الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الوتر صلاة فيدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من نسى صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها".
وفي لفظ: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها"1. فالجواب أن القضاء فرع عن الأداء وأداء الوتر غير واجب على الصحيح من أقوال العلماء2 فلا يقضى في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، لأن النهي للتحريم وترك المحرم أولى من فعل المندوب والله أعلم بالصواب.
1 سبق تخريجه ص 243.
2 كما سبقت الإشارة إلى ذلك قريبا.
المبحث الرابع
قضاء السنن الراتبة
اختلفت عبارات الفقهاء في قضاء السنن الراتبة في أوقات النهي، حيث ذهب إلى جواز قضائها الشافعي3 وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية4، لأن الأصل عندهم جواز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي، والسنن الراتبة منها. واختار ابن قدامة في المغنى جواز قضائها بعد العصر، واختار في العمدة جواز القضاء بعد الفجر وبعد العصر5.
واحتج لجواز القضاء بعد العصر بما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر6 وقضى الركعتين اللتين قبل العصر بعدها7.
3 انظر المهذب 1/92، روضة الطالبين 1/ 193، المجموع 4/ 170، مغني المحتاج 1/129.
4 انظر الإنصاف 2/ 258، الاختيارات الفقهية ص 66.
5 المغني 2 /533، عمدة الفقه ص 18.
6 وذلك في حديث أم سلمة الذي فيه: "يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر. إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان " أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما االنبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر1/ 571-572 حديث 834.
7 وذلك ما روى الإمام مسلم أيضا في الكتاب والباب السابقين 1/ 572 حديث 835 عن أبي سلمة أنه- سأل عائشة رضي الله عنها عن السجدتين اللتين كان رسول الله كثر يصليهما بعد العصر فقالت: كان يصليهما قبل العصر ثم أنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصرثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها.
ولعل حجته لجواز القضاء بعد الفجر ما سبق من الأدلة على جواز قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة وقياس بقية السنن الرواتب عليهما.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب أنها لا تقضى في أوقات الهي. قال المرداوى: "قال في الواضح أنه اختيار عامة المشايخ1. اهـ.
قلت: وبالمنع قال المالكية أيضا2، وهو الظاهر من مذهب الحنفية، لأن الفرائض عندهم لا تقضى في أوقات النهي الثلاثة الواردة في حديث عقبة وتقضى بعد الفجر وبعد العصر، لكنهم أجازوا ذلك لأنهم رأوا أن النهي فيهما لمعنى في غير الوقت فلا يظهر تأثيره في الفرض3 أما في النفل فإنه ظاهر، كما أن الأصل عندهم في السنن أنها لا تقضى4.
والذي أراه في المسألة عدم جواز قضاء السنن في أوقات النهي5 لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، ولأن قضاء السنن مندوب وترك المحرم أولى من فعل المندوب6، وما جاء من فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة بعد العصر قيل إنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم7. وإن لم يثبت ذلك فهو خاص فيما بعد العصر من الأوقات ولا يشمل بقية أوقات النهي والله أعلم بالصواب.
1 الإنصاف 2/208، وانظر أيضا كشاف القناع 1/453.
2 انظر: الكافي 1/ 165، مواهب الجليل 1/ 416.
3 كما سبق ذلك ص 249.
4 انظر: الهداية 1/72.
5 إلا ركعتي الفجر فقد سبق في المطلب الثاني أن الصحيح أنها تقضى بعد الصلاة لإقراره مج! حيه من فعل ذلك.
6 انظر: المغني 2/ 534، كشاف القناع 1/453.
7 انظر: كشاف القناع 1/453.