الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ أَخْذِ خِيَارِ الْمَالِ فِي الصَّدَقَةِ)
[625]
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ) هُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ صَيْفِيٍّ الْمَكِّيُّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
قَوْلُهُ (بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ) أَيْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا (فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ) أَيِ انْقَادُوا لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ حَذْفِ عَامِلِهِ عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ (فَأَعْلِمْهُمْ) مِنَ الْإِعْلَامِ (تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَتُرَدُّ فِي الْفُقَرَاءِ حَيْثُ كَانُوا ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّدَقَةَ تُرَدُّ عَلَى فقراء من أخذت من أغنيائهم وقال بن الْمُنِيرِ اخْتَارَ الْبُخَارِيُّ جَوَازَ نَقْلِ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدِ الْمَالِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ (فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ) لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَيُّ فَقِيرٍ مِنْهُمْ رُدَّتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ فِي أَيِّ جِهَةٍ كَانَ فَقَدْ وَافَقَ عُمُومَ الْحَدِيثِ انْتَهَى
وَالَّذِي يَتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَدَمُ النَّقْلِ وَأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فَيَخْتَصُّ بذلك فقراؤهم لكن رجح بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَوَّلَ
قَالَ إِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَظْهَرَ إِلَّا أَنَّهُ يُقَوِّيهِ أَنَّ أَعْيَانَ الْأَشْخَاصِ الْمُخَاطَبِينَ فِي قَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْكُلِّيَّةِ لَا تُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ كَمَا لَا تُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِمُ الْحُكْمُ وَإِنِ اخْتَصَّ بِهِمْ خِطَابُ الْمُوَاجَهَةِ انْتَهَى
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَازَ النَّقْلَ اللَّيْثُ وَأَبُو حنيفة وأصحابهما ونقله بن المنذر عن
الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْجُمْهُورِ وترك النَّقْلِ فَلَوْ خَالَفَ وَنَقَلَ أَجْزَأَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمْ يُجْزِئْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ إِلَّا إِذَا فُقِدَ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ كَانُوا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ بَلَدٍ وَفِيهِ مِمَّنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قُلْتُ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي عَدَمُ النَّقْلِ إِلَّا إِذَا فُقِدَ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا أَوْ يَكُونُ فِي النَّقْلِ مَصْلَحَةٌ أَنْفَعُ وَأَهَمُّ مِنْ عَدَمِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ إِيجَابُ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ (مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ) قَالَهُ عِيَاضٌ وَفِيهِ بَحْثٌ وَأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُدْفَعُ إِلَى الْكَافِرِ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ فِي فُقَرَائِهِمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِخُصُوصِ الْبَلَدِ أَوِ الْعُمُومِ انْتَهَى (فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ) جَمْعُ كَرِيمَةٍ وَهِيَ خِيَارُ الْمَالِ وَأَفْضَلُهُ أَيِ احْتَرِزْ مِنْ أَخْذِ خِيَارِ أَمْوَالِهِمْ (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ) أَيِ اتَّقِ الظُّلْمَ خَشْيَةَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْكَ الْمَظْلُومُ (فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ) مَانِعٌ بَلْ هِيَ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى
قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ لَيْسَ لَهَا مَا يَصْرِفُهَا وَلَوْ كَانَ الْمَظْلُومُ فِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُسْتَجَابُ لِمِثْلِهِ مِنْ كَوْنِ مَطْعَمِهِ حَرَامًا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ (وَإِنْ كَانَ كَافِرًا) رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حديث أنس قال بن الْعَرَبِيِّ لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ شَيْءٍ حِجَابٌ عَنْ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِذَا أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابًا فَإِنَّمَا يُرِيدُ مَنْعَهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ) هُوَ صُنَابِحُ بْنُ الْأَعْسَرِ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ الصُّنَابِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ نُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ بن الأعسر الأحمصي صَحَابِيٌّ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَمَنْ قَالَ فِيهِ الصُّنَابِحِيَّ فَقَدْ وَهِمَ انْتَهَى
قَالَ سِرَاجٌ أَحْمَدُ السَّرْهَنْدِيُّ في شرح الترمذي أخرج حديثه بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَبْصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةً حَسَنَةً فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ مَا هَذِهِ قَالَ صَاحِبُ الصَّدَقَةِ إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَوَاشِي الْإِبِلِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنِعْمَ إِذًا
كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجٍ أَحْمَدَ السَّرْهَنْدِيِّ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وغيرهما