الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ فِي دَعْوَى الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ أَخٌ بِمِلْكٍ لِابْنِهِ فُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى الْأَخُ أَنَّهُ الْوَارِثُ وَأَنَّ الْمُقَرَّ بِبُنُوَّتِهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَبَطَلَ إقْرَارُ الْمَيِّتِ بِبُنُوَّتِهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ ادَّعَى دَارًا بِيَدِ بَكْرٍ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ عَمْرٍو الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ بَكْرٍ فَأَنْكَرَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْبَيْعَيْنِ
(وَمَا قَبْلَ إقْرَارِ عَبْدٍ) أَيْ: قِنٍّ (بِهِ كَعُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ مِنْ قَوَدٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ تَعْزِيرٍ (فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ) لِيُرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى قَوْلِهِ لِقُصُورِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ دُونَ سَيِّدِهِ أَمَّا عُقُوبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (وَمَا لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (كَأَرْشٍ) لِعَيْبٍ وَضَمَانِ مُتْلَفٍ (فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى بِهِ وَالْجَوَابُ؛ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَهُ الرَّقَبَةُ وَهِيَ حَقُّ السَّيِّدِ دُونَ الْقِنِّ فَلَا تُسْمَعُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْلِفُ كَالْمُتَعَلِّقِ بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّلِ نَعَمْ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَى الرَّقِيقِ فِي نَحْوِ قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِمَحَلِّ اللَّوْثِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَذَلِكَ لِتَتَعَلَّقَ الدِّيَةُ بِرَقَبَتِهِ إذَا أَقْسَمَ الْوَلِيُّ وَقَدْ يَكُونَانِ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي نِكَاحِهِ وَنِكَاحِ الْمُكَاتَبَةِ لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهِ عَلَى إقْرَارِهِمَا
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ
(تُغَلَّظُ) نَدْبًا، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْخَصْمُ، بَلْ، وَإِنْ أَسْقَطَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي (يَمِينُ مُدَّعٍ) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَمَعَ الشَّاهِدِ. (وَ) يَمِينُ (مُدَّعَى عَلَيْهِ) إنْ لَمْ يَسْبِقْ لِأَحَدِهِمَا حَلِفٌ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً
دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْهُ سم، وَلَك أَنْ تَقُولَ: وَجْهُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّانِي مَا يَشْمَلُ قَوْلَ الشَّارِحِ: أَيْ أَوْ كَانَ لِمَدِينِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ أَخٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِ هَذَا مِنْ الثَّانِي، وَأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فِيهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ مُنْتَقِلٌ مِنْهُ لِلْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْمُدَّعَى بِهِ أَنَّهُ الْوَارِثُ وَأَنَّ الْمُقِرَّ بِبُنُوَّتِهِ وَلَوْ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ، وَوَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ لِلْمُدَّعِي، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حَقٌّ كَذَلِكَ وَهُوَ الْإِرْثُ سم. (قَوْلُهُ بِالْبَيْعَيْنِ) أَيْ بَيْعِ بَكْرٍ لِعَمْرٍو وَبَيْعِ عَمْرٍو لِزَيْدٍ، وَأَمَّا بَيْعُ زَيْدٍ لِلْمُدَّعِي فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ قِنٍّ) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ إلَخْ) وَتَصِحُّ الدَّعْوَى أَيْضًا عَلَى الرَّقِيقِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةِ تِجَارَةٍ أَذِنَ لَهُ فِيهَا سَيِّدُهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِهِ) أَيْ الْقِنِّ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي أَوَّلِ الْبَابِ (قَوْلُهُ لِعَيْبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِتَعْيِيبٍ أَوْ إتْلَافٍ اهـ. عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ قَوْلُهُ كَأَرْشٍ لِعَيْبٍ إلَخْ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ جَرَحَ دَابَّتَهُ أَوْ أَتْلَفَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ دُونَ الْقِنِّ إلَخْ) نَعَمْ قَطَعَ الْبَغَوِيّ بِسَمَاعِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً، إذْ قَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ شَخْصٍ بِشَيْءٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمِلْكِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْمَعُ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي: فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ تُسْمَعُ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ، قَالَ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ: يَعْنِي أَنَّ الْأَرْشَ الْمُتَعَلِّقَ بِالرَّقَبَةِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَيْضًا، وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْك بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ، وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ إلَخْ) كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَ الْوَلِيِّ حُجَّةٌ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ سم. (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ قَتْلٍ خَطَأٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ، وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ لَفْظَةَ النَّحْوِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الدِّيَةِ بِرَقَبَتِهِ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ إذَا أَقْسَمَ إلَخْ) أَيْ وَلِيُّ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونَانِ عَلَيْهِمَا) أَيْ تَكُونُ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّقِيقِ وَالسَّيِّدِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ كَمَا فِي نِكَاحِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ كَأَنْ ادَّعَتْ حُرَّةٌ عَلَى عَبْدٍ وَسَيِّدِهِ بِأَنَّ هَذَا زَوْجِي زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ لِي، وَقَوْلُهُ: وَنِكَاحِ الْمُكَاتَبَةِ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهَا وَعَلَى سَيِّدِهَا بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ زَوَّجَهَا لَهُ سَيِّدُهَا بِإِذْنِهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهَا مَعَ السَّيِّدِ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ، فَلَوْ أَقَرَّ سَيِّدُ الْمُكَاتَبَةِ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَتْ حَلَفَتْ، فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي، حُكِمَ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ حَلَفَ السَّيِّدُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُبَعَّضَةِ مُغْنِي وَعَنَانِيٌّ.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ]
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ. (قَوْلُهُ: فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَسَبَقَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَاعْتُرِضَ إلَى لَا فِي اخْتِصَاصٍ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) إلَى قَوْلِهِ وَاعْتُرِضَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَيَظْهَرُ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ الشَّاهِدِ) أَيْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مُغْنِي، وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى تَيْنِكَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّهُ لَا تُغَلَّظُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَلَاقٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَلَا يُغَلَّظُ عَلَى
تَقَدَّمَ تَعَلُّقُ حَقِّهِ بِالْعَيْنِ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَ الشَّارِحِ وَمِنْهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ إلَخْ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ الْفَرْقُ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ التَّنْبِيهِ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ أَخٌ بِمِلْكٍ لِابْنِهِ فُلَانٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِ هَذَا مِنْ الثَّانِي وَأَنَّ الْمُدَّعَى فِيهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِلْمُدَّعِي فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ أَنَّهُ الْوَارِثُ وَأَنَّ الْمُقَرَّ بِبُنُوَّتِهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ وَوَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ مُنْتَقِلًا لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حَقٌّ كَذَلِكَ وَهُوَ الْإِرْثُ
. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُتَعَلَّقَهُ الرَّقَبَةُ) وَهِيَ حَقُّ السَّيِّدِ دُونَ الْقِنِّ فَلَا تُسْمَعُ بِهِ عَلَيْهِ إلَخْ نَعَمْ قَطَعَ الْبَغَوِيّ بِسَمَاعِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ إذْ قَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ شَخْصٍ بِشَيْءٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمِلْكِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى لِأَجْلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَ الْوَلِيِّ حُجَّةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ
(فَصْلٌ تُغَلَّظُ يَمِينِ مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ)
وَيَظْهَرُ تَصْدِيقُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ حَلِفِهِ طَلَاقُهُ ظَاهِرًا فَسَاوَى الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ (فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ) كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَرَجْعَةٍ وَلِعَانٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَكَالَةٍ وَلَوْ فِي دِرْهَمٍ وَسَائِرِ مَا مَرَّ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَوْضُوعَةٌ لِلزَّجْرِ عَنْ التَّعَدِّي فَغُلِّظَ مُبَالَغَةً وَتَأْكِيدًا لِلرَّدْعِ فِيمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ، وَمَا فِي قَوْلِهِ:(وَ) فِي (مَالٍ) أَوْ حَقِّهِ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ) وَهُوَ كَمَا قَالَاهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَمَا عَدَاهُمَا لَا بُدَّ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ نَصَّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالذَّهَبِ لَا غَيْرَ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ هُنَا لِتَعَيُّنِ الذَّهَبِ مَعْنًى فَلِذَا أَعْرَضَا عَنْهُ أَيْ: وَمَا أَوْهَمَ التَّعَيُّنَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَصْوِيرٌ لَا غَيْرَ لَا فِي اخْتِصَاصٍ وَلَا فِيمَا دُونَ نِصَابٍ أَوْ حَقِّهِ كَإِنْ اخْتَلَفَ مُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: عِشْرُونَ وَالْمُشْتَرِي عَشْرَةٌ؛ لِأَنَّ التَّنَازُعَ إنَّمَا هُوَ فِي عَشْرَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَقِيرٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ مُوَاسَاةٌ، نَعَمْ إنْ رَآهُ لِنَحْوِ جَرَاءَةِ الْحَالِفِ فَعَلَهُ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مُطْلَقًا (وَسَبَقَ بَيَانُ التَّغْلِيظِ فِي اللِّعَانِ) بِالزَّمَانِ وَكَذَا الْمَكَانِ فِي غَيْرِ نَحْوِ مَرِيضٍ وَحَائِضٍ، وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْمَرَضِ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ، وَأَنَّ التَّغْلِيظَ بِهِ حِينَئِذٍ حَرَامٌ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ يُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَحْضُرُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ نَحْوَ الْمَرَضِ عُذْرٌ حِسِّيٌّ بِخِلَافِ التَّخْدِيرِ وَغَيْرِهِمَا، نَعَمْ التَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ وَبِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا
وَيُسَنُّ بِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ أَيْضًا، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، وَمَرَّ أَوَائِلَ الْأَيْمَانِ أَنَّ مَا يُذْكَرُ فِيهَا مِنْ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهُ لَا تَوْقِيفَ فِيهَا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهَا إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَإِنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى كَلَامِ الْبَاقِلَّانِيِّ أَوْ الْغَزَالِيِّ الْمُشْتَرِطَيْنِ انْتِفَاءَ الْإِشْعَارِ بِالنَّقْصِ دُونَ التَّوْقِيفِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ
حَالِفٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ النَّصِّ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ مِنْ حَلِفِهِ طَلَاقُهُ) أَيْ: لِأَنَّ هَذَا الْحَلِفَ يُغَلَّظُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ إلَخْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْحِنْثَ، وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا اللُّزُومُ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا غَيْرَ مُغَلَّظَةٍ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُ حَلِفٌ بِمَا ذَكَرَ إذْ التَّغْلِيظُ مَنْدُوبٌ فَيَجُوزُ تَرْكُهُ خُصُوصًا لِضَرُورَةِ الْحَلِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) أَيْ: لُزُومًا ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: فَسَاوَى) أَيْ: قَوْلُهُ: أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَوَكَالَةٌ) أَيْ: وَقَوَدٌ وَوِصَايَةٌ وَتُغَلَّظُ فِي الْوَقْفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا عَلَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ، فَالْقَلِيلُ مِنْ الْمَالِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ وَحَلَفَتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ فَلَا تَغْلِيظَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ ادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ هِيَ غُلِّظَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْفِرَاقُ وَقَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ، أَمَّا الْخُلْعُ بِالْكَثِيرِ فَتُغَلَّظُ فِيهِ مُطْلَقًا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دِرْهَمٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَكَالَةِ إنَّمَا هُوَ الْوِلَايَةُ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَغُلِّظَ) أَيْ: الْحَلِفُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَشُرِعَ التَّغْلِيظُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَخِيَارٍ إلَخْ) أَيْ: وَحَقِّ الشُّفْعَةِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّغْلِيظُ فِي أَيِّ نِصَابٍ كَانَ مِنْ نَعَمٍ وَنَبَاتٍ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّغْلِيظُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ شَعِيرٍ وَذُرَةٍ وَغَيْرِهِمَا لَا يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اعْتِبَارُ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةً تَحْدِيدًا، وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ قِيمَةً وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ اُعْتُبِرَ بِالذَّهَبِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَوْهَمَ التَّعَيُّنَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا دُونَ نِصَابٍ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لِيَتِيمٍ أَوْ لِوَقْفٍ ع ش. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ رَآهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى نَعَمْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ إنْ رَآهُ لِجَرَاءَةٍ يَجِدُهَا فِي الْحَالِفِ اهـ. وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ أَيْ: فِيمَا دُونَ النِّصَابِ اهـ. اُنْظُرْ هَلْ الِاخْتِصَاصُ مِثْلُ مَا دُونَ النِّصَابِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ وَسَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْبِيرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّغْلِيظُ بِغَيْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ؟ وَمَا وَجْهُهُ؟ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا اقْتَضَاهُ، وَوَجْهُهُ زِيَادَةُ إيذَاءِ الْحَالِفِ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ بَلَغَ نِصَابًا أَمْ لَا وَشَمِلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصَ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ تَغْلِيظَ الْيَمِينِ فِيهِ ع ش. (قَوْلُهُ: بِالزَّمَانِ) إلَى قَوْلِهِ: وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَحْوِ مَرِيضٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْمَرِيضُ الَّذِي بِهِ مَرَضٌ شَاقٌّ وَالزَّمِنُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَلَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ لِعُذْرِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي عَدَمُ الْإِلْحَاقِ. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: الْمَكَانِ حِينَئِذٍ أَيْ: إذْ كَانَ الْحَالِفُ نَحْوَ مَرِيضٍ أَوْ حَائِضٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: اسْتِثْنَاءِ نَحْوِ الْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْفَرْقِ سم. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الزَّمَانِ وَيُحْتَمَلُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى الْمَكَانِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ: أَمَّا أَوَّلًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَبِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ وَقَوْلَهُ: وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ إلَى مِنْ الطَّالِبِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ: الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: لَا تَوْقِيفَ فِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَمْ يَرِدْ تَوْقِيفٌ فِي الطَّالِبِ الْغَالِبِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْغَزَالِيُّ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
قَوْلُهُ: يَلْزَمُ مِنْ حَلِفِهِ طَلَاقُهُ ظَاهِرًا) أَيْ:؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَلِفَ يُغَلَّظُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْحِنْثَ، وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا اللُّزُومُ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا غَيْرَ مُغَلَّظَةٍ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُ حَلِفٌ بِمَا ذَكَرَ، إذْ التَّغْلِيظُ مَنْدُوبٌ فَيَجُوزُ تَرْكُهُ خُصُوصًا هُنَا؛ لِضَرُورَةِ الْحَلِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ نَحْوَ الْمَرَضِ عُذْرٌ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْفَرْقِ
اسْمِ الْمُفَاعَلَةِ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ دُونَ الصِّفَةِ فَالْتَحَقَ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ إضَافَتُهَا عَلَى تَوْقِيفٍ، وَلِذَا تَوَسَّعَ النَّاسُ فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، أَمَّا أَوَّلًا فَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ لَفْظًا وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَا مَعْنَى وَكَوْنُهَا تَقْتَضِي تَعَلُّقًا تُؤَثِّرُ فِيهِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ أَكْثَرُ الْأَسْمَاءِ التَّوْفِيقِيَّةِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَمَنْ الَّذِي صَرَّحَ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَشْعَرِيِّ بِأَنَّ الْأَسْمَاءَ أَوْ الصِّفَاتِ الَّتِي مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ لَا تَقْتَضِي تَوْقِيفًا، بَلْ الْفِعْلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْقِيفِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ أَنَّ هَذَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ وُرُودِ لَفْظِهِمَا بِعَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِقَاقُهُمَا مِنْ فِعْلٍ أَوْ مَصْدَرٍ وَرَدَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ وُرُودُ لَفْظِهِ، بَلْ يَكْفِي وُرُودُ مَعْنَاهُ أَوْ مُرَادِفِهِ، بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ بِالنَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَرِدَا، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ فَحَوَى عِبَارَاتِ الْأُصُولِيِّينَ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُسَنُّ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ آيَةَ آلِ عِمْرَانَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ، وَيَحْلِفَ الذِّمِّيُّ بِمَا يُعَظِّمُهُ مِمَّا نَرَاهُ نَحْنُ لَا هُوَ وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، بَلْ يَلْزَمُ الْإِمَامَ عَزْلُ مَنْ فَعَلَهُ أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَخْتَصُّ التَّغْلِيظُ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَمَا إذَا ادَّعَى قِنٌّ عَلَى سَيِّدِهِ عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقِنِّ غُلِّظَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ
(وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) وَهُوَ الْجَزْمُ فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ وَلَا فِعْلِ غَيْرِهِ كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ
نَعَمْ الْمُودِعُ إذَا ادَّعَى الْوَدِيعُ التَّلَفَ وَرُدَّ الْيَمِينُ وَعَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ أَنَّ التَّلَفَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ أَحَدٍ وَ (فِي فِعْلِهِ) نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا لِإِحَاطَتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَقَعَ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ مَثَلًا كَمَا أَطْلَقُوهُ (وَكَذَا فِعْلِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ إثْبَاتًا) كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ وَغَصْبٍ لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا) غَيْرَ مَحْصُورٍ (فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) كَلَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ كَذَا
وَكَأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَزَالِيِّ بِالْوَاوِ وَسَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: اسْمُ الْمُفَاعَلَةِ) يَعْنِي اسْمٌ دَالٌّ عَلَى الْمُشَارَكَةِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَالْجَوَابُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا إلَخْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَحْوَطُ اجْتِنَابُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا تَقْتَضِي) أَيْ: مِنْ جِهَةِ تَحَقُّقِ مَدْلُولَاتِهَا. (قَوْلُهُ: تَعَلُّقًا) أَيْ: مُتَعَلِّقًا.
(قَوْلُهُ: التَّوْفِيقِيَّةِ إلَخْ) لَعَلَّ حَقَّ الْمَقَامِ الْغَيْرِ التَّوْفِيقِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ الَّذِي إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ) أَيْ: لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ إطْلَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَادِفِهِ) لَعَلَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ بِالنَّقْصِ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ آنِفًا: بَلْ الْفِعْلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْقِيفِ سَيِّدُ عُمَرَ وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرِدْ) أَيْ: مَعْنَاهُ وَمُرَادِفُهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ، وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَى، وَقَدْ يَخْتَصُّ وَقَوْلَهُ: وَلَا أَعْلَمُكَ ابْنَ أَبِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ) أَيْ: وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْوِيفُهُ بِحَلِفِهِ بِحَضْرَةِ الْمُصْحَفِ ع ش وَكَلَامُ الْمُغْنِي يُفِيدُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْمُصْحَفِ مُسْتَحَبٌّ أَيْضًا عِبَارَتُهُ وَيُحْضَرُ الْمُصْحَفُ وَيُوضَعُ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُطَرِّفٌ قَاضِيَ صَنْعَاءَ يُحَلِّفَانِ بِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ الْحُكَّامُ بِالْيَمَنِ وَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَابِ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ مِنْ الْأُمِّ: وَقَدْ كَانَ مِنْ حُكَّامِ الْآفَاقِ مَنْ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْمُصْحَفِ، وَذَلِكَ عِنْدِي حَسَنٌ وَقَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا التَّغْلِيظُ مُسْتَحَبٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الذِّمِّيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي هَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ اهـ. زَادَ الْأَنْوَارُ وَلَوْ حَلَّفَ مُسْلِمًا بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَوْ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى جَازَ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا هُوَ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ كَذَا أَوْ أَنْزَلَ كَذَا مِنْ رَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ لَا نَعْرِفُهُمَا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْقَاضِي فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ حَيْثُ لَا إكْرَاهَ مِنْهُ ع ش وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ الْقَاضِي كَمَا يَأْتِي فِي بَحْثِ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْقَاضِي عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمُحَشِّيهِ الزِّيَادِيِّ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَلَاقٍ إلَخْ) كَنَذْرٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ: الْقَاضِي الَّذِي يَفْعَلُهُ قَالَ الْمُغْنِي: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى الِاسْتِحْلَافَ بِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ مُفَوِّتًا لِلْمَالِ عَلَى السَّيِّدِ ع ش
. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَصْرُ الْيَمِينِ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى تَحْقِيقِ مَوْجُودٍ لَا عَلَى فِعْلٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَارَ وَلَمْ يُعْرَفْ فَادَّعَتْ أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ اهـ. (قَوْلُهُ: كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ أَنَّ الشَّمْسَ طَلَعَتْ أَوْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَأَنْكَرَ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا لَمْ تَطْلُعْ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُودِعُ) بِكَسْرِ الدَّالِ. (قَوْلُهُ: يَحْلِفُ) أَيْ: الْمُودِعُ. (قَوْلُهُ: وَفِي فِعْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا) فَيَقُولُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْإِثْبَاتِ: وَاَللَّهِ لَقَدْ بِعْتُ بِكَذَا أَوْ اشْتَرَيْتُ بِكَذَا وَفِي النَّفْيِ: وَاَللَّهِ مَا بِعْتُ بِكَذَا أَوْ مَا اشْتَرَيْتُ بِكَذَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَقَعَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ سُكْرِهِ الطَّافِحِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ اُعْتُدَّ بِهِ كَمَا
قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ بِالنَّقْصِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَلْ الْفِعْلُ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: كَلَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ كَذَا
وَلَا أَعْلَمُكَ ابْنَ أَبِي لِعُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ بِأَنَّهُ يُكْتَفَى فِي الْيَمِينِ بِأَدْنَى ظَنٍّ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْمَحْصُورُ فَقَضِيَّةُ تَجْوِيزِهِمْ الشَّهَادَةَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِثْبَاتِ فِي سُهُولَةِ الْإِحَاطَةِ بِذَاتِهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ بَتًّا بِالْأُولَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَدْ يُكَلَّفُ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ النَّفْيَ كَحَلِفِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ عَبْدُهُ مَثَلًا وَكَحَلِفِ مُدَّعِي النَّسَبِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ وَحَلِفِ مَدِينٍ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّ صَاحِبَهُ بِهِ عَيْبٌ وَرُدَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ عَبْدِهِ، وَالْحَلِفُ فِيهِ وَلَوْ نَفْيًا يَكُونُ بَتًّا، وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَهُوَ إثْبَاتٌ وَالْحَلِفُ فِيهِ بَتٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلَهُ، وَالثَّالِثُ نَفْيٌ لِمِلْكِ نَفْسِهِ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَالرَّابِعُ فِعْلُهُ تَعَالَى فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ إثْبَاتًا قَالَ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ يَحْلِفُ بَتًّا فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ فِيمَا يَنْفِيهِ، وَكَذَا الْعَاقِلَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَا فِي الْقَاتِلِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَسَائِلُ مَرَّتْ فِي الْوَكِيلِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعِشْرِينَ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمَبِيعَ فَادَّعَى عَجْزَهُ الْآنَ عَنْهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِعَجْزِهِ
(وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ: أَبْرَأَنِي) مِنْهُ أَوْ اسْتَوْفَاهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ مَثَلًا (حَلَفَ عَلَى) الْبَتِّ إنْ شَاءَ كَمَا مَرَّ أَوْ عَلَى (نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ) ؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ
وَيُشْتَرَطُ هُنَا وَفِي كُلِّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ التَّعَرُّضُ فِي الدَّعْوَى لِكَوْنِهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ. اهـ أَيْ: لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ إطْلَاقُهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حَقِّهِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ هُوَ فَسُومِحَ لَهُ فِيهِ
(وَلَوْ قَالَ: جَنَى عَبْدُكَ) أَيْ: قِنُّكَ (عَلَيَّ بِمَا يُوجِبُ كَذَا فَالْأَصَحُّ حَلِفُهُ عَلَى الْبَتِّ) إنْ أَنْكَرَ؛ لِأَنَّ قِنَّهُ مَالُهُ، وَفِعْلُهُ كَفِعْلِ نَفْسِهِ، وَلِذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْمُقَابِلِ وَفِي قِنٍّ مَجْنُونٍ أَوْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ بِحَلِفٍ بَتًّا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ:(قُلْتُ وَلَوْ قَالَ: جَنَتْ بَهِيمَتُكَ)
قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ ذَلِكَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَا أَعْلَمُكَ ابْنَ أَبِي) وَجْهُ التَّمْثِيلِ بِهِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى لَمْ يَلِدْكَ أَبِي فَتَأَمَّلْ. سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ سم مَا فِعْلُ الْغَيْرِ فِي هَذَا الْمِثَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وِلَادَتُهُ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ: بِالنَّفْيِ الْمُطْلَقِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالنَّفْيِ الْمَذْكُورِ كَذَلِكَ لَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ قُلْتَ: مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ النَّفْيَ غَيْرَ الْمَحْصُورِ يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ قُلْتُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لَا يُلَائِمُهُ التَّعْلِيلُ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا ع ش. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ ابْنُهُ) اُنْظُرْ أَيَّ نَفْيٍ فِي هَذَا رَشِيدِيٌّ أَيْ: وَفِي الرَّابِعِ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ الرَّدِّ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ الْبَائِعَ يُكَلَّفُ الْحَلِفَ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَا أَبَقَ عِنْدَهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ آبِقًا فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: مَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى الرَّدَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السَّبَبَ كُلِّفَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ فَلَا يُنَافِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِنَحْوِ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ فَلْيُرَاجَعْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَخْ) حَقُّ الْمَقَامِ هُنَا وَفِي الْمَعَاطِيفِ الْآتِيَةِ أَنْ يَزِيدَ لَفْظَةَ بِأَنَّهُ يُعِيدُ اسْمَ الْعَدَدِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَوْ يَقُولَ: ابْتِدَاءً وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَتَّ) أَيْ: عَلَى الْبَتِّ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: نَفْيٌ لِمِلْكِ نَفْسِهِ إلَخْ) يَعْنِي فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ)، وَهُوَ مَا يَجِبُ الْأَدَاءُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: الْبُلْقِينِيُّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَنْفِيهِ) أَيْ: مِنْ فِعْلِ الْمُورِثِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَاقِلَةُ) أَيْ: تَحْلِفُ لَا عَلَى الْبَتِّ وَقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ إلَخْ اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا فِي الْقَاتِلِ) أَيْ: ابْتِدَاءً عَلَى الرَّاجِحِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى ذَلِكَ الضَّابِطِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَسَائِلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الْآنَ) أَيْ: لَا فِي وَقْتِ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي ع ش. (قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ) قَدْ يُقَالُ: الْعَجْزُ لَيْسَ بِفِعْلِ أَحَدٍ سم
. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقَالَ: أَبْرَأَنِي) أَيْ: مُوَرِّثُكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوْفَاهُ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ: لَمْ يَجُزْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: الْبَتَّ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَاعْتُرِضَ إلَى وَفِي قِنٍّ، وَقَوْلَهُ: أَنْ تَذْكُرَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَظَاهِرٌ إلَى بِخِلَافِ مَا إذَا. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: الِاشْتِرَاطِ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ قَالَ: جَنَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ قَالَ فِي الدَّعْوَى عَلَى سَيِّدٍ بِمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ إقْرَارُ الْعَبْدِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ جَنَى إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ عَبْدُكَ) أَيْ: الْعَاقِلُ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ع ش. (قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَاعْتَرَضَهُ إلَى وَفِي قِنٍّ وَقَوْلَهُ: وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ) أَيْ: السَّيِّدُ وَكَذَا ضَمِيرُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُقَابِلِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ إلَخْ) أَيْ: وَالْآمِرُ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَمَّا إذَا كَانَ الْآمِرُ غَيْرَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ مَنُوطٌ بِهِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْعَبْدِ الْعَاقِلِ فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا حَلَفَ السَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا إلَخْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ أَوْ الْأَعْجَمِيَّ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ السَّيِّدِ فِي كُلِّ
وَلَا أَعْلَمُكَ ابْنَ أَبِي إلَخْ) مَا فِعْلُ الْغَيْرِ فِي هَذَا الْمِثَالِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ وِلَادَتَهُ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: قَالَ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ يَحْلِفُ بَتًّا فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَالْعِبَارَةُ الْوَافِيَةُ أَنْ يُقَالَ: يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إلَّا نَفْيَ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَقَدْ قَالَهَا الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَبَّرَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا شَيْءٌ اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهُوَ أَيْ: الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِعَجْزِهِ) قَدْ يُقَالُ: الْعَجْزُ
عَلَى زَرْعِي مَثَلًا (حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضُمِّنَ لِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا، فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ مَنْ يَضْمَنُ فِعْلَهَا كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ كَانَتْ الدَّعْوَى وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَهُمْ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْأَجِيرِ. (وَيَجُوزُ الْبَتُّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ) ذَلِكَ الظَّنُّ (خَطَّهُ) إنْ تَذَكَّرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ مُؤَكِّدٌ يَحْصُلُ مِنْ خَطِّهِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (أَوْ خَطَّ أَبِيهِ) أَوْ مُوَرِّثِهِ الْمَوْثُوقِ بِهِ بِحَيْثُ يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ بِسَبَبِهِ وُقُوعُ مَا فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْمُوَرِّثِ تَصْوِيرٌ فَقَطْ فَلَوْ رَأَى بِخَطٍّ مَوْثُوقٍ بِهِ أَنَّ لَهُ كَذَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ عِنْدَهُ كَذَا جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ لِيَحْلِفَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، وَمِنْ الْقَرَائِنِ الْمُجَوِّزَةِ لِلْحَلِفِ أَيْضًا نُكُولُ خَصْمِهِ أَيْ: الَّذِي لَا يَتَوَرَّعُ مِثْلُهُ عَنْ الْيَمِينِ، وَهُوَ مُحِقٌّ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْتُ الْبُلْقِينِيَّ أَشَارَ لِذَلِكَ
(وَيُعْتَبَرُ) فِي الْيَمِينِ مُوَالَاةُ كَلِمَاتِهَا عُرْفًا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عُرْفُهُمْ فِيمَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عُرْفُهُمْ فِي الْخُلْعِ، بَلْ أَوْسَعُ
وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ يُحْتَاطُ لَهَا أَكْثَرَ، وَطَلَبُ الْخَصْمِ لَهَا مِنْ الْقَاضِي وَطَلَبُ الْقَاضِي لَهَا مِمَّنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَ (نِيَّةُ الْقَاضِي) أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَوْ الْمَنْصُوبِ لِلْمَظَالِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ التَّحْلِيفِ (الْمُسْتَحْلِفِ) وَعَقِيدَتُهُ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا دُونَ نِيَّةِ الْحَالِفِ وَعَقِيدَتِهِ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا أَيْضًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» وَحُمِلَ عَلَى الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ أَمَّا لَوْ حَلَّفَهُ نَحْوُ الْغَرِيمِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ وَلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ أَوْ حَلَفَ هُوَ ابْتِدَاءً، فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ أَثِمَ بِهَا إنْ أَبْطَلَتْ حَقًّا لِغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «يَمِينُكَ مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ» (تَنْبِيهٌ)
مَعْنَى يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ يُشْتَرَطُ وَفِيهَا يُعْتَمَدُ (فَلَوْ وَرَّى)
مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَالْجَانِي هُوَ السَّيِّدُ فَيَحْلِفُ قَطْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى زَرْعِي مَثَلًا) أَيْ: فَعَلَيْكَ ضَمَانُهُ فَأَنْكَرَ مَالِكُهَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَمُسْتَأْجِرٍ إلَخْ) أَيْ: غَاصِبٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَانَتْ الدَّعْوَى وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ) أَيْ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ أَيْضًا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَجِيرِ) أَيْ: الصَّادِقَةِ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: إنْ تَذَكَّرَ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ جَوَازُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، وَهُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُقِلَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي أَوَائِلِ الْقَضَاءِ عَنْ الشَّامِلِ اشْتِرَاطُ التَّذَكُّرِ اهـ. وَفِي سم مِثْلُهَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ: مُورِثُهُ الْمَوْثُوقُ بِهِ إلَخْ) وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ فِيهَا مَكْتُوبًا أَنَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِهِ بَلْ يُطَيِّبُ خَاطَرَهُ بِدَفْعِهِ نِهَايَةٌ وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: لِيَحْلِفَ عَلَيْهِ) أَيْ: بِالْبَتِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحِقٌّ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُحِقٌّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحِقًّا فِيمَا يَقُولُ لَا يَمْتَنِعُ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي كَانَ الرَّدُّ مُسَوِّغًا لِحَلِفِ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَوْصُوفَ بِمَا ذَكَرَ يُفِيدُ الْمُدَّعِيَ الظَّنَّ الْمُؤَكَّدَ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ع ش
. (قَوْلُهُ: فِي الْيَمِينِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: ثُمَّ يُحْتَمَلُ إلَى وَطَلَبُ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: مُوَالَاةُ كَلِمَاتِهَا إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ وَقَوْلِهِ: مَا فَعَلْتُ كَذَا مَثَلًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ: الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَطَلَبُ الْخَصْمِ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ أَثِمَ بِهَا فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَطَلَبُ الْخَصْمِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُوَالَاةُ كَلِمَاتِهَا. (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا لِمَا نَوَاهُ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي اهـ. وَمُرَادُهُ بِالْمُحِقِّ الْمُحِقُّ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْقَاضِي فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا فَحَكَمَ عَلَى شَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ مِنْ أَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَأَنَّهُ إنْ اُسْتُحْلِفَ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَثِمَ اهـ. عِبَارَةُ ع ش بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ نَصُّهَا فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَالَ خَصْمُهُ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرُدُّ إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَحْلِيفِ الْحَنَفِيِّ الشَّافِعِيَّ عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يَظْلِمْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ اهـ. أَقُولُ بَلْ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَأَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَقِيدَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِنِيَّةِ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: مُجْتَهِدًا كَانَ إلَخْ)، وَسَوَاءٌ كَانَ مُوَافِقًا لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ أَمْ لَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ) أَيْ: إذْ كُلُّ أَحَدٍ يَحْلِفُ عَلَى مَا يَقْصِدُهُ فَإِذَا ادَّعَى حَنَفِيٌّ عَلَى شَافِعِيٍّ شُفْعَةَ الْجِوَارِ وَالْقَاضِي يَعْتَقِدُ إثْبَاتَهَا فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا عَلَيْهِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ، بَلْ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْقَاضِي مُغْنِي وَرَوْضٌ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ حَلَّفَهُ نَحْوُ الْغَرِيمِ إلَخْ) أَيْ: كَبَعْضِ الْعُظَمَاءِ أَوْ الظَّلْمَاءِ فَتَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَثِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ لَزِمَ مِنْهَا تَفْوِيتُ حَقِّ الْغَيْرِ وَمِنْهُ الْمِشَدُّ وَشُيُوخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ ع ش عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَوْ حَلَفَ إنْسَانٌ ابْتِدَاءً أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ أَوْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ طَلَبٍ أَوْ بُطْلَانٍ أَوْ نَحْوِهِ اُعْتُبِرَ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَنَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ اهـ. أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ أَيْ: بِنَحْوِ الطَّلَاقِ كَالشَّافِعِيِّ فَإِنْ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ اللَّهِ كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ زِيَادِيٌّ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ) أَيْ: عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ تَحْلِيفِ نَحْوِ الْغَرِيمِ إلَخْ وَالْحَلِفِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ) أَيْ: فِيمَا زَادَهُ
لَيْسَ فِعْلَ أَحَدٍ
. (قَوْلُهُ: إنْ تَذَكَّرَ، وَإِلَّا فَلَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّذَكُّرُ خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ، وَإِنْ أَقَرَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَعِبَارَةُ التَّصْحِيحِ هُنَاكَ مَا نَصُّهُ وَمَا أَفْهَمَهُ الْمِنْهَاجُ هُنَا مِنْ مَنْعِ الْحَلِفِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ نَقَلَاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ الشَّامِلِ وَأَقَرَّاهُ وَنَسَبَهُ
الْحَالِفُ بِاَللَّهِ وَلَمْ يَظْلِمْهُ خَصْمُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا) أَيْ: الْيَمِينِ (أَوْ اسْتَثْنَى) أَوْ وَصَلَ بِاللَّفْظِ شَرْطًا مَثَلًا (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) وَإِلَّا لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْيَمِينِ مِنْ أَنَّهُ يَهَابُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا مَنْ حَلَفَ بِنَحْوِ طَلَاقٍ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ وَالتَّأْوِيلُ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي التَّحْلِيفَ بِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَذْكَارِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ وَهْمٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ، بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَا يَرَاهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ خَصْمُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى مُعْسِرٍ فَحَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَيْ: تَسْلِيمَهُ الْآنَ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ وَالتَّأْوِيلُ؛ لِأَنَّ خَصْمَهُ ظَالِمٌ إنْ عَلِمَ وَمُخْطِئٌ إنْ جَهِلَ، وَهِيَ قَصْدُ مَجَازِ لَفْظِهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ، كَمَالُهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ أَيْ: قَبِيلَةَ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْحَدِيقَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبِيلَةَ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا أَوْ قَمِيصٌ أَيْ: غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ أَيْ: رُجُوعٌ، وَهُوَ هُنَا اعْتِقَادُ خِلَافِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ وَاسْتُشْكِلَ الِاسْتِثْنَاءُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي إذْ لَا يُقَالُ: أَتْلَفْتُ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ وَمَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي الطَّلَاقِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ مَا إذَا سَمِعَهُ فَيُعَزِّرُهُ وَيُعِيدُ الْيَمِينَ
وَلَوْ وَصَلَ بِهَا كَلَامًا لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي مَنَعَهُ وَأَعَادَهَا
(وَ) ضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى أَوْ النُّكُولِ أَنَّهُ كُلُّ (مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ: دَعْوَى صَحِيحَةٌ كَمَا بِأَصْلِهِ أَوْ الْمُرَادُ طُلِبَتْ مِنْهُ يَمِينٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى كَطَلَبِ قَاذِفٍ اُدُّعِيَ
الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْ: الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مَا فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: الْحَالِفُ بِاَللَّهِ) إلَى قَوْلِهِ: وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ قَصْدُ مَجَازِ إلَى كَمَالَهُ عِنْدِي وَقَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ إلَى أَوْ قَمِيصٌ وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَى وَخَرَجَ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ رَأَى إلَى، أَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ وَقَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ إلَى أَوْ قَمِيصٌ وقَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَى وَخَرَجَ. (قَوْلُهُ: الْحَالِفُ بِاَللَّهِ) وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْلِمْهُ خَصْمُهُ سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُمَا. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا) أَيْ: بِأَنْ اعْتَقَدَ خِلَافَ نِيَّةِ الْقَاضِي كَحَنَفِيٍّ حَلَّفَ شَافِعِيًّا عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ اسْتَثْنَى أَيْ: كَقَوْلِهِ عَقِبَ يَمِينِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: شَرَطَ) أَيْ: كَإِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ مُغْنِي وَكَأَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ فَادَّعَى عَشَرَةً وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْعَشَرَةِ وَحَلَفَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشْرَةً وَقَالَ سِرًّا: إلَّا خَمْسَةً، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَشِيئَةَ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ صِفَةً أَوْ ظَرْفًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَبَطَلَتْ إلَخْ) فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ فِي اللُّغَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ: كَالْعَتَاقِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ: رَدَّ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ نَقْلَهُ عَنْ الْأَذْكَارِ. (قَوْلُهُ: الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ) وَهِيَ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي التَّحْلِيفَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: مَحَلَّ نَفْعِ مَا ذَكَرَ فِي الْحَلِفِ بِنَحْوِ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَرَاهُ أَيْ: فِي قَاضٍ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِذَلِكَ كَالشَّافِعِيِّ فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ يَرَاهُ كَالْحَنَفِيِّ لَا يَنْفَعُ مَا ذَكَرَ عِنْدَهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: ظَالِمٌ) أَيْ: بِالْمُطَالَبَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ: عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ: التَّوْرِيَةُ نِهَايَةٌ وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُهُ) أَيْ: مَجَازًا، وَإِلَّا فَلَا يُوَافِقُ الْمُمَثَّلَ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَمِيصٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَا لَهُ قِبَلِي ثَوْبٌ وَلَا شُفْعَةٌ وَلَا قَمِيصٌ وَالثَّوْبُ الرُّجُوعُ وَالشُّفْعَةُ الْبُعْدُ وَالْقَمِيصُ غِشَاءُ الْقَلْبِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: التَّوْرِيَةُ مُغْنِي فَكَانَ الْأَوْلَى التَّأْنِيثَ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ الِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ: الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اسْتَثْنَى ع ش. (قَوْلُهُ: أَتْلَفَتْ كَذَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يُقَالُ: مَا لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ) أَيْ: فَيَكُونُ الْمَعْنَى تَنْعَقِدُ يَمِينِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا إذَا وَجَّهَهُ إلَى نَفْسِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالشَّرْطِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ وَأَعَادَهَا) فَإِنْ قَالَ: كُنْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا وَقْتَهُ مُغْنِي
. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ اُسْتُفْتِيتُ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ مَالِكِهَا وَأَنَّهُ رَأَى وَتَسَلَّمَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَأَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُؤَجِّرِ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا عَلَى الرُّؤْيَةِ ثُمَّ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُفْتِينَ أَجَابَ بِأَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ فِي الرُّؤْيَةِ أَيْضًا فَكَتَبْتُ لَهُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَأْبَاهُ الْقَوَاعِدُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ فَكَتَبَ لِي مَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِمْ: إنَّ كُلَّ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ نَفْعَ الْمُدَّعِي تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهِ وَتُسْمَعُ، وَخُصُوصِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ: كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْتُ لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ عِلَّةِ فَسَادٍ وَعِلَّةِ صِحَّةٍ، وَإِذَا حَلَفَ بَعْدَ إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِالْبَيْعِ فَتَحْلِيفُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ أَوْلَى إلَى آخِرِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ هَذَا الْبَعْضِ ثُمَّ بَالَغَ فِي رَدِّهِ، وَأَطَالَ، وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ عَلَى الرُّؤْيَةِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِ م ر فَبَالَغَ فِي مُنَازَعَةِ الْجَلَالِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ وَالْمَيْلُ إلَى أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ بَلْ جَزَمَ بِذَلِكَ اهـ. سم بِحَذْفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ النُّكُولُ) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ ضَابِطًا لِكُلِّ حَالِفٍ فَإِنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَا يَمِينُ الرَّدِّ وَلَا يَمِينُ الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْحَالِفَ فِي جَوَابِ دَعْوَى أَصْلِيَّةٍ، وَأَيْضًا فَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ لِاسْتِثْنَائِهِمْ مِنْهُ صُوَرًا كَثِيرَةً أَشَارَ فِي الْمَتْنِ لِبَعْضِهَا
فِي الصَّغِيرِ لِغَيْرِهِ أَيْضًا لَكِنْ يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ عِنْدَ الظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ هُنَاكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَغَيْرِهِ: وَقَدْ يُقَالُ: لَا يُتَصَوَّرُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ فِي خَطِّهِ إلَّا بِالتَّذَكُّرِ بِخِلَافِ خَطِّ الْأَبِ وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الْوُثُوقَ بِخَطِّ الْأَبِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِكَوْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ وُجِدَ فِي التَّذْكِرَةِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يُؤَدِّيهِ مِنْ التَّرِكَةِ انْتَهَى
(قَوْلُهُ: وَهِيَ قَصْدُ مَجَازِ لَفْظِهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ) أَيْ: التَّوْرِيَةِ
. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى أَوْ النُّكُولِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ قَالَ: اُسْتُفْتِيتُ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ مَالِكِهَا وَأَنَّهُ رَأَى وَتَسَلَّمَ
عَلَيْهِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ أَنَّهُ مَا زَنَى، وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ فَزَعْمُ أَنَّهَا سَبْقُ قَلَمٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا) أَيْ: الْيَمِينِ أَوْ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ (لَزِمَهُ) وَحِينَئِذٍ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَلِكَ (فَأَنْكَرَ) حَلَفَ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلَا يُنَافِي هَذَا الضَّابِطُ حِكَايَتَهُمَا لَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِقِيلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُرِيدَا إلَّا أَنَّهُ أَطْوَلُ مِمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا أَنَّهُ غَيْرُ مَا قَبْلَهُ، بَلْ هُوَ شَرْحٌ لَهُ ثُمَّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَغْلَبِيٌّ إذْ عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ لَا تَحْلِيفَ فِيهَا؛ لِامْتِنَاعِ الدَّعْوَى بِهَا كَمَا مَرَّ فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَمْ يَلْزَمْهُ يَمِينٌ عَلَى نَفْيِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ فَلَا يُحَلِّفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ، بَلْ إنْ ادَّعَتْ فُرْقَةً حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ بِمَا فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شُفْعَةً فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْت لِابْنِي لَمْ يُحَلَّفْ، وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَادَّعَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ دَيْنَهُ لَمْ يُحَلَّفُوا، وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يُحَلَّفْ وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا يَمِينٌ أَصْلًا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا، وَأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَهُ لَمْ يُحَلَّفْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْعَزَلَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الِابْنِ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ، أَوْ عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ مَجْنُونَةً فَأَنْكَرَ لَمْ يُحَلَّفْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ قُبِلَ، أَوْ الْإِمَامُ عَلَى السَّاعِي أَنَّهُ قَبَضَ زَكَاةً فَأَنْكَرَ لَمْ يُحَلَّفْ أَيْضًا،
وَلَوْ ثَبَتَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَادَّعَى عَلَى خَالِدٍ أَنَّ هَذَا الَّذِي بِيَدِك لِعَمْرٍو فَقَالَ: بَلْ لِي لَمْ يُحَلَّفْ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ الْيَمِينَ عَلَى زَيْدٍ لِيَحْلِفَ فَيُؤَدِّي لِمَحْذُورٍ هُوَ إثْبَاتُ مِلْكِ الشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَصَدَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ وَنَظَرَ فِيهِ شَيْخُنَا، وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَوْ أَقَرَّ خَالِدٌ أَنَّ الثَّوْبَ لِعَمْرٍو وَبِيعَ فِي الدَّيْنِ
بِقَوْلِهِ: وَلَا يُحَلِّفُ قَاضٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَمِينَ الْمَقْذُوفِ إلَخْ) مَفْعُولٌ لِلطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ ضَبْطِ الْحَالِفِ بِمَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّخْصِ وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيُّ دَعْوَى صَحِيحَةٍ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ. (قَوْلُ: الْمَتْنِ حُلِّفَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِمَّا قَبْلَهُ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ: الضَّابِطَيْنِ. (قَوْلُهُ: إذْ عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ) وَلَكَ أَنْ تُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ خَارِجَةٌ عَنْ الضَّابِطَيْنِ بِقَيْدِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى إلَخْ) قَصَدَ بِهَذَا اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى لَيْسَتْ مِنْ مَدْخُولِ الضَّابِطِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ رَشِيدِيٌّ وَأَيْضًا أَنَّ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ) إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: عَلَى مَا مَرَّ إلَى، وَلَوْ ظَهَرَ. (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهَا) أَيْ: كَالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فَلَوْ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وُقُوعَ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْ، نَعَمْ إنْ ادَّعَتْ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ حُلِّفَ عَلَى نَفْيِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَلَوْ قُلْنَا: يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ فَلَا أَيْ: فَلَا يُحَلِّفُ الزَّوْجُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَلَّفْ) أَيْ: وَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ مِنْ الِابْنِ بِمَا اشْتَرَى بِهِ لَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْحَاكِمِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَلَّفُوا) أَيْ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ إثْبَاتُ الدَّيْنِ، فَإِنْ أَثْبَتَهُ زَاحَمَهُمْ وَإِلَّا فَلَا ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَلَّفْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُحَلَّفُ وَصَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ التَّحْلِيفَ، سَوَاءٌ أَكَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَصَوَّبَ السُّبْكِيُّ حَمْلَ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَإِنْ كَانَتْ لِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِيَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِهَا وَتَعْتِقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُحَلَّفُ قَالَ: وَقَدْ قَطَعُوا بِتَحْلِيفِ السَّيِّدِ إذَا أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ، وَكَذَا التَّدْبِيرُ إنْ قُلْنَا: إنَّ إنْكَارَهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ اهـ. وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفْ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إثْبَاتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ بِتَقْدِيرِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا فَادَّعَتْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَحْلِيفُهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهَا قَدْ يُفَوِّتُ عِتْقَهَا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِنْهَا أَيْ: الْمُسْتَثْنَيَاتِ مَا لَوْ ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ مَسْقَطًا لَمْ يُحَلَّفْ إيجَابًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ لَفْظِ كَانَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ) أَيْ: زِيدَ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: خَالِدٍ. (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) أَيْ: فِي عَدَمِ السَّمَاعِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ: إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِلنَّظَرِ، وَهَذَا التَّأْيِيدُ مُعْتَمَدٌ ع ش
وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَأَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُؤَجِّرِ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا عَلَى الرُّؤْيَةِ ثُمَّ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُفْتِينَ أَنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ فِي الرُّؤْيَةِ أَيْضًا فَكَتَبْتُ لَهُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَأْبَاهُ الْقَوَاعِدُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقَبْضِ فَكَتَبَ لِي مَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ خُصُوصٍ وَعُمُومٍ، أَمَّا الْعُمُومُ فَقَوْلُهُمْ: أَنَّ كُلَّ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ نَفْعَ الْمُدَّعِي تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهِ وَتُسْمَعُ، وَأَمَّا الْخُصُوصُ فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ: وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ: كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْتُ لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ قَالَ: وَلَمْ يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ عِلَّةِ فَسَادٍ وَعِلَّةِ صِحَّةٍ قَالَ: وَإِذَا حُلِّفَ بَعْدَ إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِالْبَيْعِ، فَتَحْلِيفُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ إلَخْ مَا نَقَلَهُ عَنْ هَذَا الْبَعْضِ ثُمَّ بَالَغَ فِي رَدِّهِ، وَأَطَالَ بِمَا مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ: كُلُّ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِهِ إلَخْ قَاعِدَةٌ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ، وَأَنَّهُ شَتَّانَ مَا بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمِنْهَاجِ صُورَتُهَا فِيمَنْ أَقَرَّ بِعَقْدٍ إجْمَالِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ وَصِفَاتٍ وَشُرُوطٍ فَعَادَ وَلَمْ يُكَذِّبْ نَفْسَهُ، وَلَكِنْ أَنْكَرَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ لَوَازِمِهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ قَائِلًا مُعْتَذِرًا لَمْ أَظُنَّ أَنَّ فَوَاتَهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَلِهَذَا سَمَحْنَا بِالتَّحْلِيفِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَصُورَتُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ رَأَى مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَا تَأْوِيلٍ إلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ عَلَى الرُّؤْيَةِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلرَّمْلِيِّ فَبَالَغَ فِي مُنَازَعَةِ الْجَلَالِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ وَالْمَيْلُ إلَى أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ بَلْ جَزَمَ بِذَلِكَ
وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى مَيِّتٍ فَأَثْبَتَهُ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ يَتَضَمَّنُ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَهُ لِيَبِيعَهُ فِي دَيْنِهِ، وَلَمْ يُوَكِّلْهُ الْوَارِثُ فِي إثْبَاتِهِ، فَالْأَحْسَنُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ ذَلِكَ اهـ. وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ اهـ. وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَرِيمِهِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ، وَإِنْ قُلْنَا: غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا مَرَّ فِي ثَانِي التَّنْبِيهَيْنِ السَّابِقَيْنِ آنِفًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الدَّيْنِ كَمَا عَلِمْتَ، وَخَرَجَ بِلَوْ أَقَرَّ إلَى آخِرِهِ نَائِبُ الْمَالِكِ كَوَصِيٍّ وَوَكِيلٍ فَلَا يُحَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ، نَعَمْ لَوْ جَرَى عَقْدٌ بَيْنَ وَكِيلَيْنِ تَحَالَفَا كَمَا مَرَّ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى أَيْضًا، وَكَالْوَصِيِّ فِيمَا ذِكْرَ نَاظِرُ الْوَقْفِ فَالدَّعْوَى عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ، إنَّمَا هِيَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إذْ إقْرَارُهُمْ لَا يُقْبَلُ وَلَا يُحَلَّفُونَ إنْ أَنْكَرُوا، وَلَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا، وَلَوْ أَوْصَتْ غَيْرَ زَوْجِهَا فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْمَعُ غَالِبًا عَلَى مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلُ وَهُنَا لَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْتِقًا أَوْ ابْنَ عَمٍّ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ، وَإِنْ أَنْكَرَ خَصْمٌ وَكَالَةَ مُدَّعٍ لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ طَلَبَ إثْبَاتِهَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا
(وَ) مِمَّا يُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ الضَّابِطِ أَنَّهُ (لَا يُحَلِّفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّا انْتَفَعَ الْمُدَّعِي بِهِ وَعَدَلَ عَنْ تَصْرِيحِ أَصْلِهِ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِخُرُوجِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَيْنِ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا الدَّعْوَى بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِهِ
قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى مَيِّتٍ فَأَثْبَتَهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ نِكَاحًا لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ إلَخْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَائِنٍ عَلَى مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِلْمَيِّتِ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَمِنْهُ مَا نَصُّهُ وَجَزَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْغَرِيمَ مَيِّتٌ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ لَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدَّعِ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِعَيْنٍ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ لَعَلَّهُ يُقِرُّ قَالَ: وَالْأَحْسَنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهَا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ، وَهُوَ يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ لِدَعْوَى الدَّائِنِ بِعَدَمِ الْوَارِثِ أَوْ عَدَمِ دَعْوَاهُ، وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ اعْتِمَادُ م ر الْمَنْعَ حَتَّى فِي الْعَيْنِ فَرَاجِعْهُ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ إلَخْ لَمْ يَمُرَّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ الَّذِي مَرَّ لَهُ فِي شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِشَيْءٍ لِلْغَرِيمِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا وَحُمِلَ كَلَامُ السُّبْكِيّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَمَرَّ فِي هَامِشِهِ أَنَّ ابْنَ قَاسِمٍ ذَكَرَ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَهُ فِي الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ) أَيْ: حُجَّةٍ ع ش. (قَوْلُهُ: بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ) شَمِلَ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ لَكِنَّ الشَّارِحَ حَمَلَهُ عَلَى الْعَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ أَيْ: بِمِثْلِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ لَيْسَ إلَّا فِي الْعَيْنِ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ: فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي شَرْحِ، وَإِذَا ثَبَتَ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ وَلَهُ مَالٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُمْ: لَيْسَ لِلدَّائِنِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ امْتِنَاعُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ، وَلَوْ لِقَصْدِ إثْبَاتِهِ لِلْوَفَاءِ مِنْهُ سم. (قَوْلُهُ: لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ) خَبَرُ إنَّ، وَالْإِشَارَةُ إلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ. (قَوْلُهُ: لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ) أَيْ: بِأَنَّ الْعَيْنَ انْحَصَرَ حَقُّهُ فِيهَا وَلَا تُشْتَبَهُ بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) مَا مَرَّ آنِفًا. (وَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْإِقْرَارِ ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي. (تَنْبِيهٌ)
قَدْ يُفْهِمُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ إلَخْ أَنَّ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لَا يُحَلَّفُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَتَانِ
الْأُولَى لَوْ ادَّعَى عَلَى مَنْ يَسْتَخْدِمُهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ إنْكَارِهِ الرِّقَّ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفْوِيتِ مِنْ تَغْرِيمِ الْقِيمَةِ لَوْ نَكَلَ
، وَالثَّانِيَةُ لَوْ جَرَى الْعَقْدُ بَيْنَ وَكِيلَيْنِ إلَخْ مَعَ أَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ لَا يُقْبَلُ لَكِنَّ فَائِدَتَهُ الْفَسْخُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى أَيْضًا) أَيْ: مِنْ الْمَفْهُومِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَنْطُوقِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمْ) أَيْ: كَالْوَدِيعِ وَالْقَيِّمِ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا) أَيْ: وَالدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا عَلَى نَحْوِ طِفْلٍ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَتْ) أَيْ: وَمَاتَتْ وَقَوْلُهُ: فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا أَيْ: لِيَرِثَ مِنْهَا ع ش. (قَوْلُهُ: غَالِبًا) احْتِرَازٌ عَمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ نَحْوِ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْوَصِيِّ أَوْ الزَّوْجِ ع ش، وَالْأَوْلَى الْأَخْصَرُ لَوْ صَدَّقَاهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ:) أَيْ: الْأَخْذِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ وَارِثًا حَائِزًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ إلَخْ) أَيْ: لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: لَمْ يَكْذِبْ) أَيْ: فِي شَهَادَتِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا) إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ لِجَمْعٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: لِاحْتِمَالِ إلَى وَالْحَصْرُ. (قَوْلُهُ: لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ فِي التَّوْرِيَةِ يُحَلَّفُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يُحَلِّفُ قَاضٍ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مَعْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ) فَكَيْفَ قَالَ وَمِمَّا يُسْتَثْنَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى مَيِّتٍ فَأَثْبَتَهُ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ نِكَاحًا لَمْ يَكْفِهِ إلَّا طَلَاقٌ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَيِّتٍ عَلَى مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِلْمَيِّتِ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ، وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَمِنْهُ مَا نَصُّهُ وَجَزَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ لِغَرِيمِ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ لَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدَّعِ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِعَيْنٍ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ لَعَلَّهُ يُقِرُّ قَالَ: وَالْأَحْسَنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهَا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ لِدَعْوَى الدَّائِنِ بِعَدَمِ الْوَارِثِ أَوْ عَدَمِ دَعْوَاهُ، وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ اعْتِمَادُ م ر الْمَنْعَ حَتَّى فِي الْمُعَيَّنِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقُ امْتِنَاعُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ وَلَوْ لِقَصْدِ إثْبَاتِهِ لِلْوَفَاءِ مِنْهُ
. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) فَكَيْفَ قَالَ مِمَّا يُسْتَثْنَى؟ ،.
غَيْرُهُ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ
(وَلَوْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ: أَنَا صَبِيٌّ) فِي وَقْتٍ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ (لَمْ يُحَلَّفْ) ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ صِبَاهُ، وَالصَّبِيُّ لَا يُحَلَّفُ (وَوُقِفَ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَبْلُغَ) ثُمَّ يُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مِنْ الضَّابِطِ، نَعَمْ لَوْ صَبِيٌّ كَافِرٌ أَنْبَتَ فَادَّعَى اسْتِعْجَالَ الْإِنْبَاتِ بِدَوَاءٍ حُلِّفَ فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ
. (وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةً) مِنْ الْحَقِّ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ حَالِفًا بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ " أَيْ: كَأَنَّهُ عَلِمَ كَذِبَهُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (فَلَوْ حَلَّفَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ أَوْ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ (حُكِمَ بِهَا)، وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ نُكُولَهُ تَوَرُّعٌ وَلِقَوْلِ جَمْعٍ تَابِعِيِّينَ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْحَصْرُ فِي خَبَرِ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ إلَّا ذَلِكَ» إنَّمَا هُوَ حَصْرٌ لِحَقِّهِ فِي النَّوْعَيْنِ أَيْ: لَا ثَالِثَ لَهُمَا، وَأَمَّا مَنْعُ جَمْعِهِمَا بِأَنْ يُقِيمَ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ الْيَمِينِ، فَلَا دَلَالَةَ لِلْخَبَرِ عَلَيْهِ، وَقَدْ لَا تُفِيدُهُ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ أَجَابَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا يُفِيدُ الْمُدَّعِيَ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَى عَلَى حُقُوقٍ فَلَهُ التَّحْلِيفُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا يَمِينًا مُسْتَقِلَّةً إلَّا إنْ فَرَّقَهَا فِي دَعَاوَى بِحَسَبِهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يُكَلَّفُ جَمْعَهَا فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ: هِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ مُبْطِلَةٌ سَقَطَتْ هِيَ لَا أَصْلُ الدَّعْوَى، وَلَوْ ثَبَتَ لِجَمْعٍ حَقٌّ عَلَى وَاحِدٍ حَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا وَلَا تَكْفِي يَمِينٌ وَاحِدَةٌ
وَإِنْ رَضُوا بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ دَعْوَى دَيْنٍ عَلَيْهِ وَرَدُّوا الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ خَصْمَهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ الْمَيِّتُ وَهُوَ وَاحِدٌ
. (وَلَوْ قَالَ) مَنْ تَوَجَّهَتْ لَهُ يَمِينٌ أَبْرَأْتُكَ عَنْهَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا، لَكِنْ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لَا غَيْرَ فَلَهُ اسْتِئْنَافُ دَعْوَى وَتَحْلِيفُهُ، وَإِنْ قَالَ (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الَّذِي طَلَبَ تَحْلِيفَهُ:(قَدْ حَلَّفَنِي مَرَّةً) عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَطْلَقَ، لَكِنْ يَنْبَغِي نَدْبُ الِاسْتِفْسَارِ حِينَئِذٍ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهَا (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيُرِيدُ إقَامَتَهَا فَيُمْهِلُ لَهُ
لِجَمْعٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يُكَلَّفُ جَمْعُهَا فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ: كَدَعْوَى مَالٍ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ وَيَحْكُمُ فِيهِ خَلِيفَتُهُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ مُغْنِي
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَا صَبِيٌّ إلَخْ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْبُلُوغَ لِتَصْحِيحِ نَحْوِ عَقْدٍ صَدَرَ مِنْهُ فَادَّعَى الصِّبَا لِإِبْطَالِهِ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ لَا يُحَلَّفُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ هَذِهِ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ إلَخْ) أَيْ: وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ لَيْسَ مَقْصُودَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْبُلُوغِ بَلْ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى الْبُلُوغِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَنْبَتَ) أَيْ: نَبَتَتْ عَانَتُهُ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: حُلِّفَ) أَيْ: وُجُوبًا لِسُقُوطِ الْقَتْلِ مُغْنِي وَحُكِمَ بِرِقِّهِ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ) ، وَلَوْ كَانَ دَعْوَى الصِّبَا مِنْ غَيْرِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى لَهُ وَلِيُّهُ مَالًا، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَدَّعِي لَهُ الْمَالَ بَالِغٌ فَلِلْوَلِيِّ طَلَبُ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ صَغِيرًا فَإِنْ نَكَلَ لَا يُحَلَّفُ الْوَلِيُّ عَلَى صِبَاهُ وَهَلْ يَحْلِفُ الصَّبِيُّ؟ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَسِيرِ اهـ. أَيْ: وَالْأَظْهَرُ مِنْهَا أَنَّهُ يُحَلَّفُ كَمَا مَرَّ آنِفًا
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَالْيَمِينُ إلَخْ) أَيْ: غَيْرُ الْمَرْدُودَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَانَهُ عَلِمَ إلَخْ) كَانَ لِلتَّحْقِيقِ فَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَكَانَ أَظْهَرَ بُجَيْرِمِيٌّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَانَهُ هِيَ الرِّوَايَةُ. (قَوْلُهُ: كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةً مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَمَا رَوَاهُ إلَخْ) أَيْ: قَوْلُهُ: كَانَهُ عَلِمَ كَذِبَهُ. (قَوْلُهُ: لِيَحْلِفَ مَعَهُ) الْأَوْلَى وَحُلِّفَ مَعَهُ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: حُكِمَ بِهَا) أَيْ: وَإِنْ نَفَاهَا الْمُدَّعِي حِينَ الْحَلِفِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) اُنْظُرْ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ سم أَقُولُ: عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ أَتَى بِشَاهِدٍ لِيَحْلِفَ مَعَهُ مُكِّنَ اهـ. (قَوْلُهُ: تَوَرَّعَ) أَيْ: عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ جَمْعٍ تَابِعِيِّينَ إلَخْ) صَرِيحُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَا زَادَهُ لَكِنْ جَعَلَهُ الْمُغْنِي عِلَّةً لِلْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ الْمَتْنِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ " إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ لَكِنْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ أَوْ رَدَّهَا لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا م ر اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِحَسَبِهَا) أَيْ: الْحُقُوقِ. (قَوْلُهُ: لَا أَصْلِ الدَّعْوَى) أَيْ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحِقًّا فِيهَا وَالشُّهُودُ مُبْطِلِينَ لِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ أَسْنَى فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى سُمِعَتْ بُجَيْرِمِيٌّ
. (قَوْلُهُ: مَنْ تَوَجَّهَتْ) إلَى قَوْلِهِ: وَتُرَدُّ الْيَمِينُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُجَابُ لِحَلِفِهِ لِي أَمَّا لَوْ قَالَ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِئْنَافُ دَعْوَى إلَخْ) قَضِيَّةُ تَنْكِيرِ دَعْوَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَةُ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالتَّحْلِيفُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: الَّذِي طَلَبَ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحَلِّفُهُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ كَتَحْلِيفِ الْقَاضِي لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ خَصْمُهُ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: تَحْلِيفِهِ الْمُدَّعِيَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيُرِيدُ إقَامَتَهَا) يُتَأَمَّلُ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ يَظْهَرُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ قَالَ: حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَطْلَقَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ سُمِعَتْ، وَإِنْ اسْتَمْهَلَ لِيَأْتِيَ بِهَا قَالَ الْقَاضِي: يُمْهَلُ يَوْمًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: ثَلَاثًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ مُكِّنَ اهـ. وَفِي الرَّوْضِ
قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) اُنْظُرْ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ لِجَمْعٍ إلَخْ) يَنْبَغِي مَعَ مُلَاحَظَةِ هَذَا مُلَاحَظَةُ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَلَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةٌ مَالًا لِمُورِثِهِمْ إلَخْ، وَمَا ذُكِرَ هُنَاكَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ وَمَا فِي هَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ إلَخْ رَاجِعْ هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَوْا دَيْنًا لِمُورِثِهِمْ عَلَى مَدِينٍ؟ هَلْ يَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيُوَجَّهُ إلَخْ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ لِجَمْعٍ إلَخْ مَفْرُوضًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ؟
. (قَوْلُهُ: وَلَا يُجَابُ لِحَلِفِهِ يَمِينَ الْأَصْلِ إلَّا بَعْدَ اسْتِئْنَافِ دَعْوَى إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: تَفَقُّهًا فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا يُجَابُ لِحَلِفِهِ يَمِينَ الْأَصْلِ) أَيْ: لَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ وَطَلَبَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الْأَصْلِ
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ وَلَا يُجَابُ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ: قَدْ حَلَّفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ فَلْيَحْلِفْ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ، وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَلَا يُجَابُ لِحَلِفِهِ يَمِينَ الْأَصْلِ إلَّا بَعْدَ اسْتِئْنَافِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي دَعْوَى أُخْرَى، أَمَّا لَوْ قَالَ: حَلَّفَنِي عِنْدَكَ فَإِنْ تَذَكَّرَ مَنَعَ خَصْمَهُ عَنْهُ وَلَمْ تُفِدْهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ، وَإِلَّا حَلَّفَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ بِالتَّحْلِيفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْتَمِدُ بَيِّنَةً بِحُكْمِهِ بِدُونِ تَذَكُّرِهِ، وَلَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: قَدْ حَلَّفْتَ أَبِي أَوْ بَائِعِي عَلَى هَذَا مُكِّنَ مِنْ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ أَيْضًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مُقَرٍّ لَهُ بِدَارٍ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَقَالَ: هِيَ مِلْكِي لَا مِلْكَ الْمُقِرِّ لَكَ فَقَالَ: قَدْ حَلَّفْتَهُ فَاحْلِفْ أَنَّكَ لَمْ تُحَلِّفْهُ فَيُمَكَّنُ مِنْ تَحْلِيفِهِ
(وَإِذَا) أَنْكَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَأُمِرَ بِالْحَلِفِ فَامْتَنَعَ وَ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُدَّعِي) بَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ إنْ كَانَ مُدَّعِيًا عَنْ نَفْسِهِ لِتَحَوُّلِ الْيَمِينِ إلَيْهِ (وَقَضَى لَهُ) بِالْحَقِّ أَيْ: مُكِّنَ مِنْهُ إذْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْيَمِينِ إلَى الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ (وَلَا يُقْضَى لَهُ بِنُكُولِهِ) أَيْ: الْخَصْمِ وَحْدَهُ وَمُخَالَفَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِيهِ رُدَّتْ بِنَقْلِ مَالِكٍ رضي الله عنهم فِي مُوَطَّئِهِ الْإِجْمَاعَ قَبْلَهُمَا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِمَا وَصَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ، وَتُرَدُّ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ، وَلَوْ ضِمْنًا كَمَا فِي صُورَةِ الْقَاذِفِ لَا فِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ
. (وَالنُّكُولُ) يَحْصُلُ بِأُمُورٍ مِنْهَا (أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ: (أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُول لَهُ الْقَاضِي احْلِفْ فَيَقُولُ:
مَعَ شَرْحِهِ نَحْوُهُ. (قَوْلُهُ: بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ: عَلَى سَبْقِ التَّحْلِيفِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُجَابُ لِحَلِفِهِ يَمِينَ الْأَصْلِ) أَيْ: لَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ وَطَلَبَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الْأَصْلِ سم وَأَنْوَارٌ. (قَوْلُهُ: يَمِينَ الْأَصْلِ) أَيْ: لَا يَمِينَ التَّحْلِيفِ الْمَرْدُودَةَ عَلَيْهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ اسْتِئْنَافِ دَعْوَى إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: تَفَقُّهًا فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى حُلِّفَ الْمُدَّعِي عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ اهـ.
شَرْحُ الرَّوْضِ وَمَ رَّ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ: الْخَصْمُ لِلْقَاضِي رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: حَلَّفَنِي عِنْدَكَ) أَيْ: أَيُّهَا الْقَاضِي نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَذَكَّرَ) أَيْ: الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: مَا طَلَبَهُ مُغْنِي أَيْ: مِنْ الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُفِدْهُ) أَيْ: الْخَصْمَ إلَّا الْبَيِّنَةُ أَيْ: بِالْحَقِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَعُهُ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْتَمِدُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ، وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَائِعِي) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مُكِّنَ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ هُوَ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مُقَرٍّ لَهُ) بِفَتْحِ الْقَافِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ إلَخْ) أَيْ: الْمُدَّعِي فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلدَّعْوَى. (قَوْلُهُ: لَا مِلْكُ الْمُقَرِّ لَكَ) لَعَلَّ الْوَجْهَ لَا مِلْكُكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ الْحَقِّ السَّابِقِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِدَارٍ فِي يَدِهِ لِإِنْسَانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى بِهَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَأَجَابَهُ بِأَنَّكَ حَلَّفْتَ الَّذِي أَقَرَّ لِي بِهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُسْمَعُ، وَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ حَلَّفَهُ هَذَا إذَا ادَّعَى مُفَسِّرًا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي مُنْذُ كَذَا، وَلَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِمَنْ تَلَقَّيْتَ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا ادَّعَى مُطْلَقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك حَلَّفَتْ مَنْ تَلَقَّيْتَ الْمِلْكَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الدَّارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا مِمَّنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ انْتَهَتْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ: الْمُقَرُّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: قَدْ حَلَّفْتُهُ) أَيْ: الْمُقِرَّ. (قَوْلُهُ: فَيُمَكَّنُ) أَيْ: الْمُقَرُّ لَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْلِيفِهِ) أَيْ: الْمُدَّعِي
. (قَوْلُهُ: أَنْكَرَ مُدَّعَى عَلَيْهِ فَأُمِرَ بِالْحَلِفِ فَامْتَنَعَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ) فِيهِ تَطْوِيلٌ، وَالْأَخْصَرُ الْأَوْضَحُ مَا فِي الْمُغْنِي وَالْمَنْهَجِ وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ يَمِينٍ طُلِبَتْ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ) مَعْمُولُ حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَازَعَ فِيهِ ذَلِكَ وَأَمْرِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُدَّعِيًا عَنْ نَفْسِهِ) قَيَّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: مُكِّنَ) الْمُدَّعَى مِنْهُ أَيْ: الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْيَمِينِ إلَخْ) بَلْ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ مُغْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ زِيَادِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِيهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِمَا بِالْقَضَاءِ لِلْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْخَصْمِ. (قَوْلُهُ: رُدَّتْ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَيْثُ الصَّنِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْمَدَ فَتَدَبَّرْ سَيِّدُ عُمَرَ وَيُجَابُ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ أَحْمَدَ لَا تُؤَثِّرُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعَ قَبْلَهُمَا إلَخْ) أَيْ: الْإِجْمَاعَ الْكَائِنَ قَبْلَهُمَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا، وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَنَّهُ إلَخْ) دَلِيلٌ ثَانٍ لِلْمَتْنِ عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي عَقِبَ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَدَّ الْيَمِينَ إلَخْ؛ وَلِأَنَّ نُكُولَ الْخَصْمِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَحَرُّزًا عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ فَلَا يُقْضَى بِهِ مَعَ التَّرَدُّدِ فَرُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي اهـ. (قَوْلُهُ: رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ) أَيْ: وَقَضَى لَهُ بِهِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالنُّكُولِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَا فِي مَحْضِ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى) بَلْ لَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى كَمَا مَرَّ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالنُّكُولُ) لُغَةً مَأْخُوذٌ مِنْ نَكَلَ عَنْ الْعَدُوِّ وَعَنْ الْيَمِينِ جَبُنَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ تُسْمَعْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَسَيُعْلَمُ إلَى وَمِنْ النُّكُولِ، وَقَوْلَهُ: أَوْ تَحْلِفُ، وَقَوْلَهُ: عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلَهُ: فَإِنْ حَلَفَ الْخَصْمُ إلَى، وَلَوْ نَكَلَ وَقَوْلَهُ:؛ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ أَوْ: قُلْ وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ لَا أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ: لَا أَوْ يَقُولُ: أَنَا نَاكِلٌ فَقَوْلُهُ: هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ نُكُولٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ نُكُولًا بَعْدَ قَوْلِهِ: لَهُ أَتَحْلِفُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ اهـ. فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوْ: أَتَحْلِفُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَتَحْلِفُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجَانِبِ الْمُدَّعِي سم.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا اعْتَمَدَاهُ فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا يُجَابُ لِحَلِفِهِ يَمِينَ الْأَصْلِ إلَّا بَعْدَ اسْتِئْنَافِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي دَعْوَى أُخْرَى) فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ م ر
. (قَوْلُهُ: وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
لَا أَحْلِفُ) لِصَرَاحَتِهِمَا فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ الْعَوْدَ لِلْحَلِفِ وَلَمْ يَرْضَ الْمُدَّعِي لَمْ يَجِبْ كَمَا اعْتَمَدَاهُ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمَا هُنَا لَمْ يَجِبْ مَا إذَا وَجَّهَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ فَقَوْلُ شَيْخِنَا كَغَيْرِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مُرَادَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ بِهِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ بِقَوْلِهِمْ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي الصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ، وَحِينَئِذٍ اسْتَوَتْ هَذِهِ وَمَسْأَلَةُ السُّكُوتِ الْآتِيَةِ فِي أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا فَإِنْ قُلْتَ: بَلْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ هَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ التَّنْزِيلِيِّ يُسَمَّى نَاكِلًا بِخِلَافِ السَّاكِتِ قُلْتُ: لَيْسَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ فَائِدَةٌ هُنَا فَإِنْ قُلْتَ: يُمْكِنُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِمْ الْآتِي بَعْدَ نُكُولِهِ أَيْ: بِالسُّكُوتِ وَيَبْقَى مَا هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ، وَلَوْ تَنْزِيلِيًّا قُلْتُ: يُمْكِنُ لَوْلَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَمُقْتَضَاهُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ. وَمِنْ النُّكُولِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ فَيَقُولَ: بِالرَّحْمَنِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَنْ تَوَسَّمَ فِيهِ الْجَهْلَ بِأَنْ يُصِرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ بِأَنَّهُ يَجِبُ امْتِثَالُ مَا أَمَرَ بِهِ الْحَاكِمُ، وَكَلَامُهُمْ هُنَا صَرِيحٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْحَلِفِ بِالرَّحْمَنِ
وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَفِي قُلْ: بِاَللَّهِ فَقَالَ: وَاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ وَجْهَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاكِلٍ، وَكَذَا فِي عَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْمِ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِي مُجَرَّدِ الصِّلَةِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّغْلِيظِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ فَنَاكِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (فَإِنْ سَكَتَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لَا لِنَحْوِ دَهْشَةٍ (حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) بِأَنْ
قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ أَيْ: بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالنُّكُولِ، وَلَوْ تَنْزِيلًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ كَذَا فِي ع ش وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا أَسْقَطَ هَذَا أَيْ: قَوْلَ ابْنِ حَجَرٍ: وَسَيَعْلَمُ إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ النُّكُولِ قَصْدًا لِاعْتِمَادِهِ إطْلَاقَ الشَّيْخَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ عَنْ اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ الْآتِيَةِ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ حَجَرٍ فِيمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ: وَلَوْ تَنْزِيلِيًّا. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: آنِفًا فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدُ احْلِفْ فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ احْلِفْ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَقَرَّ بِهِمَا، نَعَمْ بَلْ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى اهـ. سم. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ شَيْخِنَا إلَخْ) أَيْ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِيمَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ رَدَّهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ انْتَهَتْ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مُرَادُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ بِهِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّشِيدِيِّ وَلِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ عَقِبَ الْمَتْنِ لِصَرَاحَتِهِمَا فِي الِامْتِنَاعِ فَيَرُدُّ الْيَمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِالنُّكُولِ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ فَإِنْ سَكَتَ حَكَمَ الْقَاضِي إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ هُنَا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ تُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِهِ اهـ. وَفِي الْأَنْوَارِ وَالْمَنْهَجِ نَحْوُهَا. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ اسْتَوَتْ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي كَمَا مَرَّ وَلِلنِّهَايَةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّشِيدِيِّ.
(قَوْلُهُ: هَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالنُّكُولِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَفْتَرِقَانِ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ هَذَا) أَيْ: الْمُصَرِّحَ بِالنُّكُولِ كَأَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ. (قَوْلُهُ: مَا هُنَا) أَيْ: قَوْلُ الْمَتْنِ وَالنُّكُولُ: أَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ النُّكُولِ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: آنِفًا فِي شَرْحِ فَإِنْ سَكَتَ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ. (قَوْلُهُ: تَوَسَّمَ) أَيْ: ظَهَرَ ع ش، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَتَفَرَّسَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُصِرَّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّقْيِيدِ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: بِالرَّحْمَنِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) اُنْظُرْ هَلْ الْحَلِفُ بِغَيْرِ الرَّحْمَنِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِثْلُهُ؟ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ: الظَّاهِرُ، نَعَمْ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي قُلْ بِاَللَّهِ) إلَى قَوْلِهِ لِوُجُودِ الِاسْمِ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي عَكْسِهِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ قَالَ: قُلْ تَاللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ فَقَالَ: بِاَللَّهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ فَقَالَ بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ: يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَشْهَرُ اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَامْتَنَعَ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ نُكُولًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ بِذَلِكَ لَيْسَ وَاجِبًا فَلَا يَكُونُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُ نَاكِلًا اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّغْلِيظَ إلَخْ) قَدْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي الْعُدُولِ عَنْ بِاَللَّهِ إلَى بِالرَّحْمَنِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ) إلَى قَوْلِهِ: وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَمِنْهُ مَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ: امْتِنَاعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَتَحْلِفُ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لَا لِنَحْوِ دَهْشَةٍ) أَيْ: كَالْغَبَاوَةِ وَالْجَهْلِ وَالْخَرَسِ
وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ احْلِفْ أَوْ قُلْ وَاَللَّهِ لَا أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ: لَا أَوْ يَقُولُ: أَنَا نَاكِلٌ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ نُكُولًا لَا بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ: أَتَحْلِفُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ، وَلِهَذَا لَوْ بَادَرَ الْخَصْمُ حَيْثُ سَمِعَ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ اهـ. فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّرْحِ الْآتِي فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوْ أَتَحْلِفُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَتَحْلِفُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجَانِبِ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدُ احْلِفْ فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ احْلِفْ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَقَرَّ بِهِمَا نَعَمْ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ قَوْلُهُ: فَقَوْلُ شَيْخِنَا كَغَيْرِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا إلَخْ، عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاكِلٍ) اُنْظُرْ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ أَنَّهُ نَاكِلٌ هَلْ تَكُونُ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً حَتَّى تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْحِنْثِ فِيهَا؟ وَالْقِيَاسُ انْعِقَادُهَا لَكِنْ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ انْعِقَادِهَا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فَنَاكِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر
يَقُولَ لَهُ جَعَلْتُكَ نَاكِلًا أَوْ نَكَّلْتُكَ بِالتَّشْدِيدِ؛ لِامْتِنَاعِهِ وَلَا يَصِيرُ هُنَا نَاكِلًا بِغَيْرِ حُكْمٍ، وَمِنْهُ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ مَا صَدَرَ عَنْهُ لَيْسَ صَرِيحَ نُكُولٍ وَيُسَنُّ لِلْقَاضِي عَرْضُهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، وَهُوَ فِي السَّاكِتِ آكَدُ، وَلَوْ تَوَسَّمَ فِيهِ جَهْلَ حُكْمِ النُّكُولِ عَرَّفَهُ بِهِ وُجُوبًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّ نُكُولَكَ يُوجِبُ حَلِفَ الْمُدَّعِي وَأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُكَ بَعْدَهُ بِأَدَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِعَدَمِ تَعَلُّمِهِ حُكْمَ النُّكُولِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ: الْقَاضِي (لِلْمُدَّعِي) بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ سُكُوتِهِ (احْلِفْ) أَوْ أَتَحْلِفُ وَلَوْ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْلِفْ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ (حُكْمٌ) مِنْهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ: نَازِلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ حَكَمْتُ بِنُكُولِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمُدَّعِي، وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ هَرَبَ وَعَادَ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا، وَإِلَّا لَمْ يَعُدْ لَهُ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمُدَّعِي فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِرِضَاهُ بِحَلِفِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْخَصْمُ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ عَرْضِ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي امْتَنَعَ عَلَى الْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَلَهُ طَلَبُ يَمِينِ خَصْمِهِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ فَإِنْ حَلَفَ الْخَصْمُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لَهُ تَجْدِيدُهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ فِي جَوَابِ وَكِيلِ الْمُدَّعِي ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى
(وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي (فِي قَوْلٍ) أَنَّهَا (كَبَيِّنَةٍ) يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ مِثْلُهَا أَيْ: غَالِبًا (وَ) فِي (الْأَظْهَرِ) إنَّهَا (كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِنُكُولِهِ تُوُصِّلَ لِلْحَقِّ فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ
بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي النُّكُولِ الضِّمْنِيِّ، وَهُوَ السُّكُوتُ الْمَذْكُورُ بُجَيْرِمِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ عِنْدَ الشَّارِحِ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَحِينَئِذٍ اسْتَوَتْ إلَخْ، وَإِنَّمَا هُوَ قَيْدٌ عِنْدَ الْمُغْنِي كَمَا مَرَّ وَعِنْدَ النِّهَايَةِ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ مَا يَأْتِي أَيْ: فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي السَّاكِتِ آكَدُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَصْرِيحِهِ بِالنُّكُولِ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ: وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُغْنِي: وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا إذَا سَكَتَ أَكْثَرُ مِنْهُ فِيمَا إذَا صَرَّحَ بِالنُّكُولِ اهـ. (قَوْلُهُ: يُوجِبُ حَلِفَ الْمُدَّعِي) وَأَخْذَ الْحَقِّ مِنْكَ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: نَفَذَ) أَيْ: وَأَثِمَ بِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ " الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الِامْتِنَاعَ صَرِيحُ نُكُولٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ " خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ حَجَرٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ " قَدَّمْنَا أَنَّهُ تَبِعَ فِي هَذَا أَيْضًا ابْنَ حَجَرٍ " وَلَمْ يُقَدِّمْ هُوَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ: بَعْدَ رِضَا الْمُدَّعِي سم وَرَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ) عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ مَا نَصُّهُ أَيْ: وَإِلَّا فَمَا قَدَّمَهُ فِي صَدْرِ مَسْأَلَةِ النُّكُولِ خِلَافُهُ، وَهَذَا التَّبَرِّي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَسْقَطَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ قَصْدًا لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ إيَّاهُ، وَإِنْ تَبِعَهُ فِيمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ اهـ. وَسَيَأْتِي عَنْ سم مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ. (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ) وَلَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَنْوَارٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ فِي تَحَوُّلِ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي مِنْ حُكْمٍ بِالنُّكُولِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا ذَكَرَ سم. (قَوْلُهُ: وَلَهُ طَلَبُ يَمِينٍ) إلَى قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ يَجِبُ الْحَقُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لِأَنَّهَا حُجَّةٌ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ طَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ بَعْدَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ سم.
(قَوْلُهُ: لَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ) أَيْ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ سم وَرَشِيدِيٌّ زَادَ الْأَنْوَارُ وَلَا اسْتِئْنَافُ الدَّعْوَى وَإِعَادَةُ الشَّاهِدِ لِيَحْلِفَ مَعَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ الْخَصْمُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى) أَيْ: وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ قَالَهُ سم ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَرْدِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الشَّارِحَ أَيْ: التُّحْفَةَ مَشَى عَلَى مَا فَرَّعَهُ الْأَصْلُ أَيْ: الرَّوْضَةُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَالْحَاصِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ يَمِينَ الْخَصْمِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ أَوْ يَنْكُلُ، وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْخَصْمِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدِهِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا إذَا رَضِيَ الْمُدَّعِي بِيَمِينِ الْخَصْمِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا أَنَّهُ كَذَلِكَ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ جَمِيعُ الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى ثُبُوتِ هَذَا الْحَاصِلِ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ طَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ وَمَا لَوْ امْتَنَعَ وَلَمْ يَطْلُبْ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا حَلَفَ الْخَصْمُ بِخِلَافِ الثَّانِي اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ جَمِيعُ الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ يُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمَ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ وَيُوَافِقُ التَّبَرِّي الْمُتَقَدِّمَ عَنْ النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَالْأَنْوَارِ أَنْ يَحْلِفَ وَفِي الرَّشِيدِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهَا عَنْ الْأَخِيرِ مَا نَصُّهُ " فَالضَّمِيرُ فِي فَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ " وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ أَصْوَبُ اهـ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْقَاضِي) لَعَلَّ الْأَوَّلَ رَاجِعٌ لِلنُّكُولِ الصَّرِيحِ وَالثَّانِي لِلنُّكُولِ الضِّمْنِيِّ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْقَاضِي لِلْيَمِينِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: غَالِبًا) لَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْآتِيَةِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ طُولِبَ بِزَكَاةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تُوَصَّلُ)
قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ نَفَذَ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ: بَعْدَ رِضَا الْمُدَّعِي بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَحَوُّلِ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي مِنْ حُكْمٍ بِالنُّكُولِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا، وَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ) أَيْ: وَحِينَئِذٍ لَهُ طَلَبُ يَمِينِ خَصْمِهِ بَعْدَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ الْخَصْمُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى) أَيْ: وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ مُقْتَضَى
(فَ) عَلَيْهِ يَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَمَا مَرَّ، وَ (لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً) أَوْ حُجَّةً أُخْرَى (بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ الْمُسْقِطَاتِ (لَمْ تُسْمَعْ) ؛ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ وَقَالَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ: تُسْمَعُ وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَوَّلَ وَالْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ وَبَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَصَوَّبَهُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ تَقْدِيرِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ فَلَا تَكْذِيبَ فِيهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَفْرِيعُ السَّمَاعِ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ وَنَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِسَمَاعِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا قَالَ: وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ادَّعَى حِصَّةً مِنْ مِلْكٍ بِيَدِ أَخِيهِ إرْثًا فَأَنْكَرَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةَ وَحَكَمَ لَهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْحُكْمِ السَّابِقِ وَنَظَرَ فِيهِ الْغَزِّيِّ بِأَنَّ قِيَاسَ كَوْنِ الْمَرْدُودَةِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ لَا تُسْمَعَ بَيِّنَتُهُ اهـ. وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَيْنَ أَقْوَى مِنْ الدَّيْنِ وَأَنَّ الْإِقْرَارَ هُنَا لَيْسَ حَقِيقِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ) بِأَنْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا وَلَا طَلَبَ مُهْلَةً أَوْ قَالَ: أَنَا نَاكِلٌ مُطْلَقًا أَوْ سَكَتَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ هُنَا سُؤَالُهُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ وَالْحُكْمَ بِيَمِينِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ حَقَّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ بِخِلَافِ امْتِنَاعِ الْمُدَّعِي
وَأَيْضًا فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْيَمِينِ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي فَامْتَنَعَ عَلَى الْقَاضِي التَّعَرُّضُ لِإِسْقَاطِهِ بِخِلَافِ نُكُولِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَيَسْأَلُهُ الْقَاضِي عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) لِإِعْرَاضِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَأَضَرَّهُ وَرَفَعَهُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى قَاضٍ (وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ إنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِيَمِينِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَقْبَضْتُكَ إيَّاهَا فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ
بِبِنَاءِ الْمَجْهُولِ، عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِالْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِهِ إلَى الْحَقِّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الْأَظْهَرِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: آنِفًا فِي شَرْحِ وَقَضَى لَهُ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ: عَدَمُ السَّمَاعِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ) أَيْ: كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) أَيْ: الِاعْتِرَاضُ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: الدَّمِيرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ إلَخْ) إنَّمَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لَوْ سُلِّمَ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ سم. (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَيْ: عَدَمِ السَّمَاعِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَإِنْ نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِسَمَاعِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا اهـ. وَعِبَارَةُ الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَوَهَّمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَنَّ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ فَقَطْ، وَأَنَّ بَيِّنَتَهُ تُسْمَعُ فِي الْعَيْنِ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ: مَا تَقَرَّرَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ الْقَاضِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ: فِي نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي نُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ بِيَمِينِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ وَقَضَى لَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي التَّعْبِيرِ، وَإِلَّا فَمَآلُ التَّعْلِيلَيْنِ وَاحِدٌ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: مِنْ الْيَمِينِ) أَيْ: الْمَرْدُودَةِ وَغَيْرِهَا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِإِعْرَاضِهِ) إلَى قَوْلِهِ: وَمَحَلُّهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَإِلَّا إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلِاتِّجَاهِهِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى وَعَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا) وَلَا رَدُّهَا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ نِهَايَةٌ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) أَيْ: إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ الْمُطَالَبَةَ فَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ دَفْعَ الْخَصْمِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَحَلُّهُ إلَخْ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ إلَخْ) يَنْبَغِي بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى بِمَجْلِسٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ سم. (قَوْلُهُ: بَيِّنَةً) أَيْ: وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا أَسْنَى وَأَنْوَارٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا إلَخْ) لَعَلَّ فِيهِ
كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَنُكُولُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ كَنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ فِيمَا مَرَّ فَإِنْ قَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: احْلِفْ أَنْتَ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَإِقَامَةِ الشَّاهِدِ، هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَامِلَةٍ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ تَرْجِيحَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَةَ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا كَلَامَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكُلْ عَنْهَا، وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ: الْمُدَّعِي عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْقَسَامَةِ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ الشَّارِحَ مَشَى عَلَى مَا نَوَّعَهُ الْأَصْلُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَالْحَاصِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ يَمِينَ الْخَصْمِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ أَوْ يَنْكُلُ، وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ لَا يَخْفَى فَرْضُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي حَاصِلُهُ مَا ذَكَرَ فِيمَا إذَا طَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدِهِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا إذَا رَضِيَ بِيَمِينِ الْخَصْمِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا أَنَّهُ كَذَلِكَ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ جَمِيعُ الْحَاصِلِ الْمَذْكُورُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى ثُبُوتِ هَذَا الْحَاصِلِ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ طَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ وَمَا لَوْ امْتَنَعَ وَلَمْ يَطْلُبْ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَوَّلِ إنْ حَلَفَ الْخَصْمُ وَلَا يَمْتَنِعُ فِي الثَّانِي
. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ إلَخْ) إنَّمَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لَوْ سَلِمَ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً) بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ
فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ، وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا أُلْزِمَ بِالْأَلْفِ لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ، بَلْ لِإِقْرَارِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً، وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَاعْتَدِّي فَقَالَتْ: بَلْ بَعْدَهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَلَا عِدَّةَ، وَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا اعْتَدَّتْ لَا لِلنُّكُولِ، بَلْ لِأَصْلِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَآثَارِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ (وَإِنْ تَعَلَّلَ) الْمُدَّعِي (بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُرَاجَعَةِ حِسَابٍ) أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ بِإِرَادَةِ تَرَوٍّ (أُمْهِلَ) وُجُوبًا عَلَى الْأَوْجَهِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَقَطْ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَقِيلَ أَبَدًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهَا كَالْبَيِّنَةِ وَلِاتِّجَاهِهِ انْتَصَرَ لَهُ بِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ، لَكِنْ فَرَّقَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ
. (وَإِنْ اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ اُسْتُحْلِفَ لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ) أَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَأَطْلَقَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَمْ يُمْهَلْ) إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ (وَقِيلَ) يُمْهَلُ (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ لِلْحَاجَةِ وَخَرَجَ بِيَنْظُرَ حِسَابَهُ مَا لَوْ اسْتَمْهَلَ لِإِقَامَةِ حُجَّةٍ بِنَحْوِ أَدَاءً فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ) لِيَنْظُرَ فِي الْحِسَابِ أَوْ يَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ مَثَلًا (أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) إنْ رَآهُ الْقَاضِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي، رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي تَرْكَ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَ ذَلِكَ الْقَوْلِ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي إمْهَالَهُ، وَإِلَّا لَمْ يُمْهَلْ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَرُدُّهُ أَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ جِدًّا، وَفِيهَا مَصْلَحَةٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَمْ يَحْتَجْ لِرِضَاهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمْهَالُ بِالْمُدَّعِي لِكَوْنِ بَيِّنَتِهِ عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَجْلِسُ الْقَاضِي وَكَالنُّكُولِ مَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ فَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ عَلَّلَ امْتِنَاعَهُ بِعُذْرٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِلَّا فَلَا (تَنْبِيهٌ)
ادَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ وَطَلَبَ مِنْهُ كَفِيلًا حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَاعْتِيَادُ الْقُضَاةِ خِلَافَهُ حَمَلَهُ الْإِمَامُ عَلَى مَا إذَا خِيفَ هَرَبُهُ أَمَّا بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ وَإِنْ لَمْ يُعَدِّلْ فَيُطَالَبُ بِكَفِيلٍ
مُسَامَحَةً؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي امْتِنَاعِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ، وَلَيْسَ هُنَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُشْتَرِي يَدَّعِي الْإِقْبَاضَ، وَقَدْ امْتَنَعَ مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ هُنَا دَعْوَتَيْنِ: الْأُولَى مِنْ الْبَائِعِ وَهِيَ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهِيَ دَعْوَى الْإِقْبَاضِ وَإِلْزَامِ الْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بِالنِّسْبَةِ لِدَعْوَاهُ فَلَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ خَصْمُهُ، إذْ مَقْصُودُ دَعْوَاهُ دَفْعُ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى قِيَاسِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَمَحَلُّهُ إلَخْ وَكَذَا يُقَالُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ إلَخْ) أَيْ: الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِهِ) أَيْ: بِهَذَا الْأَصْلِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَإِنْ تَعَلَّلَ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) بِأَنْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا أَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ الْفُقَهَاءُ) إلَى قَوْلِهِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلِاتِّجَاهِهِ إلَى لَكِنْ فَرَّقَ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً فَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي
أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى أَسْنَى
. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثًا) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: فَإِنْ أَرَادَ دُخُولَ مَنْزِلِهِ دَخَلَ مَعَهُ إنْ أَذِنَ، وَإِلَّا مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِهِ كَذَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: أَوَّلَ الْبَابِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) وَلَا يُزَادُ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي أَنْوَارٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُرَادَ ذَلِكَ الْقَوْلُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ لَكِنَّ إمْهَالَهُ بِمَشِيئَةِ الْمُدَّعِي لَا يَتَقَيَّدُ بِمَشِيئَةِ إمْهَالِهِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَوْ شَاءَ إمْهَالَهُ أَبَدًا جَازَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ فَتَأَمَّلْ. وَمِنْ هُنَا اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْقَاضِي سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَمِمَّا يَرُدُّ كَوْنَ الْمُرَادِ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ وَجْهٌ إذْ لَهُ تَرْكُ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: مَحَلَّ جَوَازِ إمْهَالِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ بَيِّنَتِهِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ نَفْسِ الْمُدَّعِي سُلْطَانٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ) أَيْ: بِالْمَجْلِسِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: مَجْلِسِ الْقَاضِي) أَيْ: مَجْلِسِ هَذَيْنِ الْخَصْمَيْنِ كَذَا فِي ع ش لَعَلَّ فِيهِ سَقْطَةً، وَالْأَصْلُ أَيْ: لَا مَجْلِسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَالنُّكُولِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي إلَخْ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ يَعْنِي كَامْتِنَاعِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَاحِدًا بِلَا يَمِينٍ لَكِنَّ تَعْبِيرَ الرَّوْضِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ تَعْلِيلِ شَرْحِهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَالنَّظَرُ فِي حَالِ الْبَيِّنَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي اشْتِرَاطِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْأَنْوَارِ مَا نَصُّهُ " وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَطَلَبَ
وَلَيْسَ لَهُ تَجْدِيدُهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ كَمَا هُوَ السَّابِقُ، وَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا وَلَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا حَلَفَ الْخَصْمُ بِخِلَافِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً) يَنْبَغِي بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى بِمَجْلِسٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا ادَّعَى إلَخْ) لَعَلَّ فِيهِ مُسَامَحَةً؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي امْتِنَاعِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ، وَهُنَا لَيْسَ امْتِنَاعُ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُشْتَرِي يَدَّعِي الْإِقْبَاضَ، وَقَدْ امْتَنَعَ مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا عَلَى الْأَوْجَهِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر
. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: فَإِذَا أَرَادَ دُخُولَ مَنْزِلِهِ دَخَلَ مَعَهُ إنْ أَذِنَ، وَإِلَّا مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِهِ كَذَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ الْقَاضِي) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُرَادَ ذَلِكَ الْقَوْلِ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ لَكِنَّ إمْهَالَهُ لِمَشِيئَةِ الْمُدَّعِي لَا يَتَقَيَّدُ بِمَشِيئَةِ إمْهَالِهِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَوْ شَاءَ إمْهَالَهُ أَبَدًا جَازَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَمِنْ هُنَا اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَكَالنُّكُولِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي إلَخْ
فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ لِلِامْتِنَاعِ لَا لِثُبُوتِ الْحَقِّ
(وَمَنْ طُولِبَ) بِجِزْيَةٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَقَالَ: وَقَدْ كَانَ غَابَ أَسْلَمْتُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ بَعْدَهَا حُلِّفَ الْمُسْلِمُ فَإِنْ نَكَلَ أُخِذَتْ مِنْهُ لِتَعَذُّرِ رَدِّهَا فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يُقْبَلْ وَأُخِذَتْ مِنْهُ أَوْ (بِزَكَاةٍ فَادَّعَى دَفْعَهَا إلَى سَاعٍ آخَرَ أَوْ غَلَطِ خَارِصٍ) أَوْ مَسْقَطًا آخَر نُدِبَ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ. (وَ) أَمَّا إذَا (أَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ) عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ (فَنَكَلَ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ) لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْمُسْتَحِقِّ (، فَالْأَصَحُّ) عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ (أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ) لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ، بَلْ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى مِلْكِ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ، وَلَوْ ادَّعَى وَلَدُ مُرْتَزِقٍ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ لِيُثْبِتَ اسْمَهُ حُلِّفَ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُعْطَ لَا لِلْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِإِثْبَاتِ اسْمِهِ، وَهُوَ الْحَلِفُ لَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ نَكَلَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِمَالِ مَيِّتٍ بِلَا وَارِثٍ أَوْ نَحْوِ وَقْفٍ عَامٍّ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ حُبِسَ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَصِيُّ مَيِّتٍ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ
(وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ، وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (دَيْنًا لَهُ) عَلَى آخَرَ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) كَمَا لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْحَقِّ لِإِنْسَانٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ فَيُوقَفُ إلَى كَمَالِهِ (وَقِيلَ: يَحْلِفُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ (وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ) أَيْ: ثُبُوتَهُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِسَبَبِهِ (حَلَفَ) ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَّحَاهُ فِي الصَّدَاقِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالَهُ ثَمَّ لَا يُخَالِفُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَالْمَهْرُ يَثْبُتُ ضِمْنًا لَا مَقْصُودًا، وَكَذَا الْبَيْعُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِمُبَاشَرَتِهِ، وَهُوَ مَا هُنَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَيْثُ تَعَلَّقَتْ الْعُهْدَةُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِتَسَبُّبِهِ مَعَ عَجْزِ الْمَوْلَى عَنْ إثْبَاتِهِ سَاغَ لِلْوَلِيِّ إثْبَاتُهُ بِيَمِينِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمَوْلَى، بَلْ ضَرُورَتِهِ وَمَرَّ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ حُكْمُ مَا لَوْ وَجَبَ لِمَوْلًى عَلَى مَوْلًى دَيْنٌ، وَلَوْ ادَّعَى لِمُوَلِّيهِ دَيْنًا وَأَثْبَتَهُ فَادَّعَى الْخَصْمُ نَحْوَ أَدَاءً أُخِذَ مِنْهُ حَالًا وَأُخِّرَتْ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَى كَمَالِ الْمَوْلَى كَمَا مَرَّ (فَرْعٌ)
عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ فِي التَّنْبِيهِ الَّذِي قَبْلَ الْفَصْلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ خَارِجٌ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْعَيْنِ فَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ شَاهِدًا جَازَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ لَا سِيَّمَا إنْ امْتَنَعَ بَائِعُهُ مِنْ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ أَثْبَتَ بِهَا مِلْكًا لِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ مِنْهُ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ إثْبَاتِهِ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَنَظِيرُهُ الْوَارِثُ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ بِهَا مِلْكًا لِغَيْرِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهَا وَيَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةُ (فَائِدَةٌ)
قَدْ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ مِنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَفَتْ يَمِينُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الدَّاخِلِ بِقَيْدِهِ.
كَفِيلًا إلَى أَنْ يُعَدَّلَا طُولِبَ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ إنْ لَمْ يَنْتَزِعْ الْمَالَ وَلَمْ يَحْبِسْ الْمَدْيُونَ، وَلَوْ امْتَنَعَ " إلَخْ أَيْ: وَمِثْلُهُمَا الشَّاهِدُ وَيَمِينُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ: مِنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَمَنْ طُولِبَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَسَائِلَ تُسْتَثْنَى مِنْ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِجِزْيَةٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَكَذَا لَوْ ادَّعَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَقَدْ كَانَ غَابَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ: أَوْ مُسْقِطًا آخَرَ وَلَفْظَةُ نَحْوِ فِي أَوْ نَحْوِ وَقْفٍ. (قَوْلُهُ: بِجِزْيَةٍ) أَيْ: كَامِلَةٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ إلَخْ) أَيْ: لِكَوْنِ دَعْوَاهُ خِلَافَ الظَّاهِرِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ غَلِطَ خَارِصٌ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَدَّعِ دَفْعَهَا بَلْ ادَّعَى غَلَطَ خَارِصٍ بَعْدَ الْتِزَامِهِ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: السَّابِقُ) أَيْ: آنِفًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبَ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَوْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِلْكٍ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْطَ) الْأَوْلَى لَمْ يَثْبُتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ مُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَالِ مَيِّتٍ إلَخْ) بِأَنْ يَدَّعِيَهُ الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ مُغْنِي وَأَنْوَارٌ. (قَوْلُهُ: نَحْوَ وَقْفٍ إلَخْ) أَيْ: كَالنَّذْرِ لِلْفُقَرَاءِ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ) أَشَارَ بِهِ لِمَا يُسْتَثْنَى مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَصِيًّا إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ فَلَا يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلِيِّ، وَلَوْ أَقَامَ الْوَلِيُّ شَاهِدًا لَا يَحْلِفُ مَعَهُ، وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ لَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ إذَا أَنْكَرَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَقَيِّمُ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ كَالْوَلِيِّ فِي الدَّعْوَى وَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ، وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَالِ وَلَا يَقُولُ إلَيَّ وَقَيِّمُهُ يَقُولُ: فِي الدَّعْوَى وَيَلْزَمُكَ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ اهـ. زَادَ الْمُغْنِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ إلَخْ، وَلَوْ أَقَرَّ الْقَيِّمُ بِمَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ انْعَزَلَ وَأَقَامَ الْقَاضِي غَيْرَهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ قَبَضَهُ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَمِينٌ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَدِّيَهَا بِالْمَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ، وَالتَّجْوِيزُ مِنْ قَوْلِ الْبُوَيْطِيِّ لَا الشَّافِعِيِّ وَنُقِلَ الْمَنْعُ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ. وَزَادَ أَيْضًا عَقِبَ قَوْلِهِ تَسْلِيمُ الْمَالِ لَفْظَ إلَى وَلِيٍّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) أَيْ: مَا لَمْ يُرِدْ ثُبُوتَ الْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ بِيَدِهِ فَيَحْلِفُ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ ضِمْنًا، وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ سم اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُوقَفُ إلَى كَمَالِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ وَالْأَنْوَارِ فَيَكْتُبُ الْقَاضِي بِمَا جَرَى مَحْضَرًا وَيُوقَفُ الْأَمْرُ لِلْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: ثُبُوتُهُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِسَبَبِهِ) كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِمُوَلِّيهِ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ: فِي الصَّدَاقِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّ إلَخْ) جَرَى عَلَى هَذَا الرَّدِّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ إلَخْ) أَيْ: فِي الصَّدَاقِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْعَقْدُ الَّذِي جَرَى عَلَى كَذَا نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا إلَخْ) فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّ مُوَلِّيَهُ يَسْتَحِقُّ كَذَا، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ) أَيْ: الْوَارِثِ. (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ) لَعَلَّهُ كَوْنُهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي
قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ حَلَفَ) تَضْعِيفُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ ثَمَّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ جَرَى عَلَى كَذَا، وَهُوَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ