الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْن قُتَيْبَة حجراته جوانبه يُرِيد أَن حوافر الْخَيل قد بلغت الأكم ووطئتها حَتَّى خَشَعت وانخفضت
قَالَ ابْن عَطِيَّة فِي قَوْله يتفيأ ظلاله عَن الْيَمين وَالشَّمَائِل [سُورَة النَّحْل 48] وَقَالَت فرقة مِنْهُم الطَّبَرِيّ عبر عَن الخضوع وَالطَّاعَة وميلان الظلال ودورانها بِالسُّجُود كَمَا يُقَال للمشير بِرَأْسِهِ نَحْو الأَرْض على وَجه الخضوع ساجد وَمِنْه قَول الشَّاعِر
وكلتاهما خرت وأسجد رَأسهَا
…
كَمَا سجدت نصرانة لم تحنف
فصل
وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَالله سُبْحَانَهُ ذكر فِي الرَّعْد قَوْله وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها [سُورَة الرَّعْد 15] فَعم فِي هَذِه الْآيَة وَلم يسْتَثْن وَقسم السُّجُود إِلَى طوع وَكره وَقَالَ فِي الْحَج ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالشَّجر وَالدَّوَاب وَكثير من النَّاس وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب [سُورَة الْحَج 18]
وَفِي هَذَا الْكثير قَولَانِ أَحدهمَا أَنه لم يسْجد فَلهَذَا حق عَلَيْهِ الْعَذَاب كَمَا تقدم عَن طَاوُوس وَهُوَ قَول الْفراء وَغَيره وَالثَّانِي أَنه سجد وَحقّ عَلَيْهِ الْعَذَاب فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ السُّجُود الْمَأْمُور بِهِ
قَالَ أَبُو الْفرج وَفِي قَوْله وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب قَولَانِ أَحدهمَا أَنهم الْكفَّار وهم يَسْجُدُونَ وسجودهم سُجُود ظلهم قَالَه مقَاتل وَالثَّانِي أَنهم لَا يَسْجُدُونَ وَالْمعْنَى وَكثير من النَّاس أَبى السُّجُود ويحق عَلَيْهِ الْعَذَاب لتَركه السُّجُود هَذَا قَول الْفراء
قلت ذَا قَول الْأَكْثَرين وَقد ذكر الْبَغَوِيّ فِي قَوْله ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض الْآيَة قَالَ قَالَ مُجَاهِد سجودها تحول ظلالها وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة مَا فِي السَّمَاء نجم وَلَا شمس وَلَا قمر إِلَّا يَقع سَاجِدا حِين يغيب ثمَّ لَا ينْصَرف حَتَّى يُؤذن لَهُ فَيَأْخُذ ذَات الْيَمين حَتَّى يرجع إِلَى مطلعه قَالَ وَقيل سجودها بِمَعْنى الطَّاعَة فَإِنَّهُ مَا من جماد إِلَّا وَهُوَ مُطِيع لله خاشع لَهُ مسبح لَهُ كَمَا أخبر الله عز وجل عَن السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين [سُورَة فصلت 11] وَقَالَ فِي وصف الْحِجَارَة وَإِن مِنْهَا لما يهْبط من خشيَة الله [سُورَة الْبَقَرَة 74] وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا يتفقهون تسبيحهم [سُورَة الْإِسْرَاء 44]
قَالَ وَهَذَا مَذْهَب حسن مُوَافق لقَوْل أهل السّنة
قلت قد تقدم قَول الطَّبَرِيّ وَغَيره بِهَذَا القَوْل فَإِذا كَانَ السُّجُود فِي هَذِه الْآيَة لس عَاما وَهُوَ هُنَاكَ عَام كَانَ السُّجُود الْمُطلق هُوَ سُجُود الطوع فَهَذِهِ الْمَذْكُورَات تسْجد تَطَوّعا هِيَ وَكثير من النَّاس وَالْكثير الَّذِي حق عَلَيْهِ الْعَذَاب إِنَّمَا يسْجد كرها وَحِينَئِذٍ فالكثير الَّذِي حق عَلَيْهِ الْعَذَاب لم يقل فِيهِ إِنَّه يسْجد وَلَا نفى عَنهُ كل سُجُود بل تَخْصِيص من سواهُ بِالذكر يدل