الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الْمُسَاقَاة والمزارعة
وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي الْمُسَاقَاة: مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ: (افْتتح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبَر على أَن لَهُ الأَرْض وكل صفراء وبيضاء يَعْنِي: الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَالُوا: نَحن أعلم بِالْأَرْضِ مِنْكُم فأعطونا على أَن لنا النّصْف وَلكم النّصْف فَأَعْطَاهُمْ
فَلَمَّا كَانَ وَقت الثَّمَرَة بعث إِلَيْهِم عبد الله بن رَوَاحَة ليحزر الثَّمَرَة
فحزرها عَلَيْهِم
فَقَالُوا: يَا ابْن رَوَاحَة أكثرت علينا
فَقَالَ: إِن شِئْتُم فلكم وضمنتم نصيب الْمُسلمين وَإِن شِئْتُم فلي وأضمن لكم نصيبكم
فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْحق
وَبِه قَامَت السَّمَاوَات) وَرُوِيَ (أَن عبد الله بن رَوَاحَة خرص عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ ألف وسق
فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم عشرُون ألفا
وَلَهُم عشرُون ألفا) وروى ابْن عمر (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ساقى أهل خَيْبَر على تِلْكَ الْأُصُول بالشطر)
وَالْمُسَاقَاة: أَن يُعَامل إنْسَانا على أَشجَار ليتعهدها بالسقي والتربية على أَن ثمارها تكون بَينهمَا
وَاللَّفْظ مَأْخُوذ من السَّقْي
وَإِن كَانَ مَشْرُوطًا على الْعَامِل أعمالا كَثِيرَة لِأَن السَّقْي أشق الْأَعْمَال وأكثرها نفعا
وَهِي خَاصَّة بالحجاز لِأَن أَهلهَا يسقون من الْآبَار
فَكَانَ الْمَالِك وَالْعَامِل يتعاونان على السَّقْي
وَقيل: الْمُسَاقَاة من نوب المَاء بَين الْقَوْم
فَيكون لبَعْضهِم فِي وَقت ولآخرين فِي وَقت
وَتجوز الْمُسَاقَاة من جَائِز التَّصَرُّف لنَفسِهِ وللصبي وَالْمَجْنُون بِالْولَايَةِ
وموردها: الْكَرم والنخيل
وَلَا ترد على مَا لَا يُثمر من الْأَشْجَار وَمَا ينْبت وَلَا سَاق لَهُ بِحَال
وَلَا تصح المخابرة وَهِي الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا وَالْبذْر من الْعَامِل وَلَا الْمُزَارعَة
وَهِي هَذِه الْمُعَامَلَة وَالْبذْر من الْمَالِك
نعم لَو كَانَ بَين النخيل بَيَاض يجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهِ تبعا للمساقاة على النخيل وعسر إِفْرَاد النخيل بالسقي وَالْبَيَاض بالمزارعة
وَكَذَا يشْتَرط أَن يفصل بَينهمَا وَأَن لَا يقدم الْمُزَارعَة على الْمُسَاقَاة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَأَصَح
الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا فرق بَين أَن يكثر الْبيَاض أَو يقل وَأَنه لَا يشْتَرط تَسَاوِي الْجُزْء الْمَشْرُوط من الثَّمر وَالزَّرْع
وَلَا يجوز أَن يخابر تبعا للمساقاة
وَإِذا أفردت الأَرْض بالزراعة كَانَ الرّيع للْمَالِك وَعَلِيهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثل عمله وثيرانه وآلاته
وَالطَّرِيق فِي أَن يصير الرّيع بَينهمَا وَلَا تلْزم أجرته: أَن يسْتَأْجر الْعَامِل بِنصْف الْبذر ليزرع لَهُ نصف الأَرْض ويعيره النّصْف الآخر أَو يستأجره بِنصْف الْبذر وَنصف مَنْفَعَة الأَرْض ليزرع لَهُ النّصْف الآخر من الْبذر فِي النّصْف الآخر من الأَرْض
وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك فِي كتاب الْإِجَارَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَيشْتَرط تَخْصِيص الثِّمَار بالمتساقيين
وتشريكهما فِيهَا وَالْعلم بالنصيبين بالجزئية كَمَا فِي الْقَرَاض وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ عَن الشَّافِعِي: أَنه لَا تصح الْمُسَاقَاة بعد ظُهُور الثِّمَار وَلَكِن قبل بَدو الصّلاح
وَلَو ساقاه على ودي ليغرسه وَيكون بَينهمَا لم يجز
وَإِن كَانَ مغروسا وَشرط لَهُ جُزْءا من الثَّمَرَة
فَإِن قدر العقد بِمدَّة يُثمر فِيهَا غَالِبا صَحَّ العقد
وَإِن قدره بِمدَّة لَا يُثمر فِيهَا مثله لم يَصح
وَلَا يشْتَرط على الْعَامِل مَا لَيْسَ من جنس أَعمال الْمُسَاقَاة وَيعرف الْعَمَل بِتَقْدِير الْمدَّة من سنة أَو أَكثر
وَلَا يجوز التَّوْقِيت بِإِدْرَاك الثِّمَار
وَصِيغَة العقد أَن يَقُول: ساقيتك على هَذَا النّخل بِكَذَا
وَمَعْنَاهُ سلمتها إِلَيْك لتتعهدها
وَيشْتَرط فِيهِ الْقبُول وَلَا يشْتَرط تَفْصِيل الْأَعْمَال
وَيحمل الْمُطلق فِي كل نَاحيَة على الْعرف الْغَالِب
وعَلى الْعَامِل كل عمل يحْتَاج إِلَيْهِ إصْلَاح الثِّمَار واستزادتها وتكررها فِي كل سنة
كالسقي وَمَا يتبعهُ من تنقية النَّهر وَإِصْلَاح الأجاجين الَّتِي يثبت فِيهَا المَاء
وكالتلقيح وتنحية الْحَشِيش والقضبان الْمضرَّة وتعريش الكروم حَيْثُ جرت الْعَادة بِهِ وَحفظ الثِّمَار وجدادها وتجفيفها
وَمَا يقْصد بِهِ حفظ الْأُصُول وَلَا يتَكَرَّر كل سنة
فَهُوَ من وَظِيفَة الْمَالِك
كبناء الْحِيطَان
وحفر الْأَنْهَار الجديدة
وَالْمُسَاقَاة لَازِمَة
فَلَو هرب الْعَامِل قبل تَمام الْعَمَل
وأتمه الْمَالِك مُتَبَرعا بَقِي اسْتِحْقَاق الْعَامِل فِي الثَّمَرَة تَاما وَإِلَّا اسْتَأْجر الْحَاكِم عَلَيْهِ من يتم الْعَمَل
فَإِن لم يقدر على مُرَاجعَة الْحَاكِم فليشهد على الْإِنْفَاق إِن أَرَادَ الرُّجُوع
وَإِن مَاتَ الْعَامِل وَخلف تَرِكَة أتم الْوَارِث الْعَمَل مِنْهَا
وَإِن قَالَ الْوَارِث: أَنا أتم الْعَمَل بنفسي أَو أستأجر من مَالِي
فعلى الْمَالِك تَمْكِينه
وَإِذا ثَبت خِيَانَة الْعَامِل اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ من مَاله من يعْمل
وَإِن أمكن الْحِفْظ بمشرف اقْتصر عَلَيْهِ
وَإِذا خرجت الثِّمَار مُسْتَحقَّة رَجَعَ الْعَامِل على الَّذِي ساقاه بِأُجْرَة الْمثل