الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَالَ إِنَّمَا عَلَيَّ الْخَرَاجُ الْخَرَاجُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْعُشْرُ عَلَى الْحَبِّ
أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ فِي الْخَرَاجِ لَهُ وَفِيهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ
لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ يُعَامِلُونَ عَلَى الْأَرْضِ وَيَسْتَكْرُونَهَا وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ عَمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا وَفِي الْبَابِ حديث بن عُمَرَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُسْتَدَلُّ بِعُمُومِهِ انْتَهَى مَا فِي الدَّارِيَةِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ الْخَرَاجَ وَالْعُشْرَ لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى مُسْلِمٍ بَلْ حديث بن عُمَرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِعُمُومِهِ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ وَأَثَرُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَثَرُ الزُّهْرِيِّ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ كَانَ عَلَى ذَلِكَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ
تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَمْ يَجْمَعْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَالْجَوْرِ بَيْنَهُمَا يَعْنِي بَيْنَ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ وَكَفَى بِإِجْمَاعِهِمْ حُجَّةً انْتَهَى
قُلْتُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ بَاطِلَةٌ جِدًّا
قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ رَادًّا عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَلَا إِجْمَاعَ مَعَ خِلَافِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ بَلْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ غَيْرِهِمَا التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِمَا انْتَهَى
5 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي زَكَاةِ مَالِ الْيَتِيمِ)
[641]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بْنِ يَزِيدَ بْنِ زَاذَانَ التَّمِيمِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ الْفَرَّاءُ الْمَعْرُوفُ بِالصَّغِيرِ رَوَى عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيِّ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَرَوَى الْبَاقُونَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ ثِقَةٌ حَافِظٌ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَالتَّقْرِيبِ
قَوْلُهُ (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (مَنْ وَلِيَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ اللَّامِ قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَفِي نُسْخَةٍ أَيْ مِنَ الْمِشْكَاةِ بِضَمِّ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ صَارَ ولي يتيم (له مَالٌ) صِفَةٌ لِيَتِيمٍ أَيْ مَنْ صَارَ وَلِيًّا لِيَتِيمٍ ذِي مَالٍ (فَلْيَتَّجِرْ) بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (فِيهِ) أَيْ فِي مَالِ الْيَتِيمِ
(وَلَا يَتْرُكْهُ) بِالنَّهْيِ وَقِيلَ بِالنَّفْيِ (حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ) أَيْ تُنْقِصَهُ وَتُفْنِيَهُ لِأَنَّ الْأَكْلَ سَبَبُ الفناء
قال بن الْمَلَكِ أَيْ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْهَا فَيَنْقُصُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا زَكَاةَ فِيهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ إلخ) قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ لَكِنَّ رَاوِيَهُ عَنْهُ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِنْ حَدِيثِ الْعَرْزَمِيِّ عن عمرو والعرزمي ضعيف متروك ورواه بن عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ الْإِفْرِيقِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الْحَافِظُ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عن بن جُرَيْجٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ وَلَكِنْ أَكَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا اتَّجِرُوا فِي مَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعْدٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ رَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عن عمر ورواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بن شعيب عن عمر لم يذكر بن الْمُسَيِّبِ وَهُوَ أَصَحُّ وَإِيَّاهُ عَنَى التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى كَذَا فِي التَّلْخِيصِ
قَوْلُهُ (مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وعائشة وبن عُمَرَ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ فِيهِ وروى الشافعي عن بن عيينة عن أيوب عن نافع عن بن عُمَرَ مَوْقُوفًا أَيْضًا
قَالَ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْهُ انْتَهَى وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي وَأَخًا لي يتيمين في جحرها فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ
قَوْلُهُ (وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لَكِنَّهَا يُؤَيِّدُهَا آثَارٌ صَحِيحَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَبِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ
قَوْلُهُ (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ) وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا رضي الله عنهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يكبر
قال بن الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم مِنَ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ عَنْ سَمَاعٍ إِذْ يُمْكِنُ الرَّأْيُ فِيهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِنَاءً عَلَيْهِ فَحَاصِلُهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ عَنِ اجْتِهَادٍ عَارَضَهُ رَأْيُ صَحَابِيٍّ آخَرَ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ أَنْبَأَنَا أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أبي سليم عن مجاهد عن بن مَسْعُودٍ قَالَ لَيْسَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ وَلَيْثٌ كَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ وَقِيلَ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَكُنْ لِيَذْهَبَ فَيَأْخُذَ عَنْهُ حَالَ اخْتِلَاطِهِ وَيَرْوِيَهُ وَهُوَ الَّذِي شَدَّدَ أَمْرَ الرِّوَايَةِ مَا لم يشدده غيره وروى مثل قول بن مسعود عن بن عباس تفرد به بن لَهِيعَةَ انْتَهَى
قُلْتُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَدَمُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ
وأما أثر بن مَسْعُودٍ فَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَالثَّانِي أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ لَيْثَ بْنَ أبي سليم قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ اِخْتَلَطَ أَخِيرًا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُهُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا أَثَرٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ مُجَاهِدًا لم يلق بن مَسْعُودٍ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضعيف عند أهل الحديث انتهى
وأجاب بن الْهُمَامِ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُجِبْ عَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي وَفِيمَا أَجَابَ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كلام فتفكر
وأما أثر بن عباس فقد تفرد به بن لهيعة كما صرح به بن الْهُمَامِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ يُرْوَى حَدِيثُهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَلَا يُحْتَجُّ به انتهى
وأما حَدِيثُ عَائِشَةَ وَعَلِيٍّ الْمَذْكُورُ فَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ نَظَرٌ كَيْفَ وَقَدْ رَوَاهُ عَائِشَةُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُمَا قَائِلَانِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الراية قال بن الْجَوْزِيِّ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ قَلَمُ الْإِثْمِ أَوْ قلم الأذى انتهى
وقال القاضي بن الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ وَزَعَمَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّكَاةَ أَوْجَبَتْ شُكْرَ نِعْمَةِ الْمَالِ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ أَوْجَبَتْ شُكْرَ نِعْمَةِ الْبَدَنِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ بَعْدُ عَلَى الصَّبِيِّ شُكْرٌ قُلْنَا مَحَلُّ الصَّلَاةِ يَضْعُفُ عَنْ شُكْرِ النِّعْمَةِ فِيهِ وَمَحَلُّ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْمَالُ كَامِلٌ لِشُكْرِ النِّعْمَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقُرْبَةُ قُلْنَا يُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا يُؤَدَّى عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَعَنِ الْمُمْتَنِعِ جَبْرًا
وَكَمَا يُؤَدَّى عَنْهُ الْعُشْرُ وَالْفِطْرَةُ وَهُوَ دَيْنٌ يُقْضَى عَنْهُ لِمُسْتَحِقِّهِ وَإِنْ لَمْ يعمل به لأن الناظر لم حَكَمَ بِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَشُعَيْبٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) وَأَمَّا قول بن حِبَّانَ لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ خَطَأٌ
وَقَدْ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْعُدُولِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ يَا شُعَيْبُ امْضِ مَعَهُ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَقَدْ صَحَّ بِهَذَا سَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ أَثْبَتَ سَمَاعَهُ مِنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ص 873 تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ
قُلْتُ وَقَدْ أَسْنَدَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَقَالَ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ شُعَيْبٌ بِسَمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَمَاكِنَ وَصَحَّ سَمَاعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ شُعَيْبٍ قَالَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَذَكَرَ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ انْتَهَى
قُلْتُ وَقَدْ سَمِعَ عَمْرٌو مِنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ فَفِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُوزَجَانِيُّ قُلْتُ لِأَحْمَدَ عَمْرٌو سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا قَالَ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي انْتَهَى (وَقَدْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْقَطَّانُ (فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَالَ هُوَ عِنْدَنَا وَاهٍ) أَيْ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ (وَمَنْ ضَعَّفَهُ فَإِنَّمَا ضَعَّفَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُحَدِّثُ مِنْ صَحِيفَةِ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو) يَعْنِي تَضْعِيفَ مَنْ ضَعَّفَهُ لَيْسَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُحَدِّثُ مِنْ صَحِيفَةِ جَدِّهِ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ السَّاجِيُّ قال بن مَعِينٍ هُوَ ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ وَمَا رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَيْسَ بِمُتَّصِلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ قَبِيلِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ وَجَدُّ شُعَيْبٍ كَتْبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَكَانَ يَرْوِيهَا عَنْ جَدِّهِ إِرْسَالًا وَهِيَ صِحَاحٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا قَالَ الْحَافِظُ فَإِذَا شَهِدَ له بن مَعِينٍ أَنَّ أَحَادِيثَهُ صِحَاحٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا وَصَحَّ سَمَاعُهُ لِبَعْضِهَا فَغَايَةُ الْبَاقِي أَنْ يَكُونَ وِجَادَةً صَحِيحَةً وَهُوَ أَحَدُ وُجُوهِ التَّحَمُّلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَأَمَّا أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَيَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَيُثْبِتُونَهُ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا) قَالَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي ص 15 ج 2 تَرْجَمَةُ عَمْرٍو قَوِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ لَكِنْ حَيْثُ لَا تَعَارُضَ انْتَهَى
وَفِي شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْعِرَاقِيِّ لِلْمُصَنِّفِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا حُجَّةٌ مُطْلَقًا إِذَا صَحَّ السَّنَدُ إِلَيْهِ
قَالَ بن الصَّلَاحِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَمْلًا لِلْجَدِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو دُونَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ وَالِدِ شُعَيْبٍ لِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَعَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَأَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا خَيْثَمَةَ وَعَامَّةَ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَا تَرَكَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَثَبَّتُوهُ فَمَنِ النَّاسُ بَعْدَهُمْ وقول بن حِبَّانَ هِيَ مُنْقَطِعَةٌ لِأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَلْقَ عَبْدَ اللَّهِ مَرْدُودٌ فَقَدْ صَحَّ سَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَأَحْمَدُ وَكَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إنتهى