الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَحْسَن مَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم فَإِن الْأَحْسَن هُوَ الْمَأْمُور بِهِ وَهُوَ خير من الْمنْهِي عَنهُ
الْخَيْر بيدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْهِ
كَذَلِك هُوَ سُبْحَانَهُ فِي خلقه وَفعله فَمَا أَرَادَ أَن يخلقه وبفعله كَانَ أَن يخلقه ويفعله خيرا من أَن لَا يخلقه ويفعله وَمَا لم يرد أَن يخلقه ويفعله كَانَ أَن لَا يخلقه ويفعله خيرا من أَن يخلقه ويفعله فَهُوَ لَا يفعل إِلَّا الْخَيْر وَهُوَ مَا وجوده خير من عَدمه فَكل مَا كَانَ عَدمه خيرا من وجوده فوجوده شَرّ فَهُوَ لَا يَفْعَله بل هُوَ منزه عَنهُ وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْهِ فالشر وَهُوَ مَا كَانَ وجوده شرا من عَدمه لَيْسَ إِلَيْهِ إِذْ كَانَ هَذَا مُسْتَحقّا للعدم لَا يشاؤه وَلَا يخلقه والمعدوم لَا يُضَاف إِلَى فَاعل فَلَيْسَ إِلَيْهِ وَلَكِن الْخَيْر بيدَيْهِ وَهُوَ مَا كَانَ وجوده خيرا من عَدمه
التَّعْلِيق على قَول بَعضهم: الْخَيْر كُله فِي الْوُجُود وَالشَّر كُله فِي الْعَدَم
وَمن النَّاس من يَقُول الْخَيْر كُله فِي الْوُجُود وَالشَّر كُله فِي الْعَدَم والوجود خير روالشر الْمَحْض لَا يكون إِلَّا مَعْدُوما وَهَذَا لفظ مُجمل فَإِذا أُرِيد بذلك أَن كل مَا خلقه الله وأوجده فَفِيهِ الْخَيْر ووجوده خير من عَدمه فَهَذَا صَحِيح وَكَذَلِكَ مَا لم يخلقه وَلم يشأه وَهُوَ الْمَعْدُوم الْبَاقِي على عَدمه لَا خير فِيهِ إِذْ لَو كَانَ فِيهِ خير لفعله سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ الْخَيْر فالشر العدمي هُوَ عدم الْخَيْر لَا أَن فِي الْعَدَم شرا وجوديا وَأما إِذا أُرِيد أَن كل مَا يقدر وجوده فوجوده خير وكل مَا يقدر عَدمه فعدمه شَرّ فَلَيْسَ بِصَحِيح بل من الْأَشْيَاء مَا وجوده شَرّ من عَدمه وَلَكِن هَذَا لَا يخلقه الرب فَيبقى مَعْدُوما وَعَدَمه خير فَهَذَا خير من هَذَا الْعَدَم بِمَعْنى أَن عَدمه خير رمن وجوده إِذْ كَانَ وجوده فِيهِ ضَرَر رَاجِح وَعدم الضَّرَر الرَّاجِح خير فَهُوَ خير عدمي فِي الْعَدَم
إِذْ الْعَدَم لَا يكون فِيهِ وجود فالشر لَيْسَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَا كَانَ وجوده شرا من عَدمه فَإِنَّهُ لَا يخلق هَذَا وَمَا لم يخلقه فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهِ وكل مَا خلقه فوجوده خير من عَدمه وَهُوَ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ الْخَيْر وَذَلِكَ الَّذِي وجوده شَرّ من عَدمه فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَدْفَعهُ ويمنعه أَن يكون مَعَ الْقيام الْمُقْتَضِي لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى إِن الله يدافع عَن الَّذين آمنُوا [سُورَة الْحَج 38] وَالله يَعْصِمك من النَّاس [سُورَة الْمَائِدَة 67] لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله [سُورَة الرَّعْد 11] وَهُوَ يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ [سُورَة الْمُؤْمِنُونَ 88]
فَدفعهُ الشَّرّ الَّذِي تريده النُّفُوس الشريرة هُوَ من الْخَيْر وَهُوَ بيدَيْهِ وَلَو مكن تِلْكَ النُّفُوس لفعلته فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يُمكنهَا بل يمْنَعهَا إِذا أَرَادَتْهُ مَعَ أَنَّهَا لَو خليت لفعلته فَهُوَ تَارَة بِمَنْع الشَّرّ بِإِزَالَة سَببه ومقتضيه وَتارَة يخلق مَا يضاده وينافيه وَمَا بكم من نعْمَة فَمن الله ثمَّ إِذا مسكم الضّر فإليه تجأرون [سُورَة النَّحْل 53]
وَقَول الْقَائِل خير وَشر أَي هَذَا خير من هَذَا وَهَذَا شَرّ من هَذَا وَلِهَذَا غَالب اسْتِعْمَال هذَيْن الإسمين كَذَلِك كَقَوْلِه آللَّهُ خير أما يشركُونَ [سُورَة النَّمْل 59] أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا [سُورَة الْفرْقَان 24] وذروا البيع ذَلِكُم خير لكم [سُورَة الْجُمُعَة 9]