الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب
الديات:
جَمْعُ دِيَةٍ وَهِيَ الْمَالُ الْمُؤَدَّى إلَى مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ مَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ فَدِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وغَيْرِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا تُطْلَبُ دِيَةُ طَرَفٍ قَبْلَ بُرْئِهِ فَمَنْ أَلْقَى عَلَى آدَمِيٍّ أَفْعَى أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا فَقَتَلَتْهُ أَوْ طَلَبَهُ بِسَيْفٍ وَنَحْوِهِ مُجَرَّدٍ فَتَلِفَ فِي هَرَبَهِ وَلَوْ غَيْرَ ضَرِيرٍ أَوْ رَوَّعَهُ بِأَنْ شَهْرَهُ فِي وَجْهِهِ أَوْ دَلَّاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَمَاتَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا مُحَرَّمًا حَفْرُهُ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ أَوْ صَبَّ مَاءً بِفِنَائِهِ أَوْ بِطَرِيقٍ أَوْ بَالَتْ بِهَا دَابَّتُهُ وَيَدُهُ عَلَيْهَا،
كتاب الديات
جمع دية، كعدة، من وديت، أي: أديت الدية.
قوله: (أفعى) الأفعى، قال الزبيدي: هي حية رقشاء، دقيقة العنق، عريضةُ الرأس، وربما كانت ذات قرنين، وهي أفعلُ، تقول: هذه أفعى بالتنوين، وكذلك أروى، وتفعَّى الرجل: صار كالأفعى في الشر. ابن عادل.
كَرَاكِبٍ وَسَائِقٍ وَقَائِدٍ أَوْ رَمَى مِنْ مَنْزِلِهِ حَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ حَمَلَ بِيَدِهِ رُمْحًا جَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ لَا إنْ جَعَلَهُ قَائِمًا فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ يَمْشِي أَوْ وَقَعَ عَلَى نَائِمٍ بِفِنَاءٍ جِدَارٌ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا أَوْ تَلِفَ بِهِ فَمَا مَعَ قَصْدِ شِبْهُ عَمْدٍ وبِدُونِهِ خَطَأٌ وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَمْسَكَ يَدَهُ فَمَاتَ وَنَحْوَهُ أَوْ تَلِفَ وَاقِعٌ عَلَى نَائِمٍ فَهَدَرٌ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ آخَرُ حَجَرًا أَوْ نَحْوَهُ كَكِيسٍ دَرَاهِمَ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ ضَمِنَ وَاضِعُ كَدَافِعٍ مَعَ حَافِرٍ إذَا تَعَدَّيَا وَإِلَّا فعَلَى مُتَعَدٍّ مِنْهُمَا وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا قَصِيرَةً فَعَمَّقَهَا آخَرُ فَضَمَانُ تَالِفٍ بَيْنَهُمَا
قوله: (من منزله) أي: أو غيره. قوله: (فأتلف) بذلك المذكور من قولِهِ (أو حفر بئراً
…
إلخ). قوله: (ضمن) أي: ما تلف منه من حيوانٍ، أو غيره، والمال في ماله، والدية - للخبر - على العاقلة. قوله:(واضعٌ) أي: لا حافرٌ. قوله: (كدافع) أي: مع حافرٍ. فإن الضمان على الدافع. قوله: (إذا تعدَّيا) أي: واضع الحجر، والحافر. قوله:(منهما) وإلا فلا ضمان. قوله: (بينهما) ولو اختلفا في قدر الحفر، فبينهما نصفينِ.
وَإِنْ وَضَعَ ثَالِثٌ فِيهَا سِكِّينًا فأَثْلَاثًا وَإِنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ وَسَتَرَهَا لِيَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ فَمَنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ وَتَلِفَ بِهَا فالْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا كمَكْشُوفَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ لَا فِي كَشْفِهَا وَإِنْ تَلِفَ أَجِيرٌ لِحَفْرِهَا بِهَا أَوْ دَعَا مَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِدَارِهِ أَوْ بِمَعْدِنٍ فَمَاتَ بِهَدْمِ فَهَدَرٌ وَمَنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا وَغَلَّهُ،
قوله: (فيها) أي: المشتركُ في حفرِها. قوله: (وإلا) أي: وإلا يدخل بإذنِهِ، فلا ضمان. قوله:(يراها) الداخل البصير، بخلاف ما لو كان أعمى، أو كانت في ظلمةٍ. قوله:(لا في كشْفِها) يعني: إذا ادَّعى ولي التالف بها أنها مغطاةٌ، بل يقبل قول ولي التالف، لأنه الظاهر. قوله:(أجيرٌ) أي: مكلف. قوله: (بها) أي: وكان الحفر مباحًا، أو محرمًا علم به الأجير، وإلا ضمن. قوله:(بداره) أي: أو أرضِهِ. قوله: (أو بمعدنٍ) أي: يُستخرج منه. قوله: (بهدمٍ) أي: بهدم ذلك عليه بلا فعلِ أحدٍ، فهدر، لأنه لا فعل للمستأجر في قتله بمباشرة، ولا سبب. قوله: (ومن قيد حرًا
…
إلخ) وأما القن فيضمنه غاصبه، تلف أو أتلف بلا تفصيلٍ، كما تقدَّم، فلذلك اقتصر على الحر. فتدبر. قوله:(وغله) الغل: هو الحديد الذي يجعل في الرقبة،
أَوْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ فَالدِّيَةُ لَا إنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً
فصل
وإن تجاذب حران مكلفان حبلا أو نحوه فَانْقَطَعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ دِيَةُ الْآخَرِ لَكِنْ نِصْفُ دِيَةِ الْمُنْكَبِّ مُغَلَّظَةً والْمُسْتَلْقِي مُخَفَّفَةً
ومقتضاه: أنه إذا قيَّدَهُ فقط، أو غلَّه فقط، لا ضمان، لأنه يمكنه الفرار، أشبه ما لو ألقاهُ فيما يمكنُهُ الخلاصُ منه.
قوله: (أو غصب) أي: حبس. قوله: (فتلف) أي: تلف من ذكر من مكلَّفٍ، أو صغير بحية
…
إلخ. قوله: (أو صاعقةٍ) أي: نازلةٍ من السماء فيها رعد شديد. قاله الجوهري.
قوله: (أو نحوه) كثوبٍ. قوله: (كل دية الآخر) هذا هو المذهب، وقيل: بل نصفُها، لأنه هلك بفعل نفسه، وفعل صاحبه، فيُهدر فعل نفسه.
قال في "الإقناع": وهذا هو العدل، وكالمنجنيقِ إذا رجع فقتل أحد الثلاثة، قال: وإن مات أحدُهما، فديته كلها، أو نصفها على عاقلة الآخر، على الخلاف، أي: في المسألة الأولى، ذكر ذلك في مسألة المتصادمين، وجعلها أصلاً لمسألةِ المتجاذِبين، عكس صنيعِ المصنفِ.
وَإِنْ اصْطَدَمَا وَلَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَمَاتَا فكَمُتَجَاذِبَيْنِ وَإِنْ اصْطَدَمَا عَمْدًا ويَقْتُلُ غَالِبًا فعَمْدٌ يُلْزِمُ كُلًّا مِنْهُمَا دِيَةَ الْآخَرِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَتَقَاصَّانِ وَإِلَّا فشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَمَا تَلِفَ مِنْ دَابَّتَيْهِمَا فَقِيمَتُهُ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَاقِفًا أَوْ قَاعِدًا فَضَمَانُ مَالِهِمَا عَلَى سَائِرٍ وَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَا بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ مَمْلُوكٍ لَهُمَا لَا إنْ كَانَا بضَيِّقٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَلَا يَضْمَنَانِ لِسَائِرٍ شَيْئًا وَإِنْ اصْطَدَمَ قِنَّانِ مَاشِيَانِ فَمَاتَا فهَدَرٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقِيمَتُهُ فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ وَإِنْ كَانَا حُرًّا وَقِنًّا وَمَاتَا فَقِيمَةُ قِنٍّ فِي تَرِكَةِ حُرٍّ وَتَجِبُ دِيَةُ الْحُرِّ كَامِلَةً فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ
قوله: (فيتقاصَّان) أي: فيتساقطان إن تساوت الديتان، وإلا سقط من الأكثر بقدر الأقلِّ. قوله:(وإن كان أحدهما) أي: المصطدمين. قوله: (أو قاعدا) أي: والآخر سائرًا. قوله: (مملوك) قصدهما السائر. قوله: (ولا يضمنان) أي بطريق ضيقٍ غير مملوك، لأنه لم يجن. قوله:(كسائر جناياته) أي: التي لم تكن بإذنِ سيِّدِه. قوله: (في تلك القيمةِ) فإن تساوتِ
وَمَنْ أَرْكَبَ صَغِيرَيْنِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا وَمَا تَلِفَ لَهُمَا مِنْ مَالِهِ فَإِنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيُّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ رَكِبَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا فكَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ وَإِنْ اصْطَدَمَ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ فَمَاتَ الصَّغِيرُ ضَمِنَهُ الْكَبِيرُ وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ مُرَكِّبُ الصَّغِيرِ وَمَنْ قَرَّبَ صَغِيرًا مِنْ هَدَفٍ فَأُصِيبَ بِسَهْمٍ فَمَاتَ ضَمِنَهُ وَمَنْ أَرْسَلَهُ لِحَاجَةٍ فَأَتْلَفَ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَجِنَايَتُهُ خَطَأٌ مِنْ مُرْسِلِهِ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إنْ تَعَذَّرَ تَضْمِينُ الْجَانِي وَإِنْ كَانَ قِنًّا فَكَغَصْبِهِ
الدية والقيمةُ تقاصا، وإن كانت القيمة أكثر، سقط منها بقدر الدية، وباقيها للسيد، وإن كانت الدية أكثر، فلا شيء عليه. "شرح إقناع".
قوله: (ضمنه مركب الصغير) أي: المتعدي إن وجد. قوله: (من هدفٍ) الهدف: ما رفع وبني في الأرض، ويوضع فيه قرطاس ليرمى، وهو الغرض المنصوب في الهواء، ويسمى القرطاس: هدفًا، وغرضا على الاستعارة. ابن عادل. قوله:(ضمنه) ما لم يقصدْه الرامي. قوله: (خطأ) فعليه ضمان المال، وعلى عاقلته الدية. قوله:(ضمنه) أي: المرسل. قوله: (الجاني) أي: لأنه مباشر. قوله: (وإن كان) أي: المرسل قناً بلا إذن سيده. قوله: (فكغصبه) أي: يضمنه.
وَمَنْ أَلْقَى حَجَرًا أَوْ عَدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا فِيهَا
قوله: (ومن ألقى حجرا، أو عدلا
…
إلخ) أفاد بعطف (العدل) أنه لا فرق بين أن يكون المرمي من جنس ما فيها، أو لا. قال في "تصحيح الفروع" قلت: هي شبيهة بما إذا حمل على الدابة زيادة على قدر المأجور، أو جاوز بها المكان الذي استأجرها إليه، [وتلفت]، أو زاد في الحد سوطا فقتله به، والصحيح من المذهب: أنه يضمنه جميعه. انتهى.
وكتب عليه التاج محمد البهوتي تلميذ صاحب هذا الكتاب ما صورته: ضمانه لما في السفينة كله ظاهر بالحجر والعدل، لأن التغريق إنما حصل بهما، أو بأحدهما، فأما ضمان الجميع في الحد والإجارة، فهو مقيد بالتلف، من خصوص الزائد المتعدى فيه، بخلاف ما إذا تلف بالمجموع فيهما، فإن سراية الحد غير مضمونة، كالقود، وكذلك تلف العين المؤجرة بالاستعمال المؤجر له المشروع، فإن تلف بهما معا فيهما، ضمن بحصَّتِه، فإن جهل مقداره أخذ بالأقل، لأنه اليقين، ولا يتأتى ذلك في السفينة، لأن الغرق فيها مخصوص بالزائد، لأنها لا تتأذى بالأصلي، ومحل الضمان للكل فيها إن غرقت بالزائد، والمركب في الضمان كما فيها من نفسٍ ومالٍ، وتعمده فيه القود مع تغريق مثلها بمثله غالبًا. انتهى ما كتبه على "تصحيح الفروع".
وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقِ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ وَلَا فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ دِيَتُهُ أَثْلَاثًا وَإِنْ قَتَلَ أَحَدَهُمْ سَقَطَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا دِيَتِهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ
قوله: (بمنجنيق) المنجنيق: مؤنثة فارسية معربة، والميم مفتوحة عند الأكثرين، قال الجواليقي: مفتوحة ومكسورة، وحكى الفراءُ: المنجنوق بالواو، وحكى غيره: منجليق باللام، وأصله بالفارسية: من جى نيك. ابن عادل. قوله: (فعمد) خلافا لـ"الإقناع" في أنه شبه عمدٍ. قوله: (حالة) تبع في هذا القيد لـ"الإقناع""المقنع" تبعًا لـ"الخرقي". قال الزركشي: وقد يستشكل بأن الجاني إذا حمل دية شبه العمد كانت من ماله مؤجَّلة،
فِي أَمْوَالِهِمْ.
وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ كَمَنْ أَوْتَرَ وَقَرَّبَ السَّهْمَ.
كذلك ههنا قد يقال. انتهى. وأطلق صاحب "الفروع" كـ"المحرر"، قال الشهاب الفتوحي: ولم يقيد بذلك في "الكافي" أيضًا. فالظاهر: أن المذهب عند صاحب "الفروع" وغيره، أنها ليست حالة. فليحرر. انتهى.
قوله: (في أموالهم) لأن العاقلة لا تحمل دون الثلث. قوله: (ولا يضمن وضع الحجر
…
إلخ) أي: حيث رمى غيره، ومثله لو عمَّر شخص بندقية، وقرب النار آخر للبارود، فإن الضمان على الثاني، لأنه كرامي المنجنيق، والقوس. فتدبر. قوله:(كمن أوتر) أي: هيأ القوس للرمي، بأن مد وترها، وقرب السهم، أي: وضعه في القوس، كما في "الإقناع" ثم رماه آخر، ولو صاحب القوس، فإن الضمان على الرامي، دون الواضع الموتر. قوله:(وقرب السهم) أي: فيضمن رامٍ فقط.
فصل
ومن أتلف نفسه أو طرفه خطأ فهدر كعمد وَمَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ حُفْرَةٍ ثُمَّ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٌ ثُمَّ رَابِعٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَمَاتُوا أَوْ بَعْضُهُمْ فَدَمُ الرَّابِعِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَيْهِمَا وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِمْ
قوله: (ومن وقع في بئر) أي: بلا جذب. تاج الدين البهوتي. قوله: (أو بعضهم) أي: من الواقع عليهم، لا من وقوع أنفسهم. تاج الدين البهوتي. قوله وبخطه على قوله:(أو بعضهم) أي: فمات كل منهم، أو بعضهم بوقوع من بعده عليه، كما صرح به في "المقنع". ويؤخذ من كلام "المحرر": وأما إن لم يمت كل واحد منهم، أو بعضهم إلا بسقوط من تلاه في السقوط فقط عليه، فإن التالي هو الذي تختص عاقلته بضمان من سبقه في السقوط، كما صرح به في "المقنع". شهاب فتوحي. قوله:(هدر) لموته بفعل نفسه. قوله: (عليه) أي: على عاقلة الرابع.
وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِي والثَّانِي الثَّالِثَ والثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ
قوله: (وإن جذب الأول الثاني
…
) إلى قوله: (والثاني على الأول والثالث) قد يتوقف في وجه هذا الكلام، فإن مقتضى الظاهر: أن تكون دية الثاني على الأول الجاذب له، وعلى الرابع، لوقوعِهِ من غير جذب الثاني، وأما الثالث فالجاذب له هو الثاني، فكان ينبغي أن يكون وقوعُهُ غير مضمونٍ، وقد يوجه ما ذكره المصنِّف، بأن السبب في وقوع الرابع هو الثالث الجاذب له، فضمن ما حصل بسببه، فلهذا صارت دية الثاني - كما قال المصنف - على الأول والثالث نصفين. أما الأول: فلجذبه الثاني، وأما الثالث: فهو وإن كان مجذوبا للثاني، لكنه جذب الرابع، فضمن ما لزم بسببه، ومن هنا يظهر وجه ما ذكره المصنف أيضًا من قوله:(ودية الأول على الثاني والثالث نصفين). فإنما أوجبنا على الثاني نصف الدية مع كونه مجذوبًا للأول، لكونه ضمن ما حصل بسبب الثالث، لجذب الثاني له، وأوجبنا على الثالث النصف الآخر مع كونه مجذوبًا، لكونه ضمن ما حصل بسبب الرابع المجذوب للثالث، فتدبر هذا. فلعلك لا تجده في كتاب، بل هو مما فتح به الكريم الوهاب. قوله بخطه على قوله:(والثاني الثالث) ولكن هل يضمن الجاذب والدافع ما لزم المجذوب، والمدفوع بسببهما، لأنه سبب حامل، وعلة باعثة، وهو الذي تقتضيه القواعد الصحيحة من المذهب أم لا؟ احتمالان: والضابط في الجذب مع عدم إمكان التحامل، ضمان كل من الأول لمجذوبه، فالأول ضامن فقط، والأخير مضمون فقط، والوسائط ضامنة مضمونة باعتبارين،
الرَّابِعِ عَلَى الثَّالِثِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي والثَّانِي عَلَى لْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ
وكل من لزمه شيء بسببِ غيره، فضمانه على الغير إلى الأول فعليه الكل، وإن حصل التلف من الجذب، ونفس الوقوع، فالوقوع مقدم على الجذب، لأنه فرعه، عكس الحجر والسكين، بحفرة حصل التلف بهما، أو بأحدهما، ومع إمكان التحامل يلغو الجذبُ والدفع، ويضمن الواقع القادر على التحامل معهما، فأما الدفع مع عدم التحامل، فهو عكس الجذب، فالأول مضمونٌ فقط، والدافع الأخير ضامنٌ فقط والوسائط ضامنة بالاعتبارين، لكن هنا لا يضمن الدافعُ مضمون مدفوعه، لعدم تسببه فيه، بل مدفوعه فقط، عكس الجذب، ، وإن اشترك الجذب والدفع في القتل، فعليهما، والوقوع تبعا لهما. فأما الدافع بنفسه، فكالدافع الأخير، فهو ضامنٌ لا مضمون، تاج الدين البهوتي.
قوله: (على الثالث) أي: على عاقلته. قوله: (والثاني
…
إلخ) قال الشهاب الفتوحي فيما كتبه على "المحرر" يعني: إن هلك من وقعته، ووقعة الثالث والرابع، أما إن هلك من وقعته فقط، فديتُه على الأوَّل، وإن كان من وقعته، ووقعة الثالث فقط، فعلى الأول نصفها على المذهب. انتهى. قوله: (على الأول
…
إلخ) أي: إن مات من وقوع الثالث عليه بجذب الأول له، ولغي جذبه للثالث، لأنه معذورٌ، إن كان الثالث يقدر على تماسكه به، وإلا فلا شيء على الثالث، لعجزه لمرضٍ، وضعف بشرةٍ،
وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ هَلَكَ بِوَقْعَةِ الثَّالِثِ فَضَمَانُ نِصْفِهِ عَلَى الثَّانِي وَالْبَاقِي هَدَرٌ وَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ مَاتُوا بِسُقُوطِهِمْ أَوْ قَتَلَهُمْ أَسَدٌ فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ، وَلَمْ يَتَجَاذَبُوا فَدِمَاؤُهُمْ مُهْدَرَةٌ وَإِنْ تَجَاذَبُوا أَوْ تَدَافَعَ كَمَا وَصَفْنَا فَقَتَلَهُمْ أَسَدٌ أَوْ نَحْوُهُ فَدَمُ الْأَوَّلِ هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الثَّانِي وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ
وسهوه، ومكتوف، أو مقيد. تاج الدين البهوتي.
قوله: (وديةُ الأول على الثاني) يعني إن هلك من وقعةِ الثاني والثالث والرابع، أما إن هلك من وقعة الثاني فقط، فدمُه هدر، وإن هلك من وقعة الثاني والثالث فقط، فعلى الثاني نصفُها على المذهب. شهاب فتوحي على "المحرر". قوله:(نصفين) القياس: بل وعلى الرابع أثلاثا إن مات بوقوعهم عليه وقدروا على تماسكهم به. تاج الدين البهوتي. قوله: (بل ماتوا بسقوطهم) أي: أو كان البئرُ عميقًا يموت الواقع فيه بنفس الوقوع، أو كان فيه ما يغرق الواقع فيقتله. قاله في "الإقناع". وكذا لو شك في ذلك.
وَمَنْ نَامَ عَلَى سَقْفٍ فَهَوَى بِهِ عَلَى قَوْمٍ لَزِمَهُ الْمُكْثُ وَيَضْمَنُ مَا تَلَفَ بِدَوَامِ مُكْثٍ أَوْ بِانْتِقَالِهِ لَا بِسُقُوطِهِ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ غَيْرِ مُضْطَرٍّ أَوْ شَرَابِهِ فَطَلَبَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ أَخَذَ طَعَامَ غَيْرِهِ أَوْ شَرَابَهُ هُوَ عَاجِزٌ فَتَلِفَ أَوْ دَابَّتُهُ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ بِهِ صَائِلًا عَلَيْهِ مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَأَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ لَا مَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ نَفْسٍ مِنْ هَلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَنْ أَفْزَعَ أَوْ ضَرَبَ وَلَوْ صَغِيرًا فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ وَلَمْ يَدُمْ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَيَضْمَنُ جِنَايَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ
قوله: (ويضمن ما تلِفَ) أي: من نفسٍ ومال. قوله: (غير مضطر) أي: أو خائف الإضطرار، كما سيأتي في الأطعمة. قوله:(فطلبه) لا إن لم يطلبه، قوله:(حتى مات) أي: مات المضطر، ضمنه رب الطعام، أو الشراب. قوله:(وهو عاجزٌ) أي: عن دفع الآخذ. قوله: (ولم يدم) فإن دام فسيأتي في ديات الأعضاء أن فيه دية. قوله: (ويضمن أيضا) أي: يضمن من أفزع أو ضرب، جناية المفزع، أو المضروب عليه، أو على غيره، لإلجائه إليه، وتحمله العاقلة بشرطه.
فصل
ومن أدب ولده أو زوجته في نشوز أَوْ مُعَلَّمٌ صَبِيَّهُ أَوْ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ وَلَمْ يُسْرِفْ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ أَسْرَفَ أَوْ زَادَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ أَوْ ضَرَبَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَ وَمَنْ أَسْقَطَتْ بطَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَهْدِيدِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَاتَتْ بوَضْعِهَا أَوْ فَزَعًا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهَا أَوْ اسْتَعْدَى إنْسَانٌ ضَمِنَ السُّلْطَانُ مَا كَانَ بِطَلَبِهِ ابْتِدَاءً والْمُسْتَعْدِي مَا كَانَ بِسَبَبِهِ كَإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدٌ فِيهِمَا أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ وَلَوْ مَاتَتْ حَامِلٌ أَوْ حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ إنْ عَلِمَ رَبُّهُ ذَلِكَ عَادَةً
قوله: (أو استعدى) بالشرطة (إنسان) حاكما على حامل. قوله: (ابتداء) أي: بلا استعداء أحد. قوله: (ما كان بسببه) أي: بسبب استعدائه. وظاهره: ولو كانت ظالمةً. قوله: (لمرضٍ) أي: فتضمن حملها. "شرح". قوله: (ونحوه) ككبريت. قوله: (ذلك) أي: أنها تموت، أو حملها. قوله:(عادةً) أي:
وَإِنْ سَلَّمَ بَالِغٌ عَاقِلٌ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ إلَى سَابِحٍ حَاذِقٍ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ أَوْ أَمَرَ مُكَلَّفًا يَنْزِلُ بِئْرًا أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِهِ لَمْ يَضْمَنُهُ وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ سُلْطَانٌ كَاسْتِئْجَارِهِ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا ضَمِنَهُ وَمَنْ وَضَعَ عَلَى سَطْحِهِ جَرَّةً أَوْ نَحْوُهَا وَلَوْ مُتَطَرِّفَةً فَسَقَطَتْ بِرِيحٍ أَوْ نَحْوِهَا
بحسب المعتاد، وعلم أيضًا: أن الحامل ثم، فيضمن هنا رب الطعام، وإن لم تطلب الحامل منه، بخلاف مسألة المضطر إلى طعام غير المضطر، فإنه لا يضمن إذا لم يطلب، ولعل الفرق: أن مسألة ريح الطعام، وجد من رب الطعام تعدٍّ وتسبب في موت الحامل، بخلاف من معه طعامٌ اضطر إليه الغير، فإنه م يتعدَّ، ولا تسبب، كما لا يخفى على مَن له أدنى تأمل.
قوله: (ضمنه) قال في "المغني" و "الشرح": وإذا كان المأمورُ صغيرًا لا يميز، فعليه إن كان مميزًا لا ضمان. قال في "الفروع": ولعل مراد الشيخ: ما جرى به عرف وعادة، كقرابة، وصحبة، وتعليم، ونحوه، فهذا متجه، وإلا ضمنه، وقد كان ابن عباس يلعب مع الصبيان فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية. قال في "شرح مسلم": لا يقال هذا تصرف في منفعة الصبي، لأنه قدر يسير ورد في الشرع بالمسامحة به للحاجة، واطرد به العرف، وعمل المسلمين. انتهى. "شرح إقناع".
عَلَى آدَمِيٍّ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَمَنْ دَفَعَهَا حَالَ سُقُوطِهَا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ تَدَحْرَجَتْ فَدَفَعَهَا عَنْهُ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ
قوله: (على آدمي) أي: أو على غيره.