الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُصَرِّحَ كَبَيِّنَتِهِ بِنَاقِلٍ مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ وَمِنْهَا الشَّهَادَةُ بِإِكْرَاهٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ نَظَرِ وَقْفٍ أَوْ بِأَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ بِبَرَاءَةِ مَدِينٍ مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِجَرْحٍ أَوْ رُشْدٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بُلُوغٍ بِسِنٍّ بِخِلَافِهَا بِمُطْلَقِ الْبُلُوغِ أَوْ بِوَقْفٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَصْرِفِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فِي غَيْرِ شَاهِدِ الْحِسْبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا رَفْعُ يَدِ الْمَالِكِ فَيَحْفَظُهَا الْقَاضِي حَتَّى يَظْهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ أَوْ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ اشْتَرَى مَا بِيَدِ خَصْمِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ أَوْ بِأَنَّهُ عَقَدَ زَائِلًا عَقْلُهُ فَيُبَيِّنُ سَبَبَ زَوَالِهِ أَوْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَشَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَالْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِهِ أَوْ وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ لِتَضَمُّنِهَا لَهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ مَاتَ فِيهِ أَوْ كَانَ فِيهِ حَتَّى مَاتَ أَوْ مَاتَ وَهُوَ لَابِسُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ بِمِلْكٍ وَلَا يَدٍ وَيَكْفِي قَوْلُ شَاهِدِ النِّكَاحِ أَشْهَدُ أَنِّي حَضَرْتُ الْعَقْدَ أَوْ حَضَرْتُهُ وَأَشْهَدُ بِهِ وَلَوْ قَالَا لَا شَهَادَةَ لَنَا فِي كَذَا ثُمَّ شَهِدَا فِي زَمَنٍ يَحْتَمِلُ وُقُوعَ التَّحَمُّلِ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِلَّا أَثَّرَ وَلَوْ قَالَ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت نَسِيتُ قُبِلَ عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ كَمَا مَرَّ.
(فَصْلٌ)
فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ
(تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ) لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَحَدِّ الْحَاكِمِ لِفُلَانٍ عَلَى نَحْوِ زِنَاهُ وَهِلَالِ نَحْوِ رَمَضَانَ
لِلْحَاجَةِ
إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ وَكَذَا إحْصَانُ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ أَوْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِحْصَانُ لَكِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ قَبُولَهَا فِيهِ إنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ لِإِمْكَانِ رُجُوعِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ لَوْ نَظَرُوا لِذَلِكَ لَأَجَازُوهَا فِي الزِّنَا الْمُقَرِّ بِهِ لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَذَا الْإِحْصَانُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ (وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ) كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبِنَاءِ حَقِّهِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ (وَتَحَمُّلُهَا) الَّذِي يُعْتَدُّ بِهِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ إمَّا (بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ أَيْ: يَلْتَمِسَ مِنْهُ رِعَايَةَ شَهَادَتِهِ وَضَبْطَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا إذْنُ الْمَنُوبِ عَنْهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يَأْتِي نَعَمْ لَوْ سَمِعَهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ هُوَ بِخُصُوصِهِ (فَيَقُولُ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا) فَلَا يَكْفِي أَنَا عَالِمٌ وَنَحْوُهُ (وَأُشْهِدُك) أَوْ أَشْهَدْتُك (أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) أَوْ إذَا اُسْتُشْهِدْتُ عَلَى شَهَادَتِي فَقَدْ أَذِنْت لَك أَنْ تَشْهَدَ وَنَحْوُ ذَلِكَ (أَوْ) بِأَنْ (يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ) بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَتَحَمَّلَهُ عَنْهُ (عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكَّمٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ نَحْوِ أَمِيرٍ
يُصَرِّحَ) أَيْ: الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ الْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ: الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِوَقْفٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِجُرْحٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبِ بَيَانِ الْمَصْرِفِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْفَظُهَا) أَيْ: الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ كَانَ) أَيْ: الْأَجْنَبِيَّ. (قَوْلُهُ: فَيُبَيِّنُ) أَيْ: وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ أَبَاهُ) أَيْ: الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدَ) فِيهِ تَوَقُّفٌ لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي) إلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ: قَوْلُهُمَا أَوَّلًا لَا شَهَادَةَ لَنَا ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: غَيْرَ مَرَّةٍ.
[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]
(فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)(قَوْلُهُ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَقَبُولِ التَّزْكِيَةِ مِنْ الْفَرْعِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِلَّهِ تَعَالَى) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَحَدِّ الْحَاكِمِ لِفُلَانٍ عَلَى نَحْوِ زِنًا وَقَوْلَهُ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَيُرَدُّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَيَتَّجِهُ إلَى وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ) كَالْأَقَارِيرِ وَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ) أَيْ: وَوَقْفِ الْمَسَاجِدِ وَالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَحَدِّ الْحَاكِمِ لِفُلَانٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَتُقْبَلُ فِي أَنَّهُ قَدْ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَدِّ انْتَهَى اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَهِلَالِ نَحْوِ رَمَضَانَ) أَيْ: لِلصَّوْمِ وَذِي الْحِجَّةِ لِلْحَجِّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَخْ) وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] .
(فَرْعٌ) يَجُوزُ إشْهَادُ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَتْنِ وَصَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ) أَيْ: مُوجِبِ عُقُوبَةٍ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِحْصَانُ) أَيْ: كَالْبُلُوغِ مُغْنِي وَكَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ قَبُولِهَا فِي عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: كَقَوَدٍ) إلَى قَوْلِهِ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَوْلَهُ: بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَتَحَمَّلَهُ عَنْهُ وَقَوْلَهُ: أَوْ يَجُوزُ إلَى إذْ لَا يُؤَدِّي. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَحْصُلُ إلَخْ) خَبَرُ وَتَحَمُّلُهَا ع ش. (قَوْلُهُ: وَضَبْطَهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَ فِيهَا إذْنُ الْمَنْدُوبِ عَنْهُ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّحَمُّلِ لَا تُؤَدِّ عَنِّي امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: مِنْ أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ نَحْوِ حَاكِمٍ أَوْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ. (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ) أَيْ: لِلسَّامِعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) كَأُعْلِمُكَ وَأُخْبِرُك رَوْضٌ وَمُغْنِي وَأَعْرِفُ وَأَعْلَمُ وَخَبِيرٌ ع ش. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِكَذَا) أَيْ: بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِمَا يُرِيدُ إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُحَكَّمٍ) سَوَاءٌ جَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ أَمْ لَا أَسْنَى وَمُغْنِي وَكَذَا لَوْ كَانَ حَاكِمًا أَوْ مُحَكَّمًا فَشَهِدَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ نَحْوُ أَمِيرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ الِاكْتِفَاءُ بِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَ أَدَائِهَا عِنْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْوَزِيرِ أَوْ الْأَمِيرِ إلَّا وَهُوَ جَازِمٌ بِثُبُوتِ الْمَشْهُودِ بِهِ قَالَ
فَصْلٌ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ إلَخْ) . (قَوْلُهُ: وَحَدِّ الْحَاكِمِ لِفُلَانٍ عَلَى نَحْوِ زِنَاهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَتُقْبَلُ فِي أَنَّهُ قَدْ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَدِّ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ سَمِعَهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا طَرِيقًا رَابِعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَفْرَادِ الِاسْتِرْعَاءِ بِأَنْ يُجْعَلَ الِاسْتِرْعَاءُ عِبَارَةً عَنْ الْإِذْنِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَيْ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِشَرْطِ بَيَانِ جِهَةِ التَّحَمُّلِ كَأَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا
أَيْ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ.
قَالَ: إذْ لَا يُؤَدِّي عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ التَّحَقُّقِ فَأَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ إذْنِ الْأَصْلِ لَهُ فِيهِ (أَوْ) بِأَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ كَأَنْ (يَقُولَ) وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ (أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِأَنَّ إسْنَادَهُ لِلسَّبَبِ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّسَاهُلِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ أَيْضًا. وَهَلْ يَتَعَيَّنُ هُنَا أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُ لَفْظَ أَشْهَدُ أَوْ يَكْفِيَ مُرَادِفُهُ بِكُلِّ مُحْتَمَلٍ؟ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ التَّعَيُّنُ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْمَتْنُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا لَيْسَ إلَّا عَلَى تَبْيِينِ السَّبَبِ لَا غَيْرُ (وَفِي هَذَا) الْأَخِيرِ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَسَّعُ فِي الْعِبَارَةِ وَلَوْ دُعِيَ لِلْأَدَاءِ لَأَحْجَمَ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِيمَا لَوْ دَلَّتْ الْقَرَائِنُ الْقَطْعِيَّةُ مِنْ حَالِ الشَّاهِدِ عَلَى تَسَاهُلِهِ وَعَدَمِ تَحْرِيرِهِ لِلْعِبَارَةِ (وَلَا يَكْفِي سَمَاعُ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا) وَإِنْ قَالَ شَهَادَةٌ جَازِمَةٌ لَا أَتَمَارَى فِيهَا لِاحْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَعْدَ وَالتَّجَوُّزَ كَثِيرًا (وَلْيُبَيِّنِ الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) كَأَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ بِكَذَا وَأَشْهَدَنِي أَوْ سَمِعْتُهُ يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ لِيَتَحَقَّقَ الْقَاضِي صِحَّةَ شَهَادَتِهِ إذْ أَكْثَرُ الشُّهُودِ لَا يُحْسِنُهَا هُنَا (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) جِهَةَ التَّحَمُّلِ (وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ) وَمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَا بَأْسَ) إذْ لَا مَحْذُورَ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ اسْتِفْصَالُهُ
. (وَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَى شَهَادَةِ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ) بِمَانِعٍ قَامَ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ بُطْلَانَ الْأَصْلِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْفَرْعِ (وَلَا) يَصِحُّ (تَحَمُّلُ) الْخُنْثَى مَا دَامَ إشْكَالُهُ وَلَا تَحَمُّلُ (النِّسْوَةِ) وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِنَّ فِي نَحْوِ وِلَادَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إنَّمَا تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُ فَرْعٍ وَاحِدٍ عَنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْفَرْعِ (فَإِنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ لَمْ يَمْنَعْ شَهَادَةَ الْفَرْعِ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ نَقْصٍ بَلْ هُوَ أَوْ نَحْوُهُ السَّبَبُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَدَثَ) بِالْأَصْلِ (رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ تَكْذِيبُ الْأَصْلِ لَهُ كَأَنْ قَالَ نَسِيتُ التَّحَمُّلَ أَوْ لَا أَعْلَمُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَوْ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْعِ (مُنِعَتْ) شَهَادَةُ الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ
الْبُلْقِينِيُّ: وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْكَبِيرِ الَّذِي دَخَلَ فِي الْقَضِيَّةِ بِغَيْرِ تَحْكِيمٍ وَيَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُقِرِّ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَعَلَى الْحَاكِمِ إذَا قَالَ فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ حَكَمْتُ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْبَغَوِيّ إقْرَارَهُ بِالْحُكْمِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ تَوَقَّفَ خَلَاصُ الْحَقِّ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ) أَيْ: سَبَبَ الشَّهَادَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَأَحْسَنُ مِنْهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: سَبَبَ الْوُجُوبِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِلسَّبَبِ) أَيْ: إلَيْهِ ع ش. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ أَيْ: مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي هَذَا وَجْهٌ) يُشْعِرُ بِأَنَّ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ وَهُوَ الشَّهَادَةُ عِنْدَ قَاضٍ لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ فِيهِ وَجْهٌ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ أَيْضًا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَأَحْجَمَ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الْجِيمِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ: امْتَنَعَ مِنْ الشَّهَادَةِ ع ش أَيْ: وَادَّعَى أَنَّهُ وَعْدٌ لَا شَهَادَةٌ حِفْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ إلَخْ) أَيْ: وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الشَّهَادَةِ فِي مَعْرِضِ الْأَخْبَارِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَعْدَ إلَخْ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ وَعْدٍ وَعَدَهُ إيَّاهُ وَيُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَى إلَى أَنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ تَقْتَضِي الْوَفَاءَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَثِيرًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَأَشْهَدُ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ: بِاعْتِبَارِ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمُوَافَقَتِهِ إلَى الْمَتْنِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَنِي) أَيْ: عَلَى شَهَادَتِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضٍ) أَيْ: أَوْ مُحَكَّمٍ أَسْنَى وَمُغْنِي أَيْ: أَوْ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ. (قَوْلُهُ: لَا يُحْسِنُهَا) أَيْ: جِهَةَ التَّحَمُّلِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا مُغْنِي وَقَوْلُهُ: وَوَثِقَ الْقَاضِي أَيْ: أَوْ الْمُحَكَّمُ أَسْنَى وَقَوْلُهُ: بِعِلْمِهِ أَيْ: بِمَعْرِفَتِهِ شَرَائِطَ التَّحَمُّلِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمُوَافَقَتِهِ لَهُ) أَيْ: مَعَ مُوَافَقَتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ: جَازَ أَنْ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا أَسْنَى. (قَوْلُهُ: يُسَنُّ لَهُ) أَيْ: لِلْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: اسْتِفْصَالُهُ) أَيْ: أَنْ يَسْأَلَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ ثَبَتَ هَذَا الْمَالُ وَهَلْ أَخْبَرَك بِهِ الْأَصْلُ أَمْ لَا مُغْنِي وَأَسْنَى
. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي صِفَةِ شَاهِدِ الْأَصْلِ وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِمَانِعٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَرْدُودِ إلَخْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: كَفِسْقٍ وَرِقٍّ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَعَادَهُمَا فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهَا وَإِنْ كَانَ كَامِلًا فِي غَيْرِهَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَا دَامَ إشْكَالُهُ) فَإِنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ صَحَّ تَحَمُّلُهُ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا تَحَمَّلَ فِي حَالِ إشْكَالِهِ وَأَدَّى وَهُوَ كَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَنْ تَحَمَّلَ مُشْكِلًا ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ اتِّضَاحِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قِيَاسًا عَلَى الْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ إذَا تَحَمَّلَا نَاقِصَيْنِ ثُمَّ أَدَّيَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا كَمَا يَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فَرْعَانِ فَلِذِي الْحَقِّ الْحَلِفُ مَعَهُمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ عَدَاوَةٌ) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ نَسِيت إلَخْ) لَعَلَّهُ تَنْظِيرٌ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِحَدَثَ. (قَوْلُ الْمَتْنِ مَنَعَتْ) أَيْ: هَذِهِ الْقَوَادِحُ وَمَا أَشْبَهَهَا مُغْنِي وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ تَكْذِيبُ الْأَصْلِ لَهُ.
يَشْهَدُ بِكَذَا وَسَمِعْتُهُ يُشْهِدُ زَيْدًا عَلَى شَهَادَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ) فِيهِ شَيْءٌ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِمَّا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٌ) أَفَادَ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ هُنَا قَبْلَ الْحُكْمِ مَانِعٌ مِنْهُ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْعُبَابِ فِيمَا سَبَقَ كَلَامًا يَتَعَلَّقُ بِالشَّاهِدِ الْأَصْلِ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُؤَثِّرُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا أَفَادَهُ مَا هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ هُنَا لَوْ حَضَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ اُحْتِيجَ إلَى شَهَادَتِهِ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ إلَى الْحُكْمِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ لَا تُهْمَةَ حِينَ شَهَادَتِهِ وَلَيْسَتْ هِيَ بِصَدَدِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى إعَادَتِهَا حَتَّى يُشْتَرَطَ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي جَزَمَ بِخِلَافِ مَا فِي الْعُبَابِ
لَا يَهْجُمُ دُفْعَةً فَيُوَرِّثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى إلَى التَّحَمُّلِ وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ جَدِيدٌ أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُؤَثِّرُ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الرُّجُوعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ (وَجُنُونُهُ كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقِعُ رِيبَةً فِي الْمَاضِي وَمِثْلُهُ عَمًى وَخَرَسٌ وَكَذَا إغْمَاءٌ إنْ غَابَ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ زَوَالُهُ لِقُرْبِهِ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ مِنْ التَّفْصِيلِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرَضِ لَا يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الشَّهَادَةَ.
(تَنْبِيهٌ) أَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَقَيَّدُوهُ فِي الْحَضَانَةِ كَمَا مَرَّ فَهَلْ يَتَأَتَّى هُنَا ذَلِكَ التَّفْصِيلُ أَوْ يُؤَدَّى عَنْهُ هُنَا حَالَ الْجُنُونِ مُطْلَقًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ بِرَجَاءِ زَوَالِهِ غَالِبًا خِلَافَ الْجُنُونِ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَالْحَضَانَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ ثَابِتٌ لَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ ضَيَاعِ الْمَحْضُونِ، وَجُنُونُ يَوْمٍ فِي سَنَةٍ لَا يُضَيِّعُهُ
(وَلَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ (فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا ثُمَّ أَدَّى كَامِلًا (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى) كُلٍّ مِنْ (الشَّاهِدَيْنِ) كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ كُلٍّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَلَا يَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَوَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَلَا وَاحِدٍ عَلَى وَاحِدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ) لِأَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى أَصْلٍ كَانَا كَشَطْرِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَجُوزُ قِيَامُهُمَا بِالشَّطْرِ الثَّانِي
(وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ: شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (تَعَسُّرُ) الْأَصْلِ (أَوْ تَعَذُّرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) فِيمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ الْأَعْمَى
قَوْلُهُ: لَا يَهْجُمُ دُفْعَةً) فِي الْمِصْبَاحِ هَجَمْتُ عَلَيْهِ هُجُومًا مِنْ بَابِ قَعَدَ دَخَلْتُ بَغْتَةً عَلَى غَفْلَةٍ وَهَجَمْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ جَعَلْتُهُ يَهْجُمُ عَلَيْهِمْ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى ع ش يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَظْهَرُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ تَكَرُّرِهَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُوَرِّثُ رِيبَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بَلْ الْفِسْقُ يُوَرِّثُ الرِّيبَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالرِّدَّةُ تُشْعِرُ بِخُبْثٍ فِي الْعَقِيدَةِ وَالْعَدَاوَةُ بِضَغَائِنَ كَانَتْ مُسْتَكِنَّةً وَلَيْسَ لِمُدَّةِ ذَلِكَ ضَبْطٌ فَيَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ اهـ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ جَدِيدٌ) أَيْ: بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ لِيَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا ع ش. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ فِي الْفِسْقِ وَالرِّدَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي حَدٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَمْ يُسْتَوْفَ فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ كَالرُّجُوعِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَدَاوَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ اهـ وَعِبَارَةُ سم أَفَادَ أَيْ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَدَاوَةٌ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ هُنَا قَبْلَ الْحُكْمِ مَانِعٌ مِنْهُ وَفِي الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ مُتَعَلِّقٍ بِالشَّاهِدِ الْأَصْلِ نَفْسِهِ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُؤَثِّرُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا أَفَادَهُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّارِحَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي جَزَمَ بِخِلَافِ مَا فِي الْعُبَابِ وَأَنَّهُ يُؤَثِّرُ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ بِحَذْفٍ أَقُولُ كَلَامُ النِّهَايَةِ هُنَا وَفِي الْفَصْلِ الْآتِي مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَمُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي الْمُوَافِقِ لِمَا فِي الْعُبَابِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَحْثِ الْعَدَاوَةِ عَنْ الْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ أَيْ: الْعُبَابَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ) أَيْ: حُدُوثُ ذَلِكَ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَجُنُونُهُ) أَيْ: الْأَصْلِ إذَا كَانَ مُطْبِقًا مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْجُنُونِ ع ش وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ) أَيْ: الْأَصْلُ عَنْ الْبَلَدِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَاضِرًا اُنْتُظِرَ زَوَالُهُ إلَخْ أَيْ: فَلَا يَشْهَدُ الْفَرْعُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ مِنْ التَّفْصِيلِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ مَا هُنَا فَرَّقَ فِيهِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بَيْنَ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ وَغَيْرِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلُ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ سَوَّى هُنَا بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالطَّوِيلِ هُنَا مَا يُخِلُّ بِمُرَادِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الطَّوِيلِ فِيهِ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّ مَا هُنَا فَرَّقَ فِيهِ إلَخْ خِلَافُ ظَاهِرِ صَنِيعِ النِّهَايَةِ كَالشَّارِحِ لَوْ سَلِمَ فَمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ إلَخْ فَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ بِعَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: مَا قَدَّمَهُ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ إلَخْ) مِنْ أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ الْإِغْمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَلَا تُنْتَظَرُ وَانْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْمَرَضِ) أَيْ: كَالْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الشَّهَادَةَ) أَيْ: بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ إذَا انْتَظَرْنَا إفَاقَةَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فَانْتِظَارُ الْمَرِيضِ الْأَهْلِ أَوْلَى بِلَا شَكٍّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَقَيَّدُوا فِي الْحَضَانَةِ) أَيْ: فَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ وَالرَّاجِحُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدُوهُ فِي الْحَضَانَةِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ لَا يَقِلَّ زَمَنُهُ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: قَصُرَ زَمَنُهُ أَوْ طَالَ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْأَسْنَى وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ لَهُ) أَيْ: لِوَلِيِّ حَضَانَةٍ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَاسِقٌ) أَيْ: أَوْ كَافِرٌ مُغْنِي أَوْ أَخْرَسُ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيٌّ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ غَيْرِ إغْمَاءٍ لِمَا مَرَّ فِيهِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَهُوَ كَامِلٌ) أَيْ: بِعَدَالَةٍ وَإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَبُلُوغٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ لَوْلَا قَوْلُ الشَّارِحِ كُلٍّ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) وَلَا يَكْفِي أَيْضًا أَصْلٌ شَهِدَ مَعَ فَرْعٍ عَلَى الْأَصْلِ الثَّانِي لِأَنَّ مَنْ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الْبَيِّنَةِ لَا يَقُومُ بِالْآخَرِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ.
(تَنْبِيهٌ) يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَقَامَ رَجُلٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وَاحِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ مِنْ عَدَدِ الْفَرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهَا الْوَاحِدُ كَهِلَالِ رَمَضَانَ اهـ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) هَذَانِ مِثَالَانِ لِلتَّعَذُّرِ وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا يُفْهِمُ فَلَوْ قَالَ كَالْمَوْتِ كَانَ أَوْلَى
وَأَنَّهُ يُؤَثِّرُ حُدُوثُ الْعَدَاوَةِ فَلْيُرَاجَعْ..
(أَوْ مَرَضٍ) غَيْرِ إغْمَاءٍ لِمَا مَرَّ فِيهِ (يَشُقُّ) مَعَهُ (حُضُورُهُ) مَشَقَّةً ظَاهِرَةً بِأَنْ يَجُوزَ تَرْكُ الْجُمُعَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ اُعْتُرِضَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ أَعْذَارًا هُنَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا يَقْتَضِي تَعَسُّرَ الْحُضُورِ قَالَ الشَّيْخَانِ. وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ فَإِنْ عَمَّتْ الْفَرْعَ أَيْضًا كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ لَمْ يُقْبَلْ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ دُونَ الْأَصْلِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَمَعَ شُمُولِ الْعُذْرِ لَهُمَا يَنْتَفِي كَوْنُهُ مَحَلَّ حَاجَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(أَوْ غَيْبَةٍ لِمَسَافَةِ عَدْوٍ) يَعْنِي لِفَوْقِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ (وَقِيلَ) لِمَسَافَةِ (قَصْرٍ) لِذَلِكَ وَيُرَدُّ بِمَنْعِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوهَا فِي غَيْبَةِ وَلِيِّ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْأَصْلِ هُنَا وَمَرَّ فِي التَّزْكِيَةِ قَبُولُ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ بِهَا عَنْ آخَرِينَ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فِي الْبَلَدِ لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ وَلَوْ حَضَرَ الْأَصْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ تَعَيَّنَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ تَمْنَعُ الْفَرْعَ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ عَادَهُ الْقَاضِي كَمَا لَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ. وَإِنْ فَرَّقَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بِبَقَاءِ الْعُذْرِ هُنَا لَا ثَمَّ؛ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الْقَاضِي عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ عُذْرٌ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ وَلَيْسَ مَا ذَكَرْنَا هُنَا تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّ نَحْوَ مَوْتِ الْأَصْلِ وَجُنُونِهِ وَعَمَاهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي بَيَانِ طَرَيَان الْعُذْرِ وَهَذَا فِي مُسَوِّغِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِنْ عُلِمَ ذَاكَ مِنْ هَذَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَأَنْ يُسَمِّيَ) الْفَرْعُ (الْأُصُولَ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَةً تُمَيِّزُهُمْ لِيَعْرِفَ الْقَاضِي حَالَهُمْ وَيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ الْقَدْحِ فِيهِمْ وَفِي وُجُوبِ تَسْمِيَةِ قَاضٍ شَهِدَ عَلَيْهِ وَجْهَانِ وَصَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِمَا غَلَبَ عَلَى الْقُضَاةِ مِنْ الْجَهْلِ وَالْفِسْقِ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَهُ الْفُرُوعُ) وَلَا أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِصِدْقِهِ فِيمَا شَهِدَ بِهِ بَلْ لَهُمْ إطْلَاقُ الشَّهَادَةِ وَالْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ (فَإِنْ زَكَّوْهُمْ قُبِلَ) ذَلِكَ مِنْهُمْ إنْ تَأَهَّلُوا لِلتَّعْدِيلِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ تَزْكِيَةُ أَحَدِ شَاهِدَيْنِ فِي وَاقِعَةٍ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَقُومُ بِالْآخَرِ وَتَزْكِيَةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلِذَا شُرِطَتْ عَلَى وَجْهٍ.
(تَنْبِيهٌ)
تَفَنَّنَ هُنَا بِجَمْعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ تَارَةً وَإِفْرَادِ كُلٍّ أُخْرَى
مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ مَرَضٍ إلَخْ) وَخَوْفٍ مِنْ غَرِيمٍ رَوْضٌ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ: مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجُوزَ إلَخْ) مِنْ التَّجْوِيزِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْجَوَازِ أَيْ: لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ضَابِطِ الْمَرَضِ هُنَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ نَقْلًا وَعَقْلًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ إلْحَاقَهُ سَائِرَ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ بِالْمَرَضِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَكَلَ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ عُذِرَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ هُنَا بِأَنَّ أَكْلَ شُهُودِ الْأَصْلِ ذَلِكَ يُسَوِّغُ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْحُضُورُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) تَقَدَّمَ التَّوَقُّفُ فِي مِثْلِ الْعِبَارَةِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ سَبَقَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ شُمُولِ أَكْلِ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ ثُمَّ قَالَ وَلَا أَحْسَبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ انْتَهَى اهـ.
رَشِيدِيٌّ عَنْ السُّلْطَانِ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَمِنْ الْأَعْذَارِ فِي الْجُمُعَةِ الرِّيحُ الْكَرِيهَةُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ عُذْرٌ هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَظَرَ هُنَا زَوَالُهُ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ) وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ نِهَايَةٌ أَيْ: وَلَوْ مَنْذُورًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ نِهَايَةٌ وَأَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم. (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي كَوْنُهُ مَحَلَّ حَاجَةٍ) قَدْ يُمْنَعُ سم أَقُولُ: وَأَيْضًا يُعَارَضُ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْأَصْلِ وَفَرْعِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَحَضَرَ الْفَرْعُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ دُونَ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي لِفَوْقِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لِمَسَافَةِ عَدْوٍ نُسِبَ فِيهِ إلَى سَبْقِ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا هُوَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا دُونَهُ) أَيْ: دُونَ الْفَوْقِ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي التَّزْكِيَةِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَتَّجِهُ إلَى وَلَيْسَ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِالتَّزْكِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ الْأَصْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْفَرْعُ فِي غَيْبَةِ الْأَصْلِ ثُمَّ حَضَرَ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَحَمَّلْتُ أَوْ نَسِيتُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ بَعْدَ الْأَدَاءِ لِلشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْأُولَى وَالرِّيبَةِ فِيمَا عَدَاهَا أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُنْقَضْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَجِيءَ فِي تَغْرِيمِهِمْ وَالتَّوَقُّفِ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَةِ مَا يَأْتِي فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ قَبْلَهُ فَيُنْقَضُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ أَشْهَدَهُ فَلَا يُنْقَضُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ تَسْمِيَةِ قَاضٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي. (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ قَاضِيًا كَمَا لَوْ قَالَ أَشْهَدَنِي قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ مِصْرَ أَوْ الْقَاضِي الَّذِي بِهَا وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَيْسَ بِهَا قَاضٍ سِوَاهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ فِي وَقْتِنَا وُجُوبُ تَعْيِينِ الْقَاضِي أَيْضًا لِمَا لَا يَخْفَى اهـ. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ عَدْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ شَاهِدِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ فَرْعِهِ عَدْلًا وَالْحَاكِمُ يَعْرِفُهُ بِالْفِسْقِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ وَعَدَالَتِهِ سم عَنْ الْقُوتِ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِصِدْقِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ
قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ش م ر وَقَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ يُتَأَمَّلُ. (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي كَوْنُهُ مَحَلَّ حَاجَةٍ) قَدْ يُمْنَعُ. (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ تَسْمِيَةِ قَاضٍ شَهِدَ عَلَيْهِ وَجْهَانِ وَصَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَشْهَدَنِي قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ بَغْدَادَ أَوْ الْقَاضِي الَّذِي بِبَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَيْسَ بِهَا قَاضٍ سِوَاهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ بِكَذَا هَلْ تُسْمَعُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ عَدْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ شَاهِدِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ فَرْعِهِ عَدْلًا وَالْحَاكِمُ يَعْرِفُهُ بِالْفِسْقِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ لِيَنْظُرَ