الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي
وَيُقْبَلُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ حَتَّى مَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ كَقَوَدٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا لَا فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وشُرْبٍ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ فَلَا يَسُوغُ نَقْضُ حُكْمٍ مَكْتُوبٍ إلَيْهِ بِإِنْكَارِ الْكَاتِبِ وَلَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ يَمْنَعُ إنْكَارُهُ الْحُكْمَ كَمَا يَمْنَعُهُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ
قوله: (ونحوهِما) كنكاحٍ. قوله: (فيما إذا تغيَّرت حاله) أي: بفسق. قوله: (أنه أصل) أي: لمن شهد عليه. قوله: (بل يمنع إنكاره) أي: الكاتب الكتابة. قوله: (شهودِ الأصلِ) أي: قبل الحكم بشهادةِ الفرع.
فَدَلَّ أَنَّهُ فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَأَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ أَصْلًا لِفَرْعٍ وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنْفِذَهُ وَإِنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ لَا فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ وَلَا إذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَجَعَلَ تَعْدِيلَهَا إلَى الْآخَرِ إلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ وَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى مُعَيَّنٍ وإلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى عَدْلَيْنِ وَيَعْتَبِرَ ضَبْطَهُمَا لِمَعْنَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَقَطْ ثُمَّ يَقُولَ هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِمَا فَإِذَا وَصَلَا دَفَعَاهُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْكَ كَتَبَهُ بِعَمَلِهِ وَالِاحْتِيَاطُ خَتْمُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ وَلَا قَوْلُهُمَا وَقُرِئَ عَلَيْنَا وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَلَا قَوْلُ كَاتِبٍ: اشْهَدَا عَلَيَّ وَإِنْ أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ مَدْرُوجًا مَخْتُومًا لَمْ يَصِحَّ
قوله: (لمن شهد عليه) أي: البينة الشاهدة علي كتابهِ عند القاضي الثاني. قوله: (ويُقبل
…
إلخ) أي: كتاب القاضي. قوله: (لينفذه) أي: المكتوب إليه. قوله: (ليَحكمَ به) أي: إلا في مسافةِ قصرٍ. قوله: (مدروجًا)
وَكِتَابُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ وَيُقْبَلُ كِتَابُهُ فِي حَيَوَانٍ بِالصِّفَةِ اكْتِفَاءً بِهَا كَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ مُشَارَكَتُهُ لَهُ فِي صِفَتِهِ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ بِكَفِيلٍ مَخْتُومًا عُنُقُهُ فَيَأْتِي بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِهِ وَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَاهُ فكَمَغْصُوبٍ وَلَا يَحْكُمُ عَلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ بِالصِّفَةِ حَتَّى يُسَمَّى أَوْ تَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ
قال في «المطلع» : يقال درج الكتاب، وأدرجه، أي: طواه. انتهى. وعليه فقولُ المصنف: (مدروجًا) من المجرد الذي هو درجته، لا من المزيد؛ لأن قياسه مدرج. فتأمل.
قوله: (كخبره) فيقبلُ على ما تقدَّم. قوله: (بالصفةِ) أي: بأن قالا: نشهدُ على رجلٍ صفته كذا، أنه اقترض من هذا كذا.
وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ وَأَحْضَرَ الْخَصْمَ الْمَذْكُورَ فِيهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ فَقَالَ: مَا أَنَا بِالْمَذْكُورِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكِلَ قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرِي لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ بِالْبَلَدِ آخَرَ كَذَلِكَ وَلَوْ مَيِّتًا يَقَعُ بِهِ إشْكَالٌ فَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلَمَ الْخَصْمُ وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ لَمْ يَضُرَّ كَبَيِّنَةِ أَصْلٍ وَإِنْ فَسَقَ فبِقَدْحٍ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ خَاصَّةً وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ تَغَيَّرَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ضَاعَ أَوْ انْمَحَى وَلَوْ شَهِدَا بِخِلَافِ مَا فِيهِ قُبِلَ اعْتِمَادًا عَلَى الْعِلْمِ وَمَتَى قَدِمَ الْخَصْمُ الْمُثْبَتُ عَلَيْهِ بَلَدَ الْكَاتِبِ فَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا جَرَى
قوله: (خاصة) أي: دونَ ما حكم به.
لِئَلَّا يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْكَاتِبُ أَوْ مَنْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ كَمَنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ أَوْ مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا جَرَى مِنْ بَرَاءَةٍ أَوْ ثُبُوتٍ مُجَرَّدٍ أَوْ مُتَصَلٍّ بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتٍ مُتَّصِلٍ بِحُكْمٍ وَتَنْفِيذٍ، أَوْ الْحُكْمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَجَابَهُ وَإِنْ سَأَلَهُ مَعَ الْإِشْهَادِ كِتَابَةً، وَأَتَاهُ بِوَرَقَةٍ لَزِمَهُ كَسَاعٍ بِأَخْذِ زَكَاةٍ وَمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ يُسَمَّى سِجِلًّا وَغَيْرُهُ مَحْضَرًا وَالْأَوْلَى جَعْلُ السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ نُسْخَةٍ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ والْأُخْرَى عِنْدَهُ وَصِفَةُ الْمَحْضَرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِيَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامُ عَلَى كَذَا وَإِنْ كَانَ نَائِبًا كَتَبَ خَلِيفَةُ الْقَاضِي فُلَانِ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا مُدَّعٍ ذَكَرَ أَنَّهُ أَتَى فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ أَوْ أَحْضَرَ مَعَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْجَدُّ بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ حِلْيَتِهِمَا وَإِنْ جَهِلَهُمَا فَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فَأَقَرَّ لَهُ أَوْ فَأَنْكَرَ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ قَالَ: نَعَمْ فَأَحْضَرَهَا وَسَأَلَهُ سَمَاعَهَا فَفَعَلَ أَوْ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ وَإِنْ نَكِلَ ذَكَرَهُ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَسَأَلَهُ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ فَأَجَابَهُ فِي يَوْمِ
_________
كَذَا مِنْ شَهْرِ مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَيُعْلِمُ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالْإِحْلَافِ جَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْبَيِّنَةِ شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَتَضَمَّنُ كُلَّ مَا هُوَ مِنْ مُقَدِّمَاتِهَا، وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِ لَمْ يُحْتَجْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَأَمَّا السِّجِلُّ فلِإِنْفَاذِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَالْحُكْمِ بِهِ. وَصِفَتُهُ هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانُ كَمَا تَقَدَّمَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقَدْ عَرَفَهُمَا بِمَا رَأَى مَعَهُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا بِمَحْضَرٍ مِنْ خَصْمَيْنِ، وَيَذْكُرُهُمَا إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ وَإِلَّا فِي كِتَابٍ نَسَخْتُهُ كَذَا أَوْ يَنْسَخُ الْكِتَابَ الْمُثْبِتَ أَوْ الْمَحْضَرَ جَمِيعَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ، فَإِذَا فَرَغَ قَالَ: وَإِنَّ الْقَاضِيَ أَمْضَاهُ وَحَكَمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي مِثْلِهِ
قوله: (وإقراره) يجوز نصبه، عطفًا على (المشهود)، ورفعه، عطفًا على (معرفة): فاعلُ (ثَبتَ).
بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ، والْإِشْهَادَ بِهِ الْخَصْمُ الْمُدَّعِي وَيَنْسُبُهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ خَصْمُهُ بِحُجَّةٍ، وَجَعَلَ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ، وَأَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى إنْفَاذِهِ وَحُكْمِهِ وَإِمْضَائِهِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فِي الْيَوْمِ الْمُؤَرَّخِ أَعْلَاهُ، وَأَمَرَ بِكَتْبِ هَذَا السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ نُسْخَةٍ تَكُونُ بِدِيوَانِ الْحُكْمِ وَنُسْخَةٍ يَأْخُذُهَا مَنْ كَتَبَهَا لَهُ لِيَكُونَ كُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ وَثِيقَةً بِمَا أَنْفَذَهُ، أَوْ يَكْتُبُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ جَازَ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَيَضُمُّ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْ مَحْضَرٍ وَسِجِلٍّ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ مَحَاضِرُ كَذَا مِنْ وَقْتِ كَذَا
_________