الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكون ذلك سبب الأمن من حلول مثل عذابهم بكم، أم أعطاكم الله براءة من عذابه أم أنتم أعز منهم جندًا، فأنتم تنتصرون على جند الله؟.
45
- ثم رد عليهم مقالهم، وأبان لهم أنهم يعشيون في بحر من الأوهام، وأن قضاء الله سيحل بهم، وسيهزمون ولولون الأدبار متى جاء قضاؤه، فقال:{سَيُهْزَمُ} ويفرق، ويشتت {الْجَمْعُ}؛ أي: جمع قريش. وهذا رد وإبطال لما سبق. والسين للتأكيد، أي: سيهزم جمع كفار مكة، أو جمع كفار العرب على العموم. {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}؛ أي: الأدبار. والتوحيد لإرادة الجنس، يعني: ينصرفون عن الحرب منهزمين، وينصر الله رسوله والمؤمنين، وقد كان كذلك يوم بدر.
والمعنى (1): أي سيفرق شملهم، ويغلبون حين يلتقي جيشهم وجيش المؤمنين. وقد صدق وعده، فانهزموا، وولوا الأدبار يوم بدر. وكان هذا علمًا من أعلام النبوة؛ فإن الآية نزلت بمكة، ولم يكن له صلى الله عليه وسلم جيش، بل كان أتباعه مشردين في الآفاق، يلاقون العذاب من المشركين في كل صوب.
قال سعيد بن المسيب: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما نزلت {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} كنت لا أدري أي جمع، فلما كان يوم بدر رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يلبس الدرع ويقول:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} ، فعرفت تأويلها. وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم. لأنه أخبر عن كيب فكان كما أخبر، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان بين نزول هذه الآية وبين يوم بدر سبع سنين. فالآية على هذا مكيّة.
وقرأ الجمهور (2): {أَمْ يَقُولُونَ} بياء الغيبة التفاتًا، وكذا ما بعده للغائب، وقرأ أبو حيوة، وموسى الأسواري، وأبو البرهشيم بتاء الخطاب للكفّار إتباعًا لما تقدم من خطابهم، وقرأوا {ستهزِم الجمعَ} بفتح التاء وكسر الزاي، وفتح العين خطابًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقرأ أبو حيوة أيضًا، ويعقوب بالنون مفتوحةً، وكسر الزاي وفتح العين.
وقرأ الجمهور {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} بالياء مبنيًا للمفعول، وضمّ العين، وعن أبي
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.