الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِشَارَةً إِلَى اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ وَأَنَّهُمَا بِوَاسِطَةِ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ انْتَهَى (فَقَدْ أَفْطَرْتَ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ
قَالَ الْحَافِظُ أَيْ دَخَلَ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ كَمَا يُقَالُ
أَنْجَدَ إِذَا أَقَامَ بِنَجْدٍ وَأَتْهَمَ إِذَا أَقَامَ بِتِهَامَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ فَقَدْ صَارَ مُفْطِرًا فِي الْحُكْمِ لِكَوْنِ الليل ليس ظرفا للصيام الشرعي وقد رد هذا الاحتمال بن خُزَيْمَةَ وَأَوْمَأَ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ فَقَالَ قَوْلُهُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ لَفْظُ خَبَرٍ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ أَيْ فَلْيُفْطِرِ الصَّائِمُ
وَرَجَّحَ الْحَافِظُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ بِرِوَايَةِ شُعْبَةَ بِلَفْظِ فَقَدْ حَلَّ الْإِفْطَارُ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْإِخْبَارُ عَلَى الْإِنْشَاءِ إِظْهَارًا لِلْحِرْصِ عَلَى وُقُوعِ الْمَأْمُورِ بِهِ انْتَهَى
قوله (وفي الباب عن بن أبي أوفى وأبي سعيد) أما حديث بن أَبِي أَوْفَى فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ في صحيحه تعليقا من فعله بلفظ وأفطر أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ منصور وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فَأَفْطَرَ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
3 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ)
[699]
قَوْلُهُ (لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا وَظُهُورُ الدِّينِ مُسْتَلْزِمٌ لِدَوَامِ الْخَيْرِ (مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ) أَيْ مَا دَامُوا عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ زَادَ أَبُو ذَرٍّ فِي حَدِيثِهِ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمَا ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مُدَّةَ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ امْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ وَاقِفِينَ عِنْدَ حَدِّهَا غَيْرَ مُتَنَطِّعِينَ بِعُقُولِهِمْ مَا يُغَيِّرُ قَوَاعِدَهَا زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا عَدْلٌ وَاحِدٌ فِي الْأَرْجَحِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ القارىء قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَلَوْ أَخَّرَ لِتَأْدِيبِ النَّفْسِ وَمُوَاصَلَةِ الْعِشَاءَيْنِ بِالنَّفْلِ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وُجُوبَ التَّأْخِيرِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ أَقُولُ بَلْ يَضُرُّهُ حَيْثُ يُفَوِّتُهُ السُّنَّةَ وَتَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ بِشَرْبَةِ مَاءٍ لَا يُنَافِي التَّأْدِيبَ وَالْمُوَاصَلَةَ مَعَ أَنَّ فِي التَّعْجِيلِ إِظْهَارَ الْعَجْزِ الْمُنَاسِبَ لِلْعُبُودِيَّةِ وَمُبَادَرَةً إِلَى قَبُولِ الرخصة من الحضرة الربوبية انتهى كلام القارىء
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ أبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لِأَنَّ الْيَهُودَ والنصارى يؤخرون (وبن عَبَّاسٍ) أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ بِلَفْظِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُعَجِّلَ إِفْطَارَنَا وَنُؤَخِّرَ سُحُورَنَا وَنَضَعَ أَيْمَانَنَا عَلَى شَمَائِلِنَا فِي الصَّلَاةِ كَذَا فِي سِرَاجِ السَّرْهَنْدِيِّ (وَعَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وبن عَسَاكِرَ بِلَفْظِ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ فِي دِينِهِ تَعْجِيلُ فِطْرِهِ وَتَأْخِيرُ سُحُورِهِ وَتَسَحَّرُوا فَإِنَّهُ الْغِذَاءُ الْمُبَارَكُ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلخ) أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرزاق وغيره بإسناد قَالَ الْحَافِظُ صَحِيحٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُمْ سُحُورًا انْتَهَى
قَوْلُهُ (أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا) أَيْ أَكْثَرُهُمْ تَعْجِيلًا فِي الْإِفْطَارِ
قَالَ الطِّيبِيُّ
وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الْمُتَابَعَةُ لِلسُّنَّةِ وَالْمُبَاعَدَةُ عَنِ الْبِدْعَةِ وَالْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ انْتَهَى
وقال القارىء وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَفْضَلِيَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْحَدِيثِ تُوجِبُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يحببكم الله وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِحَدِيثِ لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وبن حزيمة وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِمَا نَقَلَهُ ميركُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
[702]
قَوْلُهُ (وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْعُمُومِ وَتَكُونُ الْمَغْرِبُ مِنْ جُمْلَتِهَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ (وَالْآخَرُ أَبُو مُوسَى) قَالَ الطِّيبِيُّ الْأَوَّلُ عَمَلٌ بالعزيمة والسنة والثاني بالرخصة انتهى
قال القارىء وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْفِعْلِ فَقَطْ أَمَّا إِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ قَوْلِيًّا فيحمل على أن بن مسعود اختار المبالغة في التعجيل وأبو مُوسَى اخْتَارَ عَدَمَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ وَإِلَّا فَالرُّخْصَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَ الْكُلِّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ عمل بن مَسْعُودٍ عَلَى السُّنَّةِ وَعَمَلُ أَبِي مُوسَى عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ