الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّمَاءُ جب بيانها حذرا من الإخفاء أو الإدغام فإذا سكنت واتى بعدها كاف نحو ألَمْ نَخْلُقْكُمْ فلا خلاف بين القراء في إدغامها في الكاف لقرب المخرج واختلفوا في إبقاء صفة الاستعلا فقال مكي وغيره تبقى صفة الاستعلا كإظهارك الغنة مع الإدغام في نحو مَنْ والإطباق في أحَطْتُّ وقال الداني وغيره يدغم إدغاما محضا فتأتي بكاف مشددة تشديدا تاما قال في النثر والوجهان هم صحيحان إلا إن الثاني أصب في القياس على ما اجمعوا عليه في المحرك المدغم من خَلَقَكُمْ ورَزَقَكُمْ كل شَيْءٍ والفرق لفرق بينه وبين أحَطْتُّ وبابه إن الطاء زادت بالإطباق أنتهى - وقوله على ما اجمعوا عليه يعني من له الإدغام فيه لا القراء وهو ظاهر ولذلك لم ينبه عليه.
فصل السين
تخرج السين من المخرج التاسع من مخارج الفم وهو حرف مهموس رخو مستفل منفتح مصمت صفيري ضعيف مرقق، ويقع الخطأ فيها من أوجه منها إبدالها زايا أو اشرابها به لأنهما من مخرج واحد واشتركا في جميع الصفات إلا في الهمس والجهر ولولا الهمس الذي في السين لكانت زايا ولولا الجهر الذي في الزاي لكانت سينا ولاختلاف هاتين الصفتين افترقتا في السمع فسبحان من هذا صنعه واثر من آثار قدرته القديمة التي لا يتعاصى عنها ممكن من الممكنات واكثر ما يقع ذلك في إسْحَاقَ وكذلك إذا سكنت وجاورت الجيم نحو الْمَسْجِدَ واسْجُدُوا ويَسْجُدُون أو التاء نحو نستَعِين والمستْقَيمَ ويستَمِعوُنَ ويَسْتَبْشرُونَ ويَسْتَهْزِئوُنَ، ومنها إبدالها صادا لأنها مواخية لها لاشتراكهما في المخرج وبعض الصفات كالصفير والهمس والرخاوة ولولا الاستعلا والأطباق اللذان في الصاد لكانت سينا ولولا التسفل والانفتاح اللذان في السين لكانت صادا واكثر ما يكون ذلك إذا جاورت أو قاربت حرف إستعلا أو را نحو ووَسَطاً وتُقْسِطُوا والْقِسْطَاسِ وبَسَطَ ومَنْ
أوْسَطِ ومَسْطُوراً وتَسْطِع والمُقْسِطِين وتَسْتَطِع وبَسَطوا وسلْطَان وتسَّاقَطُ وأسَاطِيُر ويَسْتَصْرِخُهُ وسَأصْرِفُ وتَسْخرُوا والخُسْرَان ومَسْغَبَةٌ والمُرْسَلِينَ والرَّسُولُ وأسْرفُوا وسَرَقَ ويا حَسْرَتَنَا والرَّسَ وبالغ بعض الجهلة حتى كتبوه في المصحف بالصاد وقلدهم غيرهم فصار يقرؤه بالصاد ويرده على من يقروه بالسين وهو خطأ مخالف لجميع القراء وأهل اللغة وقد ذكره في القاموس وغيره في باب السين وإذا كانت كلمة السين على وزن كلمة الصاد وكل منهما له معنى نحو وأسَرُّوا النَّجْوى وأصَرُّوا واسْتَكْبرُوا ونحو يُسْحَبون في الْحَمِيمِ ولا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ونحو عَسَى اللهُ فَكَذَّبَ وعَصَى ونحو نَحْنُ قَسَمْنَا وكَمْ قَصَمْنَا كان الاهتمام ببيان ذلك كله خلافا من الالتباس وتغيير المعنى والحاصل إن بين السين والصاد تشابها وتقاربا فمن لم يعتن باعطاء كل منهما ما يستحقه من الصفات أخطأ فيه وهو لا يشعر قال في الرعاية فحسِّن لفظك بالسين حيث وقعت وتمكن الصفير فيها لأن الصفير في السين أبين منه في الصاد للإطباق الذي في الصّاد فبإظهار الصفير الذي في السين يصفو لفظها ويظهر ويخالفه لفظ الصاد وبإظهار الإطباق الذي في الصاد يصفو لفظها ويتميز من السين فأعرف الفرق في اللفظ بين السين والصاد وما بينهما في الفظ فواجب على القاري الموجود إن يحافظ على إظهار الفرق بينهما في قراءته فيعطي السين حقها من الصفير فيظهره ويعطي الصاد حقها من الإطباق فيظهره، وحقيقة الصفير انه اللفظ الذي يخرج بقوة مع الريح من طرف اللسان أبدا مما بين الثنايا يسمع لها حسا ظاهرا في السمع انتهى. ومنها تفخيمها وهي مرققة كما تقدم وكثير من الناس يفخمها فأحذر من ذلك لا سيما إن أتى بعدها حرف إستعلا أو راء كما تقدمت أمثلة ذلك أو ألف نحو السَّاعَةُ والسَّاحِرُ فمن لم يبدلها صادا فخمها واحرص على بيانها إذا تكررت نحو ولَا تَجَسَّسُوا وأُسِّسَ لثقل الحرف المكرر على السان والله أعلم.