الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة أن المبادرة إلى صلاة العيد مسنونة والاشتغال بالتطوع تأخير لها وهذا مكروه1. فلعلهم رأو إباحة التطوع بعد صلاة العيد لأنه لا تأثير له عليها.
أما الحنابلة فمن أدلتهم على جواز التنفل في غير موضع الصلاة ما روى ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين"2.
وأما الشافعية فاستدلوا لكراهة التنفل للإمام بأن فيه اشتغاله بغير الأهم ومخالفة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ولعدم الكراهة لغير الإمام بانتفاء الأسباب المقتضية للكراهة3.
والذي أراه في المسألة أن صلاة العيد لا سنة لها قبلها ولا بعدها4، وأنه لا يجوز التنفل قبل الصلاة5 ولا بعدها في موضع الصلاة- سواء كان في المصلى أو المسجد- وأما في غير موضع الصلاة فيجوز لوضوح الأدلة على ذلك والله أعلم بالصواب.
1 انظر بدائع الصنائع 1/297.
2 أخرجه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها 1/410 حديث 1293، وحسنه الألباني. انظر إرواء الغليل 3/ 0 0 1، صحيح سنن ابن ماجة 1/217.
3 وهذا إن كان بعد ارتفاع الشمس حيث قيد الشربيني عدم الكراهة بذلك. مغني المحتاج1/313.
4 وممن نص على ذلك مجد الدين أبو البركات في المحرر 163/1، والحافظ ابن حجر في الفتح2/476.
5 فيما عدا تحية المسجد التي سيأتي أن الراجح أنها تصلى في كل وقت.
المطلب السادس
بعد صلاة الجملة في المسجد
نص ابن جزي على أن من النفل المنهي عنه التنفل
بعد صلاة الجمعة في المسجد
، وذكر أن ذلك هو مذهب الإمام مالك خلافا لغيره حيث قال: "الفصل الثالث في أوقات النهي عن الصلاة وهي عشرة
…
ومنها التنفل بعد الجمعة في المسجد فيمتنع في المذهب خلافا لأبي حنيفة وغيره " (6)6.
6 القوانين الفقهية ص53.
وفي المدونة1: "وقال مالك من سلم إذا كان وحده أو وراء إمام فلا بأس أن يتنفل في موضعه أو حيث أحب من المسجد إلا يوم الجمعة".
وقالت القيرواني2: "وأحب إلينا أن ينصرف بعد فراغها ولا يتنفل في المسجد" قال الشارح3: "والنهي للكراهة".
قلت: ولعلهم استدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك."
وفي لفظ: أنه وصف تطوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته"4.
ولم أقف على قول لغير المالكية بكراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد. فقد قال ابن الهام5: "
…
فهذا البحث يفيد أن السنة بعدها ست وهو قول أبي يوسف وقيل قولهما، وأما أبو حنيفة فالسنة بعدها عنده أربع أخذا بما روى عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا قاله الترمذي في جامعه وإليه ذهب ابن المبارك والثوري ". وفي المجموع6:"فرع في سنة الجمعة بعدها وقبلها تسن قبلها وبعدها صلاة وأقلها ركعتان قبلها وركعتان بعدها والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها هذا مختصر الكلام فيها".
1 1/98.
2 في الرسالة المطبوعة مع تنوير المقالة 2/ 470.
3 في تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة 2/ 470.
4 أخرجه مسلم واللفظ له في كتاب الجمعة باب الصلاة بعد الجمعة 1/ 0 0 6 حديث 882، وأخرجه البخاري
في كتاب الجمعة باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها 1/225 بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلى ركعتين."
5 في شرح فتح القدير 2/39.
6 4/9.
وقال ابن قدامة1: "قال أحمد: إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين وإن شاء صلى أربعا وفي رواية وإن شاء ستا، وكان ابن مسعود والنخعي وأصحاب الرأي يرون أن يصلى بعدها أربعا".
وهذا يدل بعمومه على أنهم لا يرون كراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد، لأنهم لو رأوا ذلك لبينوه.
ومما جاء في إثبات السنة بعد الجمعة ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليصلي بعدها أربعا".
وفي لفظ: "إذا صليتم الجمعة فصلوا أربعا" وزاد عمرو في روايته: "فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت ".
وفي لفظ آخر: "من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا"2.
والذي يترجح والله أعلم هو القول بعدم كراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد، لأن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأمر بالصلاة بعد الجمعة لم يقيد بكونه خارج المسجد بل جاء في زيادة عمرو النص على الصلاة في المسجد.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وهوأنه لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته الذي يحتمل أنه دليل المالكية يجاب عنه بأنه لا يدل على كراهة التنفل بعد الجمعة في المسجد وإنما يدل على أن الأولى فعل ذلك في المنزل كسائر النوافل
1 في المغني3/ 248-249.
2 أخرجه ذلك كله الإمام مسلم في كتاب الجمعة باب الصلاة بعد الجمعة 1/ 600 حديث 881.