الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: أي (1) إنَّ المتصدقين والمتصدقات بأموالهم ابتغاء مرضات الله تعالى، لا يريدون جزاءًا ولا شكورًا، يضاعف لهم ربهم ثواب إنفاقهم فيقابل الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف ذلك إلى سبع مئة ضعف، ولهم ثواب جزيل ومرجع صالح.
19
- {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} جميعًا. وهو مبتدأ أول. والإشارة بقوله: {أُولَئِكَ} إلى الموصول، وهو مبتدأ ثان. {هُمُ} مبتدأ ثالث، خبره قوله:{الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ} . وهو مع خبره خبر لأولئك، والجملة خبر للموصول؛ أي: أولئك {عِنْدَ رَبِّهِمْ} بمنزلة الصدّيقين والشهداء، المشهورين بعلو المرتبة ورفعة المحل، وهم الذين سبقوا إلى التصديق، واستشهدوا في سبيل الله تعالى، فالكلام على التشبيه البليغ، والصديق (2) من أبنية المبالغة. قال الزجاج: ولا يكون فيما أحفظ إلا من ثلاثي. وقال مجاهد: كل من آمن بالله ورسله فهو صديق. وقال المقاتلان: هم الذين لم يشكوا في الرسل حين أخبروهم، ولم يكذبوهم، وقال في "فتح الرحمن": الصديق نعت لمن كثر منه الصدق، وهم ثمانية نفر من هذه الأمة، سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإِسلام: أبو بكر، وعلي، وزيد وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وحمزة. وتاسعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، ألحقه الله بهم، وإن تم به الأربعون لما عرف من صدق نيته.
وقيل: الشهداء على ثلاث درجات (3):
الدرجة الأولى: الشهيد بين الصفين، وهو أكبرهم درجة.
والدرجة الثانية: ثم كل من قضى بقارعة أو بلية، مثل: الغرق، والحرق، والهالك في الهدم، والمطعون، والمبطون، والغريب، والميتة بالوضع، والميت يوم الجمعة وليلة الجمعة، والميت على الطهارة.
والدرجة الثالثة: ما نطقت به هذه الآية العامة للمؤمنين. وقال بعضهم في معنى الآية: هم المبالغون في الصدق، حيث آمنوا، وصدقوا جميع أخباره تعالى
(1) المراغي.
(2)
روح البيان.
(3)
البحر المحيط.
ورسله، والقائمون بالشهادة لله بالوحدانية، ولهم بالإيمان أو على الأمم يوم القيامة. وقال مجاهد: هذه الآية للشهداء خاصة، وهم الأنبياء الذين يشهدون للأمم وعليهم. واختار هذه القول الفراء، والزجاج. وقال مقاتل بن سليمان: هم الذين استشهدوا في سبيل الله، وكذا قال ابن جرير. وقيل: هم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بالتبليغ.
والظاهر (1): أنّ معنى الآية: إن الذين آمنوا بالله ورسله جميعًا بمنزلة الصدِّيقين والشهداء، المشهورين بعلو الدرجة عند الله تعالى.
ثم بين سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتصفوا به من الإيمان بالله ورسله. فقال: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} مبتدأ وخبر. والجملة خبر ثان للموصول، والضمير الأول على الوجه الأول أعني: كون الكلام على التشبيه راجع للموصول، والأخيران للصدّيقين والشهداء. ولا بأس بتشتيث الضمائر عند الأمن. وهذه الجملة بيان لثمرات ما وصفوا به من نعوت الكمال.
والمعنى (2): أي للذين آمنوا مثل أجر الصديقين والشهداء، ونورهم المعروفين بغاية الكمال وعزة المنال، وقد حذف أداة التشبيه تنبيهًا على قوّة المماثلة وبلوغها حد الإتحاد، فالمماثلة بين تمام ما للأول من الأصل والأضعاف، وبين ما للأخيرين من الأصل بدون الأضعاف؛ ليحصل التفاوت. وأما (3) على قول من قال: إن الذين آمنوا بالله ورسله هم نفس الصديقين والشهداء. فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد. والمعنى: لهم الأجر والنور الموعودان لهم.
وهذا المعنى المذكور على القول: بأن الشهداء معطوف على الصديقين. ويجوز أن يكون الوقف على {الصِّدِّيقُونَ} ، {وَالشُّهَدَاءُ} مبتدأ، وما بعده خبره، ومعنى الآية عليه؛ أي:(4) والذين أقروا بوحدانية الله، وصدقوا رسله، وآمنوا بما جاؤوهم به من عند ربهم أولئك هم في حكم الله بمنزلة الصديقين، والذين استشهدوا في سبيل الله لهم أجر جزيل، ونور عظيم يسعى بين أيديهم. وهم
(1) الشوكاني.
(2)
المراح.
(3)
الشوكاني.
(4)
المراغي.