المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌إن وأخواتها عملت هذه الأدوات لاختصاصها بالأسماء، وعملت الرفع والنصب لشبهها - إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك - جـ ١

[برهان الدين ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: نسبه، وكنيته ولقبه

- ‌المبحث الثاني: أسرته

- ‌المبحث الثالث: مولده

- ‌المبحث الرابع: دراسته بالأندلس

- ‌المبحث الخامس: رحلته وأثرها فيه

- ‌المبحث السادس: شيوخه

- ‌المبحث السابع: مذهبه النحوي

- ‌المبحث الثامن: منهجه

- ‌المبحث التاسع: تلاميذه

- ‌المبحث العاشر: مصنفاته

- ‌المبحث الحادي عشر: أخلاقه

- ‌المبحث الثاني عشر: وفاته

- ‌الفصل الثاني: إبراهيم بن قيم الجوزية

- ‌المبحث الأول: نسبه، وكنيته، ولقبه

- ‌المبحث الثاني: مولده

- ‌المبحث الثالث: جوانب من حياته

- ‌المبحث الرابع: مذهبه النحوي

- ‌المبحث الخامس: ابن القيم والمذاهب النحوية

- ‌المبحث السادس: بعض ما انفرد به

- ‌المبحث السابع: منهجه في شرحه

- ‌المبحث الثامن: شواهده

- ‌المبحث التاسع: وفاته

- ‌الفصل الثالث: الشرح

- ‌المبحث الأول: توثيق اسم الكتاب ونسبته إلى مؤلفه

- ‌المبحث الثاني: موضوعه، والدافع إلى تأليفه

- ‌المبحث الثالث: مكانة الكتاب العلمية

- ‌المبحث الرابع: نقد الكتاب

- ‌المبحث الخامس: نسخه المعتمد عليها في تحقيقه

- ‌خاتمة

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌الضمير

- ‌العَلَم

- ‌اسم الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعرف بأداة التعريف

- ‌الابتداء

- ‌كان وأخواتها

- ‌فصل في "ما ولا ولات وإن" المشبهات بليس

- ‌أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها

- ‌لا التي لنفي الجنس

- ‌ظن وأخواتها

- ‌أعلم وأرى

- ‌الفاعل

- ‌النائب عن الفاعل

- ‌اشتغال العامل عن المعمول

- ‌تعدي الفعل ولزومه

- ‌التنازع في العمل

- ‌المفعول المطلق

- ‌المفعول له

- ‌المفعول فيه وهو المسمى ظرفا

- ‌المفعول معه

- ‌الاستثناء

- ‌ الحال

- ‌التمييز

- ‌حروف الجر

- ‌الإضافة

- ‌المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌إعمال المصدر

- ‌إعمال اسم الفاعل

- ‌أبنية المصادر

- ‌أبنية أسماء الفاعلين والصفات المشبهة بها

- ‌الصفة المشبهة باسم الفاعل

- ‌التعجب

- ‌نعم وبئس وما جرى مجراهما

- ‌أفعل التفضيل

الفصل: ‌ ‌إن وأخواتها عملت هذه الأدوات لاختصاصها بالأسماء، وعملت الرفع والنصب لشبهها

‌إن وأخواتها

عملت هذه الأدوات لاختصاصها بالأسماء، وعملت الرفع والنصب لشبهها بالأفعال الناقصة في لزوم المبتدأ والخبر، والاستغناء بهما، وبناء ألفاظها على الفتح، وقدم منصوبها على مرفوعها إشعارا بالفرعية.

(لـ "إن، أن، ليت، لكن، لعل

كأن" عكس ما لـ"كان" من عمل)

(كـ"إن زيداً عالم بأني

كفء ولكن ابنه ذو ضغن")

هذه الأحرف الستة تعمل عكس

ص: 230

[عمل كان] فتقتضي منصوبا مقدما يسمى اسمها، ومرفوعا مؤخرا يسمى خبرها، وهي:"إن": للتوكيد، نحو:"إن زيدا عالم، ومثله في القرآن كثير، و"أن للتوكيد" - أيضا- وتزيد بدلالتها على المصدر، و"ليت" للتمني، نحو: "ليت زيدا حاضر"، و"لكن" للاستدراك، نحو: "زيد يحبني لكن ابنه ذو ضغن على" و"لعل" للترجي، نحو:{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}

ص: 231

وبعضهم قال: للتوقع، ليدخل نحو:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الشعراء:3] إذ هو غير مترجي، والأكثرون عبروا عن الثاني، بالإشفاق، و"كأن" للتشبيه المؤكد، نحو:"كأن زيدا أسد"، بخلاف التشبيه بالكاف.

(وراع ذا الترتيب إلا في الذي

كـ"ليت" فيها - أو هنا - غير البذى)

تجب في هذه الأحرف مراعاة الترتيب الذي مثل به المصنف من تقديم الاسم على الخبر، إلا إذا كان الخبر جارا ومجرورا، كـ"ليت فيها غير البذى"، أو ظرفا كـ"ليت هنا غير البذى" قال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} [النازعات:26]{إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا} [المزمل:12].

(وهمز "إن" افتح لسد مصدرٍ

مسدها وفي سوى ذاك اكسر)

تتعين "أن" -المفتوحة الهمزة- إذا صح تأولها مع معموليها بالمصدر وذلك إذا وقعت في موضع الاسم المفرد، كوقوعها معمولة لما يطلب مفردا، إما فاعلا نحو:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} ومنه

ص: 232

{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ} [النساء:64] إذ هو في تقدير: لو ثبت أنهم، أو نائبا عنه نحو:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ} [الجن:1] أو مفعولا نحو: {وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ} [الأنعام:81] أو مبتدأ نحو: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات:143]{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ} [فصلت:39] أو خبرا عن اسم معنى، نحو:"اعتقادي أنك عالم" أو مجرورة بحرف، نحو:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} [محمد:9] أو بإضافة طالب مفردٍ، نحو:{مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات:23] على تقدير: مثل نطقكم، أو تابعة لشيء من ذلك بعطف نحو:{اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}

ص: 233

أو بدل، نحو:{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال:7] وفي سوى ذلك يتعين الكسر.

(فاكسر في الابتدا وفي بدء صلة

وحيث "إن" ليمين مكمله)

(أو حكيت بالقول أو حلت محل

حالٍ كزرته وإني ذو أمل)

(وكسروا من بعد فعل علقا

باللام كـ"اعلم إنه لذو تقي)

تتعين "إن" المكسورة إذ لم يصح تأولها بالمصدر، كوقوعها في موقع الجملة، وذلك في مواضع، أحدها: أن تقع مستأنفةً في ابتداء الكلام نحو: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] ومنه: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} [يونس:62] لأن "ألا" لمجرد الاستفتاح، والجملة بعدها مستأنفة.

الثاني: أن تقع صلة الموصول، نحو:{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص:76][إذ المعنى: الذي إن مفاتحه] أما لو كانت بعض الصلة، نحو:"جاء الذي عندي أنه فاضل" لم يتعين الكسر، ومثله قولهم: "لا أفعله ما إن

ص: 234

حراء مكانه إذ التقدير: ما ثبت، ولذلك قال:"وفي بدء صلة" أي: في ابتدائها.

الثالث: أن يجاب بها القسم، دخلت اللام في خبرها، نحو:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1، 2] أو لم تدخل، نحو:{حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} [الدخان:1، 2، 3]

الرابع: أن تقع إن محكية بالقول، نحو:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم:30].

الخامس: أن تقع في موضع الحال، نحو:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال:5].

السادس: أن تقع بعد فعل معلق عن العمل باللام، كما مثل به المصنف من قوله:"كاعلم إنه لذو تقى" ومثله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}

ص: 235

ومن المواضع التي لا يصح تأولها فيها بالمفرد ما إذا وقعت بعد لازم الإضافة، إلى الجملة كـ"حيث"، و"إذ" نحو:"جلست حيث إنك جالس" و"جئتك إذ إنك راكب" أو صفة لنكرة نحو: "مررت برجل إنه فاضل" أو خبراً عن اسم عين نحو: "زيد إنه عالم" ومثله: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف:170]

(بعد "إذا" فجاءه أو قسم

لا لام بعده بوجهين نمى)

(مع تلو "فالجزا" وذا يطرد

في نحو: "خير القول إني أحمد)

إذا وقعت "إن" في موضع يصلح للمفرد والجملة، جاز فتح همزتها وكسرها، وذكر المصنف من ذلك أربعة مواضع:

ص: 236

الأول: أن تقع بعد "إذا الفجائية: نحو: "خرجت فإذا إن الشمس طالعة"، ويجوز الفتح والكسر، وبهما رؤى:

(88 - وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا

إذا أنه عبد القفا واللهازم)

ص: 237

الثاني: أن تقع بعد فعل قسم، ولا لام بعدها، وقد علم إرادة المصنف هنا للفعل، لما قدمه من تعين الكسر في جواب القسم، وبالوجهين روى:

(89 - أو تحلفي بربك العلي

أني أبو ذيا لك الصبي)

فالكسر لكونها جواب قسم، والفتح بتقدير "على" فلو دخلت اللام في خبرها نحو:"حلفت إن زيدا لقائم" تعين الكسر، كما لو لم يذكر الفعل.

الثالث: أن تقع تاليه لـ"فاء الجزاء" نحو: "من يأتيني فإنه مكرم"، وبها قرئ {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

ص: 238

الرابع: أن تقع خبرا لمبتدأ هي إياه في المعنى، ويكون خبرها وما وقعت خبرا عنه قولا، والقائل واحد، نحو:"خير القول أني أحمد الله" و"أول قولي أني أذكر الله" فإن كان خبرها غير قول نحو: "قولي إني مؤمن" أو كانت خبرا عن غير قول، نحو:"عملي إني أحمد الله"، أو اختلف القائل نحو:"قولي إن زيدا يحمد الله" تعين الكسر.

(وبعد ذات الكسر تصحب الخبر

"لام ابتداء" نحو: "إني لوزر)

تختص "إن المكسورة" بدخول لام الابتداء على خبرها، نحو:{فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم:8]، ولا فرق بين أن يكون وصفا، كما مثل، أو اسما جامدا نحو:{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا} [ص:54]، أو ظرفا نحو:"إن زيدا لعندك"، أو جارا ومجرورا نحو:{إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:2] أو فعلا مضارعا، نحو:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [النحل:124] أو جملة اسمية، نحو:{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات:165] ولا تدخل عليه إلا مؤخرا، كما مثل، فلو قدم نحو:

ص: 239

{إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا} [المزمل:12] لم تصحبه اللام.

(ولا يلي ذي "اللام" ما قد نفيا

ولا من الأفعال ما كـ"رضيا")

(وقد يليها مع "قد" كـ"إن" ذا

لقد سما على العدا مستحوذا)

شرط الخبر الذي يلي هذه اللام: أن يكون مثبتا، فلو كان منفيا نحو:{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس:44]{إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الجاثية:19] لم يجز دخول اللام عليه، وقول:

(90 - وأعلم أن تسليما وتركا

للا متشابهان ولا سواء)

نادر. وقيل: اللام زائدة، فتفتح "أن" ولا تدخل على الماضي المتصرف كـ"رضي" قال تعالى:{إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ} [العنكبوت:31]{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى}

ص: 240

فإن لم يتصرف جاز أن يقع بعدها نحو: "إن زيدا لنعم الرجل" و"إنه لعسى أن يكرمك" فإن اقترن الماضي بـ"قد" تقربه من الحال، فيصير شبيها بالمضارع، نحو:

(

إن ذا لقد سما على العدا

)

(وتصحب الواسط معمول الخبر

والفصل واسما حل قبله الخبر)

تدخل هذه "اللام" - أيضا - على معمول الخبر الذي قدم عليه، متوسطا بينه وبين الاسم، نحو:"إن زيدا لأخاك مكرم" ومثله:

(91 - إن امرءا خصني عمداً مودته

على التنائي لعندي غير مكفور)

فلو تأخر المعمول عن الخبر، نحو:"إن زيدا جالس عندك" لم يجز دخول اللام عليه، ويشترط في المعمول أن لا يكون حالا، وفي العامل أن يصلح لدخول اللام عليه، فلا تدخل في نحو:"إن زيدا راكبا يأتيك" ولا في نحو: "إن زيدا عمرا ضرب"، وتدخل - أيضا- على ضمير الفصل، نحو:

ص: 241

{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران:62] وعلى الاسم الواقع بعد الخبر، نحو:{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل:12، 13]

(ووصل "ما" بذي الحروف مبطل

إعمالها، وقد يبقى العمل)

إذا زيدت "ما" بعد شيء من هذه الحروف الستة، أبطلت عمله - ولهذا تسمى "الكافة" - واختصاصه بالاسم، ولهذا تسمى "المهيئة" لأنها هيأته للدخول على الفعل، نحو:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب:33]{كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفال:6].

وقوله:

(92 -

...

...

ولكن ما يقضى فسوف يكون)

ص: 242

وقد يبقى العمل، وهو متفق عليه بعد "ليت" لورود السماع به في قوله:

(93 - قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

...

...)

ص: 243

ثم من النحاة من قاس عليها "لعل" وحدها، ومنهم من قاس معها "كأن"، ومنهم من قاس البواقي، ولا يصح القياس في شيء من ذلك، لبقاء اختصاص "ليت" بالاسم دون غيرها، أما لو كانت "ما" موصولة غير زائدة، لم تبطل عملها، وأعربت بأنها اسمها واحتاجت إلى خبر، [نحو قوله:{إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وقوله:

ص: 244

{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} [آل عمران:178]] كما في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن ما تذكرون من جلال الله وتسبيحه لهن حول العرش دوي كدوي النحل).

(وجائز رفعك معطوفا على

منصوب "إن" بعد أن تستكملا)

اسم "إن" المنصوب بها أصله: المبتدأ، كما سبق، فهو في محل رفع، ولهذا إذا عطفت عليه جاز لك في المعطوف النصب إتباعا على لفظه مطلقا، والرفع بشرط أن تكون استكملت عمل "إن" بالإتيان بالخبر قبل العطف،

ص: 245

نحو: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة:3] قرئ بنصب المعطوف ورفعه، فأما نحو:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} [المائدة:69] فعلى نية التقديم والتأخير، أي: والصابئون كذلك.

(وألحقت بـ"إن""لكن" و"أن"

من دون ليت، ولعل، وكأن)

ألحقت بـ"إن" في جواز رفع المعطوف على اسمها - بعد استكمال الخبر - "لكن" كقوله:

ص: 246

(94 -

...

...

ولكن عمى الطيب الأصل والخال)

و"أن" كالقراءة المشهورة في: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة:3] وخصا بالإلحاق بها لمشاركتهما لها في إبقاء معنى الجملة [على ما كانت عليه قبل دخولهما] من الإخبار [بخلاف"ليت" فقد نقلته] إلى التمني و"لعل" نقلته إلى الترجي، و"كأن" نقلته إلى التشبيه، ولا يصح احتجاج الفراء على الجواز فيها بنحو:

ص: 247

(95 - يا ليتني وأنت يا لميس

في بلدٍ ليس به أنيس)

ص: 248

لاحتمال كون "أنت" مبتدأ، خبره محذوف، تقديره: وأنت معي.

(وخففت "إن" فقل العمل

وتلزم "اللام" إذا ما تهمل)

(وربما استغني عنها إن بدا

ما ناطق أراده معتمدا)

إذا خففت "إن" المكسورة، فالأكثر إهمالها، لعدم اختصاصها بالاسم، كما يأتي، كقوله:{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:32]

وبعضهم يعملها ردا إلى الأصل، إلا أنه قليل، ومنه:{وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} في قراءة

ص: 249

شاذة، وتلزم "اللام" في خبرها مع الإهمال، وتسمى اللام الفارقة، لأنها تفرق بينها وبين "إن النافية"، وعند الكوفيين أن "إن" نافية، واللام بمعنى "إلا" وربما استغني عن اللام إن ظهر معنى الإثبات، ولم يلتبس بالنفي، إما بقرينة لفظية، نحو:"إن زيد لن يقوم" أو معنوية، كقوله:

(96 - أنا ابن أباة الضيم من آل مالك

وإن مالكٌ كانت كرام المعادن)

ص: 250

(والفعل إن لم يك ناسخا فلا

تلفيه - غالبا- بـ"إن" ذي موصلا)

إذا أهملت "إن" المخففة بطل اختصاصها بالاسم - كما سبق - إلا أنه لا يليها - غالبا- من الأفعال إلا ناسخ للابتداء، إما من باب "كان" نحو:{وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة:143] أو من باب: "عسى" نحو: {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا} [الفرقان:42] أو من باب: "ظن" نحو: {وَإِنْ وَجَدْنَا

ص: 251

أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}.

وسواء كان ماضيا، كما مثل، أو مضارعا، نحو:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} [القلم:51]{وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء:186] ودخولها على فعل غير ناسخ للابتداء قليل، ومع ذلك فلم يسمع إلا مع الماضي، نحو:

(97 - شلت يمينك إن قتلت لمسلما

...

...)

(وإن تخفف "أن" فاسمها استكن

والخبر اجعل جملةً من بعد "أن")

ص: 252

إذا خففت "أن" المفتوحة، بقى عملها، لبقاء اختصاصها، إلا أنها لا تعمل إلا في اسم مقدر غير ملفوظ به، وهذا مراد المصنف بقوله:"استكن" لا الاستكنان الذي هو من صفات الضمير، لأنه يختص بالمرفوع منه كما سبق، والاسم هنا منصوب، إلا أنك إذا قدرته، قدرته بضمير، نحو:{وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة:71] التقدير: أنه، وظهوره في قوله:

(98 - بأنك ربيعٌ وغيثٌ مربعٌ

وأنك هناك تكون الثمالا)

ص: 253

ضرورة؛ ويجب كون خبرها جملة إما فعلية كما مثل، وإما اسمية، نحو:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10].

(وإن لم يكن فعلا ولم يكن دعا

ولم يكن تصريفه ممتنعا)

(فالأحسن الفصل بـ"قد" أو نفي أو

تنفيس أو "لو" وقليل ذكر لو)

إذا كان خبر "أن" المخففة فعلا غير دعاء، ولا عادم التصرف فالأحسن أن يفصل بينه وبينهما بأحد الأشياء المذكورة، وهي إما "قد" كقوله:{وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة:113] وإما نفي بأحد حروفه، والمسموع من ذلك الفصل بـ"لا" نحو:{وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة:71] وبـ"لن" نحو:

ص: 254

{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل:20] وبـ"لم" نحو: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد:7] وإما حرف التنفيس، وهو "السين" نحو:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل:20] و"سوف" نحو: "حسبت أن سوف يقوم زيد"، وإما "لو" كقوله:{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} [الجن:16]، وليس بقليل، كما زعم المصنف، لتكرره في القرآن نحو:{أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأعراف:100]{أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} [سبأ:14] إلا أن يكون مراده: أن ذكر "لو" في هذه الفواصل قليل في كتب النحاة، واستعماله بغير فصل نادر، كقوله:

(99 - علموا أن يؤملون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل)

ص: 255

أما لو كان الفعل غير متصرف كـ"ليس" و"عسى" أو مرادا به الدعاء، لم يحتج إلى فصل، نحو:{وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} [الأعراف:185]{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39]{وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [النور:9] في قراءة بعضهم.

(وخففت "كأن" أيضا فنوى

منصوبها وثابتا أيضا روى)

إذا خففت "كأن" جاز في منصوبها أن يحذف وينوي، نحو:

(100 -

...

... كأن ظبيةٌ تعطو إلى وراق السلم)

على رواية من رفع "ظبية" وأن يذكر كرواية من نصب "ظبية" ومن رواه بالجر، جعل "أن" زائدة بين الجار والمجرور.

ص: 256