المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الوديعة مقدمة الوديعة: فعيلة بمعنى مفعولة، من الوَدْع، وهو الترك؛ لأنَّها - توضيح الأحكام من بلوغ المرام - جـ ٥

[عبد الله البسام]

الفصل: ‌ ‌باب الوديعة مقدمة الوديعة: فعيلة بمعنى مفعولة، من الوَدْع، وهو الترك؛ لأنَّها

‌باب الوديعة

مقدمة

الوديعة: فعيلة بمعنى مفعولة، من الوَدْع، وهو الترك؛ لأنَّها متروكة عند المودع، والإيداع: توكيل في الحفظ، والاستيداع: فيه توكيل كذلك.

والوديعة شرعًا: توكيل المودع من يحفظ ماله بلا عوض.

وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

ومن الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].

وأما السنة: فمثل حديث الباب.

وأما الإجماع: فأجمع العلماء على جوازها.

وهي من القُرب المندوب إليها باتفاق أهل العلم.

وفي حفظها ثوابٌ جزيل، ففي الحديث:"والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه" والحاجة داعيةٌ إلى ذلك، فهي من الإعانة على الخير.

قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]

كما اتَّفقوا على أنَّها عقدٌ جائزٌ، غير لازمٍ، فإنْ طلبَها صاحبها، وجب ردها إليه، وإن ردَّها المستودع، لزم صاحبها قبولهَا.

ويستحب قبولها لمن وثق من نفسه الأمانة عليها، والقدرة على حفظها.

قال الوزير: اتَّفقوا على أنَّ الوديعة أمانة محضة لا تضمن إلَاّ بالتَّعدي، أو التفريط، وأنَّه إذا أودعه على شرط الضمان لا يضمن بالشرط، وحكى ذلك إجماعًا.

ص: 204

835 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنُ شُعَيْبٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ" أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ (1).

وبابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ تَقَدَّمَ في آخِرِ الزَّكَاةِ، وَبَابُ قَسْمِ الفَيءِ وَالغَنِيمَةِ يَأْتِي عَقِبَ الجِهَادِ، إِنْ شَاءَ اللهُ تعَالَى.

ــ

* درجة الحديث:

الحديث حسن لغيره.

أخرجه ابن ماجه من طريق أيوب بن سويد عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر الحديث، وهذا سندٌ ضعيف، فالمثنى ضعيف، أورده الذَّهبي في الضعفاء.

وقال: ضعَّفه ابن معين، وقال النسائي: متروك، وللحديث ثلاثة طرق أخر ضعيفة، إلَاّ أنه يحصل له بمجموعها قبول، فيكون حسنًا لغيره.

* مفردات تتعلَّق بالوديعة:

- المودع: بكسر الدال، هو من صاحب الوديعة، ومؤمنها.

- المودع: بفتح الدال، هو من وضعت عنده الوديعة؛ لحفظها بلا عوض.

- الودِيعة: هي المال المودع عند من يحفظه بلا عوض.

* ما يؤخذ من الحديث:

1 -

الوديعة أمانة من الأمانات، والأمانة لا يضمنها المؤتمَنُ عليها إلَاّ بالتَّعدي

(1) ابن ماجه (2401).

ص: 205

عليها، أو التفريط فيها.

2 -

التعدي: هو فعل ما لا يجوز، والتفريط: هو ترك ما يجب، فمن تعدى على الأمانة، أو فرط فيها فهو ضامن؛ لأنَّ يده يد معتدية، ومن لم يتعد، ولم يفرط فلا ضمان عليه؛ لأنَّه أمين.

3 -

قال الوزير: اتَّفقوا على أنَّ الوديعة أمانة محضة، غير مضمونة إلَاّ بالتَّعدي، أو التفريط، واتَّفقوا على أنَّه إذا أودعه على شرط الضمان أنه لا يضمن بالشرط، حكى ذلك إجماعًا.

قال في شرح الإقناع: وإن شرط ربُّ الوديعة على المودعَ ضمان الوديعة لم يصح الشرط، ولا يضمنها الوديع؛ لأنَّه شرطٌ ينافي مقتضا العقد، فلم يضمنها.

4 -

قال في شرح الإقناع أيضًا: المودعَ أمين، والقول قوله مع يمينه فيما يدَّعيه من رد؛ لأنَّه لا منفعة له في قبضها، ويقبل قوله أيضًا في نفس ما يدعى عليه من خيانةٍ، أو تفريطٍ؛ لأنَّ الأصل عدمها؛ ولأنَّ الله تعالى أمره بأدائها إلى أهلها؛ ولو لم يكن قوله معتبرًا مقبولاً ما وُجِّه الأمر إليه فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].

قال ابن هبيرة: اتفقوا على قبول قول المودع في التلف، والرد مع يمينه.

5 -

ويجب حفظ الوديعة في حرز مثلها عرفا، كما يحفظ ماله؛ لأنَّه تعالى أمر بأدائها، ولا يمكن ذلك إلَاّ بالحفظ، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

* فوائد:

الأولى: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه أنَّ المستودع إذا أحرز الوديعة، ثم ذكر أنَّها ضاعت، قُبِل قوله بيمينه.

الثانية: قال الوزير: اتَّفقوا على أنَّ القول قول المستودع في التلف والرد مع

ص: 206

يمينه.

الثالثة: يقبل قول المودع في عدم التفريط والخيانة؛ لأنَّه أمين، والأصل براءته، وهكذا حكم سائر الأمانات.

قال ابن القيم: إن لم يكذبهم شاهد الحال.

الرابعة: قال الوزير: اتَّفقوا على أنَّه متى طلب الوديعة صاحبُهَا، وجَبَ على المودع أن لا يمنعها مع إمكان الرد، وإن لم يفعل فهو ضامن، فإن طلبها في وقتٍ لا يمكنه دفعها إليه، لم يكن متعديًا.

انتهى كتاب البيوع

ص: 207