الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب اللّقطَة
وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
(اللّقطَة) بِسُكُون الْقَاف هِيَ: المَال الملقوط
وَأما (اللّقطَة) بِفَتْح الْقَاف فَاخْتلف أهل اللُّغَة فِيهَا
فَقَالَ الْأَصْمَعِي وَابْن الْأَعرَابِي وَالْفراء: هُوَ اسْم المَال الملقوط
وَقَالَ الْخَلِيل: هُوَ اسْم الرجل الْمُلْتَقط لِأَن مَا جَاءَ على وزن فعله
فَهُوَ اسْم الْفَاعِل كَقَوْلِهِم: غمزه وَلَمزه وضحكه
فعلى هَذَا: إِذا وجد الْحر الرشيد لقطَة فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يجدهَا فِي مَوضِع مَمْلُوك فَهِيَ لمَالِك ذَلِك الْموضع لِأَن يَده ثَابِتَة على الْموضع وعَلى مَا فِيهِ
إِلَّا أَن يَقُول مَالك الْموضع: لَيست بِملك لي
وَإِن وجدهَا فِي مَوضِع مُبَاح فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون حَيَوَانا أَو غير حَيَوَان
فَإِن كَانَ غير حَيَوَان نظرت
فَإِن كَانَت يسيرَة بِحَيْثُ يعلم أَن صَاحبهَا لَو علم أَنَّهَا ضَاعَت مِنْهُ لم يطْلبهَا كزبيبة وَتَمْرَة وَمَا أشبههما لم يجب تَعْرِيفهَا وَله أَن ينْتَفع بهَا فِي الْحَال لما روى أنس بن مَالك رضي الله عنه: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة مطروحة فِي الطَّرِيق فَقَالَ: (لَوْلَا أَنِّي أخْشَى أَن تكون من تمر الصَّدَقَة لأكلتها) وروى جَابر رضي الله عنه قَالَ: (رخص لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي العصى وَالسَّوْط وَالْحَبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينْتَفع بِهِ) وَرُوِيَ أَن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يعرف زبيبة فَقَالَ: (إِن من الْوَرع مَا يمقته الله)
وَإِن كَانَت اللّقطَة شَيْئا كثيرا بِحَيْثُ يطْلبهَا من ضَاعَت مِنْهُ كالذهب وَالْفِضَّة وَالثيَاب والجواهر وَغَيرهَا
فَإِن وجدهَا فِي غير الْحرم جَازَ التقاطها للمتملك
لما روى زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن اللّقطَة فَقَالَ: (اعرف عفاصها ووكاءها ثمَّ عرفهَا سنة
فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا فشأنك بهَا) وَرُوِيَ (وَإِلَّا فاستنفع
بهَا) وَسُئِلَ عَن ضَالَّة الْغنم فَقَالَ: (خُذْهَا فه لَك أَو لأخيك أَو للذئب) وَسُئِلَ عَن ضَالَّة الْإِبِل فَغَضب حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه أَو وَجهه وَقَالَ: (مَالك وَلها مَعهَا حذاؤها وسقاؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر حَتَّى يَجِيء صَاحبهَا فيأخذها)
وَرُوِيَ أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رضي الله عنه قَالَ: قلت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَفْتِنِي فِي اللّقطَة فَقَالَ: (مَا وجدته فِي طَرِيق مَيتا أَو قَرْيَة عامرة فعرفها سنة
فَإِن وجدت صَاحبهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَك وَمَا وجدته فِي طَرِيق غير مَيتا أَو قَرْيَة غير عامرة فَفِيهَا وَفِي الرِّكَاز الْخمس) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: والميتا: الطَّرِيق العامر المسلوك
وَمِنْه قَوْله صلى الله عليه وسلم لما توفّي ابْنه إِبْرَاهِيم
فَبكى عَلَيْهِ وَقَالَ: (لَوْلَا أَنه وعد حق وَقَول صدق وَطَرِيق مَيتا لحزنا عَلَيْك يَا إِبْرَاهِيم أَشد من حزننا) قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: مأتي يَأْتِي عَليّ النَّاس
وَكِلَاهُمَا جائزان
وَإِن وجدهَا فِي الْحرم لم يجز التقاطها للتَّمَلُّك
وَمن النَّاس من قَالَ: يجوز التقاطها للتَّمَلُّك وَبِه قَالَ بعض أَصْحَابنَا والالتقاط سنة لواثق بِنَفسِهِ
فَمن أَخذهَا للْحِفْظ فَهِيَ أَمَانَة وَلَا يجب التَّعْرِيف وَلَا يضمن بترك التَّعْرِيف
وَإِن قصد الْخِيَانَة صَارَت مَضْمُونَة
وَإِن لم يقْصد الْخِيَانَة وَلَا الْأَمَانَة أَو أَخذهَا وَنسي الْقَصْد فَلَا ضَمَان: وَله التَّمَلُّك بِشَرْطِهِ
وَإِذا أَخذهَا للتَّمَلُّك فالمؤنة عَلَيْهِ
وَإِذا عرف يعرف سنة على الْعَادة وَله أَن يتملكها بعد التَّعْرِيف وَأَنه لَا يتَمَلَّك إِلَّا بِلَفْظ: كتملكته وَنَحْوه
وَالصَّحِيح: أَنه لَا يجوز أَخذ لقطَة مَكَّة وحرمها للتَّمَلُّك بل للْحِفْظ أبدا
وَلَو وجد خمرًا مُحرمَة أراقها صَاحبهَا لم يلْزمه تَعْرِيفهَا
وَإِن صَارَت عِنْده خلا فَهِيَ لَهُ أم للمريق وَجْهَان وَلَو ضَاعَت من صَاحبهَا فَيُشبه أَن تعرف