المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفصيل مذهب أهل السنة في ذلك - جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصلفِي قنوت الْأَشْيَاء لله عز وجل وإسلامها وسجودها لَهُ وتسبحها لَهُ

- ‌الْقُنُوت فِي الْقُرْآن

- ‌الْإِسْلَام

- ‌السُّجُود

- ‌التَّسْبِيح

- ‌الْقُنُوت فِي اللُّغَة

- ‌الْقُنُوت عِنْد ابْن تَيْمِية هُوَ الطَّاعَة

- ‌فصل

- ‌رِوَايَة ابْن أبي حَاتِم أوجه تَفْسِير لفظ الْقُنُوت

- ‌الْوَجْه الأول الطَّاعَة

- ‌الْوَجْه الثَّانِي الصَّلَاة

- ‌الْوَجْه الثَّالِث الْإِقْرَار بالعبودية

- ‌الْوَجْه الرَّابِع الْقيام يَوْم الْقِيَامَة

- ‌الْوَجْه الْخَامِس قَول الْإِخْلَاص

- ‌أَقْوَال الْمُفَسّرين

- ‌هَل الْقُنُوت خَاص أم عَام

- ‌تَعْلِيق ابْن تَيْمِية

- ‌الْقُنُوت عِنْد ابْن تَيْمِية عَام

- ‌أَنْوَاع الْقُنُوت الَّذِي يعم الْمَخْلُوقَات

- ‌الأول

- ‌الثَّانِي

- ‌الثَّالِث

- ‌الرَّابِع

- ‌الْخَامِس

- ‌فصل

- ‌الْكَلَام عَن السُّجُود

- ‌تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وادخلوا الْبَاب سجدا} الْآيَة

- ‌السُّجُود فِي اللُّغَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌لفظ السّنَن فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن

- ‌سنته نصْرَة أوليائه وإهانة أعدائه

- ‌الْآيَة الأولى

- ‌الْأَرْبَعَة الْبَوَاقِي:

- ‌الأولى

- ‌الثَّانِيَة

- ‌الثَّالِثَة

- ‌الرَّابِعَة

- ‌السّنَن الْمُتَعَلّقَة بالأمور الطبيعية ينقضها الله إِذا شَاءَ

- ‌ الأول

- ‌ الثَّانِي

- ‌الْأَدِلَّة على ذَلِك

- ‌الثَّالِث

- ‌سنته تَعَالَى مطردَة فِي الدينيات والطبيعيات

- ‌نقض الْعَادة لاخْتِصَاص معِين

- ‌السّنة هِيَ الْعَادة

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌شيخ مَدين لم يكن شعيبا

- ‌كَانَ شُعَيْب عَرَبيا ومُوسَى عبرانيا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌تَفْسِير السُّورَة إِجْمَالا

- ‌[الْآيَتَانِ: 1، 2]

- ‌الْآيَة الثَّالِثَة

- ‌الْآيَة الرَّابِعَة

- ‌الْآيَة الْخَامِسَة

- ‌الْآيَة السَّابِعَة

- ‌الْآيَة الثَّامِنَة

- ‌الْآيَة التَّاسِعَة

- ‌الْآيَة الْعَاشِرَة

- ‌الْآيَة: 11

- ‌الْآيَات: 12-20

- ‌الْآيَة: 21

- ‌الْآيَة: 22

- ‌الْآيَتَانِ: 23، 24

- ‌الْآيَتَانِ: 25، 26

- ‌الْآيَة: 27

- ‌الْآيَة: 28

- ‌الْآيَة: 29

- ‌الْآيَة الثَّلَاثُونَ

- ‌فصل فِي التَّوَكُّل

- ‌التَّوَكُّل عِنْد طَائِفَة مُجَرّد عبَادَة لَا يحصل بِهِ جلب مَنْفَعَة وَلَا دفع مضرَّة

- ‌التَّوَكُّل عِنْد الْجُمْهُور يجلب الْمَنْفَعَة وَيدْفَع الْمضرَّة وَهُوَ سَبَب عِنْد الْأَكْثَرين

- ‌توكل الْمُؤمن على الله هُوَ سَبَب كَونه حسبا لَهُ

- ‌التَّوَكُّل سَبَب نعْمَة الله وفضله

- ‌الْأَسْبَاب -وَمِنْهَا التَّوَكُّل- من قدر الله

- ‌نصر الله مَعَ التَّوَكُّل عَلَيْهِ

- ‌توكل الْمُرْسلين يدْفع عَنْهُم شَرّ أعدائهم

- ‌غلط من أنكر الْأَسْبَاب أَو جعلهَا مُجَرّد أَمارَة أَو عَلامَة

- ‌فصل

- ‌فرض الله الدُّعَاء على الْعباد لافتقارهم إِلَى هدايته

- ‌الْمُجبرَة والقدرية والملاحدة لَا يحْمَدُونَ الله وَلَا يشكرونه

- ‌مقَالَة الْمُجبرَة

- ‌مقَالَة الْقَدَرِيَّة النافية

- ‌مقَالَة المتفلسفة

- ‌مقَالَة باطنية الشِّيعَة والمتصوفة

- ‌مقَالَة ابْن عَرَبِيّ

- ‌كفر باطنية المتصوفة أعظم من كفر الفلاسفة

- ‌كل مَا بالخلق من نعْمَة فَمن الله

- ‌نعْمَة الله على الْكفَّار وَغَيرهم وَلَكِن نعْمَته الْمُطلقَة على الْمُؤمنِينَ

- ‌الْجَهْمِية والمعتزلة يُنكرُونَ محبته تَعَالَى ويقرون بِوُجُوب الشُّكْر

- ‌الْجَهْمِية الْمُجبرَة يضعف شكرهم وخوفهم ويقوى رجاؤهم

- ‌الْمُؤمن يخَاف الله ويرجوه وَيُحِبهُ

- ‌الْقَائِلُونَ بوحدة الْوُجُود يحبونَ بِدُونِ خوف أَو رَجَاء

- ‌بَيَان مقَالَة أهل السّنة

- ‌فصل

- ‌تنَازع طوائف الْمُسلمين فِي معنى الظُّلم الَّذِي ينزه الله عَنهُ

- ‌مقَالَة الْجَهْمِية والأشاعرة

- ‌مقَالَة الْمُعْتَزلَة

- ‌مقَالَة أهل السّنة

- ‌فصل

- ‌الْخَيْر بيدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْهِ

- ‌التَّعْلِيق على قَول بَعضهم: الْخَيْر كُله فِي الْوُجُود وَالشَّر كُله فِي الْعَدَم

- ‌الْخَيْر وَالشَّر دَرَجَات

- ‌لَا يعذب الله أحدا إِلَّا بِذَنبِهِ

- ‌الله يفعل الْخَيْر وَالْأَحْسَن

- ‌فصل مُخْتَصر

- ‌بَيَان حَقِيقَة إِرَادَة الله

- ‌الْمُثبت فِي الْقُرْآن لَيْسَ هُوَ الْمَنْفِيّ فِي السّنة

- ‌الْعَمَل سَبَب للثَّواب

- ‌السَّبَب لَا يسْتَقلّ بالحكم

- ‌لَيْسَ جَزَاء الله على سَبِيل الْمُعَاوضَة

- ‌غلط من توهم ذَلِك من وُجُوه

- ‌الأول

- ‌الثَّانِي

- ‌الثَّالِث

- ‌الرَّابِع

- ‌الْخَامِس

- ‌لَا بُد من الْعَمَل وَمن رَجَاء رَحْمَة الله

- ‌الله يدْخل الْجنَّة بِالْعَمَلِ وَبِغَيْرِهِ من الْأَسْبَاب

- ‌نَص السُّؤَال

- ‌هَذِه مقَالَة المتفلسفة والقرامطة والاتحادية

- ‌رد السّلف عَلَيْهِم

- ‌النَّاس فِي الصِّفَات ثَلَاث مَرَاتِب

- ‌مقَالَة أهل السّنة فِي كَلَام الله

- ‌مقَالَة الفلاسفة فِي كَلَام الله

- ‌مُتَابعَة الْغَزالِيّ للفلاسفة

- ‌مقَالَة ابْن عَرَبِيّ فِي الفصوص

- ‌تأثر الْغَزالِيّ بِإِخْوَان الصَّفَا وأمثالهم

- ‌كَلَام الْغَزالِيّ فِي كتاب المضنون

- ‌مقَالَة ابْن حزم

- ‌الرَّد على النفاة

- ‌الرَّد على الْغَزالِيّ

- ‌إِثْبَات ابْن تَيْمِية وَأهل السّنة الْمَاهِيّة لله تَعَالَى

- ‌فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَقْوَال:

- ‌الأول

- ‌الثَّانِي

- ‌الثَّالِث

- ‌نَص السُّؤَال:

- ‌الْجَواب:

- ‌الحلاج كَانَ زنديقًا:

- ‌بعض أَخْبَار الحلاج:

- ‌أَخْبَار أُخْرَى عَن بعض أَصْحَاب الْأَحْوَال الشيطانية:

- ‌إِخْبَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الدجالين والدجال الْكَبِير:

- ‌كَانَ الحلاج دجالًا وَوَجَب قَتله:

- ‌نَص السُّؤَال:

- ‌{الْجَواب}

- ‌فِرْعَوْن من أعظم الْخلق كفرا:

- ‌لَا يُصَرح بِمَوْتِهِ مُؤمنا إِلَّا من فِيهِ نفاق وزندقة كالاتحادية:

- ‌تَفْضِيل الاتحادية الْوَلِيّ على النَّبِي وَالرَّسُول:

- ‌بطلَان حجتهم على إِيمَان فِرْعَوْن:

- ‌إِخْبَار الله عَن عَذَاب فِرْعَوْن فِي الْآخِرَة:

- ‌فصل

- ‌بعض آيَات التَّوْبَة فِي الْقُرْآن

- ‌بعض الْأَحَادِيث فِي التَّوْبَة

- ‌فصل

- ‌التَّوْبَة نَوْعَانِ وَاجِبَة ومستحبة

- ‌الْوَاجِبَة من ترك مَأْمُور أَو فعل مَحْظُور

- ‌والمستحبة من ترك المستحبات وَفعل المكروهات

- ‌التَّوْبَة من ترك الْحَسَنَات أهم من التَّوْبَة من فعل السَّيِّئَات

- ‌الغي والضلال يجمعان جَمِيع السَّيِّئَات

- ‌الغي فِي شهوات الرِّئَاسَة وَالْكبر والعلو

- ‌فصل

- ‌الْعِصْيَان يَقع مَعَ ضعف الْعلم

- ‌التَّوْبَة من الاعتقادات أعظم من التَّوْبَة من الإرادات

- ‌الِاعْتِقَاد والإرادة يتعاونان

- ‌فصل

- ‌التَّوْبَة من الْحَسَنَات لَا تجوز عِنْد أحد من الْمُسلمين

- ‌الْمَعْنى الصَّحِيح لعبارة: حَسَنَات الْأَبْرَار سيئات المقربين

- ‌الْمَعْنى الْفَاسِد للعبارة

- ‌لم تأت الشَّرِيعَة بِالتَّوْبَةِ من الْحَسَنَات

- ‌أصل هَذِه الْمقَالة هُوَ دَعْوَى الْعِصْمَة فِي الْمُؤمنِينَ

- ‌غلو النَّصَارَى فِي هَذِه الدَّعْوَى

- ‌غلو الشِّيعَة فِي دَعْوَى الْعِصْمَة

- ‌غلو الصُّوفِيَّة

- ‌لَا عصمَة لأحد بعد الرَّسُول

- ‌مَذْهَب السّلف وَأهل السّنة هُوَ القَوْل بتوبة الْأَنْبِيَاء

- ‌الْيَهُود فرطوا فِي حق الْأَنْبِيَاء

- ‌الْإِسْلَام هُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم

- ‌عصمَة الْأَئِمَّة تَعْنِي مضاهاتهم للرسول

- ‌الغلو فِي الْبشر يُؤَدِّي إِلَى الشّرك

- ‌بطلَان القَوْل بعصمة الْأَنْبِيَاء من التَّوْبَة من الذُّنُوب

- ‌تَفْصِيل مَذْهَب أهل السّنة فِي ذَلِك

- ‌سَبَب مَا اخْتصَّ بِهِ الْعَرَب من الْفضل

الفصل: ‌تفصيل مذهب أهل السنة في ذلك

أَو الْعلمَاء أَو الْمَشَايِخ من شَيْء لَا يضيرهم وَلَا يضرهم ثُبُوته فيقدح فِي الرَّسُول أَو فِي الله تَعَالَى وَيُرِيد تَنْزِيه الْأَنْبِيَاء عَمَّا لَا يضرهم ثُبُوته بل هُوَ رفع دَرَجَة لَهُم فيقدح فِي الربوبية فَتدبر هَذَا فَإِنَّهُ نَافِع

‌بطلَان القَوْل بعصمة الْأَنْبِيَاء من التَّوْبَة من الذُّنُوب

والقائلون بعصمة الْأَنْبِيَاء من التَّوْبَة من الذُّنُوب لَيْسَ لَهُم حجَّة من كتاب الله وَسنة رَسُوله وَلَا لَهُم إِمَام من سلف الْأمة وأئمتها وَإِنَّمَا مبدأ قَوْلهم من أهل الْأَهْوَاء كالروافض والمعتزلة وحجتهم آراء ضَعِيفَة من جنس قَول الَّذين فِي قُلُوبهم مرض والقاسية قُلُوبهم الَّذين قَالَ الله فيهم ليجعل مَا يلقى الشَّيْطَان فتْنَة للَّذين فِي قُلُوبهم مرض والقاسية قُلُوبهم وَإِن الظَّالِمين لفي شقَاق بعيد [سُورَة الْحَج 53]

وعمدة من وافقهم من الْفُقَهَاء أَن الِاقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَفعاله مَشْرُوع وَلَوْلَا ذَلِك مَا جَازَ الِاقْتِدَاء بِهِ وَهَذَا ضَعِيف فَإِنَّهُ قد تقدم أَنهم لَا يقرونَ بل لَا بُد من التَّوْبَة وَالْبَيَان والاقتداء إِنَّمَا يكون بِمَا اسْتَقر عَلَيْهِ الْأَمر فَأَما الْمَنْسُوخ والمنهي عَنهُ والمتوب مِنْهُ فَلَا قدوة فِيهِ بالِاتِّفَاقِ فَإِذا كَانَت الْأَقْوَال المنسوخة لَا قدوة فِيهَا فالأفعال الَّتِي لم يقر عَلَيْهَا أولى بذلك

‌تَفْصِيل مَذْهَب أهل السّنة فِي ذَلِك

وَأما مَذْهَب السّلف وَالْأَئِمَّة وَأهل السّنة وَالْجَمَاعَة الْقَائِلين بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة من تَوْبَة الْأَنْبِيَاء من الذُّنُوب فقد ذكرنَا من آيَات الْقُرْآن مَا فِيهِ دلالات على ذَلِك

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْت أعلم بِهِ منى اللَّهُمَّ اغْفِر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذَلِك عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت

ص: 276

وَأما أَنْت أعلم بِهِ مني أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر وَأَنت على كل شَيْء قدير

وَفِي الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يَقُول فِي استفتاح الصَّلَاة اللَّهُمَّ أَنْت الْملك لَا شريك لَك أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك ظلمت نَفسِي وَاعْتَرَفت بذنبي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت واهدني لأحسن الْأَخْلَاق فَإِنَّهُ لَا يهدي لأحسنها إِلَّا أَنْت واصرف عني سيئها فَإِنَّهُ لَا يصرف عني سيئها إِلَّا أَنْت قَالَ ثمَّ يكون من آخر مَا يَقُول بَين التَّشَهُّد التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة إسكاتة فَقلت بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله إسكاتك بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة مَا تَقول قَالَ أَقُول اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب اللَّهُمَّ نقني من الْخَطَايَا كَمَا

ص: 277

ينقي الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس اللَّهُمَّ اغسل خطاياي بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي يتَأَوَّل الْقُرْآن

وَفِي الصَّحِيح أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول فِي سُجُوده اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي كُله دقه وجله وأوله وَآخره وعلانيته وسره وقليله وَكَثِيره

وَقد تقدم قَوْله فِي الحَدِيث الصَّحِيح إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم أَكثر من سبعين مرّة وَقَوله يَا أَيهَا النَّاس تُوبُوا إِلَى ربكُم فَإِنِّي أَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مائَة مرّة وَقَوله إِنَّه ليغان على قلبِي وَإِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة وَتقدم أَيْضا أَنهم كَانُوا يعدون لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمجْلس الْوَاحِد يَقُول رب اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور مائَة مرّة

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قفل من غَزْو أَو حج أَو عمْرَة يكبر على كل شرف من الأَرْض ثَلَاث

ص: 278

تَكْبِيرَات ثمَّ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير آيبون تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون صدق الله وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده

وَفِي السّنَن عَن عَليّ أَنه أَتَى بِدَابَّة ليرْكبَهَا فَلَمَّا وضع رجله فِي الركاب قَالَ بِسم الله فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهرهَا قَالَ الْحَمد لله سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون ثمَّ قَالَ الْحَمد لله ثَلَاثًا سُبْحَانَكَ إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت ثمَّ ضحك فَقيل من أَي شَيْء ضحِكت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صنع كَمَا صنعت ثمَّ ضحك فَقلت من أَي شَيْء ضحِكت يَا رَسُول الله فَقَالَ إِن رَبك ليعجب من عَبده إِذا قَالَ رب اغْفِر لي ذُنُوبِي يَقُول يعلم أَن الذُّنُوب لَا يغفرها أحد غَيْرِي

ص: 279

فصل فِي أَن دين الْأَنْبِيَاء وَاحِد

ص: 281

فصل

قَوْله صلى الله عليه وسلم إِنَّا معاشر الْأَنْبِيَاء ديننَا وَاحِد

قَالَ تَعَالَى يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات إِلَى قَوْله وَإِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاتقون [سُورَة الْمُؤْمِنُونَ 51 - 52] أَي ملتكم مِلَّة وَاحِدَة كَقَوْلِه إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة [سُورَة الزخرف 22 - 23] أَي على مِلَّة وَقَالَ شرع لكم من الدَّين مَا وصّى بِهِ نوحًا وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك الْآيَة [سُورَة الشورى 13]

فدين الْأَنْبِيَاء وَاحِد وَهُوَ دين الْإِسْلَام لِأَن بعض الشَّرَائِع تتنوع فقد يشرع فِي وَقت أمرا لحكمة ثمَّ يشرع فِي وَقت آخر أمرا آخر لحكمة كَمَا شرع فِي أول الْإِسْلَام الصَّلَاة إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ نسخ ذَلِك وَأمر بِالصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَة فتنوعت الشَّرِيعَة وَالدّين وَاحِد وَكَانَ اسْتِقْبَال الشَّام من ذَلِك

ص: 283

الْوَقْت من دين الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ السبت لمُوسَى من دين الْإِسْلَام ثمَّ لما صَار دين الْإِسْلَام هُوَ النَّاسِخ وَهُوَ الصَّلَاة إِلَى الْكَعْبَة فَمن تمسك بالمنسوخ فَلَيْسَ على دين الْإِسْلَام وَلَا هُوَ من الْأَنْبِيَاء

وَمن ترك شرع الْأَنْبِيَاء وابتدع شرعا فشرعه بَاطِل لَا يجوز اتِّبَاعه كَمَا قَالَ أم لَهُم شُرَكَاء شرعوا لَهُم من الدَّين مَا لم يَأْذَن بِهِ الله [سُورَة الشورى 21] وَلِهَذَا كفرت الْيَهُود وَالنَّصَارَى لأَنهم تمسكوا بشرع مَنْسُوخ

وَالله أوجب على جَمِيع الْخلق أَن يُؤمنُوا بِجَمِيعِ كتبه وَرُسُله وَمُحَمّد خَاتم الرُّسُل فعلى جَمِيع الْخلق اتِّبَاعه وَاتِّبَاع مَا شَرعه من الدَّين هُوَ مَا أَتَى بِهِ من الْكتاب وَالسّنة

ص: 284

فصل فِي الدَّلِيل على فضل الْعَرَب

ص: 285

فصل

الدَّلِيل على فضل الْعَرَب مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِن قُريْشًا جَلَسُوا يتذاكرون أحسابهم بَينهم فَجعلُوا مثلك كَمثل نَخْلَة فِي كبوة من الأَرْض فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن الله خلق الْخلق فجعلني فِي خير فرقهم ثمَّ خير الْقَبَائِل فجعلني فِي خير قَبيلَة ثمَّ خير الْبيُوت فجعلني فِي خير بُيُوتهم فَأَنا خَيرهمْ نفسا وَخَيرهمْ بَيْتا قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن

والكبا بِالْكَسْرِ وَالْقصر والكبة الكناسة وَالْمعْنَى أَن النَّخْلَة طيبَة فِي نَفسهَا وَإِن كَانَ أَصْلهَا لَيْسَ بِذَاكَ

وَعَن سلمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا سلمَان لَا تبغضني فتفارق دينك قلت يَا رَسُول الله وَكَيف أبغضك وَبِك هَدَانِي الله قَالَ تبغض الْعَرَب فتبغضني قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب

وروى أَبُو جَعْفَر الْحَافِظ الْكُوفِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله

ص: 287

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحبُّوا الْعَرَب لثلاث لِأَنِّي عَرَبِيّ وَالْقُرْآن عَرَبِيّ ولسان أهل الْجنَّة عَرَبِيّ قَالَ الْحَافِظ السلَفِي هَذَا حَدِيث حسن فَمَا أَدْرِي أَرَادَ حسن إِسْنَاده على طَريقَة الْمُحدثين أَو حسن مَتنه على الإصطلاح الْعَام وَأَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ ذكره فِي الموضوعات

وَقَالَ سلمَان يَا معشر الْعَرَب لتفضيل رَسُول الله إيَّاكُمْ لَا ننكح نساءكم وَلَا نؤمكم فِي الصَّلَاة وَإِسْنَاده جيد رَوَاهُ مُحَمَّد بن أبي عمر الْعَدنِي وَسَعِيد فِي سنَنه

ص: 288