الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ وَالْعِتْقِ لَا أَفْعَلُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ فَلَغْوٌ وَإِنْ نَوَاهُ تَخَيَّرَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ وَعَتَقَ الْمُعَيَّنُ أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا أَوْ الْكَفَّارَةَ وَأَرَادَ عِتْقَهُ عَنْهَا اُعْتُبِرَ فِيهِ صِفَةُ الْإِجْزَاءِ، وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَهُ عَتَقَ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مَحْضُ تَعْلِيقٍ لَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ بِنَحْوِ عَلَيَّ وَقَوْلُهُ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقُ قِنِّي فُلَانٍ يَلْزَمُنِي أَوْ وَالْعِتْقِ مَا فَعَلْت كَذَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ وَلَا الْتِزَامَ، وَالْعِتْقُ لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا عَلَى أَحَدِ ذَيْنِك وَهُمَا هُنَا غَيْرُ مُتَصَوَّرَيْنِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ مَثَلًا (فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ) فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ (نَذْرٍ لَزِمَهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ) تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْيَمِينِ فِي الْأُولَى وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الثَّانِيَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَلَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ نَذْرٍ وَلَا حَلِفٍ وَلَيْسَتْ الْيَمِينُ مِمَّا يُلْتَزَمُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ فَعَلَيَّ نَذْرٌ تَخَيَّرَ بَيْنَ قُرْبَةٍ مَا مِنْ الْقُرَبِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَلِأَجْلِ هَذَا تَعَيَّنَ جَرُّ نَذْرٍ فِي الْمَتْنِ عَطْفًا عَلَى يَمِينٍ وَامْتَنَعَ رَفْعُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ إذْ تَعَيُّنُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الرَّفْعِ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ حِينَئِذٍ مَا مَرَّ مِنْ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَرَّرَ فِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَنَّهُ لَوْ أُتِيَ بِهِ فِي
نَذْرِ التَّبَرُّرِ
كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ لَزِمَهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ.
(وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ) سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لِطَلَبِ الْبِرِّ أَوْ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى (بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً) أَوْ صِفَتَهَا الْمَطْلُوبَةَ فِيهَا كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ
قَوْلُهُ: أَوْ وَالْعِتْقِ إلَخْ) إنْ قُرِئَ بِالضَّمِّ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ كَلَازِمٍ لِي فَوَاضِحٌ وَإِنْ قُرِئَ بِالْجَرِّ خَالَفَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ صَنِيعُ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ صَرِيحٌ فِي الْجَرِّ وَمُخَالَفَةِ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: لَا أَفْعَلُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ) أَيْ تَعْلِيقَ الِالْتِزَامِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ إلَخْ) يَشْمَلُ الْإِطْلَاقَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي التَّعْلِيقِ لَمْ تُحْمَلْ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ إرَادَتِهِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ نَحْوَ إنْ فَعَلْت كَذَا يَلْزَمُنِي إلَخْ يَلْحَقُ فِيهَا الْإِطْلَاقُ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ لِصَرَاحَتِهَا فِيهِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ الْمُعَيَّنُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ بَلْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْكَفَّارَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ عِتْقَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: لَغْوٌ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا التَّصْوِيرِ وَمَا سَبَقَ إلَّا بِمَا فَعَلْتُ هُنَا وَبِلَا أَفْعَلُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ هُنَاكَ فَلِمَ أَطْلَقَ هُنَا أَنَّهُ لَغْوٌ وَفَصَّلَ هُنَاكَ. اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: لَغْوٌ أَيْ حَيْثُ لَا صِيغَةَ تَعْلِيقٍ فَيَلْغُو وَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ إلَخْ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ إنْ كَلَّمْتُك مَثَلًا فَالْعِتْقُ يَلْزَمُنِي ثُمَّ رَأَيْت سم ذَكَرَ الِاسْتِشْكَالَ فَقَطْ اهـ أَقُولُ قَوْلُهُ: فَإِنَّ صُورَتَهُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ أَوْ وَالْعِتْقِ إلَخْ بَلْ صَنِيعُ الْمُغْنِي صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ صِيغَةِ التَّعْلِيقِ عِبَارَتُهُ وَالْعِتْقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَيَخْتَارُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ فَلَوْ قَالَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا فَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَهُ عَتَقَ الْعَبْدُ قَطْعًا أَوْ قَالَ وَالْعِتْقِ أَوْ وَالطَّلَاقِ بِالْجَرِّ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ. اهـ.
وَحَاصِلُهَا كَمَا تَرَى أَنَّ الصِّيغَةَ الْأُولَى صَرِيحَةٌ فِي الْيَمِينِ فَتَنْعَقِدُ مُطْلَقًا وَالثَّانِيَةَ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا احْتِمَالًا ظَاهِرًا فَتَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهَا لَا تَحْتَمِلُهَا كَذَلِكَ فَلَا تَنْعَقِدُ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ لَغْوٌ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لَا يُقَالُ وَجْهُهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَاضٍ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَاهُ إنْ تَبَيَّنَ أَنِّي مَا فَعَلْت كَذَا وَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَمِمَّنْ حَقَّقَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْخُلْعِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لِمُجَرَّدِ صِيَانَةِ الْقَاعِدَةِ النَّحْوِيَّةِ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْجَزَاءِ وَإِلَّا فَاللَّفْظُ لَا يَحْتَمِلُهُ ظَاهِرًا وَكَذَا يُجَابُ عَمَّا يَأْتِي عَنْ سم وَع ش ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: لَا تَعْلِيقَ فِيهِ وَلَا الْتِزَامَ كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلَاتِ حَقِيقَةً وَلَا يُنَافِي هَذَا تَصْوِيرَهُمْ التَّعْلِيقَ بِالْمَاضِي فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ اهـ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
(قَوْلُهُ وَالْعِتْقِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ كَمَا مَرَّ فِي الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى أَحَدِ ذَيْنِك) أَيْ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ ع ش وَمُغْنِي وَالْأَوَّلُ كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ وَالثَّانِي كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُمَا هُنَا غَيْرُ مُتَصَوَّرَيْنِ) هَلَّا تُصُوِّرَ التَّعْلِيقُ بِأَنْ يُجْعَلَ الْمَعْنَى إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقُ قِنِّي فُلَانٍ كَمَا فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ سم وع ش وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ ثَمَّ قَوْلُهُ: كَمَا فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ فِي هَذَا الْقِيَاسِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ) أَيْ: السَّابِقِ آنِفًا. اهـ. مُغْنِي
(قَوْلُهُ: بَيْنَ قُرْبَةٍ مَا إلَخْ) أَيْ: كَتَسْبِيحٍ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَصَوْمِ يَوْمٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَهْمٌ) تَعْرِيضٌ بِالزَّرْكَشِيِّ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِيهِ) الرَّفْعِ فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ) أَيْ: مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِهِ. اهـ. ع ش
[نَذْر التَّبَرُّر]
(قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُوَافِقُهُ إلَى وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِمُرِيدِ التَّزَوُّجِ لِبِنْتِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَهِّزَهَا لَك بِقَدْرِ مَهْرِهَا مِرَارًا فَهُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَأَقَلُّ الْمِرَارِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِهَا. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتَهَا إلَخْ)
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ تَخَيَّرَ) كَتَبَ عَلَى تَخَيَّرَ م ر (قَوْلُهُ: وَعِتْقُ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ بَلْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ: لَغْوٌ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا التَّصْوِيرِ وَمَا سَبَقَ إلَّا بِمَا فَعَلْت هُنَا وَبِلَا أَفْعَلُ أَوْ لَأَفْلَعَنَّ هُنَاكَ فَلِمَ أَطْلَقَ هُنَا أَنَّهُ لَغْوٌ وَفَصَّلَ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَهُمَا هُنَا غَيْرُ مُتَصَوِّرِينَ) هَلَّا تَصَوَّرَ التَّعْلِيقَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمَعْنَى إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقُ قِنِّي فُلَانٍ كَمَا فِي: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ
(قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتَهَا) قَدْ يُقَالُ صِفَةُ الْقُرْبَةِ قُرْبَةٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عِبَارَتِهِ
(إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ) تَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُمْ بِالْحُدُوثِ (أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ) تَقْتَضِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَمَرَّ بَيَانُهُمَا فِي بَابِهَا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ وَالِدِهِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّهُ رَجَّحَ قَوْلَ الْقَاضِي: أَنَّهُمَا لَا يَتَقَيَّدَانِ بِذَلِكَ وَيُوَافِقُهُ ضَبْطُ الصَّيْمَرِيِّ لِذَلِكَ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَنْ يُدْعَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ جَامَعْتَنِي فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ فَإِنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ فَلَجَاجٌ أَوْ الشُّكْرِ لِلَّهِ حَيْثُ يَرْزُقُهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجِهَا لَزِمَهَا الْوَفَاءُ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَذْرَيْ اللَّجَاجِ وَالتَّبَرُّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَعْلِيقٌ بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ وَالثَّانِي بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضُبِطَ بِأَنْ يُعَلَّقَ بِمَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ فَنَحْوُ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَعَلَيَّ صَوْمٌ يَحْتَمِلُ النَّذْرَيْنِ وَيَتَخَصَّصُ أَحَدُهُمَا بِالْقَصْدِ، وَكَذَا قَوْلُ امْرَأَةٍ لِآخَرَ إنْ تَزَوَّجْتَنِي فَعَلَيَّ أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِي وَسَائِرِ حُقُوقِي فَهُوَ تَبَرُّرٌ إنْ أَرَادَتْ الشُّكْرَ عَلَى تَزَوُّجِهِ (تَنْبِيهٌ) .
عُلِمَ مِنْ هَذَا الْحَاصِلِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِبَائِعِهِ: إنْ جِئْتنِي بِمِثْلِ عِوَضِي فَعَلَيَّ أَنْ أُقِيلَكَ أَوْ أَفْسَخَ الْبَيْعَ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا إنْ نُدِبَ لِنَدَمِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ إحْضَارَ مِثْلِ عِوَضِهِ
قَدْ يُقَالُ صِفَةُ الْقُرْبَةِ قُرْبَةٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ النِّعْمَةَ وَخَصَّهَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِمَا يَحْصُلُ عَلَى نُذُورٍ فَلَا يَصِحُّ فِي النَّعَمِ الْمُعْتَادَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ سُجُودُ الشُّكْرِ لَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي بَابِهَا) أَيْ: سُجُودِ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ تَقْيِيدُهُمَا بِذَلِكَ الِاقْتِضَاءِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ رَجَّحَ) أَيْ: الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: اقْتِضَائِهِمَا سُجُودَ الشُّكْرِ ع ش (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ الْمُعَلَّقِ بِهِ الِالْتِزَامُ مِنْ حُدُوثِ النِّعْمَةِ أَوْ زَوَالِ النِّقْمَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ) وَلَوْ أَطْلَقَتْ يَلْحَقُ بِأَيِّهِمَا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ سم مَعَ مَا فِيهِ الْإِلْحَاقُ بِالثَّانِي وَقَضِيَّةُ الْحَاصِلِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي (فَائِدَةٌ)
الصِّيغَةُ إنْ احْتَمَلْت نَذْرَ اللَّجَاجِ وَنَذْرَ التَّبَرُّرِ رُجِعَ فِيهَا إلَى قَصْدِ النَّاذِرِ فَالْمَرْغُوبُ فِيهِ تَبَرُّرٌ وَالْمَرْغُوبُ عَنْهُ لَجَاجٌ وَضَبَطُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْفِعْلَ إمَّا طَاعَةٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ أَوْ مُبَاحٌ وَالِالْتِزَامُ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَارَةً يَتَعَلَّقُ بِالْإِثْبَاتِ وَتَارَةً بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتُ فِي الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ إنْ صَلَّيْت فَعَلَيَّ كَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّرَ بِأَنْ يُرِيدَ إنْ وَفَّقَنِي اللَّهُ تَعَالَى لِلصَّلَاةِ فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ صَلِّ فَيَقُولُ لَا أُصَلِّي وَإِنْ صَلَّيْت فَعَلَيَّ كَذَا وَالنَّفْيُ فِي الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ أُصَلِّ فَعَلَيَّ كَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لَجَاجًا فَإِنَّهُ لَا بِرَّ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَالْإِثْبَاتُ فِي الْمَعْصِيَةِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَعَلَيَّ كَذَا يُتَصَوَّرُ لَجَاجًا فَقَطْ وَالنَّفْيُ فِي الْمَعْصِيَةِ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَعَلَيَّ كَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّرَ بِأَنْ يُرِيدَ إنْ عَصَمَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الشُّرْبِ فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجَ بِأَنْ يُمْنَعَ مِنْ الشُّرْبِ فَيَقُولُ إنْ لَمْ أَشْرَبْ فَعَلَيَّ كَذَا
وَيُتَصَوَّرُ التَّبَرُّرُ وَاللَّجَاجُ فِي الْمُبَاحِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَالتَّبَرُّرُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ آكُلْ كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا يُرِيدُ إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى كَسْرِ شَهْوَتِي فَعَلَيَّ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ إنْ أَكَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا يُرِيدُ إنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ مُنِعَ مِنْ أَكْلِ الْخُبْزِ: إنْ لَمْ آكُلْهُ فَعَلَيَّ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِأَكْلِهِ إنْ أَكَلْتُهُ فَعَلَيَّ كَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْفَرْقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا مَرْغُوبًا عَنْهُ بِأَنْ اسْتَوَى عِنْدَهُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَأَنْ يَكْتَفِيَ فِيهِ بِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْغُوبٍ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا يَتَقَيَّدُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا إذَا قَالَتْ مَا ذَكَرَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ. اهـ. سم
أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ صُورَةِ الِاسْتِوَاءِ لَك أَنْ تُنْكِرَ تَحَقُّقَهَا فِي مَقَامِ النَّذْرِ وَمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا مِنْ الِاحْتِمَالِ وَمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ تَعْلِيقٌ) أَيْ: لِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ (قَوْلُهُ ضُبِطَ) أَيْ: الثَّانِي (قَوْلُهُ وَيَتَخَصَّصُ) أَيْ: يَتَعَيَّنُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لِآخَرَ) الْأَنْسَبُ لِرَجُلٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَبَرُّرٌ) أَيْ: فَيَجِبُ عَلَيْهَا إبْرَاؤُهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا فِي الْمَهْرِ وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ لَهَا بِذِمَّتِهِ مِنْ الْحُقُوقِ بَعْدُ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ النَّاذِرِ مَا نَذَرَ بِهِ إلَخْ (فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ نَذَرَ شَخْصٌ أَنَّهُ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَدًا سَمَّاهُ بِكَذَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُسْتَحَبَّةِ كَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ اللَّهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّاهُ بِمَا عَيَّنَهُ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُشْتَهَرْ ذَلِكَ الِاسْمُ بَلْ وَإِنْ هُجِرَ بَعْدُ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: إنْ نُدِبَ لِنَدَمِهِ) هَلْ يُعْتَبَرُ كَالْمَحَبَّةِ الْآتِيَةِ فِي وَقْتِ الْإِتْيَانِ بِالثَّمَنِ أَوْ فِي وَقْتِ النَّذْرِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَجِبُ إحْضَارُ مِثْلِ عِوَضِهِ) إنْ قُرِئَ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا اقْتَضَى أَنَّ اللُّزُومَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَدَمِ الْبَائِعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِنَدْبِ الْإِقَالَةِ وَمَحَبَّةِ الْمُشْتَرِي الْإِحْضَارَ مِثْلُ عِوَضِهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ فِي وَكَانَ بِمَعْنَى أَوْ وَإِنْ قُرِئَ كَأَنْ بِصُورَةِ الْكَافِ الْجَارَّةِ وَأَنَّ الْمَصْدَرِيَّةِ زَالَ هَذَا التَّنَافِي لَكِنْ لَا يَحْسُنُ عَطْفُهُ عَلَى نُدِبَ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهَا يَكُونُ جُمْلَةً
قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا مَرْغُوبًا عَنْهُ بِأَنْ اسْتَوَى عِنْدَهُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَأَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْغُوبٍ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا لَا يَتَقَيَّدُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ فِي مَسْأَلَةِ
وَإِلَّا كَانَ لَجَاجًا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ اخْتِلَافُ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحُوا فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُبَاحِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ النَّذْرَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ إحْضَارَ الْعِوَضِ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنْ عَلَّقَهُ بِطَلَبِهَا الْمَرْغُوبِ لَهُ مَعَ النَّدَمِ فَنَذْرُ تَبَرُّرٍ وَإِلَّا فَلَجَاجٌ اهـ مُلَخَّصًا لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا قَرَّرْته وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِنَدْبِهَا وَحْدَهُ وَإِنْ اسْتَوَى عِنْدَهُ الرَّغْبَةُ فِي إحْضَارِ الْعِوَضِ وَعَدَمِهِ وَمَحَبَّتِهِ لِإِحْضَارِهِ وَإِنْ لَمْ تُنْدَبْ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُبَاحَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ النَّذْرَانِ وَفِي الرَّوْضَةَ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ فِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَعَلَيَّ لَك كَذَا أَنَّهُ لَغْوٌ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْهِبَةَ وَإِنْ كَانَتْ قُرْبَةً لَكِنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ قُرْبَةً وَلَا مُحَرَّمَةً فَكَانَتْ مُبَاحَةً وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَكْرُوهِ لَهُ دَائِمًا وَهِيَ فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ غَيْرُ قُرْبَةٍ فَلَمْ يُمْكِنُ اللَّجَاجُ نَظَرًا لِعَدَمِ الْقُرْبَةِ، وَلَا التَّبَرُّرُ نَظَرًا لِكَرَاهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَيْ فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِهِ فَعَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَبِمَا قَرَّرْته عُلِمَ أَنَّ هَذَا لَا يُشْكَلُ عَلَى مَا ذَكَرْته فِي مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ دَائِمًا مَكْرُوهٌ لَهُ وَإِحْضَارِ الْعِوَضِ الْمَحْبُوبِ لَهُ تَارَةً وَالْمَكْرُوهِ لَهُ أُخْرَى فَإِذَا جَعَلَهُ شَرْطًا لِمَنْدُوبٍ هُوَ الْإِقَالَةُ لِلنَّادِمِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا تَعَيَّنَ فِيهِ مَا ذَكَرْته مِنْ التَّفْصِيلِ.
وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ نَزَلَ لِآخَرَ عَنْ إقْطَاعِهِ فَنَذَرَ لَهُ إنْ وَقَعَ اسْمُهُ بَدَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا بِأَنَّهُ نَذْرُ قُرْبَةٍ وَمُجَازَاةٍ فَيَلْزَمُهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْغَزَالِيِّ بِمَا يَقْرُبُ مِمَّا ذَكَرْته وَإِذَا قُلْنَا بِلُزُومِ نَذْرِ الْإِقَالَةِ فَقَيَّدَهَا بِمُدَّةٍ فَالْقِيَاسُ تَقَيُّدُ اللُّزُومِ بِهَا فَإِنْ أَخَّرَ عَنْهَا لِغَيْرِ نَحْوِ نِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ فَالْقِيَاسُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي تَعَالِيقِ الطَّلَاقِ إلْغَاءُ النَّذْرِ مُطْلَقًا، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ بِأَيِّ عُذْرٍ وُجِدَ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعُذْرِ الَّذِي لَيْسَ نَحْوَ نِسْيَانٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا) أَوْ أَلْزَمْت نَفْسِي كَذَا أَوْ فَكَذَا لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ الْتِزَامٌ وَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ صِحَّةِ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ فَعَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَلَا نَوَاهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ لِجَزْمِهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالْبُطْلَانِ مَعَ ذِكْرِهِ صِحَّةَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ أَوْ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَيُجْزِيهِ أَدْنَى مُتَمَوَّلٍ
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ
وَلَا عَلَى لِنَدَمِهِ لِإِيهَامِهِ تَوَقُّفَ نَدْبِ الْإِقَالَةِ عَلَى مَحَبَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْإِحْضَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ إنَّ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى مُتَعَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا الْمَذْكُورَ هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ تَعْرِيفُ نَذْرِ التَّبَرُّرِ فِي الْمَتْنِ وَعُلِمَ مِنْ الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ وَأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ الْمُنَافِيَ لِمَا هُنَا هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ بِإِرْجَاعِ ضَمِيرِ عِنْدَهُ إلَى الْبَائِعِ لَا الْمُشْتَرِي وَضَمِيرُ لَمْ تُنْدَبْ إلَى الْمَحَبَّةِ لَا الْإِقَالَةِ وَلَوْ قَالَ فِيمَا يَأْتِي بَدَلَ الْغَايَةَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَذَكَرَ الْفِعْلَ فِي الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ بِإِرْجَاعِ ضَمِيرِهِ إلَى الْإِحْضَارِ لَسَلِمَ مِنْ الْإِشْكَالِ وَالتَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ انْتَفَتْ الْمَحَبَّةُ (قَوْلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ) أَيْ: التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي أَشَارَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلَّقَهُ) أَيْ: عَلَّقَ الْمُشْتَرِي الْتِزَامَ الْإِقَالَةِ بِطَلَبِهَا أَيْ: طَلَبِ الْبَائِعِ الْإِقَالَةَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِطَلَبِهَا لَازِمُهُ وَهُوَ إحْضَارُهُ لِلثَّمَنِ بِقَرِينَةِ تَوْصِيفِهِ بِالْمَرْغُوبِ لَهُ أَيْ: لِلْمُشْتَرِي وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ النَّظَرُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ انْتَفَتْ الرَّغْبَةُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ إلَخْ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالطَّلَبِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُهُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ فُصِّلَ بِذَلِكَ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ) أَيْ: فِي كَوْنِ الْقَوْلِ الْمَارِّ نَذْرَ تَبَرُّرٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَبَّتِهِ) عَطْفٌ عَلَى نَدْبِهَا وَضَمِيرُهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُنْدَبْ) أَيْ الْمَحَبَّةُ لِإِحْضَارِ الْبَائِعِ مِثْلَ الْعِوَضِ لَكِنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ نَدْبِ الْإِحْضَارِ بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ اللَّازِمِ وَهُوَ نَدْبُ الْمَحَبَّةِ لِلْإِحْضَارِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْمَلْزُومِ وَهُوَ نَدْبُ الْإِحْضَارِ (قَوْلُهُ: فِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ إلَخْ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ: كَوْنُ الْهِبَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ قُرْبَةً (قَوْلُهُ الْمَكْرُوهِ لَهُ) أَيْ: لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ وَلِعَدَمِ قُرْبَةِ الْمُلْتَزَمِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) الْقَائِلُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَوَافَقَهُ الْمُغْنِي حَيْثُ قَالَ بَعْدَ عَزْوِهِ لِلتَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ لِابْنِ الْمُقْرِي مَا نَصُّهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: انْعِقَادُ النَّذْرِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقَيَّدَهَا) أَيْ: الْإِقَالَةَ يَعْنِي مَا عَلَّقَهَا بِهِ مِنْ الْإِحْضَارِ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِتِلْكَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ) يَعْنِي أَخَّرَ الْبَائِعُ الْإِحْضَارَ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ نَحْوِ نِسْيَانٍ إلَخْ) وَأَدْخَلَ بِالنَّحْوِ الْجَهْلَ وَالْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مَعْذُورًا بِغَيْرِ مَا ذَكَرَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ نَحْوَ نِسْيَانٍ) أَرَادَ بِنَحْوِهِ مَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي إلَخْ) أَيْ: أَوْ ذَهَبَ عَنِّي كَذَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْزَمْتُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَى وَلَوْ كَرَّرَ وَقَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ إلَى وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفٌ) إنْ عُطِفَ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَرَّرٌ وَخَالٍ عَنْ الرَّابِطَةِ وَإِنْ عُطِفَ عَلَى الشَّرْطِ فَيَرِدُ أَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ وَلَعَلَّ لِهَذَا أَسْقَطَهُ النِّهَايَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا) يَعْنِي مَصْرِفًا يُدْفَعُ إلَيْهِ اهـ ع ش زَادَ الرَّشِيدِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَا يُصَرِّحُ إلَخْ (قَوْلُهُ: صِحَّةَ لِلَّهِ عَلَيَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَيْ: بَيْنَ قَوْلِهِ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي إلَخْ وَقَوْلِهِ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي تِلْكَ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا الْفَرْقُ الْبُطْلَانَ أَيْضًا فِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ
الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا إذَا قَالَتْ مَا ذَكَرَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْر بَلْ يَكْفِي أَنَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: يُعْرَفُ مِمَّا قَرَّرْتُهُ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالطَّلَبِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُهُ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْقُرْبَةِ) وَلِكَرَاهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِكَرَاهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي اللَّجَاجِ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، فَكَرَاهَةُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَا تُنَافِي اللَّجَاجَ وَكَانَ يَكْفِي فِي نَفْيِ إمْكَانِ كَوْنِ الْمُعَلَّقِ غَيْرَ قُرْبَةٍ. (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَيْ: فَرَّقَ إلَخْ) أَيْ مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا الْفَرْقُ الْبُطْلَانَ
مِنْ ذِكْرِ مِسْكِينٍ أَوْ تَصَدُّقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَكَانَ الْإِبْهَامُ فِيهَا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ هَذِهِ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ يَنْصَرِفُ لِلْمَسَاكِينِ غَالِبًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِأَلْفٍ وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُهُ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ لِلْأَذْرَعِيِّ مِمَّا يُوهِمُ الصِّحَّةَ حَتَّى فِي الْأُولَى وَابْنِ الْمُقْرِي مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْبُطْلَانِ حَتَّى فِي نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِأَلْفٍ غَفْلَةً عَنْ أَنَّ تَصْوِيرَ أَصْلِهِ لِصُورَةِ الْبُطْلَانِ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّصَدُّقَ وَالصِّحَّةِ بِمَا إذَا ذَكَرَ أَلْفًا أَوْ شَيْئًا مُجَرَّدَ تَصْوِيرٍ إذْ الْفَارِقُ إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ التَّصَدُّقِ وَحَذْفُهُ كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ لِلَّهِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ مُجَرَّدَ الْإِخْلَاصِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ التَّصَدُّقِ فَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَقْفِ وَمِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ إفْتَاءُ الْقَفَّالِ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ دِرْهَمًا وَلَمْ يُرِدْ الصَّدَقَةَ أَوْ هَذَا دِرْهَمًا وَأَرَادَ الْهِبَةَ بِأَنَّهُ لَغْوٌ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الصَّدَقَةُ وَيُجَابُ عَنْ الْهِبَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِهَا مُقَابِلُ الصَّدَقَةِ، لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي إنْ هَلَكَ فُلَانٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَهَبَ مَالِيَ لِزَيْدٍ إنْ كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَزَيْدٌ مِمَّنْ يُقْصَدُ بِهِبَتِهِ الثَّوَابُ لَا التَّوَاصُلُ وَالْمَحَبَّةُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ كَرَّرَ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا تَكَرَّرَ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْرِيرِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَتَكْرِيرِ الْيَمِينِ فِي غَيْرِهِمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ حَقُّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ الثَّالِثِ أَنَّ مَا هُنَا كَالثَّالِثِ فَلَا يَتَكَرَّرُ إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ كَوْنِ هَذَا لَيْسَ حَقَّ آدَمِيٍّ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ بِهِ يُصْرَفُ لِلْآدَمِيِّ قُلْت الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَعَدَمَهُ أَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِهِ أَوَّلًا وَلَا إضْرَارَ هُنَا وَلَا نَظَرَ لِمَا يَجِبُ بِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَمَعَ اسْتِوَائِهِنَّ فِيهِ فَرَّقُوا بِمَا مَرَّ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ.
أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ دِينَارٌ وَقَدْ يُمْنَعُ اقْتِضَاؤُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَمَا لَمْ يُعَيِّنْ جِنْسَ الْمُلْتَزَمِ وَلَا نَوْعَهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ لَكِنَّهُ قَدْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: إنَّ الْفَارِقَ إنَّمَا هُوَ إلَخْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم أَقُولُ قَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْمُرَادَ قَوْلُ الْمُغْنِي وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَلْفٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِاللَّفْظِ وَلَا بِالنِّيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَسَاكِينَ وَلَا دَرَاهِمَ وَلَا تَصَدُّقًا وَلَا غَيْرَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ صِحَّةُ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِأَلْفٍ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ صَنِيعِ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ وَيُعَيِّنَ أَلْفًا لِمَا يُرِيدُهُ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ مِمَّا يُرِيدُهُ) أَيْ: مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا كَقَمْحٍ أَوْ فُولٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: غَفْلَةً) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَقَدْ غَفَلَ عَنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّصَدُّقَ، وَالصِّحَّةَ بِمَا إذَا ذَكَر أَلْفًا وَشَيْئًا فَالْفَارِقُ إلَخْ وَصَوَّبَ الرَّشِيدِيُّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْعَكْسُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَصْلِهِ) أَيْ: أَصْلِ الرَّوْضِ وَهُوَ الرَّوْضَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَيْئًا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَشَيْئًا بِالْوَاوِ كَمَا مَرَّتْ آنِفًا وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ آنِفًا أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ التَّصَدُّقِ) أَيْ: وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْمَصْرِفِ أَوْ الْمُلْتَزَمِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْفِ) أَيْ: وَمِثْلُهُ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ الصَّدَقَةَ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَغْوٌ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ وَكَذَا ضَمِيرُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ عَنْ الْهِبَةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْهِبَةَ الْمُقَابِلَةَ لِلصَّدَقَةِ فِي نَفْسِهَا غَيْرُ قُرْبَةٍ وَإِلَّا فَلَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهَا وَذَلِكَ خِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وُجِّهَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: عَنْ الْهِبَةِ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِهَا بِالْجَوَابِ عَنْهَا تَسْلِيمُ النَّظَرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِعْطَاءِ وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلثَّانِي وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الصَّدَقَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّدَقَةُ انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مُرَادَهُ) أَيْ: الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِرِ وَإِنْ لَمْ يُجَاهِرُوا بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ وَزَيْدٌ مِمَّنْ يُقْصَدُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى الصَّدَقَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: الثَّوَابَ) أَيْ الْأُخْرَوِيَّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَرَّرَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَشُفِيَ وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ جَازَ إعْطَاؤُهُ مَا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا كَالزَّكَاةِ وَلَوْ نَذَرَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ الْغَنِيُّ جَازَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ لِتَصْرِيحِهِ بِمَا يُنَافِيهِ. اهـ. مُغْنِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَخْ لَعَلَّ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ النَّاذِرُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْمَرِيضِ فَقِيرًا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ) وَلَوْ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ) اقْتَصَرَ عَلَى مَا قَبْلَ هَذَا م ر اهـ سم وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِثْلَهُ فَإِنْ قَصَدَ التَّكْرَارَ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ عَشَرَةٍ وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ عِشْرُونَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَيَجِيءُ مِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ اسْتِوَائِهِنَّ فِيهِ) أَيْ: فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا مُوسِرٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ)
أَيْضًا فِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ دِينَارٌ، وَقَدْ يُمْنَعُ اقْتِضَاؤُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَمَا لَمْ يُعَيَّنْ جِنْسُ الْمُلْتَزَمِ، وَلَا نَوْعُهُ لَمْ يُعَيَّنْ مَصْرِفًا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ، لَكِنْ قَدْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: إذْ الْفَارِقُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ عَنْ الْهِبَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِهَا مُقَابِلُ الصَّدَقَةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْهِبَةَ الْمُقَابِلَةَ لِلصَّدَقَةِ فِي نَفْسِهَا غَيْرُ قُرْبَةٍ وَإِلَّا فَلَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهَا، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وُجِّهَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ: وَزِيدَ مِمَّنْ يَقْصِدُ بِهِبَتِهِ الثَّوَابَ) إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى الصَّدَقَةِ.
(قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) اُقْتُصِرَ عَلَى -
وَيَجُوزُ إبْدَالُ كَافِرٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ سُنِّيٍّ لَا دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ وَلَا مُوسِرٍ بِفَقِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا أَوْ مَكَانًا لِلصَّدَقَةِ تَعَيَّنَ (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا الْتَزَمَهُ (إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ بِأَدَائِهِ عَقِبَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِقَضِيَّةِ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِهِ فَقَالَ فِي إنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا فَشُفِيَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فَوْرًا. اهـ. وَفِي نَحْوِ إنْ شُفِيَ فَعَبْدِي حُرٌّ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّفَاءِ يَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِعْتَاقٍ بِخِلَافِ فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّفَاءِ زَوَالُ الْعِلَّةِ مِنْ أَصْلِهَا وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَوْلِ عَدْلَيْ طِبٍّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ أَوْ مَعْرِفَةِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ بِالتَّجْرِبَةِ وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ آثَارِهِ مِنْ ضَعْفِ الْحَرَكَةِ وَنَحْوِهِ
وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ فِي إنْ شُفِيَ فَعَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا بَعْدَ مَوْتِي بِأَنَّهُ يَلْزَمُ قَالَ غَيْرُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى لُزُومِهِ مَنْعُ بَيْعِهِ بَعْدَ الشِّفَاءِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ فَالْقَاضِي إعْتَاقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَيْ: عَقِبَهُ قَالَ: وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لَزِمَ أَنَّ التَّعْلِيقَ إذَا كَانَ فِي الصِّحَّةِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا إذَا نَذَرَ بِدَارٍ مُسْتَأْجَرَةٍ فَلَمْ تُنْقَضْ إجَارَتُهَا إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا بَيَانُ وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ بِمَا تَحَقَّقَ لُزُومُهُ قَبْلَ مَرَضِهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا مَعَ ذِكْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْوَصِيَّةِ فَلْيُقْتَصَرْ بِهِ عَلَى الثُّلُثِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قِيَاسُهُ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِ إلَخْ وَلَا يُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ لَا بِاخْتِيَارِهِ خَرَجَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْمَرَضِ وَلَا وُجِدَ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ هَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْجَدَهُ فِي الْمَرَضِ بِاخْتِبَارِهِ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ فَأَوْلَى إذَا قَالَ فِي الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ: أُعْتِقَ بَعْدَ مَوْتِي لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ إسْنَادَ الْعِتْقِ إلَيْهِ بِمُبَاشَرَةِ نَائِبِهِ لَهُ مَجَازٌ مَشْهُورٌ فَعَلِمْنَا بِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَصَوْنًا لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَخَرَجَ بِيَلْتَزِمُ نَحْوُ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي عَمَّرْت دَارَ فُلَانٍ أَوْ مَسْجِدَ كَذَا فَهُوَ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا الْتِزَامَ فِيهِ
اُنْظُرْ مَا صُورَةُ النَّذْرِ لِلْكَافِرِ أَوْ الْمُبْتَدِعِ وَلْيُرَاجَعْ نَظِيرُهُ الْمَارُّ فِي الْوَصِيَّةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إبْدَالُ كَافِرٍ وَمُبْتَدَعٍ إلَخْ) فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْإِبْدَالُ وَقَضِيَّةُ تَصْوِيرِهِ بِذَلِكَ تَصْوِيرُ قَوْلِهِ: وَلَا مُوسِرٍ بِهِ بِفَقِيرٍ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا وَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ النَّذْرَ لِلْمُوسِرِ لِأَغْرَاضٍ صَالِحَةٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ النَّذْرِ لِلْكَافِرِ وَالْمُبْتَدِعِ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ لِأَجْلِ الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ وِفَاقًا فِي كُلِّ ذَلِكَ لِمَرِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم وَنَقَلَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُبْتَدِعٍ) وَمِثْلُهُ مُرْتَكِبُ كَبِيرَةٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا مُوسِرٍ بِفَقِيرٍ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا مُوسِرٍ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَ تَعْيِينِ الدَّفْعِ لِلْمُوسِرِ وَجَوَازِ الْعُدُولِ عَنْ الْكَافِرِ وَالْمُبْتَدِعِ لِلْمُسْلِمِ وَالسُّنِّيِّ أَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمَا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِبَقَائِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُوسِرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا إلَخْ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا أَوْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ فِعْلُ لَيْلَةٍ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا اُعْتِيدَ فِي مِثْلِهِ وَيَبَرُّ بِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ فِعْلُ لَيْلَةٍ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّصَدُّقُ بِمَا يُسَاوِي مَا يُصْرَفُ عَلَى اللَّيْلَةِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ النَّاذِرِ فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مَثَلًا اُعْتُبِرَ مَا يُسَمَّى لَيْلَةً فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ. اهـ. ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَخْ)(تَنْبِيهٌ) .
لَوْ عَلَّقَ النَّذْرَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ مَشِيئَةِ زَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ لِعَدَمِ الْجَزْمِ اللَّائِقِ بِالْقُرَبِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى التَّبَرُّكَ أَوْ وَقَعَ حُدُوثُ مَشِيئَةِ زَيْدٍ نِعْمَةً مَقْصُودَةً كَقُدُومِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَعَلَيَّ كَذَا فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى وَشَيْخُنَا فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ) إلَى قَوْلِهِ خِلَافًا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَوْرًا إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَطَالَبَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا دَخْلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلْيُرَاجَعْ وَقِيَاسُ مَا فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا خِلَافُهُ فَيَجِبُ الْفَوْرُ. اهـ.
أَقُولُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ نَذَرَ لِمُعَيَّنٍ بِدَرَاهِمَ مَثَلًا كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ النَّاذِرِ بِهَا إنْ لَمْ يُعْطِهِ كَالْمَحْصُورِينَ مِنْ الْفُقَرَاءِ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالزَّكَاةِ الَّتِي وَجَبَتْ فَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ بَرِئَ النَّاذِرُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّي النَّذْرِ وَأَيْضًا الزَّكَاةُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَأُجْبِرُوا عَلَى قَبُولِهَا خَوْفَ تَعْطِيلِهِ بِخِلَافِ النَّذْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ شُفِيَ) أَيْ: مَرِيضِي (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: غَيْرُ الْبَغَوِيّ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَيْ: الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: لَزِمَ) الْأَنْسَبُ يَلْزَمُ (قَوْلُهُ: لَا يُحْسَبُ) أَيْ: الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ: النَّاذِرِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ: قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ قِيَاسُهُ) أَيْ: عَلَى الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قِيَاسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَيِّدُهُ) أَيْ قَوْلَ الْغَيْرِ بِعَدَمِ حُسْبَانِهِ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ التَّأْيِيدِ (قَوْلُهُ: وَلَا وُجِدَ) أَيْ الصِّفَةُ وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ إذَا أَوْجَدَهُ أَيْ: الْمُعَلَّقَ بِهِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتِقْ وَقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ إلَى نَعَمْ وَقَوْلُهُ وَبَحَثَ إلَى وَلَوْ شَكَّ (قَوْلُهُ: بِيَلْتَزِمُ) أَيْ: فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: عَمَّرْت دَارَ فُلَانٍ
مَا قَبْلَ هَذَا م ر. .
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إبْدَالُ كَافِرٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ) فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْإِبْدَالُ وَقَضِيَّةُ تَصْوِيرِهِ بِذَلِكَ تَصْوِيرُ قَوْلِهِ: وَلَا مُوسِرٌ بِفَقِيرٍ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا وَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ النَّذْرَ لِلْمُوسِرِ لِأَغْرَاضٍ صَالِحَةٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ النَّذْرِ لِلْكَافِرِ وَالْمُبْتَدِعِ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ لِأَجْلِ الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ وِفَاقًا فِي كُلُّ ذَلِكَ لِمَرِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيَجُوزُ إبْدَالُ كَافِرٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ) هَلْ وَإِنْ عَيَّنَ (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَوْرًا إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَطَالَبَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا ش م ر. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِبَارَةِ فَوْرُ اللُّزُومِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ فَوْرَ الْأَدَاءِ. (قَوْلُهُ: فِي إنْ شُفِيَ
وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَمْ يَبْعُدْ انْعِقَادُهُ.
وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ نَذْرًا مَالِيًّا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ وَإِنْ رَشَدَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَتْ عَتَقَ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الشِّفَاءِ فِي الْمُلْتَزَمِ أَهُوَ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْ احْتِمَالَيْنِ فِيهِ لِلْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ وَفَارَقَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ بِتَيَقُّنِ شُغْلِ ذِمَّتِهِ بِالْكُلِّ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِ ثَمَّ فَإِنْ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ وَأَيِسَ مِنْ ذَلِكَ اُتُّجِهَ وُجُوبُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ خُرُوجُهُ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ يَقِينًا إلَّا بِفِعْلِ الْكُلِّ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ (وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ) أَوْ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ أَنْ أُعْطِيَهُ كَذَا وَلَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ (لَزِمَهُ) مَا الْتَزَمَ حَالًّا وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَنْذُورِ لَهُ بَلْ عَدَمُ رَدِّهِ كَمَا يَأْتِي (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَهَذَا مِنْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ إذْ هُوَ قِسْمَانِ مُعَلَّقٌ وَغَيْرُهُ وَاشْتِرَاطُ الْجَوَاهِرِ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِلِلَّهِ ضَعِيفٌ وَيُسَمَّى الْمُعَلَّقُ نَذْرَ الْمُجَازَاةِ أَيْضًا.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ أَوْ عِنْدَ نَحْوِ شِفَاءٍ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ لِنِعْمَةِ الشِّفَاءِ لَزِمَهُ ذَلِكَ جَزْمًا تَنْزِيلًا لِلثَّانِي مَنْزِلَةَ الْمُجَازَاةِ لِوُقُوعِهِ شُكْرًا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةِ الشِّفَاءِ، وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَهُ فِي قِسْمَيْ النَّذْرِ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ النَّذْرَ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ الشَّرْطُ عَدَمُ رَدِّهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ فِي إنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى فُلَانٍ بِعَشَرَةٍ لَزِمَتْهُ إلَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ الرَّدُّ لَا غَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مَفْرُوضٌ كَمَا تَرَى فِي مُلْتَزَمٍ فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِيهَا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَأَثَّرَ وَبِهِ يَبْطُلُ النَّذْرُ مِنْ أَصْلِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ وَيَقْبَلْ كَالْوَقْفِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ بِخِلَافِ نَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ لِمُعَيَّنِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِالرَّدِّ كَإِعْرَاضِ الْغَانِمِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ، وَمَرَّ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ عِتْقِ قِنٍّ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ قُلْت هَلْ يَجْرِي هُنَا خِلَافُ الْوَقْفِ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ قُلْت الظَّاهِرُ لَا وَيُفَرَّقُ بِقُوَّةِ النَّذْرِ لِقَبُولِهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَالْجَهَالَاتُ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً لَا تُنَافِي انْعِقَادَهُ بِخِلَافِ الْوَقْفِ وَبِأَنَّهُ مَعَ الرَّدّ لَا تُتَصَوَّرُ صِحَّتُهُ اشْتَرَطْنَا قَبُولَهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِمُعَيَّنٍ كَمَا تَقَرَّرَ
(فُرُوعٌ) .
يَقَعُ لِبَعْضِ الْعَوَامّ جَعَلْت هَذَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَصِحُّ كَمَا بُحِثَ؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ فِي النَّذْرِ
إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ عِمَارَةُ دَارِ فُلَانٍ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا فَتَلْزَمُهُ الْعِمَارَةُ وَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ بِمَا يُسَمَّى عِمَارَةً لِمِثْلِ ذَلِكَ الدَّارِ أَوْ الْمَسْجِدِ عُرْفًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي إلْغَاءِ نَحْوِ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي عَمَّرْت دَارَ فُلَانٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: نَذْرًا مَالِيًّا) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا عَيْنِيًّا كَانَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ) قَدْ مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ مَا يُوَافِقُ النَّذْرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ) إلَى قَوْلِ فَإِنْ اجْتَهَدَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الشِّفَاءِ فِي الْمُلْتَزَمِ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي الْمَنْذُورِ لَهُ أَهُوَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجْتَهِدُ إلَخْ) ثُمَّ لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَهُ عِتْقًا أَوْ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً أَوْ نَحْوَهَا وَقَعَ تَطَوُّعًا وَإِنْ كَانَ صَدَقَةً فَإِنْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهُ عَنْ جِهَةِ كَذَا وَأَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ) أَيْ: فِي النَّذْرِ فَإِنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْجَمِيعَ لَمْ تَجِبْ وَإِنَّمَا وَجَبَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَاشْتَبَهَ فَيَجْتَهِدُ كَالْأَوَانِي وَالْقِبْلَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيَّ صَوْمٌ) إلَى قَوْلِهِ لَا غَيْرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ) : فِي شَرْحِ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي إلَخْ قُبَيْلَ وَيُجَابُ عَنْ الْهِبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ حَالًا) أَيْ: وُجُوبًا مُوَسَّعًا اهـ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ شَيْخِنَا، وَأَمَّا نَذْرُ التَّبَرُّرِ فَيَلْزَمُ فِيهِ مَا الْتَزَمَ عَيْنًا لَكِنْ عَلَى التَّرَاخِي إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: السَّابِقِ) أَيْ: فِي شَرْحِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: نَذْرِ التَّبَرُّرِ
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ إلَخْ) وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِ الْأُضْحِيَّةِ بِمَا يُجْزِي فِيهَا وَعَنْ نَذْرِ الْعِتْقِ بِمَا يُسَمَّى عِتْقًا وَإِنْ لَمْ يُجْزِ فِي الْكَفَّارَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ عِتْقًا تَخَيَّرَ ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ) أَيْ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: كَلَامَ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: فَأَثَّرَ) وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ: الرَّدِّ (قَوْلُهُ يَبْطُلُ النَّذْرُ) أَيْ: بِمَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْفَرْقُ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ هُنَاكَ وَمَنْ نَذَرَ مُعَيَّنَةً فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ وَلَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ السَّابِقِ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ أَيْ: وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِالِالْتِزَامِ فَهِيَ كَوَدِيعَةٍ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَزُلْ الْمِلْكُ فِي عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا إلَّا بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ وَبِالْعِتْقِ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ لِأَحَدٍ بَلْ يَزُولُ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتْلَفَهُ النَّاذِرُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَمَالِكُو الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا بَاقُونَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا. اهـ. بِحَذْفٍ
(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ: نَذْرَ التَّضْحِيَةِ بِمُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ) أَيْ: الْوَقْفَ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِمُعَيَّنٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: يَقَعُ لِبَعْضِ الْعَوَامّ) إلَى قَوْلِهِ
إلَخْ) قُوَّةُ الصَّنِيعِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا نَذْرٌ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اُحْتِيجَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَهُ مِنْ أَنَّ هَذَا مَحْضُ تَعْلِيقٍ لَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ بِنَحْوِ عَلَيَّ إذْ مَا هُنَا لَا الْتِزَامَ فِيهِ بِنَحْوِ عَلَيَّ، وَقَدْ عُدَّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ أَصْلِهِ مِنْ النَّذْرِ الْمُنْعَقِدِ قَوْلُهُ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلَ الدَّارَ. اهـ. إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذِكْرَ الشِّفَاءِ يُصْرَفُ إلَى النَّذْرِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِصِفَتَيْنِ وَالتَّعْلِيقِ بِوَاحِدَةٍ وَفِيهِ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ وَإِنْ رَشَدَ) عِبَارَةُ الْكَنْزِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَّرَ الِالْتِزَامَ فِي حَالِ إطْلَاقِ تَصَرُّفِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْ احْتِمَالَيْنِ فِيهِ لِلْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ وُجُوبُ الْكُلِّ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) عَنْ الْقَفَّالِ أَوَائِلَ الصَّفْحَةِ.
. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر -
فِي عُرْفِهِمْ وَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ بِخِلَافِ مَتَى حَصَلَ لِي كَذَا أَجِيءُ لَهُ بِكَذَا فَإِنَّهُ لَغْوٌ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ لَفْظُ الْتِزَامٍ أَوْ نَذْرٍ أَيْ: أَوْ نِيَّتِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ النَّذْرَ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا فِي التَّوَابِعِ النَّظَرُ إلَيْهَا فِي الْمَقَاصِدِ وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ النَّاذِرِ مَا نَذَرَ بِهِ كَخُمُسِ مَا يَخْرُجُ لَهُ مِنْ مُعَشَّرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَكُلِّ وَلَدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ مِنْ أَمَتِي هَذِهِ أَوْ شَجَرَتِي هَذِهِ وَكَعِتْقِ عَبْدٍ إنْ مَلَكْته وَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ ضَعَّفَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ لِنَحْوِ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَنْ يَمْلِكَهُ أَوْ يُعَلِّقَهُ بِمِلْكِهِ مَا لَمْ يَنْوِ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ فَهُوَ نَذْرُ لَجَاجٍ
وَذَكَر الْقَاضِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْخُمُسِ الْمَنْذُورِ قَالَ غَيْرُهُ: وَمَحَلُّهُ إنْ نَذَرَ قَبْلَ الِاشْتِدَادِ وَبَحَثَ صِحَّتَهُ لِلْجَنِينِ كَالْوَصِيَّةِ لَهُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ شَارَكَهَا فِي قَبُولِ التَّعْلِيقِ وَالْخَطَرِ وَصِحَّتِهِ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ لَكِنَّهُ يَتَمَيَّزُ عَنْهَا بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ بَلْ عَدَمُ الرَّدِّ وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَتْ صِحَّتُهُ لِلْقِنِّ كَهِيَ وَالْهِبَةِ فَيَأْتِي فِيهِ أَحْكَامُهُمَا فَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ مَا بِالذِّمَّةِ لَا بِقَبْضِ الْقِنِّ لَا لِلْمَيِّتِ إلَّا لِقَبْرِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ وَأَرَادَ بِهِ قُرْبَةً ثُمَّ كَإِسْرَاجٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِحَمْلِ النَّذْرِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْ النَّذْرِ بِالْمَعْدُومِ الْمَجْهُولِ نَذْرَهَا لِزَوْجِهَا بِمَا سَيَحْدُثُ لَهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالنَّذْرَ فِي الصِّحَّةِ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيُوقَفُ لِمَوْتِهِ وَيَخْرُجُ النَّذْرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِهِ وَإِنَّمَا الْمُعَلَّقُ بِهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ النَّصِيبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ كَانَ كَالْوَقْفِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فِي أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَوَافَقَهُ عَلَى الْأُولَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَقَاسَهَا عَلَى النَّذْرِ لَهُ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ فِي النَّذْرِ بِنَصِيبِ ابْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ ظَرْفًا لِنَصِيبٍ فَالنَّذْرُ مُنَجَّزٌ، وَالْمِقْدَارُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ، أَوْ ظَرْفًا لِلنَّذْرِ صَحَّ وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَجَازَ الرُّجُوعُ فِيهِ كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى كَذَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّذْرَ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ دُونَ الْوَقْفِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ حِلُّهُ عِنْدِي عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ.
وَيَبْطُلُ بِالتَّأْقِيتِ كَنَذَرْتُ لَهُ هَذَا يَوْمًا لِمُنَافَاتِهِ لِلِالْتِزَامِ السَّابِقِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ النَّذْرِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي هَذَا قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْآتِيَ مِنْ تَوْقِيتِ النَّذْرِ بِمَا قَبْلَ مَرَضِ الْمَوْتِ
وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَأْتِي إلَى وَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: فِي عُرْفِهِمْ) أَيْ الْعَوَامّ (قَوْلُهُ: لِمَصَالِحِ الْحُجْرَةِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ بِنَاءٍ وَتَرْمِيمٍ دُونَ الْفُقَرَاءِ مَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ: النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا إلَخْ) الْأَنْسَبُ مِنْ عَدَمِ النَّظَرِ إلَيْهَا فِي الْمَقَاصِدِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَيْهَا فِي التَّوَابِعِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي) عِبَارَةُ الْقَاضِي إذَا قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخُمُسِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمُعَشَّرَاتِ فَشُفِيَ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ وَبَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا وَلَا عُشْرَ فِي ذَلِكَ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُ لِفُقَرَاءَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَأَمَّا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخُمْسِ مَالِي يَجِبُ إخْرَاجُ الْعُشْرِ ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْعُشْرِ يَخْرُجُ مِنْ الْخُمُسِ انْتَهَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُفْصَلَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنْ تَقَدَّمَ النَّذْرُ عَلَى اشْتِدَادِ الْحَبِّ فَكَمَا قَالَ وَإِنْ نَذَرَ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ وَجَبَ إخْرَاجُ الْعُشْرِ أَوَّلًا مِنْ الْجَمِيعِ انْتَهَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَكُلِّ وَلَدٍ إلَخْ) الْأَوْلَى الْعَطْفُ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ نَذْرِ الْقُرْبَةِ الْمَالِيَّةِ كَالصَّدَقَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ الِالْتِزَامُ لَهَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ بِهَذَا الدِّينَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَضَافَ إلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدَ فُلَانٍ وَإِنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت عَبْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدًا إنْ مَلَكْته أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَشْتَرِيَ عَبْدًا وَأُعْتِقَهُ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلَ الدَّارَ انْعَقَدَ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ الْتَزَمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَفِي الْأَخِيرَةِ مَالِكٌ لِلْعَبْدِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ الشِّفَاءِ وَالدُّخُولِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَلَيَّ وَلَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّقَرُّبَ بِقُرْبَةٍ بَلْ عَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِشَرْطٍ وَلَيْسَ هُوَ مَالِكًا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَغَا وَلَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت أَوْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ انْعَقَدَ نَذْرُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ بِشِقَّيْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاشْتِدَادِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ إنْ نَذَرَ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ صِحَّتِهِ لِلْجَنِينِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ صِحَّتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: النَّذْرَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَارَكَهَا أَيْ: الْوَصِيَّةَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَهِيَ) أَيْ: الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ أَيْ: لِلْقِنِّ (قَوْلُهُ لَا لِلْمَيِّتِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْجَنِينِ (قَوْلُهُ: يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ: وَلَوْ عَلَى نُذُورٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالنَّذْرُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى نَذْرُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ) أَيْ: بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ فِي الْأُولَى مَسْأَلَةَ نَذْرِهَا لِزَوْجِهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ) أَيْ: بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَعْدَ ظَرْفًا إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ ن حُكْمِهِ مِنْ النَّذْرِ الشَّائِعِ بَيْنَ الْأَكْرَادِ بِأَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمْ بِالْفَارِسِيَّةِ مه روز بيش أز مَرَض فوت مِنْ مَال مِنْ بِفُلَانِ كس نَذْر باشد أَيْ: نَذَرْت بِمَالِي لِفُلَانٍ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ مَرَضِ مَوْتِي
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ وَمُنَجَّزٌ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ النَّاذِرِ فِي الْمَالِ الْمَنْذُورِ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: سه روز بيش أز مَرَض فوت مِنْ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ مَال مِنْ، وَمُعَلَّقٌ فَيَجُوزُ تَصَرُّفُ النَّاذِرِ فِيهِ وَرُجُوعُهُ عَنْهُ إنْ كَانَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ نَذْر باشد وَيُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي أَيْ: الْمُعَلَّقِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مُرَادُ النَّاذِرِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ نَذْر باشد لِإِنْشَاءِ النَّذْرِ وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا إذَا قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ: بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ) أَيْ: النَّاذِرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي) أَيْ: الظَّرْفِيَّةِ لِلنَّذْرِ
(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ) إلَى قَوْلِهِ وَيَصِحُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَنَذَرْتُ لَهُ إلَى إلَّا فِي الْمَنْفَعَةِ.
(قَوْلُهُ: يُنَافِي هَذَا) أَيْ: الْبُطْلَانُ بِالتَّأْقِيتِ (قَوْلُهُ: الْآتِي)
وَقَوْلُهُ: وَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْحُجْرَةِ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَتَى حَصَلَ لِي كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاشْتِدَادِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ إنْ نَذَرَ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ فَإِنْ أُرِيدَ الْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ حِينَئِذٍ خَمْسٌ مَا عَدَا قَدْرَ الزَّكَاةِ
الصَّرِيحُ فِي أَنَّ التَّأْقِيتَ لَا يَضُرُّ فِي النَّذْرِ وَكَذَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهُ وَاَلَّتِي بَعْدَهُ قُلْت: لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ يَكُونُ صَرِيحًا وَمَا مَثَّلْت بِهِ فَهَذَا هُوَ الْمُبْطِلُ لِمَا ذَكَرْته وَقَدْ يَكُونُ ضِمْنِيًّا كَمَا فِي صُورَةِ الزَّرْكَشِيّ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الِالْتِزَامَ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى شَرْطٍ فِي النَّذْرِ وَهُوَ يَعْمَلُ فِيهِ بِالشُّرُوطِ الَّتِي لَا تُنَافِي مُقْتَضَاهُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ الْوَاقِعِ تَشْبِيهُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي كَلَامِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ، إلَّا فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَأْتِي فِي نَذْرِهَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِهَا وَإِلَّا فِي نَذَرْت لَك بِهَذَا مُدَّةَ حَيَاتِك فَيَتَأَبَّدُ كَالْعُمْرَى وَيَصِحُّ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَلَوْ مَجْهُولًا لَهُ فَيَبْرَأُ حَالًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ وَلَيْسَ كَبَيْعِهِ وَلَا هِبَتِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يَتَأَثَّرُ بِالْغَرَرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ
وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ لِلْمُتَأَمِّلِ، وَبِالْتِزَامِ عِتْقِ قِنِّهِ فَلَهُ الطَّلَبُ وَالدَّعْوَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ فَوْرًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لَا غَايَةَ لَهُ تُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ فَلْيُجْبَرْ عَلَى عِتْقِهِ فَوْرًا ثُمَّ رَأَيْت الْفَقِيهَ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيَّ خَالَفَهُ فَقَالَ حَيْثُ لَزِمَ النَّذْرُ وَجَبَ وَفَاؤُهُ فَوْرًا وَهُوَ قِيَاسُ الزَّكَاةِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْفَوْرِيَّةِ عَلَى الطَّلَبِ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنَّذْرِ التَّبَرُّرُ وَهُوَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّعْجِيلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالنَّذْرِ
وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ قَرَنَ النَّذْرَ بِإِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَنَحْوِهِ بَطَلَ لِمُنَافَاتِهِ الِالْتِزَامَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي إلَّا إنْ احْتَجْته فَلَا يَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ حَاجَتِهِ فَإِذَا مَاتَ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ وَقْتَ النَّذْرِ إلَّا إنْ أَرَادَ كُلَّ مَا يَكُونُ بِيَدِهِ إلَى الْمَوْتِ فَيَتَصَدَّقُ بِالْكُلِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا يُفْعَلُ مِنْ تَوْقِيتِ النَّذْرِ بِمَا قَبْلَ مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ النَّذْرِ بِمَالِهِ لِفُلَانٍ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ لِي وَلَدٌ فَهُوَ لَهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلِي فَهُوَ لِي
، وَلَوْ نَذَرَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمَالِهِ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِهِ بِيَوْمِ مَلَكَهُ كُلَّهُ مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ إلَيْهِ قَبْلَ مَرَضِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي نَذَرْت أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا عَلَى فُلَانٍ قَبْلَ مَوْتِي أَوْ مَرْضَى لَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ الْمَوْتَ مَثَلًا غَايَةً لِلْحَدِّ الَّذِي يُؤَخَّرُ إلَيْهِ لَكِنْ يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْذُورِ لَهُ اللَّازِمِ بِهِ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ.
وَلَوْ مَاتَ الْمَنْذُورُ لَهُ قَبْلَ الْغَايَةِ بَطَلَ وَقَدْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي وَقَعَ حَالًا فَقِيَاسُهُ هُنَا صِحَّتُهُ
أَيْ: آنِفًا (قَوْلُهُ: الصَّرِيحِ فِي أَنَّ التَّأْقِيتَ لَا يَضُرُّ إلَخْ) وَذَلِكَ أَنْ تُمْنَعَ دَعْوَى الصَّرَاحَةِ بَلْ دَعْوَى الْمُنَافَاةِ مِنْ أَصْلِهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْقِيتِ الْمُبْطِلُ تَحْدِيدَ مُدَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَبَيَانَ غَايَتِهَا وَمَا يَأْتِي عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ بَيَانِ أَوَّلِهَا فَقَطْ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الصُّورَةِ إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: الَّتِي قَبْلَهُ) أَيْ: صُورَةِ إلَّا إنْ احْتَجْته وَاَلَّتِي بَعْدَهَا أَيْ: صُورَةِ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ لِي وَلَدٌ (قَوْلُهُ: مَا مَثَّلْت بِهِ) أَيْ نَذَرْت لَهُ بِهَذَا يَوْمًا (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَنْفَعَةِ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَيَبْطُلُ بِالتَّأْقِيتِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ) وَهُوَ الصِّحَّةُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ: لِلدَّيْنِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ يَصِحُّ الرَّاجِعِ لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) أَيْ: نَذْرُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ) أَيْ: مُطْلَقُ النَّذْرِ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ: صِحَّةَ النَّذْرِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِلْمَدِينِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَبِالْتِزَامِ عِتْقٍ فِيهِ) أَيْ: إعْتَاقِهِ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا وَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَهُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْغَايَةِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ) أَيْ: مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْفَقِيهَ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيَّ خَالَفَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا فِي الْهَامِشِ السَّابِقِ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ سم يَعْنِي مَا حَكَاهُ هُنَاكَ مِنْ قَوْلِ النِّهَايَةِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَوْرًا إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَطَالَبَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ ع ش وَغَيْرِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْفَوْرِيَّةِ عَلَى الطَّلَبِ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ إلَخْ) أَيْ: كَالْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ نَحْوِ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَعَبْدِي فَلَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّفَاءِ يَعْتِقُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالنَّذْرِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ لَزِمَهُ فِي الْأَظْهَرِ.
(قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ إلَخْ) أَيْ نَائِبُهُ الْوَصِيُّ فَالْقَاضِي وَهَذَا أَيْ: عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي إلَّا إنْ احْتَجْته أَقُولُ وَمِثْلُهُ مَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَيَنْعَقِدُ مُعَلَّقًا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ تَوْقِيتِ النَّذْرِ إلَخْ) أَيْ: بِلَا تَعْلِيقٍ (قَوْلُهُ: بِمَا قَبْلَ مَرَضِ الْمَوْتِ) أَيْ: بِيَوْمٍ قَبْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ صِحَّةِ النَّذْرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: صِحَّةَ النَّذْرِ بِمَالِهِ لِفُلَانٍ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ لِي وَلَدٌ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ حُدُوثِ الْوَلَدِ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ إلَخْ) سَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ) أَيْ: مِنْ بِقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْأَخْذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي النَّذْرِ الْغَيْرِ الْمُؤَقَّتِ أَصْلًا وَمَا هُنَا مُؤَقَّتٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنَازِعُ) بِكَسْرِ الزَّايِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ لُزُومِ التَّعْجِيلِ وَعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَالْبُطْلَانِ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ هُنَا صِحَّتُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ قِيَاسُهُ لَوْ كَانَ الْمَنْذُورُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَنْذُورُ التَّصَدُّقُ بِهِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ التَّصَدُّقُ بِهِ
فَفِيهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْخُمُسُ حِينَئِذٍ أَيْ: خُمُسُ الْجُمْلَةِ قَدْ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ فَالْمَنْذُورُ لَيْسَ خُمُسًا أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الْمَنْذُورَ حِينَئِذٍ خُمُسُ الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْهُ قَدْرُ زَكَاتِهِ فَفِيهِ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ غَيْرِ النَّاذِرِ فَلَا تَصْدُقُ الزَّكَاةُ فِي الْخُمُسِ الْمَنْذُورِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْفَقِيهَ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيَّ خَالَفَهُ فَقَالَ حَيْثُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا فِي الْهَامِشِ السَّابِقِ عَلَى قَوْلِهِ: إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ النَّذْرِ بِمَالِهِ لِفُلَانٍ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يُحْدِثَ لِي وَلَدٌ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ حُدُوثِ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ هُنَا صِحَّتُهُ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ قِيَاسَهُ لَوْ كَانَ الْمَنْذُورُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَنْذُورُ
حَالًا فَيَمْلِكُهُ الْمَنْذُورُ لَهُ كَمَا فِي عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا عَلَى فُلَانٍ وَيَنْعَقِدُ مُعَلَّقًا فِي نَحْوِ إذَا مَرِضْت فَهُوَ نَذْرٌ لَهُ قَبْلَ مَرَضِي بِيَوْمٍ وَلَهُ التَّصَرُّفُ هُنَا قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِضَعْفِ النَّذْرِ حِينَئِذٍ
وَأَفْتَى جَمْعٌ فِيمَنْ أَرَادَا أَنْ يَتَبَايَعَا فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَنْذُرَ كُلٌّ لِلْآخَرِ بِمَتَاعِهِ فَفَعَلَا صَحَّ وَإِنْ زَادَ الْمُبْتَدِئُ إنْ نَذَرْت لِي بِمَتَاعِك وَكَثِيرًا مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيَصِحُّ نَذْرُهُ
وَيَصِحُّ تَعْجِيلُ الْمَنْذُورِ الْمُعَلَّقِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا مَرَّ
وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الْمَنْذُورِ لَهُ النَّاذِرَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ حَيْثُ جَازَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ كَمَا يَصِحُّ إسْقَاطُ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَدْرِي مَعْنَاهُ وَمَحَلُّهُ إنْ جَهِلَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ أَنَّهُ يُفِيدُ نَوْعَ عَطِيَّةٍ مَثَلًا
وَنَذْرُ قِرَاءَةِ جُزْءِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ مَطْلُوبٍ كُلَّ يَوْمٍ صَحِيحٌ وَلَا حِيلَةَ فِي حِلِّهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَقْدِيمُ وَظِيفَةِ يَوْمٍ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَتْ قَضَى.
وَلَوْ نَذَرَ عِمَارَةَ هَذَا الْمَسْجِدِ وَكَانَ خَرَابًا فَعَمَّرَهُ غَيْرُهُ فَهَلْ نَقُولُ بَطَلَ نَذْرُهُ لِتَعَذُّرِ نُفُوذِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَهُوَ خَرَابٌ فَلَا يَتَنَاوَلُ خَرَابَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يُوقَفُ حَتَّى يَخْرَبَ فَيُعَمِّرُهُ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ مَا أَمْكَنَ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَتَصْحِيحُ اللَّفْظِ مَا أَمْكَنَ إنَّمَا يُعْدَلُ إلَيْهِ إنْ احْتَمَلَهُ لَفْظُهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ لِلْخَرَابِ حَالَ النَّذْرِ لَا غَيْرُ نَعَمْ إنْ نَوَى عِمَارَتَهُ وَإِنْ خَرِبَ بَعْدُ لَزِمَتْهُ
(وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» وَكَأَنَّ سَبَبَ انْعِقَادِ نَذْرِ عِتْقِ الْمَرْهُونِ مِنْ مُوسِرٍ مَعَ حُرْمَةِ إعْتَاقِهِ لَهُ وَإِنْ نَفَذَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَيْرِ يَنْجَبِرُ بِالْقِيمَةِ وَالْمِلْكَ لِلْمُعْتِقِ فَأَيُّ وَجْهٍ لِلْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ فَانْدَفَعَ مَا لِصَاحِبِ التَّوْشِيحِ هُنَا وَبِفَرْضِهَا هِيَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ انْعِقَادَ النَّذْرِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ نَذْرُ الْمَدِينِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَوَهَمَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: لَا يَصِحُّ النَّذْرُ هُنَا.
وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَغْصُوبٍ لَمْ يَنْعَقِدْ وَهُوَ أَقْرَبُ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ قَوْلِ آخَرِينَ: ي يَنْعَقِدُ وَيُصَلِّي فِي غَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ وَصَلَاةٍ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذَيْنِ لِذَاتِ الْمَنْذُورِ أَوْ لَازِمِهَا بِخِلَافِهَا فِي الْأُولَى، وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَهُ فِيهَا بِأَنَّ الْحُرْمَةَ
لَا يَمْلِكُهُ الْمَنْذُورُ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم أَقُولُ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ فَرْقُهُمْ بَيْنَ نَحْوِ إنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَعَبْدِي حُرٌّ وَبَيْنَ نَحْوِ إنْ شُفِيَ فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَالًا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ فَيَمْلِكُهُ الْمَنْذُورُ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا
(قَوْلُهُ: إنْ نَذَرْت لِي بِمَتَاعِك) أَيْ فَمَتَاعِي هَذَا نَذْرٌ لَك (قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ: كَالرِّبَوِيَّاتِ مَعَ التَّفَاضُلِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: تَعْجِيلُ الْمَنْذُورِ إلَخْ) أَيْ الْمَالِيِّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي الطَّلَاقِ أَوْ الْأَيْمَانِ وَإِلَّا فَلَمْ يَمُرَّ هُنَا
(قَوْلُهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ) إبْرَاءُ الْمَنْذُورِ لَهُ النَّاذِرَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ أَيْ: النَّاذِرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَخْ) كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لِزَيْدٍ وَحَصَلَ الشِّفَاءُ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) أَيْ: فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي الْفُرُوعِ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُفِيدُ) أَيْ النَّذْرُ
(قَوْلُهُ: وَنَذْرُ قِرَاءَةِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَنَذْرُ قِرَاءَةِ إلَخْ) أَيْ: وَنَحْوِهِ كَنَذْرِ طَوَافٍ وَنَذْرِ قِرَاءَةِ حِزْبٍ مِنْ نَحْوِ الدَّلَائِلِ
(قَوْلُهُ حَتَّى يَخْرَبَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) وَنَظِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ تَغْسِلَ زَوْجَتُهُ ثَوْبَهُ فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَسْلِ مِنْ وَسَخِهِ وَلَا يَبْرَأُ بِغَسْلِهَا إيَّاهُ مِنْ وَسَخٍ يَعْرِضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِانْصِرَافِ الْيَمِينِ إلَى غَسْلِهِ مِنْ الْوَسَخِ الَّذِي بِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ وَتَصْحِيحُ اللَّفْظِ) أَيْ: الْوَاجِبِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرِبَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ) كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَلَا يَجِبُ كَفَّارَةٌ إنْ حَنِثَ وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِهَا بِذَلِكَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْيَمِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ آخِرًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: وَكَانَ سَبَبُ انْعِقَادِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَوْرَدَ فِي التَّوْشِيحِ إعْتَاقَ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ حَكَى عَنْ التَّتِمَّةِ أَنَّ نَذْرَهُ مُنْعَقِدٌ إنْ نَفَّذْنَا عِتْقَهُ فِي الْحَالِ أَوْ عِنْدَ أَدَاءِ الْمَالِ وَذَكَرَ فِي الرَّهْنِ أَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى عِتْقِ الْمَرْهُونِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ تَمَّ الْكَلَامَانِ كَانَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَانْدَفَعَ مَا لِصَاحِبِ التَّوْشِيحِ هُنَا وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِغَرْضِهَا) أَيْ: الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي نَذْرِ الْمَدِينِ
(قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ) إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَصَلَاةٍ فِي ثَوْبٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ عَدَمَ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَقُولُوا بِصِحَّةِ النَّذْرِ وَيُصَلِّي فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِ الثَّوْبِ النَّجِسِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ: نَذْرِ صَلَاةٍ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ مَا قَالَهُ فِيهَا) أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ فِي
التَّصَدُّقُ بِهِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ التَّصَدُّقُ لَا يَمْلِكُهُ الْمَنْذُورُ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ: كَمَا فِي الرِّبَوِيَّاتِ مَعَ التَّفَاضُلِ
. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) وَنَظِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ تَغْسِلَ زَوْجَتُهُ ثَوْبَهُ فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَسْلِ مِنْ وَسَخِهِ وَلَا يَبَرُّ بِغَسْلِهَا إيَّاهُ مِنْ وَسَخٍ يَعْرِضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِانْصِرَافِ الْيَمِينِ إلَى غَسْلِهِ مِنْ الْوَسَخِ الَّذِي بِهِ حِينَ الْحَلِفِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَنْذُورُ بِالْتِزَامِ الْمَعْصِيَةِ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ إنْ حَنِثَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْيَمِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ آخِرًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ اهـ بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ سَبَبُ انْعِقَادِ نَذْرِ عِتْقِ الْمَرْهُونِ إلَخْ) وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. اهـ. م ر.
. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَقِدْ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر قِيَاسُ أَنَّ الْحُرْمَةَ إذَا كَانَتْ لِخَارِجٍ لَا تَمْنَعُ الِانْعِقَادَ هُوَ الِانْعِقَادُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَهُ فِيهَا) فِيهِ نَظَرٌ.
هُنَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَأُلْحِقَتْ بِالذَّاتِيِّ بِخِلَافِهَا فِي نَذْرِ التَّصَدُّقِ وَالْعِتْقِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ أَوْ لَازِمِهِ كَصَوْمِ الدَّهْرِ الْآتِي، وَكَنَذْرِ مَا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَاقَةِ لَا لِعَارِضٍ كَصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَكَنَذْرِهِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَوْلَادِهِ فَقَطْ، وَقَوْلُ جَمْعٍ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ هُنَا بِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ مَكْرُوهٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لِأَمْرٍ عَارِضٍ هُوَ خَشْيَةُ الْعُقُوقِ مِنْ الْبَاقِينَ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِذَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِصِحَّةِ نَذْرِ الْمُزَوَّجَةِ لِصَوْمِ الدَّهْرِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لَكِنَّهَا لَا تَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ مَعَ حُرْمَتِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَصِحَّ بِالْمَكْرُوهِ اهـ عَلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ عَدَمُ الْعَدْلِ وَهُوَ لَا وُجُودَ لَهُ عِنْدَ النَّذْرِ وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يُعْطِيَ الْبَاقِينَ وَإِنَّمَا يُوجَدُ بَعْدُ بِتَرْكِ إعْطَاءِ الْبَاقِينَ مِثْلَ الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَعْطَاهُمْ مِثْلَهُ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَوَى عَدَمَ إعْطَائِهِمْ حَالَ إعْطَاءِ الْأَوَّلِ فَنَتَجَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً لِلنَّذْرِ وَإِنَّمَا تُوجَدُ بَعْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ لِتَأْثِيرِهَا فِيهِ وَجْهٌ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِلْبُطْلَانِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يُسَنَّ إيثَارُ بَعْضِهِمْ، أَمَّا إذَا نَذَرَ لِلْفَقِيرِ أَوْ الصَّالِحِ أَوْ الْبَارِّ مِنْهُمْ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِي لَزِمَهُ الْوَفَاءُ ظَاهِرٌ فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ أَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ أَوْ فَضَّلَهُ لَوْ صَفَّ يَقْتَضِيهِ تَكَلُّفٌ
(تَنْبِيهٌ) .
اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي نَذْرِ مُقْتَرِضٍ مَالًا مُعَيَّنًا لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَا دَامَ دَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَاصِّ غَيْرُ قُرْبَةٍ بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْقَرْضِ إنْ اتَّجَرَ فِيهِ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ إنْ احْتَاجَ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِإِعْسَارٍ أَوْ إنْفَاقٍ؛ وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ زِيَادَةً عَمَّا اقْتَرَضَهُ فَإِذَا الْتَزَمَهَا بِنَذْرٍ انْعَقَدَ وَلَزِمَتْهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُكَافَأَةُ إحْسَانٍ، لَا وَصْلَةٌ لِلرِّبَا إذْ هُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَقْدٍ كَبَيْعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّذْرَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ كَانَ رِبًا اهـ وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ أَنَّ نَذْرَهُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ لَهُ
الْأُولَى (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ) كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: لِمَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ. اهـ. نِهَايَةُ عِبَارَةِ الْمُغْنِي لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ، أَمَّا إذَا لَمْ يَخَفْ بِهِ فَوْتَ حَقٍّ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَيَنْعَقِدُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ رَمَضَانُ أَدَاءً وَقَضَاءً وَالْعِيدَانِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَكَفَّارَةٌ تَقَدَّمَتْ نَذْرَهُ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ صَامَ عَنْهَا وَفَدَى عَنْ النَّذْرِ وَيَقْضِي فَائِتَ رَمَضَانَ ثُمَّ إنْ كَانَ فَوَاتُهُ بِلَا عُذْرٍ فَدَى عَنْ صَوْمِ النَّذْرِ وَلَا يُمْكِنُ قَضَاءُ مَا يُفْطِرُهُ مِنْ الدَّهْرِ فَلَوْ أَرَادَ وَلِيُّ الْمُفْطِرِ بِلَا عُذْرٍ الصَّوْمَ عَنْهُ حَيًّا لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَمْ لَا عَجَزَ أَمْ لَا فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ سَفَرَ نُزْهَةٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ.
وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ رَجَّحَ الِافْتِدَاءَ إذَا أَفْطَرَ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِعَارِضٍ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَإِلَى وِفَاقِهِمْ مَيْلُ كَلَامِ سم وَجَزَمَ بِهِ فَتْحُ الْمُعِينِ عِبَارَتُهُ وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ كَالصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَالنَّذْرِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَوْلَادِهِ فَقَطْ. اهـ. وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ غَرَضٍ إلَخْ) حَالٌ مِنْ الْإِيثَارِ وَاحْتِرَازٌ عَمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَكْرُوهٌ خَبَرُ لِأَنَّ وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ خَبَرُ وَقَوْلُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: لِأَمْرٍ عَارِضٍ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَازِمٌ لِلْإِيثَارِ الْمَذْكُورِ بِحَسَبِ الشَّأْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَتِمُّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الرَّدِّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَتِهِ) قَدْ يُمْنَعُ إطْلَاقُ حُرْمَتِهِ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: وَلَوْ مَنَعَ الْمَرْأَةَ زَوْجُهَا مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ الْمَنْذُورِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِحَقٍّ سَقَطَ الصَّوْمُ عَنْهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ كَأَنْ نَذَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا وَلَا تَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ فَلَا يَسْقُطُ الصَّوْمُ عَنْهَا وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ إنْ لَمْ تَصُمْ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَلَمْ تَصُمْ تَعَدِّيًا فَدَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُوجَدُ) أَيْ: عَدَمُ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: حَالَ إعْطَاءِ الْأَوَّلِ) أَيْ: وَحَالَ النَّذْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَنَتَجَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَضُرُّ عَدَمُ مُقَارَنَتِهَا فَإِنَّهَا فِي نَذْرِ الْمَكْرُوهَاتِ السَّابِقِ بُطْلَانُهُ غَيْرُ مُقَارِنَةٍ ضَرُورَةَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْمَنْذُورُ وَلَا وُجُودَ لَهُ حِينَ النَّذْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَتَكَلُّفٌ) خَبَرُ وَحَمْلُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مَشَايِخُنَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا دَامَ دَيْنُهُ) أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَذْرِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش: وَلَوْ دَفَعَ لِلْمُقْرِضِ مَالًا مُدَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ حَالَ الْإِعْطَاءِ أَنَّهُ عَنْ الْقَرْضِ أَوْ النَّذْرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى دَفْعَهُ عَنْ الْقَرْضِ قُبِلَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ اسْتَغْرَقَ الْقَرْضَ سَقَطَ حُكْمُ النَّذْرِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمُقْتَضَى النَّذْرِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ حَالَ الدَّفْعِ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدُ أَنْ قَصَدَ غَيْرَهُ وَكَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ عَنْ نَذْرِ الْقَرْضِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كِتَابَةِ الْوُصُولَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ عَنْ نَذْرِ الْمُقْرِضِ حَيْثُ اعْتَرَفَ حَالَ كِتَابَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا بِمَا فِيهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ إلَخْ) وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْق بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ أَيْ: الْفَرْقِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ إلَخْ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ حَيْثُ نَذَرَ لِمَنْ يَنْعَقِدُ
قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَتِهِ) قَدْ يُمْنَعُ إطْلَاقُ حُرْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَنَتَجَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً لِلنَّذْرِ) قَدْ يُقَالُ: لَا يَضُرُّ عَدَمُ مُقَارَنَتِهَا فَإِنَّهَا فِي نَذْرِ الْمَكْرُوهَاتِ السَّابِقِ بُطْلَانُهُ غَيْرُ مُقَارِنَةٍ ضَرُورَةِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْمَنْذُورَ لَا وُجُودَ لَهُ حِينَ النَّذْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. .
(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْقَرْضِ إلَخْ) وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَذْرِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ؛ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ ش م ر.
وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا جَعَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ حُصُولِ النِّعْمَةِ أَوْ انْدِفَاعِ النِّقْمَةِ الْمَذْكُورَيْنِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ إعْمَالَ كَلَامِ الْمُكَلَّفِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَحْمَلٌ صَحِيحٌ خَيْرٌ مِنْ إهْمَالِهِ وَمَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ فِي إنْ جَامَعْتنِي وَالْحَاصِلُ بَعْدَهُ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته مِنْ الْجَمْعِ فَتَأَمَّلْهُ.
(وَلَا) نَذْرُ (وَاجِبٍ) عَيْنِيٍّ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ مُخَيَّرٍ كَأَحَدِ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُبْهَمًا بِخِلَافِ خَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا عَلَى مَا بَحَثَ أَوْ وَاجِبٍ عَلَى الْكِفَايَةِ تَعَيَّنَ بِخِلَافِ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ اُحْتِيجَ فِي أَدَائِهِ لِمَالٍ كَجِهَادٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ أَمْ لَا كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ عَيْنًا بِإِلْزَامِ الشَّرْعِ قَبْلَ النَّذْرِ فَلَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهِ، وَلَوْ نَذَرَ ذُو دَيْنٍ حَالٍّ أَنْ لَا يُطَالِبَ غَرِيمَهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لُغِيَ؛ لِأَنَّ إنْظَارَهُ وَاجِبٌ، أَوْ مُوسِرًا وَفِي الصَّبْرِ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ لَهُ كَرَجَاءِ غُلُوِّ سِعْرِ بِضَاعَتِهِ
نَذْرُهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ لِأَحَدِ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فَلَا يَنْعَقِدُ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ شَيْئًا لِذِمِّيٍّ أَوْ مُبْتَدِعٍ جَازَ صَرْفُهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ سُنِّيٍّ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَرَضَ مِنْ ذِمِّيٍّ وَنَذَرَ لَهُ بِشَيْءٍ مَا دَامَ دَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ لَكِنْ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَتَفَطَّنْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَضَ الذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ وَنَذَرَ لَهُ مَا دَامَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ النَّاذِرِ الْإِسْلَامُ. اهـ. ع ش وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيُّ
أَقُولُ مَا قَالَهُ ثَانِيًا مِنْ جَوَازِ إبْدَالِ ذِمِّيٍّ بِمُسْلِمٍ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ سم مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ اهـ وَمَا قَالَهُ أَوَّلًا مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِ النَّذْرِ لِأَحَدِ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فِيهِ تَوَقُّفٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُرْمَةِ النَّذْرِ عَلَيْهِمْ النَّذْرُ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ كَبَقِيَّةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ
وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ لِكَافِرٍ مُعَيَّنٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُ التَّصَدُّقِ الْمَنْذُورِ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ لِلْكَافِرِ مِنْهُمْ وَلَا صَرْفُ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت تَأْلِيفًا لِلسَّيِّدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمَشْهُورِ بِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ بَسَطَ فِيهِ أَدِلَّةً وَاضِحَةً وَنُقُولًا سَدِيدَةً مُصَرِّحَةً بِأَنَّ النَّذْرَ لِأَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُقَيَّدِ بِكَوْنِهِ لِنَحْوِ الْفُقَرَاءِ فَجَرَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالتُّحْفَةُ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَلَى أَنَّهُ كَالزَّكَاةِ فَيَحْرُمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَرَجَّحَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ وَالسَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بَافَضْلٍ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فَمَتَى قَيَّدَ النَّاذِرُ نَذْرَهُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ إمَّا بِلَفْظِهِ أَوْ قَصْدِهِ أَوْ اطِّرَادِ الْعُرْفِ بِالصَّرْفِ إلَيْهِمْ صَحَّ النَّذْرُ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَيْدُ خَاصًّا بِهِمْ ذَاتِيًّا كَفُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ أَوْ وَصْفِيًّا كَعُلَمَاءِ بَلَدِ كَذَا وَلَيْسَ بِهَا عَالِمٌ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ شَامِلًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ كَعُلَمَاءِ بَلَدِ كَذَا وَفِيهَا عُلَمَاءُ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ أَنَّ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالتُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إنَّمَا هُوَ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَالنَّذْرِ الْمُقَيَّدِ بِنَحْوِ الْفُقَرَاءِ وَأَثْبَتَهُ بِأَدِلَّةٍ مِنْ كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ غَيْرِهِمْ
وَبِهَذَا تَبَيَّنَ فَسَادُ قَوْلِ ع ش فِي حَاشِيَةِ النِّهَايَةِ فِي نَذْرِ الْمُقْتَرِضِ لِمُقْرِضِهِ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ حَيْثُ نَذَرَ إلَخْ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ ابْنِ حَجّ وَالرَّمْلِيِّ فَإِنَّهُمْ فَهِمُوا ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالتُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ وَهُوَ فَهْمٌ فَاسِدٌ يَرُدُّهُ مَا أَسْلَفْنَاهُ وَانْتِقَالٌ مِنْ عَدَمِ الصَّرْفِ لِأَهْلِ الْبَيْت مِنْ نَذْرٍ صَحَّ إلَى أَنَّ النَّذْرَ لَا يَنْعَقِدُ لَهُمْ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا. اهـ. عِبَارَةُ بَاصَبْرِينٍ فِي حَاشِيَةِ فَتْحِ الْمُعِينِ قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا أَيْ: وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَوْ كَانَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَنَذْرُ غَيْرِ السَّيِّدِ لِلسَّيِّدِ بِخُصُوصِهِ وَنَذْرُ السَّيِّدِ لِلسَّيِّدِ بِخُصُوصِهِ صَحِيحٌ كَنَذْرِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَكَالنَّذْرِ لِغَنِيٍّ بِخُصُوصِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا جَعَلَهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَوْ قَصَدَ الْإِحْسَانَ بِرَدِّ الزَّائِدِ الْمَنْدُوبِ لَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ مَا مَرَّ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ
(قَوْلُهُ: عَيْنِيٌّ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ نَذَرَ ذُو دَيْنٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ لَيْسَ فِيهِ إلَى وَلَهُ فِيمَا إذَا وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَبِيعَهُ إلَى وَلَوْ أَسْقَطَ وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ أَعْلَاهَا. اهـ. أَيْ: سَوَاءٌ عَبَّرَ بِأَعْلَاهَا أَوْ عَيَّنَ مَا هُوَ الْأَعْلَى فِي الْوَاقِعِ سم وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ نَذَرَ خَصْلَةً مُعَيَّنَةً مِنْ خِصَالِهِ هَلْ يَنْعَقِدُ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا أَعْلَاهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكُلِّيَّةِ رَجَّحَ شَيْخُنَا الْأَوَّلَ وَالزَّرْكَشِيُّ الثَّانِيَ وَقَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَالْقَاضِي الثَّالِثَ وَهُوَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَصَّ عَلَى التَّخْيِيرِ فَلَا يُغَيَّرُ اهـ وَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مَا فِي الشَّارِحِ مُوَافِقٌ لِمَا رَجَّحَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمَا فِي النِّهَايَةِ مُوَافِقٌ لِمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ نَذْرِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَفِي الصَّبْرِ) إلَى لَزِمَهُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَصَدَ إرْفَاقَهُ لِارْتِفَاعِ سِعْرِ سِلْعَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الرَّشِيدِيُّ -
قَوْلُهُ: كَأَحَدِ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) هَذَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثُمَّ نَذَرَهَا فَلَوْ نَذَرَ أَحَدَ خِصَالِهَا مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ، فَأَصَحُّ الْآرَاءِ عَدَمُ اللُّزُومِ وَإِنْ كَانَ مَا نَذَرَهُ أَعْلَى. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ أَعْلَاهَا ش م ر أَيْ: سَوَاءٌ عَبَّرَ بِأَعْلَاهَا أَوْ عَيَّنَ مَا هُوَ الْأَعْلَى فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ ذُو دَيْنٍ حَالٍّ أَنْ لَا يُطَالِبَ غَرِيمَهُ إلَخْ) وَكَثِيرًا مَا تَنْذِرُ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ لَا تُطَالِبُ زَوْجَهَا بِحَالِّ صَدَاقِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ نَذْرُ تَبَرُّرٍ إنْ رَغِبَتْ حَالَ نَذْرِهَا فِي بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ وَلَهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي مُطَالَبَتِهِ وَأَنْ تُحِيلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ شَمِلَ فِعْلَهَا فَقَطْ فَإِنْ زَادَتْ فِيهِ وَلَا بِوَكِيلِهَا وَلَا تُحِيلُ عَلَيْهِ، لَزِمَ وَامْتَنَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْحُ م ر.
لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِيهِ ذَاتِيَّةٌ حِينَئِذٍ أَوْ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لَغَا إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ كَذَلِكَ حِينَئِذٍ هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ كَثِيرُونَ أَنَّ الْحَالَّ يَتَأَجَّلُ بِالنَّذْرِ كَالْوَصِيَّةِ وَلَهُ فِيمَا إذَا قَيَّدَ بِأَنْ لَا يُطَالِبَهُ أَنْ يُحِيلَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُطَالِبُهُ وَأَنْ يَبِيعَهُ لِغَيْرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَأَنْ يُطَالِبَ ضَامِنَهُ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدِينُ حَقَّهُ مِنْ هَذَا النَّذْرِ لَمْ يَسْقُطْ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ مُدَّةً فَمَاتَ قَبْلَهَا فَلِوَارِثِهِ مُطَالَبَتُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ وَرَدُّوا قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِخِلَافِهِ.
(وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ) كَأَكْلٍ وَنَوْمِ مِنْ كُلِّ مَا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ أَيْ: فِي الْأَصْلِ وَإِنْ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا بِنِيَّةِ عِبَادَةٍ بِهِ كَالْأَكْلِ لِلتَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى» وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ أَبَا إسْرَائِيلَ أَنْ يَتْرُكَ مَا نَذَرَهُ مِنْ نَحْوِ قِيَامٍ وَعَدَمِ اسْتِظْلَالٍ» وَإِنَّمَا «قَالَ صلى الله عليه وسلم: لِمَنْ نَذَرَتْ أَنْ تَضْرِبَ عَلَى رَأْسِهِ بِالدُّفِّ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَوْفِي بِنَذْرِكِ» لِمَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ غَايَةِ سُرُورِ الْمُسْلِمِينَ وَإِغَاظَةِ الْمُنَافِقِينَ بِقُدُومِهِ فَكَانَ وَسِيلَةً لِقُرْبَةٍ عَامَّةٍ وَلَا يَبْعُدُ فِيمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِهَذِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لِلَازِمِهِ عَلَى أَنَّ جَمْعًا قَالُوا بِنَدْبِهِ لِكُلِّ عَارِضِ سُرُورٍ لَا سِيَّمَا النِّكَاحُ، وَمِنْ ثَمَّ أَمَرَ بِهِ فِيهِ فِي أَحَادِيثَ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا (لَكِنْ إنْ خَالَفَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ) فِي الْمَذْهَبِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي مَوْضِعٍ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ مُطْلَقًا كَالْفَرْضِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْمَكْرُوهِ وَخَبَرُ:«لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ضَعِيفٌ اتِّفَاقًا
(وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ) وَأَطْلَقَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ عَيَّنَ عَدَدَهَا فَمَا عَيَّنَهُ وَفِي الْحَالَيْنِ (نُدِبَ تَعْجِيلُهَا)
قَوْلُهُ: قَصَدَ إرْفَاقَهُ إلَخْ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِنْظَارِ رِفْقٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْإِرْفَاقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إلَخْ) وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَاقٍ عَلَى حُلُولِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِهِ مَانِعٌ وَكَثِيرًا مَا تَنْذُرُ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ لَا تُطَالِبُ زَوْجَهَا بِحَالِّ صَدَاقِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ نَذْرُ تَبَرُّرٍ إنْ رَغِبَتْ حَالَ نَذْرِهَا فِي بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ وَلَهَا أَنْ تُوكِلَ فِي مُطَالَبَتِهِ وَأَنْ تُحِيلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ شَمِلَ فِعْلَهَا فَقَطْ فَإِنْ زَادَتْ فِيهِ وَلَا بِوَكِيلِهَا وَلَا تُحِيلُ عَلَيْهِ لَزِمَ وَامْتَنَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَمَعَ ذَلِكَ أَيْ: الِامْتِنَاعِ فَلَوْ خَالَفَتْ وَأَحَالَتْ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَتْ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا قَيَّدَهُ بِأَنْ لَا يُطَالِبَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَمَّمَ فَقَالَ لَا يُطَالِبُهُ وَلَا ضَامِنَهُ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) أَيْ: بِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدِينُ حَقَّهُ) كَأَنْ قَالَ لِمَنْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ أَسْقَطْتُ أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ تَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ مَعَ ذَلِكَ هَذَا وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ أَسْقَطْت أَسْتَحِقُّهُ إلَخْ رَدٌّ لِلنَّذْرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرَدَّ أَوَّلًا وَاسْتَقَرَّ النَّذْرُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ بَعْدُ وَمَا مَرَّ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا رُدَّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا هُنَا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا تَقَدَّمَ مَخْصُوصٌ بِالْمَنْذُورِ الْعَيْنِيِّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ مُدَّةً إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ بَقَاءَهُ فِي ذِمَّتِهِ مُدَّةً فَمَاتَ قَبْلَهَا؟ اهـ رَشِيدِيٌّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمُطَالَبَةُ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ مُطَالَبَتُهُ) ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا شَمِلَ فِعْلَ نَفْسِهِ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. اهـ. ع ش وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ مُدَّةً هُوَ وَلَا وَارِثُهُ بَعْدَهُ امْتَنَعَ مُطَالَبَةُ الْوَارِثِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ كَأَكْلٍ) إلَى قَوْلِهِ فَكَانَ وَسِيلَةً فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إذْ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا هَذَا أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ قَالَ مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» اهـ
(قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ) أَيْ: الطَّارِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَسِيلَةٌ لِقُرْبَةٍ عَامَّةٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَكَانَ مِنْ الْقُرَبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِهِ فِيهِ) أَيْ: بِضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ: مَا قَالَهُ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمَنْهَجِ قَالَ ع ش وَأَقَرَّهُ الرَّشِيدِيُّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَعَلَّهُ أَنَّ مَا سَبَقَ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْحَثَّ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الْمَنْعَ أَشْبَهَ الْيَمِينَ فَلَزِمَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ بِخِلَافِ مَا هـ نَا فَإِنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ بِصُورَةِ الْقُرْبَةِ بَعُدَتْ مُشَابَهَتُهُ بِالْيَمِينِ. اهـ. وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ يُوَافِقُ الْأَوَّلَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك أَوْ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَكَلَامَ الْمَتْنِ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ، وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ لَا مِنْ النَّذْرِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَسْقَطَهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالْإِطْلَاقِ إلَى رَدِّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا وَعَنْهُ وَعَنْ الْأَسْنَى فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: صَوْمَ أَيَّامٍ) أَوْ الْإِيَامِ عَلَى الرَّاجِحِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَة إلَّا قَوْلَهُ وَانْتَصَرَ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَعَجِيبٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ نَذَرَ عَشَرَةً إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ إلَى وَخَرَجَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَيَّدَهَا بِكَثِيرَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) فِي الْفَصْلِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ عَدَدَهَا إلَخْ)
قَوْلُهُ: لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِهَا فِي قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك وَفِي قَوْلِهِ: إنْ فَعَلْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ وَفِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ» إلَخْ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ بِهَامِشٍ وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ. .
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ عَدَدَهَا) أَيْ: بِاللَّفْظِ فَلَوْ عَيَّنَهَا بِالنِّيَّةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ عَدَمُ التَّعَيُّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ -
مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ نَعَمْ إنْ عَرَضَ لَهُ مَا هُوَ أَهَمُّ كَسَفَرٍ يَشُقُّ فِيهِ الصَّوْمُ كَانَ التَّأْخِيرُ أَوْلَى ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمَ كَفَّارَةٍ سَبَقَتْ النَّذْرَ سُنَّ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي وَإِلَّا وَجَبَ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ) مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْهُمَا عَمَلًا بِمَا الْتَزَمَهُ، أَمَّا الْمُوَالَاةُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا التَّفْرِيقُ فَلِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهُ فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ فَإِنْ نَذَرَ عَشَرَةً مُفَرَّقَةً فَصَامَهَا وَلَاءً حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ (وَإِلَّا) يُقَيِّدْ بِتَفْرِيقٍ وَلَا مُوَالَاةَ (جَازَ) كُلٌّ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْمُوَالَاةَ أَفْضَلُ.
(أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةٍ كَذَا أَوْ سَنَةٍ مِنْ الْغَدِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ أَوْ يَوْمِ كَذَا (صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْعِيدَ) الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى (وَالتَّشْرِيقَ) وُجُوبًا لِحُرْمَةِ صَوْمِهَا، وَالْمُرَادُ عَدَمُ نِيَّةِ صَوْمِ ذَلِكَ لَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (وَصَامَ رَمَضَانَ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ (وَلَا قَضَاءَ) لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ صَوْمًا فَلَمْ تَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ (وَإِنْ أَفْطَرَتْ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ) وَانْتَصَرَ لَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِقَبُولِ زَمَنِهِمَا لِلصَّوْمِ فِي ذَاتِهِ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَتْ رَمَضَانَ لِأَجْلِهِمَا (قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ) الْقَضَاءُ (وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ أَحَدِهِمَا لَمَّا لَمْ تَقْبَلْ الصَّوْمَ، وَلَوْ لِعُرُوضِ ذَلِكَ الْمَانِعِ لَمْ يَشْمَلْهَا النَّذْرُ (وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا) مِنْهَا (بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ) بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَضَاءِ مَا أَفْطَرَهُ؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ كَانَ لِلْوَقْتِ لَا لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَفْطَرَهَا كُلَّهَا لَمْ يَجِبْ الْوَلَاءُ فِي قَضَائِهَا وَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ مَا أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَتْنِ فِيهِمَا وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي الْمَرَضِ وَعَجِيبٌ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَتْنَ وَأَصْلَهُ ذَكَرَا وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُمَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ فَشَمِلَهُ النَّذْرُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحَيْضِ فَإِنْ قُلْت: فَمَا مَحَلُّ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْذَارَ الْأُوَلَ ذَكَرَ أَنْ لَا قَضَاءَ فِيهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا عُذْرُ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَهُمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهِمَا قُلْت لَا تَنْحَصِرُ الْأَعْذَارُ فِيمَا ذَكَرَ بَلْ مِنْهَا الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَالضَّابِطُ الْمَعْلُومُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَ
أَيْ بِاللَّفْظِ فَلَوْ عَيَّنَهَا بِالنِّيَّةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ عَدَمُ التَّعَيُّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مِنْ التَّوَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ فُرُوعٌ يَقَعُ لِبَعْضِ الْعَوَامّ إلَخْ وَفِي الِاعْتِكَافِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَرَضَ إلَخْ) وَلَوْ خَشِيَ النَّاذِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الصَّوْمَ عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا إمَّا لِزِيَادَةِ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِهَرَمٍ لَزِمَهُ التَّعْجِيلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهَا) أَيْ: الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ أَيْ: بِأَنْ كَانَ سَبَبُهَا مَعْصِيَةً. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ تَقْدِيمُهَا وَتَعْجِيلُهَا (قَوْلُهُ حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى نَفْلًا لِلْجَاهِلِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ تَخَلُّلَ النَّفْلِ بَيْنَ الْوَاجِبِ لَا يَمْنَعُ تَفْرِيقَهُ الْوَاجِبَ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش وَوَقَعَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ ظَنَّ إجْزَاءَهَا عَنْ النَّذْرِ فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إجْزَائِهَا عَنْهُ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَذْرِ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْإِثْمِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ إلَخْ عَدَمُ الصِّحَّةِ هُنَا أَيْضًا. اهـ. .
(قَوْلُهُ: كَسَنَةِ كَذَا) أَيْ كَسَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ بَعْد أَلْفً وَمِائَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ) بِلَا تَنْوِينٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالتَّشْرِيقُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا لَمْ يَنْعَقِد نَذْرُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ لَا تَدْخُلُ فِي نَذْرِهِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ أَفْطَرَتْ) أَيْ: امْرَأَةٌ فِي سَنَةٍ نَذَرَتْ صِيَامَهَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ) أَيْ: قَضَاءُ زَمَنِ أَيَّامِهِمَا (تَنْبِيهٌ) .
الْإِغْمَاءُ فِي ذَلِكَ كَالْحَيْضِ مُغْنِي وَكَنْزٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ إلَخْ) وَلَوْ أَفْطَرَتْ بِجُنُونٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا جَزْمًا كَأَيَّامِ رَمَضَانَ كَنْزٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْمَلْهَا) أَيْ: النَّذْرُ الْمُطْلَقُ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ: السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَفْطَرَهَا كُلَّهَا) أَيْ: السَّنَةِ الْمَنْذُورَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ) أَيْ: الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى إلَخْ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِعُذْرِ مَرَضٍ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَالرَّوْضِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ سَفَرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ أَوْ مَرَضٍ فَلَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ وَلَا يَضُرُّ إطْلَاقُهُ الْعُذْرَ الشَّامِلَ لِلسَّفَرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ غَيْرُهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ سَفَرًا وَنَحْوَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ مَرَضًا فَلَا وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَرِدُ. اهـ. وَلَكِنْ نَظَرَ فِيهَا ع ش بِمَا نَصُّهُ: قَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ حَيْثُ أَفْطَرَ بِالْمَرَضِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَسَوَّى حَجّ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَتْنِ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلًا. اهـ. سم وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ بَيَانٍ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَعَجِيبٌ إلَخْ) مَرْجُوًّا بِهِ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِإِفْطَارٍ فِي الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ.
(قَوْلُهُ:
هَذَا مِنْ التَّوَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْإِلْحَاقِ بِإِزَاءِ قَوْلِهِ: فُرُوعٌ يَقَعُ لِبَعْضِ الْعَوَامّ إلَخْ وَفِي بَابِ الِاعْتِكَافِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى نَفْلًا لِلْجَاهِلِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ تَخَلُّلَ النَّفْلِ بَيْنَ الْوَاجِبِ لَا يَمْنَعُ تَفْرِيقَهُ الْوَاجِبَ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْطَرَتْ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) قَالَ فِي الْكَنْزِ: أَوْ إغْمَاءٍ. (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَوْ أَفْطَرَ بِجُنُونٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا جَزْمًا كَأَيَّامِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ إلَخْ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ مَرَضٍ إلَخْ) عَدَمُ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَضِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ مَرَضٍ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وم ر بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَضِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ، وَقَدْ مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: بَلْ الْأَصَحُّ فِيهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي صَوْمِ الِاثْنَيْنِ. اهـ. ..
الصَّوْمِ عَنْ النَّذْرِ فَأَفْطَرَهُ يَقْضِيهِ وَمَا لَا فَلَا.
(فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ) فِي نَذْرِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَلَوْ فِي نِيَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَجَبَ) بِفِطْرِهِ يَوْمًا، وَلَوْ لِعُذْرِ سَفَرٍ وَمَرَضٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْكَفَّارَةِ وَإِنْ كَانَتْ قَضِيَّةُ سِيَاقِ الْمَتْنِ فَرْضَهُ فِي عَدَمِ الْعُذْرِ الِاسْتِئْنَافَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ صَارَ مَقْصُودًا
(أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ (غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَشَرَطَ التَّتَابُعَ) فِي نَذْرِهِ، وَلَوْ بِالنِّيَّةِ (وَجَبَ) التَّتَابُعُ وَفَاءً بِمَا الْتَزَمَهُ (وَلَا يَقْطَعُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ وَ) لَا (فِطْرُ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ) لِاسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ شَرْعًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُعَيَّنَةِ كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِعَنْ فَرْضِهِ صَوْمُهُ عَنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَيَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ (وَيَقْضِيهَا) أَيْ: رَمَضَانَ وَالْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَوْمَ سَنَةٍ وَلَمْ يَصُمْهَا (تِبَاعًا) أَيْ مُتَوَالِيَةً (مُتَّصِلَةً بِآخِرِ السَّنَةِ) عَمَلًا بِشَرْطِهِ التَّتَابُعَ وَفَارَقَتْ الْمُعَيَّنَةَ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يُبْدَلُ بِغَيْرِهِ وَالْمُطْلَقَ إذَا عُيِّنَ قَدْ يُبْدَلُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ لَا يُبْدَلُ لِعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ هَذَا إنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ نَوَى مَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ مِنْ سَنَةٍ مُتَتَابِعَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ قَطْعًا وَإِنْ نَوَى عَدَدَ أَيَّامِ سَنَةٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ قَطْعًا وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهَا عَلَى الْهِلَالِيَّةِ (وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ) وَنِفَاسٌ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا (وَفِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي الْمُعَيَّنَةِ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْقَضَاءِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَأَطَالَ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ وَسَبَقَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِبَعْضِ ذَلِكَ فَقَالَ: الْأَشْبَهُ قَضَاءُ زَمَنِ الْحَيْضِ كَمَا فِي رَمَضَانَ بَلْ أَوْلَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ: التَّتَابُعَ (لَمْ يَجِبْ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ فَيَصُومُ سَنَةً هِلَالِيَّةً أَوْ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا.
(أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (يَوْمِ الِاثْنَيْنِ أَبَدًا لَمْ يَقْضِ أَثَانِيَ رَمَضَانَ) الْأَرْبَعَةَ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يَشْمَلُهَا لِسَبْقِ وُجُوبِهَا، وَحَذْفُهُ نُونَ أَثَانِي صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَوَقَعَ لَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلِغَيْرِهِ إثْبَاتُهَا وَهُوَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ وَزَعَمَ أَنَّ حَذْفَهَا لِلتَّبَعِيَّةِ؛ لِحَذْفِهَا مِنْ الْمُفْرَدِ أَوْ لِلْإِصَافَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِذَلِكَ لَمْ؛ تُعْهَدْ وَبِأَنَّ أَثَانِينَ لَيْسَ جَمْعَ مُذَكَّرٍ سَالِمًا وَلَا مُلْحَقًا بِهِ بَلْ حَذْفُهَا وَإِثْبَاتُهَا
فِي نَذْرِ السَّنَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَنَازَعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْنَافُ) فَاعِلُ وَجَبَ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ) أَيْ: هِلَالِيَّةٍ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ رَمَضَانَ وَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِشَرْطِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَجَزَمَ بِهِ إلَى فَقَالَ الْأَشْبَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْمُعَيَّنَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقِيلَ لَا تُقْضَى كَالسَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ إلَخْ (تَنْبِيهٌ)
مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَطْلَقَ اللَّفْظَ فَإِنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُطْلَقُ إذَا عُيِّنَ إلَخْ) وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ هُنَا قَدْ عُيِّنَتْ بِاَلَّتِي صَامَهَا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: الْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَتْ الْمُعَيَّنَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَدَدَ أَيَّامِ سَنَةٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَدَدًا يَبْلُغُ سَنَةً كَأَنْ قَالَ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهَا إلَخْ) عِبَارَة الْمُغْنِي وَإِذَا أَطْلَقَ النَّاذِرُ السَّنَةَ حُمِلَتْ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا السَّنَةُ شَرْعًا. اهـ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقُهَا) أَيْ: فِي الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى الْهِلَالِيَّةِ) هِيَ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ فَيَصُومُ سَنَةً هِلَالِيَّةً أَوْ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا قَدْ يَمْنَعُ مِنْ الْحَمْلِ هُنَا عَلَى مُصْطَلَحِ الْحِسَابِ إذْ لَا يَظْهَرُ فَارِقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ سَنَةً وَقَوْلِهِ عَدَدَ أَيَّامِ سَنَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ يَأْتِي آنِفًا عَنْ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مَا يُصَرِّحُ بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ إلَخْ) وَإِنْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ كَفِطْرِهِ فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ
(قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفَارَقَتْ الْمُعَيَّنَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَصُومُ سَنَةً هِلَالِيَّةً إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَإِنْ نَذَرَ سَنَةً مُطْلَقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ فَعَلَيْهِ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا عَدَدَ أَيَّامِ السَّنَةِ بِحُكْمِ كَمَالِ شُهُورِهَا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ نَقَصَتْ؛ لِأَنَّهَا السَّنَةُ شَرْعًا وَكُلَّ شَهْرٍ اسْتَوْعَبَهُ بِالصَّوْمِ فَنَاقِصُهُ كَالْكَامِلِ وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرَ مِنْ الْأَشْهُرِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَشَوَّالٌ وَعَرَفَةُ أَيْ: شَهْرُهَا وَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ مُنْكَسِرَانِ أَبَدًا بِسَبَبِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ فَإِنْ نَقَصَ شَوَّالٌ تَدَارَكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ذُو الْحِجَّةِ فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ صَامَهَا أَيْ: السَّنَةَ مُتَوَالِيًا قَضَى أَيَّامَ رَمَضَانَ وَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَإِنْ شَرَطَ تَتَابُعَهَا قَضَى رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ إلَّا أَيَّامَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ مُتَّصِلًا بِآخِرِ السَّنَةِ الَّتِي صَامَهَا. اهـ. بِحَذْفٍ
(قَوْلُهُ: هِلَالِيًّا) هَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ صَامَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا هـ هِلَالِيًّا مُتَفَرِّقَةً وَكَانَتْ كُلُّهَا نَاقِصَةً مَثَلًا؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامًا يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ فِيمَا ذَكَرَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ هَذَا بَعِيدٌ قَدْ يُنَافِيهِ تَعْلِيلُهُمْ بِكَوْنِهَا سَنَةً شَرْعِيَّةً كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: الْأَرْبَعَةَ) إلَى قَوْلِهِ وَوَقَعَ لَهُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَنَظِيرُ مَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَوْنُ هَذَا إلَى وَلَيْسَ مِثْلُهَا وَقَوْلُهُ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لِلَازِمِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ صَرِيحٌ إلَى الَّذِي اعْتَمَدَهُ وَقَوْلُهُ أَيْ: بِإِحْدَى الطُّرُقِ إلَى فَبَيَّتَ النِّيَّةَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ وَغَيْرِهِ فَإِنْكَارُ ابْنِ بَرِّيٍّ وَالنَّوَوِيِّ الْإِثْبَاتَ مَرْدُودٌ وَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ اثْنَيْنِ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛ لِأَنَّهُ مُثَنَّى فَإِنْ أَحْبَبْت أَنْ تَجْمَعَهُ كَأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْوَاحِدِ قُلْت أَثَانِينَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَزَعْمُ أَنَّ إلَخْ) تَعْرِيضٌ بِالشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) خَبَرٌ وَزَعْمُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إلَخْ) رَدٌّ لِلزَّعْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ حَذْفَهَا لِلتَّبَعِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْأَثَانِينَ إلَخْ -
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْمُعَيَّنَةَ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ لَا يَقْضِيهَا فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُطْلَقُ إذَا عُيِّنَ إلَخْ) وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ هُنَا قَدْ عُيِّنَتْ بِاَلَّتِي صَامَهَا (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْأَشْبَهُ قَضَاءُ زَمَنِ الْحَيْضِ كَمَا فِي رَمَضَانَ بَلْ أَوْلَى) قَالَ فِي الْكَنْزِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي النَّذْرِ فَكَيْفَ تُقْضَى مَعَ عَدَمِ سَبْقِ مُقْتَضَى الْوُجُوبِ وَأَيْضًا فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي رَمَضَانَ دُونَ هَذَا وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ وَيَقْضِي فِيهَا زَمَنَ سَفَرٍ وَمَرَضٍ. اهـ. فَانْظُرْ الْقَضَاءَ بِالْمَرَضِ هَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَضَاءِ بِهِ فِي الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَصُومُ سَنَةً هِلَالِيَّةً إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ نَذَرَ سَنَةً مُطْلَقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ
مُطْلَقًا لُغَتَانِ وَالْحَذْفُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا (وَكَذَا) الِاثْنَيْنِ الْخَامِسِ مِنْ رَمَضَانَ وَ (الْعِيدُ وَالتَّشْرِيقُ فِي الْأَظْهَرِ) إنْ صَادَفَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قِيَاسًا عَلَى أَثَانِي رَمَضَانَ، وَكَوْنُ هَذَا قَدْ يَتَّفِقُ وَقَدْ لَا لَا أَثَرَ لَهُ بَعْدُ أَنْ تَعْلَمَ الْعِلَّةَ السَّابِقَةَ وَهِيَ سَبْقُ وُجُوبِهَا وَلَيْسَ مِثْلُهَا يَوْمَ الشَّكِّ لِقَبُولِهِ لِصَوْمِ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ تِبَاعًا لِكَفَّارَةٍ) أَوْ نَذْرٍ (صَامَهُمَا وَيَقْضِي أَثَانِيَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي إنْ سَبَقَتْ الْكَفَّارَةُ) أَيْ مُوجِبُهَا أَوْ سَبَقَ نَذْرُ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ (النَّذْرَ) لِلْأَثَانِي بِأَنْ لَزِمَهُ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ نَذَرَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَثَانِيَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَمَا لَا يَقْضِي أَثَانِيَ رَمَضَانَ (قُلْت ذَا الْقَوْلِ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَانْتَصَرَ لِلْأَوَّلِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ وَأَطَالُوا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَثَانِي رَمَضَانَ بِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ (وَتَقْضِي) الْمَرْأَةُ (زَمَنَ حَيْضِ وَنِفَاسٍ) وَقَعَ فِي الْأَثَانِي، وَالنَّاذِرُ زَمَنَ نَحْوِ مَرَضٍ وَقَعَ فِيهَا (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهُ فِيهِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ نَذْرِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ سُكُوتِهِ هُنَا عَلَى مَا فِي أَصْلِهِ بِأَنَّهُ لِلْعِلْمِ بِضَعْفِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي نَظِيرِهِ، فَإِنْ قُلْت عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ هَلْ يُمْكِنُ فَرْقٌ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ؟ قُلْت نَعَمْ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْحَيْضِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ بِعَيْنِهِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِالنِّسْبَةِ لَهَا إذْ قَدْ يَلْزَمُ حَيْضُهَا زَمَنًا لَيْسَ مِنْهُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ بِخِلَافِ نَحْوِ يَوْمِ الْعِيدِ فَكَانَ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى بِخِلَافِ ذَاكَ.
(أَوْ) نَذَرَ (يَوْمًا بِعَيْنِهِ) أَيْ: صَوْمَهُ (لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ) فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَلَمْ يَصِحَّ كَتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى وَقْتِهَا وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَكَانَ قَضَاءً
، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ خَمِيسٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ كَفَاهُ أَيُّ خَمِيسٍ كَانَ وَإِذَا مَضَى خَمِيسٌ أَيْ: يُمْكِنُهُ صَوْمُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الصَّوْمِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ فَدَى عَنْهُ
(أَوْ) نَذَرَ (يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ) بِمَعْنَى جُمُعَةٍ (ثُمَّ نَسِيَهُ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْمَنْذُورُ (هُوَ) أَيْ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ (وَقَعَ قَضَاءً)
وَإِنْ كَانَ فَقَدْ وَفَّى بِمَا الْتَزَمَهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لَازِمِهِ كَمَا مَرَّ
رَدٌّ لِلثَّانِي وَهُوَ أَنَّ حَذْفَهَا لِلْإِضَافَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: فِي الْإِضَافَةِ وَفِي غَيْرِهَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: الِاثْنَيْنِ الْخَامِسِ) إلَى قَوْلِهِ وَكَوْنُ هَذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ الِاثْنَيْنِ الْخَامِسِ مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ: فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ خَمْسَةُ أَثَانِينَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: إنْ صَادَفَتْ) أَيْ: الْعِيدُ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَيَوْمُ خَامِسٍ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ هَذَا) رَدٌّ لِدَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ وَالْإِشَارَةُ إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ وُقُوعِ خَمْسَةِ أَثَانِينَ فِي رَمَضَانَ وَوُقُوعِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلُهَا إلَخْ) أَيْ: أَيَّامِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ فَيَصِحُّ صَوْمُهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ وَقْتًا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْوَاقِعَةَ فِيهَا) يَنْبَغِي التَّثْنِيَةُ (قَوْلُ الْمَتْنِ: ذَا الْقَوْلِ أَظْهَرُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ وَالْمَنْهَجُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ وَالنَّذْرِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَقْضِي زَمَنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالنَّاذِرُ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ فِي الْأَظْهَرِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا عَادَةَ لَهَا غَالِبَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فَعَدَمُ الْقَضَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي عَادَتِهَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْصِدُ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ عَادَتُهَا غَالِبًا فِي مُفْتَتَحِ الْأَمْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمُحَلَّى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ: النَّاذِرُ وُقُوعَهُ أَيْ: الصَّوْمِ الْمَنْذُورِ فِيهِ أَيْ: زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّا قَدَّمَهُ) أَيْ: حَيْثُ قَالَ قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ. اهـ. وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ بِخِلَافِ نَحْوِ يَوْمِ الْعِيدِ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ وُقُوعِهِ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُقُوعَ الْحَيْضِ إلَخْ) أَيْ وَحُمِلَ عَلَيْهِ النِّفَاسُ (قَوْلُهُ فَكَانَ هَذَا) أَيْ: زَمَنُ الْحَيْضِ كَالْمُسْتَثْنَى أَيْ: مِنْ نَذْرِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ ذَاكَ أَيْ: زَمَنِ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَذْرِ الْأَثَانِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ نَذَرَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ) أَيْ: عَالِمًا بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ فَعَلَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَوْمُ نَذْرِهِ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَقَعُ نَفْلًا وَلَا إثْمَ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ: مَعَ الْإِثْمِ
(قَوْلُهُ: فُدِيَ عَنْهُ) أَيْ: وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ عِصْيَانِهِ بِالتَّأْخِيرِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جُمُعَةٍ) لَا مُطْلَقًا بِدَلِيلِ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جُمُعَةٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ إلَى فِي أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ) فَفِي الْمَتْنِ إقَامَةُ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مُقَامَ ضَمِيرِ النَّصْبِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ (تَنْبِيهٌ) .
يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ نَذْرَ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا يَنْعَقِدُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلٍ بِصِحَّةِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ نَذْرَ الْمَكْرُوهِ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فَلَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّهُ كَانَ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ وَصَامَ أَحَدَهُمَا وَنَسِيَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا كَرَاهَةَ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ أُسْبُوعٍ وَنَسِيَهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ رُبَّمَا يَتَعَيَّنُ
التَّتَابُعُ فَعَلَيْهِ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ، فَشَوَّالٌ وَعَرَفَةُ أَيْ: شَهْرُهُمَا مُنْكَسِرَانِ أَبَدًا فَإِنْ صَامَهَا أَيْ السَّنَةَ مُتَوَالِيًا قَضَى أَيَّامَ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ أَيْ: وَالنِّفَاسِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ مُتَّصِلًا بِآخِرِ السَّنَةِ وَيَسْتَأْنِفُ بِالنَّظَرِ لِلسَّفَرِ وَالْمَرَضِ أَيْ: أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِذَا شَرَعَتْ فِي صَوْمِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ فَحَاضَتْ سَقَطَ قَضَاؤُهُ لَا الْمُطْلَقُ. اهـ. .
. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر بِخِلَافِ نَحْوِ يَوْمِ الْعِيدِ
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جُمُعَةٍ) لَا مُطْلَقًا بِدَلِيلِ آخِرِهِ وَهُوَ الْجُمُعَةُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجُمُعَةُ إلَخْ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي انْعِقَادِ نَذْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلَهُمْ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي مَكْرُوهٍ مَعَ كَرَاهَةِ إفْرَادِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا صَامَهُ نَفْلًا فَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لَازِمِهِ إذْ الْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ إلَخْ) لِقَائِلٍ
إذْ الْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ لَا نَفْسُ صَوْمِهِ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ إذَا كُرِهَ، وَفِي أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ السَّبْتُ وَهُوَ صَرِيحُ خَبَرِ مُسْلِمٍ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهِ الْحُفَّاظُ كَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيِّ وَجَعَلُوهُ مِنْ كَلَامِ كَعْبٍ وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْهُ فَاشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ فَرَفَعَهُ، وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ مُخَالِفُ لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إنَّ أَوَّلَ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي الْأَحَدِ لَا السَّبْتِ وَدَلَّ لَهُ خَبَرُ «خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ» إسْنَادُهُ صَالِحٌ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَصُومُ السَّبْتَ لَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ كَالرَّافِعِيِّ الْأَوَّلُ
(وَمَنْ) نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَافِلَةٍ دَخَلَ فِيهَا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ (شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ) بِأَنْ نَوَى، وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (فَنَذَرَ إتْمَامَهُ لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ (وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ) ؛ لِأَنَّ صَوْمَ بَعْضِ الْيَوْمِ لَا يُمْكِنُ شَرْعًا فَلَزِمَهُ يَوْمٌ كَامِلٌ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَذْرِ بَعْضِ رَكْعَةٍ (أَوْ) نَذَرَ (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ) ؛ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ بِأَنْ يَعْلَمَهُ قَبْلُ فَيَنْوِيَهُ لَيْلًا وَنِيَّتُهُ حِينَئِذٍ وَاجِبَةٌ
(فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ فِي يَوْمِ عِيدٍ) أَوْ تَشْرِيقٍ (أَوْ فِي رَمَضَانَ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ بِالْيَوْمِ وَلَمْ يُوجَدْ الْقُدُومُ فِي زَمَنٍ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ نَعَمْ يُسَنُّ فِي الْأُولَى صَوْمُ صَبِيحَةِ ذَلِكَ اللَّيْلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَوْ يَوْمٌ آخَرُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى (أَوْ) قَدِمَ (نَهَارًا) قَابِلًا لِلصَّوْمِ (وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرُ عَنْ هَذَا) أَيْ: نَذْرِهِ لِقُدُومِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَهُ وَخَرَجَ بِقَضَاءٍ وَمَا بَعْدَهُ مَا لَوْ صَامَهُ عَنْ الْقُدُومِ بِأَنْ ظَنَّ قُدُومَهُ فِيهِ أَيْ: بِإِحْدَى الطُّرُقِ السَّابِقَةِ فِيمَا لَوْ تَحَدَّثَ بِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ لَيْلًا فَنَوَى كَمَا هـ وَظَاهِرٌ فَبَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَتَهُ فَيَصِحُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ (أَوْ) قَدِمَ، وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (وَهُوَ صَائِمٌ نَفْلًا فَكَذَلِكَ) يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ آخَرَ عَنْ نَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ
(وَقِيلَ يَجِبُ تَتْمِيمُهُ) بِقَصْدِ كَوْنِهِ عَنْ النَّذْرِ (وَيَكْفِيهِ) عَنْ نَذْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا مِنْ وَقْتِ الْقُدُومِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِقُدُومِهِ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِهِ فَإِنَّ الصَّوَابَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِنْ حِينِ الْقُدُومِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ أَيْ لِإِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ
وَلَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ إلَّا قَلِيلُ الْفَهْمِ أَوْ مُعَانِدٌ. اهـ. أَقُولُ وَبَعْدَهُ لَا مَجَالَ لِإِنْكَارِهِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ إلَخْ) وَلِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا صَامَهُ نَفْلًا فَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ نَذْرَ صَوْمِ الدَّهْرِ) كَذَا فِي النُّسَخِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَدَمِ صِحَّةِ نَذْرٍ إلَخْ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ السَّبْتُ) وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ أَوَّلُ الْأُسْبُوعِ السَّبْتُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْخِلَافَ: وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ حَتَّى يَصُومَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْأُسْبُوعِ لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي جَمِيعِ لَيَالِيِ الْعَشْرِ لِأَجْلِ الْإِبْهَامِ وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ يُصَلِّيهَا فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ: اعْتَمَدَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَيْ أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ السَّبْتُ. (قَوْلُهُ: كُلِّ نَافِلَةٍ إلَخْ) مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَاعْتِكَافٍ وَغَيْرِهَا. اهـ. مُغْنِي. .
(قَوْلُهُ: بِأَنْ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ) وَلَيْسَ لَنَا صَوْمٌ وَاجِبٌ يَصِحُّ بِنِيَّةِ النَّهَارِ إلَّا هـ ذَا. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عِبَادَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ نُسُكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِبَعْضِ نُسُكٍ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِهِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ نُسُكًا كَالطَّلَاقِ وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ طَوَافٍ فَيَنْبَغِي بَقَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِشَوْطٍ مِنْهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى وَإِنْ نَذَرَ سَجْدَةً لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْبَةً بِلَا سَبَبٍ بِخِلَافِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَلَوْ نَذَرَ الْحَجَّ فِي عَامِهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ لِضِيقِ الْوَقْتِ كَأَنْ كَانَ عَلَى مِائَةِ فَرْسَخٍ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِمَا الْتَزَمَهُ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْلَمَهُ قَبْلُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا. اهـ. أَيْ بِسُؤَالٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ بَلْ إنْ اتَّفَقَ بُلُوغُ الْخَبَرِ لَهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا ع ش. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ إلَخْ) سَوَاءٌ أَرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ أَمْ لَا أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ عَلَى نِعْمَةِ الْقُدُومِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَهُوَ مُفْطِرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ بِغَيْرِ جُنُونٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ مُفْطِرٌ إفْطَارُهُ بِتَنَاوُلِهِ مُفْطِرًا أَوْ بِعَدَمِ النِّيَّة مِنْ اللَّيْلِ نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِجُنُونٍ طَرَأَ فَلَا قَضَاءَ إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَجَبَ يَوْمٌ آخَرَ عَنْ هَذَا) وَيُسَنُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ صَامَ يَوْمًا مُسْتَحِقَّ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ ظَنَّ قُدُومَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِأَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا بِخَبَرِ ثِقَةٍ مَثَلًا اهـ. (قَوْلُهُ فَبَيَّتَ النِّيَّةَ إلَخْ) عَطْفُهُ عَلَى فَنَوَى عَطْفُ مُفَصَّلٍ عَلَى مُجْمَلٍ اهـ ع ش أَقُولُ قَوْلُ الشَّارِح كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الرَّاجِعُ إلَى قَوْلِهِ أَيْ بِإِحْدَى إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَنَوَى مِنْ جُمْلَةِ التَّفْسِيرِ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ قَوْلَهُ فَبَيَّتَ إلَخْ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ ظَنَّ قُدُومَهُ إلَخْ. (قَوْله؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ إلَخْ)
أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ هَذَا مِنْ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّ صَوْمَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطِ الْإِفْرَادِ فَنَذْرُ صَوْمِهِ لَا يَكُونُ نَذْرَ مَكْرُوهٍ إلَّا إنْ نَذَرَ صَوْمَهُ مُنْفَرِدًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ لِصِدْقِ صَوْمِهِ حِينَئِذٍ مَعَ صَوْمٍ آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَتَنْدَفِعُ الْكَرَاهَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
سم. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُفْطِرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: بِغَيْرِ جُنُونٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ
فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ
(وَلَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ) مِنْ تَلَوْتُهُ وَتَلَيْتُهُ تَبِعْتُهُ وَتَرَكْتُهُ فَهُوَ ضِدٌّ وَالتِّلْوُ بِالْكَسْرِ مَا يَتْلُو الشَّيْءَ وَالْمُرَادُ بِالتَّالِي هُنَا التَّابِعُ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ (وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ) أَيْ يَوْمِ قُدُومِهِ (فَقَدِمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فِي الْأَرْبِعَاءِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْمَدِّ (وَجَبَ صَوْمُ يَوْمِ الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ) لِسَبْقِهِ (وَيَقْضِي الْآخَرَ) لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ نَعَمْ يَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ النَّذْرِ الثَّانِي وَيَقْضِي يَوْمًا آخَرَ عَنْ النَّذْرِ الْأَوَّلِ وَفِي الْمَجْمُوعِ، لَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَمْسِ يَوْمَ قُدُومِهِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَوَقَعَ لِشَارِحٍ أَنَّهُ قَالَ عَنْهُ: صَحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَغَلِطَ فِيهِ وَنَظِيرُ مَا ذَكَرَ مَا لَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَعَلَيَّ عِتْقُهُ فَحَصَلَ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ لَكِنْ فِي هَذِهِ آرَاءٌ، رَأَى الْقَاضِي كَمَا فَهِمَهُ فِي التَّوَسُّطِ عَنْهُ عَدَمَ انْعِقَادِ النَّذْرِ الثَّانِي وَيَعْتِقُ عَنْ الْأَوَّلِ وَرَأَى الْعَبَّادِيُّ الِانْعِقَادَ وَيَعْتِقُ عَنْ السَّابِقِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْهُ وَلَا يُوجِبُ الْأَخِيرُ شَيْئًا فَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَثَمَرَةُ الْإِقْرَاعِ أَنَّ أَيَّ نَذْرٍ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ
وَرَأَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ وُجِدَتْ الْأُولَى عَتَقَ عَنْهَا وَإِلَّا فَعَنْ الثَّانِيَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ هُوَ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ حَتَّى بِالْمَعْدُومِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا عُلِّقَ بِالْقُدُومِ لَمْ يُمْكِنْ إلْغَاؤُهُ؛ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْعِتْقِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَالْعِتْقُ يُحْتَاطُ لَهُ وَلَا صِحَّتُهُ الْآنَ لِمُعَارَضَةِ نَذْرِهِ الْأَوَّلِ لَهُ وَهُوَ أَوْلَى بِسَبْقِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ مَا أَمْكَنَ وَإِذَا تَعَارَضَا لَزِمَ الْقَوْلُ بِوَقْفِهِ وَقْفَ تَبَيُّنٍ فَإِنْ وُجِدَ الْأَوَّلُ عَتَقَ عَنْهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا عَتَقَ عَنْ الثَّانِي فَإِنْ قُلْت: صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِدُخُولٍ مَثَلًا وَوَقْفِهِ تُؤَيِّدُ صِحَّةَ نَذْرِ الثَّانِي حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ عَنْ الْعَبَّادِيِّ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدُّخُولَ الْمُعَلَّقَ بِهِ أَوَّلًا لَا الْتِزَامَ فِيهِ فَجَازَ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِنَحْوِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ النَّذْرِ هُنَا فَإِنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَا إبْطَالُهُ وَصِحَّةُ نَذْرِ الثَّانِي يَلْزَمُهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ فَتَعَيَّنَ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَفَاءً بِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْهُ.
قِيلَ وَيُؤْخَذُ
وَالنَّفَلُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْفَرْضِ اهـ مُغْنِي. (قَوْله فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا اهـ ع ش
. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ نَاطِقٌ بِأَنَّ هَذَا النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِالْقُدُومِ نَذْرُ شُكْرٍ عَلَى نِعْمَةِ الْقُدُومِ فَلَوْ كَانَ قُدُومُهُ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ لِلنَّاذِرِ كَامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ يَهْوَاهَا أَوْ أَمْرَدَ يَتَعَشَّقُهُ أَوْ نَحْوِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ وَهَذَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا سَهْوٌ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الْمُلْتَزَمِ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةً الْمُلْتَزَمُ لَا الْمُعَلَّقُ بِهِ وَالْمُلْتَزَمُ هُنَا الصَّوْمُ وَهُوَ قُرْبَةٌ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قُرْبَةً أَمْ لَا اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: تَبِعْته وَتَرَكْته) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمُطْلَقِ التُّلُوِّ وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ هُنَا تَلَوْته بِمَعْنَى تَبِعْته خَاصَّةً اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِشَارِحٍ) وَهُوَ ابْنُ شُهْبَةَ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: قَالَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ بِأَنْ يَعْلَمَ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَيَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا يَصُومُ فِي نَذْرٍ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ اهـ رَشِيدِيٌّ زَادَ الْحَلَبِيُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَمْسِ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِجَزَاءِ الشَّرْطِ فَيَكُونُ مُسْتَقْبَلًا بِخِلَافِ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ: أَمْسِ مِثْلُ قَوْلِهِ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ حُرِّرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَغَلِطَ فِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا مَا نُقِلَ عَنْهُ أَيْ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ قَالَ يَصِحُّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ سَهْوٌ اهـ وَلَعَلَّ نُسَخَهُ أَيْ الْمَجْمُوعِ مُخْتَلِفَةٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ مَثَلًا كَمَا مَرَّ اهـ أَقُولُ هَذَا خِلَافٌ صَنِيعُ صَرِيحِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ النَّذْرِ. (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي هَذِهِ آرَاءٌ إلَخْ) وَالْأَرْجَحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ الثَّانِي وَعِتْقُهُ عَنْ السَّابِقِ مِنْهُمَا وَلَا يَجِبُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ إذْ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا نِهَايَةٌ وَهَذَا الَّذِي فِي النِّهَايَةِ كَانَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ وَأَبْدَلَهُ بِمَا تَرَى اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ وَعَقَّبَ الْأَسْنَى كَلَامَ الرَّوْضِ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ النِّهَايَةِ بِمَا نَصُّهُ كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ شُفِيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَالْعَبْدُ مُسْتَحَقُّ الْعِتْقِ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ مَاتَ انْعَقَدَ وَأُعْتِقَ الْعَبْدَ عَنْهُ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَهَذَا أَوْجَهُ وَلَوْ نَذَرَ مَنْ يَمُوتُ أَوْلَادُهُ عِتْقَ رَقِيقٍ إنْ عَاشَ لَهُ وَلَدٌ فَعَاشَ لَهُ وَلَدٌ أَكْثَرَ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَوْتَى وَلَوْ قَلِيلًا لَزِمَهُ الْعِتْقُ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَنْ السَّابِقِ) أَيْ مِنْ الشِّفَاءِ وَالْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْهُ) قَدْ مَرَّ آنِفًا عَنْ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي رَدُّهُ بِأَنَّ مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ. (قَوْلُهُ: الْأُولَى) وَهِيَ الشِّفَاءُ. (قَوْلُهُ: عَتَقَ) الْأَوْلَى هُنَا وَفِي نَظِيرَيْهِ الْآتِيَيْنِ أُعْتِقَ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَعَارَضَا) أَيْ الْإِلْغَاءُ وَالتَّصْحِيحُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الشِّفَاءُ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَ الثَّانِي مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ مَاتَ الْمَرِيضُ. (قَوْلُهُ: صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارِي فَأَنْتَ حُرٌّ. (قَوْلُهُ: وَوَقْفِهِ) أَيْ وَصِحَّةِ وَقْفِ الْمُعَلَّقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَنْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ الْبَيْعِ) أَيْ كَالْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ) أَيْ بِالشِّفَاءِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ النَّذْرُ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهَا ذَلِكَ) قَدْ يُمْنَعُ بِدَلِيلِ الْعِتْقِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ وَفَائِدَةُ صِحَّةِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ حُصُولُ الْأَوَّلِ عَتَقَ عَنْ الثَّانِي اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ) إلَى قَوْلِهِ اهـ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ -
كَصَوْمِ رَمَضَانَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَرَأَى الْعَبَّادِيُّ الِانْعِقَادَ) كَتَبَ عَلَى رَأْيِ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ خِلَافُ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ. .
(قَوْلُهُ: يَلْزَمُهَا ذَلِكَ) قَدْ يُمْنَعُ بِدَلِيلِ الْعِتْقِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ وَفَائِدَةُ صِحَّةِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ حُصُولُ الْأَوَّلِ عَتَقَ عَنْ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُؤْخَذُ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا نَعَمْ إلَخْ) غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النُّسْخَةِ الْمُصْلَحِ -