المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال محمد بن عبد الواحد المقدسي: "ورجال هذا الحديث عندي - حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

الفصل: قال محمد بن عبد الواحد المقدسي: "ورجال هذا الحديث عندي

قال محمد بن عبد الواحد المقدسي: "ورجال هذا الحديث عندي على شرط الصحيح"

(1)

.

وقال أبو الشيخ: حدثنا أبو يحيى بن سلم الرَّازي حدثنا هناد بن السَّري حدثنا أبو أُسامة عن هشامِ بن حسان عن زيد بن أبي الحواري - وهو زيد العمَّي - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل يا رسول اللَّهِ أنفضي إلى نسائنا في الجنَّة، كما نُفضي إليهنَّ في الدنيا؟ قال: والَّذي نفس محمد بيده إنَّ الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مئة عذراء".

وزيد هذا قال فيه ابن معين: "صالح"، وقال مرَّة:"لا شيء"، وقال:"ضعيف، يكتب حديثه"، وكذلك قال أبو حاتم، وقال الدَّارقطني:"صالح"، وضعفه النسائي، وقال السعدي:"متماسك"

(2)

.

قلتُ: وحسبه رواية شعبة عنه.

‌فصل

والأحاديث الصحيحة إنَّما فيها "أنَّ لكلِّ منهم زوجتين"

(3)

، وليس في "الصحيح" زيادة على ذلك، فإنْ كانت هذه الأحاديث محفوظة:

فإمَّا أنْ يُراد بها ما لكلِّ واحدٍ من السراري زيادة على الزوجتين،

(1)

صفة الجنَّة ص (129).

(2)

انظر: ترجمته وأقوال العلماء فيه: تهذيب الكمال (10/ 56 - 60).

(3)

كما تقدَّم في ص (256).

ص: 504

ويكونون في ذلك على حسب منازلهم في القِلَّة والكثرة كالخدمِ والولدان.

وإمَّا أنْ يُرادَ أنَّه يعطى قوَّة من يُجامع هذا العدد، ويكون هذا هو المحفوظ، فرواهُ بعض هؤلاء بالمعنى فقال: له كذا وكذا زوجة.

وقد روى الترمذي في "جامعه" من حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُعطى المؤمنُ في الجنَّة قوَّة كذا وكذا من الجماع، قيل: يا رسول اللَّهِ أوَ يطيقُ ذلك؟ قال: يعطى قوَّة مئة"

(1)

هذا حديث صحيح، فلعلَّ من رواهُ "يفضي إلى مئة عذراء"

(2)

رواهُ بالمعنى أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات، واللَّه أعلم.

ولا ريبَ أنَّ للمؤمن في الجنَّة أكثر من اثنتين، لِمَا في "الصحيحين"

(3)

، من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد اللَّه

(1)

أخرجه الترمذي (2536)، والطيالسي في مسنده (2125)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (275)، وابن حبان (7400)، والبزار في مسنده (4/ 198) رقم (3526)، والبيهقي في البعثِ رقم (402).

من طريقِ عمران القطان عن قتادة عن أنس فذكره.

قال الترمذي: "هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث قتادة عن أنس إلَّا من حديث عمران القطان".

وقد تقدَّم في ص (396) في حديث زيد بن أرقم ". . . إنَّ أحدهم ليُعْطى قوَّة مائة رجلٍ في الأكلِ والشرب والجماع والشهوة. . "

(2)

كما تقدم في ص (503)، من حديث ابن عباس.

(3)

تقدم في الباب (51) في ص (453 - 454).

ص: 505

ابن قيس عن أبيه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ للعبدِ المؤمنِ في الجنَّة لخيمةً من لؤلؤةٍ مجوَّفةٍ طولها ستون ميلًا للعبد المؤمن فيها أهلون فيطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضًا".

ص: 506

الباب الرَّابع والخمسون في ذكر المادَّة التي خلق منها الحور العين وما ذكِر فيها من الآثار وذكر صفاتهنَّ ومعرفتهنَّ اليوم بأزواجهنَّ

فأمَّا المادَّة التي خلق منها الحور العين:

فقد روى البيهقى من حديث الحارث بن خليفة، قال حدثنا شعبة، حدثنا إسماعيل بن عُليَّة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحورُ العينِ خُلِقْنَ من الزعفران"

(1)

.

قال البيهقي: "وهذا منكرٌ بهذا الإسناد، لا يصح عن ابن علية". قلتُ: ولكنَّه حديث فيه شعبة.

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا علي بن الحسن بن هارون الأنصاري حدثني الليث بن ابنة

(2)

الليث بن أبي سليم قال:

(1)

أخرجه البيهقي في البعثِ والنشور رقم (391)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة (384)، والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 101 - 102).

لكن ليسَ في سند البيهقي "شعبة"، وإنَّما هو عند الخطيب وأبي نعيم، والطريق الَّذي أخرجه البيهقي ذكره الخطيب وقال:"لم يذكر بينهما شعبة، وهو أشبه بالصواب" ثمَّ ذكره من طريقين عن الحارث بن خليفة بدون ذكر شعبة.

قلتُ: الحارث بن خليفة قال أبو حاتم: "مجهول". الجرح والتعديل (3/ 74).

(2)

سقط من "أ"، ووقع في "ب"، ونسخة على حاشية "أ""أبيه" بدل "ابنة".

ص: 507

حدثتني عائشة بنت يونس امرأة الليث بن أبي سُليم عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "خُلِقَ الحورُ العين من الزعفران"

(1)

.

قال الطبراني: "لا يروى إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد به علي بن الحسن ابن هارون".

قلتُ: وقد رواهُ إسحاق بن راهويه، عن عائشة بنت يونس قالت: سمعتُ زوجي ليث بن أبي سُليم يحدِّث عن مجاهد فذكره موقوفًا عليه، وهو أشبه بالصواب.

ورواهُ عُقبة بن مُكْرَم عن عبد اللَّه بن زياد عن ليث عن مجاهد عن

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 95) رقم (288)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة (385).

والحديث منكر مرفوعًا، صوابه كما ذهب إليه المؤلِّف أنَّهُ من قول مجاهد كما سيأتي، والحديث مدارهُ على ليث بن أبي سليم وهو مخلَّط.

قال ابن كثير: "وهو حديث غريب جدًّا".

- فرواهُ عقبة عن عبد اللَّه بن زياد عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قوله. أخرجه البيهقي في البعث (390).

- ورواهُ عمرو بن سعد وعائشة امرأة ليث وعطاء بن جبلة كلهم عن ليث عن مجاهد قوله.

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (302، 366)، والطبري (27/ 178)، والبيهقي في البعث (389)، وحرب في مسائله (407).

- ورواهُ إبراهيم بن محمد الأسلمي عن ليث قال: بلغني أنَّ الحور العين فذكره. أخرجه الطبري (27/ 178).

ص: 508

ابن عباس قوله.

ولا يصح رفع الحديث، وحسبه أن يصل إلى ابن عباس.

وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: "إنَّ لوليِّ اللَّه في الجنَّة عروسًا لم يَلِدْها آدم ولا حواء، ولكن خُلقت من زعفران"

(1)

.

وهذا مروي عن صحابيين وهما: ابن عباس وأنس، وعن تابعيين: وهما أبو سلمة ومجاهد، وبكلِّ حالٍ فهنَّ من المنشآت في الجنَّة لسْنَ مولودات بين الآباء والأمهات، واللَّهُ أعلم.

وقد رواهُ الطبراني من حديث عبيد اللَّه بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وهذا الإسنادُ لا يُحْتَجُّ به.

ورواهُ أبو نعيم: حدثنا علي بن محمد الطوسي، حدثنا علي بن سعيد حدثنا محمد بن إسماعيل الحساني حدثنا منصور بن المهاجر حدثنا أبو النضر الأبار، عن أنس رضي الله عنه يرفعه: "لو أنَّ حوراء

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (303).

وسنده ضعيف جدًّا، فيه منصور بن عمار الواعظ، والعُمري.

انظر: لسان الميزان (6/ 131).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 237) رقم (7813)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (383).

والحديث كما قال المؤلِّف: لا يحتجُّ به. وقد ضعَّفه أيضًا الهيثمي في المجمع (10/ 419).

ص: 509

بصقت في سبعة أبحر لعذب البحار من عذوبة فمها، وخلق الحور العين من الزعفران"

(1)

.

وإذا كانت هذه الخِلْقة الآدمية التي هي من أحسن الصور وأجملها، مادَّتها من تراب وجاءت الصورة من أحسن الصور، فما الظنُّ بصورةٍ مخلوقةٍ من مادة الزعفران الَّذي هناك! فاللَّه المستعان.

وقد روى أبو نعيم: من حديث عيسى بن يوسف بن الطباع حدثنا حلبس بن محمد الكلابي، حدثنا سفيان الثوري، حدثنا المغيرة، حدثنا إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سطع نورٌ في الجنَّة، فرفعوا رؤوسهم، فإذا هوَ من ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها"

(2)

.

(1)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (386).

وسنده ضعيف، منصور بن المهاجر لم يوثقه أحد، وقال ابن حجر:"مستور". انظر: تهذيب الكمال (28/ 555).

وله إسناد آخر: يرويه نصر بن مزاحم عن عمرو بن سعد عن شيخ من أهل البصرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن أبي الدنيا رقم (364).

وإسنادهُ ضعيف جدًّا، نصر بن مزاحم متروك الحديث.

(2)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة (381)، وابن عدي في الكامل (2/ 457)، والخطيب في تاريخه (8/ 247)، و (11/ 163).

وفيه حلبس هذا: وهو متروك الحديث، وقال ابن عدي:"منكر الحديث عن الثقات".

والحديث لا يصح، قال ابن عدي:"وهذا حديث منكر عن سفيان"، وقال الذهبي:"هذا باطل".

والأقربُ أنَّه من قول سفيان الثوري، كما سيأتي عند المؤلِّف في =

ص: 510

وروى بقية بن الوليد حدثنا بَحِيْر بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرَّة قال: "إنَّ منَ المزيد أن تمرَّ السحابةُ بأهل الجنَّة فتقول: فما تريدون أن أمطركم؟ فلا يتمنون شيئًا إلَّا مطروا: قال: يقول كثير: لئن أشهدني اللَّه ذلك لأقولنَّ: أمطرينا جواري مُزَيَّنات"

(1)

.

وقد رُويَ في مادة خلقهن صفة أخرى:

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن خداش، حدثنا عبد اللَّه بن وهب، حدثنا سعيد بن أيوب، عن عُقَيل بن خالد، عن الزهري أنَّ ابن عباس قال:"إنَّ في الجنَّة نهرًا يقال له البيذخ، عليه قباب من ياقوت، تحته جوارِ ناشئاتٍ يقول أهل الجنَّة: انطلقوا بنا إلى البيذخ، فيجيئون فيتصفَّحون تلك الجواري فإذا أعجب رجلًا منهم جارية مسَّ مِعْصَمَهَا فتتبعه"

(2)

.

وقال الليث بن سعد: عن يزيد بن أبي حبيب عن الوليد بن عبدة

(3)

قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لجبريل: "يا جبريل قفْ بي على الحور العين، فأوقفه عليهنَّ، فقال: من أنتنَّ؟ فقلن: نحن جواري قومٍ كرامٍ حَلُّوا فلم

= ص (515 - 516).

(1)

أخرجه ابن المبارك في الزهد، ونعيم في زوائده على الزهد رقم (240)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (309)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (382).

وسنده صحيح إلى كثير بن مُرَّة.

(2)

تقدم ص (390).

(3)

كذا في "أ، ب، ج، د" وفي "هـ": "عبيدة"، وعند ابن أبي الدنيا "عمرو بن الوليد".

ص: 511

يظعنوا، وشبُّوا فلم يهرموا، ونَقُوا فلم يَدْرَنُوا"

(1)

.

وقال ابن المبارك: أنبأنا يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زَحْر عن خالد بن أبي عمران عن أبي عياش

(2)

قال: كُنَّا جلوسًا مع كعب يومًا فقال: "لو أنَّ يدًا من الحور دُلَّيت من السماء لأضاءتْ لها الأرض؛ كما تضيء الشمس لأهل الدنيا، ثمَّ قال: إنَّما قلتُ: يدها، فكيف بالوجه في بياضه وحسنه وجماله! "

(3)

.

وفي "مسند الإمام أحمد" من حديث كثير بن مرَّة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلَّا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلكِ اللَّهُ، فإنَّما هو عندك دخيل يوشك أنْ يفارقك إلينا"

(4)

.

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (301).

وهو مرسل، وليس في الصحابة من اسمه عمرو بن الوليد.

(2)

في جميع النسخ "ابن عباس"، والتصويب من مصدري التخريج.

(3)

أخرجه ابن المبارك في الزهدِ -رواية نعيم- رقم (256)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (308) وفيه زيادة وسنده ضعيف، فيه عبيد اللَّه بن زحر وهو ضعيف.

(4)

أخرجه أحمد في المسند (5/ 242)، والترمذي (1174)، وابن ماجه (2014)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (310)، والطبراني في مسند الشاميين رقم (1166)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 220) وغيرهم.

من طريق إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرَّة به فذكره.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين أصلح، وله عن أهل الحجاز وأهل العراق =

ص: 512

وفي مراسيل عكرمة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الحور العين لأكثر عددًا منكُنَّ، يدعون لأزواجهنَّ يَقُلْنَ: الَّلهم أَعِنْهُ على دينك، وأقْبِل بقلبه على طاعتك، وبلَّغه بعزتك يا أرحم الرَّاحمين"

(1)

.

ذكرهُ ابن أبي الدنيا من حديث أُسامة بن زيد عن عطاء عنه.

وذكر الأوزاعي عن حسَّان بن عطية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "إنَّ في الجنَّة حوراء يُقال لها: اللُّعبة، كل حور الجنان يعجبن بها، يضربن بأيديهنَّ على كتفها ويقلنَ: طوبى لك يا لعبةُ، لو يعلم الطالبون لك لَجَدُّوا، مكتوبٌ بين عينيها: من كان يبتغي أنْ يكون له

(2)

مثلي فليعمل برضى ربي"

(3)

.

وقال عطاء السليمي لمالك بن دينار: يا أبا يحيى شوَّقنا، قال: "يا عطاء إنَّ في الجنَّة حوراء يتباهى أهل الجنَّة بحسنها، لولا أنَّ اللَّهَ تعالى كتب على أهل الجنَّة ألا يموتوا لماتوا من حُسْنها، فلم يزل عطاء

= مناكير".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث خالد عن كثير، تفرَّد به بحير".

قال الذهبي في السير (4/ 47): ". . . وإسناده صحيح متصل".

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (311).

وهو مرسل ضعيف جدًّا، فيه الواقدي: متروك الحديث، وأسامة بن زيد: فيه لين، وإرسال عكرمة للحديث.

(2)

سقط من "أ".

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (312). وسنده منقطع، حسان بن عطية لم يُدرك ابن مسعود.

ص: 513

جَهِدًا

(1)

من قول مالك [أربعين عامًا]

(2)

"

(3)

.

وقال أحمد بن أبي الحواري: حدثني جعفر بن محمد قال: لقي حكيم حكيمًا، فقال:"أتشتاق إلى الحور العين؟ فقال: لا، فقال: فاشتق إليهنَّ، فإنَّ نور وجوهِهِنَّ من نور اللَّهِ عز وجل، فغشيَ عليه، فحمل إلى منزله فجعلنا نعوده شهرًا"

(4)

.

وقال ربيعة بن كلثوم: "نظر إلينا الحسن ونحن حوله شباب فقال: يا معشر الشباب، أما تشتاقون إلى الحور العين؟ "

(5)

.

وقال ابن أبي الحواري حدثني الحضرمي قال: "نمتُ أنا وأبو حمزة على سطحٍ، فجعلتُ أنظرُ إليهِ يتقلَّبُ على فراشه إلى الصباح، فقلت: يا أبا حمزة ما رقدتَ الليلة؟ فقال: إنَّي لمَّا اضطجعتُ تمثَّلت لي حوراء حتَّى كأنِّي أحسَسْت بجلدها قد مسَّ جلدي، فحدَّثتُ به أبا سليمان فقال: هذا رجلٌ كان مشتاقًا"

(6)

.

وقال ابن أبي الحواري: سمعتُ أبا سليمان يقول: "يُنشأ خلق الحور العين إنشاءً، فإذا تكاملَ خلقهنَّ ضربت عليهنَّ الملائكة الخيام"

(7)

.

(1)

وقع في "ب""كَمَدًا"، وفي "د""كدًّا".

(2)

ما بين المعكوفتين من المطبوعة وابن أبي الدنيا.

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (313).

(4)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (314).

(5)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (315) وسنده صحيح.

(6)

أخرجه ابن ابي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (317).

(7)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (318).

ص: 514

وذكر ابن أبي الدنيا عن صالح المرِّي عن يزيد الرقاشي قال: "بلغني أنَّ نورًا سَطَعَ في الجنَّة لم يبقَ موضع من

(1)

الجنَّة إلَّا دخلَ من ذلك النور فيه، فقيل: ما هذا؟ قيل: حوراء ضحكت في وجه زوجها، قال صالح: فشهق رجلٌ من ناحية المجلس، فلم يزل يشهق حتَّى مات"

(2)

.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا بشر بن الوليد حدثنا سعيد بن زَرْبي عن عبد الملك الجُوْنِي عن سعيد بن جبير قال: سمعتُ ابن عباس يقول: "لو أنَّ حوراء أخرجتْ كفَّها بين السَّماءِ والأرضِ لافتتنَ الخلائقُ بحسنها، ولو أخرجت نَصِيْفَها لكانت الشمس عند حسنه مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها، ولو أخرجت وجهها لأضاء حسنها ما بين السماء والأرضِ"

(3)

.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني الحسن بن يحيى وكثير العنبري، حدثنا خزيمة أبو محمد عن سفيان الثوري قال: "سطع نورٌ في الجنَّة لم

(4)

يبقَ موضعٌ في

(5)

الجنَّة إلَّا دخل فيه من ذلك النور، فنظروا

(1)

وقع في "ب، ج، هـ": "في".

(2)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (363).

وفي سنده صالح المري: فيه ضعف.

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا كما في الترغيب والترهيب (4/ 535).

وفيه سعيد بن زربي وهو منكر الحديث.

(4)

هكذا في جميع النسخ، ويحتمل "فلم".

(5)

في "ب، د": "من".

ص: 515

فوجدوا ذلك من حوراء ضحكت في وجه زوجها"

(1)

.

ورواه الخطيبُ في "تاريخه" من حديث عبيد اللَّه

(2)

بن محمد الكرخي، قال: حدثني عيسى بن يوسف بن الطباع، حدثنا حلبس بن محمد حدثنا سفيان الثوري عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"سَطَعَ نورٌ في الجنَّة فرفعوا رؤوسهم فإذا هو من ثَغْرِ حوراء ضحكت في وجه زوجها"

(3)

.

وقال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير: "إذا سَبَّحت المرأة من الحورِ العينِ لم يبقَ شجرةٌ في الجنَّة إلَّا وردَّت عليها

(4)

"

(5)

.

وقال ابن المبارك: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير: "أنَّ الحورَ العين يتلقين أزواجهنَّ عند أبواب الجنَّة فيقلن: طالما انتظرناكم فنحن الراضيات فلا نسخط، والمقيمات فلا نظعن، والخالداتُ فلا نموتُ، بأحسن أصوات سُمِعت وتقول: أنت حِبِّي وأنا حِبك، ليس دونك تقصير

(6)

ولا وراءك معدل"

(7)

.

(1)

لم أقف عليه، وقد تقدم ذكر المرفوع ص (509).

(2)

في "ج": "عبد اللَّه".

(3)

"تاريخ بغداد"(11/ 163)، وتقدم في ص (509)، الكلام عليه.

(4)

من "أ"، ووقع في نسخة على حاشية "أ""لها"، وليس في باقي النسخ.

(5)

لم أقف عليه.

(6)

كذا في جميع النسخ، وعند المبارك "مقصر".

(7)

أخرجه ابن المبارك في الزهد -رواية نعيم- رقم (435)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (268). وسنده صحيح.

ص: 516

الباب الخامس والخمسون: في ذكر نكاح أهل الجنَّة ووطئهم والتذاذهم بذلك أكمل لذَّةٍ، ونزاهة ذلك عن المذي والمني والضعف، وأنَّه لا يُوجبُ غُسلًا

قد تقدم حديث أبي هريرة: قيل يا رسول اللَّه، أنفضي إلى نسائنا في الجنة؟ فقال:"إن الرجل ليَصِلُ في اليوم إلى مئة عذراء"

(1)

، وأنَّ إسناده صحيح.

وتقدم حديث أبي موسى المتفق على صحته: "إن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلًا، لهُ فيها أهلون يطوف عليهم"

(2)

.

وحديث أنس: "يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع

(3)

"

(4)

وصححه الترمذي.

وروى الطبراني، وعبد اللَّه بن أحمد، وغيرهم من حديث لقيط بن عامر أنه قال: يا رسول اللَّه على ما نطلع من الجنة؟ قال: "على أنهار من عسل مُصفَّى، وأنهار من كأس ما بها صداع ولا ندامة، وأنهار من

(1)

تقدم ص (503).

(2)

تقدم ص (296).

(3)

وقع جميع النسخ: "النساء" وهو خطأ.

(4)

تقدم ص (505).

ص: 517

لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسن، وفاكهة، لَعَمْرُ إلهك ممَّا تعلمون، وخير من مثله، وأزواج مطهَّرة". قلتُ: يا رسول اللَّهِ أَوَ لَنَا فيها أزواج مصلحاتٌ؟ قال: "الصالحات للصالحين، تلذذوا بهنَّ

(1)

مثل لذَّاتكم

(2)

في الدنيا ويَلْذَذْنَ بكم

(3)

، غير أن لا توالد"

(4)

.

وقال ابن وهبٍ: أخبرني عمرو بن الحارث عن درَّاجٍ عن ابن حُجيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: يا رسول اللَّه أنطأ في الجنَّة؟ قال: نعم والَّذي نفسي بيده دَحْمًا دَحْمًا

(5)

، فإذا قام عنها رجعت مطهَّرةً بكرًا"

(6)

.

(1)

قوله: "تلذُّون بهنَّ" في "د": "تلذونهن".

(2)

في "هـ": "لذاذتكم".

(3)

في "ب، ج، د": "ويَلْذَذْنكم"، وفي "هـ":"ويلذون بكم".

(4)

تقدم ص (371)، وراجع الكلام عليه ص (127).

(5)

دَحْمًا: هو النكاح والوطء بدفع وإزعاج، والتكرار للتأكيد.

انظر النهاية (2/ 106).

(6)

أخرجه ابن حبان في صحيحه (16/ 415 و 416) رقم (7402)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة (393).

قال الضياء المقدسي في صفة الجنَّة ص (131 - 132): "ابن حجيرة: اسمه عبد الرحمن، ودرَّاج اسمه عبد الرحمن بن سمعان البصري، وثَّقه يحيى ابن معين، وأخرجه عنه أبو حاتم بن حبان في صحيحه، وكان بعض الأئمة ينكر بعض حديثه".

- ورواهُ أسد بن موسى عن ابن لهيعة عن ابن حجيرة به بمثله.

ورواهُ محمد بن حازم عن راشد بن سعد عن أبي هريرة بمثله.

أخرجهما ابن حبيب في وصف الفردوس رقم (196، 197).

ص: 518

وقال الطبراني: حدثنا إبراهيمُ بن جابر الفقيه، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي الواسطي، حدثنا معلَّى

(1)

بن عبد الرحمن الواسطي حدثنا شريك عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أهل الجنَّة إذا جامعوا نساءهم عُدْنَ أبكارًا"

(2)

.

قال الطبراني: "لم يروه عن عاصمٍ إلَّا شريك تفرَّد به معلَّى"

(3)

.

قال الطبراني: وحدثنا عبدانُ بن أحمد حدثنا محمد بن عبد الرحيم

(4)

البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة حدثنا صدقة عن هاشم بن زيد عن سليم أبي

(5)

يحيى أنَّه سمع أبا أُمامة رضي الله عنه يحدث أنَّه سمع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وسئل: هل يتناكح أهلُ الجنَّة؟ قال: بِذَكَرٍ لا يَمَلُّ، وشهوةٍ لا تنقطع، دَحْمًا دَحْمًا"

(6)

.

(1)

في "ب، د، هـ": "يعلى"، وفي "ج""محمد" وكلاهما خطأ.

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 160) رقم (249)، وأبو الشيخ في العظمة رقم (583)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (365 و 392)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 930) رقم (1551) وغيرهم.

والحديث موضوع، تفرَّد به معلَّى بن عبد الرحمن وهو كذَّاب، ومتَّهمٌ بالوضع، انظر: تهذيب الكمال (28/ 289 - 291).

(3)

وقع في جميع النسخ "يعْلى" وهو خطأ.

(4)

في نسخةٍ على حاشية "أ": "عبد الرحمن".

(5)

في "د": "سليم بن أبي" وهو خطأ.

(6)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 202) رقم (7721)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة (368).

وسنده ضعيف؛ فيه: هاشم بن زيد وصدقه بن عبد اللَّه السَّمين ضعيفان. =

ص: 519

قال الطبراني: وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا سويد بن سعيد حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أُمامة أنَّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أيجامعُ أهلُ الجنَّة؟ قال: دَحْمًا دَحْمًا، ولكن لا مَنِيَّ ولا مَنِيَّة"

(1)

.

وهاشم وخالد، وإنْ تُكلَّمَ فيهما فليس الاعتماد عليهما، وقوله:"لا مَنِيَّ ولا مَنِيَّة" أي: لا إنزال ولا موت.

وقال أبو نعيم: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد حدثنا بشر بن موسى، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثنا عمارة بن راشد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّه سُئِلَ: هل يَمَسُّ أهل الجنَّة أزواجهم؟ قال: نعم، بذَكَرٍ لا يَمَلُّ، وفرْجٍ لا يحْفَى، وشهوةٍ لا تنقطع"

(2)

.

= انظر: تهذيب الكمال (13/ 135)، والجرح والتعديل (9/ 103).

وله طريق آخر عن سليم بن عامر أبي يحيى عن أبي أُمامة.

عند الطبراني (7674) وغيره وسنده ضعيف جدًّا.

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 113) رقم (7479)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (271 و 367)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (367)، والبيهقي في البعث رقم (407) وغيرهم.

والحديث ضعيف جدًّا، مدارهُ على خالد بن يزيد، وهو متروك، وكذَّبه ابن معين.

(2)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (366)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (270)، والبزار كما في كشف الأستار رقم (3524) وغيرهم.

من طريق عبد اللَّه بن يزيد المقرئ عن عبد الرحمن بن زياد به مثله.

- ورواهُ عبدة بن سليمان وجعفر بن عون كلاهما عن عبد الرحمن بن زياد =

ص: 520

وقال الحسنُ بن سفيان في "مسنده": حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد

(1)

عن القاسم عن أبي أُمامة رضى اللَّهُ عنه قال: سُئِلَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هل ينكح أهل الجنَّة؟ قال: "إي والَّذي بعثني بالحقِّ دَحْمًا دحْمًا - وأشار بيده - ولكن لا مَنِيَّ ولا مَنِيَّة"

(2)

.

وقال سعيد بن منصور: حدثنا سفيانُ عن أبي

(3)

عمرو عن عكرمة في قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } [يس: 55] قال: "في افتضاض الأبكار"

(4)

.

= عن عمارة عن أبي هريرة قوله.

وهذا الاضطراب من عبد الرحمن بن زياد الأفريقي -وهو ضعيف-، وأيضًا عمارة بن راشد الكناني: قال فيه أبو حاتم: مجهول، وأيضًا روايته عن أبي هريرة مرسلة. انظر: الجرح والتعديل (6/ 365).

فالحديث مع وقفه، ضعيف الإسناد، واللَّه أعلم.

(1)

في جميع النسخ "زيد" وهو خطأ.

(2)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (369) من طريق الحسن بن سفيان به مثله.

وسنده ضعيف جدًّا، فيه علي بن يزيد الألهاني ضعيف، وعثمان بن أبي العاتكة ضعيف في روايته عن علي بن يزيد، وقد ضعَّف أبو حاتم هذه السلسلة: علي عن القاسم عن أبي أُمامة فقال: "ليست بالقويَّة هي ضعاف". انظر: تهذيب الكمال (21/ 180 - 182).

(3)

سقط من جميع النسخ، انظر: الموضح للخطيب (2/ 341 - 343).

(4)

أخرجه البيهقي في البعث (401) والخطيب في الموضح (2/ 342) من طريق سعيد بن منصور به مثله.

- ورواه علي بن حرب عن سفيان بن عيينة به مثله.

أخرجه الخطيب في الموضح (2/ 341 - 342). =

ص: 521

وقال عبد اللَّه بن أحمد: حدثنا أبو الربيع الزهراني ومحمد بن حميد: قالا: حدثنا يعقوبُ بن عبد اللَّه

(1)

حدثنا حفصُ بن حُميد عن شِمْر بن عطية عن شقيق بن سلمة عن عبد اللَّه بن مسعود في قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } قال: "شُغْلُهم افتضاض العَذَارَى"

(2)

.

= - وقد اضطرب فيه أبو عمرو القاص واسمه محمد بن عبد الرحمن بن خالد ابن ميسرة القاص:

- فرواهُ أسباط بن محمد من رواية ابنه عبيد، والحسن الطهوي وأسد بن موسى عنه، وسليمان التيمي - في الرواية الرَّاجحة عنه - عن أبي عمرو القاص عن عكرمة عن ابن عباس فذكرهُ.

أخرجه الطبري (23/ 18)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (277)، وابن حبيب في وصف الفردوس رقم (201).

ورواهُ هناد بن السري في الزهد (89) عن أسباط بن محمد عن أبي عمرو عن عكرمة قوله.

- ورواهُ الثوري عن أبي عمرو عن عكرمة قوله.

أخرجه ابن المبارك في الزهد رقم (1586).

وعليه فالأثرُ مضطرب الإسناد، وأبو عمرو هذا لم يوثقه إلَّا ابن حبان، وأيضًا لم يتابع أبو عمرو عليه فحسْبُهُ إن صحَّ أنْ يكون من قول عكرمة كما رواهُ الثوري وابن عيينة وهو أشبه، واللَّه أعلم.

وقد جاء عن ابن عباس من وجوه ولا تثبت.

انظر: تفسير ابن وهب (1/ 22)، وابن حبيب فى وصف الفردوس ص (90)، والقرطبي (15/ 43).

(1)

وقع في "أ، ج": "عبيد اللَّه" وهو خطأ، انظر: الجرح والتعديل (9/ 209 - 210).

(2)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (375)، وابن أبي الدنيا رقم (276)، والطبري =

ص: 522

وقال الحاكم: أنبأنا الأصمُّ أنبأنا العباس بن الوليد، أخبرني شعيب، عن الأوزاعي في قول اللَّهِ تعالى:{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } قال: "شغلهم افتضاض الأبكار"

(1)

.

وقال مقاتل: "شُغِلُوا بافتضاض العذارى عن أهل النَّارِ فلا يذكرونهم ولا يهْتمُّون لهم"

(2)

.

وقال أبو الأحوص: "شُغِلوا بافتضاض الأبكارِ على السُّرر في الحِجَالِ"

(3)

.

وقال سليمان التيمي عن أبي مِجْلَزٍ: قلتُ لابن عباس: قولُ اللَّهِ تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } ما شغلهم؟ قال: "افتضاض الأبكارِ"

(4)

.

= في تفسيره (23/ 17 - 18) والحكيم الترمذي في مشكل القرآن كما في تفسير القرطبي (15/ 43)، وسند حسن.

(1)

أخرجه البيهقي في البعث رقم (400) وسنده صحيح.

(2)

انظر تفسير مقاتل (3/ 89).

(3)

لم أقف عليه.

(4)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة رقم (376).

من طريق سهل بن زياد الطحان عن سليمان التيمي به فذكره.

وسهل هذا: قال الأزدي "منكر الحديث". اللسان (3/ 135).

وقد خولف سهل في سنده:

فرواه يزيد بن زريع -كما سيأتي قريبًا- ومعتمر بن سليمان كلاهما عن سليمان التيمي عن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة رقم (277) والطبري (23/ 18). =

ص: 523

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا فُضيل بن عبد الوهاب حدثنا يزيد بن زُريع عن سليمان التيمي عن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس {فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } قال: "في افتضاض العذارى".

حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى بن يمان، عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جُبير [قال]:"إنَّ شهوته لتجري فى جسدها سبعين عامًا تجدُ الَّلذة"

(1)

.

ولا يلحقهم بذلك جَنَابة، فيحتاجون إلى التَّطهير، ولا ضعف ولا انحِلال قوَّةٍ، بل وطؤهم وطءُ التذاذٍ ونعيم، لا آفة فيه بوجهٍ من الوجوه". وأكملُ النَّاسِ فيه أصونهم لنفسه في هذه الدَّارِ عن الحرامِ، فكما أنَّ من شربَ الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن لبسَ الحرير في الدنيا لم يَلْبسْهُ في الآخرة، ومَنْ أكل في صحاف الذهب والفضة في الدنيا لم يأكل فيها في الآخرة، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة"

(2)

.

فمن استوفى طيباته ولذاته وأذهبها في هذه الدار

(3)

حُرِمَها هناك، كما نعى

(4)

سبحانه وتعالى على من أذْهَبَ طيباته في الدنيا واستمتع بها، ولهذا كان الصحابة - ومن تبعهم - يخافون من ذلك أشد الخوف،

= وهذا هو الصحيح عن سليمان التيمي، وقد تقدم قريبًا ذكر الاختلاف فيه.

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة رقم (278) مختصرًا.

(2)

تقدم ص (417).

(3)

في "ب""الدنيا".

(4)

في "أ، ج، هـ": "نفى".

ص: 524

وذكر الإمام أحمد، عن جابر بن عبد اللَّه: "أنه رآه عمر ومعه لحم قد اشتراه لأهله بدرهم، فقال: ما هذا؟ قال: لحم اشتريته لأهلي بدرهم، فقال: أوكلما اشتهى أحدكم شيئًا اشتراه! أما سمعت اللَّه تعالى يقول: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]

(1)

.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا جرير بن حازم، قال: حدثنا الحسن قال: قدم وفد أهل البصرة مع أبي موسى على عمر، فكنا ندخل عليه كل يوم وله خبز يُلَتُّ

(2)

، ربما وافقناها مأدومة بالسمن، وربما وافقناها مأدومة بالزيت، وربما وافقناها مأدومة باللبن، وربما وافقنا القدائد

(3)

اليابسة، قد دقت ثم أغلي بها، وربما وافقنا اللحم الغريض وهو قليل، فقال ذات يوم: إني واللَّه قد أرى تعذيركم

(4)

وكراهيتكم لطعامي، إني واللَّه لو شئت لكنت من ألينكم

(1)

أخرجه أحمد في الزهد رقم (651).

من طريق الأعمش عن بعض أصحابه قال: مرَّ جابر بن عبد اللَّه فذكره.

- ورواهُ عبد اللَّه بن عمر العمري -ضعيف- عن وهب بن كيسان عن جابر فذكر نحوه.

أخرجه أبو داود في الزهدِ رقم (64).

وهذا يدلُّ على أنَّ للحديث أصلًا ثابتًا.

(2)

اضطربت النسخ في هذه الَّلفظة، ففي "أ، هـ""ثلاثة"، وفي "ب، ج، د""ثلثة". ولعلَّ الصوابُ ما أثبته كما جاء عند ابن المبارك وغيره.

واللَّتُّ: الخلطُ.

(3)

وقع في "ج": "القرائد".

(4)

في "د": "تقديركم"، وفي نسخةٍ على حاشية "أ" "تعزيركم". والتعذير: التقصير في الأكلِ.

ص: 525

طعامًا، وأرقَّكم عيشًا، ولكني سمعت اللَّه تعالى عيَّرَ قومًا بأمر فعلوه، فقال:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]

(1)

.

فمن ترك اللذة المحرمة للَّه استوفاها يوم القيامة أكمل ما تكون، ومن استوفاها ها هنا حُرِمَها هناك، أو نقص كمالها، فلا يجعل اللَّه لذة من أوضع في معاصيه ومحارمه، كلذة من ترك شهوته للَّه أبدًا

(2)

، واللَّه أعلم.

(1)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 49)، وابن سعد في الطبقات (3/ 279)، والبلاذري في الأنساب في ترجمة الشيخين ص (184).

- ورواهُ ابن المبارك وحماد بن أُسامة ومحمد بن أبان الواسطي كلهم عن جرير بن حازم به نحوه.

أخرجه ابن المبارك في الزهد (579)، وابن سعد في الطبقات (3/ 279)، والبلاذري في الأنساب ص (184).

وأخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد رقم (593) من طريق سليم بن أخضر عن جعفر "لعلَّه العطاردي" عن الحسن قال: أنبأنا الأحنفُ بن قيس قال كُنَّا نشهد طعام عمر رضي الله عنه فيومًا لحمًا غريضًا، ويومًا قديدًا، ويومًا زيتًا.

وسندهُ صحيح، وهذا يدلُّ أنَّ لتلك القصَّة أصلًا صحيحًا.

ورواها عبد الرحمن بن أبي ليلى وقتادة نحوه.

عند أبي نعيم في الحلية (1/ 49)، والبلاذري ص (187).

(2)

في "هـ": "للَّه تعالى" بدل "للَّه أبدًا".

ص: 526

الباب السادس والخمسون: في اختلاف الناس هل في الجنة حَمْلٌ وَوِلادة أم لا؟

قال الترمذي في "جامعه": حدثنا بندار، حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن عامر الأحول، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنُّه في ساعةٍ، كما يشتهي"

(1)

.

قال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريب". وقد اختلفَ أهل العلم في هذا:

(1)

أخرجه الترمذي برقم (2563)، وابن ماجه (4338)، وأحمد (3/ 9 و 80)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (280)، وابن حبان في صحيحه رقم (7404)، وأبو الشيخ في العظمة رقم (585) وغيرهم.

من طريق: محمد بن بشار بندار والقواريري عبيد اللَّه بن عمر وأبو هاشم محمد بن يزيد الرفاعي وعلي بن المديني كلهم عن معاذ به مثله.

ورواهُ عمرو بن علي الفلاس عن معاذ عن أبيه عن عاصم الأحول به بلفظ: "إذا أراد المؤمن الولد، فإنَّ حمله ووضعه وشبابه في ساعةٍ، كما يشتهي".

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة (2/ 124) رقم (275).

ورواية الجماعة أصحُّ وأثبت.

والحديث صححه ابن حبان وحسنه الترمذي مع قوله: غريب، لوروده من وجهٍ آخر.

وأشار البخاري إلى تفرده، وإلى المخالفة في متنه لحديث أبي رزين العقيلي.

وعامر الأحول في حفظه مقال.

ص: 527

فقال بعضهم: في الجنَّة جماع، ولا يكون ولد، هكذا روي عن طاووس ومجاهد وإبراهيم النخعي

(1)

.

وقال محمد -يعني البخاري-: قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النَّبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتهى المؤمن الولدَ في الجنَّة كان في ساعة كما يَشتهي" ولكن لا يشتهي. قال محمد: وقد روي عن أبي رَزِين العُقَيلي عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أهل الجنَّة لا يكون لهم فيها ولد". وأبو الصديق الناجي: اسمه بكر بن عمرو، ويقال: بكر بن قيس" انتهى كلام الترمذي.

قلتُ: إسناد حديث أبي سعيد على شرط الصحيح، فرجاله محتج بهم فيه؛ ولكنَّه غريب جدًّا، وتأويل إسحاق فيه نظر، فإنَّه قال:"إذا اشتهى المؤمنُ الولد. فـ "إذا" للمُتَحَقَّقِ

(2)

الوقوع، ولو أُريِد ما ذكره من المعنى لقال: لو اشتهى المؤمن الولد لكان حمله في ساعة، فإنَّ ما لا يكون أحقَّ بأداة "لو" كما أنَّ المحقَّقَ الوقوع أحقُّ بأداةِ "إذا".

وقد قال أبو نعيم: حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا أحمد

(3)

بن

(1)

ويضاف إليهم: عطاء بن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وقتادة وهو ثابتٌ عنهم كلهم.

انظر: مصنف عبد الرزاق (11/ 420 و 421)، والزهد لهناد رقم (91، 92)، وصفة الجنَّة لابن أبي الدنيا رقم (282 و 293)، وتفسير الطبري (1/ 175 - 176).

(2)

في "ب، د": "للمحقَّق"، وفي "هـ":"لتحقيق".

(3)

قوله: "حدثنا أحمد" سقط من "هـ".

ص: 528

إسحاق حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان الثوري، عن أبان، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قيل يا رسول اللَّه، أيولَدُ لأهلِ الجنَّة، فإنَّ الولدَ من تمام السرور؟ فقال:"نعم والَّذي نفسي بيده، وما هو إلَّا كقدر ما يتمنَّى أحدكم فيكون حمله ورضاعه وشبابُه"

(1)

.

حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن أحمد الرَّازي بمكة حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس حدثنا سليمان بن داود القزَّاز، حدثنا يحيى بن حفص الأسدي، قال: سمعتُ أبا عمرو بن العلاء، يُحَدِّثُ عن جعفر بن زيد

(2)

العبدي عن أبي الصديق النَّاجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجلَ من أهل الجنَّة ليولد له كما يشتهي، فيكون حمله وفصاله وشبابه في ساعةٍ واحدةٍ"

(3)

.

(1)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (275)، وهناد في الزهد رقم (93)، وعبد بن حميد في مسنده "المنتخب رقم 937".

وسنده ضعيف جدًّا، فيه أبان ابن أبي عياش: متروك الحديث. انظر: التقريب رقم (142).

(2)

في "هـ": "ثوبان"، وفي باقي النسخ "ثور"، والتصويب من الجرح والتعديل (2/ 480)، والبعث للبيهقي.

(3)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة (2/ 124) رقم (275)، وفي أخبار أصبهان (2/ 296)، والبيهقي في البعث رقم (442).

وفيه: يحيى بن حفص الأسدي: لم أقف عليه، فإنْ كان هو الكرخي فهو لا يعرف. انظر: اللسان (6/ 328).

ص: 529

وحديث معاذُ بن هشام، قال فيه بُنْدَار: عامر الأحول، وقال عمرو ابن علي: عاصم الأحول.

وقال الحاكمُ: أنبأنا الأصم، حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سلَّام ابن سليمان، حدثتا سلَّام الطويل عن زيد العمِّي عن أبي الصديق النَّاجي عن أبي سعيد الخدري يرفعه:"إنَّ الرجل من أهل الجنَّة ليشتهي الولدَ في الجنَّة، فيكون حمله وفصاله وشبابه في ساعةٍ واحدةٍ"

(1)

.

قال البيهقي: "هذا إسناد ضعيف بمرَّة".

وأمَّا حديث أبي رَزِين الَّذي أشارَ إليه البخاري فهو حديثه الطويل، ونحن نسوقه بطوله نجمِّل به الكتاب فعليه من الجلالة والمهابة ونورِ النبوة ما ينادي على صِحَّته.

قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد في "مسند أبيه": كتب إليَّ

(2)

إبراهيم ابن حمزة بن محمد بن حمزة

(3)

بن مصعب بن الزبير الزبيري

(4)

: كتبت إليك بهذا الحديث وقد عرضته وسمعتهُ على ما كتبتُ به إليك، فحدِّث بذلك عنَّي، قال: حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الخزامي قال: حدثني عبد الرحمن بن عيَّاش السَّمَعِي

(5)

الأنصاري -

(1)

أخرجه البيهقي في البعث رقم (440).

وهو ضعيف جدًّا، فيه سلَّام الطويل: متروك الحديث.

(2)

سقط من "هـ".

(3)

قوله "بن حمزة" من "هـ".

(4)

من "أ، ب، هـ".

(5)

قوله: "عياش السَّمَعِي" في جميع النسخ "عابس المسمعي" وهو خطأ، ووقع =

ص: 530

من بني عمرو بن عوف - عن دَلْهم بن الأسود بن عبد اللَّه بن حاجب بن عامر بن المُنْتَفِق العُقَيلي عن أبيه عن عمِّه لقيط بن عامر قال دَلْهم: وحدَّثنيه أيضًا

(1)

أبي الأسودُ عن عاصم بن لَقِيْط: أنَّ لقيطًا خرج وافدًا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعه صاحبٌ له يُقال له نَهِيْك بن عاصم بن مالك بن المنتفق. قال لقيط: فخرجتُ أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في النَّاسِ خطيبًا فقال: "أيها النَّاسُ ألَا إنِّي قد خبأتُ لكم صوتي منذ أربعة أيَّامٍ ألا لأُسْمِعنَّكُم

(2)

، ألَا فَهَلْ من امْرئٍ بعثه قومه؟ فقالوا: اعلم لنا ما يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ ألا ثُمَّ لعله أنْ يلهيه حديثُ نفسه، أو حديث صاحبه أو يلهيه الضَّلال، ألَا وإنِّي مسؤول هل بلَّغْتُ، ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا، قال: فجلس النَّاسُ، وقمتُ أنا وصاحبي، حتَّى إذا فرَّغ لنا فؤاده وبصره، قلتُ: يا رسول اللَّهِ ما عندك من علم الغيب؟ فضحك لعَمْرُ اللَّهِ وهزَّ رأسهُ، وعلم أنِّي أبتغي سَقْطَةً

(3)

، فقال: ضَنَّ ربُّكَ عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلَّا اللَّهُ، وأشار بيده، قلتُ: وما هي؟ قال: علم المَنِيَّة، قد عَلِمَ متى منية أحدكم ولا تعلمونه، وعِلْم المنيِّ حين يكون في الرَّحم قد علمه ولا تعلمون

(4)

، وعلم ما في غدٍ ما أنت طاعمٌ غدًا، ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث يشرف

= في "هـ""عباس" بدل "عياش" وقد قيل به.

(1)

من "د".

(2)

في "ب": "لأسمعكم".

(3)

جاء في "المسند""لسقطه"، وفي نسخةٍ على "د""مظرة".

(4)

من قوله "وعلم المني" إلى "تعلمون" من "د".

ص: 531

عليكم أزلين مشفقين، فيظل يضحك، قد علم أنَّ غِيَرَكُم إلى قرب"

(1)

، قال لقيط: قلتُ: لن نعدم من ربٍّ يضحك خيرًا، وعلمَ يوم السَّاعة، قلتُ: يا رسول اللَّه، علمنا مما تُعَلَّمُ النَّاسَ، وما تَعْلَمُ، فإنَّا من قَبيلٍ لا يصدقون تصديقنا أحد: من مَذْحِج التي تَرْبُوا علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها. قال: تلبثون ما لبثتم، ثمَّ يُتَوفَّى نبيكم، ثمَّ تلبثون ما لبثتم، ثمَّ تُبْعَثُ الصائحة، لعَمْرُ إلهِكَ ما تدَعُ على ظهرها شيئًا إلَّا ماتَ، والملائكة الَّذين مع ربِّك عز وجل، فأصبحَ ربُّكَ عز وجل يطوفُ في الأرضِ وخلَتْ عليه البلاد، فأرسل ربُّك عز وجل السماء بهَضْبٍ

(2)

من عند العرشِ، فلعمرُ إلهك ما تدعُ على ظهرها من مصرع

(3)

قتيل، ولا مدفن ميت إلَّا شقَّت القبر عنه، حتَّى تخلقه

(4)

من عند رأسهِ، فيستوي جالسًا، فيقول ربك: مَهْيَمْ

(5)

، لما كان فيه. يقول: يا رب أمِتْني اليوم، ولعهده بالحياةِ يحسبه حديثًا بأهله، فقلتُ: يا رسول اللَّه، كيف يجمعنا بعدما تُمزقنا الرِّياح والبِلَى والسِّباع؟ قال: أُنْبِئُك بمثل ذلك في آلاءِ اللَّه: الأرض، أشرفت عليهَا وهي مدرة بالية، فقَلت: لا تحيا أبدًا، ثمَّ أرسل ربك عز وجل عليها السماء فلم تلبث عليك إلَّا أيَّامًا حتى أشْرفْتَ عليها، وهي شَرَبَّة واحدة، ولَعَمْرُ إلهك لهو أقدرُ على أنْ يجمعهم من الماءِ على أنْ يجمع نبات الأرضِ،

(1)

في "ب، ج، د، هـ": "إليَّ قريب".

(2)

في "د": "تهضِب". والمراد: المطر

(3)

في نسخةٍ على "د": "مفزع".

(4)

في "هـ" ونسخةٍ على "أ": "تجعله" وفي "أ، ج": "تخلفه".

(5)

كلمة استفهام، أي: ما حالك؟ وما شأنك، أو: ما وراءك. الوسيط، ص (929).

ص: 532

فيخرجون من الأصواء

(1)

، ومن مصارعهم، فتنظرون إليه وينظر إليكم

(2)

، قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، فكيف ونحن ملء الأرض، وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظرُ إليه، قال: أُنْبِئُك بمثل ذلك في آلاءِ اللَّه عز وجل: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعةً واحدةً، لا تضارون في رؤيتهما، ولعمرُ إلهك، لهو أقدرُ على أنْ يراكم وترونه منهما

(3)

، قلتُ: يا رسول اللَّهِ، فما يفعل ربنا عز وجل، إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه باديةً له صَفَحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غُرْفَةً من الماءِ فينضح قِبَلكم

(4)

بها، فلعمرُ إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأمَّا المسلم فتدع وجهه مثل الرَّيطة

(5)

البيضاء، وأمَّا الكافرُ فتخطمه بمثل الحُمم الأسود، ألا ثُمَّ ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم، ويفترقُ على أثرهِ الصَّالحون، فيسلكون جسْرًا من النَّارِ، فيطأ أحدكم الجمرة فيقول: حَسِّ

(6)

، فيقول ربك: أَوَانُهُ، فتطَّلِعُون على حوضِ الرسول صلى الله عليه وسلم على ظمإ -واللَّه- ناهلة قط رأيتها، فلعمرُ إلهك ما يبسط واحد منكم يدهُ إلَّا وقعَ عليها قدح مطهرة من

(1)

الأصواء: القبور. من حاشية (د).

(2)

في "أ": "إليهم".

(3)

كتب ناسخ "أ" عليها "كذا"، وفي المسند "من أنْ ترونهما ويريانكم، لا تضارون في رؤيتهما".

(4)

في بعض نسخ المسند "فيبلُّكم".

(5)

الرَّيطة: كل ملاءة ليست بِلِفْقَين، وقيل: كل ثوب رقيق ليِّن.

النِّهاية (2/ 289).

(6)

كلمة تُقال عند الألم المفاجئ. الوسيط ص (194).

ص: 533

الطَّوْف

(1)

والبول والأذى، وتُحْبس الشمس والقمرِ، فلا ترون منهما واحدًا، قال: قلتُ: يا رسول اللَّهِ فَبِمَا نُبْصِرُ؟ قال: بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك مع طلوع الشمس في يوم أشرقته الأرض، ثمَّ واجهته الجبال. قال: قلتُ: يا رسول اللَّهِ فَبمَا نُجْزَى من حسناتنا وسيئاتنا؟ قال: الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها إلَّا أنْ يعفو، قال: قلتُ: يا رسول اللَّهِ ما الجنَّة، ما النَّار؟ قال: لعمرُ إلهك إنَّ للنَّارِ سبعة أبوابٍ ما منهنَّ بابان إلَّا يسير الرَّاكبُ بينهما سبعين عامًا، قال: قلتُ: يا رسول اللَّهِ فعلى ما نطَّلِعُ من الجنَّة؟ قال: على أنهار من عَسَلٍ مصفَّى، وأنَّهارٍ من كأس ما بها من صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماءٍ غير آسنٍ، وبفاكهةٍ لَعَمْرُ إلهك ما تعلمون وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة، قلتُ: يا رسول اللَّه، ولنا فيها أزواج أو منهنَّ مُصْلحات؟ قال: الصالحات للصالحين، تلذوا بهنَّ

(2)

مثل لذَّاتكم في الدنيا، ويلذذن

(3)

بكم غير أنْ لا توالد، قال لقيط: فقلتُ: أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه، فلم يجبه النَّبي صلى الله عليه وسلم. فقلتُ: يا رسول اللَّه على ما أبايعك؟ قال فبسط النَّبي صلى الله عليه وسلم يده، وقال: على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وَزِيَال الشرك، وأنْ لا تشرك باللَّه إلهًا غيره. قال: قلتُ: وإنَّ لنا ما بين المشرق والمغرب؟ فقبض النَّبي صلى الله عليه وسلم يده وظن أنِّي مشترطٌ شيئًا لا يعطينيه. قال: قلتُ: نَحُلُّ منها حيث شئنا، ولا يجني

(1)

جاء في حاشية "د": "الطوف: الغائط".

(2)

في "د، ظ": "تلذونهنَّ"، وفي "تلذون بهنَّ" وفي "هـ":"تلذُّ بهنَّ".

(3)

في "أ، هـ": "يلذوا بكم"، وفي "ب، د""يلذُذْنكم"، وفي "ج":"يلذونكم".

ص: 534

على امرؤٍ إلَّا نفسه، فبسط يده، وقال: ذلك لك تَحُلُّ حيث شئت، ولا يجني عليك إلَّا نفسك، قال: فانصرفنا عنه، ثمَّ قال: إنَّ هذين

(1)

لعمر إلهك من أتقى

(2)

النَّاسِ في الأولى والآخرة، فقال له كعب بن الخُداريَّة أخو بني بكر بن كلاب: مَنْ هم يا رسول اللَّه؟ قال: بنو المنتفق أهلُ ذلك، قال: فانصرفنا وأقبلْتُ عليه فقلتُ: يا رسول اللَّه، هل لأحدٍ ممن

(3)

مضى من خيرٍ في جاهليتهم؟ قال: قال رجل من عُرْضِ قُريش: واللَّه إنَّ أباك المنتفق لفي النَّارِ، قال فَلَكأنَّه

(4)

وقع حَرٌّ بين جِلْدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رؤوس

(5)

الناس: فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول اللَّه، ثم إذا الأخرى أجمل، فقلت: يا رسول اللَّه وأهلك؟ فقال: "وأهلي لعمر اللَّه ما أتيت عليه من قبرِ عامريًّ أو قرشيًّ من مشرك فقل: أرسلني إليك محمد صلى الله عليه وسلم، فأبشرك بما يسوءك، تُجَرُّ على وجهك وبطنك في النار". قال: قلت: يا رسول اللَّه ما فعل بهم ذلك، وقد كانوا على عمل لا يُحسنون

(6)

إلَّا إيَّاهُ، وكانوا يحسبونهم مصلحين؟ قال: ذلك لأنَّ

(7)

اللَّه عز وجل بعث في

(1)

قوله "إنَّ هذين" من المسند، ووقع في جميع النسخ "ها إن ذين، ها إن ذين. . . إن حدثت إلَّا أنهما" وفي بعض النسخ ". . إنَّ حديث إلَّا أنَّها".

(2)

في "د": "أبقى".

(3)

في "أ، ج، د، هـ": "مما".

(4)

في نسخة على حاشية "أ": "فكأنَّهُ".

(5)

في نسخةٍ على حاشية "أ""رسوس".

(6)

في "أ": "يحسبون"، وفي "ج":"يحبُّون".

(7)

في "أ، ب، هـ": "بأنَّ".

ص: 535

آخر كلِّ سبع أُمم -يعني نبيًا - فمن عصى نبيَّه كان من الضَّالين، ومن أطاعَ نبيه كان من المهتدين"

(1)

.

هذا حديثٌ كبيرٌ مشهورٌ لا يعرف إلَّا من حديث أبي القاسم عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني

(2)

، ثمَّ من رواية إبراهيم ابن حمزة الزبيري المدني عنه، وهما من كبار علماء المدينة المحتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري، وروى عنهما في مواضع من كتابه. رواهُ أئمة الحديث في كتبهم، منهم: أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن الإمام أحمد، وأبو بكر أحمد ابن عمرو بن أبي عاصم، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ الحافظ، وأبو عبد اللَّه بن منده، والحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني وغيرهم على سبيل القبول والتسليم.

قال الحافظُ أبو عبد اللَّه بن منده: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصَّغاني، وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقرؤوه بالعراق بمجمع

(3)

العلماء وأهل الدَّين، فلم ينكره أحدٌ منهم، ولم يُتَكلم في إسناده، وكذلك أبو زرعة وأبو حاتم على سبيل القبول.

وقال أبو الخير بن حمدان: "هذا حديث كبير ثابتٌ حسن مشهور".

وسألتُ شيخنا أبا الحجاج المِزَّي عنه فقال: "عليه جلالة النبوة".

(1)

تقدم الكلام عليه ص (126 - 127).

(2)

في "أ": "المديني".

(3)

في "ج، هـ": "بجمع".

ص: 536

قال نُفَاةُ الإيلاد: فهذا حديث صريحٌ في انتفاء الولد، وقوله:"إذا اشتهى" معلق بالشرط، ولا يلزم من التعليق وقوع المُعَلَّق ولا المعلق به، و"إذا" وإنْ كانت ظاهرةً في المحقَّق، فقد استعمل لمجرد التعليق الأعم من المحقَّق وغيره.

قالوا: وفي هذا الموضع يتعيَّن ذلك لوجوهٍ:

أحدها: حديث أبي رَزِين هذا.

الثاني: قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25]، وهُنَّ الَّلاتي طُهَّرنَ من الحيض والنفاس والأذى.

قال سفيان: أنبأنا ابن أبي نجيح عن مجاهد: "مطهرة من الحيض والغائط والبول والنخام والبصاق والمني والولد"

(1)

.

وقال أبو معاوية: حدثنا ابن جريج عن عطاء: "أزواج مطهرة" قال: "من الولد والحيض، والغائط والبولِ"

(2)

.

الثالث: قوله: "غيرَ أنَّهُ لا مَنِي ولا مَنِيَّة" وقد تقدم

(3)

، والولد إنَّما يخلق من ماء الرجل، فإذا لم يكن هناك مني ولا مذي ولا نفخ في الفرج لم يكن هناك إيلاد.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 64) رقم (26)، والطبري في تفسيره (1/ 176)، وسنده حسن.

(2)

أخرجه الطبري في تفسيره (1/ 176) وسنده صحيح.

(3)

ص (520، 521).

ص: 537

الرَّابع: أنَّه قد ثبتَ في "الصحيح"

(1)

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "يبقى في الجنَّة فضلٌ فينشئُ اللَّه لها خلقًا فيسكنهم إيَّاها"، ولو كان في الجنَّة إيلاد لكان الفضل لأولادهم، وكانوا أحقَّ به من غيرهم.

الخامس: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى جعل الحمل والولادة مع الحيض والمني، فلو كُنَّ النساء يحْبَلْنَ في الجنَّة لم يقطع عنهنَّ الحيض والإنزال.

السادس: أنَّ اللَّهَ سبحانه قدر التناسل في الدنيا؛ لأنَّه قدر الموت، وأخرجهم إلى هذه الدَّارِ قرنًا بعد قرنٍ، وجعل لهم أمَدًا ينتهون إليه، فلولا التناسل لبطل النوع الإنساني، ولهذا الملائكة لا تتناسل، فإنَّهم لا يموتون كما تموت الإنس والجنَّ، فإذا كان يوم القيامة أخرج اللَّهُ سبحانه النَّاسَ كلهم من الأرضِ، وأنشأهم للبقاءِ لا للموتِ فلا يحتاجون إلى تناسل يحفظ النوع الإنساني، إذ هو منشأ للبقاء والدوام، فلا أهل الجنَّة يتناسلون، ولا أهل النَّار

(2)

.

السابع: أنَّه سبحانه وتعالى قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ

(3)

بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ

(4)

} [الطور: 21]. فأخبر سبحانه أنَّه يكرمهم بإلحاق ذُرِّياتهم الَّذين كانوا لهم في الدنيا، ولو كان ينشئ

(1)

أخرجه مسلم (2848) من حديث أنس رضي الله عنه.

(2)

وقع في "د" إضافة "يتناسلون" لكنَّه ضرب عليها.

(3)

هكذا قرأ أبو عمرو بن العلاء، وقرأ الجمهور بالإفراد {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري (2/ 282).

(4)

هكذا قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب، انظر المصدر السابق.

ص: 538

لهم في الجنَّة ذُرِّية أخرى، لذكرهم كما ذكر ذريتهم الَّذين كانوا في الدنيا؛ لأنَّ قُرَّة عيونهم كانت تكون بهم، كما كانت

(1)

بذرياتهم من أهل الدنيا.

الثامن: أنَّه

(2)

إمَّا أنْ يقال باستمرار التناسل فيها لا إلى غاية، أو إلى غاية ثمَّ ينقطع، وكلاهما ممَّا لا سبيل إلى القول به، لاستلزام الأوَّل: اجتماع أشخاص لا تتناهى. واستلزام الثاني: انقطاع نوع من لذَّة أهل الجنَّة وسرورهم، وهو محالٌ، ولا يمكن أنْ يُقال: بتناسل يموت معه نسل ويخلفه نسل، إذ لا موت هناك.

التاسع: أنَّ الجنَّة لا ينمو فيها الإنسان كما ينمو في الدنيا، فلا ولدان أهلها ينمون ويكبرون

(3)

ولا الرجال ينمون

(4)

كما تقدم، بل هؤلاء ولدان صغار لا يتغيرون، وهؤلاء أبناء ثلاث وثلاثين لا يتغيرون، ولو كان في الجنَّة ولادة لكان المولود ينمو

(5)

ضرورة حتى يصير رجلًا، ومعلوم أنَّ من ماتَ من الأطفال يردون أبناء ثلاث وثلاثين من غير نموًّ. يوضحه:

الوجه العاشر: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى ينشئ أهل الجنَّة نشأَة الملائكة، أو أكمل من نشأتهم، بحيث لا يبولون ولا يتغوطون ولا

(1)

في "ب، ج، د، هـ""هي".

(2)

ليس في "أ".

(3)

في "أ، ج، د، هـ": "ويكثرون"، والمثبت أولى.

(4)

في "هـ""ولا الرجل ينمو".

(5)

في جميع النسخ "ينمي" وكتب عليها ناسخ "أ""كذا".

ص: 539

ينامون، ويلهمون التسبيح ولا يهرمون على تطاول الأحقاب، ولا تنمو أبدانهم، بل القدر الَّذي جعلوا عليه لازمٌ لهم أبدًا، واللَّه تعالى أعلمُ.

فهذا ما في هذه المسألة.

فأمَّا قولُ بعضهم: إنَّ القُدْرة صالحة، والكلَّ ممكن. وقول آخرين

(1)

: إنَّ الجنَّة دار المكلفين التي يستحقونها بالعملِ. وأمثال هذه المباحث فرخيصة، وهي في كتب النَّاسِ، وباللهِ التوفيقِ.

وقال الحاكمُ: "قال الأستاذُ أبو سهل: أهل الزيغ ينكرون هذا الحديث -يعني: حديث الولادة في الجنَّة - وقد رُوِيَ فيه غير إسناد، وسُئِلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: يكون ذلك على نحوٍ ممَّا روينا، واللَّه سبحانه وتعالى يقول:{وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: 71]، وليس بالمستحيل أنْ يشتهي المؤمنُ - الممكن من شهواته، المصفَّى المقرَّب المسلَّط على لذَّاته - قُرَّة عين، وثمرة فؤاد من الَّذين أنعم اللَّهُ عليهم بأزواجٍ مطهرة.

فإنْ قيل: ففي الحديث أنَّهنَّ لا يحضن ولا يَنْفَسْنَ فأنَّى يكون الولد؟

قلتُ: الحيضُ سببُ الولادة المُمْتدّ أمَدُهُ بالحملِ على الكره والوضع عليه، كما أنَّ جميع ملاذَّ الدنيا من المشارب والمطاعم والملابس على ما عُرِفَ من التعب والنصبِ، وما يَعْقبهُ كلُّ منها

(2)

،

(1)

في "ب، ج": "الآخرين".

(2)

في "ب، ج، د، هـ": "منهما".

ص: 540

ممَّا يُحْذرُ منه ويُخاف من عواقبه، وهذه خمرةُ الدنيا المحرمة المستولية على كلِّ بَلِيَّةِ قد أعدَّها اللَّهُ تعالى لأهل الجنَّة منزوعة البلية، مُوَفَّرة

(1)

الَّلذة، فلمَ لا يجوزُ أنْ يكون على مثله الولدُ؟ انتهى كلامه"

(2)

.

قلتُ: النَّافون للولادة في الجنَّة لم ينفوها لزيغ في قلوبهم، ولكن لحديث أبي رزين "غيرَ أنْ لا توالد" وقد حكينا قول

(3)

عطاء وغيره "أنَّهنَّ مطهرات من الحيض والولد"

(4)

.

وقد حكى الترمذي عن أهل العلم من السلف والخلف في ذلك قولين، وحكينا قول إسحاق بإنكاره، وقال أبو أُمامة رضي الله عنه في حديثه:"غيرَ أنْ لا مَنيَّ ولا منيَّة"، والجنَّة ليست دار تناسل، بل دار بقاء وخلد، لا يموت من فيها فيقوم نسله مقامه.

وحديث أبي سعيد الخدري هذا أجودُ أسانيده إسنادُ الترمذي، وقد حكم بغرابته، وأنَّه لا يُعْرف إلَّا من حديث أبي الصِّديق النَّاجي، وقد اضطرب لفظه: فتارةً يروى عنه: "إذا اشتهى الولد"، وتارة:"إنَّه ليشتهي الولد"، وتارةً:"إنَّ الرجل من أهل الجنَّة ليولد له" فاللَّه أعلمُ، فإنْ كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد قاله، فهو الحقُّ الَّذي لا شكَّ فيه، وهذه الألفاظ لا تنافي بينها، ولا تُناقِضُ حديث أبي رزين "غيرَ أنْ لا توالد"

(1)

في "ب": "مغفورة".

(2)

ذكره البيهقي في البعث والنشور ص (220 - 221) رقم (442).

(3)

في "هـ": "من قول".

(4)

تقدم ص (537).

ص: 541

إذ ذلك نفيٌ للتوالد المعهود في الدنيا، ولا ينفي ولادةً، حمل الولد فيها ووضعه وسنه وشبابه في ساعةٍ واحدة.

فهذا ما انتهى إليه عِلْمنا القاصر في هذه المسألة، ولقد أتينا فيها بما لعلَّك لا تجده في غير هذا الكتاب، واللَّهُ أعلمُ بالصواب.

ص: 542

الباب السابع والخمسون: في ذكر سماع الجنَّة وغناء الحور العين وما فيه من الطَّرَبِ والَّلذة

قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)} [الروم: 14 - 15].

قال محمد بن جرير: حدثني محمد بن موسى الحَرَشي، حدثنا عامر بن يساف قال: سألتُ يحيى بن أبي كثير عن قوله عز وجل: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)} [الروم: 15] قال: "الحَبْرةُ: اللَّذة والسماع"

(1)

.

حدثنا عبد اللَّه بن محمد الفريابي، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير في قوله:{يُحْبَرُونَ (15)} قال: "السماع في الجنة"

(2)

.

ولا يخالف هذا قول ابن عباس: "يُكْرَمُون"

(3)

. وقول مجاهد، وقتادة:"ينعمون"

(4)

فلذة الأذن بالسماع من الحبرة والنعيم.

(1)

أخرجه الطبري في تفسيره (21/ 28)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (263). وسنده لا بأس به.

(2)

أخرجه الطبري (21/ 28)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 62)(34010)، وهناد في الزهد رقم (4)، والبيهقي في البعث (419) وغيرهم.

وسنده صحيح.

(3)

أخرجه الطبري (21/ 28) وسنده حسن.

(4)

أخرجه الطبري في تفسيره (21/ 28).

عن مجاهد بسند حسن. وعن قتادة بسندٍ صحيح.

ص: 543

وقال الترمذي: حدثنا هنَّاد وأحمد بن منيع قالا: حدثنا [أبو معاوية عن]

(1)

عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن عليًّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة لمجتمعًا للحور العين يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات

(2)

فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنا له"

(3)

.

"وفي الباب عن أبي هريرة، وأبي سعيد، وأنس، وحديث علي: حديث غريب".

قلت: وفي الباب عن ابن أبي أوفى، وأبي أمامة، وعبد اللَّه بن عمر أيضًا.

فأما حديث أبي هريرة: فقال جعفر الفريابي: حدثنا سعيد بن حفص، حدثنا محمد بن سلمة

(4)

، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أُنَيْسَة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي صالح، عن أبي هريرة

(1)

ما بين المعكوفتين سقط من النسخ، واستدركته من مصادر التخريج.

(2)

في نسخةٍ على "أ": "النَّعِمَات".

(3)

أخرجه الترمذي رقم (2564) و (2550)، وهناد في الزهد (9)، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائده على المسند (1/ 156)، وابن أبي شيبة في مصنفه (7/ 55) رقم (33960) وغيرهم.

وسنده ضعيف: فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة: ضعيف، والنعمان ابن سعد: فيه جهالة.

انظر: تهذيب الكمال (16/ 515 - 517)، و (29/ 450).

(4)

في "ج": "مسلمة" وهو خطأ، انظر: تهذيب الكمال (10/ 390).

ص: 544

-رضي الله عنه قال: "إن في الجنة نهرًا طول الجنة، حافتاه العذارى قيام متقابلات، ويغنين بأصوات حتى يسمعها الخلائق، ما يرون في الجنة لذة مثلها، قلنا: يا أبا هريرة وما ذاك الغناء؟ قال: إن شاء اللَّه التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب عز وجل"

(1)

.

هكذا رواه موقوفًا.

وروى أبو نعيم في "صفة الجنة" من حديث مسلمة

(2)

بن علي، عن زيد بن واقد، عن رجل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة جذوعها من ذهب، وفروعها من زبرجد ولؤلؤ، فتهبُّ لها ريح فيَصْطَفِقْن

(3)

، فما سمع السامعون بصوت شيء قط ألذ منه"

(4)

.

وأما حديث أنس: فقال أبو نعيم: أنبأنا عبد اللَّه بن جعفر، حدثنا إسماعيل بن عبد اللَّه، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عون بن الخطاب بن عبد اللَّه بن رافع،

(1)

أخرجه البيهقي في البعثِ رقم (425).

وفيه سعيد بن حفص النفيلي أبو عمرو الحرَّاني لم يوثقه إلَّا ابن حبان ومسلمة الأندلسي، وكان قد كبر وتغيَّر في آخر عمره.

انظر: تهذيب الكمال (10/ 391).

(2)

في نسخةٍ على "أ": "سلمة" وهو خطأ.

(3)

في "ب، هـ"، ونسخة على حاشية "أ":"فتصفق".

(4)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (433).

وفيه مسلمة بن علي الخشني: متروك الحديث، وأيضًا إبهام الرجل الراوي عن أبي هريرة.

ص: 545

عن ابنٍ لأنس؛ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن الحور يغنين في الجنة: نحن الحور الحسان، خلقنا لأزواج كرام"

(1)

.

ورواه ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا إسماعيل بن عمر،

(1)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (432).

ورواهُ كثير بن عبيد ومحمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم والحسن بن داود المنكدري وعبد الرحمن بن شيبة كلهم عن ابن أبي فديك به نحوه "على اختلاف في بعض الأسانيد".

أخرجه البخاري في تاريخه الكبير (7/ 16)، وابن أبي داود في البعث رقم (75)، والطبراني في الأوسط (5/ 34) رقم (6497)، والبيهقي في البعث رقم (420).

- ورواهُ إسماعيل بن عمر "ثقة" عن ابن أبي ذئب به "رفعه أبو يعلى، وأرسله ابن أبي الدنيا".

أخرجه أبو يعلى في مسنده كما في المطالب رقم (4609)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (260).

- ورواهُ إسماعيل "لعله ابن أبي أُويس، في حفظه ضعف"، عن أخيه "عبد الحميد" عن ابن أبي ذئب عن عبد اللَّه بن رافع عن أنس فذكرهُ مرفوعًا.

أخرجه البخاري في تاريخه (7/ 16).

قلتُ: أخطأ إسماعيل في قوله: "عبد اللَّه بن رافع".

- ورواهُ آدم وشبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عمَّن سمعَ أنس بن مالك قوله موقوفًا.

أخرجه البخاري في تاريخه (7/ 16)، وابن أبي شيبة في مصنفه (7/ 57) رقم (33977).

وهذا الاضطراب لعلَّه من عون بن الخطاب بن عبد اللَّه بن رافع، فإنَّهُ لم يرو عنه إلَّا ابن أبي ذئب، فهو شبه المجهول، وأيضًا فيه بعض ولد أنس لا يُدرى مَنْ هو، وعليه فالسند ضعيف.

ص: 546

حدثنا ابن أبي ذئب، عن أبي عبد اللَّه بن رافع، عن بعض ولد أنس فذكره.

وأما حديث ابن أبي أوفى: فقال أبو نعيم: حدثنا عبد اللَّه بن

(1)

محمد بن جعفر من أصله، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا حامد بن يحيى البلخي، حدثنا يونس بن محمد المؤدب، حدثنا الوليد بن أبي ثور، حدثني سعد الطائي، عن عبد الرحمن بن سابط، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يزوج إلى كل واحد من أهل الجنة أربعة آلاف بكر، وثمانية آلاف أيِّم، ومئة حوراء، فيجتمعن في كل سبعة أيام، فيقلن بأصوات حسان، لم تسمع الخلائق بمثلهنَّ: نحن الخالداتُ فلا نبيد، ونحن النَّاعمات فلا نبأس، ونحن الرَّاضياتُ فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن، طوبى لمن كان لنا وكُنَّا له"

(2)

.

(1)

قوله "عبد اللَّه بن" سقط من جميع النسخ، وهو: أبو الشيخ الأصبهاني.

(2)

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (378، 431)، وأبو الشيخ الأصبهاني في العظمة رقم (603).

والحديث فيه نكارة، ومدارهُ على الوليد بن أبي ثور، وقد ضعفه النسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم:"شيخ يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وقال ابن معين:"ليس بشيء"، وقال ابن نمير:"كذَّاب"، وقال أبو زرعة وابن حبان: منكر الحديث، زاد الأوَّل: يهم كثيرًا، والآخر: جدًّا.

انظر: تهذيب الكمال (31/ 32 - 35).

والحديث معروف من قول عبد الرحمن بن سابط، أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (279)، وأبو الشيخ في العظمة رقم (589)، والبيهقي في البعث رقم (413) من طريق ليث بن أبي سليم عن ابن سابط نحوه بأوَّله، وزاد =

ص: 547

وأمَّا حديث أبي أُمامة: فقال جعفر الفريابي: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أُمامة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِنْ عَبْدٍ يدخلُ الجنَّة، إلَّا ويجلسُ عندَ رأسِهِ وعند رجليهِ ثنتان من الحُورِ العينِ، تُغنِّيانه بأحسن صوتٍ سَمعهُ الإنس والجنُّ، وليس بمزامير الشَّيطانِ"

(1)

.

وأمَّا حديث ابن عمر: فقال الطبراني: حدثنا أبو رفاعة عمارة بن وَثِيمَة بن موسى بن الفُرَات المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أزواج أهل الجنَّة ليُغنِّين أزواجهنَّ بأحسنِ أصواتٍ سمعها أحدٌ قطُّ، وإنَّ ممَّا يغنين به: نحنُ الخيراتُ الحِسَانُ، أزواجُ قومٍ كرامٍ، ينظرن بقُرَّةِ أعيان، إنَّ مما يغنين به: نحن الخالدات فلا نُمتْنَه، نحنُ الآمناتُ فلا نخفنه، نحن المقيمات فلا نظعنَّه"

(2)

.

= ألفاظًا أخرى.

قال البيهقي: "هذا هو الصحيح من قول ابن سابط".

(1)

أخرجه البيهقي في البعث رقم (421)، والطبراني في الكبير (8/ 113) رقم (7478) بأوَّله وزاد لفظًا آخر.

والحديث ضعيف جدًّا مدارهُ على خالد بن يزيد بن أبي مالك، وهو متروك.

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 35) رقم (734)، وفي الأوسط (3/ 391) رقم (3917)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة (322، 430).

فيه عمارة بن وثيمة، ذكره ابن يونس في تاريخه ولم يذكر فيه جرحًا ولا =

ص: 548

قال الطبراني: "لم يروه عن زيد بن أسلم إلَّا محمد، تفرَّد به ابن أبي مريم".

وقال ابن وهب: حدثني سعيد بن أبي أيوب قال: قال رجلٌ من قريش لابن شهاب: هل في الجنَّة سماعٌ؛ فإنَّه حُبِّبَ إليَّ السماعُ؟ فقال: "إي والَّذي نفس ابن شهاب بيده، إنَّ في الجنَّة لشجرًا حمله اللؤلؤ والزبرجد، تحته جوارٍ ناهداتٍ يتغنين بالقرآن يقُلْنَ: نحنُ النَّاعمات فلا نبأس، ونحن الخالداتُ فلا نموت، فإذا سمع ذلك الشجر صَفَقَ بعضه بعضًا، فأجَبْنَ الجواري، فلا يُدرى أصواتُ الجواري أحسنُ، أم أصواتُ الشجر"

(1)

.

قال ابن وهب: وحدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد: "أنَّ الحورَ العين يغنين أزواجهنَّ فيقلن: نحنُ الخيراتُ الحِسَان، أزواجُ شباب

(2)

كرام، ونحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الرَّاضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن، في صدر إحداهنَّ مكتوبٌ: أنت حِبِّي، وأنا حِبُّك، انتهت نفسي عندك، لم تَرَ عيناي مثلك"

(3)

.

= تعديلًا. وهو حديث غريب، وزيد بن أسلم لم يسمع من ابن عمر إلَّا حديثين قاله سفيان بن عيينة، وهما في البخاري، فالحديث منقطع الإسناد.

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (261).

وفيه انقطاع، لأنَّ سعيد بن أبي أيوب المصري، لم يسمع من الزهري، وإنَّما سمع من تلاميذ الزهري. انظر: تهذيب الكمال (10/ 342).

(2)

في "ج": "شبَّان"، والمثبت من مصدر النص وباقي النسخ.

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (262) وسنده لا بأس به.

ص: 549

وقال ابن المبارك: حدثنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير: "إنَّ الحورَ العينِ يتلقين أزواجهنَّ عندَ أبواب الجنَّة فيقلن: طالما انتظرناكم، فنحنُ الرَّاضيات فلا نسخط، والمقيمات فلا نظعن، والخالداتُ فلا نموت، بأحسن أصوات سُمِعَتْ تقول: أنتَ حِبِّي وأنا حبُّك ليس دونك مقصد

(1)

، ولا وراءك مَعْدل"

(2)

.

(1)

في "د""مفضي"، وفي "ب" ونسخةٍ على "د""مقضي"، ووقع عند ابن المبارك وفي "أ، ج، هـ": "مقصر"، والمثبت من ابن أبي الدنيا.

(2)

أخرجه ابن المبارك في الزهدِ -رواية نعيم- رقم (435)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (268).

وسنده صحيح.

ص: 550