الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهِ الْقَدِيمِ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ أَنَّ مَنْ لَهُ عَبِيدٌ اخْتَلَفَ وَقْتُ مِلْكُهُمْ، لَوْ قَالَ: أَعْتَقْت الْقَدِيمَ مِنْكُمْ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا مَنْ مَضَى لَهُ فِي مِلْكِهِ سَنَةٌ وَفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ ذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يُعَضِّدُهُ لُغَةٌ وَلَا عُرْفٌ، وَالظَّاهِرُ عَلَى قَوَاعِدِنَا أَنَّ مَنْ سُمِّيَ مِنْهُمْ قَدِيمًا عُرْفًا عَتَقَ فَإِنْ لَمْ يَطَّرِدْ بِذَلِكَ عُرْفٌ عَتَقَ مِنْ قَبْلَ آخِرِهِمْ مِلْكًا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمُّونَ قُدَمَاءَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ بِنَحْوِ كَلَامِ الْقَدِيمِ مِنْهُمْ، وَلَوْ عَلَّقَ بِإِنْ خَدَمْتنِي أَوْ فُلَانًا، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْخِدْمَةِ عَلَى الْعُرْفِ لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِدْمَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِهَا وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ عَلَيْهَا مَا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا فَيَكُونُ بَيَانًا لِلْعُرْفِ الَّذِي هُوَ الْمَنَاطُ نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ خَدَمَ خَادِمَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَأَنْ نَاوَلَ طَابِخَ طَعَامِهِ حَطَبًا؛ لِتَمَامِ طَبْخِهِ فَهَلْ تُسَمَّى مُنَاوَلَتُهُ هَذِهِ خِدْمَةً لِلْحَالِفِ لِعَوْدِ النَّفْعِ إلَيْهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ خَادِمًا لَهُ بَلْ لِلطَّابِخِ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ خِدْمَةَ الطَّابِخِ فَلَا حِنْثَ أَوْ الْحَالِفِ فَالْحِنْثُ، كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ مُحْتَمَلٌ دُونَ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ الْخِدْمَةِ التَّسْمِيَةُ وَلَا دَخْلَ لِلنِّيَّةِ فِيهَا وَلَيْسَتْ نَظِيرَةً لِمَا سَبَقَ فِي الْجِعَالَةِ فِي مُعِينِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْجُعْلِ يَتَأَثَّرُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّعِ فَتَأَثَّرَ بِنِيَّةِ إعَانَةِ الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ عَلَى أَنَّهُمْ سَمَّوْا فِعْلَهُ فِي حَالِ قَصْدِهِ إعَانَةَ الْعَامِلِ رَدًّا فَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ لَوْلَا وُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّدِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَبْدِ الصَّادِقِ بِكُلِّ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَالْخِدْمَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَالِفِ الْمُقْتَضِيَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْخَادِمِ لِخِدْمَةِ الْحَالِفِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَبِهَذَا يَقْرُبُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ النَّذْرِ)
بِالْمُعْجَمَةِ عَقَّبَ الْأَيْمَانَ بِهِ لِأَنَّ كُلًّا يُعْقَدُ لِتَأْكِيدِ الْمُلْتَزَمِ؛ وَلِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَفَّارَةً كَالْيَمِينِ وَهُوَ لُغَةً الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَشَرْعًا الْوَعْدُ بِخَيْرٍ بِالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ الْآتِيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَلَا يَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا لَكِنْ يَتَأَكَّدُ لَهُ إمْضَاءُ مَا نَوَاهُ لِلذَّمِّ
لَكِنْ فِي عَقْدَيْنِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَلَى تَفْسِيرِهِ) أَيْ الْبَعْضِ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَنَّ التَّفْسِيرَ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَعَلَيْهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُلَّ) أَيْ: كُلَّ مَنْ قَبْلَ آخِرِهِمْ مِلْكًا (قَوْلُهُ: يُسَمَّوْنَ قُدَمَاءَ) الْأَوْلَى الْإِفْرَادُ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ) أَيْ: لِآخِرِهِمْ مِلْكًا (قَوْلُهُ: فِي التَّعْلِيقِ إلَخْ) أَيْ: كَإِنْ كَلَّمْت أَوْ ضَرَبْت الْقَدِيمَ مِنْ عَبِيدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: بِإِنْ خَدَمْتَنِي) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَحْرِيكِ التَّاءِ مُتَعَلِّقٌ بِعَلَّقَ وَقَوْلُهُ أَوْ فُلَانًا عَطْفٌ عَلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ جَوَابُ وَلَوْ (قَوْلُهُ: لَوْ خَدَمَ) أَيْ: الْمُخَاطَبُ خَادِمَهُ أَيْ الْحَالِفِ أَوْ الْفُلَانِ لِلْحَالِفِ أَيْ: أَوْ الْفُلَانِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ) أَيْ: الْمُخَاطِبُ بِذَلِكَ أَيْ: الْمُنَاوَلَةِ
(قَوْلُهُ دُونَ الثَّالِثِ) أَيْ: الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ) أَيْ الْمُنَاوَلَةُ (قَوْلُهُ: فِي مُعِينِ الْعَامِلِ) مِنْ الْإِعَانَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ يُؤَيِّدُ) أَيْ الْعُلْوِيُّ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ: وُضُوحِ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: يَقْرُبُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي) وَقَدْ يُرَجِّحُهُ أَيْضًا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْأَيْمَانِ غَالِبًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَمِنْ أَنَّ الْيَمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهَا وَفِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ مُهِمَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ فَخَرَجَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ حَنِثَ أَوْ بِإِذْنٍ فَلَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ إذْنَهُ لِحُصُولِ الْإِذْنِ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَالَتَيْ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ لَهَا وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ لِهَذَا الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ الْخُرُوجُ بِإِذْنٍ وَجِهَةَ حِنْثٍ وَهِيَ الْخُرُوجُ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ وَلَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ وَإِنْ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ، وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْتِ لَابِسَةَ حَرِيرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِلَفْظِ كُلَّمَا أَوْ كُلَّ وَقْتٍ لَمْ تَنْحَلَّ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَطَرِيقُ عَدَمِ تَكَرُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ أَذِنْت لَك فِي الْخُرُوجِ كُلَّمَا أَرَدْت وَلَوْ قَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَك فَاسْتَأْذَنَهُ فَلَمْ يَأْذَنْ فَخَرَجَ حَنِثَ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ لَا يُعْنَى لِعَيْنِهِ بَلْ لِلْإِذْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ فُلَانٌ فَبَاعَهُ ثَوْبًا وَأَبْرَأَهُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ حَابَاهُ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ بِلُبْسِهِ
وَإِنْ وَهَبَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ حَنِثَ بِلُبْسِهِ إلَّا أَنْ يُبْدِلَهُ قَبْلَ لُبْسِهِ بِغَيْرِهِ ثُمَّ يَلْبَسَ الْغَيْرَ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ عَدَّدَ عَلَيْهِ النِّعَمَ غَيْرُهُ فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ فَشَرِبَ مَاءً بِلَا عَطَشٍ أَوْ أَكَلَ لَهُ طَعَامًا أَوْ لَبِسَ لَهُ ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا سَدَاهُ مِنْ غَزْلِهَا وَلُحْمَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لَا أَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ بِهِ لَا بِثَوْبٍ خِيطَ بِخَيْطٍ مِنْ غَزْلِهَا؛ لِأَنَّ الْخَيْطَ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ وَإِنْ قَالَ لَا أَلْبَسُ مِمَّا غَزَلْته لَمْ يَحْنَثْ بِمَا غَزَلْته بَعْدَ الْيَمِينِ أَوْ لَا أَلْبَسُ مِمَّا تَغْزِلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا غَزَلَتْهُ قَبْلَ الْيَمِينِ أَوْ قَالَ لَا أَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ بِمَا غَزَلَتْهُ وَبِمَا تَغْزِلُهُ لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُمَا اهـ مَعَ شَرْحِهِ.
[كِتَابُ النَّذْرِ]
(كِتَابُ النَّذْرِ) بِالْمُعْجَمَةِ إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا إلَى؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْمُنَجَّزَةِ إلَى وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ إلَى وَالْأَصْلُ
(قَوْلُهُ بِالْمُعْجَمَةِ) أَيْ: بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ وَحُكِيَ فَتْحُهَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ) وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَالْيَمِينِ) أَيْ كَكَفَّارَتِهَا (قَوْلُهُ: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ إلَخْ) فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ قَوْلَيْنِ هُنَا عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَشَرْعًا الْوَعْدُ بِخَيْرٍ خَاصَّةٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُمَا الْتِزَامُ قُرْبَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْتِزَامِ الْقُرْبَةِ إلَخْ) الْبَاءُ لِمُلَابَسَةِ الْكُلِّيِّ لِجُزْأَيْهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ لَهُ
يُوجَدُ حُكْمٌ فَلْيُتَأَمَّلْ
(كِتَابُ النَّذْرِ)
الشَّدِيدِ لِمَنْ نَوَى فِعْلَ خَيْرٍ وَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فِي اللَّجَاجِ الْآتِي مَكْرُوهٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الْمَجْمُوعُ وَغَيْرُهُ هُنَا قَالَ: لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ إنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ وَفِي الْقُرْبَةِ الْمُنَجَّزَةِ أَوْ الْمُعَلَّقَةِ مَنْدُوبٌ وَعَلَى الْمُنَجَّزَةِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِيهِ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ: إنَّهُ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى تُشْبِهُ الدُّعَاءَ فَلَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِهِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَيْضًا أَنَّهُ قُرْبَةٌ بِقِسْمَيْهِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِطَاعَةٍ، وَوَسِيلَةَ الطَّاعَةِ طَاعَةٌ كَمَا أَنَّ وَسِيلَةَ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ أُثِيبَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وقَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270] أَيْ: يُجَازِي عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ جَمْعًا أَطْلَقُوا أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى مَنْ ظَنَّ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَفِي بِالنَّذْرِ، أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا مَا وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اللَّجَاجَ وَسِيلَةٌ لِطَاعَةٍ أَيْضًا وَهِيَ الْكَفَّارَةُ أَوْ مَا الْتَزَمَهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ الْمُلْتَزَمَ بِالنَّذْرَيْنِ قُرْبَةٌ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ غَيْرُ مَحْبُوبٍ لِلنَّفْسِ وَفِي أَحَدِ نَوْعَيْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ مَحْبُوبٌ لَهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ قَصْدُ التَّقَرُّبِ فَلَمْ يَكُنْ وَسِيلَةً لِقُرْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.
وَأَرْكَانُهُ نَاذِرٌ وَمَنْذُورٌ وَصِيغَةٌ
وَشَرْطُ النَّاذِرِ إسْلَامٌ، وَاخْتِيَارٌ، وَنُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا يَنْذُرُهُ فَيَصِحُّ نَذْرُ سَكْرَانٍ لَا كَافِرٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتَهُ لِلْقُرْبَةِ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُكْرَهٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ وَمَحْجُورِ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ فِي قُرْبَةٍ مَالِيَّةٍ عَيْنِيَّةٍ، وَكَذَا الْقِنُّ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ هُنَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ بِالْقُرَبِ وَزِيدَ إمْكَانُ الْفِعْلِ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُمْ صَوْمًا لَا يُطِيقُهُ وَلَا بَعِيدٍ عَنْ مَكَّةَ حَجًّا هَذِهِ السَّنَةَ كَمَا يَأْتِي أَوَائِلَ الْفَصْلِ.
وَالصِّيغَةُ لَفْظٌ أَوْ كِتَابَةٌ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ تَدُلُّ أَوْ تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ مَعَ النِّيَّةِ فِي الْكِتَابَةِ وَكَذَا إشَارَةٌ لَمْ يَفْهَمْهَا كُلُّ أَحَدٍ لَا النِّيَّةُ وَحْدَهَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَمِنْ الْأَوَّلِ نَذَرْت لِلَّهِ أَوْ لَك أَوْ عَلَيَّ لَك
إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ النَّذْرِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ فَتَتَأَكَّدُ نِيَّتُهَا اهـ ع ش
(قَوْله قَالَ) أَيْ: الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى النَّهْيِ عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ» إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُسْتَخْرَجُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا إلَخْ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقُرْبَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَفِي التَّبَرُّرِ عَدَمُ الْكَرَاهِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُعَلَّقُ وَغَيْرُهُ إذْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِطَاعَةٍ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ قُرْبَةٌ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ يُحْمَلُ قَوْلُهُ) أَيْ: الْمُصَنِّفِ فِيهِ أَيْ: الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: يُشْبِهُ الدُّعَاءَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يُشْبِهُ قَوْلَهُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ: إنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَقَوْلِ الْمَجْمُوعِ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَمْلِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: إنَّهُ قُرْبَةٌ) مَفْعُولُ يُؤَيِّدُ (قَوْلُهُ: بِقِسْمَيْهِ) وَهُمَا اللَّجَاجُ وَالتَّبَرُّرُ (قَوْلُهُ: ثَوَابَ الْوَاجِبِ) وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى النَّفْلِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً مُغْنِي وَابْنُ شُهْبَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ) أَيْ: أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى النَّذْرِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وقَوْله تَعَالَى إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ) أَيْ: لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ) أَيْ: إطْلَاقُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالتَّبَرُّرِ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي) أَيْ: قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ وَفِي أَحَدِ نَوْعَيْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ إلَخْ)، وَأَمَّا نَوْعُهُ الْآخَرُ فَلَا تَعْلِيقَ فِيهِ. اهـ. سم أَيْ: فَهُوَ مَا لَا تَعْلِيقَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ) أَيْ عَنْ التَّأْيِيدِ ثُمَّ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ إبْعَادُ النَّفْسِ عَنْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْقُرْبَةُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا الْقِنُّ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إشَارَةٌ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَزِيدَ إلَى وَالصِّيغَةُ (قَوْلُهُ: نَاذِرٌ وَمَنْذُورٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقُرْبَةِ) أَوْ لِالْتِزَامِهَا وَإِنَّمَا صَحَّ وَقْفُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَصَدَقَتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عُقُودٌ مَالِيَّةٌ لَا قُرْبَةٌ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ) كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِالْتِزَامِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٌ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ: عَنْهُمْ) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ: فِي قُرْبَةٍ مَالِيَّةٍ عَيْنِيَّةٍ) كَعِتْقِ هَذَا الْعَبْدِ وَيَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِي الْقُرَبِ الْبَدَنِيَّةِ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِمَا فِي الذِّمَّةِ فَيُصْبِحُ نَذْرُهُمَا الْمَالِيُّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُؤَدِّيَانِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُمَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ السَّفِيهُ وَلَمْ يُؤَدِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي الْحَيَاةِ وَقِيَاسًا عَلَى تَنْفِيذِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الْقُرَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ: وَنَذْرُ الْقِنِّ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ كَضَمَانِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. أَيْ: وَضَمَانُهُ بَاطِلٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَصَحِيحٌ وَيُؤَدِّيهِ مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ النَّذْرِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي النَّذْرِ (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ بِالْقُرَبِ) سَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْله وَزِيدَ) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إشَارَةٌ فِي النِّهَايَةِ وَعِبَارَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ فِعْلِهِ الْمَنْذُورَ إلَخْ (قَوْلُهُ إمْكَانُ الْفِعْلِ) الْأَوْلَى وَإِمْكَانُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعِيدٍ عَنْ مَكَّةَ إلَخْ) أَيْ بُعْدًا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى السَّيْرِ الْمُعْتَادِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَةٌ) بِالتَّنْوِينِ (قَوْلُهُ: تَدُلُّ) رَاجِعٌ لِلَّفْظِ بِتَأْوِيلِ اللَّفْظَةِ وَلِلْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ تُشْعِرُ رَاجِعٌ لِلْإِشَارَةِ وَيَجُوزُ رُجُوعُهُمَا لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَذْكِيرَ الْفِعْلَيْنِ، عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: يَدُلُّ أَوْ يُشْعِرُ أَيْ: كُلٌّ مِنْ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ اهـ وَقَوْلُهُ بِالِالْتِزَامِ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ وَقَوْلُهُ مَعَ النِّيَّةِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقِ مَعَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا النِّيَّةُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ عِبَارَةِ الْمُغْنِي فَلَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَكْفِي فِي صَرَاحَتِهَا نَذَرْت لَك كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: نَذَرْت
قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فِي اللَّجَاجِ الْآتِي مَكْرُوهٌ إلَخْ) كَتَبَ عَلَى الْأَصَحِّ م ر. (قَوْلُهُ: وَفِي أَحَدِ نَوْعَيْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ إلَخْ)، وَأَمَّا نَوْعُهُ الْآخَرُ فَلَا تَعْلِيقَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ قَصْدُ التَّقَرُّب) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ إبْعَادُ النَّفْسِ عَنْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْقُرْبَةُ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْقِنُّ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ إلَخْ) وَنَذْرُ الْقِنِّ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ كَضَمَانِهِ