الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: قضاء الفوائت
قضاء الفرائض
…
الفصل الأول قضاء الفوائت
المبحث الأول قضاء الفرائض
اختلف العلماء في قضاء الفرائض في أوقات النهي على قولين:
الأول: جواز ذلك وبه قال جمهور العلماء، روى ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس والزبير بن العوام والنعمان وتميم الداري وعائشة وبه قال أبو العالية والنخعي والشعبي والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر1.
وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد2.
الثاني: جواز قضاء الفرائض بعد الصبح وبعد العصر وعدم جوازه في الأوقات الثلاثة التي ورد ذكرها في حديث عقبة بن عامر وهي عند طلوع الشمس وعند زوالها وحين تتضيف للغروب إلا عصر اليوم فيصلي عند الغروب.
وبه قال الحنفية3.
1 انظر سنن الترمذي 1/355، الأوسط 1/11 4، شرح السنة 3/326، المغني2/ 515، المجموع 4/171.
2 انظر المدونة 1/ 132، الأشراف1/ 106، الكافي 1، 164 تنوير المقالة 2/ 0 20، الوجيز ا/ 35، المجموع 4/ 171، كفاية الأخيار 1/ 131، الهداية لأبي الخطاب 1/42، المغني 2/ 515، الإنصاف 2/ 204.
3 انظر مختصر الطحاوي ص 24، المبسوط 1 /152، الهداية 1/40، الاختيار 1/ 41، البحر الرائق 1/ 264.
الأدلة:
استدل الجمهور بما يأتي:
1-
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك "1.
وفي لفظ لمسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها"2.
وفي لفظ آخر له: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها"3.
2-
عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما إنه ليس في النوم تفريط4 إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الصلاة الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين يتنبه لها"5.
وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أنها نصت على قضاء الفوائت عند ذكرها ولم تفرق بين وقت وآخر، فدل ذلك على جواز القضاء في كل وقت ومنه أوقات النهي، وتكون هذه الأحاديث مخصصة لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في بعض الأوقات ويبقى النهي عن الصلاة في تلك الأوقات عن مطلق النفل أما الفرائض فتصلى لدلالة هذه الأحاديث على جواز ذلك.
3-
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها"6.
1 أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب مواقيت الصلاة باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها 1/148، ومسلم
في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها 1/ 477 حديث 684.
2 الموضع السابق من صحيح مسلم.
3 أي ليس في النوم تقصير، لأنه يقال فرط في الأمر أي قصر فيه.
انظر النهاية في غريب الحديث 3/ 435، المصباح المنير ص 178.
4 المصدر السابق.
5 أخرجه مسلم في الكتاب والباب السابقين 1/472-474 حديث 681.
6 أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 1/567 حديث 728.
وجه الدلالة من هذا الحديث: " أنه يفهم منه أن قضاء الفرائض لا يشملها النهي، لأن النهي فيه عن الصلاة في هذين الوقتين إنما هو عن قصد التطوع، لأن من نسي الفرض فلم يذكره إلا وقت طلوع الشمس أو وقت غروبها لم يتحر الصلاة في ذلك الوقت وإنما أدركه فرضها فيه "1.
واستدل الحنفية لعدم جواز القضاء في الأوقات الثلاثة بما يأتي:
1-
عموم الأحاديث الدالة على منع الصلاة في تلك الأوقات حيث لم تفرق بين الفرائض وغيرها2.
2-
" أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس أمر بالارتحال فسار بالناس حتى ارتفعت الشمسي فأمر فنودي بالصلاة فصلى بهم صلى الله عليه وسلم "3.
قالوا فلو جاز أن تصلى الفجر عند طلوع الشمس لما أخرها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ارتفاع الشمس وهو قد استيقظ قبل ذلك4.
واستدلوا لاستثناء صلاة عصر اليوم:
بأن هذا الوقت سبب لوجوبها، لأنه لو أسلم الكافر أو بلغ الصبي في هذا الوقت
لزمه أداؤها فيستحيل أن يجب عليه الأداء في هذا الوقت ويكون ممنوعا من الأداء فيه. ولا يجوز قضاء غيرها من الصلوات لأنها وجبت كاملة فلا تتأدى بالناقص- وهو ما بقى من الوقت أما هذه فجازت لبقاء شيء من وقتها5.
واستدلوا لجواز القضاء بعد الصبح وبعد العصر:
بأن النهي في هذين الوقتين لم يكن لمعنى في الوقت وإنما كان لحق الفرض ليصير
1 انظر الأوسط 2/ 410.
2 انظر الهداية 1/ 40، الاختيار لتعليل المختار 1/ 40- ا 4.
3 أخرجه البخاري مطولا في كتاب التيمم باب الصعيد الطيب وضؤ المسلم 1/ 88-.0 9، ومسلم كذلك في كتاب المساجد باب قضاء االصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها 1/ 474-476 حديث 682.
4 انظر المبسوط 1 /152.
5 انظر المبسوط 1/ 2 5 1، الهداية 1/ 0 4، الاختيار لتعليل المختار 1/ 1 4، اللباب في شرح الكتاب 1/ 89.
الوقت كالمشغول به فلا يظهر في حق فرض آخر مثله1. وبأنه يؤدى فرض الوقت فيهما فكذلك سائر الفرائض2
الترجيح:
بالنظر إلى أدلة الفريقين يتبين والله أعلم أن الراجح قول الجمهور وهو أن الفرائض تقضى في كل وقت، لظهور أدلته، ولأن القول به فيه جمع بين الأدلة، فتحمل أحاديث النهي على مطلق النفل وأحاديث الأمر بالصلاة على الفرائض.
وأما أدلة الحنفية فقد أجيب عنها بما يأتي:
1-
عموم الأحاديث الدالة على المنع مخصص بالأحاديث الدالة على وجوب قضاء الفوائت عند ذكرها3.
2-
حديث تأخير النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر حين نام عنها أجيب عنه بما يأتي:
أ- أنه لم يستيقظ صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه إلا حين أصابهم حر الشمس- كما ورد ذلك عند أبي داود4 "فما أيقظهم إلا حر الشمس " وفي لفظ آخر5: "فلم توقظنا إلا الشمس طالعة" - ولا يوقظهم حر الشمس إلا وقد ارتفعت وزال وقت الكراهة فلا يكون التأخير إذآ لأجل وقت الكراهة6.
ب- لو سلم أنهم استيقظوا قبل خروج وقت النهي فإن التأخير إنما كان لأجل المكان، لأن النبي عبيد قال:"هذا واد حضرنا فيه الشيطان "7.
ج- أن التأخير دليل على الجواز لا على الوجوب8.
1 انظر المراجع السابقة عدا المبسوط.
2 انظر المبسوط 1/152.
3 انظر سبل السلام 1/236.
4 في كتاب الصلاة باب من نام عن الصلاة أو نسيها 1/5 30 حديث 437
5 في الكتاب والباب السابقين 1/6 30 حديث 438.
6 انظر سبل السلام1 / 236.
7 انظر المرجع السابق، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 180.
8 انظر المغني 6/1 1 5، مجموع الفتاوى 23/ 180، كشاف القناع 2/2 45.