الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها حرفا اللين وهما الواو والياء الساكنان المفتوح ما قبلهما ووصفا بذلك لأنهما يخرجان في لين وَقلَّةٍ على اللسان.
ومنها الحرف الهتوف وهو الهمزة ويسميه بعضهم بالحرف الجرسي والهتف والجرس الصوت الشديد والحروف كلها يصوت بها لكن الهمزة لها مزية في ذلك لقوتها وبعد مخرجها ولذلك توسعت العرب فيها ما لم توسع في ساير الحروف.
تكميل: الجهر والشدة والاستعلاء والإطباق والتفخيم والقلقلة والصفير والاستطالة والانحراف من صفات القوة. والهمس والرخاوة والانسفال والانفتاح والترقيق والانذلاق من صفات الضعف، فالصاد مثلا شديد والحروف منها ما هو قوي ومنها ما هو ضعيف ومنها ما هو متوسط بين القوة والضعف على حسب ما اتصفت به من صفات القوة والضعف، فالطاء مثلا شديد القوة لأجل ما اتصف به من صفات القوة كالجهر ولذا لا يجري النفس معها عند النطق بها لقوة الاعتماد عليها في موضع خروجها والهاء على العكس من ذلك لأجل ما اتصف به من صفات الضعف كالرخاوة. والهمزة والياء متوسطتان لأجل ما اتصفتا به من صفات القوة كالجهر، والضعف كالانسفال وأجر جميع الحروف على هذا وسيأتي كله م
فصل
ا إن شاء الله تعلى والله الموفق.
فصل في الحروف المشربة
وتسمى المخالطة بفتح اللام وكسرها وهي أربعة أحرف وسَّعَت بها العرب لغَاتها وزادتها مع التسعة والعشرين الحروف المشهورة. الأول الألف الممالة في نحو ذكْرَى وَقُصْوى وَأتىَ فهي حرف بين الياء والألف فلا هي ياء خالصة ولا ألف خالصة. الثاني الهمزة المسهلة
بين بين كما قرأ به نافع وغيره كما هو مفصل في كتب القراءات وهي حرف بين حرفين وهو حرف عناء سيبويه نظراً منه رحمه الله إلى مطلق التسهيل وخالفه الحسن بن عبد الله السيرافي وقال هي ثلاثة أحرف نظراً إلى التسهيل الهمزة بينهما وبين الألف وبينها وبين الواو وبين الياء وهذا هو التحقيق. الثالث الصاد المشربة بالزاي في صِرَاطَ والصّرَاطَ في قراءة حمزة نحو أصْدَقُ فاصْدَعْ وتصديق الذي في قراءة حمزة والكسائي. الرابع اللام المفخم في قراءة ورش نحو الصَّلَاةَ ومُصَلَّى وطَلَّقْتُمْ وأظْلَمُ إذ بتفخيمه يُتوسع في مخرجه حتى يصل إلى مخرج غيره وجعل مكي رحمه الله تعالى المفخم الألف قال وتقرب بتفخيمها من لفظ الواو وما ذكرناه احسن إذ المنقول عن ورش كما نقله هو وغيره إنما هو التفخيم اللام والألف تابع وأيضا يقع تفخيم اللام كثيرا من غير مقارنة الألف له نحو وظَلَّلْناَ وقد مثل هو بنحوه وهي لغة فاشية في أهل الحجار فهده أربعة أحرف مستعملة في اللغة الفصحى واردة القرآن العظيم ومخرج كل واحد منها متوسط بين مخرجي الحرفين اللذين اشتركا فيه وزاد مكي رحمته الله النون المخفاة وفيه نظر لأنها بالإخفاء لا تخرج عن كونها نونا ولم تقع بين مخرجين وإنما تنتقل إلى مخرج آخر وهو الخيشوم وقد عد من السبعة عشر مخرجا ولو قلنا بهذا لورد علينا واو والياء الماءيتان لانهما ينتقلان عن مخرج المتحركتين إلى مخرج آخر وبعض العرب يزيد حروفا أخرى منها جعل السين المهملة والجيم كالزاي في نحو سهل وجايز. ومنها جعل القاف بينه وبين الكاف وه الآن الغالب على من يوجد في البوادي لا يحسنون غيره، ومنها حرف بين الجيم والكاف ذكره ابن دُرَيْد وقد سمعناه من أهل قرى مصر كثيرا فيقولون في جعل كمل في حرف ممزوج وقد عد بعض الحفاظ الحروف
بفروعها المستحسنة خمسين وكلها سوى ما ذكرنا انه وارد في الفصيح شاذَ قليل الاستعمال لم يوجد في القرآن ولا في الفصيح من الكلام.
فصل
قال مؤلفه أبو محمد علي النوري الصفاقسي غفر الله له ورحمه واجزل على ممر الازمان ثوابه قد ذكرنا الحروف مجملة ونذكرها الآن مفصلة حرفا بعد حرف على حسب ترتيبها في اصطلاح المغاربة مع التنبه على شيء يقع الخطأ فيه كثيرا للقراء مع التمثيل جميع ذلك بالفظ من كتاب الله جلّ ذكره ليتبين الأمر غاية البيان. ويعم النفع وتحصل الفائدة والله المستعان على ذلك كله. واعلم أولا إن الحر يطلق على أشياء منها طرف الشيء ومنه حرف الرغيف وحرف الجبل وحرف الجيش قال الله تعالى وَمنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حرف أي طرف من غير تمكن ولا توغل في الدين القايم على طرف الشيء يزول بأدنى سبب، ومنها واحد حروف التهجي ويقال له أيضا الهجاء وه تقطيع الكلمة لبيان الحروف التي تركبت منها وسميت بذلك لأنه لا يتوصل لمعرفتها عادة إلا به وسماها الخليل وسيبويه حروف العربية التي يتركب منها كلا العرب وتسمى حروف المُعْجَم، إما لأنها لا تفصح بمعنى إلا إذا ركبت من قولهم باب مُعْجَم كَمُكْرم إذا كان مقفلا أو لان نصفها وواحدا معجم أي منقوط من قولهم أعجم فلان الكتاب إذا نقطه، والهمزة في أعجم للسلب والإزالة أي عجمته بنقطه لان الحروف إذا لم يقع فيها الالتباس كثيرا لا سيما ما كان منها متماثل الصورة فلا يتضح معناه إلا بتدبر وتفكر، وقال في القاموس وحروف المعجم أي الاعجام مصدر كالمدخل أي من شانه إن يعجم انتهى وقيل غير هذا. وتسعة وعشرون حرفا خلاف في
ذلك عند المحققين قاله سيبويه اصل حروف العربية تسعة وعشرون حرفا وهي الهمزة والألف وساقها إلى آخرها على ترتيبها في المخارج، وزعم المبرد إنها ثمانية وعشرون قال الجاريري وكان المبرد يعدها ثمانية وعشرين ويترك الهمزة ويقول لا صورة لها وإنما تكتب تارة واوا وتارة ياء وتارة ألفا فلا أتعدها مع الحروف التي أشكالها محفوظة معروفة جارية على الألسن موجودة في اللفظ يستدل عليها بالعلامات انتهى، وهو في غاية من الشذوذ وبعد منِ النظر لانهما أي الهمزةَ وأحدَ هذه الحروف الثلاثة حرفان متميزان مخرجا وصفة يوجد أحدهما حيث لا يوجد الآخر ويجتمعان فيما لا يعد كثرة من الكلمات بنِاءً، وَدُعاَءً، وآباَؤُكُمْ، والنُّبؤَةُ، وَهَنِيئاً وميَريثاً وهو من باب جعل الاثنَّين واحدا وهو باطل بلا شك، وبعض الأغبياء يعتقد إنها ثمانية وعشرون لكن لا على الوجه الذي قاله المبرد بل يزعم إن لاما ولام ألف واحد والأمر ليس كذلك بل لمراد بلام ألف الألف المدية التي هي ثاني حروف قال وجاء فهو اسم لها كساير أسماء حروف التهجي إلا انه اسم مركب لأجل إن الألف لا يمكن النطق بها إلا مقرونة مع غيرها فجعل اسمها كذلك مقرونا مع غيره وهي من اكثر الحروف في الكلام دورا ومن أنكرها فقد أنكر المحسوس وخرج عن طور العقلاء وفي الحديث عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه انه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كل نبي مرسل بم يرسل قال بكلمات تنزل فقلت يا رسول الله أي كتاب أنزله الله على ءادم قال كتاب المعجم أ - ب - ت - ث إلى أخره قلت يا رسول الله كم حرف قال تسعة وعشرون قلت يا رسول الله عددت ثمانية وعشرين فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت عيناه ثم قال يا أبا ذر والذي بعثني بالحق نبيا ما انزل الله على آدم إلا
تسعة وعشرين حرفا قلت أليس فيها ألف ولام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لام الألف حرف واحد أنزله الله على ءادم في صحيفة واحدة ومعه سبعون ألف ملك من خالف لام الألف فقد كفر بما انزل علي، من لم يعد لام ألف فهو بريء مني وأنا بريء منه ومن لم يؤمن بالحروف وهي تسعة وعشرون لا يخرج من النار أبدا، قال الله تعالى الم ذَلِك الْكِتبُ فكأنه قال يا محمد هذه الحروف ذلك الكتاب الذي أنزلته على أبيك ءادم انتهى فان قلت أليس قد ذكر الألف في أول الحروف قلت المراد به الهمزة قال في الصحاح الألف على ضربين لينية ومتحركة فاللينية تسمى ألفا والمتحركة تسمى همزة، وقال شيخ شيوخنا أبو بكر الشنواني الألف اسم مشترك بين المدة التي هي أوسط حروف جاء والهمزة التي هي أخرها بدليل الألف ساكنة أو متحركة وألف الوصل تسقط في الدرج والمتحركة تسمى ألفا وتسمى همزة والهمزة اسم مستحدث تمييزا للمتحرك عن الساكان ولذلك لم يذكروا الهمزة في التهجي
بلبل
اقتصروا على الألف وذكرت في موضعين من التهجي تنبيها على معنييها انتهى فان قلت لِمَ لم يقولوا همزة وقالوا ألف قلت عادتهم إن يجعلوا في أول كل اسم حرف مسماه، فلو قالوا همزة لكان ها، وأيضا عبر عنها بالألف لأنها تكتب بصورته كثيرا لا سيما إن كانت أولا فلا تكتب إلا بصورته فان قلت لم قيل للألف المدية لام ألف ولم يقل با ألف أو تا ألف والدلالة بهذا كالدلالة بهذا قلت هذا غير وارد لانّ لام ألف اسم للألف المديّة فهو علم مرتجل أي مبتكر وكذلك أسماء ساير الحروف فهي اعلام مرتجلة للنقوش المعروفة عند من يحسن صنعة الكتابة والجيم مثلا اسم ومسماه جه من كجعفر وهكذا ساير الحروف وقد قال الخليل يوما لاصحابه كيف تنطقون بالجيم من جعفر قالوا جيم قال إنما نطقتم بالاسم ولم تنطقوا بالمسؤول عنه وهو جه والأعلام المرتجلة كفقعس أبو قبيلة من بني اسد وأدد أبو قبيلة من اليمن لا يلزم فيها
المناسبة ولا يدخلها التعليل وأيضا ما من حرف قرنت به إلا ويرد هذا السؤال عليه سلمنا وروده لكن لا يكون السؤال هكذا بل يقال هل لاقترانه باللام دون ساير حروف التهجي من حكمة اطلع الله عليها عباده أو هذا مما انفرد الله بعلمه ولم يُطلع عليه احدا من خلقه أو اطلع على ذلك أهل خصوصيته دون غيرهم فالجواب إن يقال لذلك والله اعلم حكم الأولى إن اللام من الحروف المدلقة فهو حرف سلس سهل كثير الدوران في الكلام تكلم به أهل كل لغَة يسير النطق لا يتعاصى على اللسان ولذلك لا يقع الخطأ فيه إلا نادرا فكان أولى من ساير الحروف الثانية إن اللام اختص مع الألف في الوضع بأمر ليس في ساير الحروف وهي إنها تكون معانقة لها إذا اجتمعنا بخلاف ساير الحروف فبينهما جرة كما بين ساير الحروف إذا اجتمعن الثالثة إنها اقترنت بها في اسم الجلالة وسلطان الأسماء وهو الله وحذفنها منه لحن تفسد به الصلاة ولا ينعقد به صريح اليمن كما قاله البيضاوي وغيره ونازع فيه النوري وقال اللحن مخالفة صواب الأعراب وهذه الكلمة العظيمة بحذف ألفها تصير كلمة أخرى قلت ولعل هذا هو مراد البيضاوي وغيره إذ اللحن يطلق على الخطأ من حيث هو وقال ابن الصلاح حذف الألف لغَة حكاها الزجاجي قلت وكذلك غيره لكن الظاهران حذف الألف إنما جاء في ضرورة الشعر كقوله " إلا لا بارك الله في سهيل - إذا ما الله بارك في الرجل " والله اعلم، وكذلك قرنت معها في أول كلمة التوحيد وعنوان الأيمان وهي لا اله إلا الله إلا إنها في اسم الجلالة محذوفة في الخط تنزيها إن يشبه في الصورة باللات اسم الصنم في الوقف وفي لا اله إلا الله مرسومة في الخط الرابع إن الحروف
المقطعة المرسومة في اوايل بعض السور الشريفة هي سر القرءان وصفوته كما قال الصديق رضي الله عنه في كل كتاب سر وسر الله في القرآن أوايل السور وقال علي رضي الله عنه إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حرُوف التهجي انتهى وقد ذكرت اللام فيها في ثلاثة عشر موضعا في كلها قبلها الألف خطا ولفظا وهي مقارنة للألف المدية لفظا ولم يقع ذلك لغَيرها من الحروف الخامسة إن اللام من افضل الحروف لما ذكر ولأنها جرت على لسانه صلى الله عليه وسلم في اوايل أسماء الله تعالى التسعة والتسعين في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره في قوله هو الله الذي لا اله إلا هو الرحمن الرحيم إلى قوله الوارث الرشيد الصبور مع إنها ذكرت في وسط بعض الأسماء وأواخرها ولم يقع هذا لغَيرها من الحروف فدل على فضلها وشرفها وأيضا فطبعها كما ذكره من تكلم على طبائع الحروف الرطوبة والبرودة وهما طبع الماء وفي الماء من البركة والمنافع ما هو معلوم وكذلك اللام ولأجل هذه الفضايل وغيرها جعلت وسط الحروف - أربعة عشر قبلها وأربعة عشر بعدها - وجعلها الله وسط المخارج - ثمانية قبلها وثمانية بعدها فهي كعبة مجدها - وواسطة عقدها ولذلك استحقت التقدم عليها وان كان لغَيرها أسرار فالفضايل لا تتزاحم والله اعلم. فان قلت قد نصوا إن حروف العدد ثمانية وعشرون وتركوا لام ألف ولعل بعض الأغبياء اخذ من هذا قلت فرق بين أهل الخط وأهل العدد وكل يبحث عن تصحيح قواعده وضبط أصوله فمراد أهل العدد ضبط المراتب الآحاد والعشرات والمئات والألوف وقد حصل لهم الغرض بدون الألف