الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِلْمِ إِذَا نُقِضَ اعْتِكَافُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنِ اعْتِكَافِهِ فَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَلَفْظُ (خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ) لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ (وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ) وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ صلى الله عليه وسلم لِلِاعْتِكَافِ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ وَلِهَذَا لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ نِسَاءَهُ اعْتَكَفْنَ مَعَهُ فِي شَوَّالٍ (وَكُلُّ عَمَلٍ) مُبْتَدَأٌ (لَكَ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِيهِ) صِفَةٌ لِلْمُبْتَدَأِ أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) لِيُنْظَرَ من أخرجه
0 -
(باب المعتكف يخرج لحاجته أم لا)
[804]
قوله (عن مالك بن أنس عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةٍ وَعَمْرَةٍ عَنْ عَائِشَةٍ) كَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَنَا عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي وَهَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَرَوَاهُ مَالَكٌ يَعْنِي عن بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ لَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ وَذَكَرَ
الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تَابَعَ مَالِكًا وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ أَبَا أُوَيْسٍ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ (أَدْنَى) أَيْ قَرَّبَ (إِلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (رَأْسَهُ) زَادَ الشَّيْخَانِ فِي رِوَايَتِهِمَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ (فَأُرَجِّلُهُ) مِنَ التَّرْجِيلِ وَهُوَ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمِشْطِ فِي الرَّأْسِ أَيْ أَمْشُطُهُ وَأَدْهُنُهُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّنْظِيفِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْغُسْلِ وَالْحَلْقِ وَالتَّزَيُّنِ إَلْحَاقاً بِالتَّرَجُّلِ
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِيهِ إِلَّا مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ
وَعَنْ مَالِكٍ تُكْرَهُ فِيهِ الصَّنَائِعُ وَالْحِرَفُ حَتَّى طَلَبُ الْعِلْمِ انْتَهَى
وقال بن الْمَلَكِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ أَجْزَائِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ (وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الانسان) فسرها الزهري بالبول والغائظ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِثْنَائِهِمَا وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْحَاجَاتِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَوْ خَرَجَ لَهُمَا فَتَوَضَّأَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَبْطُلْ وَيَلْتَحِقُ بِهِمَا الْقَيْءُ وَالْفَصْدُ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو داود والنسائي وبن مَاجَهْ
[805]
قَوْلُهُ (وَالصَّحِيحُ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا رَوَى الَّليْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ) رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا الليث عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ إِلخَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ كَذَا فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَرَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَحْدَهَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ إِلَى آخِرِ مَا نَقَلْنَا عِبَارَتَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَأَنَّ الْبَاقِينَ اخْتَصَرُوا مِنْهُ ذِكْرَ عَمْرَةَ وَأَنَّ ذِكْرَ عَمْرَةَ فِي رُوَاةِ مَالِكٍ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ فَوَافَقَ اللَّيْثَ
انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قَوْلُهُ (وَأَجْمَعُوا عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَخْرُجُ لِقَضَاءِ حاجته للغائط والبول) وكذا لغسل الجناية أن لَا يُمْكِنُهُ الِاغْتَسَالُ فِي الْمَسْجِدِ (فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَعُودَ الْمَرِيضَ وَيُشَيِّعَ الْجَنَازَةَ وَيَشْهَدَ الْجُمُعَةَ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ اعْتِكَافِهِ (وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وبن الْمُبَارَكِ) وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ كَمَا بَيَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا بَعْدُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ إَنْ شَرَطَ شَيْئًا مَنْ ذَلِكَ يَعْنِي عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعَ الْجَنَازَةِ وَشُهُودَ الْجُمُعُةِ لَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ بِفِعْلِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ انْتَهَى
قُلْتُ قَوْلُهُمْ هَذَا مُحْتَاجٌ إِلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ (وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا) وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِا يَقُولُ فِيهِ السُّنَّةُ
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلُمٌ وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِيَنٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمُ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا بَأْسَ بِرِجَالِهِ إَلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ وَقْفُ آخِرِهِ وَقَالَ فيِ فَتْحِ البَارِي وَجَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَوْلُهَا لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَمَا عَدَاهُ مِمَّنْ دُونَهَا وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إِنْ شَهِدَ الْمُعْتَكِفُ جَنَازَةً أَوْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وبن الْمُنْذِرِ إِلَّا فيِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى
يَعْنِي أَنَّ الْكُوفِييِّنَ يَقُولُونَ إِذَا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِلْجُمُعَةِ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ أَوْ عَادَ مَرِيضًا يَبْطُلْ
قَالَ صَاحَبُ شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَوْ لِلْجُمُعَةِ وَقْتَ الزَّوَالِ انْتَهَى
وَقَالَ الْأَمِيرُ الْيَمَانِيُّ فِي سُبُلِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتِ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يعود مريضا إِلَخ مَا لَفْظُهُ فِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِشَيءٍ مَمَّا عَيَّنَتْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَأَيْضًا لَا يَخْرُجُ لِشُهُودِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَبِيرٌ وَلَكِنَّ الدَّلِيلَ قَائِمٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى كَلَامُ الْأَمِيرِ
قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلَّا مَارًّا فِي اعْتِكَافِهِ وَلَا يَعْرُجُ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ