الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على فَوْقَهَا وهو أكفى وقيل تام وقال بعضهم يوقف على مَثَلاً وقيل على مَا وهو فاسد لارتباط الكلام بعضه ببعض كما لا يخفى. ومثل هذا في القبح أو أقبح منه أن يقف على النفي الذي يأتي بعده الإيجاب وفي الإيجاب إثبات وصف له جل وعلا أو لرسله عليهم الصلاة والسلام نحو فَاعْلَمْ أنهُ لَا إلهَ إلَاّ اللهُ إن وقف على إلهَ وقبحه جلي بل الوقف على المؤمنات وهو تام ومثله ومَا مِنْ إلهَ إلا اللهُ إن وقف على اله بل الوقف على الجلالة وهو اكفى ومثله وَما أرْسلناك إلا مُبشِّراً ونَذِيراً إن وقف على أرسلناك لما يؤدي إليه من نفي رسالته (بل الو قف على نَذِيراً وهو تام ومثله ومَا أرْسَلْنَا من رَّسوُلٍ إلَاّ بلِسانِ قَوْمهِ ليُبَيِّنَ لَهُمْ إن وقف على رسول إذ يصير معناه يعِطي نفي رسالة جميع الرسل عِليهم الصلاة والسلام وقبح هذا جلي فأن دعته ضرورة إلى الوقوف على هذا وما ماثله وجب عليه أن يرجع ويبتدئ الكلام من أول وان تعمد ذلك أثِمَ وكان من الخطأ العظيم هذا إن سلم الاعِتقاد، والقلب مطمئن بالإيمان ووقع منه ما وقع بما لجهل أو عدم حضور وألا فقد خرج عن دين الإسلام أعاذنا الله من ذلك.
فصل في الابتداء
أعلم إن الابتداء يطلب فيه ما يطلب في الوقف فلا يكون إلا بمستقل بالمعنى موف بالمقصود يستفاد منه معنى صحيح بل هو آكد إذ اعتبار حسن مطالع الكلام وأوائله أولى من منتهاه وآخره ولأنه لا يكون ألا اختياريا بخلاف الوقف فربما ندعو إليه ضرورة، وتفاوت مراتبه كتفاوت مراتب الوقف من التام والأتم والكافي والأكفى فكذلك يكون الابتداء قبيحا كالوقف، وتفاوت مراتبه كتفاوت مراتب الوقف فلو وقف على مَرض، أو على ماَ، أو وعدَناَ اللهُ ضرورة كان الابتداء بالجلالة قبيحا وبوَعدَنا اقبح منه وبما أقبح منهما وقد يكون من الابتداء أشد قبحا من الوقف كما إذا وقف على قالوا من
قوله تعالى لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الذِين قَالُوا إنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أغْنَيَاءُ، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إلَه إلَاّ إلَهٌ وَاحدٌ، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحِ ابْنُ مَرْيَمَ وَابْتَدَأ إنَّ اللهَ الخ بل الوقف على أغْنِيَاءُ وَوَاحِدٌ ومَرْيَم والابتداء بما بعدهن وقيل يوقف في الآية الثانية على ثَلَاثَة وكلهن كافيات، ومثله الوقف على قَالَتِ الْيَهُودُ أو قَالَتِ النَّصَارَى من قوله تعالى وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أيْدِيهِمْ وقوله تعالى وَقَالَتِ الْيَهُود عُزَيْزُ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ وابتدأ يَدُ الله عُزَيْزُ ابْنُ، الْمَسِيحُ أبْنُ بل الوقف على أيْدِيهِمْ وهو كاف أو على قَالُوا وهو كاف أيضا أو على يَشَاءُ وهو أكفى وقيل تام وعلى الجلالة الثانية وجعلوه كافيا ولم يذكر الداني وجعل الوقف على مَرْيَمَ ولم يذكر بأفْوَاهِهِمْ، ولا قَبْلُ، ولا الجلالة، ولا يُؤْفَكُونَ، والصواب أنهن كافيات وَيُؤْفَكُونَ فاصلة ومثله، الوقف على ومَالِيَ لَا أعْبُدُ الَّذي فَطَرَني وإليه تُرْجَعُونَ والابتداء بقوله لَا أعْبُدُ الآية بل الوقف على تُرْجَعُون وهو كاف وفاصلة، ومثله الوقف على فَبَعَثَ من قوله تعالى فَبَعَثَ اللهُ غرابا يَبْحَثُ فِي اْلأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَة أخِيهِ ويبتدى الجلالة على أخِيهِ وهو كاف ولا ريب في قبح الابتداء بهذا وما شابهه لما يؤدي إليه من الأدب وإحالة المعنى وقد كان بعض السلف إذا قرأ ما أخبر الله به من مقالات الكفار يخفض صوته بذلك حياء من الله إن يتفوه بذلك بين يديه وهو أدب حسن ويقع بين يدي ملوك الدنيا إذا ظفروا ببعض كتب إعرابهم وفيه تنقيصهم فيأمرون اتباعهم بقراءة فإذا رأى ما فيه من سلف فيمتنع من قراءته ولا يستطيع إن يتفوه بما فيه تعظيما للملك وإجلالا ولو توعده الملك على ترك القراءة وهم عباد ضعفاء عاجزون مفتقرون فالرّب القوي القادر الغني الغنى المطلق أولى بالتعظيم والإجلال منهم وروي أن رجلا قال للنبي (أوصني يا رسول الله قال استحي من الله كما تستحيي
من رجل صالح من قومك ويجاب عَمَّن لم يعتن بهذا الادب بان السر والجهر بالنسبة إلى الله تعالى سواء قال الله تعالى وَأسِرٌّو قَوْلَكُمْ أو اجْهَرُوا بِهِ انَّهُ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُورِ وأيضا فالعبد محل للنقائص والعيوب الا من عصمه الله تعالى فكل ما يذكر فيه من النقائص فهو وصفه فيستحيي منه ان تذكر نَّقايصه بين يديه والله تبارك وتعالى هو المنزه عن جميع النقايص وهَذَا الذي يذكر إنما هي مقالات اقوام خصهم الله بسخطه جعِلهم محلا لنقمته ففيها تخوف عظيم لكل مؤمن اذ كلهم بنو آدم وهو فرد من جنسهم ولولا ان الله تفضل عليه بالمعرفة والهداية لكان مثلهم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.