الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ
0 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يصلي الفريضة ثم يؤم الناس)
بعد ذلك [583] قَوْلُهُ (كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ عُمَرَ وَعِشَاءَ الْآخِرَةِ (ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ) فِي رِوَايَةٍ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلِلْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ أَيِ الْمَذْكُورَةَ
وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرٍو ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ وَالطَّحَاوِيِّ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَغْرِبِ الْعِشَاءُ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ أَصْحَابِنَا أَصْحَابُ الْحَدِيثِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ مَرَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَةِ (قَالُوا إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَقَدْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ جَائِزَةٌ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يَنْوِي بِالْأُولَى الْفَرْضَ وَبِالثَّانِيَةِ
النَّفْلَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ زَادَ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَقَدْ صَرَّحَ بن جُرَيْجٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ فانتفت تهمة تدليسه فقول بن الْجَوْزِيِّ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَرْدُودٌ وَتَعْلِيلُ الطَّحَاوِيِّ له بأن بن عُيَيْنَةَ سَاقَهُ عَنْ عَمْرٍو أَتَمَّ مِنْ سِيَاقِ بن جُرَيْجٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَ بِقَادِحٍ في صحته لأن بن جريج اسن وأجل من بن عُيَيْنَةَ وَأَقْدَمُ أَخْذًا عَنْ عَمْرٍو مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهِيَ زِيَادَةٌ مِنْ ثِقَةٍ حَافِظٍ لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ وَلَا أَكْثَرُ عَدَدًا فَلَا مَانِعَ فِي الْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا
وَأَمَّا رَدُّ الطَّحَاوِيِّ لَهَا بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مُدْرَجَةً فَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاجِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّفْصِيلُ فَمَهْمَا كَانَ مَضْمُومًا إِلَى الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ
فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ أَخْرَجَهَا مُتَابِعًا لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ
وَقَوْلُ الطَّحَاوِيِّ هُوَ ظَنٌّ مِنْ جَابِرٍ مَرْدُودٌ لِأَنَّ جَابِرًا كَانَ مِمَّنْ يُصَلِّي مَعَ مُعَاذٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يُظَنُّ بِجَابِرٍ أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ شَخْصٍ بِأَمْرٍ غَيْرِ مُشَاهَدٍ إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ
وَأَمَّا قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ لَا حُجَّةَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَقْرِيرِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ رَأْيَ الصَّحَابِيِّ إِذَا لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ حُجَّةٌ وَالْوَاقِعُ هُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِينَ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ كُلَّهُمْ صَحَابَةٌ وَفِيهِمْ ثَلَاثُونَ عَقَبِيًّا وَأَرْبَعُونَ بَدْرِيًّا
قَالَهُ بن حَزْمٍ قَالَ وَلَا يُحْفَظُ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ امْتِنَاعُ ذَلِكَ بَلْ قَالَ مَعَهُمْ بِالْجَوَازِ عمر وبن عُمَرَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَنَسٌ وَغَيْرُهُمُ انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ رَوَى أَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ سُلَيْمٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَأْتِينَا الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِكَ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فَإِنَّ قَوْلَهُ إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِكَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ مَعْنَاهُ إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَلَا تُصَلِّيَ بِقَوْمِكَ وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ بِقَوْمِكَ أَيْ وَلَا تُصَلِّيَ مَعِي
قُلْتُ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَلَامٌ قال الشوكاني في النيل قد أعلها بن حَزْمٍ بِالِانْقِطَاعِ لِأَنَّ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَدْرَكَ الَّذِي شَكَا إِلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا الشَّاكِيَ مَاتَ قَبْلَ أُحُدٍ انْتَهَى
ثُمَّ فِي صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِكَ كَلَامٌ أَيْضًا
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا دَعْوَى الطَّحَاوِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَلَا تُصَلِّ بِقَوْمِكَ وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ بِقَوْمِكَ وَلَا تُصَلِّ مَعِي فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَقُولَ بَلِ التَّقْدِيرُ إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي فَقَطْ إِذَا لَمْ تُخَفِّفْ وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ بِقَوْمِكَ فَتُصَلِّيَ مَعِي وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُقَابَلَةِ التَّخْفِيفِ بِتَرْكِ التَّخْفِيفِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ)
قَوْلُهُ (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْقَوْمُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ فَائْتَمَّ بِهِ قَالَ صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ أَرَ فِي جَوَازِهَا حَدِيثًا مَرْفُوعًا
وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى قِصَّةِ مُعَاذٍ فَقِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
وَفَتْوَى أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذِهِ فِيمَا إِذَا يَحْسَبُ الدَّاخِلُ أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ وَأَمَّا إِذْا يَعْلَمُ أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ وَمَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ قَدِ ائْتَمَّ بِهِ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ لَيْسَتْ بِجَائِزَةٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ
قَالَ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ مَا لَفْظُهُ قُلْتُ لَهُ فِي الصَّحِيحِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَأُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلَا يُصَلِّي إِلَّا الْعَصْرَ لِأَنَّهُ قَالَ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وفيه بن لَهِيعَةَ وَفِيهِ كَلَامٌ انْتَهَى كَلَامُ الْهَيْثَمِيِّ (وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِذَا ائْتَمَّ قَوْمٌ بِإِمَامٍ وَهُوَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهَا الظُّهْرُ فَصَلَّى بِهِمْ وَاقْتَدَوْا بِهِ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي فَاسِدَةٌ إِذَا اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْمُقْتَدِينَ قَدِ اخْتَلَفُوا عَلَى إِمَامِهِمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ الْحَدِيثَ
أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ