الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقْوَى لَكُمْ قَالَ فَكَانَتْ رُخْصَةً فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ فَقَالَ إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوَّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا
فَكَانَتْ عَزْمَةً فَأَفْطَرْنَا الْحَدِيثُ وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُسْنَدِ وَأَبُو دَاوُدَ وصححه الحاكم وبن عَبْدِ الْبَرِّ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عُمَرَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وفيه بن لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ يَعْتَضِدُ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ بِالْفِطْرِ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا لَفْظُهُ
1 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْإِفْطَارِ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ)
[715]
قَوْلُهُ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ) زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ إِخْوَةِ بَنِي قُشَيْرٍ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيُّ الْكَعْبِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ وَقِيلَ أَبُو أُمَيْمَةَ أَوْ أَبُو مية صحابي نزل البصرة انتهى
وقال بن أَبِي حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ يَعْنِي الْحَدِيثَ فَقَالَ اخْتُلِفَ فِيهِ
وَالصَّحِيحُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيِّ انْتَهَى
وَفِي الْمِرْقَاةِ الصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ فَهُوَ كَعْبِيٌّ لَا قُشَيْرِيٌّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لِأَنَّ كَعْبًا لَهُ ابْنَانِ عَبْدُ اللَّهِ جَدُّ أَنَسٍ هَذَا وَقُشَيْرٌ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَمَّا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ أَنْصَارِيٌّ تُجَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (أَغَارَتْ عَلَيْنَا) أَيْ عَلَى قَوْمِنَا فَإِنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ قَبْلُ وَالْإِغَارَةُ النَّهْبُ (خَيْلُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ فُرْسَانُهُ صلى الله عليه وسلم (فَقَالَ ادْنُ) أَمْرٌ مِنَ الدُّنُوِّ بِمَعْنَى الْقُرْبِ (إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ) أَيْ نِصْفَهُ يَعْنِي نِصْفَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ (وَعَنِ الْحَامِلِ أَوِ المرضع الصوم أو الصيام) وفي رِوَايَةِ أَبُو دَاوُدَ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ أَوْ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى وَاَللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدَهُمَا (وَاَللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كِلَيْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا) أَيْ قَالَ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ كِلَيْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمُرْضِعِ وَالْحُبْلَى
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وأخرجه أبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ) كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعَةِ إِذَا خَافَتِ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الرَّضِيعِ وَالْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ يَجُوزُ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الْإِفْطَارُ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ إِذَا خَافَتِ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الرَّضِيعِ وَالْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ وَقَالُوا إِنَّهَا تُفْطِرُ حَتْمًا
قَالَ أَبُو طَالِبٍ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ انْتَهَى (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَيُطْعِمَانِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ
وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ) أَمَّا أَنَّهُمَا يَقْضِيَانِ فَلِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ وَالْمَرِيضُ يُفْطِرُ وَيَقْضِي وَأَمَّا أَنَّهُمَا يُطْعِمَانِ فَلِآثَارِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ فِي قَوْلُهُ (وعلى الذين يطيقونه) قَالَ كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وهما يطيقان الطعام أَنْ يُفْطِرَا أَوْ يُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكَيْنَا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا يَعْنِي عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ كَذَلِكَ وَزَادَ في آخره وكان بن عَبَّاسٍ يَقُولُ لِأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ فَعَلَيْكَ الْفِدَاءُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكَ
وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِسْنَادَهُ
وَرَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَاغًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصِّيَامُ فَقَالَ تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا الْقَضَاءَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ من أيام أخر وَيُرِيدُونَ ذَلِكَ مَرَضًا مِنَ الْأَمْرَاضِ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهَا انْتَهَى (وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُفْطِرَانِ وَيُطْعِمَانِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ شَاءَتَا قَضَتَا وَلَا إِطْعَامَ وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ) فَعِنْدَهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْإِطْعَامِ فَإِذَا أَفْطَرَتِ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ قَضَتَا وَلَا إِطْعَامَ أَوْ أَطْعَمَتَا وَلَا قَضَاءَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اخْتُلِفَ فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَمَنْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ ثُمَّ قَوِيَ عَلَى الْقَضَاءِ بَعْدُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْضُونَ وَيُطْعِمُونَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ لَا إِطْعَامَ انْتَهَى
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ انْتَهَى وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ وَلَا إِطْعَامَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيام أخر أَيْ إِذَا أَفْطَرَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُ وَلَا أَثَرَ لِلْفِدْيَةِ فِيهِ وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ أُعْطِي لَهُمَا حُكْمُ الْمَرِيضِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ فَقَطْ وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ الْبَابِ
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّاهْ وَلِيُّ اللَّهِ فِي المصفى بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورِ مَا لَفْظُهُ أين قول بتطبيق أدله مناسب ترمي نمايد انْتَهَى
وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ فَقَطْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ