المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأمم الماضية المحكية. وهو (1) مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌سورة الطور

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌سورة النجم

- ‌(1):

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌(13)}

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌(24)}

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌(33)

- ‌(34)}

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌سورة القمر

- ‌(1)}

- ‌2

- ‌(3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌سورة الرحمن

- ‌(1)

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌(46)}

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌سورة الواقعة

- ‌(1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌(40)}

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌ 90

- ‌91

- ‌ 92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌سورة الحديد

- ‌(1):

- ‌2

- ‌(3):

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

الفصل: الأمم الماضية المحكية. وهو (1) مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء

الأمم الماضية المحكية. وهو (1) مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذَّنوب. وهو الدلو العظيم المملوء. قال الشاعر:

لَنَا ذَنُوْبٌ وَلَكُمْ ذَنُوْبٌ

فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَنَا الْقَلِيْبُ

والفاء في قوله: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} فاء الفصيحة. لأنَّها أفصحت عن جواب شرط محذوف، تقديره: إذا عرفت حال الكفرة المتقدمين من عاد، وثمود، وقوم نوح وأردت بيان حال كفرة قومك فأقول لك: فإنَّ لهؤلاء المكذبين لك نصيبًا مثل نصيبهم. وعبر عن النصيب بالذنوب ليشبهه به في أنه يصب عليهم العذاب كما يصب الذنوب. قال تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} انتهى "من الفتوحات" بتصرف.

{فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ} أصله: فلا يستعجلوني بياء المتكلم؛ أي: فلا يطلبوا منّي أن أعجل في المجيء به؛ لأنَّ له أجلًا معلومًا، فهو نازل بهم في وقته المحتوم. يقال: استعجله إذا طلب وقوعه بالعجلة.

والمعنى: فإنَّ للذين ظلموا أنفسهم باشتغالهم بغير ما خلقوا له من العبادة، وإشراكهم بالله عز وجل، وتكذيبهم رسوله نصيبًا من العذاب مثل نصيب نظرائهم من الأمم السالفة التي كذبت رسلها. فلا يطلبوا منى أن أعجل بالإتيان به، فإني لا أخاف الفوت، ولا يلحقني عجز. وهذا جواب عن قولهم:{مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} . وكان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب، فأمهل إلى بدر ثم قتل في ذلك اليوم، وصار إلى النار، فعذب أولًا بالقتل ثم بالنار.

‌60

- {فَوَيْلٌ} ؛ أي: فشدّة عذاب. {لِلَّذِينَ كَفَرُوا} بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهم أهل مكة. {مِنْ يَوْمِهِمُ} من للتعليل؛ أي: من أجل يومهم {الَّذِي يُوعَدُونَ} العذاب يه. وهو يوم بدر. وهو الأوفق لما تقدم من حيث إنه من العذاب الدنيوي أو يوم القيامة. وهو الأنسب لما في صدر السورة الآتية. وأيّا ما كان فالعذاب آت، وكل آت قربب. ووضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلًا عليهم بما في حيز الصلة من

(1) روح البيان.

ص: 28

الكفر، وإشعارًا بعلة الحكم. والفاء لترتيب ثبوت الويل لهم على أنَّ لهم عذابًا عظيمًا. كما أنَّ الفاء الأولى لترتيب النهي عن الاستعجال على ذلك؛ أي: فويل لهم من حلول ذلك العذاب الذي وعدوه يوم القيامة. حين لا تغني نفس عن نفس شيئًا ولا هم ينصرون.

وقرأ يعقوب (1): {لِيَعْبُدُونِي} ، {أَنْ يُطْعِمُونِي} ، {فلا يستعجلوني} بالياء وقفًا ووصلًا. ووافقه سهل في الوصل. وقرأ الباقون بغير ياء في الحالين.

الإعراب

{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34)} .

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر يعود على إبراهيم، والجملة مستأنفة {فَمَا} الفاء: فاه الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر، تقديره: إن كنتم ملائكة كما تقولون فأقول لكم: ما خطبكم وشأنكم. {ما} اسم استفهام في محل الرفع، مثلًا {خَطْبُكُمْ} خبره. {أَيُّهَا} {أيّ}: منادى نكرة مقصودة، حذف منه حرف النداء للتخفيف، والهاء حرف تنبيه زائد، {الْمُرْسَلُونَ} صفة لـ {أيّ} ، أو بدل منها. والجملة الاسمية في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدَّرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب، مقول {قَالَ} . {قَالُوا} فعل، وفاعل. والجملة مستأنفة. {إِنَّا} ناصب واسمه، {أُرْسِلْنَا} فعل ماض مغير، ونائب فاعل، {إِلَى قَوْمٍ} متعلق به، {مُجْرِمِينَ} صفة لـ {قَوْمٍ} . والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إنّ} في محل النصب، مقول {قَالُوا} . {لِنُرْسِلَ} {اللام} حرف جر وتعليل، {نرسل} فعل مضارع، منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على الملائكة، {عَلَيْهِمْ} متعلق بـ {نرسل} ، {حِجَارَةً} مفعول به، {مِنْ طِينٍ} صفة لـ {حِجَارَةً}. والجملة الفعلية مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور باللام؛ أي: لإرسالنا عليهم حجارة من طين. الجار والمجرور متعلق بـ {نرسل} . {مُسَوَّمَةً} صفة ثانية لـ {حِجَارَةً} ، {عِنْدَ رَبِّكَ} ظرف متعلق بمسوَّمة، {لِلْمُسْرِفِينَ} متعلق به أيضًا.

(1) النسفي.

ص: 29

{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37)} .

{فَأَخْرَجْنَا} {الفاء} عاطفة على محذوف معلوم من السياق، تقديره: فباشروا ما أمروا به. فأخرجنا بقولنا: {فأَسْرِ بِأَهْلِكَ

} إلخ. فهو إخبار من الله تعالى، وليس من كلام الملائكة. كما مرَّ في مبحث التفسير. {أَخْرَجْنَا} فعل، وفاعل. والجملة معطوفة على تلك المحذوفة. {مَنْ} اسم موصول في محل النصب، مفعول {أَخْرَجْنَا} ، {كاَنَ} فعل ماض ناقص واسمها ضمير يعود على {مَنْ} ، {فِيهَا} خبر {كَانَ} ، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} حال من الضمير المستكن في خبر {كَانَ} ، أو {مَنْ} اسمها. وجملة {كاَنَ} صلة لمن الموصولة. {فَمَا} {الفاء} عاطفة، "ما" نافية، {وَجَدْنَا} فعل، وفاعل، معطوف على {أَخْرَجْنَا}؛ أي: أردنا إخراجهم فما وجدنا حين الإخراج. {غَيْرَ بَيْتٍ} مفعول به لـ {وَجَدْنَا} . لأنّه من وجدان الضالّة. {مِنَ الْمُسْلِمِينَ} صفة {بَيْتٍ} ، {وَتَرَكْنَا} فعل، وفاعل، معطوف على {أَخْرَجْنَا} ، {فِيهَا} متعلق بـ {تَرَكْنَا} ، {آيَةً} مفعول به، {لِلَّذِينَ} صفة لـ {آيَةً} ، {يَخَافُونَ الْعَذَابَ} فعل، وفاعل، ومفعول به، {الْأَلِيمَ} صفة للعذاب. والجملة صلة الموصول.

{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39)} .

{وَفِي مُوسَى} معطوف على قوله: {فِيِهَا} بإعادة الجار. لأنّ المعطوف عليه ضمير مجرور، فيتعلق بـ {تركنا} من حيث المعنى. ويكون التقدير: وتركنا في قصة موسى آية. أو معطوف على {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً} على معنى: وجعلنا في إرسال موسى آيةً. على حد قوله: علقها تبنًا وماءً باردًا. {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان، متعلق بمحذوف. لأنّه صفة لـ {آيَةً}؛ أي: آية كائة في وقت إرسالنا إيّاه، أو متعلق بجعلنا المقدر. {أَرْسَلْنَاهُ} فعل، وفاعل، ومفعول. والجملة في محل الجر، مضاف إليه لـ {إِذْ} . {إِلَى فِرْعَوْنَ} متعلق بـ {أَرْسَلْنَاهُ} ، {بِسُلْطَانٍ} حال من ضمير {أَرْسَلْنَاهُ}؛ أي: مؤيدًا بسلطان. {مُبِينٍ} صفة لـ {سُلْطَانٍ} . {فَتَوَلَّى} {الفاء} عاطفة، {تولى} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ}. والجملة معطوفة على جملة {أَرْسَلْنَاهُ}. {بِرُكْنِهِ} حال من ضمير فرعون؛ أي: متلبسًا بركنه. {وَقَالَ}

ص: 30

معطوف على {تولى} ، {سَاحِرٌ} خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو؛ أي: موسى ساحر. {أَوْ مَجْنُونٌ} معطوف على ساحر. والجملة في محل النصب، مقول قال. و {أَوْ} هنا للإبهام على السامع، أو للشك نزل نفسه منزلة الشاكّ مع أنه يعرفه نبيًا حقًا تمويهًا على قومه.

{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)} .

{فَأَخَذْنَاهُ} {الفاء} عاطفة، {أَخَذْنَاهُ} فعل، وفاعل، ومفعول به، معطوف على {تَوَلَّى} . {وَجُنُودَهُ} معطوف على ضحبر المفعول. ويجوز أن يكون مفعولًا معه. {فَنَبَذْنَاهُمْ} {الفاء} عاطفة، {نَبَذْنَاهُمْ} فعل، وفاعل، ومفعول به، معطوف على {أَخَذْنَاهُ} ، {فِي الْيَمِّ} متعلق بـ {نَبَذْنَا} . {وَهُوَ} {الواو} حالية، {هُوَ مُلِيمٌ} مبتدأ وخبر. والجملة في محل النصب حال من مفعول {نَبَذْنَاهُمْ} ، أو من مفعول {أَخَذْنَاهُ}. والفرق بين الحالين: أنَّ {الواو} في الأولى واجبة لازمة. إذ ليس فيها ذكر ضمير يعود على صاحب الحال. وفي الثانية ليست واجبة لازمة إذ في الجملة ذكر ضمير يعود عليه. {وَفِي عَادٍ} معطوف على ما تقدم. ويقال فيها: ما قيل: {وفى موسى إذ أرسلناه} ؛ أي: وجعلنا في عاد آيةً، وعبرةً للذين يخافون العذاب الأليم. {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان، متعلق بـ جعلنا المقدر، أو صفة لآية، {أَرْسَلْنَا} فعل وفاعل، {عَلَيْهِمُ} متعلق بـ {أَرْسَلْنَا} {الرِّيحَ} مفعول به، {الْعَقِيمَ} صفة لـ {الرِّيحَ} . والجملة الفعلية في محل الجر، مضاف إليه لـ {إذ} . {مَا} نافية، {تَذَرُ} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على الريح. والجملة في محل النصب حال من الريح. {مِنْ} زائدة، {شَيْءٍ} ، مفعول به لـ {تَذَرُ} ، {أَتَتْ} فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على الريح، {عَلَيْهِ} متعلق بـ {أَتَتْ}. وجملة {أَتَتْ} صفة لـ {شَيْءٍ}:{إِلَّا} أداة استثناه مفرّغ لـ {جعل} {كَالرَّمِيمِ} مضاف إليه للكاف؛ أي: مثل الرميم؛ وجملة جعل في محل النصب مفعول ثان {جَعَلَتْهُ} فعل، وفاعل مستتر يعود على الريح، ومفعول أول، {كَالرَّمِيمِ} الكاف اسم بمعنى مثل، في محل النصب، مفعول ثان لـ {تَذَرُ}. كأنّه قيل: ما تترك شيئًا أتت عليه إلا مجعولًا مثل الرميم.

{وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ

ص: 31

يَنْظُرُونَ (44)}.

{وَفِي ثَمُودَ} معطوف على ما تقدم أيضًا. {إِذْ} ظرف لما مضى، متعلق بجعلنا المقدّر أو صفة لـ {ءَايَةً} ، {قِيلَ} فعل ماض، مغير الصيغة، {لَهُمْ} متعلق بـ {قِيلَ} ، {تَمَتَّعُوا} إلى آخره نائب فاعل، محكيّ لـ {قِيلَ} . ويجوز أن يكون {لَهُمْ} نائب فاعل، و {تَمَتَّعُوا} الخ مقولًا. وجملة {قِيلَ} في محل الجر، مضاف إليه لـ {إِذْ}. وإن شئت قلت:{تَمَتَّعُوا} فعل أمر، وفاعل، {حَتَّى حِينٍ} جار ومجرور، متعلق بـ {تَمَتَّعُوا} . والجملة في محل الرفع، نائب فاعل لـ {قِيلَ}. {فَعَتَوْا} {لفاء} حرف عطف وتفصيل لإجحال ما تضمّنه قوله:{وَفِي ثَمُودَ} الخ. والتقدير: وجعلنا في ثمود آية، إذ قيل لهم: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، فعتوا عن أمر ربهم، وقيل لهم: تمتعوا حتى حين. {عَتَوْا} فعل وفاعل؛ معطوف على ذلك المحذوف، {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} متعلق بـ {عتوا} ، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} فعل، ومفعول به، وفاعل، معطوف على {عَتَوْا} ، {وَهُمْ} مبتدأ، وجملة {يَنْظُرُونَ} خبره. والجملة في محل النصب، حال من مفعول {أَخَذَتْهُمُ} .

{فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48)} .

{فَمَا} {الفاء} عاطفة، {ما} نافبة، {اسْتَطَاعُوا} فعل، وفاعل، معطوف على {أخذتهم} ، {مِنْ} زائدة، {قِيَامٍ}: مفعول به، {وَمَا} {الواو} عاطفة، {مَا} نافية، {كَانُوا مُنْتَصِرِينَ} فعل ناقص واسمه وخبره، معطوف على {مَا اسْتَطَاعُوا} . {وَقَوْمَ نُوحٍ} {الواو} عاطفة، {قوم نوح} منصوب بفعل محذوف مفهوم ضمنًا؛ أي: وأهلكنا قوم نوح. ولك أن تقدّره: وأذكر قوم نوح. وقرىء بالجر عطفًا على {وَفِي ثَمُودَ} . {مِنْ قَبْلُ} جار ومجرور حال من {قوم نوح} ؛ أي: وأهلكنا قوم نوح حالة كونهم من قبل عاد وثمود، أو متعلق بـ {أهلكنا} المقدر {إِنَّهُمْ} ناصب واسمه، وجملة {كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} خبره. وجملة إنّ مستأنفة مسوقة لتعليل الإهلاك، لا محل لها من الإعراب. {وَالسَّمَاءَ} منصوب على الاشتغال بفعل محذوف وجوبًا، والتقدير: وبنينا السماه بنيناها. والجملة المحذوفة مستأنفة. {بَنَيْنَاهَا} فعل، وفاعل، ومفعول والجملة جملة مفسّرة للمحذوف، لا محل لها من الاعراب. {بِأَيْدٍ} جار ومجرور، حال من فاعل {بَنَيْنَاهَا}؛ أي: متلبسين بأيد، أو

ص: 32

من مفعوله؛ أي: متلبسةً بقوّة. ويجوز أن يتعلق ببنيناها، فتكون الباء للسببية؛ أي: بسبب قدرتنا. {وَإِنَّا} {الواو} حالية، {وَإِنَّا} ناصب واسمه، {لَمُوسِعُونَ} اللام حرف ابتداء، {موسعون} خبره. والجملة في محل النصب، حال من فاعل {بَنَيْنَاهَا} . {وَالْأَرْضَ} {الواو} عاطفة، {الْأَرْضَ} منصوب على الاشتغال بفعل محذوف وجوبًا، تقديره: وفرشنا الأرض. والجملة المحذوفة معطوفة على جملة {وَالسَّمَاءَ} {فَرَشْنَاهَا} فعل، وفاعل، ومفعول به. والجملة مفسّرة؛ لا محل لها من الإعراب. {فَنِعْمَ} الفاء استئنافية، {نِعْمَ} فعل ماض من أفعال المدح، {الْمَاهِدُونَ} فاعل. والمخصوص بالمدح محذوف، تقديره: نحن، وجملة {نِعْمَ} خبره. والجملة إنشائية لا محل لها من الإعراب.

{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)} .

{وَمِنْ} {الواو} عاطفة، {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} متعلق بـ {خَلَقْنَا} ومضاف إلِيه. ويجو أن يكون حالًا من {زَوْجَيْنِ} ؛ لأنّه في الأصل صفة له. {خَلَقْنَا} فعل، وفاعل، {زَوْجَيْنِ} مفعول به. والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} . {لَعَلَّكُمْ} ناصب واسمه؛ وجملة {تَذَكَّرُونَ} خبره. والجملة تعليلية لا محل لها من الإعراب. {فَفِرُّوا} {الفاء} فاء الفصيحة؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا علمتم أنّ الله فرد لا نظير له ولا نديد، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم فأقول لكم: فرّوا إلى طاعة الله. {فِرُّوا} فعل أمر، وفاعل. والجملة في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدَّرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {إِلَى اللَّهِ} متعلق بـ {فَفِرُّوا} {إِنِّي} ناصب واسمه، {لَكُمْ} متعلق بـ {نَذِير} ، {مِنْهُ} متعلق به أيضًا، {نَذِيرٌ} خبر إنّ، {مُبِينٌ} صفة {نَذِيرٌ} ، وجملة {إنّ} في فصل النصب مقول لجواب إذا المقدرة .. {وَلَا} {الواو} عاطفة، {لَا} ناهية جازمة، {تَجْعَلُوا} فعل، وفاعل؛ مجزوم بـ {لَا} الناهية. والجملة معطوفة على جملة {فِرُّوا} . {إِلَى اللَّهِ} ظرف متعلق بمحذوف في موضع المفعول الثاني لـ {جعل} . {إِلَهًا} مفعول أول لـ {جعل} ، {آخَرَ} صفة لـ {إِلَهًا} . وجملة {لَا تَجْعَلُوا} معطوف على {فِرُّوا} . {إِنِّي} ناصب واسمه، {لَكُمْ} متعلق بـ {نَذِيرٌ} و {مِنْهُ} متعلق به أيضًا، {نَذِيرٌ} خبر {إنّ} ، {مُبِينٌ} صفة لـ {نَذِيرٌ} . وجملة إنَّ مستأنفة مسوقة لتعليل النهي.

ص: 33

{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)} .

{كَذَلِكَ} خبر لمبتدأ محذوف جوازًا، تقديره: الأمر والشأن كذلك؛ أي: أمر الأمم المكذبة في تكذيب رسولهم، وشأنها كذلك المذكور من تكذيب قومك إيّاك. والجملة مستأنفة. {مَا} نافية، {أَتَى} فعل ماض، {الَّذِينَ} مفعول به، {مِنْ قَبْلِهِمْ} صلة الموصول، {مِنْ} صلة زائدة، {رَسُولٍ} فاعل. والجمله مفسرة لجملة {كَذَلِكَ} . {إِلَّا} أداة استثناء مفرغ، {قَالُوا} فعل، وفاعل. والجملة في محل النصب، حال من {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: ما أتاهم رسول إلا حالة قولهم: هو ساحر أو مجنون. {سَاحِرٌ} خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو ساحر، {أَوْ مَجْنُونٌ} معطوف على {سَاحِرٌ} . والجمله الاسمية في محل النصب، مقول {قَالُوا} . {أَتَوَاصَوْا} الهمزة للاستفهام الإنكاري التعجبي، {تَوَاصَوْا} فعل ماض، والواو فاعل، {بِهِ} متعلق بـ {تواصوا} . والجملة جملة إنشائية، لا محل لها من الإعراب. والمعنى: ما وقع منهم وصية بذلك؛ لأنّهم لم يتلاقوا في زمان واحد، {بَلْ} حرف عطف وإضراب، {هُمْ} مبتدأ، {قَوْمٌ} ؛ خبر، {طَاغُونَ} صفة لـ {قَوْمٌ} . والجملة الإضرابية معطوفة على محذوف، تقديره: هم غير متواصين بذلك بل هم قوم طاغون. {فَتَوَلَّ} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا كان هذا شأنهم، وأردت ببان ما هو النصيحة لك .. فأقول لك: تولّ عنهم؛ أي: أعرض عن جدالهم. {تَوَلّ} فعل أمر، وفاعل مستتر يعود على محمد، {عَنْهُمْ} متعلق بـ {تَوَلّ} . والجملة الفعلية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {فَمَا} {الفاء} تعليلية، {ما} نافية حجازية، {أَنْتَ} في محل الرفع، اسمها، {بِمَلُومٍ} خبرها، و {الباء} زائدة. والجملة تعليل للأمر بالتولي، لا محل لها من الإعراب.

{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} .

{وَذَكِّرْ} فعل أمر، وفاعل مستتر يعود على محمد، معطوف على {فَتَوَلَّ} . {فَإِنَّ} {الفاء} تعليلية، {إِنَّ الذِّكْرَى} ناصب واسمه، وجملة {تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} خبره. والجملة تعليلية، لا محل لها من الأعراب. {وَمَا} {الواو} استئنافية،

ص: 34

{ما} نافية، {خَلَقْتُ الْجِنَّ} فعل، وفاعل، ومفعول، {وَالْإِنْسَ} معطوف على الجن. والجملة مستأنفة. {إِلَّا} ؛ أداة استثناء مفرغ، {لِيَعْبُدُونِ} اللام: حرف جر وتعليل، {يَعْبُدُونِ} فعل مضارع، منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد لام كي، وعلامة نصبه حذف النون، والواو فاعل، والنون المذكورة للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزاءًا عنها بكسرة نون الوقاية، أو للفاصلة في محل النصب مفعول به. والجملة الفعلية مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور بلام التعليل الجار والمجرور متعلق بـ {خَلَقْتُ}؛ أي: وما خلقتهما إلا لعبادتي. {مَا} نافية، {أُرِيد} فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله سبحانه، {منهم} متعلق بـ {أُرِيد} ، {مِنْ} زائدة، {رِزْقٍ} مفعول به. والجملة مستأنفة. {وَمَا} الواو: عاطفة، {ما} نافية، {أُرِيدُ} فعل مضارع، وفاعل مستتر، معطوف على {أُرِيد} الأول، {أَن} حرف نصب ومصدر، {يُطْعِمُونِ} فعل مضارع، منصوب بأن المصدرية، وعلامة نصبه حذف النون، والواو فاعل، والنون المذكورة للوقاية، وباء المتكلم المحذوفة اجتزاء كها بكسرة نون الوقاية، في محل النصب، مفعول به. والجملة الفعلية مع أن المصدرية في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، أي: وما أريد منهم إطعامهم إيّاي.

{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)} .

{إِنَّ اللَّهَ} ناصب واسمه، {هُوَ} ضمير فصل، {الرَّزَّاقُ} خبره. والجملة مستأنفة، مسوقة لتعليل ما قبلها. {ذُو الْقُوَّةِ} خبر ثان لـ {إنّ} {الْمَتِينُ} خبر ثالث لها. وقيل: نعت لـ {الرَّزَّاقُ} أو لـ {ذُو} ، {فَإِنَّ} {الفاء} فاء الفصيحة؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت حال الكفرة المتقدمين من عاد، وثمود، وقوم نوح، وأردت بيان حال كفرة قومك فأقول لك:{إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} . {إن} حرف نصب، {لِلَّذِينَ} خبر مقدم لـ {إنّ} ، وجملة {ظَلَمُوا} صلة الموصول، {ذَنُوبًا} اسم {إنّ} مؤخر، {مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} صفة لـ {ذَنُوبًا} . وجملة {إنّ} في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {فَلَا} الفاء: حرف عطف وتفريع {لا} ناهية، {يَسْتَعْجِلُونِ} فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل، والنون المذكورة للوقاية، والياء المحذوفة مفعول به. والجملة الفعلية معطوفة مفرّعة على جملة {إنّ}. {فَوَيْلٌ} الفاء: عاطفة

ص: 35

تفريعية، {ويل} مبتدأ. وسوّغ الابتداء بالنكرة ما فيه من معنى الدعاء. {لِلَّذِينَ} خبر المبتدأ. والجملة معطوفة مفرّعة على جملة {إنّ} أيضًا. وجملة {كَفَرُوا} صلة الموصول، {مِنْ يَوْمِهِمُ} جار ومجرور، صفة لويل، و {من} بمعنى في؛ أي: في يومهم. {الَّذِي} صفة ليومهم، {يُوعَدُونَ} فعل مضارع، مبني للمجهول، والواو: نائب فاعل. والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: يوعدونه؛ أي: يوعدون العذاب فيه.

التصريف ومفردات اللغة

{فَمَا خَطْبُكُمْ} ؛ أي: شأنكم. والخطب: الشأن الخطير، والأمر الجليل. ومنه: الخطبة؛ لأنها كلام بليغ يستهدف أمورًا جليلة؛ أي: فما شأنكم الذي أرسلتم لأجله سوى البشارة.

{إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} هم قوم لوط. وفي "فتح الرحمن": المجرم فاعل الجرائم. وهي صعاب المعاصي، وكبارها، وفاحشها. {من طِينِ}؛ أي: من طين متحجِّر. وهو ما طبخ، وصار في صلابة الحجارة. وهو السجيل، فإنَّ السجيل حجارة من طين طبخت بنار جهنم.

{مُسَوَّمَةً} ؛ أي: معلمة من السؤمة. وهي العلامة؛ أي: معلمة ببياض أو حمرة أو بسيما تتميز بها عن حجارة الأرض أو بكتابة اسم من يرمى بها أو مرسلة من سومت الماشية إذا أرسلتها لترعى لعدم الاحتياج إليها. {عِنْدَ رَبِّكَ} ؛ أي: في خزائنه، لا يتصرف فيها غيره تعالى.

{لِلْمُسْرِفِينَ} ؛ أي: للمجاوزين الحد في الفجور. إذ لم يقنعوا بما أبيح لهم من النسوان للحرث، بل أتوا الذكران. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، أي: ممن آمن بلوط.

{بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} ؛ أي: بحجة واضحة. وهي ما ظهرت على يديه من المعجزات الظاهرة: كاليد والعصا. والسلطان: مصدر يطلق على المتعدّد. {بِرُكْنِهِ} والركن: ما يركن إليه الشيء، ويتقوى به. والمراد هنا: جنوده وأعوانه، ووزراؤه. كما جاء في سورة هود:{أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} . وفي "الصحاح": ركن الشيء .. جانبه الأقوى؛ كالمنكب بالنسبة إلى الإنسان. وقيل: فتولى بما يتقوى به من ملكه وعساكره. فإنّ الركن اسم لما يركن إليه الإنسان. ويكون من مال، وجد، وقوة. فالركن ها مستعار لجنوده تشبيهًا لهم بالركن الذي يتقوى به

ص: 36

البنيان.

{وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} والمجنون: ذو الجنون. وهو زوال العقل وفساده كأنه نسب ما ظهر على يديه من الخوارق العجيبة إلى الجن، وتردد في أنه حصل باختياره وسعيه أو بغيرهما.

{فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} والنبذ: إلقاء الشيء، وطرحه لقلة الاعتداد به؛ أي: فطرحناهم في بحر القلزم. {وَهُوَ مُلِيمٌ} ؛ أي: ملام، أي: آتٍ بما يلام عليه. أصله: ملوم بوزن مفعل اسم فاعل، نقلت حركة {الواو} إلى اللام، فسكنت إثر كسرة فقلبت ياء حرف مد. وفي "المصباح": ألام الرجل فعل ما يستحق عليه اللوم، اهـ. وفي "المختار": اللوم: العذل، تقول: لامه على كذا، من باب قال، ولومه أيضًا فهو ملوم، واللائمة، والملامة. وألام الرجل أتى بما يلام عليه. اهـ.

{الرِّيحَ الْعَقِيمَ} ؛ أي: التي لا خير فيها ولا بركة، فلا تلقح شجرًا، ولا تحمل مطرًا. سميت عقيمًا؛ لأنّها أهلكتهم وقطعت دابرهم. من العقم بالضم. وهو هزمة "يُبْسٌ" تقع في الرحم، فلا تقبل الولد، كما في "القاموس".

{مَا تَذَرُ} ؛ أي: ما تترك. يقال: ذره؛ أي: دعه، يذره تركًا، ولا تقل؛ وذرًا. وأصله: وذره يذره نحو: وسعه يسعه، لكن ما نطقوا بماضيه، ولا بمصدره، ولا باسم الفاعل. {كَالرَّمِيمِ} والرميم: الشيء البالي من عظم ونبات وغير ذلك؛ أي: كالشيء البالي المتفتت. وفي "القاموس": رمَّ العظم يرم رمة بالكسر، ورمًا ورميمًا، وأرم بلي، فهو رميم. وفي "المفردات": الرمة بالكسر تختص بالعظم، والرمة بالضم بالحبل البالي، والرم بالكسر بالفتات من الخشب والحشيش والتبن.

{فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} يقال: عتا عتوا وعتيًا وعتيا استكبر، وجاوز الحد، فهو عات وعتي. وأصله: عتووا بواوين: الأولى لام الكلمة، والثانية: واو الجماعة. قلبت الأولى منهما ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت لالتقائهما ساكنة مع واو الجماعة.

{الصَّاعِقَةُ} نار تنزل من السماء بالاحتكاكات الكهربية. {فَمَا اسْتَطَاعُوا} أصله: استطوعوا بوزن استفعلوا، نقلت حركة {الواو} إلى الطاء، ثم أبدلت ألفًا لتحركها أصالة وفتح ما قبلها في الحال. {مِنْ قِيَامٍ}: أصله: قوام، أبدلت {الواو} ، في المصدر ياء لوقوعها بعد كسرة، وقبل ألف، كما في صيام ونيام مثلًا.

ص: 37

{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} وفي "المختار": آد الرجل اشتد، وقوي، وبابه بلع. والأيد والآد: القوة، اهـ. فالأيد مصدر، لكن يكتب في المصحف بيائين بعد الهمزة وقبل الدال كما نبَّه عليه الخطيب. ورسم المصحف سنة متبعة، وإن لم يعلم له وجه، اهـ شيخنا.

{وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} وفي "المصباح": وسع الله عليه رزقه يوسع وسعًا من باب نفع، بسطه وكثره، وأوسعه ووسعه بالألف، والتشديد مثله. وأوسع الرجل بالألف صار ذا سعة وغنى، اهـ. {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} والفرش كناية عن البسط، والتسوية، اهـ شهاب؛ أي: بسطناها ومهدناها. {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} من مهدت الفراش إذا بسطه، ووطأته. وتمهيد الأمور تسويتها. وفي "المختار": المهد: مهد الصبيّ، والمهاد: الفرش. ومهد الفراش بسطه ووطأه. وبابه قطع. وتمهيد الأمور تسويتها وإصلاحها، وتمهيد العذر بسطه وقبوله، اهـ.

{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ؛ أي: من كل جنس من الحيوان. {خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} ؛ أي: أمرين متقابلين ذكرًا وأنثى. {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} بحذف إحدى التاءين. أصله: تتذكرون. {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} وفي "المصباح": فرّ من عدوه يفر من باب ضرب فرارًا إذا هرب، وفر الفارس فرًّا أوسع الجولان للإنعطاف، وفر إلى الشيء ذهب إليه.

{أَتَوَاصَوْا بِهِ} أصله: أتواصيوا بوزن تفاعلوا، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة. والتواصي: أن يوصي القوم بعضهم إلى بعض.

{بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أصله: طاغيون، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فسكنت فالتقى ساكنان، فحذفت الياء وضمت الغين لمناسبة الواو. {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} فيه إعلال بحذف حرف العلة لام الفعل المناسبة بناء الأمر على ذلك. {بِمَلُومٍ} أصله: ملووم اسم مفعول من لام، نقلت حركة {الواو} إلى اللام فسكنت فالتقى ساكنان:{الواو} عين الكلمة، وواو مفعول، فحذفت {الواو} الأولى على قول، أو الثانية على قول. فوزنه مفعول على كل حال، أو مفعل.

{الْمَتِينُ} من المتانة. وهو شدة القوة. والمتنان: مكتنفا الصلب، وبه شبه المتن من الأرض، ومتنته ضربت متنه، ومتن قوي متنه فصار متينًا. ومنه قيل: حبل متين. {ذَنُوبًا} قال في "المفردات": الذنوب: الدلو الذي له ذنب، واستعير للنصيب

ص: 38

كما أستعير السجل. وهو الدلو العظيم. وفي "القاموس": الذنوب: الفرس الوافر الذنب، ومن الأيام الطويل الشر. وهو صفة على زنة فعول. والدلو أو فيها ماء، أو الملأى أو دون الملأى، والحظ، والنصيب. والجمع أذنبة وذنائب وذناب، انتهى.

{فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ} يقال: استعجله حثه على العجلة، وأمره بها. ويقال: استعجله؛ أي: طلب وقوعه بالعجلة. ومنه قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} {فَوَيْلٌ} والويل: الأشد من العذاب، والشقاء، والهم. ويقال: واد في جهنم.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الإضمار، بلا ذكر مرجع الضمير في قوله:{مَنْ كَانَ فِيهَا} ؛ أي: في قرى قوم لوط لشهرتها، وعلمها من السياق.

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} فالركن حقيقة فيما يتقوى به البنيان. فاستعاره للجنود، والجموع. لأنّه يحصل بهم التقوي والاعتماد كما يعتمد على الركن في البناء.

ومنها: الكناية في التولي في قوله: {فَتَوَلَّى} لأنه كناية عن الإعراض، أي: فأعرض عن الإيمان بموسى.

ومنها: الإسناد المجازي في قوله: {وَهُوَ مُلِيمٌ} ؛ أي: آتٍ بما يلام عليه على حد عيشة راضية. فأطلق اسم الفاعل على اسم المفعول؛ أي: ملام على طغيانه.

ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: {الرِّيحَ الْعَقِيمَ} حيث شبه ما في الريح من الصفة التي تمنع من إنشاء مطر أو إلقاح شجر بما في المرأة من الصفة المذكورة التي تمنع الحمل. ثم قيل: العقيم، وأريد به ذلك المعنى بقرينة وصف الريح به. فالمستعار له الريح، والمستعار مه ذات النتاج، والمستعار العقم. وهو عدم النتاج. والمشاركة بين المستعار له والمستعار منه في عدم النتاج. وهي استعارة محسوس لمحسوس للإشتراك في أمر معقول. وهي من ألطف الاستعارات. وفي "الشهاب": أصل العقم: اليبس المانع من قبول الأثر، كما قاله الراغب. وهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول كما مرّ.

ومنها: الكناية في قوله: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} لأنّ الفرش كناية عن البسط

ص: 39

والتسوية.

ومنها: الطباق في قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} ؛ أي: إلا مهيئين ومستعدين للعبادة. وذلك أنني خلقت فيهم العقل؛ وركزت فيهم الحواس والقدرة التي تمكنهم من العبادة. وهذا لا ينافي تخلف العبادة بالفعل عن بعضهم. لأنَّ هذا البعض المتخلف، وإن لم يعبد الله مركوز فيه الاستعداد والتهيؤ الذي هو الغاية في الحقيقة. وقد شجر خلاف بين أهل السنة والاعتزال حول هذه الآية فلا نطيل الكلام به.

ومنها: التعريض في قوله: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} فإنَّ فيه تعريضًا بأصنامهم. فإنهم كانوا يحضرون لها المآكل، فربما أكلتها الكلاب، ثم بالت على الأصنام، كما مرّ.

ومنها: الإطناب بتكرار {أُرِيدُ} في قوله: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} للمبالغة والتأكيد.

ومنها: القصر في قوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} وهو من قصر الصفة على الموصوف؛ أي: لا رزّاق إلا الله سبحانه. وفيه أيضًا التلويح بأنه سبحانه غني عن كل ما سواه.

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا} ، فإنّه حقيقة في الدلو العظيم، استعارة للحظ والنصيب.

ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: {مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} ؛ أي: لهم نصيب من العذاب مئل نصيب أسلافهم المكذبين لأنبيائهم في الشدة والغلظة. لأنّه حذف منه وجه الشبه فهو مجمل.

ومنها: وضع الموصول موضع ضميرهم في قوله: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} تسجيلًا عليهم بما في حيز الصلة من الكفر؛ وإشعارًا بعلة الحكم.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 40

خلاصة ما تضمنته هذه السورة الكريمة

اشتملت هذه السورة على المقاصد التالية:

1 -

دلائل البعث من العجائب الطبيعية، والعلوم النفسية.

2 -

جزاء المتقين بما يلقونه من النعيم يوم القيامة.

3 -

أخبار الأمم السالفة التي كذبت رسلها.

4 -

تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يلقاه من أذى قومه.

5 -

الفرار إلى الله من هذه الدنيا المحفوفة بالمخاطر.

6 -

النهي عن الإشراك بالله تعالى.

7 -

إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم بأن قومه ليسوا ببدع في التكذيب بك فقد كذب رسل من قبلك.

8 -

أمره صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، وتذكير تنفعه الذكرى من المؤمنين.

9 -

إخباره بأن الله ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه.

10 -

وعيد الكافرين بأن العذاب سيحل بهم يوم القيامة.

11 -

أن المشركين سينالهم نصيب من العذاب مثل نصب نظرائهم من المكذبين (1).

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

(1) تم تفسير هذه السورة في تاريخ 2/ 5/ 1415 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة. وأزكى التحية.

ص: 41