الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهْرُزُودِيِّ]
(قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهْرُزُودِيِّ الْفَقِيهِ الْمُحَدِّثِ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَقْرَانِ الْبَيْهَقِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِيِّ وَطَبَقَتِهِمَا، لَهُ كِتَابٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ قَالَ فِي أَوَّلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اصْطَفَى الْإِسْلَامَ عَلَى الْأَدْيَانِ، وَزَيَّنَ أَهْلَهُ بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَجَعَلَ السُّنَّةَ عِصْمَةَ أَهْلِ الْهِدَايَةِ، وَمُجَانَبَتَهَا أَمَارَةَ أَهْلِ الْغِوَايَةِ، وَأَعَزَّ أَهْلَهَا بِالِاسْتِقَامَةِ، وَوَصَلَ عِزَّهُمْ بِالْقِيَامَةِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ وَبَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ الْإِسْلَامَ رُكْنَ الْهُدَى وَالسُّنَّةَ سَبَبَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّدَى وَلَمْ يَجْعَلْ مَنِ ابْتَغَى غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا هَادِيًا وَلَا مَنِ انْتَحَلَ غَيْرَ السُّنَّةِ نِحْلَةً نَاجِيًا، جَمَعْتُ أُصُولَ السُّنَّةِ النَّاجِي أَهْلُهَا الَّتِي لَا يَسَعُ الْجَاهِلَ نَكْرُهَا وَلَا الْعَالِمَ جَهْلُهَا، وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَهَا مِنَ الْمَسَالِكِ فَهُوَ فِي أَوْدِيَةِ الْبِدَعِ هَالِكٌ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَدَعَانِي إِلَى جَمْعِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ فِي اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ ; إِذْ هُمْ أُمَرَاءُ الْعِلْمِ وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم «تَكُونُ الْبِدَعُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ (مِحْنَةً) فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُظْهِرْهُ فَإِنَّ كَاتِمَ الْعِلْمِ يَوْمَئِذٍ كَكَاتِمِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم» . ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ إِلَى أَنْ قَالَ:(فَصْلٌ) وَمِنْ صِفَاتِهِ تبارك وتعالى فَوْقِيَّتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ عَلَى عَرْشِهِ بِذَاتِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِلَا كَيْفٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان: 59] وَقَوْلِهِ تَعَالَى
فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ عِيسَى عليه السلام: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] وَسَاقَ آيَاتِ الْعُلُوِّ ثُمَّ قَالَ: وَعُلَمَاءُ الْأُمَّةِ وَأَعْيَانُ الْأَئِمَّةِ مِنَ السَّلَفِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: نَعْرِفُ رَبَّنَا بِأَنَّهُ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَسَاقَ قَوْلَ ابْنِ خُزَيْمَةَ: وَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ قَدِ اسْتَوَى فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِإِسْنَادِهِ مِنْ كِتَابِ مَعْرِفَةِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَمِنْ كِتَابِ تَارِيخِ نَيْسَابُورَ لِلْحَاكِمِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِمَامُنَا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ احْتَجَّ فِي كِتَابِهِ الْمَبْسُوطِ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي مَسْأَلَةِ إِعْتَاقِ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ الرَّقَبَةَ الْكَافِرَةَ لَا يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِهَا بِخَبَرِ «مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعْتِقَ الْجَارِيَةَ السَّوْدَاءَ عَنِ الْكَفَّارَةِ وَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ إِعْتَاقِهِ إِيَّاهَا فَامْتَحَنَهَا صلى الله عليه وسلم لِيَعْرِفَ أَنَّهَا مُؤْمِنَةٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ رَبُّكِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ إِذْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً، فَقَالَ لَهَا: مَنْ أَنَا؟ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ وَإِلَى السَّمَاءِ تَعْنِي: أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» . فَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِإِسْلَامِهَا وَإِيمَانِهَا لَمَّا أَقَرَّتْ بِأَنَّ رَبَّهَا فِي السَّمَاءِ وَعَرَفَتْ رَبَّهَا بِصِفَةِ الْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ، هَذَا لَفْظُهُ.