المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٥

[ابن قائد]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالجنايات:

- ‌باب شروط الْقِصَاصِ

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتابالديات:

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌باب دية الأعضاء ومنافعها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌باب كفارة القتل

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذكاة

- ‌كتاب الصيد

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء والفتيا

- ‌باب أدب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوى والبينات

- ‌باب في تعارض البينتين

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب شروط من تقبل شهادته

- ‌باب موانع الشهادة

- ‌باب أقسام المشهود به

- ‌باب الشهادة على الشهادة والرجوع عنها وأدائها

- ‌باب اليمين في الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

- ‌باب ما يحصل به الإقرار وما يغيره

- ‌باب الإقرار بالمجمل

الفصل: ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

مَنْ أُخِذَ بِغَيْرِهِ فِي نَفْسٍ أُخِذَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَهُوَ فِي نَوْعَيْنِ أَطْرَافٌ وجُرُوحٌ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: الْعَمْدُ الْمَحْضُ الثَّانِي إمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ بِأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ أَوْ يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ كَمَارِنِ الْأَنْفِ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ فَلَا قِصَاصَ فِي جَائِفَةٍ وَلَا فِي كَسْرِ عَظْمٍ غَيْرِ سِنٍّ وَنَحْوَهُ وَلَا إنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ أَوْ بَعْضَ سَاعِدٍ أَوْ سَاقٍ أَوْ عَضُدٍ أَوْ وَرِكٍ وَأَمَّا الْأَمْنُ مِنْ الْحَيْفِ فَشَرْطٌ لِجَوَازِهِ

باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس من جرح أو طرف

قوله: (أطرافٍ) الطرف الذي له مفصل، أو حدٌّ ينتهي إليه، كمارن الأنف، والجرح الذي ينتهي إلى عظم. شهاب فتوحي. قوله:(في جائفةٍ) أي: جرح واصل إلى باطن الجوف. "شرح". قوله: (ونحوه) كضرسٍ. قوله: (القَصَبةَ) أي: قصبة الأنف. قوله: (وأما الأمن من الحيف

إلخ) النسبة بين إمكان الاستيفاء بلا حيف، والأمن من الحيف، العموم المطلق.

فكلما وجد الأمن من الحيف، أمكن الاستيفاء بلا حيفٍ، وليس كلما أمكن الاستيفاء بلا حيفٍ، وجد الأمن من الحيف.

ص: 44

فَيَقْتَصُّ مِنْ مَنْكِبٍ مَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً فَإِنْ خِيفَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ مِرْفَقِهِ وَمَنْ أَوْضَحَ أَوْ شَجَّ إنْسَانًا دُونَ مُوضِحَةٍ أَوْ لَطَمَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ أَوْ شَمُّهُ أَوْ سَمْعُهُ فُعِلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ فَإِنْ ذَهَبَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَى حَدَقَةٍ أَوْ أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِذَلِكَ سَقَطَ إلَى الدِّيَةِ وَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ مِرْفَقٍ فَأَرَادَ الْقَطْعَ مِنْ كُوعِ مُنِعَ

فالعام، وهو الإمكان، شرطٌ لوجوب القود. والخاص، وهو الأمن، شرط لجواز الاستيفاء. شهاب فتوحي.

قوله: (فعل به كما فعل

إلخ) هذا قولُ القاضي في اللطمة، وخالفه في "المبدع"، فقال: ولا يصح، أي: هذا القول، لأن اللطمة لا يقتصُّ منها منفردة، فكذا إذا سرت إلى العين، كالشجَّة دون الموضحة. انتهى. وجزم في "الإقناع" بما في "المبدع"، والمصنف تابع "التنقيح". فتدبر.

ص: 45

الثَّالِثُ: الْمُسَاوَاةُ فِي الِاسْمِ والْمَوْضِعِ فَيُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ أَنْفٍ وَذَكَرٌ مَخْتُونٌ أَوْ لَا وإصْبَعٍ وَكَفٍّ وَمِرْفَقٍ وَيَمِينٍ وَيَسَارٍ مِنْ عَيْنٍ وَأُذُنٍ مَثْقُوبَةٍ أَوْ لَا وَيَدٍ وَرِجْلٍ وَخُصْيَةٍ وَأَلْيَةٍ وَشُفْرِ أُبِينَ بِمِثْلِهِ وعُلْيَا وَسُفْلَى مِنْ شَفَةٍ وَيُمْنَى وَيُسْرَى وَعُلْيَا وَسُفْلَى مِنْ سِنٍّ مَرْبُوطَةٍ أَوْ لَا وجَفْنٌ بِمِثْلِهِ وَلَوْ قَطَعَ صَحِيحٌ أُنْمُلَةً عُلْيَا مِنْ شَخْصٍ ووُسْطَى مِنْ إصْبَعٍ نَظِيرَتِهَا مِنْ آخَرَ لَيْسَ لَهُ عُلْيَا خُيِّرَ رَبُّ الْوُسْطَى بَيْنَ أَخْذِ عَقْلِهَا الْآنَ وَلَا قِصَاصَ لَهُ بَعْدَ وصَبْرٍ حَتَّى تَذْهَبَ عُلْيَا قَاطِعٍ بِقَوَدٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَقْتَصُّ وَلَا أَرْشَ لَهُ الْآنَ بِخِلَافِ غَصْبِ مَالٍ

قوله: (في الاسم) أي: كالعين بالعين. قوله: (والموضع) كاليمين باليمين. قوله: (مثقوبةٍ) أي: بشرط كون الثقب في محلِّه، وإلا أو كانت مخرومة أخذت بالصحيحة، لا عكسه. قوله:(وشُفْرٍ) أي: أحد شفري المرأة، وهما: اللحمتان المحيطتان بالفرج، كإحاطة الشفتين بالفم. قوله:(تذهب عليا قاطعٍ بقودٍ، أو غيره) كمرض، أو قطع تعديَّاً. قوله:(بخلاف غصب مالٍ) أي: فإنَّه إذا تعذر ردُّه مع بقاء عينه، فلمالكه أخذ بدله، ثم إذا رده غاصب، استرجع البدل. والفرق أنه مال قام مقام مالٍ، بخلاف ما هنا.

ص: 46

وَيُؤْخَذُ زَائِدٍ بمِثْلِهِ مَوْضِعًا وَخِلْقَةً وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا لَا أَصْلِيٌّ عَكْسُهُ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءٌ بِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ فَعَلَا فَقَطَعَ يَسَارَ رَجُلٍ جَانٍ مَنْ لَهُ قَوَدٌ فِي يَمِينِهِ بِمَا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ قَالَ أَخْرِجْ يَمِينَكَ فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمْدًا أَوْ غَلَطًا أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ

قوله: (بزائدٍ) فإن لم يكن للجاني زائد يؤخذ، فحكومة. "إقناع". قوله:(ولا شيء) أي: من الأعضاء. قوله: (بما) أي: عضو. قوله: (يخالفه) أي: ولو تراضَيا عليه، كالتي قبلها. قوله:(بتراضيهما) أجزأت، ولا ضمان. قوله: (أو قال: أخرج يمينك

إلخ) عبارة "الإقناع": أو قال: أخرج يمينك، فأخرج يساره عمدًا، أو غلطاً، أو ظنا أنها تجزيء فقطعها، أجزأت على كل حالٍ، ولم يبق قَوَدٌ ولا ضمان، حتى ولو كان أحدهما مجنونا، لأنه لا يزيد على التعدي. انتهى. قال المحشي: هذا مقتضى قوله في "المقنع" أولا: أجزأت على كل حالٍ، وسقط القصاص. لكن قال بعد ذلك كـ"المغني" و "المحرر" و "الفروع" وغيرهم، بعد كلامٍ عزاه

ص: 47

وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا فَعَلَى الْمُقْتَصِّ الْقَوَدُ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَإِنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا والْجَانِي عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا الرَّابِعُ مُرَاعَاةُ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ فَلَا تُؤْخَذُ كَامِلَةَ أَصَابِعَ أَوْ أَظْفَارٍ بِنَاقِصَتِهَا رَضِيَ الْجَانِي أَوْ لَا بَلْ مَعَ أَظْفَارَ مَعِيبَةٍ وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بأَخْرَسَ

لابن حامد: وإن كان من عليه القصاص مجنوناً، فعلى القاطع القصاص إن كان عالماً بها وأنها لا تجزيء .... ، وإن كان المقتص مجنوناً والآخر عاقلا، ذهبت هدرًا. وتبعهم في ذلك في "المنتهى". و "التنقيح" اقتصر في ذلك على ما قدمه في "المقنع"، ولم يذكر هذا، ولا كلام ابن حامدٍ، وأسقط قوله:"المجنون" في "الإنصاف". فالظاهر: أنها من تَتمَّة كلام ابن حامد، وإلا لتناقض الكلام، وإذا كان على قول ابن حامدٍ، صار كلام "المنتهى" ملفقًا من الطريقين. انتهى، والله أعلم.

قوله: (وإن كان مجنونًا) أي: حين القصاص، بأن جُنَّ بعد الجناية عاقلا. "شرح". قوله:(بل مع أظفارٍ) أي: كما يؤخذ صحيح بمريضٍ. قوله: (بقائمةٍ) أي: بياضها وسوادها صافيان غير أنها لا تُبصِرُ.

ص: 48

وَلَا صَحِيحٌ بأَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَذَكَرٍ وَلَوْ شُلَّ أَوْ بِبَعْضِهِ شَلَلٌ كَأُنْمُلَةِ يَدٍ وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ وَيُؤْخَذُ مَارِنُ الْأَنْفِ الْأَشَمِّ الصَّحِيحِ بِمَارِنِ الْأَخْشَمِ الَّذِي لَا يَجِدُ رَائِحَةَ شَيْءٍ والْمَخْرُومِ قُطِعَ وَتَرُ أَنْفِهِ والْمُسْتَحْشِفِ الرَّدِيءِ وأُذُنُ سَمِيعٍ بِأُذُنِ أَصَمَّ شَلَّاءَ ومَعِيبٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ أُمِنَ تَلَفٌ مِنْ قَطْعِ شَلَّاءَ وبِصَحِيحٍ بِلَا أَرْشٍ وَيُصَدَّقُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بِيَمِينِهِ فِي صِحَّةِ مَا جَنَى عَلَيْهِ

قوله: (ولو شُلَّ) أي: الصحيح من جان على أشل نظير صحيحه. والشلل: فساد العضو، وذهاب حركتِهِ. قوله:(الصحيح) بالرفع: صفةٌ للمارن. قوله: (والمخروم) بالجر: عطفا على مارن الأخشم، وكذا قوله:(والمستحشَفِ) والمعنى: أنَّ المارن الصحيح يؤخذ بكل واحدٍ من الثلاثة المذكورة: الأخشم، والمخروم، والمستحشف. قوله:(بلا أرش) يأخذه المقتص. قوله: (ما جني عليه) لأنه الظاهر.

ص: 49

فصل

ومن أذهب بعض لسان أو مَارِنٍ أَوْ شَفَةٍ أَوْ حَشَفَةٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ سِنٍّ أُقِيدَ مِنْهُ مَعَ أَمْنٍ مِنْ قَلْعِ سِنِّهِ بِقَدْرِهِ بِنِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدُهُ فِي مُدَّةٍ تَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ مِنْ عَيْنٍ كَسِنٍّ وَنَحْوِهَا أَوْ مَنْفَعَةٍ كَعَدْوٍ وَنَحْوَهُ فَلَوْ مَاتَ فِيهَا تَعَيَّنَتْ دِيَةُ الذَّاهِبِ وَإِنْ ادَّعَى جَانٍ عَوْدَهُ حَلَفَ رَبُّ الْجِنَايَةِ وَمَتَى عَادَ بِحَالِهِ فَلَا أَرْشَ ونَاقِصًا فِي قَدْرٍ أَوْ صِفَةٍ فحُكُومَةٌ

قوله: (بقدره) أي: بقدر ما أذهبه الجاني. قوله: (الأجزاء) أي: لا بالمساحةِ. قوله: (ونحوها) أي: كضرسٍ. قوله: (عوده) أي: الذاهب، بأن قال: قد عاد، وأنكر مجنيٌّ عليه. قوله:(فحكومة) على جان، وفي "الإقناع": وإن عادت قصيرةً ضمن ما نقص بالحساب، ففي ثلثها ثلث ديتها. انتهى.

ص: 50

ثُمَّ إنْ كَانَ أَخَذَ دِيَةَ رَدَّهَا أَوْ اقْتَصَّ فَلِجَانٍ الدِّيَةُ وَيَرُدُّهَا إنْ عَادَ وَمَنْ قُلِعَ سِنُّهُ أَوْ ظُفْرُهُ أَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ كَمَارِنٍ وَأُذُنٍ وَنَحْوِهِمَا فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ وَإِنْ قَلَعَهُ قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ وَمَنْ جَعَلَ مَكَانَ سِنٍّ قُلِعَتْ عَظْمًا أَوْ سِنًّا أُخْرَى وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ فَثَبَتَتْ لَمْ تَسْقُطْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ وَعَلَى مُبِينِ مَا ثَبَتَ حُكُومَةً وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيِّ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ عَوْدِهِ وَالْتِحَامِهِ وَلَوْ كَانَ الْتِحَامُهُ مِنْ جَانٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ أُقِيدَ ثَانِيًا

قوله: (ثم إن كان أخذ دية

إلخ) أي: إذا أخذ دية ما رُجي عوده برضى جان، وإلا فتقدم أنَّه: لا قود، ولا دية لذلك في مدةٍ تقول أهل الخبرة بعوده فيها. قوله:(أو اقتص) أي: من جانٍ برضاه. قوله: (الديةُ) أي: دون القصاصِ، للشُّبهةِ. قوله:(ويردها) أي: يَرُد الجاني دية ما أخذه عما اقتص منه. قوله: (وإن قلعه قالع) أي: الأول، أو غيره. قوله:(فعليه ديته) أي: ولا قصاص فيه لنقصه. قوله: (المقلوعةِ) ظاهرُهُ: وسقط قودها. قوله: (قول ولي) أي: وارثه، أي: ولي مجنيٍّ عليه بعد موته.

ص: 51

فصل

النوع الثاني: الْجُرُوحُ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ فِيهَا انْتِهَاؤُهَا إلَى عَظْمٍ كَجَرْحِ عَضُدٍ وَسَاعِدٍ وَفَخِذٍ وَسَاقٍ وَقَدَمٍ وَكَمُوضِحَةٍ وَلِمَجْرُوحٍ أَعْظَمَ مِنْهَا كَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَمَأْمُومَةٍ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً وَيَأْخُذُ مَا بَيْنَ دِيَتِهَا وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ فَيُؤْخَذُ فِي هَاشِمَةٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وفِي مُنَقِّلَةٍ عَشْرٌ وَمَنْ خَالَفَ وَاقْتَصَّ مَعَ خَوْفِ مِنْ مَنْكِبٍ أَوْ شَلَّاءَ أَوْ مِنْ قَطْعِ نِصْفِ سَاعِدِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ مِنْ مَأْمُومَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَسِرِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ جُرْحٍ بِمَسَّاحَةٍ دُونَ كَثَافَةِ لَحْمٍ فَمَنْ أَوْضَحَ بَعْضَ رَأْسٍ، وَالْبَعْضُ كَرَأْسِهِ أَوْ أَكْبَرَ أَوْضَحَهُ

قوله: (كموضحةٍ) أي: في رأس، أو وجهٍ. قوله:(ونحوه) كمن قطع نصف ساقِهِ. قوله: (مثل ذلك) أي: الذي فعله الجاني بلا زيادةٍ.

ص: 52

فِي كُلِّهِ وَلَا أَرْشَ لِزَائِدٍ وَمَنْ أَوْضَحَهُ كُلَّهُ، وَرَأْسُهُ أَكْبَرُ أَوْضَحَهُ قَدْرَ شَجَّتِهِ مِنْ أَيْ جَانِبٍ شَاءَ الْمُقْتَصُّ وَلَوْ كَانَتْ بِقَدْرِ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْهُمَا وَلَمْ يَعْدِلْ عَنْ جَانِبِهَا إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَطْعِ طَرَفٍ أَوْ جُرْحٍ مُوجِبٍ لِقَوَدٍ وَلَوْ مُوضِحَةً وَلَمْ تَتَمَيَّزْ أَفْعَالُهُمْ كَأَنْ وَضَعُوا حَدِيدَةً عَلَى يَدٍ وَتَحَامَلُوا عَلَيْهَا حَتَّى بَانَتْ فَعَلَى كُلٍّ الْقَوَدُ وَمَعَ تَفَرُّقِ أَفْعَالِهِمْ أَوْ قَطْعِ كُلٍّ مِنْ جَانِبٍ لَا قَوَدَ عَلَى أَحَدٍ وَتُضْمَنُ سِرَايَةُ جِنَايَةٍ وَلَوْ انْدَمَلَ جُرْحٌ وَاقْتُصَّ ثُمَّ انْتَقَضَ فَسَرَى بِقَوَدٍ وَدِيَةٍ فِي نَفْسٍ وَدُونِهَا فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكَلَتْ أُخْرَى أَوْ الْيَدُ وَسَقَطَتْ مِنْ مِفْصَلٍ فَالْقَوَدُ وَفِيمَا شُلَّ الْأَرْشُ وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ هَدَرٌ فَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا قَوَدًا فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعٍ لَكِنْ لَوْ قَطَعَهُ قَهْرًا مَعَ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ بِآلَةٍ كَالَّةٍ

قوله: (على أحد) ظاهره: ولو تواطؤوا. قوله: (واقتصَّ) أي: بعد الاندمال لا قبله، فإن سراية الجناية إذن هدر، كما يأتي. قوله:(ودية) الواو بمعنى "أو" كما علم مما تقدم.

ص: 53

أَوْ مَسْمُومَةٍ وَنَحْوَهُ لَزِمَهُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ وَيَحْرُمُ فِي طَرَفٍ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ اقْتَصَّ قَبْلَ فَسِرَايَتُهُمَا بَعْدَ هَدَرٌ

قوله: (فسرايتهما) أي: جرح الجاني، والمجني عليه.

أما الأول؛ فلأن الحقَّ قتله. وأما الثاني، فلحديثٍ فيه، ولأنه رضي بترك ما يزيد عليه السِّراية، فبطل حقه منه. قوله:(هدر) فإن قيل: ما الفرق بين هذا وبين ما قبله، حيث ضمن السراية في الأول دون الثاني؟ فالجواب: أنه إنما منع من الاقتصاص في الطرف قبل برئِهِ، لمصلحة المجني عليه، إذ قد تسري الجناية إلى طرفٍ آخر، أو إلى النفسِ، بخلافِ منعِهِ من القصاص في الحر والبرد، فإنه لمصلحة الجاني، فلذلك ضمن السراية فيما إذا كانت مصلحةُ التأخير للجاني، ولم تُضمن إذا كانتِ المصلحة للمجني عليه، وهو ظاهرٌ.

ص: 54