الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: وأهلك الله سبحانه قوم لوط بانقلاب قريتهم عليهم، وجعل عاليها سافلها، ثم أمطر علبهم حجارة من سجيل منضود، كما قال تعالى:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)} . وهذا ما عناه سبحانه بقوله: {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54)} .
خلاصة ما هنا: وجملة ما ذكره سبحانه مما تضمنته صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام أربعة عشر:
1 -
أن لا يؤاخذ امرؤ بذنب غيره.
2 -
أن لا يثاب امرؤ إلا بعمله.
3 -
أن العامل يرى عمله في ميزانه خيرًا كان أو شرًّا.
4 -
أنه يجازى عليه الجزاء الأوفى، فتضاعف له حسناته إلى سبع مئة ضعف ويجازى بمثل سيئاته.
5 -
أن الخلائق كلهم راجعون يوم المعاد إلى ربهم، ومجازون بأعمالهم.
6 -
أنه تعالى خلق الضحك والبكاء والفرح والحزن.
7 -
أنه سبحانه خلق الذكر والأنثى من نطفة تصب في الأرحام.
8 -
أنه تعالى خلق الموت والحياة.
9 -
أنه هو الذي أعطى الغنى والفقر، وكلاهما بيده، وتحت قبضته.
10 -
أنه هو رب الشعرى، وكانت خزاعة تعبدها.
11 -
أنه أهلك عادًا الأولى، وقد كانوا أول الأمم هلاكًا بعد قوم نوح.
12 -
أنه أهلك ثمود فما أبقاهم، بل أخذهم بذنوبهم.
13 -
أنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، وقد كانوا أظلم وأطغى من الفريقين.
14 -
أنه أهلك المؤتفكة. وهي قرى قوم لوط، وقد انقلبت بأهلها، وغطّاها بحجارة من سجيل.
55
- {فَبِأَيِّ الَاءِ رَبِّكَ} ؛ أي: فبأيّ نعماء ربك، وخالقك التي أنعم بها عليك أيها المخاطب {تَتَمَارَى}؛ أي: تتجاحد، وتمتري، وتكذب. ونحو الآية قوله: {يَا أَيُّهَا
الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)}، وقوله:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} ، وقوله:{فَبِأَيِّ الَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} .
والمراد بالنعم (1): ما عدَّده من قبل، وجعلت كلها نعمًا، وبعضها نقم لما في النقم من المواعظ والعبر للمعتبرين من الأنبياء والمؤمنين.
والخلاصة: أنها كلها دالة على وحدانية ربك وربوبيته، ففي أيها تتشكك على وضوحها للناظرين، ووجوه دلالتها للمعتبرين. وهذا خطاب للإنسان المكذب؛ أي: فبأي نعم ربك أيها الإنسان المكذب تشكك، وتمتري. وقيل: الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم تعريضًا لغيره على حدّ قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} . أو لكل واحد، وإسنار فعل التماري إلى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه.
وعبارة "الروح": وجعل الأمور المعدودة الطاء مع أن بعضها نقم لما أنها أيضًا نعم، من حيث إنها نصرة للأنبياء والمؤمنين، وانتقام لهم. وفيها عظات، وعبر للمعتبرين. قال في "بحر العلوم": وهلاك أعداء الله تعالى؛ والنجاة من صحبتهم وشرهم، والعصمة من مكرهم من أعظم آلاته تعالى الواصلة إلى المؤمنين. قال المتنبي:
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى
…
عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ
وقد أمر نوحًا بالحمد على ذلك في قوله: {فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} . وقد حمد هو بنفسه على ذلك في موضع آخر تعليمًا لعباده حيث قال: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)} . وقد سجد صلى الله عليه وسلم سجدة الشكر حين رأى رأس أبي جهل قد قطعت في غزوة بدر.
وقرأ الجمهور: (2){تَتَمَارَى} بتائين من غير إدغام. وقرأ يعقوب، وابن محيصن {تمارى} بتاء واحدة مشددة. والفاء في قوله:{فَبِأَيِّ الَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)} للإفصاح؛ لأنّها وقعت في جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت يا محمد هذه المذكورات، وكنت شاكًّا فيها على سبيل الفرض .. فأقول لك: بأيّ نعمة من نعم ربك تتشكك بأنها ليست من عند الله تعالى، أو في كونها نعمة. فكما نصرت
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.