الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ هُوَ فِي رَدِّ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ مَا لَفْظُهُ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ خَبَرُ آحَادٍ وَرَدَ مُخَالِفًا لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَيُرَدُّ بيانه أن بن عباس وبن الزُّبَيْرِ أَفْتَيَا فِي زَنْجِيٍّ وَقَعَ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ بِنَزْحِ الْمَاءِ كُلِّهِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ وَكَانَ الْمَاءُ مِنْ قُلَّتَيْنِ
وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصحابة رضي الله عنهما وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَخَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا وَرَدَ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ يُرَدُّ
انْتَهَى كَلَامُهُ
فَلِلْقَائِلِينَ بِعَدَمِ وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَنْ يَقُولُوا نَحْنُ لَا نَحْتَجُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه بَلْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ هَذَا الْقَوْلَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ
وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا الِاحْتِجَاجَ احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ لَيْسَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ جَوَابٌ شَافٍ عَنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ
وَقَدْ أَنْصَفَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ إلخ ليس هذا مرفوعا بل أثر عمرو هذا تَمَسُّكُ الْحِجَازِيِّينَ
وَأَمَّا الْجَوَابُ مِنْ جَانِبِ الْأَحْنَافِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَمَذْهَبُ عُمَرَ رضي الله عنه فَلَا يُفِيدُ فَإِنَّهُ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَيُمْكِنُ لِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلُ إِنَّهُ إِجْمَاعُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ فَمَا أَجَابَ أَحَدٌ جَوَابًا شَافِيًا انْتَهَى
ثُمَّ قَالَ هَذَا الْبَعْضُ رَادًّا عَلَى الْعَيْنِيِّ مَا لَفْظُهُ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ بِحَذْفِ الْمُسْتَثْنَى الْمُتَّصِلِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ مَكْتُوبِيَّتَهَا
وَقَالَ أَيْضًا إِنَّ الْمَشِيئَةَ تَتَعَلَّقُ بِالتِّلَاوَةِ لَا بِالسَّجْدَةِ
وَقَالَ الْحَافِظُ إِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالسَّجْدَةِ
أَقُولُ تَأْوِيلُ الْعَيْنِيِّ فِيهِ أَنَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْوُجُوبُ وَالْمُسْتَثْنَى هُوَ التَّطَوُّعُ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْضًا مُتَّصِلًا وَلَيْسَ حَدُّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ عَلَى الْأَلْسِنَةِ بَلْ تَفْصِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي قَطْرِ النَّدَى وَشَرْحِ الشَّيْخِ السَّيِّدِ مَحْمُودٍ الْأُلُوسِيِّ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْأَنْدَلُسِيَّةِ وَأَيْضًا يُخَالِفُ قَوْلَ الْعَيْنِيِّ لَفْظُ الْبَابِ فَلَمْ يَسْجُدْ وَلَمْ يَسْجُدُوا إلخ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ التِّلَاوَةُ فِي وَاقِعَةِ الْبَابِ
وَأَمَّا قَوْلُ إِنَّهُ تَأْخِيرُ السَّجْدَةِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يَجِبُ فِي الْفَوْرِ فَبَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ وَلَا نُكْتَةَ لِتَرْكِ السَّجْدَةِ الْآنَ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ وَاقِعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ أَرَ جَوَابًا شَافِيًا انْتَهَى كَلَامُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقِهِ الْمُسَمَّى بِالْعَرْفِ الشَّذِيِّ
قُلْتُ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْعَيْنِيِّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِ السَّمَاعِ فَبَاطِلٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ
5 -
(بَاب ما جاء في سجدة)
فِي ص [577] قَوْلُهُ (عَنْ أَيُّوبَ) هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ
قَوْلُهُ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي ص) هَذَا دَلِيلٌ صَرِيحٌ على ثبوت السجدة في ص (قال بن عَبَّاسٍ وَلَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ) الْمُرَادُ بِالْعَزَائِمِ مَا وَرَدَتِ الْعَزِيمَةُ عَلَى فِعْلِهِ كَصِيغَةِ الْأَمْرِ مَثَلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَنْدُوبَاتِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْوُجُوبِ
وقد روى بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بإسناد حسن أن العزائم حم والنجم واقرأ وألم تنزيل وكذا ثبت عن بن عباس في الثلاثة الأخر وقيل الأعراف وسبحان وحم وألم أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أن يسجد فيها وهو قول سفيان وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَدْ عَدَّ التِّرْمِذِيُّ الشَّافِعِيَّ مِنَ الْقَائِلِينَ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي صَلَاتِهِ وَقَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ وَيَسْجُدُ خَارِجَ الصَّلَاةِ قَالَ السَّجْدَةُ فِيهَا لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ بَلْ سَجْدَةَ شُكْرٍ وَسُجُودُ الشَّاكِرِ لَا يُشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ صَلَاتَهُ فِيهَا سَجْدَةٌ تُفْعَلُ وَهُوَ أيضا مذهب سفيان وبن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ غَيْرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهَا مِنَ الْعَزَائِمِ أَمْ لَا فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَتْ مِنَ الْعَزَائِمِ وَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ تستحب في غير الصلاة وتحرم فيها الصَّحِيحُ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عِنْدَهُ وَبِهِ قَطَعَ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ هِيَ من العزائم وبه قال بن شُرَيْحٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا
وَعَنْ أَحْمَدَ كَالْمَذْهَبَيْنِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهُمَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ (وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهَا تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَمْ يُرْوَ السُّجُودُ فِيهَا) قَالَ الْعَيْنِيُّ قَالَ دَاوُدُ عن بن مَسْعُودٍ لَا سُجُودَ فِيهَا وَقَالَ هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَطَاءٍ وَعَلْقَمَةَ
قَالَ واحتج الشافعي ومن معه بحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ