الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الترمذي
(1)
عنه أنه قال: "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله".
وفي الموطأ
(2)
: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
وفي الصحيحين
(3)
عنه أنه قال: "من قال في يومٍ مئةَ مرة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، كانتْ له عِدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَ له مئةُ حسنةٍ، وحُطَّ عنه مئةُ سيئةٍ، وكانت له حِرْزًا من الشيطان يومَه ذلك حتى يُمسِيَ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا رجلٌ قال مثل ما قال أو زاد عليه. ومن قال في يوم: "سبحان الله وبحمده" مئة مرةٍ حُطَّتْ عنه خطاياه ولو كانت مثلَ زبَدِ البحر".
وأما النذر لها فينبغي أن يُعلَم أن
أصل النذر مكروه منهيٌّ عنه
بلا نزاع أعلمه بين الأئمة، لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال:"إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستخرج به [من] البخيل"
(4)
.
وفي الصحيحين أيضًا عنه أنه قال: "إن النذر يَرُدُّ ابنَ آدم إلى القدر، فيُعطِي على النذر مالا يُعطي على غيرِه"
(5)
.
فبيَّن صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يَجلِب خيرًا ولا يَدفَع شرًّا، ولكن يقع مع
(1)
برقم (3383) عن جابر. ورواه أيضًا النسائي في "عمل اليوم والليلة"(831) وابن ماجه (3800).
(2)
1/ 422 عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلًا.
(3)
البخاري (3293، 6403) ومسلم (2691) عن أبي هريرة.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
سبق تخريجه.
النذر ما كان واقعًا بدون النذر، فيبقَى النذرُ عديمَ الفائدة، لكنه يَستخرِج من البخيل، فإنه يُخرِج بالنذر مالا يُخرِجه بدونه، ونهى عن النذر لأن فيه التزام شيء لم يكن لازمًا، وقد لا يَفعَلُه فيبقَى متلومًا، كما قال تعالى:) وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ)
(1)
.
ولهذا يجب الوفاء بالنذر إذا كان المنذور طاعةً، وإن كان نفس النذر منهيًّا عنه، كما أن العبد منهيٌّ عن الظهار، وإذا ظَاهَرَ لزمتْه الكفارة، فالمنهي عنه إن كان فيه إيجاب أو تحريمٌ لزمَ المنهي عقوبةً له، وإن كان فيه إباحة لم تبح، لأن المنهي عنه معصية، والمعصية لا تكون سببًا للمنعة الشرعية. وفي صحيحِ البخاري
(2)
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نَذر أن يُطيع الله فليُطِعه، ومن نذر أن يَعصِيَه فلا يعصِه". وعلى هذا اتفق أهلُ العلم، اتفقوا على أن المنذور إذا كان طاعةً -كالصلاة الشرعية والحج الشرعي وِالصيام الشرعي والصدقة الشرعية والعتق الشرعي ونحو ذلك- فإنه يُوفى به، وإذا كان المنذور معصيةً لم يجز الوفاء به، لكن هل عليه كفارة يمينٍ؟ على قولين للعلماء، أحدهما: لا شيء عليه، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي؟ والثاني: عليه كفارة يمين، وهو ظاهر مذهب أحمد، لما في الصحيح
(3)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كفارة
(1)
سورة التوبة: 75 - 77.
(2)
برقمي (6696، 6700).
(3)
مسلم (1645) عن عقبة بن عامر.
النذر كفارة يمين". وفي السنن
(1)
عنه: "لا نذرَ في معصية، وكفارتُه كفارةُ يمين".
وإذا كان كذلك فمن نَذَر زيتًا لقبرٍ ليُسْرَج عليه أو للعاكفين عند القبر وسَدَنةِ القبر ونحوهم فهذا نذرُ معصيةِ، فإن الإيقادَ على القبور منهيٌّ عنه، والعكوف عند القبور والمجاورةُ عندها منهي عنه، والإعانة على ذلك إعانة على الإثم والعدوان. ولا يشك أحد من العلماء أنه ليس بطاعةٍ ولا بِرٍّ، وإذا لم يكن كذلك فلا يجب الوفاء بهذا النذر باتفاق المسلمين، فإن الوفاء إنما يجب بنذر الطاعة، لا بنذر المباح ولا المكروه ولا المحرم، بل تنازع العلماء: هل يجب بنذرِ كل طاعةٍ أو نذرِ ما كان جنسه واجبًا بالشرع؟ فقال الأكثرون كمالك والشافعي وأحمد بالأول؟ وقال أبو حنيفة بالثاني، ولهذا لا يجب عنده الوفاء إذا نذرَ إتيانَ مسجدِ المدينة أو مسجدِ بيت المقدس، لأن جنس ذلك ليس واجبًا بالشرع بخلاف إتيان مكة للحج والعمرة، فإن الوفاء بذلك لا نزاعَ فيه، لأن جنس الحج والعمرة واجب بالشرع؛ وعلى قول الجمهور يُوفَى بالنذر في إتيان مسجد المدينة والمسجد الأقصى لمن يقصِد الصلاةَ هناك أو الاعتكافَ، لكن إذا أتَى الفاضلَ أغنى عن المفضول، فمن أتى في نذره ذلك المسجد الحرام أغناه عن الآخرَينِ، ومن أتَى مسجد المدينة أغناه عن الأقصى، وأما المسجد الحرام فهو أفضل المساجد، لا يقوم غيرُه مقامَه، به الطواف، وإليه الصلاة والحج.
(1)
أخرجه أبو داود (3290) والترمذي (1524) والنسائي (7/ 26، 27) عن عائشة. قال الترمذي: هذا حديث لا يصح، لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة.