الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْعَذَابِ وَلم يقل بِالذنُوبِ كَأَنَّهُ وَالله أعلم ضمن ذَلِك معنى جذبانهم إِلَيْنَا لينيبوا وليتوبوا وَإِذا قَالَ فَأَخذهُم الله بِذُنُوبِهِمْ يكون قد أهلكهم فَأَخذهُم إِلَيْهِ بِالْهَلَاكِ وَبسط هَذَا لَهُ موضح آخر
الله يفعل الْخَيْر وَالْأَحْسَن
وَالْمَقْصُود هُنَا أَن كل مَا يَفْعَله الرب ويخلقه فوجوده خير من عَدمه وَهُوَ أَيْضا خير من غَيره أَي من مَوْجُود غَيره يقدر مَوْجُودا بدله فَكَمَا أَن وجوده خير من عَدمه فَهُوَ أَيْضا خير من مَوْجُود آخر يقدر مخلوقا بدله كَمَا ذكرنَا فِيمَا يَأْمر بِهِ أَن فعله خير من تَركه وَأَنه خير من أَفعَال غَيره يشْتَغل بهَا عَنهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذروا البيع ذَلِكُم خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ [سُورَة الْجُمُعَة 9]
وَقَوْلنَا فعله خير من تَركه سَوَاء جعل التّرْك وجوديا أَو عدميا والرب تَعَالَى لَهُ الْمثل الْأَعْلَى وَهُوَ أَعلَى من غَيره وأحق بالمدح وَالثنَاء من كل مَا سواهُ وَأولى بِصِفَات الْكَمَال وَأبْعد عَن صِفَات النَّقْص فَمن الْمُمْتَنع أَن يكون الْمَخْلُوق متصفا بِكَمَال لَا نقص فِيهِ والرب لَا يَتَّصِف إِلَّا بالكمال الَّذِي لَا نقص فِيهِ وَإِذا كَانَ يَأْمر عَبده أَن يفعل الْأَحْسَن وَالْخَيْر فَيمْتَنع أَن لَا يفعل هُوَ إِلَّا مَا هُوَ الْأَحْسَن وَالْخَيْر فَإِن فعل الْأَحْسَن وَالْخَيْر مدح وَكَمَال لَا نقص فِيهِ فَهُوَ أَحَق بالمدح والكمال الَّذِي لَا نقص فِيهِ من غَيره
قَالَ تَعَالَى وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلا لكل شَيْء فَخذهَا بِقُوَّة وَأمر قَوْمك يَأْخُذُوا بأحسنها سأريكم دَار الْفَاسِقين [سُورَة الْأَعْرَاف 145] وَقَالَ الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه [سُورَة الزمر 18] وَاتبعُوا أحسن
مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم [سُورَة الزمر 55] وَقَالَ وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون [سُورَة الْحَج 77]
وَقد قَالَ تَعَالَى فِي مدح نَفسه قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك إِلَى قَوْله بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير [سُورَة آل عمرَان 26] وَقَالَ تَعَالَى الله نزل أحسن الحَدِيث [سُورَة الزمر 23] فَكَلَامه أحسن الْكَلَام وَقَالَ تَعَالَى الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه الْآيَة [سُورَة السَّجْدَة 7] فقد أحسن كل شَيْء خلقه وَقَالَ صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء [سُورَة النَّمْل 88]
وَهُوَ سُبْحَانَهُ الرَّحْمَن الرَّحِيم الغفور الْوَدُود الْجواد الْمَاجِد وَهُوَ سُبْحَانَهُ الأكرم الَّذِي علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ وَخير الرَّاحِمِينَ كَمَا قَالَ أَيُّوب مسني الضّر وَأَنت أرحمن الرَّاحِمِينَ [سُورَة الْأَنْبِيَاء 83] وَقَالَ لنَبيه وَقل رب اغْفِر وَارْحَمْ وَأَنت خير الرَّاحِمِينَ [سُورَة الْمُؤْمِنُونَ 118] فَهُوَ أَحَق بِالرَّحْمَةِ والجود وَالْإِحْسَان من كل أحد
وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار ثمَّ قَالَ مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة [سُورَة الْقَصَص 68] فَأخْبر أَنه يخلق مَا يَشَاء ويختار
والإختيار فِي لُغَة الْقُرْآن يُرَاد بِهِ التَّفْضِيل والإنتقاء والإصطفاء كَمَا قَالَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي يَا مُوسَى إِلَى قَوْله وَأَنا اخْتَرْتُك فاستمع لما يُوحى [سُورَة طه 11 - 13] وَقَالَ تَعَالَى وَلَقَد نجينا