الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إِثْبَاتُ اسْتِوَاءِ اللَّهِ عَلَى عَرْشِهِ بِالسُّنَّةِ]
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَمِنْهَا قِصَّةُ الْمِعْرَاجِ وَهِيَ مُتَوَاتِرَةٌ «وَتَجَاوُزِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " السَّمَاوَاتِ " سَمَاءً سَمَاءً حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتِ خَمْسِينَ صَلَاةً فَلَمْ يَزَلْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ مُوسَى عليه السلام وَبَيْنَ رَبِّهِ تبارك وتعالى، يَنْزِلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ إِلَى عِنْدِ مُوسَى فَيَسْأَلُهُ كَمْ فَرَضَ عَلَيْهِ؟ فَيُخْبِرُهُ فَيَقُولُ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَيَصْعَدُ إِلَى رَبِّهِ " فَيَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» . وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «كَتَبَ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» ) وَفِي لَفْظٍ: «وُضِعَ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، وَفِي لَفْظٍ:«فَهُوَ مَكْتُوبٌ " عِنْدَهُ " فَوْقَ الْعَرْشِ» . وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا صِحَاحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، " وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسَ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ
كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» .
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ أَنَسٍ رضي الله عنه حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ، «وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ عَلَا بِهِ - يَعْنِي جِبْرَائِيلَ - فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى جَاوَزَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَيْهِ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً " كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ " قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ " ذَلِكَ " فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرَائِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرَائِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَعَلَا بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ تبارك وتعالى فَقَالَ وَهُوَ مَكَانُهُ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا. . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَالَ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرَ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ - فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» ". وَلَمَّا «حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ حَكَمَتْ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» وَفِي لَفْظٍ «مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» . وَأَصْلُ الْقِصَّةِ فِي
الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا السِّيَاقُ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثٍ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى النَّبِيِّ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوضٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا. قَالَ: فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ بَيْنَ - عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدٍ الْخَيْرِ " وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ، وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ "، قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً» ".
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه «قَالَ: لَطَمْتُ جَارِيَةً لِي فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قَلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أَعْتِقُهَا؟ قَالَ: بَلَى ائْتِنِي بِهَا
قَالَ: فَجِئْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ قَالَ: فَمَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ:" اعْتِقْهَا " فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ زَيْنَبُ رضي الله عنها تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَهِدَتِ الْأَنْفُسُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ، وَهَلَكَتِ الْأَنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَيْحَكَ! أَتُدْرِي مَا تَقُولُ؟ " وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: " وَيْحَكَ! إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ! أَتُدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا " وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ " وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ» ". وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا وَمُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّتْ بِهِمْ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: " مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ؟ " قَالُوا: السَّحَابُ قَالَ: " وَالْمُزْنُ " قَالُوا: وَالْمُزْنُ قَالَ: " وَالْعَنَانُ " قَالُوا: وَالْعَنَانُ قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟ " قَالُوا: لَا
نَدْرِي قَالَ: " إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ " حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ " ثُمَّ فَوْقَ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ مِثْلَ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالَ بَيْنَ أَظْلَافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلَ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ (بَيْنَ) أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ اللَّهُ عز وجل فَوْقَ ذَلِكَ» " زَادَ أَحْمَدُ: «وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ» .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنِ اشْتَكَى مِنْكُمْ شَيْئًا أَوِ اشْتَكَاهُ أَخٌ لَهُ فَلْيَقُلْ: رَبَّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ، وَاغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا، أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى " هَذَا " الْوَجَعِ فَيَبْرَأُ» ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ
أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَأَشَارَتْ بِإِصْبَعِهَا السَّبَّابَةِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ لَهَا: مَنْ أَنَا؟ فَأَشَارَتْ بِإِصْبَعِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَإِلَى السَّمَاءِ أَيْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا» ) ، وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ:«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي: يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟ قَالَ أَبِي: سَبْعَةً، سِتَّةً فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ قَالَ: فَأَيُّهُمْ تُعِدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟ قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ: يَا حُصَيْنُ أَمَا أَنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ يَنْفَعَانِكَ قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حَصِينٌ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولُ اللَّهِ عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي قَالَ: قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي.
» وَفِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا» " وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: " «أَتَى جِبْرِيلُ وَفِي كَفِّهِ مِرْآةٌ بَيْضَاءُ فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذِهِ يَا (جِبْرِيلُ) ؟ قَالَ: هَذِهِ الْجُمْعَةُ فُضِّلْتَ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ فَالنَّاسُ لَكُمْ فِيهَا تَبَعٌ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَلَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ وَفِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ وَهِيَ عِنْدُنَا يَوْمُ الْمَزِيدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: يَا جِبْرِيلُ وَمَا يَوْمُ الْمَزِيدُ؟ قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ فِيهِ كُثُبٌ مِنْ مِسْكٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى مَا شَاءَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَحَوْلَهُ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ عَلَيْهَا مَقَاعِدُ النَّبِيِّينَ وَحَفَّ تِلْكَ الْمَنَابِرَ بِمَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ عَلَيْهَا الشُّهَدَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ فَجَلَسُوا مِنْ وَرَائِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْكُثُبِ فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أَنَا رَبُّكُمْ وَقَدْ صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي فَاسْأَلُونِي أُعْطِكُمْ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا نَسْأَلُكَ رِضْوَانَكَ فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ عَنْكُمْ وَلَكُمْ مَا تَمَنَّيْتُمْ وَلَدَيَّ مَزِيدٌ، فَهُمْ يُحِبُّونَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِمَا يُعْطِيهِمْ فِيهِ رَبُّهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ رَبُّكَ سبحانه وتعالى عَلَى الْعَرْشِ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ» .
وَلِهَذَا الْحَدِيثِ عِدَّةُ طُرُقٍ جَمَعَهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي جُزْءٍ، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ فَإِذَا الرَّبُّ تَعَالَى قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَقَالَ السَّلَامَ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] ، قَالَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ وَيَبْقَى نُورُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ» ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرْبِيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» ". وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدَيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: ( «إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا لَيْسَ فِيهِمَا شَيْءٌ» )، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ زَهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: " «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ رَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " وَأَشْهَدُ " أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» " وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «فَأَدْخُلُ عَلَى رَبِّي تبارك وتعالى وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ، «فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ» ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ هَكَذَا قَالَ فِي
دَارِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ يُرِيدُ مَوَاضِعَ الشَّفَاعَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي يَسْجُدُ فِيهَا ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:«خَرَجَ عَبْدٌ أَسْوَدُ لِبَعْضِ أَهْلِ خَيْبَرَ حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِالشَّهَادَةِ فَتَشَهَّدَ فَقَاتَلَ حَتَّى اسْتُشْهِدَ» وَرَوَى عَدِيُّ بْنُ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ عَنْ رَبِّهِ عز وجل فَقَالَ: " «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِي فَوْقَ عَرْشِي مَا مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ وَلَا بَيْتٍ وَلَا رَجُلٍ بِبَادِيَةٍ كَانُوا عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ مَعْصِيَتِي فَتَحَوَّلُوا عَنْهَا إِلَى مَا أَحْبَبْتُ مِنْ طَاعَتِي إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا يَكْرَهُونَ مِنْ عَذَابِي إِلَى مَا يُحِبُّونَ مِنْ رَحْمَتِي» ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ الْعَرْشِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْعَسَّالُ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ. وَصَحَّ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم "«إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّارَةً " فَضَلًا " يَتَّبِعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسَ ذِكْرٍ جَلَسُوا مَعَهُمْ فَإِذَا تَفَرَّقُوا صَعَدُوا إِلَى رَبِّهِمْ» " وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَلَفْظُهُ: «فَإِذَا تَفَرَّقُوا صَعَدُوا إِلَى السَّمَاءِ. فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عز وجل وَهُوَ
أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ " أَيْنَ " جِئْتُمْ؟ الْحَدِيثَ» . . . وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ نُزُولِ الرَّبِّ عز وجل كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، " «يَنْزِلُ اللَّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلْثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: أَلَا عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ أَلَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ يَدْعُونِي فَأَفُكَّهُ؟ فَيَكُونُ كَذَلِكَ إِلَى مَطْلَعِ الصُّبْحِ وَيَعْلُو عَلَى كُرْسِيِّهِ» . وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلُكُمْ لَبِسَ بُرْدَيْنِ لَهُ فَتَبَخْتَرَ فِيهِمَا فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فَمَقَتَهُ فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَأَخَذَتْهُ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا» " رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ بَكَّارٍ أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا قَدْ بَشَّرَتْنَا فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ قَالُوا: قَبِلْنَا جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ مَا كَانَ؟ فَقَالَ: كَانَ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْعَرْشِ وَكَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَكَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ» ) حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ
الْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ» " وَفِي قِصَّةِ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: " إِذَا أَنَا مِتُّ فَغَسِّلْنِي أَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ الْمَاءَ وَجِبْرَائِيلُ ثَالِثُكُمَا وَكَفِّنِّي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ (بِيضٍ) جُدُدٍ وَضَعُونِي فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ الرَّبُّ عز وجل مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ» " وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ خِطْبَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا اسْتَأْذَنَهَا قَالَتْ: يَا أَبَتِ كَأَنَّكَ إِنَّمَا ادَّخَرْتَنِي لِفَقِيرِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ (نَبِيًّا) مَا تَكَلَّمْتُ بِهَذَا حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَتْ: رَضِيتُ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ لِي» ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قِصَّةُ الشَّفَاعَةِ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ مَرْفُوعًا، وَفِيهِ: «فَآتِي رَبِّي عز وجل فَأَجِدُهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ أَوْ سَرِيرِهِ جَالِسًا» . وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم «قَالَ: " يَأْتُونِي فَأَمْشِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى آتِيَ بَابَ الْجَنَّةِ وَلِلْجَنَّةِ مِصْرَاعَانِ مِنْ ذَهَبٍ مَسِيرَةَ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِمِائَةِ عَامٍ قَالَ مَعْبَدٌ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ أَنَسٍ حِينَ فَتَحَهَا، يَقُولُ مَسِيرَةَ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَاسْتَفْتَحَ فَيُؤْذَنُ لِي فَأَدْخُلُ عَلَى
رَبِّي فَأَجِدُهُ قَاعِدًا عَلَى كُرْسِيِّ الْعِزَّةِ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا» ، رَوَاهُ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ لَهُ، وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَلَهُ فِي كُلِّ سَمَاءٍ كُرْسِيٌّ فَإِذَا نَزَلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَتُوبُ فَأَتُوبُ عَلَيْهِ؟ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ارْتَفَعَ فَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ» ، رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَمَوْصُولًا، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُرْسَلُ سَعِيدٍ عِنْدَنَا حَسَنٌ وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: " «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ حَاسَبَهُمْ فَيَمِيزُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَهُوَ فِي جَنَّتِهِ عَلَى عَرْشِهِ» ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَافِظُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَبِسَ بُرْدَيْنِ فَتَبَخْتَرَ فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فَمَقَتَهُ فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَأَخَذَتْهُ» " حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَوَانَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«كُنَّا جُلُوسًا ذَاتَ يَوْمٍ بِفَنَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّتْ بِنَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ هَذِهِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا مَثَلُ مُحَمَّدٍ فِي بَنِي هَاشِمٍ إِلَّا كَمَثَلِ رَيْحَانَةٍ فِي وَسَطِ الذَّبْلِ فَسَمِعَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فَأَبْلَغَتْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَبُهُ قَالَ مُغْضَبًا فَصَعِدَ عَلَى مِنْبَرِهِ وَقَالَ: " مَا بَالُ أَقْوَالٍ تَبْلُغُنِي عَنْ أَقْوَامٍ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ سَمَاوَاتِهِ سَبْعًا فَاخْتَارَ الْعُلْيَا فَسَكَنَهَا وَأَسْكَنَ سَمَاوَاتِهِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلَقَ أَرَضِينَ سَبْعًا فَاخْتَارَ الْعُلْيَا فَأَسْكَنَ فِيهَا مِنْ خَلْقِهِ وَاخْتَارَ خَلْقَهُ فَاخْتَارَ بَنِي آدَمَ ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي آدَمَ فَاخْتَارَ الْعَرَبَ ثُمَّ اخْتَارَ مُضَرَ فَاخْتَارَ قُرَيْشًا، ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا فَاخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ فَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمْ أَزَلْ خِيَارًا، أَلَا مَنْ أَحَبَّ قُرَيْشًا فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَ قُرَيْشًا فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ»
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه عَنْ أَبِي (هُرَيْرَةَ) رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ فُلَانٌ فَيُقَالُ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ارْجِعِي ذَمِيمَةً فَإِنَّهُ لَا يُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَتُرْسَلُ مِنَ السَّمَاءِ ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ. . .» وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمْ يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ: فَتَخْرُجُ فَتَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدْعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ
مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذِهِ الرُّوحِ الطَّيِّبَةِ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينَيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ فَيَقُولَانِ " لَهُ ": وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَافْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رُوحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسِحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مُدَّ بَصَرِهِ، قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ فَهَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوْعَدُ فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجَهُكَ وَجْهُ الَّذِي يَأْتِي بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي» . .) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحٌ صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ يَا جِبْرَائِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ قَالَ هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلَادِهَا كَانَتْ تُمَشِّطُهَا فَوَقَعَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتِ ابْنَتُهُ أَبِي؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ: أُخْبِرُ ذَلِكَ أَبِي " قَالَتْ: نَعَمْ "، فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَا بِهَا فَقَالَ: مَنْ رَبُّكِ هَلْ لَكِ رَبٌّ غَيْرِي قَالَتْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ فَأَمَرَ بِنَقْرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ دَعَا بِهَا وَبِوَلَدِهَا فَأَلْقَاهُمَا فِيهَا» وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: " «كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ " عِيَانًا " فَأَتَى مُوسَى فَلَطَمَهُ فَذَهَبَ بِعَيْنِهِ فَعَرَجَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: بَعَثْتَنِي إِلَى مُوسَى فَلَطَمَنِي فَذَهَبَ بِعَيْنِي، وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ. قَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ. . فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَوَارَتْ بِيَدِهِ سَنَةٌ يَعِيشُهَا فَأَتَى فَبَلَّغَهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَقَالَ: مَا بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْمَوْتُ، قَالَ: الْآنَ، فَشَمَّهُ شَمَّةً قَبَضَ رَوْحَهُ فِيهَا وَرَدَّ اللَّهُ عَلَى مَلَكِ الْمَوْتِ بَصَرَهُ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَصْلُهُ وَشَاهِدُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا ابْنُ هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم «لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ أَحَدٌ وَأَنَا فِي الْأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدُكَ» ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَرْفَعُهُ «عَجِبْتُ مِنْ مَلَكَيْنِ نَزَلَا يَلْتَمِسَانِ عَبْدًا فِي مُصَلَّاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَلَمْ يَجِدَاهُ فَعَرَجَا إِلَى اللَّهِ فَقَالَا: يَا رَبَّنَا عَبْدُكَ فُلَانٌ كُنَّا نَكْتُبُ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ حَبَسْتَهُ فِي حِبَالِكَ فَقَالَ: اكْتُبُوا لِعَبْدِي عَمَلَهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الْبُخَارِيِّ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنِيسٍ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي رَحَلَ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مِصْرَ حَتَّى سَمِعَهُ مِنْهُ، وَقَالَ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ فِي الْقَصَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أَشْهَدْهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحْفَظُ لَهُ مِنْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ ثُمَّ يُنَادِي - وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى عَرْشِهِ» - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ احْتَجَّ بِهِ أَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ، وَرَوَى الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَيَكْرَهَ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُخَطَّأَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْأَرْضِ» . وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا: «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا» . لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يَكْرَهُ تَخْطِئَةَ غَيْرِهِ مِنْ آحَادِ الْأُمَّةِ لَهُ لَا تَخْطِئَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَهُ فِي أَمْرٍ مَا، فَإِنَّ الْحَقَّ وَالصَّوَابَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ إِذَا أَخْطَأَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ بَلْ مَا تَنَازَعَ الصِّدِّيقُ وَغَيْرُهُ فِي أَمْرٍ مَا إِلَّا وَكَانَ الصَّوَابُ مَعَ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه.
الثَّانِي: أَنَّ التَّخْطِئَةَ هُنَا نِسْبَةٌ إِلَى الْخَطَأِ (الْعَمْدِ) الَّذِي هُوَ الْإِثْمُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
{إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31] ، لَا مِنَ الْخَطَأِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُشْرِفُ عَلَى حَاجَةٍ مِنْ حَاجَاتِ الدُّنْيَا فَيَذْكُرُهُ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَيَقُولُ: مَلَائِكَتِي إِنَّ عَبْدِي هَذَا قَدْ أَشْرَفَ عَلَى حَاجَةٍ مِنْ حَاجَاتِ الدُّنْيَا فَإِنْ فَتَحْتُهَا لَهُ فَتَحْتُ لَهُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ وَلَكِنِ ازْوُوهَا عَنْهُ، فَيُصْبِحُ الْعَبْدُ عَاضًّا عَلَى أَنَامِلِهِ يَقُولُ: مَنْ سَبَقَنِي مَنْ دَهَانِي؟ وَمَا هِيَ إِلَّا رَحْمَةٌ رحمه الله بِهَا» ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، «قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ عز وجل فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» . وَفِي الثَّقَفِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلُكُمْ لَبِسَ بُرْدَيْنِ فَتَبَخْتَرَ فِيهِمَا فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فَمَقَتَهُ فَأَمَرَ الْأَرْضَ
فَأَخَذَتْهُ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ» (فِي الْأَرْضِ) فَاحْذَرُوا مَعَاصِيَ اللَّهِ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنْشَدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم:
شَهِدْتُ بِإِذْنِ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا
…
رَسُولُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عَلِ
وَإِنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلَاهُمَا
…
لَهُ عَمَلٌ فِي دِينِهِ مُتَقَبَّلُ
وَإِنَّ أَخَا الْأَحْقَافِ إِذْ يَعُذْ لَوْنُهُ
…
يُجَاهِدُ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَيَعْدِلُ
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ بِشْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ مَنْدَهْ أَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ " بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا هَنَّادُ بُنْ السَّرِيِّ " حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ