الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستحب الطول منها في أربعة: قوامها، وعنقها، وشعرها، وبنانها
(1)
.
ويستحب القِصَر منها في أربعة -وهي معنوية-: لسانها، ويدها، ورجلها، وعينها، فتكون قاصرة الطرف، قصيرة الرَّجْلِ واللسان عن الخروج وكثرة الكلام، قصيرة اليد عن تناول ما يكره الزوج، وعن بذله.
ويستحب الدقة منها في أربعة: خصرها، وفرقها، وحاجباها
(2)
، وأنفها.
فصل
وقوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)} [الطور: 20].
قال أبو عبيدة: "جعلناهم أزواجًا كما يزوج النعل بالنعل، جعلناهم اثنين اثنين"
(3)
. قال يونس: "قرنَّاهم بهن، وليس من عقد التزوج، قال: والعرب لا تقول: تزوجت بها، وإنما تقول تزوجتها"
(4)
.
قال من نصر هذا: التنزيل
(5)
يدل على ما قاله يونس، وذلك قوله
(1)
في (د، ج)(وثيابها).
(2)
في (ب، هـ) ونسخة على حاشية "أ": (وحاجبها).
(3)
انظر مجاز القرآن (2/ 209).
(4)
انظر "المخصَّص" لابن سيده (1/ 358).
ويونس: هو ابن حبيب إمام في اللغة.
(5)
في (أ)(التأويل).
تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]، ولو كان على تزوجت بها لقال: زوجناك بها. وقال ابن سلَّام: "تميم تقول: تزوجت امرأةً، وتزوجت بها" وحكاه الكسائي أيضًا. وقال الأزهري: "تقول العرب: زوجته امرأةً، وتزوجت امراةً، وليس من كلامهم: تزوجت بامرأة، قال: وقوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الطور: 20] أي: قرنَّاهم، وقال الفرَّاءُ: "هي لغة في أزدِ شَنُوْءة"
(1)
، قال الواحدي: "وقول أبي عبيدة في هذا حسن
(2)
؛ لأنه جعله من التزوج الذي هو بمعنى جعل الشيء زوجًا لا بمعنى عقد النكاح، ومن هذا يجوز أن يقال: كان فردًا فزوجته بآخر، كما يقال: شفعته بآخر، وإنما تمتنع الباء عند من يمنعها، إذا كان بمعنى عقد التزويج".
قلت: ولا يمتنع أن يراد الأمران معًا، فلفظ التزويج: يدل على النكاح، كما قال مجاهد:"أنكحناهم الحور"
(3)
، ولفظ الباء: يدل على الاقتران والضم، وهذا أبلغ من حذفها، واللَّه أعلم.
وقال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) } . [الرحمن: 56 - 58].
وصفهنَّ سبحانه بِقِصَرِ الطرف في ثلاثة مواضع:
أحدها: هذا.
(1)
انظر معجم تهذيب اللغة للأزهري (2/ 1574).
(2)
في (هـ)، ونسخة على حاشية "أ":(أحسن).
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره (25/ 136) وسنده حسن.
والثاني: قوله تعالى في الصافات: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) } [آية: 48].
والثالث: قوله تعالى في ص: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) } [آية: 52].
والمفسرون كلهم على أنَّ المعنى: قَصَرْنَ طرفهنَّ على أزواجهنَّ، فلا يطمحن إلى غيرهم. وقيل: قصرن طرف أزواجهنَّ عليهنَّ، فلا يدعهم حسنهنَّ وجمالهنَّ أنْ ينظروا إلى غيرهنَّ.
وهذا صحيح من جهة المعنى، وأمَّا من جهة اللفظِ: فقاصرات: صفة مضافة إلى الفاعل، كحسان الوجوه
(1)
، وأصله: قاصرٌ طرفهنَّ، أي: ليس بطامحٍ متعدٍّ.
قال آدم: حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرحمن: 56] قال: "يقول: قاصرات الطرف على أزواجهنَّ، فلا يبغين غير أزواجهنَّ"
(2)
.
قال آدم: وحدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: "قصرن طرفهنَّ على أزواجهنَّ، فلا يُرِدْنَ
(3)
غيرهم، واللَّه ما هنَّ متبرِّجات،
(1)
قوله "كحسان الوجوه" جاء في "أ، ج""كحسان الوجه" وفي "ب، د""لحسان الوجه".
(2)
أخرجه البيهقي في البعث رقم (385) وسنده حسن.
(3)
في "هـ": "يرون".
ولا متطلعات"
(1)
.
وقال منصور عن مجاهد: "قصرن أبصارهنَّ وقلوبهنَّ وأنفسهنَّ على أزواجهنَّ، فلا يردن غيرهم"
(2)
.
وفي "تفسير سعيد" عن قتادة قال: "قصرن طرفهنَّ على أزواجهنَّ، فلا يردن غيرهم"
(3)
.
وأمَّا الأتراب: فجمع تِرْب
(4)
: وهو لِدَة
(5)
الإنسان.
قال أبو عبيدة وأبو إسحاق: "أقران، أسنانهنَّ واحدة"
(6)
. قال ابن عباس رضي الله عنهما وسائر المفسرين: "مستويات على سنٍّ واحدةٍ وميلادٍ واحد، بنات ثلاث وثلاثين سنة"
(7)
. وقال مجاهد: "أتراب:
(1)
أخرجه البيهقي في البعث رقم (387). وسنده حسن.
(2)
أخرجه البيهقي في البعث رقم (388)، والطبري في تفسيره (27/ 159) وغيرهما، وسنده صحيح.
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره (27/ 150)، والبيهقي في البعث رقم (392).
وسنده صحيح.
تنبيه: سقط هذا الأثر من "أ".
(4)
التِّرْبُ: المماثل في السنِّ، المعجم الوسيط ص (103).
(5)
اللَّدَة: مَنْ ولد معك في وقتٍ واحد. المعجم الوسيط ص (858).
(6)
انظر: مجاز القرآن (2/ 185).
(7)
أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (388).
عن ابن عباس، وبلفظ:"الأتراب: المستويات". وسنده ضعيف.
وانظر: تفسير الطبري (23/ 175)، ومعالم التنزيل للبغوي (7/ 98)، وتفسير مقاتل (3/ 122).
أمثال"
(1)
. قال أبو إسحاق: "أي: هنَّ في غاية الشباب والحُسن، وسَمَّي سنَّ الإنسان وقرنه تِرْبه؛ لأنَّه مسَّ
(2)
تراب الأرض معه في وقتٍ واحدٍ
(3)
، والمعنى من الإخبار باستواء أسنانهنَّ، أنَّهنَّ ليس فيهنَّ عجائز قد فات حسنهنَّ، ولا ولائد لا يُطِقْنَ الوطَء بخلاف الذكور، فإنَّ فيهم
(4)
الولدان: وهم الخدم.
وقد اختلف في تفسير
(5)
الضمير في قوله: {فِيهِنَّ} :
فقالت طائفة: تفسيره
(6)
الجنتان، وما حوتاه من القصور والغرف والخيام.
وقالت طائفة: تفسيره
(7)
الفرش المذكورة في قوله: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54]، و (في) بمعنى: على.
وقوله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) } [الرحمن: 56].
قال أبو عبيدة: لم يمسهنَّ. يقال: ما طمث هذا البعير حَبْلٌ قط،
(1)
أخرجه الطبري في تفسيره (23/ 175)، والبيهقي في البعثِ رقم (384)، وسنده حسن.
(2)
في "أ، ج": "سنَّ"، وفي "د":"من".
(3)
سقط من "أ، ج".
(4)
في جميع النسخ "فيهنَّ".
(5)
في "ب، د": "مفسِّر".
(6)
في "ب، د": "مفسِّرُهُ"، وجاء في "هـ":"تفسيره: الجنَّات".
(7)
في "ب، د": "مفسِّرُهُ".
أي ما مسَّه
(1)
، وقال يونس: تقول العرب
(2)
: هذا جمل ما طمثه حبل قط: أي ما مسَّه
(3)
"، وقال الفرَّاء: "الطمث: الافتضاض، وهو النكاح بالتَّدمية. والطَّمث: هو الدم. وفيه لغتان: طَمِثَ يَطْمُثُ ويَطْمَثُ"
(4)
. قال الليث: "طمثت الجارية: إذا افترعتها
(5)
، والطامث في لغتهم: هي الحائض"
(6)
. قال أبو الهيثم: "يقال للمرأة: طُمِثَت تُطْمَث، إذا أُدْمِيَت بالافتضاض، وطَمِثَت على فَعِلَتْ تَطْمَث إذا حاضت أوَّل ما تحيض، فهي طامث، وقال في قول الفرزدق:
خرجن إليَّ لم يُطمثْنَ قبلي
…
وهن أصَحُّ من بَيْضِ النَّعام
(7)
أي: لم يُمْسَسْنَ.
قال المفسرون: لم يطأهنَّ، ولم يغشهنَّ، ولم يجامعهنَّ. هذه ألفاظهم، وهم مختلفون في هؤلاء: فبعضهم يقول: هنَّ اللواتي أُنشِئْن في الجنَّة من حورها، وبعضهم يقول: يعني نساء
(8)
الدنيا، أُنْشِئنَ خلقًا آخر أبكارًا كما وصفهنَّ.
(1)
انظر: مجاز القرآن (2/ 245 - 246)، وفيه:"ما مسَّهُ حَبَلٌ".
(2)
من "ب، ج، د، هـ".
(3)
انظر: لسان العرب (2/ 166).
(4)
انظر: معاني القرآن للفرَّاء (3/ 119) بمعناه، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص (442)، ولسان العرب (2/ 166).
(5)
في "ج": "أفزعتها" وهو خطأ، ووقع في "هـ" "طمث الجارية: إذا افترعها".
(6)
انظر: العين للخليل ص (576).
(7)
انظر: لسان العرب (2/ 166)، وفيه:"وقعْنَ" بدل "خرجنَ".
(8)
في نسخةٍ على حاشية "أ": "نساءً من نساءِ".
قال الشعبي: "نساء من نساء الدنيا، لم يُمْسَسْن منذ أنشئن خلقًا"
(1)
. وقال مقاتل: "لأنهنَّ خلقن في الجنَّة"
(2)
. قال عطاء عن ابن عباس: "هنَّ الآدميات الَّلاتي مُتْنَ أبكارًا"
(3)
. وقال الكلبي: "لم يجامعهنَّ في هذا الخلق الذي أُنْشِئْنَ فيه إنسٌ ولا جانٌّ"
(4)
.
قلتُ: ظاهر القرآن أنَّ هؤلاء النِّسوة لسن من نساء الدنيا، وإنَّما هنَّ من الحُوْر العين، أمَّا نساء الدنيا فقد طَمِثَهنَّ الإنس، ونساء الجن قد طَمِثهنَّ الجن، والآية تدل على ذلك.
قال أبو إسحاق: "وفي هذه الآية دليلٌ على أنَّ الجِنِّيَّ يَغْشَى، كما أنَّ الإنْسِيَّ يَغْشَى"
(5)
.
ويدل على أنَّهنَّ الحور الَّلاتي خلقنَ في الجنَّة:
- أنَّه سبحانه جعلهنَّ ممَّا أعدَّهُ اللَّهُ في الجنَّة لأهلها من الفواكه
(1)
ذكره البغوي في تفسيره معالم التنزيل (7/ 454)، والواحدي في الوسيط (4/ 227).
وأخرجه البيهقي في البعث رقم (378) بلفظ "هُنَّ من نساء أهل الدنيا خلقهنَّ اللَّهُ في الخلق الآخر". وسنده صحيح.
* وأخرجه هناد في الزهد رقم (22)، قال:"منذ أُنشئن". وفيه رجل لم يسمَّ.
(2)
انظر تفسيره (3/ 309).
(3)
لم أقف عليه.
(4)
ذكره الواحدي في الوسيط (4/ 227).
(5)
انظر: زاد المسير لابن الجوزي (8/ 122).
والثمار والأنهار والملابس وغيرها.
- ويدلُّ عليه أيضًا الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى:{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) } [الرحمن: 72] ثمَّ قال: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56].
قال الإمام أحمد: "والحور العين لا يمتْن عند النفخة في الصور؛ لأنَّهنَّ خلقن للبقاء"
(1)
.
وفي الآية دليل لما ذهب إليه الجمهور، أنَّ مؤمني الجنِّ في الجنَّة، كما أنَّ كافرهم في النَّارِ. وبوَّب عليه البخاري في "صحيحه" فقال:"بابُ ثوابِ الجن وعقابهم"
(2)
.
ونصَّ عليه غير واحدٍ من السَّلف:
قال ضَمْرة بن حبيب، وقد سئل: هل للجن ثواب؟ فقال: نعم، وقرأ هذه الآية ثمَّ قال:"الإنسيات للإنس، والجنِّيات للجنَّ"
(3)
.
(1)
ذكره حرب الكرماني في مسائله ص (358) بنحوه، وسيأتي بتمامه في آخر الكتاب ص (834).
(2)
في (64) كتاب بدء الخلق، باب: 12، (3/ 1200) ط بغا.
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره (27/ 151)، وأبو الشيخ في العظمة رقم (1151)، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، والمنذر بن سعيد البلوطي في تفاسيرهم كما في آكام المرجان للشبلي ص (58)، والدر المنثور (6/ 205).
من طريقِ مبشِّر بن إسماعيل وشريح بن يزيد الحضرمي كلاهما عن أرطأه ابن المنذر عن ضمرة بن حبيب فذكره.
وسنده صحيح.
وقال مجاهد في هذه الآية: "إذا جامع الرجل، ولم يسمِّ انطوى الجانُّ على إحليله فجامع معه"
(1)
.
والضميرُ في قوله {قَبْلَهُمْ} للمعنِيَّين بقوله: {مُتَّكِئِينَ} ، وهم: أزواج هؤلاء النسوة.
وقوله: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) } [الرحمن: 58].
قال الحسنُ وعامَّة المفسرين: أراد صفاء الياقوت في بياض المرجان، شبَّههن في صفاء الَّلون وبياضه بالياقوت والمرجان"
(2)
.
يدلُّ عليه ما قالهُ عبد اللَّه: "إنَّ المرأة من نساء أهل الجنَّة لتلبس عليها سبعين حُلَّة من حرير، فيُرَى بياضُ ساقيها من ورائهنَّ، ذلك بأنَّه
(1)
أخرجه الطبري في تفسيره (27/ 151) والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (104 ق/ ب).
من طريق سهل بن عامر البجلي عن يحيى بن يعلى الأسلمي عن عثمان ابن الأسود عن مجاهد فذكره.
وسنده ضعيف جدًّا، فيه سهل بن عامر قال أبو حاتم:"ضعيف الحديث روى أحاديث بواطيل. . وكان يفتعل الحديث". وقال البخاري: "منكر الحديث"، ويحيى الأسلمي أيضًا: ضعيف الحديث.
انظر: الجرح والتعديل (4/ 202)، وتهذيب الكمال (32/ 252)، ولسان الميزان (3/ 137).
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (322)، والطبري في تفسيره (27/ 152) عن الحسنِ قال:"صفاء الياقوت في بياض المرجان".
وسنده صحيح.