهُ (صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا) أَيْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَرَادَ فِيهِ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ (وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ) ذُو الْحُلَيْفَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي السَّفَرِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ إِلَّا بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ الْبَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَقْصُرُ إِذَا كَانَ مِنَ الْمِصْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْصُرَ مِنْ مَنْزِلِهِ وروى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْبَصْرَةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا ثم قال إنا لو جاوزنا هذا الخص لصلينا ركعتين
ذكره بن الْهُمَامِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْبَصْرَةِ رَأَى خُصًّا فَقَالَ لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ قُلْتُ وَمَا الْخُصُّ قَالَ بَيْتٌ مِنْ قَصَبٍ
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا فَقَالَ وَخَرَجَ عَلِيٌّ فَقَصَرَ وَهُوَ يَرَى الْبُيُوتَ فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الْكُوفَةُ قَالَ لَا حَتَّى نَدْخُلَهَا
وَرَوَى أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن عمر عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ شِعْبِ الْمَدِينَةِ وَيَقْصُرُ إِذَا رَجَعَ حَتَّى يَدْخُلَهَا كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ