الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب
الجنايات:
جمع جناية وَهِيَ التَّعَدِّي عَلَى الْبَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا أَوْ مَالًا وَالْقَتْلُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ وشِبْهُ عَمْدٍ وخَطَأٌ فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فَيَقْتُلَهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ وَلَهُ تِسْعُ صُوَرٍ أَحَدُهَا أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي الْبَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ كَسِكِّينٍ وَمِسَلَّةٍ أَوْ أَيْ الْحَدِيدِ وَلَوْ صَغِيرًا كَشَرْطِ حَجَّامٍ أَوْ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ بصَغِيرٍ كَغُرْزَةٍ بِإِبْرَةٍ
كتاب الجنايات
وهي لغة: التعدي على نفس، أو مال، وشرعا ما ذكره المصنف.
قوله: (قصاصا) أي: كما في العمد. قوله: (أو مالا) أي: كما في الخطأ. قوله: (والقتل
…
إلخ) أي: فعل ما تزهق به النفس، أي: تفارق الروح البدن. قوله: (يختص القود) وهو قتل القاتل بمن قتله. قوله: (به) الباءُ داخلة على المقصور عليه. قوله: (موته به) فشروط العمد حينئذ أربعة: القصد، وعلم كونه آدمياً، وعلم كونه معصوماً، وكون الآلة مما يغلب على الظن موته به، أي: في الجملة، وإلا فالمحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن، كما يعلم مما يأتي. قوله:(بما له نفوذ) أي: دخول. قوله: (ومسلة) أي: الإبرة الكبيرة. قوله: (بإبرة) كسدرة.
وَنَحْوِهَا فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ والْخُصْيَتَيْنِ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَفَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ أَوْ يَصِيرُ ضَمِنًا وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ جُرْحَهُ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَالِ وَمَنْ قَطَعَ أَوْ بَطَّ سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لَا وَلِيٌّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ الثَّانِيَةُ أَنْ يَضْرِبَهُ
قوله: (كالفؤاد) الفؤاد بالهمز: القلب، أو غشاؤه. قوله:(والخصيتين) هما الجلدتان اللتان فيهما البيضتان، تثنية خصية، والأفصح حذف التاء في التثنية على خلاف القياس، وفي لغةٍ بإثباتها على الأصل. قوله:(ضمناً) بفتح الضاد المعجمة، وكسر الميم: هو الذي به زمانة في جسده من بلاء، أو كسر وغيره، نقله في "المطلع" عن الجوهري، والمعنى: يبقى متألما إلى أن يموت. قوله: (لا ولي، من مجنون
…
إلخ) وعلم منه: أنه لو فعل ذلك غير الولي بغير إذنه، فإنه يضمن. قال في "الإقناع" في الإجارة: وإن ختن صبياً بغير إذن وليه، أو قطع سلعة من مكلف بغير إذنه، أو من صبي بغير إذن وليه، فسرت جنايته، ضمن. انتهى.
بِمُثَقَّلٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا كَهُوَ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ أَوْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ مِنْ كُوذَيْنِ، وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ، ولُتَّ وَسَنْدَانِ وَحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ فِي مَقْتَلٍ أَوْ حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ يُعِيدَهُ بِهِ أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا أَوْ نَحْوَهُمَا أَوْ يُلْقِيَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَيَمُوتَ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ الثَّالِثَةُ أَنْ يُلْقِيَهُ بِزُبْيَةِ أَسَدٍ
قوله: (ولت) اللتُّ بضم اللام: نوع من أكبر السلاح، والسندان: الآلة المعروفة من الحديد، الثقيلة، يعمل عليها الحداد صناعته. قوله:(أو في مقتل) بفتح التاء: وهو الموضع الذي إذا أصيب قتله. قوله: (بدون ذلك) متعلق بعامل. قوله: (أو في مقتل، أو حال ضعف
…
إلخ) أي: أو يضربه بدون ذلك في مقتل
…
إلخ. قوله: (ونحوهما) كصخرة. قوله: (فيموت) أو يبقى متألماً حتى يموت، قياسا على ما قبلها. قوله:(بزبية) حفيرةٌ للأسد شبه البئر. قوله: (أسد) فيفعل به الأسد ونحوه فعلا يقتلُ مثله، وإلا فشبه عمد.
وَنَحْوِهَا أَوْ مَكْتُوفًا بفضاء بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ فِي مَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ أَوْ يَنْهَشُهُ كَلْبًا أَوْ حَيَّةً أَوْ يُلْسِعَهُ عَقْرَبًا مِنْ الْقَوَاتِلِ غَالِبًا فَيُقْتَلَ بِهِ الرَّابِعَةُ أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ يُغْرِقُهُ أَوْ نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا فَيَمُوتَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِيهِمَا فهَدَرٌ الْخَامِسَةُ أَنْ يَخْنُقَهُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِسَدِّ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ يَعْصِرَ خُصْيَتَيْهِ زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا فَيَمُوتَ السَّادِسَةُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَمْنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَيَمُوتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا لِزَمَنٍ يَمُوتُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا بِشَرْطِ تَعَذُّرِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا دِيَةَ كَتَرْكِهِ سَدَّ فَصْدِهِ السَّابِعَةُ أَنْ يَسْقِيَهُ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ أَوْ يَخْلِطَهُ بِطَعَامٍ أَوْ يُطْعِمَهُ أَوْ بِطَعَامِ آكِلٍ فَيَأْكُلَهُ جَهْلًا فَيَمُوتَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ آكِلٌ مُكَلَّفٌ أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ
قوله: (بحضرة حية) وظاهره: ولو غير مكتوف. قوله: (ويمنعه الطعام والشراب) الواو: بمعنى "أو". قوله: (كتركه شد فصده) قاله في "الفروع"، قاله في "الإنصاف"، قال: وتقدم النقل في كلام صاحب "القواعد الأصولية" وما أشار إليه هو قوله: قال في "القواعد الأصولية": لو جرحه فترك مداواة الجرح، أو فصده، فترك شد فصاده لم يسقط الضمان. ذكره في "المغني"
نَفْسِهِ فَأَكَلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ فهَدَرٌ الثَّامِنَةُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا وَمَتَى ادَّعَى قَاتِلٌ بِسُمٍّ أَوْ سِحْرٍ عَدَمَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ أَوْ جَهْلَ مَرَضٍ لَمْ يُقْبَلْ التَّاسِعَةُ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلٍ
محل وفاق، وذكر بعض المتأخرين: لا ضمان في ترك شد الفصادة. ذكره محل وفاق أيضاً، وذكر في ترك تداوي الجرح من قادر على التداوي وجهين، وصحح الضمان. انتهى. وأراد ببعض المتأخرين صاحب "الفروع". انتهى. فعلمت: أن فصده في كلام المصنف مصدر مضاف لمفعوله. وأن المعنى: كترك من فصد ظلما شد فصد الفاصد له، لا أنه مضاف للفاعل، حتى يكون المعنى: كترك الإنسان الفاصد لغيره شدَّ ذلك الفصد الذي صدر منه.
وفي كلام الشيخ محمد الخلوتي أنه يمكن حمل الكلام عليه، وأن الشيخ منصور البهوتي كان يقرر ذلك قياساً على ما إذا حبسه ومنعه الطعام، أو الشراب.
وأقول: إنما يتم القياس إذا منع الفاصد المفصود من الشد، أو كان في بريَّة، وليس عنده ما يشدُّه به.
قوله: (بسحر) السحر: كعلم في اللغة، وهنا: عقد ورقى وكلام يتكلم به، أو يكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور، أو عقله.
عَمْدٍ أَوْ رِدَّةٍ حَيْثُ امْتَنَعَتْ تَوْبَتُهُ أَوْ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا مُحْصَنٍ فَيُقْتَلَ ثُمَّ تَرْجِعَ الْبَيِّنَةُ وَتَقُولَ: عَمَدْتُ قَتْلَهُ أَوْ يَقُولَ الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا وَعَمَدْتُ قَتْلَهُ فَيُقَادَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَشِبْهِهِ بِشَرْطِهِ وَلَا قَوَدَ عَلَى بَيِّنَةٍ وَلَا حَاكِمٍ مَعَ مُبَاشَرَةِ وَلِيٍّ وَيَخْتَصُّ بِهِ مُبَاشِرٌ عَالِمٌ فَوَلِيٌّ فَبَيِّنَةٌ وَحَاكِمٌ وَمَتَى لَزِمَتْ حَاكِمًا وَبَيِّنَةً دِيَةٌ فعَلَى عَدَدِهِمْ وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ عَمَدْنَا قَتْلَهُ وآخَرُ أَخْطَأْنَا فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مَنْ قَالَ عَمَدْنَا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ والْآخَرِ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ ووَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ عَمَدْتُ وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْتُ لَزِمَ مُقِرًّا بِعَمْدٍ الْقَوَدُ وَالْآخَرُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ عَمَدْتُ وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ
وله حقيقة، فمنه: ما يقتل، وما يمرض، وما يأخذ الرجل على امرأته فيمنعه وطأها.
قوله: (حيث امتنعت توبته) كمن سب الله تعالى. قوله: (وعمدت قتله) هو بفتح الميم، ولا يجوز غيره، أي: قصدت. قوله: (وشبهه) كما سيجيء فيمن أزال حجرا فوقه شخص، في عنقه خراطة. قوله:(عالم) أي: أقر بالعلم وتعمد القتل ظلماً. قوله: (فولي) أقر بعلمه بكذب الشهود.
قوله: (وحاكم) علم كذبها. قوله: (فلا قود) أي: على المتعمد، لتمام النصاب بدونه؛ لأن من بقي من الثلاثة فأكثر، الذين أقر أحدهم بتعمد القتل اثنان فأكثر، فيسوغ قتل المشهود عليه بذلك من غير احتياج إلى شهادة.
وَلَوْ رَجَعَ وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ وَمَنْ جَعَلَ فِي حَلْقٍ مِنْ تَحْتَهُ حَجَرٌ أَوْ نَحْوُهُ خِرَاطَةً وَشَدَّهَا بعَالٍ ثُمَّ أَزَالَ مَا تَحْتَهُ آخَرُ عَمْدًا فَمَاتَ فَإِنْ جَهِلَهَا مُزِيلٌ وَأَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا قُتِلَ بِهِ
فصل
وشبه العمد: أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا كَمَنْ ضَرَبَ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ لَكَزَ أَوْ لَكَمَ غَيْرَهُ
هذا المتعمد، فشهادته ليست هي الموجبة لقتل المشهود عليه، بخلاف ما إذا شهد بالقتل اثنان، فقال أحدهما: تعمدت الكذب، فإنه يقتل، لأنه لم يجب قتل المشهود عليه إلا بشهادته مع الآخر، بحيث لو لم يشهد لما قتل المشهود عليه، فالفرق بين المسألتين ظاهر. وأما من أقر بالخطأ فلا قود عليه في الصورتين، بل عليه بحصته من الدية، كما قاله المصنف.
قوله: (ولو رجع ولي
…
إلخ) أي: بأن قالوا: أخطأنا لا تعمدنا، لئلا يتكرر مع ما تقدم، ولهذا قال هناك:(فيقاد)، وهنا:(ضمن). فتدبر. قوله: (وداه) أي: أدى دية القتيل.
قوله: (كمن ضرب بسوط) أي: لا إن مسه بلا ضرب، فلا قصاص ولا دية. قوله:(أو لكز) أي: ضرب بجميع الكف.
فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ أَوْ صَاحَ بِعَاقِلٍ اغْتَفَلَهُ أَوْ بِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ عَلَى نَحْوِهِ سَطْحٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ فِي مَالِ جَانٍ والدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ
فصل
والخطأ ضربان: ضرب في القصد وهو نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْدًا أَوْ مُبَاحَ الدَّمِ فَيَبِينَ آدَمِيًّا أَوْ مَعْصُومًا أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَيَقْتُلَ إنْسَانًا أَوْ يَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ صَغِيرٌ أَوْ يَتَعَمَّدَهُ مَجْنُونٌ فَفِي مَالِهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ
قوله: (أن يرمي ما) أي: شيئاً. قوله: (ماله فعله) كقطع لحم. علم منه: لو قصد مثلا رمي معصوم، أو بهيمة محترمةٍ، فقتل غير معصوم، أنه يكون عمدًا، وهو منصوص الإمام، كما في "الإنصاف". وقيل: إنه خطأ، وجزم به في "الإقناع". قوله:(ففي ماله) أي: القاتل خطأ في هذه الصور. قوله: (وعلى عاقلته الدية) فإن قلت: لا فرق حينئذ بين هذا النوع، وما قبله. أعني: شبه العمد، فهلا جعلا قسما واحدًا، تقليلاً للتقسيم، وتقريباً للتفهيم؟ قلت: النوعان وإن اشتركا في وجوب الكفارة في مال الجاني ووجوب الدية على العاقلة، لكن يفترقان في أن الدية مغلظة في
وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ قَتَلْت صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ الثَّانِي أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَبِينَ مُسْلِمًا أَوْ يَرْمِيَ وُجُوبًا كُفَّارًا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَيَجِبُ حَيْثُ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ نَرْمِهِمْ فَيَقْصِدَهُمْ دُونَهُ فَيَقْتُلَهُ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ الضَّرْبُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ يَنْقَلِبَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى إنْسَانٍ فَيَمُوتَ فالْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّامِي ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ ضَمِنَ الْمَقْتُولَ فِي مَالِهِ
الأول كالعمد، مخففة في الأخير، وأن الفاعل آثم أيضاً في الأول، غير آثم في الأخير، والله أعلم.
قوله: (ومن قال: كنتُ يوم قتلت صغيرا) أي: وكذا لو ثبت زوال عقله، وقال: كنت مجنوناً، وقال الولي: بل سكران، فإن لم يمكن ما ادَّعاه لم يقبل. قوله:(الثاني) أي: الثاني من الضرب الأول من ضربي الخطأ.
قوله: (أو يرمي وجوباً) أي: حال كون الرمي واجباً، كما في "شرح" المصنف، وبينه بالجملة المعترضة بين المعطوف وهو (فيقتله)، والمعطوف عليه وهو (يرمي).قوله:(الضرب الثاني) أي: من ضربي الخطأ. قوله: (أو نحوه) أي: كمغمى عليه. قوله: (لكن لو كان الرامي
…
إلخ) هذا استدراكٌ من قوله: (وعلى عاقلته الديةُ).
وَمَنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعَدِّيًا إنْ قَصَدَ جِنَايَةً فشِبْهُ عَمْدٍ وَإِلَّا فخَطَأٌ وَإِمْسَاكُ الْحَيَّةِ مُحَرَّمٌ وَجِنَايَةٌ فَلَوْ قَتَلَتْ مُمْسِكَهَا مِنْ مُدَّعِي مَشْيَخَةٍ وَنَحْوِهِ فقَاتِلُ نَفْسِهِ وَمَعَ ظَنِّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ شِبْهَ عَمْدٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ حَتَّى بَشِمَ وَمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا فَقَالَ شَخْصٌ أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا فَلَا قَوَدَ وَعَلَى مُقِرٍّ الدِّيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ
وصورة هذه المسألة أن يقصد الذميُّ رمي صيدٍ، أو هدف، فبعد إخراج الرمية أسلم قبل الإصابة، ثم أخطأ ما قصد رميه، فأصاب معصومًا، ففي هذه الصورة لا تلزم عاقلته الدية للمباينة في الدين. قال في قوله:(الرامي) للعهد، أي: الرامي الذي عهد رميه خطأ في الفعل.
قوله: (في ماله) أي: لمباينة دين عاقلته بإسلامه، ولا يمكن ضياع الدية.
قوله: (وجناية) أي: على نفسه، قلت: ونظير ذلك كل ما يقتل غالبًا من المشي في الهواء على الحبال، والجري في المواضع البعيدة، مما يفعله أرباب البطالة والشطارة، ويحرم أيضاً إعانتهم على ذلك، وإقرارهم عليه. "شرح إقناع". قوله:(قودًا) أي: ببينةٍ لا بإقرار. قوله: (فلا قود) أي: عليهما.
قوله: (قتل الأول) أي: إن لم يصدق الولي الثاني، وإلا لم يقتل أيضاً.
فصل
ويقتل العدد بواحد إنْ صَلُحَ فِعْلُ كُلٍّ لِلْقَتْلِ بِهِ وَإِلَّا وَلَا تَوَاطُؤَ فَلَا وَلَا يَجِبُ مَعَ عَفْوٍ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ جُرْحًا وآخَرُ مِائَةً فسَوَاءٌ وَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ كُوعٍ ثُمَّ آخَرُ مِنْ مِرْفَقٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَرِئَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ الثَّانِي وَإِلَّا فَهُمَا
قوله: (ويقتل العدد) أي: ما فوق الواحد، كما يعلم مما يأتي. قوله:(للقتل به) أي: لقتل القاتل بسببه. قوله: (ولا تواطؤ) أي: توافق على قتله على وجهٍ لا يصلح فعل كل للقتل به، ليسقط عنهم القصاص. قوله:(فسواء) أي: في القصاص، والديةِ. هذا بيان لعموم ما سبق من أنه إذا صلح فعل كل للقتل قتلوا، استوت أفعالهم، أو اختلفت. قوله:(وإلا فهما) وإن أوضحه ثالثٌ فمات، فلولي قتل الجميع، والعفو إلى الدية، فيأخذ من كل ثلثها، وله أن يقتل بعضاً، ويعفو عن بعضٍ، ويأخذ من المعفو عنه بقدره من الدية، وإن برئت جراحةُ أحدهم، ومات من الآخرين، فله أن يقتص ممن بريء جرحه بمثل جرحِهِ، وأن يعفو عنه، ويأخذ منه دية جرحه، ثم له أن يقتل الآخرين، أو يأخذ منهما دية كاملة، أو يقتل أحدهما، ويأخذ من الآخر نصف الدية. "إقناع" ملخصاً.
وَإِنْ فَعَلَ وَاحِدٌ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ كَقَطْعِ حِشْوَتِهِ أَوْ مَرِيئِهِ أَوْ وَدَجَيْهِ ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَيُعَزَّرُ الثَّانِي كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَيِّتٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَإِنْ رَمَاهُ الْأَوَّلُ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ فَتَلَقَّاهُ الثَّانِي بِمُحَدَّدٍ فَقَدَّهُ أَوْ شَقَّ الْأَوَّلُ بَطْنَهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ الثَّانِي فَهُوَ الْقَاتِلُ وَعَنْ الْأَوَّلِ مُوجَبُ جِرَاحَتِهِ وَمَنْ رُمِيَ فِي لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ فَالْقَوَدُ عَلَى رَامِيهِ وَمَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ إنْ عَلِمَ بِالْحُوتِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا أَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ غَيْرِ مُسْبِعٍ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْهُ. فَالدِّيَةُ وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى أَنْ يُكْرِهَ عَلَيْهِ ففَعَلَ فَعَلَى كُلٍّ الْقَوَدُ واُقْتُلْ
قوله: (حشوته) أي: أمعائه. قوله: (أو مريئه) أي: مجرى الطعام والشراب، قوله:(أو ودَجَيهِ) وهما عرقان بجانبي الرقبة. قوله: (ولا يصحُّ تصرف فيه) أي: بنحو بيع، لو كان قِنَّاً، لأنه كالميت. قوله:(موجب جراحته) أي: أرشها. قوله: (على راميه) أي: مع كثرة الماء - كما يعلم من اللجة - علم بالحوت، أو لا. قوله:(ومن أكره) أي: سواء كان المكره سلطانًا، أو غيره، كما في "الإقناع". قوله:(مكلَّفا) أي: يعلم تحريم القتل، كما يُفهم مما بعده. قوله:(فعلى كل القود) أي: فعلى كلٍّ من الاثنين، أو الثلاثةِ.
نَفْسَكَ وَإِلَّا قَتَلْتُكَ إكْرَاهٌ وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَمَرَ بِهِ سُلْطَانٌ ظُلْمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيهِ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ عَلِمَ الْمُكَلَّفُ تَحْرِيمَهُ لَزِمَهُ وأُدِّبَ آمِرُهُ وَمَنْ دَفَعَ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ آلَةَ قَتْلٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَلْزَمْ الدَّافِعَ شَيْءٌ وَمَنْ أَمَرَ قِنَّ غَيْرِهِ بِقَتْلِ قِنِّ نَفْسِهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ واُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ كَاُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ وَلَوْ قَالَهُ قِنٌّ ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِقِيمَتِهِ
قوله: (من جهل ظلمه فيه) ظاهرُه: سواء علم المأمور بتحريم القتل من حيث هو، أم لا، حيث لم يعلم أنَّ القتل بغير حق، وهذا مقتضى كلام "الإقناع" أيضًا. ويظهر حينئذٍ الفرق بين السلطان وغيره في الأمر، ولذلك قال في "الإقناع": وإن كان الآمر غير السلطان، فالقصاص على القاتل بكل حال، أي: حيث علم تحريم القتل، بخلاف من نشأ في غير بلاد الإسلام، لكن ما قررناه يخالف ما في "شرح" المصنف وتابعه الشيخ منصور.
_________
إذا علمت ذلك، فقوله بعد:(وإن عم المكلَّف تحريمه، لزمه) تصريح بمفهوم قوله: (ومن أمر بالقتل مكلفا يجهل تحريمه) ويمكن رجوعه إلى مفهومي العبارتين، أي: المذكورة وقوله: (أو أمر به سلطان، ظلمًا، من جهل ظلمه)، ويكون معنى (علم التحريم) في المسألة الأولى: أن يعلم: أن القتل من حيث هو محرم، وفي المسألة الثانية: أن القتل الذي أمر به السلطان بخصوص تلك الواقعة محرم، فيوافق ما قررناه والله أعلم. قوله أيضا على قوله: (أو أمر به سلطانٌ ظلما، من جهل ظلمه فيه
…
إلخ) ظاهره: سواء علم المأمور تحريم القتل من حيث هو أم لا، حيث لم يعلم أنَّ القتل بغير حق، وهذا مقتضى عبارة "الإقناع" أيضا، ويظهر حينئذ الفرق في الأمر بين السلطان وغيره، ولذلك قال في "الإقناع": وإن كان الآمر غير السلطان، فالقصاص على القاتل بكل حال، أي: حيث علم بتحريم القتل، بخلاف من نشأ في غير بلاد الإسلام، لكن صرح المصنف في "شرحه": أن المأمور حيث علم التحريم، فالقصاص عليه، سواء كان الآمر سلطانا أو غيره، وتابعه الشيخ منصور رحمه الله تعالى على ذلك، وهو ظاهر إطلاق
فصل
ومن أمسك إنسانا لآخر حَتَّى قَتَلَهُ أَوْ حَتَّى قَطَعَ طَرَفَهُ فَمَاتَ أَوْ فَتَحَ فَمَه حَتَّى سَقَاهُ سُمًّا قُتِلَ قَاتِلٌ وَحُبِسَ مُمْسِكٌ حَتَّى يَمُوتَ وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ هَارِبٍ مِنْ قَتْلٍ فَحُبِسَ حَتَّى أَدْرَكَهُ قَاتِلُهُ أُقِيدَ مِنْهُ فِي طَرَفٍ وَهُوَ فِي النَّفْسِ كَمُمْسِكِ
المتن أيضًا، حيث قال:(وإن علم المكلف تحريمه، لزمه) وقد علمت: أنه مخالف لما تقدَّم في مسألة السلطانِ، ويمكن أن يجاب على المتن وشارحيه: بأن معنى علم المأمور التحريم مختلف، ففي مسألة غير السلطان، علمه بالتحريم: أن يعلم أن القتل من حيث هو محرم، وفي مسألة السلطان: أن يعلم أن قتل ذلك الشخص الذي أمر بقتله محرم، أي: بغير حق، والقرينة على هذا التأويل ما تقدم من قوله في جانب غير السلطان: (ومن أمر بالقتل مكلفًا يجهل تحريمه
…
إلخ) وفي جانب السلطان: (أو أمر به سلطان ظلمًا من جهل ظلمه
…
إلخ). فليتأمل ويحرَّر.
قوله: (لآخر) أي: يعلم: أنه يقتُلُهُ. قوله: (وحبس ممسك حتى يموت) وبخط الشيخ موسى الحجاوي رحمه الله تعالى ما صورتُهُ: يحبس الممسكُ ويطعم ويُسقى، في ظاهر كلامِهِم. وفي "مبدع" ابن مفلح: لا يُطعمُ ولا
وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلٍ لَا يُقَادُ بِهِ الْبَعْضُ لَوْ انْفَرَدَ كَحُرٍّ وَقِنٍّ فِي قَتْلِ قنٍّ وأَبٍ أَوْ وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ وَأَجْنَبِيٍّ وَكَخَاطِئٍ وَعَامِدٍ ومُكَلَّفٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ أَوْ وَسَبُعٍ أَوْ فَالْقَوَدُ عَلَى الْقِنِّ وعَلَى شَرِيكِ أَبٍ كَمُكْرِهٍ أَبًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ وَعَلَى شَرِيكِ قِنٍّ نِصْفُ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى شَرِيكِ غَيْرِهِمَا فِي قَتْلِ حُرٍّ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي قِنٍّ
يُسقى. وهذا يجيءُ على قولِ أنَّ الممسك يقتل، ولأنَّ هذا من أنواع قتل العمد، كما تقدَّم أول الباب، ولعله توهم ذلك من "الشرح". انتهى ما رأيته بخطه. والله أعلم.
قوله: (أو ولي مقتص
…
إلخ) أي: كاشتراك ولي مقتص، أي: مستحق للقود على يدٍ زيد مثلا، فشارك الولي المذكور - في قتل زيد - من لا حقَّ له في الدَّم. قوله: (وعلى شريك قن
…
إلخ) أي: في قتل قن. قد اجتمع في هذه الصورة ضمانُ النفس الواحدة بالقود والديةِ، أي: بعض الدية، فيعايا بها. قوله:(غيرهما) أي: غير الأبِ والقن. وهو شريك الولي، والخاطيء، وغير المكلف، والسبع، والمقتول، فلا قود على شريك أحد هؤلاء الخمسة، بل يلزمُهُ نصف دية الحرِّ، ونصف قيمة القنِّ، لأن القتل في الصور المذكورة ليس عمدًا عدوانًا محضًا مضمونًا، بل شريكُ الولي المعتق شاركَ في قتل مستحق جائز للولي. وشريك الخاطيء، بعض القتل عمدٌ، وبعضه خطأٌ، فليس عمدًا محضًا، وشريكُ المقتول شارك في قتل غير مضمون محضاً،
نِصْفُ قِيمَتِهِ وَمَنْ جُرِحَ عَمْدًا فَدَاوَاهُ بِسُمٍّ أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ أَوْ الْحَاكِمُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ لَكِنْ إنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ قِصَاصًا اسْتَوْفَى وَإِلَّا أَخَذَ أَرْشَهُ
لأن الشخص لا يجبُ له على نفسه شيء. والحاصلُ: أن القود إنما يكون في عمدٍ عدوان مضمون، أو في مشاركة ذلك، بخلاف الصور الخمس المذكورة. فتدبر.
قوله: (فداواه) أي: الجرح بسُمٍّ قاتل في الحال، ليمنع سراية الجرح.