الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ أُوخِذَ بِهِ (وَقِيلَ: لَا) يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (إلَّا إذَا ادَّعَى) الْمُدَّعِي عَلَى الْمُشْتَرِي (مِلْكًا سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ) لِيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ الِانْتِقَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْقَاضِي، وَأَنَّ الْأَوَّلَ يَلْزَمُهُ مُحَالٌ عَظِيمٌ هُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ كُلَّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ، وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ تَعْلِيلِ الرُّجُوعِ وَلَيْسَتْ الزَّوَائِدُ كَالثَّمَنِ، بَلْ هِيَ كَالْعَيْنِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَوَّلًا أَنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ حُكْمِ زَوَائِدِهَا قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالثَّمَنِ قَطْعًا تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ
. (وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا) لِدَارٍ مَثَلًا بِيَدِ غَيْرِهِ (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا (فَشَهِدُوا لَهُ) بِهِ (مَعَ) ذِكْرِ (سَبَبِهِ لَمْ يَضُرَّ) مَا زَادُوهُ فِي شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ تَابِعٌ لَهُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَقَدْ وَافَقَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهِ الدَّعْوَى، نَعَمْ لَا يَكُونُ ذِكْرُهُمْ لِلسَّبَبِ مُرَجِّحًا؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ فَإِنْ أَعَادَ دَعْوَى الْمِلْكِ وَسَبَبَهُ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ رَجَحَتْ حِينَئِذٍ
وَفِي الْأَنْوَارِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ ادَّعَى شِرَاءَ عَيْنٍ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَهُ بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ قُبِلَتْ، لَكِنْ رُدَّ بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ حَتَّى تُصَرِّحَ لَهُ بِالشِّرَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّاهِدَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِمَا يُنَاقِضُ الدَّعْوَى، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ أَنَّ حَالِفَ الشَّاهِدِ الدَّعْوَى فِي الْجِنْسِ أَيْ: الشَّامِلِ لِلنَّوْعِ وَالصِّنْفِ بَلْ وَالصِّفَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَدًّا وَفِي الْقَدْرِ حُكْمٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُمَا الْمُدَّعِي (وَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا وَهُمْ سَبَبًا آخَرَ ضَرَّ) فِي شَهَادَتِهِمْ لِمُنَاقَضَتِهَا الدَّعْوَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَالَ: الْمُقَرُّ لَهُ لَا، بَلْ مِنْ ثَمَنِ دَارٍ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْإِقْرَارِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الشَّهَادَةِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا الْمُطَابَقَةُ لِلدَّعْوَى لَا فِيهِ. (فَرْعٌ)
أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِالرَّهْنِ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ أُرِّخَتْ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ بِمَا قَبْلَ الرَّهْنِ أَخَذَهُ كُلَّهُ أَوْ بِمَا بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنْ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ وَأُرِّخَتْ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ أَوْ أُطْلِقَتْ تَعَارَضَتَا وَلَمْ يَثْبُتْ رَهْنٌ وَلَا إقْرَارٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، لَكِنْ نَازَعَهُ فِي الْقُوتِ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِنَفْيٍ إلَّا إنْ حُصِرَ كَلَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ كَذَا وَقْتَ أَوْ مُدَّةَ كَذَا فَتُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِحَاجَةٍ
.
(فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ)
فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ دَارٍ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا كَأَنْ (قَالَ أَجَّرْتُكَ الْبَيْتَ) شَهْرَ كَذَا مَثَلًا (بِعَشْرَةٍ) مَثَلًا (فَقَالَ: بَلْ) آجَرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ) أَوْ بِعِشْرِينَ (وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا
قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُهُ أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَرَّ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: الْمُدَّعِي. إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْحَلِّ أَنَّ " ادَّعَى " فِي الْمَتْنِ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ وَقَالَ الْمُغْنِي إنَّهُ بِضَمِّ الدَّالِ بِخَطِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِيَ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَيْسَتْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ. إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نُقِلَ هَذَا عَنْ الزِّيَادِيِّ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ اعْلَمْ أَنَّ الْغَزَالِيَّ سَبَقَ الْبُلْقِينِيَّ إلَى مَا قَالَهُ حَيْثُ قَالَ عَجِيبٌ أَنْ يُتْرَكَ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ اهـ فَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا هُوَ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ أَخْذَ الْمُشْتَرِي لِلْمَذْكُورَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا أَخَذَهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُدَّعَاةً أَصَالَةً وَلَا جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ بِوَصِيَّةٍ إلَيْهِ مَثَلًا مِنْ أَبِي الْمُدَّعِي. اهـ. أَيْ فَعَدَمُ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُدَّعِي لِعَدَمِ ادِّعَائِهِ إيَّاهَا وَانْتِفَاءِ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْ مُدَّعَاهُ، وَعَدَمُ الْحُكْمِ بِهَا لِلْبَائِعِ لِاحْتِمَالِ الِانْتِقَالِ انْتَهَتْ أَقُولُ وَهَذَا كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ يُحْكَمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي إنْ ادَّعَاهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ. إلَخْ) لَعَلَّ صَوَابَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ. إلَخْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ النِّهَايَةِ وَيَقْتَضِيهِ قَوْلُ الْمُغْنِي رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ قَالَ وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ لَا يُعْرَفُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ فِي الطَّرِيقَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ إلَخْ وَهَذَا مُحَالٌ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلَةُ) صَوَابُهُ الْمُنْفَصِلَةُ كَمَا فِي الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الزَّوَائِدُ كَالثَّمَنِ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَرَّرَ. . إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ.
(قَوْلُهُ: مَا زَادُوهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَفِي الْأَنْوَارِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بَلْ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) وِفَاقًا لِلرَّوْضِ وَأَقَرَّهُ شَرْحُهُ عِبَارَتَهُمَا وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا بِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ ادَّعَى مِلْكًا وَذَكَرَ سَبَبَهُ فَشَهِدُوا بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالتَّابِعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَرْقَ. إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: رَدَّ) أَيْ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْقَدْرِ) عَطْفٌ عَلَى فِي الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُكَذِّبْهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي شَهَادَتِهِمْ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِمَا قَبْلَ الرَّهْنِ) أَيْ بِإِقْرَارٍ قَبْلَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ كُلَّهُ) ظَاهِرُهُ حَالًا وَلَا يُصْرَفُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الدَّيْنِ.
[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ]
(قَوْلُهُ: فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا لَوْ شَهِدَتْ إلَى أَمَّا إذَا وَقَوْلَهُ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: أَوْ تَسَلَّمَهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: أَيْ كَمَا نَقَلَاهُ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلَهُ كَذَا قَالَاهُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَارٍ) بَيَانُ مَا اكْتَرَى (قَوْلُهُ: أَوْ أُجْرَتُهُ) أَيْ فِي قَدْرِ أُجْرَةِ مَا اكْتَرَى كَأَنْ قَالَ أَكْرَيْتُكَ الْبَيْتَ بِعَشْرَيْنِ فَقَالَ بَلْ أَكْرَيْتَنِيهِ بِعَشْرَةٍ وَقَالَ ع ش أَيْ الْقَدْرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: شَهْرَ كَذَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) فِي مَوْضِعَيْنِ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِكَأَنَّ سم (قَوْلُهُ: أَطْلَقَتَا) إلَى قَوْلِهِ لِتَنَاقُضِهِمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَاهُمَا) فِيهِ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرٍ مَرْفُوعٍ مُتَّصِلٍ بِلَا تَأْكِيدٍ بِمُنْفَصِلٍ (قَوْلُهُ:.
فَصْلٌ قَالَ أَجَّرْتُكَ الْبَيْتَ بِعَشْرَةٍ إلَخْ) .
(قَوْلُهُ: بِعَشْرَةٍ مَثَلًا) قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ مَثَلًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِكَأَنَّ
وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ (تَعَارَضَتَا) فَيَسْقُطَانِ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَنَاقُضِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ فَيَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ
(وَفِي قَوْلٍ: يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ) ؛ لِاشْتِمَالِ بَيِّنَتِهِ عَلَى زِيَادَةٍ هِيَ اكْتِرَاءُ جَمِيعِ الدَّارِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَبَيِّنَةٌ بِأَلْفَيْنِ يَجِبُ أَلْفَانِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ، وَكُلُّ كَيْفِيَّةٍ تُنَافِي الْأُخْرَى، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ هِيَ الشَّاهِدَةَ بِالْكُلِّ لَغَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ بِالْبَعْضِ أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي، وَأَلْحَقَ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا بِالْمُخْتَلِفِينَ فِي هَذَا الْمُطْلَقَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ لِجَوَازِ الِاخْتِلَافِ حِينَئِذٍ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: مُجَرَّدُ احْتِمَالِ الِاخْتِلَافِ لَا يُفِيدُ، وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ بِالتَّعَارُضِ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ، لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي: وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِلثَّمَنِ تَعَدَّدَ ثَمَّ يَقِينًا فَسَاعَدَ احْتِمَالُ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ فَعَمِلُوا بِهِ لِقُوَّةِ مُسَاعِدِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مُجَرَّدُ جَوَازِ الِاخْتِلَافِ
. (وَلَوْ ادَّعَيَا) أَيْ: كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا سُلِّمَ إلَيْهِ، وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ أَيْضًا غَرِمَ لَهُ بَدَلَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَيَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَتُرِكَ فِي يَدِهِ (وَ) إنْ ادَّعَيَا شَيْئًا عَلَى ثَالِثٍ وَ (أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً) إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ، وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ قُدِّمَتْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ الْغَصْبَ بِطَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ فَكَانَتْ أَقْوَى وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْأَوَّلِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَهِيَ الْحَائِلَةُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ أَوْ (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ)
وَاتَّفَقَا)
أَيْ الْمُتَدَاعِيَانِ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطَانِ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: فَيَتَحَالَفَانِ. إلَخْ) وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أَسْنَى وَأَنْوَارٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأُجْرَةِ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لَهُ وَتَرْجِعُ الدَّارُ لِلْمُؤَجِّرِ ع ش وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا سَكَنَ فِي الدَّارِ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَتَهُ دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لَهُ بِهَا أَنْوَارٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ. إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مُخْتَلِفِي التَّارِيخِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ أَسْنَى وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ فِيمَا إذَا أُسْنِدَتْ الدَّعْوَى إلَى سَبَبٍ كَالْبَيْعِ نَعَمْ إنْ فُرِضَ كَوْنُ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي فَقَطْ يَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ لَكِنْ لَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ الْأَمْرِ وَالشَّأْنِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ) إلَى وَقَوْلِهِ: وَأَلْحَقَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ كَأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ آجَرَ كَذَا سَنَةً مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَالْأُخْرَى مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ ع ش (قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ مِنْ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْبَعْضِ أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكَ الْعَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سِوَى الْعَشَرَةِ وَعَلَى هَذَا فَمَا مَعْنَى الْعَمَلِ بِسَابِقَةِ التَّارِيخِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا عَمِلَ بِمُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا نَفْيُ التَّعَارُضِ وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ عُمِلَ بِمَجْمُوعِ الْبَيِّنَتَيْنِ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ.
إلَخْ أَيْ بِالسَّقْطِ مِنْ الْعَشَرَةِ الثَّابِتَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا. إلَخْ) أَقَرَّهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ عَدَمِ التَّعَارُضِ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ وَالْمُعْتَمَدُ التَّسَاقُطُ مُطْلَقًا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الِاخْتِلَافِ إلَخْ) أَيْ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَارُضُ سم (قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ. إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ أَنَّى يَثْبُتُ مَعَ احْتِمَالِ تَقَدُّمِ الشَّهَادَةِ بِالْكُلِّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَلْغُو الْأُخْرَى سَيِّدُ عُمَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ مَا ذَكَرَهُ مَوْجُودٌ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ) أَيْ بِبَيِّنَةِ الْمُكْتَرِي الشَّاهِدَةِ بِالزِّيَادَةِ أَيْ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ الدَّارِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) قَدْ يُقَالُ بَلْ يُفِيدُ بِدَلِيلِ إفَادَةِ مُجَرَّدِ احْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ فِي قَوْلِهِ: السَّابِقِ فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ فَإِنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ التَّعَدُّدِ لَا تَيَقُّنُهُ إذْ مُجَرَّدُ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ لَا يُفِيدُ يَقِينَ التَّعَدُّدِ سم وَقَدْ يُقَالُ فَرْقٌ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ إذْ احْتِمَالُ التَّعَدُّدِ يَتَرَجَّحُ بِضَمِّ يَقِينِ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ بِالتَّعَارُضِ. . إلَخْ) قَدْ تَمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةَ سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْإِلْحَاقَ (قَوْلُهُ: تَعَدَّدَ ثَمَّ يَقِينًا) أَيْ بِمُقْتَضَى الْبَيِّنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ مِنْ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ غَيْرُ الصَّادِرِ مِنْ الْآخَرِ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْعَاقِدَ وَاحِدٌ فَجَازَ اتِّحَادُ الْعَقْدِ وَتَعَدُّدُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا نَازَعَ بِهِ الشِّهَابُ سم فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ وَلَعَلَّهُ نَظَرَ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَلَوْ نَظَرْنَا إلَيْهِ لَاحْتَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: يَقِينًا فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْبَيِّنَةُ خُصُوصًا الْمُعَارَضَةُ بِأُخْرَى لَا تُوجِبُ الْيَقِينَ بَلْ وَلَا الظَّنَّ بِمُجَرَّدِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ تَيَقُّنُ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ أَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ أَسْنَى (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا. إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا نُصِّفَ بَيْنَهُمَا أَنْوَارٌ (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا) فَإِنْ رَدَّ إلَى أَحَدِهِمَا حَلَفَ لِلثَّانِي أَنْوَارٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَيَا شَيْئًا عَلَى ثَالِثٍ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي يَدِ ثَالِثٍ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِزَعْمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِحَقِّهِ وَضَمِيرُهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ. إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ:.
قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا إلَخْ) لَا يُقَالُ: هَلَّا قُدِّمَتْ سَابِقَةُ التَّارِيخِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ وَلَا يُنَافِيهِ وَاتَّفَقَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الِاخْتِلَافِ حِينَئِذٍ) فَلَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَارُضُ. (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ يُفِيدُ بِدَلِيلِ إفَادَةِ مُجَرَّدِ احْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ فَإِنَّهُ لَا مُسْتَنِدَ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ التَّعَدُّدِ لَا تَيَقُّنُهُ، إذْ مُجَرَّدُ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ لَا يُفِيدُ يَقِينَ التَّعَدُّدِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ بِالتَّعَارُضِ) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ. (قَوْلُهُ: يَقِينًا) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْبَيِّنَةُ خُصُوصًا الْمُعَارَضَةَ بِأُخْرَى لَا تُوجِبُ الْيَقِينَ، بَلْ وَلَا الظَّنَّ
مِنْهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوْ تَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَالْمَبِيعُ بِغَيْرِ يَدِهِ، وَإِلَّا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) مِنْهُمَا تَارِيخًا؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ لِأَنَّ الثَّانِيَ اشْتَرَاهُ مِنْ الثَّالِثِ بَعْدَ مَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، بَلْ وَالظَّاهِرِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ ادَّعَى صُدُورَ الْبَيْعِ الثَّانِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ فَتُقَدَّمُ، وَلِلْأَوَّلِ الثَّمَنُ
وَمَا لَوْ تَعَرَّضَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ لِكَوْنِهِ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَشَهِدَتْ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَتُقَدَّمُ الْمُتَأَخِّرَةُ أَيْضًا أَيْ: كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ دُونَ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ وَلَوْ مُتَأَخِّرَةً؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ، وَالْأُخْرَى لَا تُوجِبُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ فَلَا تَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَيَأْتِي أَوَّلَ التَّنْبِيهِ الْآتِي مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ مَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهُ فَإِذَا ذَكَرَتْهُ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ وَلَوْ مُتَأَخِّرَةً؛ لِأَنَّهَا تَعَرَّضَتْ لِمُوجِبِ التَّسْلِيمِ كَذَا قَالَاهُ، لَكِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي رَدِّهِ (وَإِلَّا) يَخْتَلِفُ تَارِيخُهُمَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ مُتَّحِدٍ (تَعَارَضَتَا) فَيَتَسَاقَطَانِ ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا حَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا وَيَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ؛ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَسُقُوطُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا تَعَارَضَتَا فِيهِ، وَهُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ
إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ غَصَبَهُ. إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ غَصَبَهُ. إلَخْ وَإِنْ أَوْهَمَهُ مَزْجُهُ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الثَّالِثِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ وَسَلَّمَهُ. إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى وَهُوَ. إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ لِيَصِيرَ كَقَوْلِهِ أَوْ تَسَلَّمَهُ إلَخْ عَطْفًا عَلَى وَهُوَ. إلَخْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ يَدِهِ) أَيْ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ أَيْ فِي تَصْحِيحِ الدَّعْوَى لِذِكْرِ ذَلِكَ أَيْ قَوْلِهِ: وَهُوَ يَمْلِكُهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي التَّنْبِيهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَوَزَنَ لَهُ. إلَخْ) بِفَتْحِ الزَّايِ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ كَمَا اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِنَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُ) كَأَنْ شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فِي رَجَبٍ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فِي شَعْبَانَ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ حَكَمَ لِلْأَسْبَقِ) أَيْ وَيُطَالِبُهُ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ مُغْنِي عِبَارَةُ سم أَيْ وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْآخَرِ دَفْعُ ثَمَنِهِ لِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الرَّوْضِ صَرِيحٌ فِيهِ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَيْ الْحُكْمِ لِلْأَسْبَقِ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَسْأَلَتَانِ فَقَدْ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ: الْآتِي أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ فِي التَّعَارُضِ وَتَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ. اهـ. وَأَجَابَ عَنْهُ الرَّشِيدِيُّ بِمَا نَصُّهُ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهَا إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ سِوَى عَقْدٌ وَاحِدٌ إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْعَاقِدَ مُخْتَلِفٌ فَلَا يَتَأَتَّى اتِّحَادُ الْعَقْدِ فَمَا وَقَعَ لِلشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ هُنَا سَهْوٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ. إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ. إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا ع ش (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَبِمَا قَرَّرْته فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ. إلَخْ) أَيْ حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: بِمِلْكِ الْمُدَّعِي) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقْدِ الثَّمَنِ) عَطْفٌ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي. إلَخْ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُخْرَى) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي الْمُطَالَبَةُ. إلَخْ) أَيْ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ. إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَخَرَجَ إلَى الْمَتْنِ كَانَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ وَأَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ وَحَاصِلُهُ. إلَخْ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ تَابَعَهُ عَلَى الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَخَرَجَ. إلَخْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهُ) سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ وَظَاهِرٌ مِمَّا بَعْدَهُ أَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ صِحَّةِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا إلْزَامَ فِيهَا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَوَاضِحٌ) أَيْ يُسَلَّمُ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْوَارٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِكُلٍّ. إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ: وَلَوْ ادَّعَيَا شَيْئًا. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَبِمَا قَرَّرْته فِي الْأَسْنَى وَالْأَنْوَارِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ التَّعَارُضُ ع ش أَيْ وَالرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ) اُنْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ وَقَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ. إلَخْ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَعَرَّضَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَرَّضَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ مَعَ أَنَّ وَإِلَّا شَامِلٌ لَهُ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. إلَخْ كَانَ الْأَصْوَبُ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ جَعَلَ فِي حَالَةِ التَّعَارُضِ أَرْبَعَ حَالَاتٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ فِي يَدَيْهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ إلَى أَنْ قَالَ: الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْجِيحِ بِيَدِ الْبَائِعِ إذَا صُدِّقَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ فَإِنْ رَجَّحْنَاهُ بِيَدِهِ وَبَيِّنَتِهِ أَيْ وَهُوَ.
بِمُجَرَّدِهَا
(قَوْلُهُ: حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا بَيْعٌ وَاحِدٌ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَسْأَلَتَانِ فَقَدْ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي عِلْمُ أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ فِي التَّعَارُضِ وَتَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) أَيْ: وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْآخَرِ دَفْعُ ثَمَنِهِ لِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُ الرَّوْضِ صَرِيحٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا تَعَارَضَتَا فِيهِ، وَهُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ تَعَارَضَتَا حَلَفَ لِكُلٍّ وَلَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ لَا إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَيْسَ لَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ، وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَعَرَّضَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَرَّضَتْ إحْدَاهُمَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ) شَامِلٌ لِتَعَرُّضِهِمَا وَتَعَرُّضِ إحْدَاهُمَا وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ
وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَبِمَا قَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عُلِمَ أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ فِي التَّعَارُضِ وَتَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ، وَكَانَ الْمَتْنُ إنَّمَا خَالَفَ أُسْلُوبَهُمَا الْمُوهِمَ لِتَخَالُفِ أَحْكَامِهِمَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ وَاحِدٍ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ زَيْدٍ وَآخَرَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ عَمْرٍو عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ كَذَلِكَ فَيَتَعَارَضَانِ وَيُصَدَّقُ مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ يُقِرُّ. (تَنْبِيهٌ)
لَا يَكْفِي فِي الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ ذِكْرُ الشِّرَاءِ إلَّا مَعَ ذِكْرِ مِلْكِ الْبَائِعِ إذَا كَانَ غَيْرَ ذِي يَدٍ أَوْ مَعَ ذِكْرِ يَدِهِ إذَا كَانَتْ الْيَدُ لَهُ وَنُزِعَتْ مِنْهُ تَعَدِّيًا أَوْ مَعَ قِيَامِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِأَحَدِهِمَا يَوْمَ الْبَيْعِ، وَيَصِيرَانِ كَبَيِّنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا ذِكْرُهُ شَرْطٌ، لَوْ تَرَكَتْهُ بَيِّنَةٌ وَقَامَتْ بِهِ أُخْرَى كَأَقَرَّتْ امْرَأَةٌ لِفُلَانٍ وَقْتَ كَذَا بِمَحَلِّ كَذَا فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهَا فُلَانَةُ
وَإِنَّمَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِيَدِ الْمُدَّعِي أَوْ بِيَدِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِلْكُهُ وَلَا مِلْكُ مَنْ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ، وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ قَدْ تُسْمَعُ، لَكِنْ لَا يُعْمَلُ بِهَا كَمَا لَوْ انْتَزَعَ خَارِجٌ عَيْنًا مِنْ دَاخِلٍ بِبَيِّنَةٍ فَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً بِمِلْكِهَا مُطْلَقًا فَإِنَّهَا تُسْمَعُ، وَفَائِدَتُهَا مُعَارَضَةُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فَقَطْ لِتَرُدَّ الْعَيْنَ إلَى يَدِهِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذَا رَهَنَنِي وَأَقْبَضَنِي دَارِهِ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ كَذَا وَآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِهَا تِلْكَ السَّنَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا شَهْرًا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: تَعَارَضَتَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَثْبُتُ رَهْنٌ وَلَا إقْرَارٌ كَمَا مَرَّ آنِفًا بِمَا فِيهِ
(وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِعْتُكَهُ بِكَذَا) ، وَهُوَ مِلْكِي، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى فَأَنْكَرَ (وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ: الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ وَطَالَبَاهُ بِالثَّمَنِ (فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا؛ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ مِلْكًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِكُلٍّ وَحْدَهُ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قَضَى لَهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ دَعْوَاهُمَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ اتِّسَاعُ الزَّمَنِ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ
الْأَصَحُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ إنْ أَقَرَّ. إلَخْ رَجَعَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ حَالَةٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَيَكُونُ مَحَلُّ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيهَا رَجَعَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ بَيِّنَتُهُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَالَاتِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ:" وَإِلَّا " مِنْ قَوْلِهِ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَعَرَّضَ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَمَا إذَا تَعَرَّضَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ خَاصٌّ بِمَا إذَا تَعَرَّضَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ وَإِلَّا اخْتَصَّ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِمَنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ وَمَرَّ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا. اهـ. وَقَوْلُهُ: كَانَ الْأَصْوَبُ. إلَخْ تَقَدَّمَ عَنْ قَرِيبٍ عَنْ الْأَسْنَى وَالْأَنْوَارِ وَالْمُغْنِي مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْقَبْضِ) أَيْ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْته فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَيَا. إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَاَلَّتِي قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَالَ آجَرْتُك الْبَيْتَ. إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ الْمَتْنَ إنَّمَا خَالَفَ أُسْلُوبَهُمَا الْمُوهِمَ لِتَخَالُفِ أَحْكَامِهِمَا. إلَخْ) قَدْ يُوَجَّهُ الْمَتْنُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ قَدْ يَتَعَارَضَانِ فِي الْأُولَى وَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ سم (قَوْلُهُ: الْمُوهِمَ) أَيْ الْمَتْنَ مِنْ حَيْثُ سُلُوكُهُ لِأُسْلُوبَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الْخِلَافِ) يَنْبَغِي حَيْثُ اتَّحَدَ حُكْمُهُمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْخِلَافِ بَيَانُ سِرِّ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى مَعَ اتِّحَادِ حُكْمِهِمَا سم وَقَدْ يُقَالُ: السِّرُّ تَعَدُّدُ الْعَاقِدِ هُنَا وَاتِّحَادُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَيَا. إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلٍ وَاحِدٍ. إلَخْ) أَيْ لِمَنْ بِيَدِهِ دَارٌ أَسْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ أَسْنَى وَأَنْوَارٌ (قَوْلُهُ: مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ) أَيْ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو أَوْ شَخْصٍ خَامِسٍ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ) أَيْ مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ لِلشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي) إلَى قَوْلِهِ: وَنُزِعَتْ فِي الْأَنْوَارِ وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: فِي الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ) الْأَنْسَبُ لِمَا بَعْدَهُ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ ذِكْرِ مِلْكِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ تَسَلَّمْتهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ، كَالشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ تَسَلَّمَهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لَا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذِكْرِ يَدِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظَةِ مَعَ (قَوْلُهُ: وَنُزِعَتْ مِنْهُ تَعَدِّيًا) لَعَلَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَخْذًا مِنْ سُكُوتِ الرَّوْضِ وَالْأَنْوَارِ عَنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ قِيَامِ بَيِّنَةِ. إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَعَ ذِكْرِ مِلْكِ الْبَائِعِ. إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِمِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ يَدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُدَّعَى) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِلْكُهُ. إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ صُورَةُ عَدَمِ الْعِلْمِ إنَّمَا هِيَ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ ذُو الْيَدِ حَالًا أَوْ فِي الْأَصْلِ لَا أَعْلَمُ مَالِكَهُ أَوْ لَهُ صُورَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا) أَيْ الشُّهُودُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ آنِفًا. إلَخْ) أَيْ فِي الْفَرْعِ الَّذِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِثَالِثٍ بِعْتُكَهُ. إلَخْ وَهَذِهِ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْمَبِيعُ) إلَى قَوْلِهِ: وَحَيْثُ أَمْكَنَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِلْكِي) اُنْظُرْ هَلْ يَكْفِي وَهُوَ فِي يَدِي كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي التَّنْبِيهِ الْمَارِّ آنِفًا.
لِأَحَدِهِمَا يَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَعَرَّضَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ وَإِلَّا شَامِلٌ لِتَعَرُّضِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا إلَى قَوْلِهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ) يَنْبَغِي حَيْثُ اتَّحَدَ حُكْمُهُمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْخِلَافِ بَيَانُ سِرِّ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى مَعَ اتِّحَادِ حُكْمِهِمَا. (قَوْلُهُ: إنَّمَا خَالَفَ) قَدْ يُوَجَّهُ الْمَتْنُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ أَيْضًا قَدْ يَتَعَارَضَانِ فِي الْأُولَى، وَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ
. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِلْكِي) اُنْظُرْ، وَهُوَ فِي يَدِي هَلْ يَكْفِي كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ؟
ثُمَّ الِانْتِقَالُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ لِلْعَقْدِ الثَّانِي، وَإِلَّا حَلَفَ لِكُلٍّ (، وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ (إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ) أُطْلِقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ وَحَيْثُ أَمْكَنَ الِاسْتِعْمَالُ فَلَا إسْقَاطَ وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْعَيْنَ تَضِيقُ عَنْ حَقِّهِمَا مَعًا فَتَعَارَضَتَا، وَالْقَصْدُ هُنَا الثَّمَنَانِ وَالذِّمَّةُ لَا تَضِيقُ عَنْهُمَا فَوَجَبَا وَشَهَادَةُ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ كَهِيَ عَلَى الْبَيْعَيْنِ فِيمَا ذَكَرَ وَفِي الْأَنْوَارِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ عَاقِلًا وَآخَرَانِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ عُمِلَ بِالْأُولَى أَوْ أَنَّهُ بَاعَ مَجْنُونًا قُدِّمَا وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي نَحْوُهُ
وَهُوَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: أَقَرَّ بِكَذَا يَوْمَ كَذَا فَقَالَتْ أُخْرَى: كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قُدِّمَتْ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أَنَّهُ يُجَنُّ وَقْتًا وَيُفِيقُ وَقْتًا، وَإِلَّا تَعَارَضَتَا، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِيَدِكَ وَقَفَهَا أَبِي عَلَيَّ، وَهُوَ مَالِكٌ حَائِزٌ يَوْمئِذٍ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ قُدِّمَ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ ذُو الْيَدِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ ظَهَرَ فِي مَوْقُوفٍ مَحْكُومٍ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَحِيَازَتِهِ مَكْتُوبٌ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ لِآخَرَ قَبْلَ صُدُورِ الْوَقْفِ لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا قَالَ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ انْتَقَلَ مِنْ صَاحِبِهِ إلَى الْوَاقِفِ لَا سِيَّمَا وَالْيَدُ لِلْوَاقِفِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السُّؤَالِ اهـ. وَلَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَأَنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ أَمْسِ لِتَحَقُّقِ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ ثَمَّ فَلَمْ يُنْظَرْ؛ لِاحْتِمَالِ الِانْتِقَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مُنْكِرِ الشِّرَاءِ لَهُ بِثَمَنٍ جُزَافٍ قُبِلَا إنْ قَالَا حَلَالٌ لَا إنْ جَذْفًا؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذِهِ الَّتِي بِيَدِكَ مِلْكِي فَأَخَذَهَا فَأَقَامَ آخَرُ أُخْرَى بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ كَانَتْ بِيَدِهِ، وَهِيَ مِلْكُهُ حِينَئِذٍ حُكِمَ بِهَا لِهَذَا لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ وَتَقَدُّمٌ بَيِّنَةٌ قَالَتْ: مِلْكُ أَبِيهِ وَقَدْ وَرِثَهُ عَلَى بَيِّنَةٍ قَالَتْ: مَلَّكَ أَبِي خَصْمَهُ وَهُوَ وَارِثُهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ وَارِثًا وَلَا يَرِثُ الْمُدَّعِي لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ، فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمِلْكِهِ بِخِلَافِهِ فِي وَقَدْ وَرِثَهُ. (تَنْبِيهٌ)
الْأَوْلَى، بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنْ يُقَالَ: بَدَلٌ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ لِنَحْوِ إقْرَارِهِ بِهِ لِآخَرَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَذَلِكَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَقَدْ يُقَالُ فِي أَصْلِ التَّعْلِيلِ: لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى تَلَقِّي مِلْكِ هَذَا عَنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِإِرْثِ شَيْءٍ خَاصٍّ بِخِلَافِ وَقَدْ وَرِثَهُ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ مُتَلَقٍّ مِلْكَهُ مِنْ أَبِيهِ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ بِخِلَافِ ذَاكَ
. (وَلَوْ مَاتَ) إنْسَانٌ (عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ
سم أَقُولُ الظَّاهِرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِالْعَيْنِ فَيَكْفِي فِيهَا ذِكْرُ الْيَدِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْمِلْكِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِمْ عَلَيْهِ هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الِانْتِقَالُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا. إلَخْ) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ الشُّهُودُ زَمَنًا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ لِلتَّعَارُضِ وَحَلَفَ. إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَمْكَنَ الِاسْتِعْمَالُ) أَيْ لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا. إلَخْ وَقَوْلُهُ: مَا قَبْلَهَا هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَيَا. إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعَيْنَ. إلَخْ) أَيْ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ الثَّالِثِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَهِيَ عَلَى الْبَيْعَيْنِ. إلَخْ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ فَلَا يَلْزَمَانِهِ لِلتَّعَارُضِ أَسْنَى (قَوْلُهُ: قُدِّمَا) أَيْ الْآخَرَانِ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي. إلَخْ)
وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِجُنُونِ الْقَاتِلِ عِنْدَ قَتْلِهِ وَالْأُخْرَى بِعَقْلِهِ عِنْدَهُ تَعَارَضَتَا انْتَهَى وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْقَفَّالِ تَقْدِيمُ الْأُولَى سم (قَوْلُهُ: نَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ مَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَخِيرًا (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ) إنْ أُرِيدَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ كَانَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْوَقْتِ يَوْمُ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ: بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأُولَى أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْأُولَى فِي مَسْأَلَةِ الْقَفَّالِ قُيِّدَتْ بِالْعَقْلِ دُونَ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَارَضَتَا) أَيْ وَلَا يُنَافِي التَّعَارُضُ كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي اسْتِغْرَاقِ الْجُنُونِ ذَلِكَ الْوَقْتِ سم وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالْوَقْتِ يَوْمُ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ وَقْتُ الْإِقْرَارِ فَالْمُنَافَاةُ ظَاهِرَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ غَصَبَهَا. إلَخْ) أَيْ أَوْ تَرَتُّبُ يَدِهِ عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ: وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ. إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَاقِفِ) أَيْ أَوْ مِمَّنْ قَامَ مَقَامَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَاقِفَ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ ثُبُوتِ الْغَصْبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ أَوْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ. إلَخْ) مِنْ أَيْنَ تَحَقُّقُ ذَلِكَ، ثَمَّ لَا هُنَا، فَإِنْ قِيلَ بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ الْمُعَارَضَةِ قُلْنَا بِتَقْدِيرِ إفَادَتهَا التَّحَقُّقَ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ أَسْنَدَتَا إلَى الِانْتِقَالِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ هُنَاكَ لَا هُنَا سم وَأَيْضًا قَدْ حُكِمَ بِالصِّحَّةِ هُنَا لَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: قُبِلَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (قَوْلُهُ: أَبِي خَصْمِهِ) بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ الْمُدَّعِي) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي: وَقَدْ وَرِثَهُ) الْأَوْضَحُ الْأَخْصَرُ: بِخِلَافِ وَقَدْ وَرِثَهُ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ إقْرَارِهِ. إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلِ أَنْ يُقَالَ (قَوْلُهُ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ. إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِتَعْيِينِ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ وَهُوَ وَارِثُهُ.
(قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: يَظْهَرُ أَنَّهُ إلَى يُشْتَرَطُ.
قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي نَحْوُهُ) وَهُوَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: أَقَرَّ بِكَذَا فَقَالَتْ: أُخْرَى كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَخْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوَائِلَ الْجِرَاحِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ " أَيْ: قَامَتْ إحْدَاهُمَا بِجُنُونِ الْقَاتِلِ عِنْدَ قَتْلِهِ، وَالْأُخْرَى بِعَقْلِهِ عِنْدَهُ تَعَارَضَتَا اهـ. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ عَنْ الْقَفَّالِ تَقْدِيمُ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ) إنْ أُرِيدَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ كَانَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ كَمَا قَالَ: لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْوَقْتِ يَوْمُ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ، بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَارَضَتَا) أَيْ: وَلَا يُنَافِي التَّعَارُضَ كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي اسْتِغْرَاقِ الْجُنُونِ لِذَلِكَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ إلَخْ) مِنْ أَيْنَ تَحَقُّقُ ذَلِكَ ثَمَّ لَا هُنَا؟ فَإِنْ قِيلَ: بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ الْمُعَارَضَةِ قُلْنَا: بِتَقْدِيرِ إفَادَتِهَا
فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاتَ عَلَى دِينِي) فَأَرِثُهُ وَلَا بَيِّنَةَ (فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ
(وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالِانْتِقَالِ، وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ، وَكَذَا كُلُّ نَاقِلَةٍ وَمُسْتَصْحِبَةٍ، وَمِنْهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) إحْدَاهُمَا (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ) أَيْ: كَلِمَتِهِ، وَهِيَ الشَّهَادَتَانِ (وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) فَقَيَّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ النَّصْرَانِيَّةُ كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى هُنَا بِمُطْلَقِ الْإِسْلَامِ وَالتَّنَصُّرِ إلَّا مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ عَلَى مَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ بِمَا فِيهِ ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ قَالُوا: يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ أَنْ تُفَسِّرَ كَلِمَةَ التَّنَصُّرِ وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَنْ جَمْعٍ ثُمَّ رَجَّحَ الْوُجُوبَ لَا سِيَّمَا مِنْ شَاهِدٍ جَاهِلٍ أَوْ مُخَالِفٍ لِلْقَاضِي (تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا إذْ يَسْتَحِيلُ مَوْتُهُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَيَّدَتْ بَيِّنَتُهُ فَقَطْ وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضَ بِمَا إذَا قَالَتْ: كُلٌّ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا وَمَكَثْنَا عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ، وَأَمَّا إذَا اقْتَصَرَتْ عَلَى آخِرِ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ كُلًّا اعْتَمَدَتْ مَا سَمِعْتَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَهَابِهَا عَنْهُ ثُمَّ اسْتَصْحَبَتْ بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ: عَلِمْنَا تَنَصُّرَهُ ثُمَّ إسْلَامَهُ قُدِّمَتْ قَطْعًا (وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ وَأَقَامَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ تَعَارَضَتَا) أَطْلَقَتَا أَمْ قَيَّدَتَا لَفْظَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِاسْتِحَالَةِ أَعْمَالِهِمَا، فَإِنْ قَيَّدَتْ وَاحِدَةٌ وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أَيْضًا أَوْ تُقَدَّم بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ احْتِيَاطًا لِلْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ لَا يُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ وَلَمْ يُوجَدْ كُلٌّ مُحْتَمَلٍ وَجَرَى شَارِحٌ فِي تَقْيِيدِ بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ عَلَى التَّعَارُضِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ تَقْيِيدَهَا ثَمَّ قَوِيٌّ بِعِلْمِ تَنَصُّرِهِ قَبْلُ فَعَارَضَ بَيِّنَةَ الْإِسْلَامِ لِقُوَّتِهِ حِينَئِذٍ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ التَّعَارُضُ فِي الصُّورَتَيْنِ
وَإِذَا تَعَارَضَتَا، أَوْ لَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ كُلٌّ لِلْآخَرِ يَمِينًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَالْمَالُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا تَقَاسَمَاهُ نِصْفَيْنِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، ثُمَّ
وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِمَا فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ إلَى فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَقَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ. إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ. إلَخْ (قَوْلُهُ: هُنَا) يَعْنِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُيِّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إلَخْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَنْ جَمْعٍ ثُمَّ رَجَّحَ الْوُجُوبَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَّحَ. إلَخْ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا. إلَخْ أَيْ يَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ سم (قَوْلُهُ: بَيِّنَتُهُ) أَيْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ بِالْإِظْهَارِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُيِّدَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ فَقَطْ فَتَقَدَّمَ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ إلَخْ وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: بَيِّنَتُهُ هُوَ كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِهَاءِ الضَّمِيرِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ بَيِّنَةٌ بِلَا هَاءٍ وَهِيَ الْأَصْوَبُ. اهـ. نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ الْمُرَاجَعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ ع ش زَادَ السَّيِّدُ عُمَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) انْتَهَى كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ. . إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ نَصْرَانِيَّةٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ. إلَخْ)
قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ: أَوَّلًا مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَصْرَانِيَّةِ أَحَدِهِمَا نَصْرَانِيَّةُ الْأَبِ وَقَدْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ أَبُوهُمَا وَيُصَدِّقَهُمَا فِي ذَلِكَ ع ش وَحَلَبِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ دِينِهِ) أَيْ دِينِ الْأَبِ رَوْضٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ دِينِ الْمَيِّتِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ النَّصْرَانِيُّ وَالْمُسْلِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَانْظُرْ مَا صُورَةُ ابْنٍ نَصْرَانِيٍّ وَأَبٍ لَا يُعْرَفُ دِينُهُ رَشِيدِيٌّ وَمَرَّ آنِفًا عَنْ ع ش وَالْحَلَبِيِّ تَصْوِيرُهُ (قَوْلُهُ: أَمْ قَيَّدَتَا لَفْظَهُ. إلَخْ) أَيْ بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ. إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ اُتُّجِهَ تَعَارُضُهُمَا وَإِذَا تَعَارَضَتَا. إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ. . إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا قَيَّدَتْ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ إلَخْ) مَتَى ثَبَتَ هُنَا سم وَقَدْ يُقَالُ ثَبَتَ بِمُقْتَضَى زِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ) أَيْ الْيَقِينُ (قَوْلُهُ: وَجَرَى شَارِحٌ. . إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: السَّابِقَةِ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: فَعَارَضَ) أَيْ التَّقْيِيدُ يَعْنِي بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ الْمُقَيَّدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّقْوِيَةُ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَتَيْ تَقْيِيدِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ وَصُورَةُ التَّقْيِيدِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَعَارَضَتَا) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَتْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَحَلَفَ إلَى أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ كُلٌّ. إلَخْ) أَيْ أَوْ نَكَلَا أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَتَيْ التَّعَارُضِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: تَقَاسَمَاهُ نِصْفَيْنِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى انْتَهَى أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ مُدَّعِي الْأُنْثَى لَمْ تَأْخُذْ سِوَى النِّصْفِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَيْنًا وَآخَرُ نِصْفَهَا وَهِيَ فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ حَيْثُ تَبْقَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ: أَيْ مَعَ أَنَّهُ. إلَخْ فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مُرَجِّحَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَكَذَا إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) .
التَّحَقُّقَ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ اسْتَنَدَتَا إلَى الِانْتِقَالِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ هُنَاكَ لَا هُنَا
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَّحَ الْوُجُوبَ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) أَيْ: فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قُيِّدَتْ أَيْ: بِحَلِفِ النَّصْرَانِيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُيِّدَتْ وَاحِدَةٌ وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ إلَخْ) فَإِنْ قُيِّدَتْ وَاحِدَةٌ وَأُطْلِقَتْ أُخْرَى اُتُّجِهَ تَعَارُضُهُمَا ش م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ) مَتَى ثَبَتَ هُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا تَقَاسَمَاهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا
التَّعَارُضُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْإِرْثِ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَجْهِيزِهِ كَمُسْلِمٍ وَدَفْنِهِ فِي مَقَابِرِنَا وَيَقُولُ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ: إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ هَذَا الْقَوْلِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعَارُضَ هُنَا صَيَّرَهُ مَشْكُوكًا فِي دِينِهِ فَصَارَ كَالِاخْتِلَاطِ السَّابِقِ فِي الْجَنَائِزِ، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ وَأُخْرَى فِي شَعْبَانَ قُدِّمَتْ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مَا لَمْ تَقُلْ الْأُولَى رَأَيْتُهُ حَيًّا أَوْ يَبِيعُ مَثَلًا فِي شَوَّالٍ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي تَبَرَّعَ فِيهِ وَأُخْرَى مَاتَ فِيهِ قُدِّمَتْ الْأُولَى عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ بِالتَّعَارُضِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ
. (وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ) حَالَةَ الِاخْتِلَافِ (وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَسْلَمْتُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: الْأَبِ (فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: بَلْ) أَسْلَمْتَ (قَبْلَهُ) فَلَا إرْثَ لَكَ (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى دِينِهِ فَيَحْلِفُ وَيَرِثُ، وَمِثْلُهُ كَمَا بِأَصْلِهِ وَحَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ، الْمُفْهَمِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَصْدِيقِ الْمُسْلِمِ بَيْنَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ وَعَدَمِهِ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ الْأَب فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَسْلَمْتُ فِي شَوَّالٍ وَالنَّصْرَانِيُّ فِي شَعْبَانَ (، وَإِنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ: الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ التَّنَصُّرُ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَهِيَ أَعْلَمُ وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَقُلْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلِمْنَا تَنَصُّرَهُ حَالَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَلَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِنْ قَالَتْ: ذَلِكَ قُدِّمَتْ، وَإِلَّا لَزِمَ الْحُكْمُ بِرِدَّتِهِ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ التَّعَارُضُ فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ ثُمَّ رَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ جَزَمَ بِهِ
(فَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ: الِابْنَانِ (عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ: مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ:) مَاتَ (فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ) إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالٍ، نَعَمْ إنْ قَالَتْ: رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا كَمَا قَالَاهُ فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ كَمَا مَرَّ لِأَصْلِ بَقَائِهِ عَلَى دِينِهِ
أَيْ فِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ وَقَدْ قَيَّدَهُ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنْ يَدَّعِيَهُ الْغَيْرُ لِنَفْسِهِ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ وَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ اهـ، ثُمَّ يَنْبَغِي حَمْلُ قَوْلِ ع ش: أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُطْلِقِ لَهُ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا الْمُعَيَّنِ إرْثًا مِنْ أَبِيهِ فَحُكْمُهُ كَمَا إذَا كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْإِرْثِ. إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ خَاصَّةً وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلدَّفْنِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَقُولُ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ. إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ كَمُسْلِمٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ رَشِيدِيٌّ وَقَالَ سم اُنْظُرْ نَحْوَ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ. اهـ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْأَسْنَى وَالْأَنْوَارِ: وَيُدْفَنُ هَذَا الْمَيِّتُ الْمَشْكُوكُ فِي إسْلَامِهِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. إلَخْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعَارُضِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: كَالِاخْتِلَاطِ. إلَخْ) أَيْ اخْتِلَاطِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ. إلَخْ) لَا يَظْهَرُ لِوَضْعِ هَذَا هُنَا مَحَلٌّ بَلْ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَضَهَا فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: هُنَا مَا لَمْ تَقُلْ الْأُولَى رَأَيْته إلَخْ نَاقَضَهُ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَالَتْ الْأُولَى نَحْوَ مَا ذُكِرَ قُدِّمَتْ. إلَخْ أَيْ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ) عِلَّةٌ لِلْأَوْجَهِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ قَبْلَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَعِيَّةَ كَالْقَبْلِيَّةِ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ لَك) بَلْ هُوَ لِي مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ) إلَى قَوْلِهِ وَنَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: ثُمَّ رَأَيْت إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: اسْتِمْرَارُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ عَلَى دِينِهِ أَيْ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ التَّنَصُّرُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ إطْلَاقِهِمَا (قَوْلُهُ: الْمُفْهِمِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مَفْهُومًا مِنْ إطْلَاقِ الْمَتْنِ فَهُوَ مِنْ مَشْمُولَاتِهِ وَمِنْ أَفْرَادِهِ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَتْنِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ ذَكَرَهُ ثَانِيًا كَانَ تَكْرَارًا فَلَا يَنْبَغِي هَذَا الصَّنِيعُ الْمُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ مَشْمُولَاتِهِ. إلَخْ أَيْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُغْنِي بِقَوْلِهِ عَقِبَ الْمَتْنِ مَا نَصُّهُ: سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ أَمْ أَطْلَقَا. اهـ. (قَوْلُهُ: لَوْ اتَّفَقَا. إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَمِثْلُهُ. . إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَا لَوْ اتَّفَقَا. . إلَخْ بِزِيَادَةٍ مَا وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَقُلْ. إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ (تَنْبِيهٌ)
مَحَلُّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ مَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَسْمَعُ تَنَصُّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَيَتَعَارَضَانِ وَحِينَئِذٍ يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ دَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تَسْتَصْحِبْ فَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا حَالَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ. اهـ. فَسَكَتَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بِمَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي رَأَيْنَاهُ. إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَالْأَوْجَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي. إلَخْ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) إلَى قَوْلِهِ: فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إنْ قَالَتْ) أَيْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: تَعَارَضَتَا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: فِيمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ وَأُخْرَى فِي شَعْبَانَ حَيْثُ ذُكِرَ، ثُمَّ إنَّهُ تُقَدَّمُ الْمُؤَرِّخَةُ بِشَوَّالٍ حَيْثُ قَالَتْ: عَلِمْنَاهُ حَيًّا فِيهِ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ تَقَدَّمَ لَهُ اعْتِمَادُ تَقْدِيمِ الشَّاهِدَةِ بِالْمَوْتِ فِي شَوَّالٍ حِينَئِذٍ الْمُنَاقِضُ لِمَا هُنَا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ لِلشَّارِحِ مَا هُنَا إذْ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ مَا هُنَا أَصْلًا وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا اسْتَوْجَهَهُ قَرِيبًا رَدًّا عَلَى الْبُلْقِينِيِّ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ قَبْلَ هَذَا وَالْقَاعِدَةُ الْعَمَلُ بِآخِرِ قَوْلَيْ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ مَا يُشْعِرُ بِاعْتِمَادِهِ وَلِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. اهـ. بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) .
بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَخْ) اُنْظُرْ نَحْوَ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ
. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) هُوَ الْأَوْجَهُ ش م ر
وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مَا لَمْ تَقُلْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَايَنَّا الْأَبَ مَيِّتًا قَبْلَ إسْلَامِهِ فَيَتَعَارَضَانِ وَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ، وَنَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي رَأَيْنَاهُ حَيًّا وَعَايَنَّاهُ مَيِّتًا شَهَادَةُ بَيِّنَةٍ بِأَنْ أَبًا مُدَّعٍ مَاتَ يَوْمَ كَذَا فَوَرِثَهُ وَحْدَهُ فَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ كَذَا الْيَوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَهُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَهِدَا بِمَوْتِهِ وَآخَرَانِ بِحَيَاتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْحَيَاةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا، وَقَدْ يُشْكِلُ بِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ الْفُلَانِيِّ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِهِ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ مَاتَ مِنْهُ تَعَارَضَتَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا فَأَقَامَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا سَنَةً كَذَا لِسَنَةٍ بَعْدَ تِلْكَ فَإِنْ بَيِّنَةَ مَوْتِهِ فِي رَمَضَانَ مُقَدَّمَةٌ اهـ. فَتَقْدِيمُ هَذِهِ يُشْكِلُ بِمَا تَقَرَّرَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ شَهَادَتِهَا بِإِقْرَارِهِ رُؤْيَتُهُ فَلَيْسَ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ، بَلْ الْمُثْبِتَةُ لِمَوْتِهِ أَعْلَمُ بِخِلَافِ الشَّاهِدَةِ بِالتَّزَوُّجِ وَبِالْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَا أَطْلَقَهُ فِي الْأُولَى لَوْ قِيلَ فِيهِ بِنَاءً عَلَى اعْتِمَادِهِ مَحَلَّهُ فِي بَيِّنَتَيْنِ اسْتَوَتَا أَوْ تَقَارَبَتَا فِي مَعْرِفَةِ الطِّبِّ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ الْعَارِفَةُ بِهِ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَبْعُدْ، وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ وَأَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ فَوَضَعُوا يَدَهُمْ عَلَى الْمَالِ فَلَمَّا كَمُلَ ادَّعَى بِمَالِ أَبِيهِ وَبِإِرْثِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ فَقَالُوا: مَاتَ أَبُوكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا
وَإِلَّا فَإِنْ اتَّفَقَ هُوَ وَهُمْ عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْآخَرَ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَلَفَ مَنْ قَالَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْحَيَاةِ، وَإِلَّا صُدِّقَ فِي مَالِ أَبِيهِ، وَهُمْ فِي مَالِ أَبِيهِمْ وَلَا يَرِثُ الْجَدُّ مِنْ ابْنِهِ، وَعَكْسُهُ فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ مَالُ أَبِيهِ لَهُ وَمَالُ الْجَدِّ لَهُمْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا
. (وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ) بَالِغَيْنِ (فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ: (مَاتَ عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ بِالْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ابْتِدَاءً تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ (وَفِي قَوْلٍ: يُوقَفُ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) الْحَالُ (أَوْ يَصْطَلِحُوا) لِتَسَاوِي الْحَالَيْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَبِهِ زَالَتْ التَّبَعِيَّةُ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا لَا يَصِحُّ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ إنْ عُرِفَ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا أَسْلَمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَأَنْكَرَ الِابْنَانِ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ صُدِّقَ الِابْنَانِ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَأَصْلَ بَقَاءِ الصِّبَا، وَلَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا لَحْمٌ مُذَكَّاةٌ أَوْ لَحْمٌ حَلَالٌ وَعَكَسَتْ أُخْرَى قُدِّمَتْ الْأُولَى كَمَا أَخَذَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ فِي لَحْمٍ جَاءَهُ بِهِ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ إذْ التَّعَارُضُ كَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَقَوْلُ الْمُغْنِي هُنَا فَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ لَعَلَّهُ مِنْ سَبْقِ الْقَلَمِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ السَّيِّدُ عُمَرُ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْمُغْنِي الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ: وَقَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، وَالظَّاهِرُ النَّصْرَانِيُّ كَمَا فِي التُّحَفِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهَا. إلَخْ) ثُمَّ قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْحَيَاةِ. إلَخْ كُلٌّ مِنْهُمَا إنَّمَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ. . إلَخْ وَإِلَّا فَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ آنِفًا التَّعَارُضُ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الزَّوْجَةِ وَبَيِّنَةِ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ. إلَخْ) لَا يَخْفَى وَهَنُ هَذَا الْجَوَابِ لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّزَوُّجِ فَتَدَبَّرْ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا أَطْلَقَهُ) أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْأُولَى أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْبُرْءِ مِنْ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى اعْتِمَادِهِ. . إلَخْ أَيْ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ. إلَخْ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِيهَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: الْعَارِفَةُ بِهِ) أَيْ بِالطِّبِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ) إلَى التَّتِمَّةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا لَا يَصِحُّ وَقَوْلَهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ. إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ (فَرْعٌ)
لَوْ مَاتَ لِرَجُلٍ ابْنٌ وَزَوْجَةٌ ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَأَخُو الزَّوْجَةِ فَقَالَ هُوَ مَاتَتْ قَبْلَ الِابْنِ فَوَرِثْتُهَا أَنَا وَابْنِي، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَوَرِثْتُهُ وَقَالَ أَخُوهَا بَلْ مَاتَتْ بَعْدَ الِابْنِ فَوَرِثَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا ثُمَّ وَرِثْتُهَا أَنَا وَلَا بَيِّنَةَ يُصَدَّقُ الْأَخُ فِي مَالِ أُخْتِهِ وَالزَّوْجُ فِي مَالِ ابْنِهِ بِيَمِينِهِمَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا لَمْ يَرِثْ مَيِّتٌ عَنْ مَيِّتٍ فَمَالُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَخِ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ تَعَارَضَتَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَاخْتَلَفَا فِي مَوْتِ الْآخَرِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ صُدِّقَ مَنْ ادَّعَاهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ قَدَّمَ بَيِّنَةَ مَنْ ادَّعَاهُ قَبْلُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ قَالَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ لِزَوْجَتِهِ كُنْت أَمَةً ثُمَّ عَتَقْت بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ كُنْتِ كَافِرَةً ثُمَّ أَسْلَمْتِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ هِيَ بَلْ عَتَقْتُ أَوْ أَسْلَمْتُ قَبْلُ صُدِّقُوا بِأَيْمَانِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَزَلِ حُرَّةً أَوْ مُسْلِمَةً صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا دُونَهُمْ؛ لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ مَعَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَقَالُوا مَاتَ أَبُوك فِي حَيَاةِ أَبِيهِ) أَيْ فَلَا إرْثَ لَهُ مِنْ مَالِ الْجَدِّ وَهُوَ وَرِثَ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي مَالِ أَبِيهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا الِابْنُ الْوَاحِدُ وَابْنُ الِابْنِ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَرِيقَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَتْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَلَدَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِتَسَاوِي الْحَالَيْنِ) أَيْ احْتِمَالَيْ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَيْ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ زَالَتْ التَّبَعِيَّةُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَنَحْوُهَا فِي النِّهَايَةِ: لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ تَزُولُ بِالْبُلُوغِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَابْنَيْنِ كَافِرَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ مَاتَ عَلَى دِينِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا) لَا يَضُرُّ مُوَافَقَتُهُ لِقَوْلِهِ أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُمَا صُورَتَانِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ سم عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا أَيْ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ عَيْنُ قَوْلِهِ: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأُولَى اخْتِلَافٌ فِي وَقْتِ الْإِسْلَامِ وَالثَّانِيَةُ اخْتِلَافٌ فِي وَقْتِ الْبُلُوغِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّالِثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا ع ش (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) أَيْ فِي الْأُولَى وَقَوْلُهُ: وَأَصْلُ بَقَاءِ الصَّبِيِّ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ رَشِيدِيٌّ وَمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ ع ش (قَوْلُهُ: فِي لَحْمٍ جَاءَهُ. إلَخْ) كَذَا
قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا) لَا يَضُرُّ مُوَافَقَتُهُ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُمَا صُورَتَانِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ
فِي الْحَيَاةِ مُحَرَّمٌ الْآنَ فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى تُعْلَمُ ذَكَاتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْأُولَى نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقُدِّمَتْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ بِالْإِفْضَاءِ وَأُخْرَى بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِحَامُ فَتُقَدَّمُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةً بِالنَّقْلِ عَنْ الْأَصْلِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا
. (وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ (غَانِمًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ تَصَرُّفَهُ الْمُنَجَّزَ يُقَدَّمُ السَّابِقُ مِنْهُ فَالسَّابِقُ وَهَكَذَا؛ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ
(وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ مَزِيَّةِ أَحَدِهِمَا، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ كَإِنْ أَعْتَقْتَ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ سَالِمًا فَيَعْتِقُ غَانِمٌ مَعَهُ بِنَاءً عَلَى تَقَارُنِ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ تَعَيَّنَ السَّابِقُ مِنْ غَيْرِ إقْرَاعٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَالْمُقَدَّمُ فِي الرُّتْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ. (وَإِنْ أُطْلِقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا؛ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوْضِعٍ (وَقِيلَ: فِي قَوْلٍ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ قُلْتُ: الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا، وَالْقُرْعَةُ مُمْتَنِعَةٌ لِئَلَّا تَخْرُجَ بِالرِّقِّ عَلَى السَّابِقِ الْحَرِّ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ وَلَا نَظَرَ لِلُزُومٍ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ فِي الْكُلِّ
(وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ: ثُلُثُ مَالِهِ (وَوَارِثَانِ حَائِزَانِ) أَوْ غَيْرُ حَائِزَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ قَيْدٌ لِمَا بَعْدَهُ (أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُهُ ثَبَتَتْ) الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ (لِغَانِمٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِلْمَرْجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا يُسَاوِيهِ فَلَا تُهْمَةَ، وَكَوْنُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ الَّذِي يَرِثُونَهُ عَنْهُ بِالْوَلَاءِ بَعِيدٌ فَلَا يَقْدَحُ تُهْمَةً، أَمَّا إذَا كَانَ دُونَ ثُلُثِهِ فَلَا يُقْبَلَانِ فِيمَا لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ مَرَّ (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ) الْحَائِزَانِ (فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ لَغْوٌ (فَيَعْتِقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ يَحْتَمِلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ عَنْهُ (وَ) يَعْتِقُ (مِنْ غَانِمٍ) قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ (ثُلُثُ مَالِهِ بَعْدَ سَالِمٍ) ، وَهُوَ ثُلُثَاهُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا قَدْ هَلَكَ أَوْ غَصَبَ مِنْ التَّرِكَةِ مُؤَاخَذَةً لِلْوَرَثَةِ بِإِقْرَارِهِمْ
بِهَاءِ الضَّمِيرِ فِيمَا بِيَدِنَا مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ بِجَعْلِ الْهَمْزَةِ هَاءً، عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَقَالَ هُوَ مُذَكًّى، وَقَالَ الْمُسْلِمُ هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ فَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّعَارُضُ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِالْإِفْضَاءِ وَالْأُخْرَى بِعَدَمِهِ إلَخْ. وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ الْأُولَى لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالنَّقْلِ عَنْ الْأَصْلِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِعَدَمِهِ مُعَارِضَةٌ لِمُثْبِتِهِ فَالْعَمَلُ بَعْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِفْضَاءِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ قَالَ ع ش مُرَادُهُ حَجّ اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ هُوَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ إفْتَاءَ وَالِدِ الشَّارِحِ هَذَا ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ أَقُولُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا إلَخْ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ مَضَى بَيْنَهُمَا إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ فَالشَّهَادَةُ بِالْإِفْضَاءِ كَاذِبَةٌ وَلَا بُدَّ أَنَّ الصُّورَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ مُفْضَاةٍ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْأَصْلِ) وَهُوَ الْبَكَارَةُ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: بِالتَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا) أَيْ: كَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ سم
(قَوْلُهُ: الَّذِي مَاتَ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزِينَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: فَوَجَبَ الْجَمْعُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: أَوْ غَيْرُ حَائِزِينَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَهُوَ ثُلُثَاهُ إلَى وَكَأَنَ سَالِمًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) أَيْ: مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: زِيَادَةُ عِلْمٍ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ اتَّحَدَ أُقْرِعَ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سُدُسَ الْمَالِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ هُوَ وَنِصْفُ الْآخَرِ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْآخَرِ عَتَقَ وَحْدَهُ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ بِتَعْلِيقِ عِتْقِهِمَا بِمَوْتِهِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَمْ أُرِّخَتَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَا) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ السَّابِقُ إلَخْ) أَيْ: سَالِمٌ وَهُوَ جَوَابُ إنْ اتَّحَدَ بِمُقْتَضَى إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ قُلْت الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) وَلَوْ قَالَ قُلْت الْمَذْهَبُ الثَّانِي لَكَانَ أَخْصَرَ مُغْنِي
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَوَارِثَانِ) أَيْ: عَدْلَانِ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلرُّجُوعِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا نَعَمْ إنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ) أَيْ: غَانِمٌ وَقَوْلُهُ: دُونَ ثُلُثِهِ أَيْ: كَالسُّدُسِ وَقَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَثْبُتَا لَهُ إلَخْ. وَهُوَ نِصْفُ سَالِمٍ وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ أَيْ: فَعَلَى مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ صِحَّةِ التَّبْعِيضِ يَعْتِقُ نِصْفُ سَالِمٍ مَعَ كُلِّ غَانِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا وَكُلُّ غَانِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ إذَا كَانَا حَائِزَيْنِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا اهـ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ وَأَقُولُ قَوْلُهُ: وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ لَعَلَّهُ فَرَضَ غَانِمًا قَدْرَ السُّدُسِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى اهـ. رَشِيدِيٌّ وَحَلَبِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) لَعَلَّهُ أَرَادَ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثَاهُ أَيْ: غَانِمٍ. (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ غَانِمٍ وَقَوْلُهُ: مُؤَاخَذَةً لِلْوَرَثَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَكَانَ سَالِمًا قَدْ هَلَكَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا) أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِعَدَمِهِ مُعَارِضَةٌ لِمُثْبِتِهِ، فَالْعَمَلُ بَعْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ الْإِفْضَاءِ ش م ر أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بَدَلًا وَكُلُّ غَانِمٍ
أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزَيْنِ فَيَعْتِقُ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا
(تَتِمَّةٌ) فِي فُرُوعٍ يُعْلَمُ أَكْثَرُهَا مِمَّا مَرَّ لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ حِسْبَةً أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَهَا، وَهُوَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ اُنْتُزِعَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَيُصْرَفُ لَهُ مَا حَصَلَ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ إنْ صَدَقَ الشُّهُودُ، وَإِلَّا وُقِفَتْ فَإِنْ مَاتَ مُصِرًّا صُرِفَتْ لِأَقْرَبَ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْقَفَّالِ وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي مَبْحَثِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَلَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ وَآخَرَانِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَأُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ الْبَرَاءَةُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ أُرِّخَتَا فَالْمُتَأَخِّرَةُ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْمَالِ وَآخَرُ بِهِ ثُمَّ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمَالِ تَمَّتْ، وَهَذَا شَاهِدٌ بِالْبَرَاءَةِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ مُدَّعِيهَا، وَيَجِبُ تَفْصِيلُ سَبَبِ الشَّهَادَةِ فِي مَسَائِلَ، وَلَوْ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاخْتِلَافِ أَئِمَّتِنَا أَنْفُسِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهَا الْإِكْرَاهُ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ: يَكْفِي إطْلَاقُهُ مِنْ فَقِيهٍ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ أَيْ: مُوَافِقٌ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ بِمَا فِيهِ أَوَاخِرَ الشَّهَادَاتِ وَالسَّرِقَةِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مُجَرَّدَ التَّغْرِيمِ وَالرُّشْدِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَالْقَتْلِ وَكُلِّ مُخْتَلِفٍ فِي مُوجِبِهِ كَالطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحُ وَالْبُلُوغُ بِالسِّنِّ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسِّنِّ لَمْ يَحْتَجْ لِتَفْصِيلٍ، وَكَوْنُهُ وَارِثَ فُلَانٍ أَوْ يَسْتَحِقُّ وَقْفَ كَذَا أَوْ نَظَرَهُ أَوْ الشُّفْعَةَ فِي كَذَا وَكَوْنُ هَذَا وَقْفًا أَوْ وَصِيَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمَصْرِفِ أَيْ: إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَزَعَمَ الْأَصْبَحِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هَذَا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا إلَّا إنْ عَيَّنَا الْوَاقِفَ، وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ، وَكَوْنُ نَحْوِ الْبَائِعِ زَائِلَ الْعَقْلِ وَبَرَاءَتَهُ مِنْ دَيْنِ فُلَانٍ كَمَا رَجَّحَهُ الْغَزِّيِّ وَرَجَّحَ غَيْرُهُ الِاكْتِفَاءَ بِإِطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُمَا: أَوْصَى لَهُ بِكَذَا فَيَذْكُرَانِ أَنَّهُ بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ وَمَنْ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ وَعَقْلٌ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ حَالَ بَيْعِهِ مَثَلًا عَاقِلٌ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ مَجْنُونٌ تَعَارَضَتَا إنْ أُرِّخَتَا بِوَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَالْفِعْلُ يَصْدُرُ مِنْ الْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ إلَّا عَقْلٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ أَوْ إلَّا جُنُونٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ لِذَلِكَ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ وَأُخْرَى بِيَسَارِهِ قُدِّمَتْ إنْ بَيَّنَتْ مَا أَيْسَرَ بِهِ وَسَبَبَهُ، وَأَنَّهُ بَاقٍ مَعَهُ إلَى الْآنَ أَمَّا إذَا عُلِمَ أَحَدُهُمَا فَتُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَنْهُ
وَكَذَا بَيِّنَةُ السَّفَهِ وَالرُّشْدِ فَإِنْ عُلِمَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ عَنْهُ، وَإِلَّا كَأَنْ شَهِدَتْ بِسَفَهِهِ أَوَّلَ بُلُوغِهِ وَالْأُخْرَى بِرُشْدِهِ قُدِّمَتْ فَإِنْ لَمْ تُقَيَّدْ بِأَوَّلِ بُلُوغِهِ قُدِّمَتْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغَالِبَ الرُّشْدُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ ابْنِ الصَّلَاحِ تَقْدِيمَهَا قَالَ: كَالْجَرْحِ قَالَ، وَلَوْ تَكَرَّرَتْ بَيِّنَتَا يَسَارٍ وَإِعْسَارٍ كُلَّمَا شَهِدَتْ وَاحِدَةٌ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَتْ الْأُخْرَى بِضِدِّهِ قُدِّمَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ إلَّا أَنْ يُظَنَّ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِعْسَارِ مُسْتَصْحِبَةٌ إعْسَارَهُ الْأَوَّلَ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاحْتِيَاجِ نَحْوِ يَتِيمٍ لِبَيْعِ مَالِهِ، وَأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَبَاعَهُ الْقَيِّمُ بِهِ، وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ ثُمَّ قَامَتْ أُخْرَى بِأَنَّهُ بِيعَ بِلَا حَاجَةٍ أَوْ بِأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَتَانِ نُقِضَ الْحُكْمُ وَحُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ
قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزِينَ إلَخْ)
(تَتِمَّةٌ) لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْتُ أَوْ مِتُّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ قُتِلَ فِي الْأُولَى أَوْ بِأَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ فِي الثَّانِيَةِ وَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِمَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ فِي الْأُولَى وَبِمَوْتِهِ فِي شَوَّالٍ فِي الثَّانِيَةِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالْقَتْلِ فِي الْأُولَى وَبِحُدُوثِ الْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا قِصَاصَ فِي الْأُولَى لِأَنَّ الْوَارِثَ مُنْكِرٌ لِلْقَتْلِ فَإِنْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً فِي الثَّانِيَةِ بِمَوْتِهِ فِي شَعْبَانَ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ، وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِمَوْتِهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَعَلَّقَ عِتْقَ غَانِمٍ بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالٍ أَوْ بِالْبُرْءِ مِنْ مَرَضِهِ فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمُوجِبِ عِتْقِهِمَا فَهَلْ تَتَعَارَضَانِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ سَالِمٍ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ أَوْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا أَوْجُهٌ أَظْهَرُهَا آخِرُهَا مُغْنِي أَقُولُ وَجْهُهُ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَةِ غَانِمٍ فِيهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْبُرْءِ لَا فِي الْأُولَى فَإِنَّ قَضِيَّةَ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ التَّتِمَّةِ بَلْ قَضِيَّةُ مَسَائِلِ الْفَصْلِ مَا فِي الْأَنْوَارِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ سَالِمٍ فِيهَا نَاقِلَةٌ وَبَيِّنَةَ غَانِمٍ مُسْتَصْحَبَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَقْفِهَا وَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ: لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُتَأَخِّرَةُ) أَيْ: قُدِّمَتْ. (قَوْلُهُ: سَبَبِ الشَّهَادَةِ) أَيْ: الْمَشْهُودِ بِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: نَفْسِهِمْ) الْأَوْلَى أَنْفُسِهِمْ بِزِيَادَةِ هَمْزَةِ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُهُ) أَيْ: الْإِكْرَاهِ. (قَوْلُهُ: مُجَرَّدَ التَّغْرِيمِ) أَيْ: بِدُونِ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: فِي مُوجِبِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ. (قَوْلُهُ: وَالنِّكَاحُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ الْأَصْبَحِيُّ) فِعْلٌ وَفَاعِلٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَيَّنَا) أَيْ: الشَّاهِدَانِ. (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمَا) أَيْ: الشَّاهِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ إلَخْ) هُوَ خَامِسُ الْفُرُوعِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَجْنُونٌ) أَيْ: حَالَ بَيْعِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: إنْ أُرِّخَتَا بِوَقْتٍ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ تَقْدِيمُ سَابِقَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ يَصْدُرُ مِنْ الْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ) سَكَتَ عَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَصْدُرُ عَادَةً إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلَعَلَّ الْمُقَدَّمَ حِينَئِذٍ بَيِّنَةُ ذَلِكَ الْأَحَدِ كَمَا قَدْ يُشْعِرُ بِهِ سِيَاقُ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: مَنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ: قُبِلَ مِنْ الْإِعْسَارِ أَوْ الْيَسَارِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَأَنْ شَهِدَتْ بِسَفَهِهِ أَوَّلَ بُلُوغِهِ وَالْأُخْرَى بِرُشْدِهِ قُدِّمَتْ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَا رُشْدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِثْبَاتُ الرُّشْدِ أَوَّلَ الْبُلُوغِ نَقْلٌ عَنْ الْأَصْلِ وَإِثْبَاتُ السَّفَهِ حِينَئِذٍ اسْتِصْحَابٌ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: بِرُشْدِهِ) أَيْ: أَوَّلَ بُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُقَيَّدْ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ أُطْلِقَتَا وَانْظُرْ إذَا قُيِّدَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ كَإِطْلَاقِهِمَا بَلْ قَدْ يُدَّعَى دُخُولُهُ فِي كَلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغَالِبَ الرُّشْدُ) أَيْ: فَتَكُونُ الْأُولَى نَاقِلَةً عَنْ الْأَصْلِ سم. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: ابْنُ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: بِاحْتِيَاجِ نَحْوِ يَتِيمٍ إلَخْ) الْأَنْسَبُ بِأَنْ يَبِيعَ قَيِّمٌ مَالِ نَحْوِ يَتِيمٍ بِمِائَةٍ
وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا، وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ إنْ كَانَا حَائِزَيْنِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَأَنْ شَهِدَتْ بِسَفَهِهِ أَوَّلَ بُلُوغِهِ وَالْأُخْرَى بِرُشْدِهِ قُدِّمَتْ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَا رُشْدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِثْبَاتُ الرُّشْدِ أَوَّلَ الْبُلُوغِ نَقْلٌ عَنْ الْأَصْلِ، وَإِثْبَاتُ السَّفَهِ حِينَئِذٍ إثْبَاتٌ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغَالِبَ الرُّشْدُ) فَتَكُونُ الْأُولَى نَاقِلَةً
بِنَاءً عَلَى سَلَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُعَارِضِ وَلَمْ تَسْلَمْ فَهُوَ كَمَا لَوْ أُزِيلَتْ يَدُ دَاخِلٍ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِذَلِكَ وَخَالَفَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ إذْ التَّقْوِيمُ حَدْسٌ وَتَخْمِينٌ، وَقَدْ تَطَّلِعُ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ، وَإِنَّمَا نُقِضَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْيَدِ أَيْ: الثَّابِتَةِ قَبْلُ، وَلِقَوْلِهِمْ: لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ قِيمَةَ الْمَسْرُوقِ عَشْرَةٌ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهَا عِشْرُونَ وَجَبَ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوَزْنِ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ زِيَادَةَ عِلْمٍ اهـ. وَأَطَالَ غَيْرُهُمَا كَوَلَدِهِ التَّاجِ وَأَبِي زُرْعَةَ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ حَتَّى زَعَمَ التَّاجُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الرَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ فَإِنَّ صُورَةَ الرَّافِعِيِّ فِي أَمْرَيْنِ مَحْسُوسَيْنِ، وَهُمَا الْمَوْتُ فِي رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالٍ وَمَسْأَلَتُنَا فِي أَمْرَيْنِ تَخْمِينِيَّيْنِ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي الرَّاجِحِ مِنْ ذَيْنِكَ الْقَوْلَيْنِ فَرَجَّحَ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ عِبَارَتِهَا النَّقْضَ وَنَبَّهَ غَيْرُهُ مِنْ مُخْتَصَرَيْهَا عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَأَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ نَقْضٌ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا شَاهِدَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ بُعْدِ مَا بَيْنَ التَّخْمِينِيَّاتِ وَالْمَحْسُوسَاتِ، وَمِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ أَيْضًا زَعْمُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا
وَاَلَّذِي يَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ السُّبْكِيّ بِالشَّكِّ وَبِهِ يُصَرِّحُ قَوْلُهُ: فِي فَتَاوِيهِ فِي الرَّهْنِ لَا يَبْطُلُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ مَهْمَا كَانَ التَّقْوِيمُ الْأَوَّلُ مُحْتَمَلًا وَوِفَاقًا لِأَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ وَافَقَ السُّبْكِيَّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا حَمْلُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا بَقِيَتْ الْعَيْنُ بِصِفَاتِهَا وَقُطِعَ بِكَذِبِ الْأُولَى وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا تَلِفَتْ وَلَا تَوَاتُرَ أَوْ لَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِ الْأُولَى وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَرَدَّ كَلَامَ السُّبْكِيّ فَقَالَ: وَيُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ بِالشَّكِّ، وَمَا قَالُوهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ التَّعَارُضُ فِيهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْحُكْمِ امْتَنَعَا كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ أَيْ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ. وَنَفْيُ تَسْلِيمِ ذَلِكَ بِإِطْلَاقِهِ غَيْرُ مُتَضَحٍّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَمَا بَعْدَهُ وَاضِحٌ كَيْفَ وَالدَّوَامُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ؟ وَأَيْضًا فَالتَّعَارُضُ قَبْلَ الْحُكْمِ مُحَرِّمٌ لَهُ وَعَدَمُهُ مُوجِبٌ لَهُ فَإِذَا وَقَعَ وَاجِبًا ثُمَّ عُورِضَ وَجَبَ أَنْ لَا يُنْظَرَ لِمُعَارِضِهِ إلَّا إنْ كَانَ أَرْجَحَ عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ جَوَّزَ عِنْدَ التَّعَارُضِ قَبْلَ الْحُكْمِ الْبَيْعَ بِالْأَقَلِّ بَعْدَ إشْهَارِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي إطْلَاقِ شَيْخِنَا عَنْهُ مَنْعَ الْبَيْعِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَيَجْرِي ذَلِكَ كُلُّهُ فِي نَظَائِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَيِّمِ فِي الْإِشْهَارِ وَأَنَّ مَا بَاعَ بِهِ ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَكَذَا نَحْوُ وَكِيلٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ قَالَ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ الْمَوْلَى إذَا ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِلَا مَصْلَحَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمُسَوِّغَةُ لِلْبَيْعِ كَمَا يَحْتَاجُ الْوَكِيلُ لِإِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ، وَثَمَنُ الْمِثْلِ مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُهُ لَهُ صُدِّقَ فِي صِفَتِهِ لِادِّعَائِهِ الصِّحَّةَ وَادِّعَاءِ غَيْرِهِ الْفَسَادَ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ الْإِشْهَارَ وَثَمَنَ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ كَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ نَحْوَ الْوَكِيلِ لَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَ مَصْلَحَةٍ، فَثَمَنُ الْمِثْلِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْقَيِّمُ أَوْ الْوَصِيِّ فَيُكَلَّفُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَكَذَا ثَمَنُ الْمِثْلِ وَفَرْقُهُ الْمَذْكُورُ يُرَدُّ بِأَنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ مُسَوِّغٌ أَيْضًا، وَكَوْنَ هَذَا الشَّيْءِ يُبَاعُ لِحَاجَةِ الْمَوْلَى مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ أَيْضًا فَجَعْلُهُ الثَّمَنَ صِفَةً وَالْحَاجَةَ مُسَوِّغَةً كَالتَّحَكُّمِ
وَخَمْسِينَ لِحَاجَةٍ وَأَنَّهُ قِيمَتُهُ وَحَكَمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالشَّكِّ) الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْيَقِينِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: إذْ التَّقْوِيمُ إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ تَطَّلِعُ بَيِّنَةُ الْحَاجَةِ بِوُجُودِهَا دُونَ بَيِّنَةِ نَفْيِهَا وَأَيْضًا الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِمْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لِأَنَّ الْحُكْمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: غَيْرُهُمَا) أَيْ: غَيْرُ السُّبْكِيّ وَابْنِ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ: الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: الْكَلَامَ إلَخْ) مَفْعُولُ أَطَالَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الزَّعْمُ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُهُ: مِنْهُ أَيْ: مِنْ التَّابِعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَوَّالٍ) الْأَوْلَى الْوَاوُ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَيْنِك الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الرَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ: مِنْ النَّقْضِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَيْنِ) أَيْ: التَّرَجُّحَيْنِ. (قَوْلُهُ: فِي التَّنْبِيهِ إلَخْ) خَبَرَانِ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: خُذْ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ: بِالْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ: وَوِفَاقًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَخْذًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَافَقَ السُّبْكِيَّ) أَيْ: إطْلَاقَهُ. (قَوْلُهُ: الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ: حَمْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ: قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي أَيْ: قَوْلِ السُّبْكِيّ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَوَاتُرَ) أَيْ: فِي صِفَاتِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ) أَيْ: إطْلَاقَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ إلَخْ) رَدٌّ لِلْأَوَّلِ مِنْ تَعْلِيلَيْ السُّبْكِيّ وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالُوهُ قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ رَدٌّ لِلثَّانِي مِنْهُمَا وَعَطْفٌ عَلَى اسْمِ أَنَّ وَخَبَرِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالُوهُ قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْجَوَابِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إذَا وَجَبَ الْأَقَلُّ عِنْدَ التَّعَارُضِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى لِتَأَكُّدِ الْوُجُوبِ بِهِ سم أَيْ: فَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بَلْ يَرُدُّهُ. (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ: فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي مَسْأَلَتِنَا. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَا) أَيْ: الْبَيْعُ وَالْحُكْمُ كَمَا صَرَّحَ هُوَ أَيْ: السُّبْكِيُّ بِهِ أَيْ: بِالِامْتِنَاعِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ تَسْلِيمِ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ: نَفْيُ الشَّيْخِ تَسْلِيمَ أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ بِالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ وَالضَّمِيرُ لَهُ أَيْ: بِلَا سَنَدٍ لِذَلِكَ الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) فِي هَذَا الْفَرْقِ رَدٌّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ سم. (قَوْلُهُ: مُحَرِّمٌ لَهُ) أَيْ: لِلْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) أَيْ: عَدَمُ التَّعَارُضِ قَبْلَ الْحُكْمِ مُوجِبٌ لَهُ أَيْ: لِلْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَ إلَخْ) أَيْ: الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ إشْهَارِهِ) أَيْ: الْبَيْعِ يَعْنِي إرَادَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: الْجَوَابِ الْعُلْوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ: الْخِلَافُ وَاعْتِمَادُ التَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ وَكِيلٍ إلَخْ) أَيْ: كَالنَّاظِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: الْقَيِّمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: الْمَصْلَحَةَ. (قَوْلُهُ: وَثَمَنُ الْمِثْلِ مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ) عَطْفٌ عَلَى اسْمِ أَنَّ وَخَبَرِهَا. (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ لَهُ) أَيْ: جَوَازُ الْبَيْعِ لِلْقَيِّمِ بِوُجُودِ الْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ: فِي صِفَتِهِ) أَيْ: فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ) أَيْ: الْقَيِّمِ. (قَوْلُهُ: فَيُكَلَّفُهَا) أَيْ: إثْبَاتَ الْمَصْلَحَةِ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَكَذَا ثَمَنُ الْمِثْلِ) أَيْ: يُكَلَّفُ الْقَيِّمُ أَوْ الْوَصِيُّ إثْبَاتَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَرْقُهُ إلَخْ) أَيْ: بَيْنَ الْمَصْلَحَةِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَالْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَثَمَنِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنَ هَذَا الشَّيْءِ إلَخْ)
عَنْ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالُوهُ قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْجَوَابِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إذَا وَجَبَ الْأَقَلُّ عِنْدَ التَّعَارُضِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى لِتَأَكُّدِ الْوُجُوبِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحُكْمِ إلَخْ) فِي هَذَا الْفَرْقِ