الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُنْكِرَةِ لِصِفَاتِ اللَّهِ سبحانه وتعالى. وَكِتَابُهُ فِي السُّنَّةِ كِتَابٌ جَلِيلٌ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لَهُ، وَفِي كِتَابِ تَارِيخِ نَيْسَابُورَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِمَامَ الْأَئِمَّةِ أَبَا بَكْرِ بْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ اسْتَوَى فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ وَأَنَّهُ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ. فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأُلْقِيَ عَلَى مَزْبَلَةٍ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِرِيحِهِ أَهْلُ الْقِبْلَةِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ، تُوُفِّيَ الْإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ، أَخَذَ الْفِقْهَ عَنِ الْمُزَنِيِّ قَالَ الْمُزَنِيُّ: ابْنُ خُزَيْمَةَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنِّي وَلَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ مِثْلُهُ فِي الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ جَمِيعًا. وَقَالَ - فِي كِتَابِهِ - فَمَنْ يُنْكِرُ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَلَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ عِنْدَ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ.
[قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ]
(قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ) : الْإِمَامِ فِي الْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّارِيخِ وَاللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالْقُرْآنِ. قَالَ فِي كِتَابِ صَرِيحِ السُّنَّةِ: وَحَسْبُ امْرِئٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى فَمَنْ تَجَاوَزَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ الْكَبِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] قَالَ: عَلَا وَارْتَفَعَ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] . عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ يَعْنِي: ارْتَفَعَ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36 - 37]
يَقُولُ: وَإِنِّي لَأَظُنُّ مُوسَى كَاذِبًا فِيمَا يَقُولُ وَيَدَّعِي أَنَّ لَهُ رَبًّا فِي السَّمَاءِ أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا. وَقَالَ فِي كِتَابِ التَّبْصِيرِ فِي مَعَالِمِ الدِّينِ: لَهُ الْقَوْلُ فِيمَا أَدْرَكَ عِلْمُهُ مِنَ الصِّفَاتِ خَبَرًا وَذَلِكَ نَحْوُ إِخْبَارِهِ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِقَوْلِهِ:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] وَأَنَّ لَهُ وَجْهًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَأَنَّ لَهُ قَدَمًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، وَأَنَّهُ يَضْحَكُ لِقَوْلِهِ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ. وَأَنَّهُ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا لِخَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بِذَلِكَ. وَأَنَّ لَهُ أُصْبُعًا، بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم:«مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ الَّتِي وُصِفَتْ وَنَظَائِرُهَا مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ مِمَّا لَا يَثْبُتُ حَقِيقَةُ عِلْمِهِ بِالْفِكْرِ وَالرَّوِيَّةِ لَا يَكْفُرُ بِالْجَهْلِ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ انْتِهَائِهَا إِلَيْهِ، ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ عَنْهُ أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِ إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ، قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ ابْنُ جَرِيرٍ
أَحَدَ الْعُلَمَاءِ يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ وَيُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُومِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَكَانَ عَارِفًا بِالْقُرْآنِ بَصِيرًا بِالْمَعَانِي، فَقِيهًا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا وَصَحِيحِهَا وَسَقِيمِهَا وَنَاسِخِهَا وَمَنْسُوخِهَا، عَارِفًا بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَمَسَائِلِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: لَوْ سَافَرَ رَجُلٌ إِلَى الصِّينِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ كِتَابُ تَفْسِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مَا أَعْلَمُ عَلَى أَدِيمِ الْأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللُّغَوِيَّ يَحْكِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ مَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا أَرْبَعِينَ وَرَقَةً، قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ مَذْهَبٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَهُ أَصْحَابٌ عِدَّةٌ مِنْهُمْ: أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَا بْنُ زَكَرِيَّا. وَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ فَلْيُطَالِعْ مَا قَالَهُ عَنْهُمْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] وَقَوْلِهِ: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} [الشورى: 5] وَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] لِيَتَبَيَّنَ لَهُ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَوْلَى بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ أَوْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْإِثْبَاتِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.